أقلام وأراء

بسام ابو شريف يكتب – الشهيد جاسم عبدالعزيز القطامي بطل من بلادي

بسام ابو شريف – 22/6/2020

– ابن الكويت، ابن القومية العربية، ابن طلائع الأمة التي ضحت في سبيل توحيد صفوفها ونهوضها وتطورها ورفعة شأنها.

ولد البطل جاسم القطامي في الكويت ( الشرقية ) في العام 1927، وكان ابن عائلة ذات نفوذ ومكانة اجتماعية رفيعة في ميدان العمل البحري ودرس في بادئ الأمر في “الكتاتيب”، ثم انتقل للمدرسة المباركية وأنهى فيها دراسته الثانوية ، وتوجه للقاهرة لدراسة الطب في حال رفض القاهرة ضمه لطلبة كلية الشرطة .

عيناه كانتا تريان طريقا لتقدم الكويت والكويتيين ، وكان قد أخفى سره في داخله كان يتمنى أن يرى الأمن والنظام وحكم القانون يمهد الطريق لنمو الكويت بعد نهضتها ، وتأسيس مجتمع ينعم بالعدالة والأمن والاستقرار ، ويفتخر بمشاركته الفاعلة والمنظمة في النضال العربي العام الهادف لانتزاع الحرية والاستقلال وبناء عزته ورفعته .

الوحدة العربية كانت حلما من أحلامه التي كرس حياته لتحقيقها ، أوعلى الأقل للمساهمة ببناء مداميك أساسية من مداميكها ، لذلك تراه انصب خلال حياته لتأسيس هيئات محترمة وجدية للدفاع عن حقوق الانسان العربي ، وبذل الجهد لتأسيس مركزا للدراسات يعنى بالوحدة العربية ، وساهم بالجهد والمال لدعم الجهود الرامية لرص صفوف الأمة .

تاريخ هذا البطل يفرض عليك أن تنحني اجلالا له ولتضحياته ، ولعمق التزامه بأهداف الأمة العربية ، ولاداعي أن نشير الى ارتباط عقله وقلبه بتحرير فلسطين ، واعادتها لجسم الأمة العربية ، وكان هذا سببا رئيسيا في اقترابه من حركة القوميين العرب التي رأت أن الوحدة العربية هي طريق تحرير فلسطين .

عندما بلغ الواحد والعشرين من عمره نال قبولا للانضمام الى كلية الشرطة بالقاهرة ، وتخرج منها بعد أربع سنوات ليعود بعد فترة لممارسة عمله في دائرة الشرطة بالقاهرة ، ومن ثم عين في دائرة الشرطة الكويتية ، وأرسل للتخصص بالتحقيق الجنائي في انجلترا ، وعندما عاد عين مديرا للشرطة في الكويت وبذل كل الجهد لارساء أسس لعمل الشرطة ، واشاعة الأمن والاستقرار وحماية المواطنين ، وظل وفيا لمبادئه ومخلصا لأهدافه ، ومضحيا في سبيل وحدة صفوف الأمة وفي العام 1956 ، صدرت له الأوامر بقمع المظاهرات التي هدرت بالتأييد لجمال عبدالناصر ومصر أثناء الغزو الثلاثي ( بريطانيا وفرنسا واسرائيل ) ، لسيناء وقناة السويس وضمنها قطاع غزة ، رفض تنفيذ الأوامر وكتب رسالة استقالة حدد فيها الأهداف المشروعة لأبناء الأمة العربية ، وسجل أنه سيحمي المتظاهرين للتعبير عن مواقفهم القومية الشجاعة .

وتزامنت هذه الاستقالة مع استقالة عدد كبير من الأساتذة الجامعيين في جامعات الغرب احتجاجا على العدوان ، ومنهم الدكتور وليد الخالدي الذي استقال من استاذيته في جامعات انجلترا ومنها اكسفورد ، لكن هذه الاستقالة شكلت انخراطا متجددا في العمل القومي الشجاع والعمل الوطني البناء ، فكان جاسم القطامي أول من طالب بوضع دستور للكويت لينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم ، وأول من رفع لواء الديمقراطية بالمطالبة بانشاء برلمان ينتخب الشعب أعضاءه ، وقاد النضال لتحقيق ذلك في الكويت ، وأدى نجاحه الى انتشار الفكرة الشجاعة في دول الخليج والجوار .

وبقي جاسم القطامي على العهد ، وتحول الى مرجعية وأيقونة للقوميين العرب ، وتعاون مع فرع حركة القوميين العرب في الكويت الذي قاده ومازال ” أطال الله في عمره ” ، الدكتور أحمد الخطيب ” أول طبيب في الكويت ” ، زميل الدكتورين جورج حبش ووديع حداد في تأسيس حركة القوميين العرب .

لن أدخل هنا في ذكريات خاصة لأنني أريد أن أسجل للجيل الشاب عناوين لأبطال من أبناء أمتنا لعبوا دورا أساسيا ومؤسسا في نهضة مازالت تندفع للأمام ، ولعبوا دورا كبيرا في توجيه الأجيال نحو العلم والنضال والتضحية في سبيل أهداف أمتنا .

في 29 حزيران من العام 2015 ، توفي جاسم القطامي ” ولا مرد لأمر الله ” ، لكن ذكراه وعمق ما أسسه وبناه سيستمر وسينمو برعاية أجيال أمتنا الشباب .

وأعدكم بأن أكتب لاحقا عن هذا البطل ومواقفه وديوانيته أكثر لتتعرفوا عليه أكثر …. رحم الله جاسم عبدالعزيز القطامي ولأولاده وبناته كل السلوى والصبر على فقدانه ، فقد افتقدته ومازالت أمة العرب بأسرها .

*كاتب وسياسي فلسطيني .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى