أقلام وأراء

بسام ابو شريف يكتب – هل هناك خطة لاغتيال بوتين وزعزعة استقرار روسيا بعودة العميل نافالني

بسام ابو شريف *- 12/2/2021

بلغ اليوم عدد الذين لقحوا ضد الفيروس كورونا في الولايات المتحدة عشرة ملايين شخص والادارة الجديدة منهمكة في ايجاد طرق للاسراع في توزيع ، وحقن اللقاح كي يبلغ العدد في اليوم المئة أكثر من مئة مليون ، وعلت أصوات طبول التلقيح ضد الكورونا ، فتنهمك فرق عمل جو بايدن كي تحقق انجازات على صعيد السياسة الخارجية ، وبالطبع ينغمس الديموقراطيون في الكونغرس في محاكمة ترامب ، وتأمين الموافقة على الاسناد المالي الذي طلبه بايدن لانعاش الاقتصاد وعجلته في زمن الكورونا ، ومعركة الانعاش الاقتصادي كبيرة كون المبلغ المطلوب من الرئيس بايدن لهذا الغرض كبير جدا ، ويخلق هذا المبلغ احراجا كون الديمقراطيين في زمن ترامب عارضوا دفع مبالغ كبيرة للتعويض ، وللانعاش .

وينتهج بايدن سياسة داخلية ، وخارجية وجهها الآخر شطب آثار ترامب ، وسياساته في كافة الميادين ، وسنحاول هنا أن نحلل هذه السياسة بشقها الخارجي ، وسنركز بطبيعة الحال على الشرق الأوسط ليس لأننا في وسطه ، بل لأن الشرق الاوسط أصبح ، وسيبقى لفترة طويلة المركز الأساسي للصراع الدولي والاقليمي ، ومحاولات الصهيونية الهيمنة على أية لحظة يأخذ المتصارعون فيها استراحة المحارب ، ولقد قطعت الصهيونية العالمية ، وأداتها الاجرامية الدولة العنصرية ” اسرائيل ” ، قطعت شوطا كبيرا في تهيئة البنية التحتية لهذه السيطرة ، التي تأمل من خلالها أن يصبح الشرق الأوسط يهوديا من حيث الانتماء المسيطر والمستعبد للآخرين عن دائرة صنع القرار ، أو حرية التصرف والحركة ، هم يستهدفون أن تكون بلدان الشرق الأوسط تحت سيطرتهم ، وأن يتحول الشرق الأوسط الى منطقة النفوذ والسيطرة اليهوديين الصهيونيين .

نهج بايدن ( الأقرب لما سنه من قبل اوباما ) ، يختلف عن نهج ترامب ، وليس هذا فقط بل ان أسس النهج الجديد ، هي أسس تدمير نهج ترامب واعادة الولايات المتحدة الى موقفها السابق لكي تبدأ مرحلة مابعد المئة يوم …. أعلن بايدن الخطوط العريضة لسياسته الخارجية ، ولم يخف على أحد أن حلقتها المركزية ، هي ايران ، وعنوان ذلك الاتفاق النووي الايراني ويهدف بايدن الى العودة للتفاوض مع ايران دون معارك ، أو حروب مباشرة مع ايران ، أو حتى تهديدات كما فعل ترامب ، بل من خلال السبل والطرق الدبلوماسية ، وضغوط الحروب في أماكن اخرى ، ففي خطابه القصير حول السياسة الخارجية يلاحظ أن بايدن ابتعد عن الحديث عن الصين كخطر أول ، ومباشر على الولايات المتحدة كما فعل ترامب طوال مدة رئاسته ، وأعاد بايدن لذهن الاميركيين أن العدو الأساسي للولايات المتحدة هي روسيا فهي مصدر الخطر على حلفاء واشنطن الاوروبيين ، وهي التي تحاول أن تملأ الفراغ الذي تتركه الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ، وتحدث عن التفاوض مع ايران للوصول الى اتفاق جديد حمله بايدن الحدود القصوى لما تستهدفه واشنطن وهو يعلم أن التفاوض ( الذي يريده ) يحقق له أقل بكثير مما يطلبه وسيكلفه ثمن أخطاء ترامب ، لكنه لايبالي لأنه يعلم أن الاميركيين بشكل عام لن يروا ، ولن يلفت انتباههم سوى نجاحه في بدء التفاوض مع ايران – الشيء الذي عجز عنه ترامب بكل الخطوات العسكرية ، والتآمرية ، والعقابية التي اتخذها ضد ايران ، ورغم تعاونه الوثيق والميداني مع اسرائيل لارتكاب عمليات ارهابية خطيرة ضد ايران – ينتظر الجميع من ايران أن ترد عليها ، وأن تثأر للقائد سليماني والعالم زادة .

كيف يترجم بلينكن سياسة بايدن : موسكو ، هي العدو الخطر لواشنطن لذلك يحرك وزير الخارجية بالتعاون مع مجلس الأمن القومي وهيئات استخبارية مختصة كل الدواليب ضد موسكو ، وهذا يشمل الداخل ، والمحيط ، والخارج الروسي .

داخليا : لم تتوقف الخارجية الاميركية ، وكل هيئات الادارة عن تشغيل الاوركسترا المعهودة حول عميلهم ، الذي ادعى انه سمم ، وتبين كذبه ، وعاد بعد شحنه ، وتأمين الأموال ( كاش ) من خلال مليارديرية صهاينة روس بعضهم قريب من الرئيس بوتين ليشعل مايسميه الغرب المعارضة المتأججة ، وأذكر هنا استنادا لمعلومات موثوقة ان هنالك تعاون وثيق حول تفجير الوضع الداخلي في روسيا بين واشنطن وتل ابيب ، ويعود هذا لامتلاك اسرائيل شبكة تجسس وعمالة قوية في روسيا قوامها الأساسي صهاينة روسيا ، وتمويلها من أغنياء هؤلاء الصهاينة الروس  وستتكشف يوما صحة ما نكتبه لثقتنا بمصدرنا – ان اسرائيل تمكنت من سرقة أسرار عسكرية خطيرة ومعدات خطيرة من روسيا من خلال هذه الشبكة ، التي زاد نفوذها وتأثيرها على القرار الروسي مؤخرا بسبب المليارات من الدولارات ، التي دفعت لمسؤولين في مواقع حساسة في روسيا ، ونتحمل مسؤولية مانكتب لنضيف :

( ان مصادرنا الروسية المخلصة ، والموثوقة بدأت تتلمس خيوط مخطط خطة لاغتيال بوتين قبل ، أو أثناء حملته الانتخابية ، وان من الأسلحة المتوفرة للشبكة الاسرائيلية طائرات مسيرة بعضها سرق من مواقع حساسة عسكرية روسية ) ، الوضع الداخلي في روسيا مستهدف عبر هذه الشبكة ، وأموالها و ( أتوقع أن يستخدم نتنياهو ذلك للضغط على روسيا حول سياستها في الشرق الأوسط ) ، وفي المحيط ستبرز باستمرار مشاكل في اوكرانيا ، وبين ارمينيا وأذربيجان وقد تفعل شبكات التجسس ارهابا داخليا بعمليات تفجير يجند لها بعض المتطرفين مثل الذين التحقوا بداعش ، أو غيرهم ، لكن كما قلنا الشرق الأوسط ، هو المركزي بالنسبة لواشنطن ولذلك ، هو مركزي بالنسبة لروسيا أيضا ، ويعتبر بايدن ان روسيا تتحدى السيطرة الاميركية على الشرق الأوسط ، وتنتظر الفرص لملء الفراغ في أي مكان ، وتراقب واشنطن بدقة وبالتفاصيل كل حركة وتحرك روسي سواء مع السعودية ، أو على أرض الميدان في سوريا وليبيا لذلك سوف نرى توترا في علاقات واشنطن وموسكو في أكثر من مكان ، وسوف نشهد كذلك توترا في العلاقات الاوروبية الروسية خاصة من دولة أو قادة سارعوا للالتحاق بواشنطن في السياسة الخارجية بعد خروج ترامب من البيت الأبيض ، وشاهدنا في الأيام القليلة الماضية عدة حوادث تصادمية بين القوات الروسية ، والقوات الاميركية في شمال وشرق سوريا ، وشاهدنا المناكفة بشأن العميل الاميركي ” المعارض ” ، الروسي اليكسي نافالني ، والمطالبة بالافراج عنه !! ، وشاهدنا العزف المشترك الاميركي الاوروبي لهذا اللحن المعزوف ، وكذلك بشأن الدبلوماسيين الالمان ، والسويديين ، والبولنديين الذين طردوا بسبب دورهم في التحريض على التظاهر ، والرد على الاجراءات الروسية ، لكن الحوادث الأخطر هي تلك التي جرت في سوريا ، وستتصاعد ، فقد سبق أن أعلن ترامب انسحاب القوات الاميركية بعد أن أنجزت عملها ،ومسحت داعش من الوجود ، وقتلت قائدها ، وان من سيبقى من الجنود هم لحماية حقول النفط والغاز السورية في الشمال الشرقي لسوريا ” الحسكة ودير الزور والقامشلي ” ، وذلك لحماية قسد ، التي تعمل بشكل غير شرعي مع شركة اميركية لتشغيل الحقول ، وتطويرها ، وتصدير النفط والغاز نهبا لثروات الشعب العربي السوري لكن بايدن أعلن أن جنوده في سوريا ليسوا لحماية حقول النفط والغاز ، وأمر ببناء قاعدتين ومطارين عسكريين في شمال شرق سوريا ، وعزز القوات بنقل 900 ، جندي وضابط من العراق الى سوريا ، وأمر قسد بتسليمه الداعشيين الذين سلحوا ، وأطلقوا للقيام بعمليات ضد القوات السورية في المنطقة ، وفي العراق ، وزاد هذا من احتكاك القوات السورية مع القوات الاميركية ” دون اصابات ” ، أثناء الحرب الباردة ، وبعدها حدثت صدامات ، واحتكاكات كثيرة وخطيرة ، لكن الأمور كانت تسوى عبر التنسيق الروسي الاميركي ! ، فهنالك اتفاق استراتيجي يتضمن حلا سريعا ، وهادئا لأي احتكاك ، ويتضمن كل طرف للطرف الآخر بنواياه ( بما في ذلك شن الغارات أو الهجمات ) ، في المناطق التي تتشابك فيها المصالح .

يقول مستشارو بايدن : الروس يحاولون أن يحلوا محل واشنطن في سوريا ، واستأجروا قاعدة بحرية في طرطوس ، لكنهم تمددوا بقاعدة جوية ، والآن يحاولون مع الأكراد في شمال سوريا حيث قواتنا ، انهم يتحدثون وكأن سوريا لاعلاقة لها بالأمر ، وان الموضوع هو التنافس ، أو العداء الروسي الاميركي ، ولذلك يجب أن نتوقع تصعيدا لايصل الى الاشتباك …. بايدن يريد السيطرة على شمال شلاق سوريا ليس من أجل النفط ؟!! بل من أجل الضغط على تركيا وبما ان سياسته الخارجية تستند للدبلوماسية ” المدعمة بالواقع الميداني ” ، فسيحاول اقناع تركيا بالتخلي عن علاقتها ” العسكرية أساسا ” ، مع روسيا والعودة لأحضان واشنطن مقابل وقف دعم ” الحكم الذاتي ” ، للأكراد ووقف الدعم العسكري لقسد شريطة أن يتخلى اردوغان عن اس 400 وشراء بدائل اميركية ، ( هذا احتمال ) ، لأن جذب تركيا سيشكل ضغطا كبيرا على ايران على الأرض السورية .

في القضايا العالمية الكبرى يلعب العدوان الروسي ، والاميركي لعبة ” تبادل الخدمات ”  والقضية الراهنة الكبرى ، هي ايران ، فرغم كل ماينشر حول الوساطات ، والدول الضالعة  (قطر – عمان – سويسرا – اليابان ) ، فان اللاعب الأكبر ، الذي تعتمد عليه الادارة الاميركية في ” لحلحة ” ، الموقف الايراني ، هو ” روسيا ” ، ويتضح ذلك من خلال تكتيك اللقاءات الايرانية الروسية ليس من باب ” الاعتيادي ” ، أن يقوم رئيس مجلس الشورى بزيارة رسمية لموسكو ، فهو لم يخرج اطلاقا في أي مهمة خارجية ، وهذه هي المرة الاولى والى موسكو ذلك يوضح الأهمية القصوى للدور الروسي ، وكان ظريف وزير الخارجية قد زار موسكو ، وتباحث حول الاتفاق النووي ، رئيس مجلس الشورى حمل رسالة من آية الله خامنئي المرشد الى الرئيس بوتين حول موقف ايران من الاتفاق النووي ، وهذه هي قمة الاتصالات غير معلنة المضمون في ميدان الوساطات لعقد اجتماع لل4+1 ، ولم يأت تصريح سفير روسيا في الأمم المتحدة ” وهو موجه لاميركا ” ، دون ارتباط بهذه المباحثات التي أجراها رئيس مجلس الشورى محمد باقر فاليبان مع المسؤولين الروس ، والتي حمل خلالها رسالة من قائد الثورة المرشد علي خامنئي للرئيس بوتين ، تصريح السفير ، هو دعم مباشر وصريح لموقف طهران :

( يجب أن تعود كافة الأمور كما كانت قبل انسحاب ترامب من الاتفاق النووي ) ، ولم يأت تصريح عضو الكونغرس الاميركي ، الذي ” رحب بنية الرئيس بايدن العقوبات عن ايران والعودة للاتفاق النووي ” ، وسيحاول بايدن أن يثبت مصداقيته بدفع قراراته حول اليمن للأمام ( وقف اطلاق نار ومفاوضات حول السلام ) ، وتشير معلومات خاصة الى أن اتصالات قد تمت بين أطراف ذات صلة بالرئيس بايدن ، ووزارة الخارجية الاميركية مع أنصار الله ، وان الاوروبيين بحثوا مع عبد ربه في عدن وقف الحرب والمفاوضات ، لكن عبدربه اعترض على الغاء بايدن لوصف أنصار الله بالارهابيين ، ويحاول وزير الخارجية أن يكتفي بالاعلان الصادر سابقا حول تأييد حل الدولتين ، ويتهرب من الدخول بأي تفصيل لأن اجابات قد تشطب ما تنجزه واشنطن على أكثر من صعيد واحد اليمن وايران ، وحتى الآن أثار استياء نسبيا عندما صرح أن القدس ستبقى موحدة ، وعاصمة لاسرائيل ، ولن تنقل السفارة منها  ورفض تحديد موقف من الجولان ، وبقيت الأمور عند تأييد حل الدولتين ، لكن جامعة الدول العربية ” السعودية ” ، أصدرت بيانا تجدد فيه أن القدس الشرقية ، هي عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة ، وهذا يلعب دور المحذر لواشنطن من أن المبادرة العربية سوف تكون الأساس اذا أرادت للسعودية أن تطبع مع اسرائيل ( أيد بلينكن وزير الخارجية الاتفاق الابراهيمي ) .

سوف تبدأ مفاوضات حول الاتفاق النووي بعد أن يعلن أن هنالك جدولا لرفع العقوبات عن ايران ، وكانت ايران قد أعلنت أنه من الممكن ترتيب آلية لرفع العقوبات ، والعودة للمفاوضات بشكل متزامن ، هذا يثير قلقا شديدا لدى الاسرائيليين ، الذين يحاولون وضع خطط لكل احتمال ، ويصرون على ضرب المنشآت النووية الايرانية حتى لاتصل الى مرحلة تقربها من انتاج السلاح النووي ، ورفضت سلفا التخلي عن الجولان ، والقدس ، وتتابع مصادرة وضم أراضي الضفة الغربية ، فالى أين تسير علاقة اسرائيل مع بايدن …. الموضوع معقد وشائك لكننا نعلم أن اسرائيل بكل أحزابها ، وعنصرييها يجندون صلاتهم ، واتصالاتهم لاستنفار كل مؤيد وصديق لهم خاصة في اميركا ، وروسيا للوقوف بحزم الى جانب اسرائيل .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى