بسام ابو شريف يكتب – اعتراف ترامب انه حضر لاغتيال الرئيس بشار الاسد هل يحتم الضربات الاستباقية؟
بسام ابو شريف *- 19/9/2020
عندما نستعرض تاريخ رؤساء الولايات المتحدة ، وحلفائهم المتصلة بقرارات تتعلق بدول وقادة دول تجرأوا على معارضة الولايات المتحدة ، أو على المطالبة بحقوق بلادهم والتخفيف من عمليات النهب الاميركي لثروات بلادهم ، عندما نفعل ذلك نصل الى خلاصة أكيدة أن رؤساء الولايات المتحدة هم أفراد عصابة تحكم اميركا ، وتحاول أن تحكم العالم ، وان كلف ذلك قتل الملايين من أبناء البشر ، قتلة لابد للعدالة أن تصل الى رقابهم .
لقد كتبنا كثيرا حول هذا الموضوع ، لكن كما هي العادة لايلتقط أحد المعلومات ليستخدمها بنضال قانوني يضع هؤلاء الرؤساء ” المافيا ” ، في السجون … بالأمس اعترف دونالد ترامب بأنه كان ينوي قتل الرئيس بشار الاسد … بشار الاسد ، رئيس سوريا المنتخب عارض السياسة العدوانية الاميركية ، ويرفض الانصياع لقرارات واشنطن ، ويقاوم خططها وصفقاتها في الشرق الأوسط ، وله موقف ثوري تحرري يؤيد حق الشعوب في تقرير مصيرها والتحكم بثرواتها لصالح شعوبها ، ويرفض عمليات النهب الذي تمارسه الولايات المتحدة ، وفوق هذا يقف الرئيس بشار الاسد موقفا صلبا وثابتا من العدو الاسرائيلي ، ويبني لمواجهة هذا العدو الذي احتل الأراضي العربية في فلسطين والجولان ، وأعلن بمباركة واشنطن وحاكمها المافيوزو ضم الجولان واراضي فلسطينية ، ومنها الجولان الفلسطيني لدولة الاغتصاب والعدوان دولة الارهاب الاسرائيلي ، أعلن ترامب أنه أعد كل شيء لاغتيال بشار الاسد واستخدم تعبير: – ” رتبت العملية تماما ” ، وكان قد أعلن أنه اغتال الفريق قاسم سليماني المسؤول الايراني الكبير الذي كان يقوم بزيارة رسمية للعراق ، وكذلك القائد المهندس الذي كان باستقباله .
حكام اميركا يغتالون القادة الذين يعارضونهم ، ويناضلون للحفاظ على حقوق شعوبهم ، منذ الخمسينيات أسست المخابرات الاميركية أجهزة مخابرات في البلدان التي ترى أن مصالحها الاستراتيجية ترتبط ارتباطا وثيقا بها ، واستخدمت لهذا الهدف دورات التدريب والكليات الأمنية والجامعات العسكرية لتربية جيل من ضباط الأمن القادمين من هذه البلدان ، وربطهم بوكالة المخابرات المركزية الاميركية ، أو بالاستخبارات العسكرية الاميركية لتنفيذ ماقد يطلب منهم تنفيذه ، وأثبتت الأحداث أن ولاء هؤلاء ” الصفوة المختارة ” ، من تلك البلدان كان للمخابرات الاميركية ، وليس لوطنهم ( والدليل الأكبر كان اغتيال الملك فيصل الذي تجرأ على وقف تصدير النفط مما أدى الى نشوب أزمة كبيرة في الولايات المتحدة ) .
ومع هذه البدايات بدأت علاقة المخابرات الاسرائيلية ( التي كانت أيضا في طور التأسيس ) بالمخابرات في بعض البلدان العربية خاصة تلك التي تتحكم بها الولايات المتحدة الاميركية ونمت هذه العلاقات وتعمقت منذ أن تراجعت الولايات المتحدة عن ما تعهدت به ، وتمويل مشروع السد العالي ، وقاد وزير الخارجية الاميركي جون فوستر دالاس الحملة ضد جمال عبدالناصر منذ ذلك الوقت ، وأصبح عنوان التعاون بين مخابرات هذه الدول خاصة السعودية بعد عام 1956، التصدي لجمال عبدالناصر والنهضة القومية العربية في الوطن العربي وبامكاننا استعراض لوائح طويلة من عمليات القتل والاغتيال والخطف .
اميركا اللاتينية واوروبا والشرق الأوسط
استباحت المافيا الحاكمة في الولايات المتحدة بلدان اميركا اللاتينية ، وحولتها الى ” بقرات حلوب ” ، ونهبت ثرواتها وأجبرت البلدان على أن تتحول الى مزارع للولايات المتحدة وقتلت زعماء وطنيين وثوريين ، وعلى رأسهم تشي غيفارا وسلفادوراليندي في تشيلي ، ومازالت تمارس هذا الارهاب الدموي ، وتفرض عقوبات على كل من يرفض الانصياع لأوامرها واستخدمت كل ما يلزم من صرف أموال ، وتجنيد عملاء لانجاح رئيس للبرازيل يدين يالولاء لها ولاسرائيل ، وحاولت اغتيال مادورو بعد أن سممت تشافيز ، لقد تعاونت المخابرات المركزية الاميركية مع الموساد الاسرائيلي بتسميم تشافيز سعيا لاعادة فنزويلا تحت سيطرتها لاستكمال عمليات نهب ثروات البلاد النفطية ، وجندت المئات من المرتزقة في الدول المحيطة تهيئةلاشعال عمليات ارهابية داخل فنزويلا ، حديث القارة اللاتينية يطول لكنها ساحة رئيسية للمافيا الاميركية .
وفي اوروبا لم يعد سرا أن السي آي ايه كانت تتصرف ومازالت كحاكم مطلق ، فأقامت سجونا خاصة في بلدان اوروبية لاتعرف عنها الحكومات الاوروبية ، وتفرض المافيا الاميركية قراراتها على اوروبا حتى وان كانت تتعارض مع أحكام القانون والقضاء كما جرى مع جورج عبدالله ، فقد رتب الرئيس شيراك مع الجزائر الافراج عن الملحق الثقافي الفرنسي الذي اختطف في لبنان مقابل الافراج عن جورج عبدالله ، لكنه لم يفعل بأمر من واشنطن وعندما أنهى جورج عبدالله الحكم الذي أصدرته المحكمة الفرنسية ، وجاء موعد الافراج عنه أمرت واشنطن فرنسا بعدم الافراج عنه ، ومازال في السجن خرقا للقانون .
والشرق الأوسط ، هو الموقع الخطير الذي مارست فيه الولايات المتحدة بالتعاون مع اسرائيل والعائلة السعودية اجرامها العصابي والدموي أكثر من أي مكان آخر ، منذ صعود نجم جمال عبدالناصر سارعت الولايات المتحدة لاحتواء ثورة 23 يوليو ، وحاولت اظهار نفسها كداعمة للانعتاق من ظلم الملكية والطغاة في الشرق الأوسط ، وحاولت التقرب من جمال عبدالناصر وسجل المبعوث الذي كان يبذل الجهد ” مايلز كوبلاند ” ، في كتاب قصة تلك المحاولة .
لقد قامت الولايات المتحدة بالتعاون مع الموساد والمخابرات السعودية باغتيال عدد كبير من القادة والوطنيين في الشرق الأوسط ، فأنا ” تحليلا ” ، أعتقد أنهم اغتالوا جمال عبدالناصر اذ أن العائلة السعودية اعتبرت جمال عبدالناصر عدوا لدودا يجب التخلص منه ، وازدادت هذه الرغبة بعد أن ساند الانقلاب الذي قام به عبدالله السلال في اليمن ، وقضى من خلاله على الملكية والاقطاع ، وأطاح بعائلة بدر الدين والامام بدر الذي حكم بعد الامام يحيى ، فقد شعرت العائلة بخطر داهم الى جوارها ، وراحت تغدق الأموال على القبائل والعشائر كي تثور على عبدالله السلال ، وتلغي الجمهورية العربية اليمنية .
وهناك من يتساءل بأن اعتراف ترامب بأنه رتب بشكل كامل اغتيال الرئيس بشار الاسد قد يعطي الحق ليس لسوريا فقط ، بل لكل الثوريين في المنطقة بالرد على جرائم واشنطن بعمليات خاصة تعلم الاميركيين أن العنف الثوري ، هو الرد على ارهاب مافيات واشنطن وتل ابيب والرياض …. يجب أن نأخذ هذا الاعتراف لنستدل على برنامج واشنطن ، فهي تحاول الآن شراء بعض الفلسطينيين والسوريين والعراقيين ، واشترت العديد من اللبنانيين لتجنيدهم ضمن مخططها لبسط الهيمنة الاسرائيلية الاميركية على المنطقة ، ونحن نوجه التحذير بشكل خاص لاخوتنا في اليمن بأن اسرائيل والرياض وواشنطن يعدون ويحضرون لسلسلة من عمليات الاغتيال والتدمير.
اتهام ايران بأنها تخطط لاغتيال سفيرة واشنطن في جنوب افريقيا ، هو استباق لتنفيذ عمليات اغتيال وعمليات ارهابية بحجة احباط عمليات أعدها محور المقاومة .
* كاتب وسياسي فلسطيني .