أقلام وأراء

بكر أبوبكر يكتب – البلداء ووداء القيادة؟

بكر أبوبكر – 3/12/2020

يرتبك الكثيرون حين الحديث عن العمل من أجل المهمة أو القضية أو الهدف والذي قد يكون سياسيا محدوداً،أو وطنياً عاما أو اقتصاديا صغيرا أم كبيرًا وسواء كان داخل منظمة (تنظيم) ربحيّ، أم غير ربحي أي طوعي وكل التنظيمات السياسية والنقابية والمنظمات غير الحكومية تأتي ضمن التصنيف الثاني

يمكننا تعدادأسباب عديدة للفشل التنظيمي في أي تنظيم سياسي أو غير سياسي، من تجربتنا الطويلة،سواء في بناء المنظمة (الجماعة/التنظيم/المؤسسة…) أو تطويرها وتجديدها، وسبق أن ناقشنا ذلك في ورقة طويلة لنا تحت عنوان لماذا فشلت التنظيمات السياسية؟ ومنشورة على موقعنا في الشابكة www.bakerabubaker.info، ولكن دعونا هنا نركز على ثلاثةأمور بارزة، تم اختبارها في كثير من الدراسات التي طالعناها بالمؤسسات عامة، وحتى الشركات الربحية كالتالي:

1-يمتنع القادة عن مشاركة الكوادر في المهمات الكبرى والقرارات: بل وأحيانا يمتنعون عن الصغرى، لذا فالصِلة مقطوعة بحقيقة الواقع على امتداد الهرم التنظيمي رأسيا إلا بالمناسبات.

فمن جهة فإن القادة أو المسؤولين يفترضون بأنفسهم الفهم المكتملالمفضي للقرار! ولا حاجة لهم لتفعيل الأطر بشكل متزن ومتصل ومنتظم (منتظم حسب اللائحة والقانون والنظام)ما قد يوقعهم تحت شباك تطبيق النظام، وتحت ضغط الوعي المختلف ما لايطيقونه.

لذا بكل بساطة يمتنع القادة (القادة بالموقع وليس بالتعريف الصائب للقائد)عن مقاسمة الأعضاء تخوفاتهم أو التحديات الحقيقية التي تواجه المؤسسة فتصبح الصلة بالحقيقة منقطعة بين فئة تحتكر الفهم أوالمعلومات وتستغني عن الآخرين، وهي بظنها أنها تمتلك الصواب والحقيقة،وهؤلاء هم فئة القادة حيث الموقع، وبين فئة الكوادر التي ينمو عندها الشك لسبب تهميشها وعدم اشراكها بالمعلومات والتحديات والقرار، بل وتقليص مضمون الأطر للتحشيد (التكديس الكمّي) فقط ما قد يؤدي بكثير من الأعضاء للشعور بالدونية أوالهامشية، وعدم القدرة على التغيير أو حتى عدم الرغبة بالتغيير، أو الخوف من التغيير حتى على مواقعها المتدنية.

2-الشخصيات البليدة لا تحب المبادرات أو المخاطرات أو الهجوم: لذلك فان مثل هذه الشخصيات في داخل التنظيم السياسي هي عبارة عن كمّ بلا معنى، وعبارة عن ثقل لا قيمة له، كالمرساة التي مهمتها منع السفينة من الاقلاع، إنهم الأشخاص الذين يتم رصّهم وتجميعهم داخل التنظيم كجمع الطوابع قديما، أي للمباهاة، أو ببساطة ما همإلا أرقام!

بلادة الشخصية قد تكون لأسباب عديدة تتعلق بالشخصية من جهة، ولسوء الاختيار والاستقطاب، ولبؤس عملية التربية والتثقيف أو انعدامها ولتكريس منهج الكم التنظيمي في آلية التحشيد الانتخابية فقط وليس حول فكرة وهدف المؤسسة وعوامل قوتها وتقدمها.

ان التنظيم (المؤسسة) القوي لا يضم بين صفوفه من هبّ ودب، بل يتخير من تنطبق عليهم المواصفات من تلك الشخوص النشطة المؤمنة النضالية ذات الديمومة،والتي عينها على العمل والعطاء وعدم الخوف من خوض المخاطر اومواجهة التحديات ما تخلصت منه التنظيمات السياسية، ونرجع السبب أيضا لضمور الفكرة الجامعة وللجوء الدائم للارقام عبر التحشيد دونًا عن استثمار العقل الفاعل.

3-القادة عمومًا لا يحبون التغيير الا مجبرين: وليس هناك من إجبار قانوني الا عبر النظام (القانون الداخلي).

وفي ظل فقدان الثقافة الديمقراطية داخل الجماعة أو المؤسسة ومعها ثقافة النظام الداخلي، وممارسة الكبارللذة الاستبداد (الديكتاتورية) خاصة في ظل تنامي الشخصيات البليدة يصبح القسر والجبر بالقانون لدينا هو الحل الذي يجب الا نتخلى عن التمسك به، وإلا بقينا مرتهنين لإرادة الأفراد الذين يتسلمون مواقعهم المتقدمة ويطيحون بأفكار الناس أو يختزلونها لما يُبقي عليهم في كراسيهم.

القادة أو المدراء أو المسؤولون في المواقع العليا يزحفون على ريش التنعم التي لا يمكن إزالتها الا بطرق ثلاثة إما بالنظام (القانون) واجب النفاذ، وإما بثقافة النظام الديمقراطي المتغلغلة، وإما بالموت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى