أقلام وأراء

بسام ابو شريف يكتب – ما يسميه ترامب الباب الخلفي هو الباب الأمامي لايران .. الشعوب ستحول هبوط اسرائيل على سواحل الجزيرة والخليج الى كمين تاريخي .

بسام ابو شريف – 26/10/2020

أعلن ترامب أن خمس دول عربية تنتظر دورها “لتطبيع”، علاقاتها باسرائيل!!

جاء ذلك في معرض استخدامه الوقح لابتزاز السودان لتطبيع علاقاته باسرائيل، رغم ذلك فان “البرهان” لم يتمكن من اعلان التطبيع بشكل واضح وسافر، بل حاول أن يبرر “انهاء حالة العداء”، بمصالح الشعب السوداني ملغيا انتماء السودان لأمته العربية، ومستهترا بموقف الشعب السوداني بكافة أحزابه ونقاباته الداعم لنضال الشعب الفلسطيني، والمدافع عن الحق العربي في تحرير ما اغتصب من أرض العرب، وتفيد معلوماتنا أن مئات الملايين التي دفعها السودان لما سمي بضحايا الارهاب تم من الخزينة السعودية، وأن كل ذلك تم، ولم يشطب اسم السودان بعد من لائحة الدول الداعمة للارهاب .

على كل الأحوال سوف تتحول السودان لنقطة اختبار بارزة للتناقض بين حكام رهنوا أنفسهم ورهنوا البلاد التي اغتصبوا الحكم فيها للتحالف الامبريالي الصهيوني، وحولوا بلدانا عربية مزارع وقواعد لقوات غازية تحاول تدمير الاسلام والعروبة، وبين القوى الشعبية الرافضة للاستسلام والمصممة على النضال والتصدي ودحر تحالف العدو الذي لاهدف له سوى نهب ثروات المنطقة، والسيطرة على موقعها الاستراتيجي عالميا .

من يعتقد بأن قطار الخضوع والاستسلام الذي شحنه أفراد حكمهم المستعمرون ببلاد عربية ودعمهم الصهاينة للخضوع للسيطرة الصهيونية سوف يستمر في الانطلاق والسير بسرعة مخطئ، اذ أن التسريع له هدف انقاذ ترامب ونتنياهو في الانتخابات القادمة في اميركا واسرائيل .

ولمن لايعلم، فان آخر هم للمواطن الاميركي العادي الذي سيصوت، هو اتفاق سلام يقام بين محمد بن زايد ونتنياهو أو ( كما سيتلو محمد بن سلمان ونتنياهو )، حسابات الاهتمام هي في عقول المرشحين، ولذلك قيمة ما يجري ليس برصيده الانتخابي أو مردوده الانتخابي، بل ان أي قيمة لهذه الاتفاقات تكمن فيما ستجنيه اسرائيل من ترسيخ أذرعها في باب المندب ومضيق تيران وفي اليمن، وخاصة سوقطرة، وهذا يتطلب وقتا وسيكون خاضعا لنتائج الصراع بين قوى الاستسلام، التي تمثلها العائلات الحاكمة والموظفة لدى الصهيونية وبين القوى الشعبية المتمسكة بعروبتها وبحقوقها، وعلى رأسها حقها في أرض فلسطين العربية، ولاشك أن هذا التدفق الاسرائيلي، والاسراع بتشكيل الوفود، وتبادل الزيارات، ووضع نصوص الاتفاقات له سبب واحد : هو رغبة اسرائيل وترامب في تحويل هذه الاتفاقات (التي لم يقرأ نصها بدقة أي مسؤول في الامارات أو البحرين أو السودان أو الرياض أو عمان )، ترسيخ وتفعيل هذه الاتفاقات حسب رأي الاستخبارات والخبراء الاسرائيليين يأتي بأمر واقع جديد يجعل يد اسرائيل، هي الطولى في الخليج والجزيرة أمنيا وعسكريا وماليا، وحتى في تقرير توجهات أسواق النفط والغاز .

نتنياهو يلهث رغبة في تفعيل الاتفاقات لخلق الأمر الواقع، وللتأثير على الناخبين، ولمن لايعلم : الناخبون في اسرائيل يريدون رأس نتنياهو لقد ملوا من كذبه، وهو لم يشعرهم لحظة بأنهم في أمان أكثر من قبل !!، ويرون فيه مفسدا وفاسدا، وشريكا لفاسد ومفسد هو ترامب .

هذا من ناحية :

ويرى البعض بأن هجوم نتنياهو، والحاحه على ترامب ” لانجاز “، الاتفاقات مع دول عربية جعل بعض كبار المسؤولين في اسرائيل يزدادون قلقا، اذ يرى هؤلاء في انتشار اسرائيل بهذا الشكل واستحواذها على مشاريع أضخم بكثير مما تتحمل هي والولايات المتحدة سويا سوف يضعف اسرائيل، ويجعلها عرضة أكثر من قبل ” للتكسير “، ويعطي هؤلاء مثلا على ذلك :

صفقة طائرات ف 35 للامارات، الصفقة مسرحية واضحة لكنها للمسؤولين الاسرائيليين مخاطرة واضحة، فان سرب ف 35، الذي سيرسل للامارات هو سرب اسرائيلي الى أن يتم تجميع سرب ف 35 في مصانع التجميع باسرائيل لارسالها كما هي المواصفات التي أرادها غاتس واسبر بموافقة نتنياهو، أما السرب الأول فسيقوده طيارون اسرائيليون تحت غطاء تدريب طيارين من الامارات، ويقول هؤلاء : ان تدريب طيارين سيكشف ككذبة كبيرة لأن طيارين من الامارات تم تدريبهم منذ فترة، وكان فحص الطيارين تم بقصف قطاع غزة، وان وجود السرب بطياريه الاسرائيليين سوف يضر بطبيعة تحضيرات اسرائيل وواشنطن وعملائها الصغار ” الحكام “، لحرب العدوان على محور المقاومة من اليمن لبغداد وطهران ولبنان، ويقول هؤلاء القلقون : ان استراتيجية الباب الخلفي التي أعلن سعادته بها الرئيس ترامب سوف تشتت القوة الاسرائيلية، لابل ستثقل النقل الى معركة مواجهة مع ايران، وهذا سيجعل الباب الأمامي أقل حماية وأمنا، هذا مثال على قلق بعض رجال المخابرات الاسرائيلية وقلق خبراء منها .

وكيف نرى نحن الأمور ؟

الأمور بالنسبة لنا واضحة، ومثيرة للقلق بالطبع، فما يرتكبه بعض الحكام ( غير الشرعيين بمنطق قوانينهم التوريثية، وغير الشرعيين بالنسبة لجماهيرنا العربية كونهم عينوا من الاستعمار، وخليفته الامبريالية بقيادة صهيونية منذ الحرب العالمية الاولى )، ما يرتكبه هؤلاء هو ما كانت ترتكبه عائلاتهم العميلة، لكن ” الأولاد “، يلعبون الخيانة علنا وبتلذذ .

وفي غيهم لايدركون أن الشعوب ترى وتتصرف، ولن تقبل بما يرتكبوه، ما نراه هو نهوض جماهيري تدريجي، وربما بطيء لحركات جهادية جديدة في الجزيرة العربية والدول التي اخترقتها الدوائر الاستعمارية لتوزيع النفط والغاز المنهوب بينها، ولا أستبعد أبدا أن يبدأ تصدي الشعوب لما ارتكبه الحكام ببناء تنظيمات سرية جهادية تستهدف الاسرائيليين والاميركيين وهذا شبيه بما نما في الصين، وفيتنام في فترات من تاريخ نضال الشعبين الصيني والفيتنامي .

نقول حركات سريه جهادية تفاديا لبطش الحكام وسادتهم الصهاينة لأنه تحرك شعبي واسع في البداية لكن الأمر سينشر كالنار في الهشيم، وسيراق دم أمراء وشيوخ وحكام، وستكون هذه الحركات السرية قابلة للتحول الى حركات جماهيرية شعبية مع التعديلات التي ستطرأ على ميزان قوتها مع الأنظمة، وحكام الأنظمة من الصهاينة .

على صعيد أوسع نرى بوضوح أن ما سماه الباب الخلفي رئيس البيت الأبيض، هو في الواقع الباب الأمامي لايران، التي تسعى واشنطن وتل ابيب لالتهام ثروات وأراضي العرب تحت حجة أن العدو له ايران، وليس اسرائيل، وستكون اسرائيل ” القوى الامبريالية الأقوى”، والتي فرضت سلام القوي على أنظمة عميلة ستكون وجها لوجه مع ايران، وليس عبر سوريا أو العراق أو لبنان أو فلسطين، ولا شك أن ” اضرب واهرب “، معادلة مناسبة لاسرائيل عندما اغتالت العلماء الايرانيين، وضربت مؤسسات نووية وهيئات، وشاركت باغتيال الفريق سليماني والمهندس، لكن اضرب واهرب لن تكون قاعدة عامة للعبة الحرب في الباب الخلفي كما سماها ترامب، أو الباب الأمامي كما نسميها نحن .

الوجه الآخر لعملة ترامب ودولاره الفضي، هو أن يتحول هبوط اسرائيل على شواطئ الجزيرة والخليج كمينا لاسرائيل لاتتمكن معه حتى العودة من حيث أتت !! .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى