أقلام وأراء

بسام ابو شريف يكتب – كيف يصحح بايدن السياسة الاميركية ويمنع وجود ادارة لنصف الولايات المتحدة يقودها ترامب !

بسام ابو شريف *- 18/2/2021

الأزمة في الولايات المتحدة ليست أزمة سطحية أو عرضية ، بل هي أزمة بنيوية لها صلة بجذور مختلفة ، ثقافية ، واجتماية ، واقتصادية لذلك لن يكون سهلا التعامل مع هذه الأزمة اذا اعتبرت أزمة أصوات انتخابية ، وادعاءات بالتزوير ، فالهجوم الذي شنه اليمينيون العنصريون بدعم ، وتشجيع من ترامب كان تحولا نوعيا في الصراع الدائر في المجتمع الاميركي ، وليس تراكما كميا له ، ومن الخطأ الاعتقاد أن هذا الصراع سيبقى بعيدا عما يجول في صدور الجنود ، والشرطة ، والأمن ، فجميعهم ينتمون للمجتمع الاميركي الذي تتقاذفه الصراعات العنصرية ( وأحيانا تكتسب صبغة الصراع الطائفي ) ، وجميعهم لهم عائلات اميركية ، وتنتمي لطبقات اجتماعية مختلفة ، فلماذا يعتبر البعض أن الجيش والشرطة والأمن سيكونون بعيدين عن هذا الصراع ( ولا ننشر أسرارا اذا قلنا أن محاولة اقتحام الكونغرس شارك فيها رجال شرطة ، ورجال من الحرس الوطني رغم محاولة عدم نشر هذه الحقيقة على نطاق واسع خوفا من جعل الصراع في صفوف الجيش ، والشرطة ) .

ويعرف ترامب تمام المعرفة بما يدور ، فقد أعلن سلفا أنه سيترشح لانتخابات 2024 ، دون قرار من الحزب الجمهوري ، وقافزا على كل تقاليد الحزب ، وقيادته ، كان يعلم أنه يمسك بعنق قيادة الحزب من كل النواحي ، فهو يهددهم بفقدان مناصبهم ، وتحويلهم الى عاطلين عن العمل ان هم لم يطيعوه ، ويقفوا بشكل حازم الى جانبه ، وبوقوفهم الى جانبه ثبت ترشيحه للعلم 2024 ، لكن ترمب سيخوض أكثر من معركة قبل العام 2024 ، فهو من النوع الحقود والذي يسعى للثأر ، ولذلك انغمس منذ أن برأه الكونغرس بتشكيل حكومة موازية تعمل في الظل ، وراح تحت ستار الحملات لانتخابات الكونغرس القادمة ينظم جماعته ، ويمدهم بالأموال لشراء السلاح ، ويجب ألا نستبعد سرقة مستودعات الجيش الاميركي ( على يد جماعته في الجيش ) ، لتوزيعها على عصاباته العنصرية ، ترامب يتحرك بسرعة لبناء ادارة موازية لادارة بايدن ، وسيحاول أن يعرقل على قرارات بايدن مباشرة ، أو تآمرا ، ولاشك أن ترامب يشعر بأنه حر في اتصالاته ، التي تدر عليه المال ” كولي عهد السعودية ” ، لتمويل انقلابه القادم ، لكن أهم أسلحة ترامب في مواجهة بايدن هي اللعب بالنار ( اعتمادا على حلفائه الاسرائيليين والخليجيين ) ، لتعطيل عودة واشنطن للاتفاق النووي ، وبدء مفاوضات تعيد لايران حقوقها المسلوبة ، وايقاف حرب اليمن ، اذ أن هاتين المسألتين المركزيتين هما القادرتان على كسر ظهر مشروع ترامب ، وهنا نأتي الى سياسة بايدن البطيئة ، بايدن لايدرك ( بسبب اختراق من يقدم له التقارير ) ، أن العودة للاتفاق النووي يجب أن يتم بسرعة حتى يتحرك قطار سياسته الجديدة ، اذ دون ذلك سيتمكن ترامب من تعطيل القطار لمدة أطول .

ان من يريد أن يغير نهجا سياسيا بأكمله تجاه ايران عليه أن يتخذ خطوات عملية دون وجل بل بشجاعة قد تبدو في بعض جوانبها مجازفة لأن هنالك أطراف تسعى لمنع بايدن من تغيير سياسة ترامب تجاه ايران خاصة في قيادة الجيش الاميركي ، ورئاسة الأركان للقوات المشتركة ( ضباطها لاعمل لهم الا شن الحروب ) .

بايدن سينجح ان هو أعلن فورا العودة للاتفاق النووي كما كانت الأمور قبل الانسحاب “ترامب ” ، وهذا يعني رفع كافة العقوبات التي فرضها ترامب على الشعب الايراني ، وأن يلي ذلك لقاء سريع لبحث جدول أعمال المفاوضات ( 5 + 1) ، وبعد أن تعلن ايران عن التراجع عن كل خطوات خفض الالتزام ببنود الاتفاق ، وفي الوقت ذاته وحتى يرسخ بايدن خطوطا سياسية استراتيجية لابد من الاعلان بأن مفاوضات الشرق الأوسط للسلام يجب أن تقوم على أساس تطبيق قراري 242 و338 ، وبمشاركة اوروبية ، وروسية ، وربما دول عربية ، وذلك حتى لايترك الأمر معتمدا على واشنطن فقط ، هكذا ينجو بايدن ، ويستمر والا فان الداهية ترامب لا يتورع عن اشعال صراع مسلح ( ربما يشارك فيه الجنود والشرطة ) ، للاطاحة ببايدن !! .

أما الخطوة التالية المهمة ، التي يجب على بايدن التحرك فيها بسرعة ، فهي مركزية وقف الحرب في اليمن ، اذ أن وقف الحرب سوف تراكم للرئيس بايدن مصداقية عالية في وجه كل التآمر، الذي كان يحيط ترامب به العلاقة مع السعودية ، ودعم الحرب على اليمن ، وتشجيع ارتكاب الفظائع ضد شعب اليمن ، وأطفاله ، وهذا الأمر يجب أن يبدأ بفك الحصار عن اليمن وفتح مطار صنعاء ، واخلاء سبيل ناقلات النفط لتزويد اليمن بحاجته ، والدعم السريع للمستشفيات ، والمدارس ، والمؤسسات التي تخدم الشعب الذي طال عذابه ، وامتدت آلامه سنوات ، لقد أعلن بايدن قراره بوقف الحرب ، ووقف شحنات السلاح لكنه لم يوقف ارسال الذخائر .

لقد أعلن أنصار الله أنهم يدافعون عن اليمن لأن المعتدين يقصفون الشعب بأكمله ، ويحتلون جزء من أرض اليمن ، ولذلك فان وقف الحرب يتطلب أولا وقف العدوان بكل أشكاله التدميرية ، والحصارية ، والتجويعية ، ولاشك أن خروج القوات الأجنبية من كافة أنحاء اليمن شمالا ، وجنوبا سيكون شرطا من شروط الشروع في مفاوضات يمنية يمنية لايجاد حل سياسي للصراع ، وبايدن سيربح مصداقية ، ومعركة ضد ترامب ان هو أتبع الكلام بالفعل وأوقف الحرب ، وفك حصار اليمن ، ولاشك أن الغاء قرار ترامب بوصف أنصار الله بالارهابيين خطوة ايجابية ، لكنها تفقد تأثيرها ان لم يتبعها بايدن بخطوات سريعة لوقف الحرب ، وقبل انقضاء المئة يوم الاولى.

من المهم أن يفهم بايدن ان ربح المعركة الداخلية في الولايات المتحدة يبدأ بربح معارك خارجية شكلت ، ومازالت حلقات مركزية تؤثر على أوضاع الولايات المتحدة الاقتصادية والسياسية ، والعسكرية ، لقد ترك له ترامب لوائح طويلة من الجرائم ، التي سوف ينتقم لها ضحاياها ، وعليه أن يأخذ هذا بعين الاعتبار ، فاغتيال زادة ، وسليماني لن يمر دون عقاب  وكذلك ردود على جرائم اخرى ارتكبها ترامب ……… ما لم يفعل هذا الرئيس جو بايدن ، فانه سيعاني من الأزمات الداخلية على مدى اربع سنوات حكمه …. ( ان لم يتعرض للاغتيال على يد متطرفي الجنس الأبيض ) .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى