ترجمات عبرية

بقلم: نير حسون – هآرتس -“العليا” الإسرائيلية تقترح “حلاً” يمنع الإخلاء من “الشيخ جراح”.. هل يوافق الفلسطينيون؟

بقلم: نير حسون – هآرتس 3/8/2021

هذا كان نقاشاً استثنائياً في القاعة د داخل المحكمة العليا. في الخارج، كانت عشرات طواقم الإعلام والدبلوماسيين والنشطاء اليساريين وحفنة من نشطاء اليمين، من بينهم عشرات الأشخاص من سكان الشيخ جراح الذي جاءوا إلى المحكمة في محاولة أخيرة لمنع إخلائهم من بيوتهم. في بداية النقاشات التي انتهت بدون قرار حاسم، حاول القضاة بكل الطرق جعل الطرفين يتوصلان إلى اتفاق تصالحي من خلال استخدام الضغط غير المعتدل بصورة واضحة. أساس الاتفاق الذي اقترحه القاضي إسحق عميت والقاضية دفنه براك – ايرز والقاضي نوعم سولبرغ، هو أن الفلسطينيين سيبقون في البيوت كمستأجرين محميين. ليس هذا فقط، بل سيتم الاعتراف بهم كمستأجرين محميين من الجيل الأول، أي أن الأبناء والأحفاد يمكنهم البقاء في البيوت. في المقابل، سيدفعون 1500 شيكل في السنة لشركة “نحلات شمعون”، التي تطالب بإخلائهم. تحفظ الفلسطينيون والشركة من هذا الاقتراح وأمر القضاة العائلات بتقديم قائمة لأصحاب الحقوق على العقارات خلال سبعة أيام كي يستطيعوا بلورة اتفاق بين الطرفين.

المشكلة ليست المال، بل الاعتراف بملكية “نحلات شمعون”. لذلك، رفض الفلسطينيون. وطلب ممثلو المستوطنين اعترافاً واضحاً من الفلسطينيين بملكيتهم للأرض دون أن يستطيعوا طرح المزيد من الادعاءات في المستقبل. والفلسطينيون رفضوا ذلك بشدة. في الاتفاق كانت هناك مشكلات أخرى. مثلاً، من سيتم الاعتراف به كمستأجر محمي في كل عقار، حيث يدور الحديث على الأغلب عن عدد من الأخوة الذين سيرثون البيت، وواحد منهم فقط يمكن أن يكون محمياً. ثانياً، الإيجار المحمي لا يمنع الإخلاء بشكل مطلق. مثلاً، في حالة نجح المستوطنون في استصدار رخصة بناء لمشروع إخلاء – بناء، فيمكنهم إخراج الفلسطينيين مقابل سكن بديل.

رئيس هيئة المحكمة، القاضي عميت، كان متفائلاً واعتقد أنه يمكن حل المشكلات عن طريق “الدبلوماسية البناءة”. “سنكتب أن المدعين يعلنون أنهم السكان المحميون، وأن المدعى عليها مسجلة كمالكة”. وبذلك نكون قد حللنا المشكلة، هكذا ضغط على الطرفين. “هذه التسوية ستعطينا مهلة لبضع سنوات جيدة، وحتى ذلك الحين إما أن تكون هناك تسوية للأراضي وإما يكون سلام. لا نعرف ما سيحدث، هل يمكن الاتفاق على ذلك؟”.

من الواضح أن عميت والقضاة الآخرين غير متحمسين للتوقيع على إخلاء العائلات من بيوتها. “نقول، هيا ننزل من مستوى المبادئ إلى مستوى الممارسة. يجب أن يواصل الناس العيش هناك، هذه هي الفكرة، لنحاول التوصل إلى اتفاق عملي دون هذه التصريحات أو تلك. رأينا كم هذا يهم وسائل الإعلام. نريد حلاً عملياً”.

لكن كلما تقدم النقاش وجد القضاة صعوبة في جعل الطرفين يتوصلان إلى تفاهمات. في نهاية المطاف، استجابوا لطلب محامي الفلسطينيين، لكنهم أمروا المحامين بعدم الخروج من القاعة. عبر القضاة عن قلقهم بأنه ستكون في الخارج جهات تحرض الطرفين على رفض الصفقة. “ستبقون هنا تحت الإقامة الجبرية، ولكن بدون أصفاد إلكترونية”، قال القاضي عميت باستهزاء. جمهور غير فلسطيني، لا يعرف عن قرب الاعتقالات والإقامة الجبرية، ربما كان سيستمتع أكثر بهذه النكتة.

تم استئناف النقاش بعد الاستراحة، لكن القضاة يئسوا من إمكانية التوصل الآن إلى تسوية. وبدلاً من ذلك، أمروا الطرفين بالبدء في تقديم ادعاءاتهم حول الموضوع. النقاش في لب موضوع ملف الشيخ جراح حدث غير عادي، إذ غالباً ما يتم رفض ادعاءات الفلسطينيين لأسباب تقنية كثيرة، مثل التقادم، وانتهاء الجلسة، وافتراض الصواب الإداري، وما شابه. المحامي ارشيد والمحامي أبو حسين استغلا الفرصة، وبدءاً في إحصاء الصعوبات وعدم المنطق القائل بأن شركة أجنبية لنشطاء يمين كانت هي المالكة لحي سكني في شرقي القدس. جميع ملفات الإخلاء ترتكز حتى الآن على دعامتين. الأولى، تسجيل الأراضي على أنها أراضي يهودية، الذي تم في العام 1972. والثانية، التوصل إلى ترتيب جلسة استماع في المحكمة العليا في الثمانينيات، وافق الفلسطينيون فيها -كما يبدو- على الاعتراف بملكية اليهود للأرض.

وفي جميع الجلسات التي عقدت منذ ذلك الحين، تم الادعاء بأن لا يمكن للفلسطينيين الاعتراض على هذين الأمرين. سمح لهم ذلك هذه المرة. وقال ارشيد وأبو حسين، على سبيل المثال، بأن التسجيل في 1972 نبع من خطأ أو تزوير، حيث لا يوجد للمستوطنين أي وثائق تدل على ملكيتهم، وأن القيم العام في وزارة العدل منح الأرض ليهود بدون صلاحيات، وأن حكومة الأردن نقلت الأرض إلى السكان، الأمر الذي هو من صلاحيتها، وحتى أن وزير العدل في 1968، شمشون يعقوب شبيرا، تعهد بأنه حتى لو أعيدت أملاك يهودية قبل العام 1948 فلن يتم إخلاء أي مستأجرين من بيوتهم. المحامي ايلان شيمر، ممثل “نحلات شمعون” رفض جميع هذه الادعاءات. وقال إن السكان الحاليين ليسوا بالضرورة مرتبطين بالمستأجرين الذين أسكنتهم الحكومة الأردنية هناك؛ وأن المدعى عليهم غيروا ادعاءاتهم على مر السنين، ويطرحون في كل مرة ادعاء دفاع جديد. “لا يمكن طرح ادعاء التزوير بعد خمسين سنة”، قال، وأضاف: “يريدون منا إلغاء جميع القرارات منذ الأزل”.

بعد النقاش الأساسي، ظهر أن القضاة أقل تحمساً لاتخاذ قرار، وأنهم يصممون أكثر على إيصال الطرفين إلى تسوية. “خلافاً لما أردنا، انتقلتم إلى المسار القانوني، لكننا لم نفقد الأمل بعد”، قال عميت. قرر القضاة أن على الطرف الفلسطيني تقديم قائمة بأسماء من يستحقون السكن المحمي في كل عقار، للمحكمة. افترض أغلبية المشاركين في الجلسة أن القصد هو استخدام هذه القائمة في الجلسة القادمة لإجبار الطرفين على التوصل إلى تسوية تشمل استئجاراً محمياً وإلغاء عملية الإخلاء.

في الختام، تركز النضال القانوني في الشيخ جراح على مسألة واحدة، وهي: هل يدور الحديث عن نزاع مدني بسيط على العقارات مثلما يدعي المستوطنون، أم عن جزء من جهود الدولة وأذرعها الرسمية (القيم العام ومسجل الأراضي وشرطة إسرائيل) وأذرعها غير الرسمية (شركة نحلات شمعون) لطرد الفلسطينيين وتهويد الحي؟ وهذه جهود ترتكز على قوانين تمييزية وظالمة. من نافل القول إن العالم، باستثناء إسرائيل، يتبنى الرؤية الفلسطينية ويرفض الافتراض بأن النزاع شخصي. وجد القضاة صعوبة في اتخاذ قرار حول أين تقف المحكمة العليا في هذه المسألة. من جهة، يبدو أنهم غير متحمسين لخوض نقاش مبدئي مرة أخرى. ومن جهة أخرى، لا يريدون التوقيع على إخلاء مئات الأشخاص من بيوتهم. على الأقل ليس الآن، لأن “الشيخ جراح” تحول إلى رمز، وبات يقف في مركز اهتمام الإعلام والدبلوماسية.

والفلسطينيون أيضاً في ورطة. فالشيخ جراح أصبح رمزاً قوياً في الخطاب الفلسطيني. وأصبح سكانه أبطالاً للثقافة. وهي مكانة ستصعب عليهم الموافقة على حل وسط، حتى لو ضمن ذلك عدم إخلاءهم من بيوتهم. سيكون الضغط عليهم كبيراً، حتى الجلسة القادمة. يبدو أن القضاة يدركون ذلك أيضاً، ودليل ذلك هو طريقة وداع رئيس الهيئة للمحامين: “إذا التقينا في المرة القادمة فليكن هنا عدد أقل من الأشخاص. هذا ليس بسبب وجود مشكلة. فنحن على استعداد لاستئجار ستاد تيدي، لكن الجميع يعرف المشكلة”.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى