بكر أبوبكر يكتب – حرب “الاخوان المسلمين” المستعرة ..!!
بكر أبوبكر – 25/10/2021
استعرت منذ مدة الحرب الكلامية النشِطة بين جماعات أو تيارات”الاخوان المسلمين” الرئيسية أي تلك المرتبطة بمكتب الإرشاد (القيادة العليا)، فلقد تناقلت كافة المصادر والصحف والفضائيات والمواقع تلك الخلافات التي ظهرت للعلن بين الجبهتين أو التيارين الأساسيين وهما تيار لندن بزعامة القائم بأعمال المرشد العام ابراهيم منير (المرشد العام للاخوان محمد بديع محكوم عليه بالمؤبد وهو بالسجن، مع د.محمود عزت القائم بالأعمال السابق)، وتيار اسطنبول بزعامة د.محمود حسين-أمين عام الجماعة كما يوصف.
وفي سياق الخلافات حول الزعامة الفردية والرياسة (الاستبداد) والتنظيم والسياسات بالإضافة لما تسرب من الإشكالات المتعلقة بالاستثمارات المالية الضخمة “للاخوان المسلمين” خاصة في اسطنبول وامتلاك المواقع والصحف والفضائيات، فلقد تفجّر الخلاف ليرى النور من خلال بيانات علنية بالإقالة متبادلة بين لندن واسطنبول.ولا يغيب عن الذهن حالة التفتت التي يعيشها التنظيم داخل مصر رغم التهوين من د.محمود حسين لحجم هؤلاء المنشقين في (الداخل: مصر) الا أنهم عمقوا الأزمات التي تأتي أزمة اسطنبول-لندن لتطفو على السطح وتزيد من الشروخ.
حيث صرحابراهيم منير (84عامًا) من لندنأن أي دعوة لاجتماع يخصّ أي مؤسسة في الجماعة يُدعى لها من أي شخص من المحالين للتحقيق-من قبله- لا يعتد بها وهي والعدم سواء، وذلك على خلفية إعلان تيارد.محمود حسين (74 عامًا) بعقد اجتماع لمجلس الشوري قرروا فيه إعفاء منير وسحب الثقة منه، وما سبقه من تطورات.
وكان د.طلعت فهمي، المتحدث الرسمي لجبهة حسين-اسطنبول، قد أكد في 21/10/2021قرار تياره ومجلس الشورى العام، بعزل وإعفاء منير من منصبه، وإبلاغه بذلك، معلنا رفض تياره أوجبهته لقرار تعيين أسامة سليمان متحدثا رسميا-بديلًا لطلعت، ومؤكدا أن مجلس الشورى الذي يديره محمودحسين هو الجهة العليا المنوط بها إدارة الجماعة .
رفض “القائم بأعمال المرشد” في لندن نتائج الاشكالات على أثر الانتخابات التي جرت في اسطنبول وأقال عددًا من القيادات المحسوبة علىجبهة محمود حسين (6 أعضاء) ..وردّت جبهة أوتياراسطنبول بعقد “مجلس الشورى العام” لتعلن عبر مؤتمر صحفي من خلال شريط مرئي “فديو” عبر د. طلعت فهمي – المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين-جبهة اسطنبول-أنه تمت تنحية أو إقالة “الأستاذ ابراهيم منير” بجلسة مكتملة لاسيما وأن المجلس هو الذي عيّن ابراهيم منير قائما بأعمال المرشد وهو الذي يعزله وهذا ماتمّ. (أنظر موقع اخوان أونلاين الذي تمتلكه جبهة اسطنبول ورفضت تسليمه لجبهة لندن).
أشار د.طلعت فهمي لأسباب الإقالة الى حقيقة الصراع المستفحل المتمثل بالفردية القيادية التي ميّزت عمل ابراهيم منير (تولى المهمة كنائب مرشد 14 شهرًا حتى تاريخه)، الذي لم يقبل النصيحة، فيما أن الجماعة (حسب الناطق-اسطنبول) تستند الى المؤسسات والشورى والنظام العام، واتهموه علنا بأنه يرى بذاته المسؤول الأول، أو بكلمة أخرى الحاكم بأمره، وأن ادارته وقراراته دومًا صحيحة، وكلامه نصًا:”يَجُبّ كل كلام ويعطيه حق التصرف وتجاوز المؤسسات المعتمدة”.
وبما أن التكليف للمرشد أو القائم بأعماله يأتي من لائحة النظام “للاخوان المسلمين” وعبر مجلس الشورى فللمجلس تثبيته أو سحب او تعديل التكليف وفقا لعزل أي عضو من مكتب الارشاد حسب اللائحة المصرية، حسب جبهة اسطنبول في تفسيرها للنظام.
ونشر الموقع الإلكتروني الرسمي للجماعة-اسطنبول (965 ألف معجب بالموقع) بيانًا يوم الأربعاء 13 أكتوبر2021م، بتوقيع “الإخوان” تضمن موافقة 84 في المئة من أعضاء مجلس الشورى العام على عزل منير، ووافق 78 في المئة من الأعضاء على إلغاء هيئة كان يترأسها كبديل عن مكتب الإرشاد.
بينما –حسب الباحث المصري أحمد سلطان لصحيفة العرب اللندنية-يؤكد الواقع العملي أن عددا كبيرًا من مجلس شورى الجماعة قيد الاعتقال أو الوفاة أو الهروب وعدم التأثير، ولم يتبق من أعضائه، حسب معلومات الباحث سوَى 23 عضوا فاعلًا من أصل 117 إجمالي عدد الأعضاء قبل يوليو 2013. (انتهت مدته، وجبهة اسطنبول تقول يظل بصلاحياته حتى انتخاب الجديد)
الخلافات ذات الطابع الشخصي الاستبدادي-التنظيمي والمرتبطة بمجالات السطوة والنفوذ الضخم، والاستبداد والديكتاتورية داخل الجماعة بتفصيل أكبر تمحورت حول عدة قضايا اتُهم بها “الأستاذ ابراهيم منير” وجماعته في لندن، كما أشار بيان جبهة اسطنبول بالشريط الطويل الذي كانت مدته 39 دقيقة وتلاه طلعت فهمي وأبرز نقاطه الى ما سبق التالي:
-ان “الأستاذ ابراهيم منير”-القائم بأعمال المرشد-لندن- يهمش مجلس الشورى العام ولا يعترف بالعمل المؤسسي
-يمارس الفردية في القيادة والإدارة والقرارات
-لا يحترم قرارات المؤسسات ويضرب بها عرض الحائط
-قام بحلّ مكتب شورى تركيا دون وجه حق
-رفض التصويت على قرارات ملزمة للعمل، وقام بتعطيل قرارات مجلس الشورى العام
-يفترض بذاته أنه المرشد العام بينما هو فقط القائم بالأعمال بمعنى أنه مسيّر فقط، ولا يحق له تلقي رسائل البيعة وعبر الاعلام وكأنه هو المرشد العام (القائد العام أو الرئيس للجماعة)
-قام بتحويل من قدموا “مبادرة للصلح والمناصحة” بين التيارين للتحقيق، كما قام بتحويل من طالبوا بعزله وتحويله للعمل الخارجي للجماعة للتحقيق أيضًا، بل وأوقف البعض دون تحقيق أصلًا كما أصدر بيانًا باسم 14 عضوًا بادعاء أنهم يمثلون مجلس الشورى العام.
فيما كان اتهامات جبهة ابراهيم منير-لندن لجبهة اسطنبول أن محمود حسين هو من يسيّررجال تياره، ويمارس ضغوطه على الأعضاء ويبتز منهم القرارات بما يمتلكه من نفوذ اقتصادي هائل في اسطنبول. هذا عدا عن أن مدة مجلس الشورى العام (4 سنوات) قد انتهت ولا يحق له اتخاذ القرارات التي منها عزله هو (يتكون المجلس من 75 من محافظات مصر، والسابقين في الإرشاد، و15 عضوا بالتعيين).ومن اتهامات تيار لندن لتيار اسطنبول رفض حسين حسب المصادر المختلفة تسليم الملفات الإدارية إلى اللجنة الإدارية المنتخبة في اسطنبول مؤخرًا (محسوبة على تيار لندن)، وأبرزها ملف التمويل المالي، وتوظيف بعض وسائل الإعلام التي يسيطر عليها لصالح تياره مثل شبكة وطن الفضائية، وإخوان أون لاين، وبعض حسابات الجماعة الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي، وغالبية اللجان الإلكترونية.
وكان القائم بأعمال المرشد ابراهيم منير قد تحدث على قناة الجزيرة القطرية بصفته “نائب المرشد” وليس “القائم بأعمال المرشد” في 14/10/2021 ليشيد بخطوات الاصلاح التي قام بها بتعييين هيئة عليا لإدارة الجماعة في الداخل والخارج وباقرار مجلس الشورى (أي عمليا بديل لمكتب الإرشاد-القيادة العليا) وأسِف في الشريط “لتجاوز بعض الاخوة للوائح وعدم فهمهم للوائح”، مشيرا الى ما استوجب وقف بعضهم “لمحاولتهم السيطرة على الجماعة”، ويقصد جبهة اسطنبول وتحويله بعضهم للتحقيق، ومشيرا أن لديهم “اتهامات معلبة لنائب المرشد” وأنه حاول احتواء الجميع ولا فائدة.
كان المثير في شريط جبهة اسطنبول وفي إطار الرد على ممارسات القائم بأعمال المرشد (الذي عزلوه منجبهة اسطنبول) أنهم أشاروا أن الجماعة لا تقبل أن يكون فيها “إمعات” نصًا، موضحين ولأكثر من مرة في البيان أنه في “الاخوان المسلمين”: “ليس لدينا طاعة عمياء بل طاعة مُبصرة، ولاقداسة لدينا للأفراد”، وأننا “نؤمن بحرية الرأي والتفكير في إطار الضوابط التنظيمية”، و”ليس من آداب الاخوان البيعة العلنية عبر الاعلام وعلى الهواء”.
وبالعودة قليلًا الى الخلف لمقال هام وناقد بمرارة للكاتب المصريد.خيري عمر (أستاذ زائر بجامعة صقريا في تركيا) في صحيفة العربي الجديد القطرية المقربة من “الاخوان المسلمين”، ومن سياق المقال عامة فإنهيقترب من جبهة لندن، وذلك في 27/8/2021م يرجع سبب الخلافات المستفحلة –نصًا-داخل “الأخوان المسلمين” الى نقاط عدة منها التالي ما تستحق التوقف والتأمل والتفكربجدية:
-ظهرت ممارساتٌ هي أقرب إلى التهافت على البقاء في المنصب الشخصي، سواء بادعاء الأحقية التنظيمية أو غيرها من المبرّرات.
-في ظل غموض نظام واضح للمحاسبة، وغياب هذا النظام، تؤكد ردود الأفعال المتبادلة وجود أخطاء جسيمة يُخشى من كشفها أو عرضها للنقاش العام، فقد ظلت الحجج مقتصرةً على التمسّك بالحق الثابت في الموقع التنظيمي.
-ما يشير إليه بعضهم بالتزام المؤسسية هو نوع من التضليل، فالاتجاه العام للوائح لا يراعي التوازن بين السلطة والمسؤولية.
-وفقاً للوضع الداخلي، حسب لوائح سابقة، يُعد مجلس الشورى الحلقة الضعيفة في الهيكل الإداري، حيث تتوقف اختصاصاته عند انتخاب المكتب التنفيذي، وبعدها يكون بلا صلاحيات حقيقية.
-ساعد تَغييب المحاسبة والمراجعة إلى عقود خلت في مراكمة كتلٍ من المصالح المتساندة فيما بين المستويات القيادية يصعب التضحية بها. ولعل الفوضى الداخلية منذ ثماني سنوات أدّت إلى ظهور طوائف ارتبطت مصالحهم بالموقع التنظيمي ومكافآت التفرّغ.
-يتم تقديم سردية المؤامرة الكونية الدولية على الجماعة مبرّراً لتواضع الأداء، أو لتجنب المحاسبة والمراجعة. وتلقى هذه المقولة قبولاً مريحاً لعضويةٍ تم اختيارها على قاعدة الشيخ والمريد والولاء، ما يجعل مهمة الإدارة سهلة في ترويج العداوة مع المخالفين.
-يفيد السياق العام بأن الميل إلى العمل السرّي يُغلف الثقافة السياسية بطريقة تحول دون سرد روايةٍ متماسكةٍ عن الحوادث المفصلية في مسيرة الجماعة.
-تلازم الخلافات الجارية مع تدهور بنيوي، سواء حسب الطابع الرسمي أو حالة النفوذ. وبشكل يتقارب مع حالات فروع أخرى، مرّت بانقساماتٍ أفقية ورأسية (السودان).
-على مدى نحو مائة عام، لم تقدّم الجماعة نموذجها النظري للحكم، واكتفت بمقولاتٍ عامةٍ عن الدولة الإسلامية أو الدولة الدستورية والاختلاف حول تسجيل الأحزاب العلمانية والولاية العامة للمرأة، كما استقر تناول الخلافة عند مستوى الشعارات.
-منذ اندلاع الخلاف بين مجموعتي لندن وإسطنبول في أواخر العام الماضي، كانت حركة “الإخوان المسلمين”، على غير عادتها، أقل انشغالاً بمجريات الحوادث الإقليمية والدولية، وظلت تكتفي بإصدار بيانات خفيفة المحتوى عن مصر وفلسطين وأفغانستان أو غيرها، فيما يتزايد الجدل والانشغال بشؤونها الداخلية، عبر بيانات وتصريحات متبادلة، توضح أن ظهور الخلافات إلى العلن يعني وصولها إلى طريق مسدود ويتم تسويتها على طريقة الإذعان.
ومما يختم به د.خيري عمر مقاله الهام في موقع العربي الجديد يقول: يتلاقى تَجنّب المستويات الإدارية للمحاسبة مع شيوع الانفراد بالقرار والمال بعيداً عن الرقابة، فالوضع الحالي يرسم صورة هي أقرب إلى التخريب، فليس هناك من مبرّر للاستموات على البقاء في المناصب سوى الارتباط بأوضاع مالية أو وجاهة تظهر مؤشّراتها بمرور الوقت.