أقلام وأراء

بكر أبوبكر يكتب – الدعائية الحزبية لدى الاسلامويين، ونموذج “حماس” (الحلقة 2) (الاستبعاد، والظلَمة)

بكر أبوبكر – 7/4/2017

في نطاق الحديث حول “الديمقراطية الاسلاموية” عامة واستتباعا للتعبئة الداخلية فمن الممكن أن نتعرض لمضامين الدعاية و(الاعلام) لدى التنظيمات الاسلاموية، ومن ضمنها نموذج فصيل “حماس” الاسلاموي الفلسطيني وكذلك الأمر ما ينطبق في “الاخوان المسلمين” حيث اقتضى التنويه، وفي الجزء الاول تحدثنا عن الملمح الاول المتمثل بالتضخيم والتهويل، والمبالغات، واليكم الحلقة2

الملمح الثاني: الاستبعاد وعدم قبول الآخر

بالإضافة للتضخيم والمبالغات نجد أن مضامين الدعاية الاعلامية لدى الاسلامويين (وهنا بالتحديد نموذج “حماس” و”الإخوان المسلمين”) تحث عامة على الاستبعاد والرفض والاتهام وعدم قبول الآخر، وهذا هو الملمح الثاني، ولنا العودة لحسن البنا الذي يلقبونه بالإمام حيث يقرر علنا أن دعوة الاخوان المسلمين (دعوة لا تقبل الشركة) أي الشراكة! ما يدلل على عمق فكرة الاقصاء للآخر وتوغل مدرسة المعسكرين أو الفسطاطين في عقليتهم وتعبئتهم الداخلية.

ولنا في محاولات حركة (حماس) لعمل منظمة تحرير فلسطينية بديلة في دمشق وبدعم سوري عام 2011 محاولات جادة وتهديد متواصل قامت به ، وما ينشأ مثل ذلك إلا عن عقيدة لفظ الآخر و عقيدة الفسطاطين (النور والظلام والخير والشر المطلقين)، ما يعني رفض الحوار وحسن التواصل، وما يعني الاتجاه للمخالف على قاعدة أن يتم نبذه وشيطنته واتهامه.

وماذا يكون أوقع في نفس المتلقي من الاتهام للآخر بأنه كافر أو علماني كافر (كما حصل في رسم الكاريكاتور لأحد رسامي “حماس” في انتخابات البلديات عام 2016 الذي حذر من انتخاب العلمانيين الكفرة بالإشارة لحركة فتح)[1] أو أنه خائن (حيث في رسم آخر كان الشعار هل تنتخب الذي أسقط البندقية وباع القضية؟).

أنظر لما يقوله فتحي حماد الذي يخلط الاسلام بالرأي السياسي[2] المتغير وكأنه ينصب ذاته مندوبا عن الدين كما فعل قبله الزهار حين وجه ذات الاتهام للرئيس عباس، إذ يقول محقرا الآخر ورافضا له كليا ومتّهمه: (أن الاجهزة الأمنية بقيادة ….. وأمثاله يكرهون الاسلام؟! ويكرهون الجهاد ويكرهون أهل فلسطين ويكرهون القدس

اكثر من اليهود، ولذلك هذا الخداع الذي يمارس على أبناء شعبنا الفلسطيني لا بد ان ينتهي.)[3]

وأنظر لعملية التخوين المباشرة ورفض الآخر المختلف وفي ذات الوقت التحريض لقتله وفي إطار التنظير للانتخابات لصالح حزبه الاسلاموي بوضوح فيما قاله مشير المصري يوم 23/9/2016 في مسيرة نصرة الأسرى في مدينة غزة: (ان الانتفاضة مستمرة بإذن الله حتى تعود القدس المحتلة رغم أنف المنسقيين أمنيا، رغم انف نتانياهو وعباس حتى تحقق اهدافها.)، وفي هذا الكلام الاعتباطي/الانتخابي يلاحظ المساواة بلا جدل بين العدو والآخر أي بين الرئيس الفلسطينيي والعدو المشترك، فماذا أكبر من ذلك؟

الملمح الثالث: الربانيون الرساليون في مواجهة الظَلَمة

أما ثالثا فسنتعرض للخلط المتعمد والمقصود بل والذي يُحض عليه، وهو الخلط بين الديني الدعوي الثابت بالدنيوي السياسي المتغير، وما يتفرع عنه من تقديس واستغلال بشع للآيات والأحاديث الشريفة، حتى في الإعلام العلني وليس فقط بالتعبئة الداخلية.

نحن (الربانيين) كلمة لطالما واسى فيها “الاخوان المسلمين” أنفسهم كلما وقعت عليهم مصائب أو (مظالم) كما يسمونها، أو كلما أخطأوا، أو كلما أودخلوا السجون (لأنهم يوحدون الله)، وعوضا عن تصويب المسار أو المراجعة أو نقد الذات يلجأون لهذه الحيلة النفسية الدفاعية التي يفترضون فيها أنهم (لإيمانهم وصحيح إسلامهم) فهم مضطهدون مظلومون تماما كسابقيهم من المسلمين الأوائل؟!

يتسق هذا السياق مع الربط الجزافي بين الدين كدين (عقائد وقيم وعبادات أساسا) وبين الجماعة (الربانية) في رباط مقدس لا ينفصم، بمعنى تصفيد الديني العقدي (المطلق) مع الحزبي السياسي (النسبي) بشخوصه، حيث تركز على ذلك الدعاية الحزبية الاسلاموية سواء التعبوية الداخلية المحسوم أمرها “خاصة متى ما تغلغلت التعبئة القطبية”، أو بالعلنية الاعلامية التي إن لم تتخذ الشكل المباشر تكون احيانا بالاسقاطات والايحاءات.

وفي نماذج فصيل “حماس” الكثير مما يمكن الإشارة له، فخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس، لم يجد ما يقوله بعد الانقلاب الدموي على غزة عام 2007 إلا الكِبر والعليائية للأسف، والزهو ب”النصر” ليعامل مخالفيه كالكفار تماما قائلا (اذهبوا فأنتم الطلقاء)! ومع ذلك ذهبوا، ولم ويكونوا طلقاء! حيث طورد الكثيرون وقتلوا .

ولنا في الاستعارات العديدة من المتحدثين في “حماس” من عمق التراث الاسلامي في اسقاطات تشنيعية تهكمية على الآخر مما أسلفنا، ونضيف على سبيل المثال ما يطلقه صلاح البردويل على المخالفين من حركة فتح والأجهزة الأمنية من

مسمى (صبية الطائف) الذي يحيل الى التاريخ المعروف للرسول عليه السلام واعتداء صبية الطائف عليه؟!

ومالا يغيب عن الذكر صرخة غلاة “حماس” قبل انقلاب عام 2007 التي تردد صداها في قطاع غزة لتبرير منهج القتل والانقلاب بالقول (قتلانا في الجنة وقتلاكم بالنار) وهي الصرخة التي تشير إلى الحوار بين الكفار والمسلمين بعد غزوة أحد، وليس ببعيد أن نستشهد بما قاله د. محمود الزهار الذي خوّن وكفّر الرئيس أبو مازن بنفس التصريح (التخوين هو عادة متبعة متكررة بلا هوادة من كثير قي نواطق حماس) لوكالة فارس الايرانية، والتي فيها اعتبره من أدوات الغرب، وأنه لا يعادي السنة أو الشيعة أو إيران فقط بل ووصلت فيه قمة المبالغة والتطرف والتشنيع والاتهام ليعتبره (يعادي الإسلام)! أهو حقد وبغض دفين؟ أم هو عليائية وتكبر وتطرف؟ أم هو اسفاف ومغالات لا ندري! ولكنه في جميع الأحوال يتم استدراج المعاني التاريخية / الدينية لخدمة الرأي أو الموقف السياسي بقصد وتعمّد.[4]

ناهيك عن الاستخدام المنحرف للآيات القرآنية، والتي يعاد صياغتها أو تفسيرها وكأنها تشير لهم تحديدا دون سائر الخلق ما أصبح سمة بارزة.

الحواشي:

[1] يتضمن الرسم في صفحته على الفيسبوك 3 شباب يدخون ويلبسون الكوفية الفلسطينية -إشارة لحركة فتح-، ويطاردون فتاة منقبة -وباعتبار أنه يشير لحماس- ، وهي تقول (شعب فلسطين بريء من سبابين الرب والدين) والتعليق للرسام على الكاريكاتور (الفلسطيني المسلم لا ينتخب العلمانيين الكفرة)؟! وبالطبع لم يحاسب المذكور، وله سابق إساءات معيبة أكثر لم يحاسبه أحد في فصيله، او حتى يدن ما يفعله. [2] تعرّف السياسة لغةً بأنها عبارة عن معالجة الأمور، وهي مأخوذة من الفعل ساسَ ويسوس، أما اصطلاحاً فتعرف بأنها رعاية كافة شؤون الدولة الداخلية، وكافة شؤونها الخارجية، وتعرف أيضاً بأنها سياسة تقوم على توزيع النفوذ والقوة ضمن حدود مجتمع ما. وتعرف كذلك بأنها العلاقة بين الحكام والمحكومين في الدولة، وعرفت أيضاً بأنها طرق وإجراءات مؤدية إلى اتخاذ قرارات من أجل المجتمعات والمجموعات البشرية، وقد عرفها هارولد “بأنها عبارة عن دراسة السلطة التي تقوم بتحديد المصادر المحدودة”، وعرفها ديفيد إيستون “بأنها عبارة عن دراسة تقسيم الموارد الموجودة في المجتمع عن طريق السلطة”، أما الواقعيون” فعرفوها بأنها فنٌ يقوم على دراسة الواقع السياسي وتغييره موضوعيا”، وعليه فهي متغيرة ونسبية وليست ثابتة ومطلقة كالعقائد الدينية. [3] في تصريحات لفتحي حماد القيادي في حماس يوم 22/9/2016 على قناة أقصى التابعة لحماس http://www.noqta.info/page-101769-ar.html [4] لمراجعة تصريح الزهار في وكالة فارس حيث قال نصا “هذا مشروع غربي، عباس جزء منه، ومهمته تكسير كل حركة إسلامية أو دولة إسلامية سواءً كانت سنية أو شيعية، العدو عندهم ليس المذهب، وإنما الإسلام”. وتابع الزهار حديثه: “ولذلك تلتقي هذه العصابات أو الشخصيات العميلة للغرب، في أي لحظة، وأي مكان، بأوامر من أسيادهم لينسقوا خطواتهم”. وعدا عن الرجوع للوكالة فلك الرجوع الى الموقع https://paltoday.ps/ar

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى