بسام ابو شريف يكتب – سيتابع نتنياهو تنفيذ المخطط .. وضرب حزب الله بالجيش هدف من أهداف واشنطن وشن عمليات اغتيال وتفجير لاثارة الفوضى بلبنان

بسام ابو شريف 27/11/2019
بتوتر شديد وبلهجة الديكتاتور المهيمن على الكيان واجه بنيامين نتنياهو اتهامات المدعي العام والمستشار القانوني للحكومة الصهيونية ، وفي ثورة الغضب هذه قال نتنياهو ماينبئ حول المهمة التي كلفه بهاالتحالف الاميركي الرجعي القيام بها ، فقد قال : ” سوف أقود اسرائيل للحغاظ على أمنها ” ، واتهم الذين وجهوا له تهمة الفساد والرشوة وسوء الائتمان بأنهم ينفذون انقلابا ضده شخصيا ، وانه سيتصدى لهم وأعلن عن نيته رفع قضية ضد متهميه ، وحدد بعضهم باشارته لضباط في جهاز الشرطة .
لاشك أن ماجرى ، هو بداية مرحلة جديدة من حياة الكيان الصهيوني ، فهذه هي المرة الأولى التي توجه قيها اتهامات محددة ( عقوبتها السجن ) ، لرئيس وزراء وهو في موقعه كرئيس وزراء ، وهنا تتشابه حالة نتنياهو من هذه الزاوية بحالة حليفه دونالد ترامب الذي وجهت له تهمة استغلال منصبه لمآرب انتخابية عبر ابتزاز اوكرانيا بربط دفع المساعدات المقرة لها بفتح تحقيق ” قرره ترامب شخصيا ” ، حول صفقات أجراها بايدن ” منافسه الانتخابي ” ، مع اوكرانيا وربط دفع المساعدات المقرة من الكونغرس لاوكرانيا بفتح التحقيق مع بايدن وحول صفقاته ، فالاثنان يواجهان مشكلة سياسية لايمكن وصفها بأقل من ” غير مضمون ” ، والمأزقان اللذان يعيش فيهما ترامب ونتنياهو يؤثران سلبا ، وبشكل متصاعد على الوضع النفسي والسياسي والاجتماعي داخل المجتمع الاسرائيلي ، فكلما اهتز موقع ترامب في الولايات المتحدة يشعر الاسرائيليون بأن مستقبلهم يهتز أيضا ، وكذلك جمهور الليكود عندما يهتز وضع نتنياهو ، ولهذا القلق الاسرائيلي حول المستقبل ارتداداته على نتنياهو ونفسيته “المعقدة منذ النشأة ” ، وقد يدفعه لتصرفات غير محسوبة لرفع معنويات أنصاره وربما لرفع معنوياته هو أيضا ، لكن الانعكاس الأساسي لهذا الوضع على نتنياهو تركز حتى الآن على الاستمرار بتنفيذ المخطط الذي وضع بشكل مشترك بينه وبين ترامب وبعض الدول العربية لشن هجوم على محور المقاومة ، وذلك بهدف التصدي لميزان القوى االذي اختل خلال العام المنصرم لصالح محور المقاومة في المنطقة كلها .
ورغم أن محور المقاومة لم ينزل الهزيمة بصفوف حلف واشنطن – تل ابيب – الرجعية العربية الحاكمة الا أنه أجبر هذا التحالف على التراجع ، ومنعه من تحقيق انتصارات ولو صغيرة على محور المقاومة ، فماهو المخطط ؟ وكيف تسير عملية الدفع لتحقيق أهداف حلف واشنطن – تل ابيب – الرجعية العربية ؟ ومن يساوق هذا الحلف أو هو طرف من أطرافه ؟
قلنا في مقال سابق ان التوجه العام ، هو اللجوء لاستراتيجية جديدة لاتتخذ استخدام الجيوش طريقا للتنفيذ بل ان التنفيذ يتم بالأسلوب القديم الجديد وأن تكون ” اللعبة ” ، داخلية شكلا وانها تشمل اضافة لذلك اغتيالات وعمليات قصف خاصة ومموهة ، وذلك لانهاك واستنزاف محور المقاومة ، ونستطيع أن نفصل هنا لنرى أن الهدف هو خلق جو جديد وميزان جديد يتيح لترامب طرح مالم يطرحه بعد من بنود صفقة القرن .
وهنا نستطيع أن نقرأ أهداف الخطة التي يجري تنفيذها من خلال جمل بومبيو ( الذي يرتعد من احتمال طرده من وظيفته ) ، فقد نشط بومبيو وبشكل مقطوع الجذور عما يشغل بال البيت الأبيض والرئيس ترامب في ميدان الشرق الوسط وراح يكشف ” بتوتر شديد ” ، الأهداف المرجوة هدفا وراء هدف : –
1- ايران : بذل التحالف كل الجهود والأموال وجند عملاءه والمتساوقين معه لاثارة فوضى في ايران يمكن أن يجيرها التحالف العدو الى ثورة شعبية ضد النظام عبر وسائل الاعلام التي يمتلكها ويتحكم بها ( لكن هذه المحاولة فشلت وتقوم ايران الآن بملاحقة واشنطن ودول الذي يجربون التدخل في شؤون ايران الداخلية ) .
2- قصفت اسرائيل مستفيدة من أجواء الاردن والعراق أرتالا ومددا ايرانيا في منطقة باب الهوى، وأصابت مواقع للحرس الثوري وأفرادا ( وحسب يديعوت احرونوت ذهب ضحية هذا الاعتداء أكثر من عشرين عسكريا ايرانيا ) ، ولم ترد حتى الآن ايران على هذا الاعتداء أو الاعتداءات التي نفذت ضد مواقع لها في محيط دمشق أو استغلال التدخل في ” القدسية ” ، قرب دمشق .
طبيعي جدا أن يخرج الى شوارع طهران متظاهرون يحتجون على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ، لكن ليس طبيعيا أن يحاول البعض استخدام هذا الاحتجاج لالحاق الدمار والحرق بمؤسسات هي ملك للشعب ، فالاحتجاج الشعبي سببه الحصار الاميركي وعدم وفاء اوروبا بالتزاماتها ، وهذا يجعل السخط الشعبي موجها لواشنطن وحلفائها المتسببين بالأزمة والوضع المعيشي الصعب ، والذي أجبر الدولة لرفع سعر المحروقات كي تساعد العائلات ذات الدخل المنخفض .
سوريا : كلفت اسرائيل باستخدام أحدث ما تملكه اسرائيل من طائرات وصواريخ لتجاوز الدفاعات الجوية السورية ، وضرب أهداف سورية وايرانية ومحور المقاومة على الأرض السورية ، وذلك بعد اتمام نشر القوات الاميركية في حقول النفط والغاز، وتمكين مئات من عناصر داعش من الهرب الى داخل سوريا مستخدمين مخازن أسلحة سرية وخزنات أموال وزعت في المناطق الصحراوية ، وقامت بتشجيع النصرة وغيرها من التنظيمات العميلة للعودة الى عمليات القصف للمواقع المدنية في مدن الشمال ” حلب وغيرها ” ، بطبيعة الحال تستغل واشنطن واسرائيل أوسع استغلال الفوضى في شمال سوريا والذي يمكن مواجهته باتفاق يؤسس لضوابط وحدود ، ويلوح هذه الأيام الرئيس التركي اردوغان بتجديد العملية العسكرية بسبب عدم انسحاب المسلحين الأكراد ، فيأتي هذا بعد زيارته لواشنطن والاعلان عن ” اتفاق الطرفين ” ، ونلاحظ أن اعلان اردوغان هذا لم يكن مصدر تعليق من واشنطن بل علقت موسكو بالقول ” انه لن يكون هنالك عملية عسكرية جديدة ” ، وقامت موسكو بخطوة غير مسبوقة باقامة قاعدة جوية في القامشلي لطائرات هليوكيتر ومنظومة دفاع جوية بهدف واضح ، هو مرافقة القوات السورية التي تنتشر شمال شرق سوريا ، لكن هذا لايعني أن الميدان السوري وكل من هو على الأرض السورية ” باستثناء روسيا وتركيا ” ، هو عرضة للعمليات الاسرائيلية !!
العراق : الخطط في العراق تختلف ودور اسرائيل يختلف ، فما خطط للعراق هو فتنة مدمرة وتقسيم لأراضي العراق واستخدام للعشائر وللبرازاني والهيمنة الاميركية الاسرائيلية الكاملة وكل هذا في ظل حملة اعلامية واسعة تصور التحرك الشعبي وكأنه تحرك ضد ايران ونفوذ ايران في العراق ، لكن الأمور بدأت تتكشف وستكشف التتحقيقات المخطط الذي تموله دول خليجية والسعودية ، وذلك لتقسيم العراق وعن اتفاق مع اروغان وعن أن واشنطن ستوقع عقودا مع شركات اميركية لاستخراج النفط والغاز وتسويقه لدفع موازنة قسد وسد ماتكلفته واشنطن في عملها بحماية قسد ومحاربة داعش !!
لكن قريحة بومبيو كانت متدفقة عندما يأتي الحديث عن لبنان وفلسطين ، وهذا يجعلنا نميل الى الاعتقاد بأن اشغال ايران وسوريا ، هو بهدف التمويه عن مركزية الخطة المعدة لضرب حزب الله في لبنان وضم الضفة العربية وبدء عمليات تهجير الفلسطينيين بالقوة في الضفة الغربية والأغوار .
تدخلات واشنطن في لبنان : –
لن ندخل هنا في المعلومات ذات الطابع الاستخباري ، وسنترك ذلك للتحقيقات التي تجري حولها ، لكن سنأخذ مايقوله بومبيو انه تدخل واضح في شؤون لبنان وهو توجيه من خلال البنك الدولي وبشكل مباشر حول تشكيل الحكومة ومعاداة حزب الله ، والاصرار على عدم اشراك حزب الله في الحكومة تمهيدا لمخطط الارهاب ضد حزب الله ، يدل كلام بومبيو على استعجال مخطط لبنان حتى يتم الشروع في خطة الارهاب ” اغتيالات – تفجيرات ” ، وذلك للوصول الى نقطة هامة وحساسة في المخطط ، وهي ” شق الجيش وتحويله ضد حزب الله “
ونرى أن من أهم واجبات الرئيس عون ، هو مراقبة الاتصالات التي أجراها ويجريها اميركيون مع بعض ضباط الجيش ، وتحت عنوان ” المساعدات العسكرية الاميركية للجيش اللبناني” ، فهي تتحول تدريجيا الى مطبخ لخلق صراع بين الجيش وحزب الله .
ولم يتوانى بومبيو عن التلميح علنا الى ذلك بقوله ” الجيش اللبناني يعلم ماذا نقدم له من مساعدات ” ، ومن يراقب بدقة احتفالات يوم الاستقلال يستطيع أن يرى بوضوح مانتحدث عنه .
وعلى صعيد فلسطين : يعلم الجميع ما أثارته تصريحات بومبيو حول المستوطنات ، وعدم اعتبار الولايات المتحدة تلك المستوطنات تتعارض مع القانون الدولي ، وعلى نية نتنياهو واصراره على ضم الأغوار وشمال البحر الميت لاسرائيل من طرف واشنطن وكانها صاحبة القرار بشؤون الشعوب ودول العالم ، وقد آن الأوان أن يقرر العالم تشكيل ” جبهة أمم متحدة ” في وجه قرارات واشنطن ” ترامب ” ، فاذا كانت روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا ، ودول الاتحاد الاوروبي ، ودول العالم يعتبرون قرار واشنطن حول الاستيطان غير قانوني ومخالف لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي فكيف يسمحون بتنفيذه وكيف سيتصرفون حيال ذلك ؟! لابد من تحرك سريع خاصة بعد اعلان الموقف البريطاني الرافض لموقف ترامب وخطاب رئيس الاتحاد الاوروبي الداعي للاعتراف بالدولة الفلسطينية من الدعوة لمؤتمر دولي طارئ لاتخاذ قرار واضح ، وعزل واشنطن وتل ابيب لأن حلفاء اميركاالآخرين لن يقفوا الى جانب قرارها هذا ، وسيكون المؤتمرالدولي منطلقا للرد على كل هذا المخطط .
المبادرة يجب أن تأتي من دول عدم الانحياز ومن أوروبا ، وستلبي روسيا والصين الدعوة .