أقلام وأراء

بكر أبوبكر يكتب – الطاووس يحتكر القرآن الكريم!

بقلم بكر أبوبكر- 1/1/2018

حدثني أحدهم أن صديقا له لمجرد أن ذكر، وتفكّر بآية قرآنية كريمة، وبشكل جميل تعجب ذاك الكاهن الاسلاموي، وزم شفتيه وأشاح بنظره، وابتسم ابتسامة صفراء.

إنه الحقد والغيرة، فكيف لهذا من غير جماعتنا “وهو غير الاسلاموي” كيف له أن يتدبر بالقرآن الكريم؟!

كان الجمعُ جالسا بهدوء يتهامسون بصوت خفيض، في عزاء أحد الاخوة في غزة.

وتشارك العزاء من أصدقاء المتوفى من ينتمون لليسار الفلسطيني ومن ينتمون لحركة فتح، ولحماس وغيرهم.

القادمون يأخذون العزاء من أسرة الفقيد الواقفين أمام الباب.

يجلس المعزون في القاعة كالعادة في كل بيوت الأجر والعزاء.

تقدم أحد المنتمين لحركة فتح وألقى كلمة وعظية ارتاح لها جميع الحضور.

في الحقيقة كلهم الا واحدا أو واحدا ونصف!

أشار المتحدث لمناقب الفقيد ومآثره، واستشهد بعدد من الآيات الكريمة بسلاسة يُحسد عليها.

كان المتحدث رجلا متدينا من حيث ما يظهر من علاقته بربه ومن خلال قيمه النبيلة التي يتعامل بها مع الناس، الناس جميعا،ومن حيث أدائه للصلوات ومعاملته المحبوبة للاصدقاء والمعارف من أي فصيل كانوا.

الحديث الروحي الجميل للفتحوي المسلم، كان يثير النقمة لدى “البعض” المنكمش على ذاته، الذي لا يري الآخرين الا من خلال طاقة عقله الضيقة، فهو و”هم/جماعته” لوحدهم حق الوصاية على المسار!

وعبرهم فقط يكون الطريق الي الله؟!

الاخ محمود من قيادات المعتقلات ومن قيادات الانتفاضة الأولى، وكان أحد أهم الرافضين لانقسام القيادة الموحدة للانتفاضة عام ١٩٨٨ما فعلته حركة حماس حينها.

عام ٢٠٠٠ أي بالانتفاضة الثانية، رفض الفصل بين الأسلامويين، والوطنيين -أو من يتهامسون بهم انهم العلمانيين- ما يعني حكما برأي الكهنة الاسلامويين أنهم الكفار الجدد كما يطلقون عليهم سرا… وأحيانا علانية.

محمود كان أول من رفض مصطلح القوى الوطنية والاسلامية في فلسطين وليس في غزة فقط.

فهل الاسلام بلا صلة أبدا بالقوى الوطنية! أو كأن الاسلام محتكر لمن يسِمون أنفسهم بوسم #الاسلام دونا عن البشر أو العكس؟!

المهم أن المتحدث بالعزاء… قد أثٌر بجميع الحضور وبلطافة ورشاقة مذهلة، لمزجه القيم والأخلاق الاسلامية السمحة بالتفكّر، والتأمّل بآيات القرآن الكريم وهو مادعى الله له….. جميع البشر.

حين عرج محمود على قيم المحبة والوئام والتسامح وحُسن الجوار والصحبة وفي ترحمه على أمواتنا جميعا والشهداء أبكي الجميع، الا ثلة ممن يظنون بأنفسهم احتكار الدين واحتكار التدبر بآيات الله! مفترضين أن القرآن الكريم نزل عليهم فقط.

هذه الفئة من الكهنة الاسلامويين ظنوا بانفسهم أنهم أنبياء الله الجدد!؟

كيف لغيرهم أن يتفكروا ويتدبروا ويتأملوا؟! وهم- اي هؤلاء المتدبرين من غير جماعتهم المقدسة- الكفار أو المنافقين؟! وبالتالي هم بالدرك الأسفل من النار!

ويأتون ليحدثونا بالقرآن؟!

حاشا وكلا!

إنهم هم اليسار الفاسق أوهم الفتحويون أو العلمانيون ممن غضب الله عليهم فأقعدهم مقعدهم من النار.

فالجنة لا تتسع إلا لأقفية الكهنة الاسلامويين المتطرفين السابغة، هم وحدهم حيث لا مكان الا لها؟! ويا لها من سِعة!

كان الحقد على “الآخرين” والغيرة من تفوقهم يأكل قلب أبوالمصعب كما يسمي نفسه، وهو الجالس منفوشا بريشه ،كالطاووس الحائر، بين ثلّة من المنافقين الحقيقيين، الملتفة حول عرشه كالإسورة حول المعصم.

لم يجد أبوالمصعب مقابل حديث محمود المؤثر والديني الروحاني أن يقول شيئا، فصمت كاظما حقده… ولكن ليس طويلا!

هو أضعف من أن يتحلى بالحكمة والبهجة، أوالقدرة على المجاراة لفكر وقدرة وتأملات محمود.

عموما لم يجد أبوالمصعب بُدّا من أن يقطع حالة الصفاء والمحبة والوئام التي أصابت الحضور بعد حديث محمود…. فيتحدث.

كان مغمورا بالضغينة والكُره، فكيف لذاك العلماني الفتحوي الكافر( ) ان يتحدث بالقرأن الكريم، وهو لم ينزل الا عليه هو فقط! وهو من يفهمه فقط دونا عن البشر، بل دونا عن المسلمين؟!

وهنا وقعت الواقعة!

بدأ أبوالمصعب يحاول الثأر لضعفه، وعجزه وغروره المرتبط بغيرته من تفوق الآخر.

ولا يخفي بذلك بُغضُه للمخالفين الذي عبّر عنه بسيل من الشتائم المقذعة الموجهة “للآخرين” دون أن يسمّهم وإن فصّلهم؟

هُم -برأي أبوالمصعب- كلّ من حضر العزاء، وأهاليهم من خلفهم.

أن الطاووس الكاهن المتكلم يقصد بحجارته الملقاة من فمِهِ، كل من انتمى لغير جماعته المقدسة.

لم يقصد الطاووس المحتلين أو المستعمرين أو الظلمة أو البغاة المستبدين أو الكفار ممن حض الله سبحانه ورسوله على مقاومتهم.

لقد كاد المجلس ينفجر.

الميت صديق الجميع حتى أن عددا من المنتمين لفصيل أبوالمصعب قد أساءه ما ذكره زميلهم المنفوش، وحاولوا أن يوقفوا اندفاعته بالشتائم.

وعجزوا!

القذف والقدح وابتلاع الألفاظ الفاحشة، واتقان رشقها هو ما يتقنه أبوالمصعب للتغطية على ضعفه، وعلى جهله، وعلى غيرته الممزوجة بكُره الآخر.

هو يصرّ ومثله الكثيرون على إنكار ان يكون من بين الحضور من هو مسلم غيره؟! حاشا وكلا!

هم يَخدعون بالمظاهر الزائفة عوّام الناس، وجهلتهم الذين ينبهرون بالطقوس والعبارات الفاخرة، رغم ان البضاعة بالية، بل وأكثر خرابا من البضاعة الصينية المنتشرة في أسواقنا.

كاد البعضُ الحسّاس يتقيأ قرفا، من كلام لؤي أو المكنى أبوالمصعب.

ضج الحضور مللا من كلام الرجل، حيث بدأ الكثيرون يتأففون ويتضايقون.

لقد نشر الرجل المنفوش بحقده، سيلا متصلا من الكهرباء السلبية في المحيط، حتى ظن كل من في المجلس أنه داخل النار لا محالة… وراء ابوالمصعب ذاته!

أخذ الحضور يتسلّلون وحدانا، وزرافات تاركين المجلس بلا حضور تقريبا، الا من محمود وأبوالمصعب… وثلّة المنافقين حول عرش الثاني.

أنهى أبوالمصعب كلامه بالحديث -وهو ينفخ أوداجه من الإرهاق والتعب- بالقول…. إن المنافقين بالنار.

قام محمود…. وسلّم عليه!

وقبله في رأسه، وهو يعلم علم اليقين أنه المقصود بالشتائم.

فازداد أبوالمصعب غيظا حتى كاد يتفجر!

في الأسبوع الموالي كانت جنازة أبوالمصعب، وكان المتحدث الرئيس فيها -وكما أصر الحضور من جميع الأطراف- هو محمود، داعيا له وللحضور بالرحمة والمغفرة.

قصة قصيرة للكاتب والأديب بكر أبوبكر في ١/١/٢٠١٨

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى