دراسات وتقارير خاصة بالمركز

بكر أبوبكر يكتب – اليهود العرب في المدينة المنورة

بكر أبوبكر – 21/5/2020

يقول الباحث د.راغب سرجاني في مقالته اليهود في القرآن الكريم أن: ]كلمة اليهود هذه استحدثت في بني إسرائيل بعد أن خالفوا الأنبياء كثيرًا، لكن الفترة التي كانت قبل المخالفة والتي كانوا فيها أتباعًا للأنبياء: موسى ومن بعده من أنبياء، كان يُطلق عليهم في القرآن الكريم (بنو إسرائيل)[، وهذا كلام واضح وصحيح تاريخيا فالقبيلة أي بني إسرءيلالبائدة اليوم شيء ماضي، لحقه تشكل الجماعة الدينية أي تلك الجماعة التي آمنت بما أصبح الملّة اليهودية لاحقا[1].

ويضيف: ]ولم تذكر كلمة يهود ولا مرة في القرآن المكي، وذكرت كلمة أهل الكتاب في القرآن ثلاثين مرة، منها مرة واحدة فقط في القرآن المكي، وجاءت في قوله تعالى: (وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ- العنكبوت: 46) أي إنه عندما جاء ذكر اليهود مندرجًا تحت مصطلح أهل الكتاب الذي يضم اليهود والنصارى[.

ورغم كثير من التداخل في ذهن الكثيرين بين اليهود كجماعة دينية، وبين قبيلة بني إسرءيل المندثرة، حتى ليكتب البعض أن من كان بالمدينة هم من أحفادهم-نسلًا- ما لادليل عليهم، وانما هم يهود فلو كانوا من نسل بني إسرءيل لاعتزّوا بذكر ذلك، ولما كانت المعاهدة في المدينة المنورة بين المسلمين معهم تنص على التالي: (أن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم) فهم بقبائلهم بالمدينة عرب من قبيلة بني عوف، ]وفي بقية المعاهدة تعريف كل اليهود الموجودين في داخل المدينة المنورة بأسماء قبائلهم، أي: يهود بني النجار، ويهود بني حارثة، ويهود بني ساعدة، وهكذا.[[2]ويقول السرجاني في موقع قصة الاسلام: ]ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الموضع أن هذه الوثيقة لم تذكر يهود بني قينقاع ولا يهود بني النضير ولا يهود بني قريظة ؛ مع ما صحَّ من وقائع السيرة التي تُثْبِتُ أنه قد تمت معهم عهود ومواثيق أخرى غير هذه الوثيقة.[

ومن الآيات التي نزلت بهم في المدينة:

 (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ-المجادلة8 )

 (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ-آل عمران 99 )

 (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ-البقرة 120 الآية)

 (مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا –النساء46)  

التعايش السلمي: حيث يقول د.السرجاني أنه ورغم سعي النبي للتعايش السلمي مع اليهود العرب في المدينة الا انهم قاموا بعديد الاعمال الاستفزازية والمكائد والتحالفات لتدمير المسلمين.

منها تهجُّمهم على رب العالمين، وهذه بمفردها كارثة تستوجب أشدَّ العقاب، ليس فقط لضعف إيمانهم، وإنكارهم الحق الذي يعرفونه؛ ولكن لأنهم بهذا التعدِّي يطعنون في المرجعية الأساسية للمسلمين؛ وبذلك فهم يحضُّون الناس على رفض التشريع الذي يحكمهم، وفي هذا فتنة كبيرة في المدينة، ومن ذلك ما نسبوه إلى رب العالمين من الفقر، وفيهم أنزل الله (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ-آل عمران 181)  

تعديهم على رسول الله: فقد كانوا يمرُّون عليه، ويَدْعُون عليه بالموت في وجهه، وهم يحاولون أن يُظهِروا عكس ذلك، فيقول أحدهم: السام عليك. والسام هو الموت،  فلا يزيد رسول الله في ردِّه عليهم على قول: “وَعَلَيْكُمْ”.    

إثارة الشحناء: بين المهاجرين والأنصار، ومن ثَمَّ كان نقض صريح للمعاهدة، يتعذَّر معه صفح، ويستحيل حياله تجاهل؛ فقد خالفت بنو قينقاع مخالفات جسيمة، بمراودة المرأة المسلمة على كشف وجهها، ثم التحايل على كشف عورتها، ثم الاجتماع القبلي على قتل رجل مسلم، وخالفت بنو النضير بمحاولة صريحة لقتل رسول الله، وكذلك خالفت بنو قريظة في محاولة أشد عنفًا وضراوةً تهدف إلى قتل واستباحة كل مَنْ في المدينة المنورة. فكان قتالهم وطردهم لمخالفتهم العهود والمواثيق كلها، ما هو علي سيرة من اقتدوا بهم من القبيلة الغابرة.

 

*شذرة- السور المدنية هي: سورة البقرة، وآل عمران، والتوبة، والأنفال، والمائدة، والنساء، والرعد، والنور، والحج، والأحزاب، والفتح، ومحمد، والرحمن، والحجرات، والممتحنة، والحشر، والمجادلة، والحديد، والمنافقون، والجمعة، والصف، والتغابن، والطلاق، والتحريم، والإنسان، والبينة، والنصر والزلزلة.

 

#تفكرات_رمضانية 28

#بكر_أبوبكر

الحواشي:

[1] واحيانا تنسب الجماعة الدينية اليهودية الى مملكة/إمارة هوذا، وهم محرفو التوراة.

[2]  من مقال د.راغب السرجاني المعنون اليهود في القرآن الكريم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى