أقلام وأراء

بسام ابو شريف يكتب – اتفاق الامارات – اسرائيل ليس اتفاق سلام بل اتفاق لخلق حلف ضد ايران

بسام ابو شريف 27/8/2020

أخطر الحروب تشن الآن على الشعب الفلسطيني من خلال الأنظمة العربية ، وما يسمى  “جامعة الدول العربية ” ، فهي حرب نفسية هجومية تستند الى دراسات وأبحاث من الممكن أن تكون عشرات من المنظمات غير الحكومية التي تمولها الولايات المتحدة والدول الاوروبية والخليجية تحت بنود مختلفة للتوصل الى مفاصل مؤثرة في معنويات ، وصلابة موقف الشعوب من الغزوة الصهيونية المتمددة ، والتي لم تعد بحاجة للمعارك أو الغزوات العسكرية للتمدد بل تطلق أمامها مجموعة من الحكام التي ارتضت على نفسها أن تركع للصهاينة ، وأن ترضخ للبيت الأبيض الذي سخر كل قوة الولايات المتحدة ونفوذها وعلاقاتها بدول العالم لخدمة الأهداف الصهيونية ، وفي طليعة تلك العلاقات التي سخرها البيت الأبيض لخدمة الصهاينة ومشروع للسيطرة والهيمنة ونهب ثروات الشرق الأوسط علاقات اميركا بأنظمة الخليج وعلى رأسها العائلة السعودية ، التي اغتصبت الحكم في الجزيرة بذبح عشرات الآلاف من أهل الجزيرة وعائلاتها ، وبدعم من بريطانيا وواشنطن التي ورثت عن بريطانيا الجزيرة العربية بعد أن اكتفى المستعمرون الانجليز في ذلك الوقت بايران وعدن والكويت اضافة لابقاء علاقات من الدرجة الثانية بعد واشنطن مع الأنظمة التي نصبت فيها عائلات تركع وتخضع لمن وظفها ( بريطانيا والولايات المتحدة ) .

في كل صباح يستيقظ المواطن العربي الذي يشعر بوسع التآمر على مصيره ومستقبله على أخبار تصلح مادة للأعداء كي يتوغلوا في مخططهم لتحطيم الارادة العربية ومعنويات الشعوب العربية ، وسأذكر بعض الأمثلة مما حصل خلال هذا الاسبوع الذي انصرم : –

– تركيا تقطع مياه الشرب عن الحسكة ، وتتمدد لتصبح دائرة سيطرتها النارية في الشمال السوري 400 كم بدلا من 130 في محيط حرب تعطيش تشنها تركيا .

– تغرق سوريا في ظلام دامس من جنوبها الى شمالها بعد أن نسف الارهابيون خط الغاز العربي الذي يمون بشكل أساسي كل محطات توليد الكهرباء .

– تعرض دوريات ” اللهاية ” ، الروسية التركية لنيران تركية لاتقتل سوى الروس على الطريق السريع في الشمال ” M6 ” ، وتطبق الولايات المتحدة قانون قيصرلتجويع الشعب السوري ، وتمول تركيا ” الارهابيين ” ، بالعدة لاحراق المحاصيل ، وتتمدد القوات الاميركية لاغلاق الحدود العراقية السورية لمنع التبادل التجاري ، وتنهب واشنطن علنا هي ومجموعة من قيادة قسد ريع النفط والغاز السوري من شمال شرق سوريا .

كل هذا يتم دون تحرك فاعل للتصدي لما ترتكبه تركيا والولايات المتحدة ، وهذا أمرلابد أن يكون محرجا لروسيا التي لم تعد تعطي اهتماما لتنفيذ الاتفاقات كما كانت تفعل من قبل ، ولا ندري ان كان لأحداث ليبيا والدور الروسي هناك علاقة بهذا الفتور عن كبح اعتداءات تركيا على الأرض السورية ، ولاشك أن الأمر يتطلب قمة سريعة بين بوتين وبشار الاسد لوضع نقاط على حروف مهمة في هذا الظرف بالذات ، وهو ظرف الانتخابات الاميركية والاسرائيلية ، واذا نظرنا الى العراق نجد أن الكاظمي لم يلتزم بقرار البرلمان العراقي حول جدولة الانسحاب المقرر للقوات الاميركية ، ليس هذا فحسب بل عاد باتفاق على بقائها تحت حجة بناء الجيش العراقي ، واذا أردنا أن نقول الحقيقة فان بناء الجيش العراقي لن يتم للأبد طالما بقي الاميركيون هم القوة المهيمنة على هذه المهمة .

العراق يعتدى عليه من تركيا ومن البرازاني ، ولا يسمح له بأن يكون لديه طيران أو بحرية للرد على العدوان ، ان مهمة واشنطن هي التأكد من أن جيش العراق لن يعود ذلك الجيش الذي تخشى منه اسرائيل …. والذي قاتل في جنين وفي عام 1967 ، يريدون لهذا الجيش أن يكون أداة قمع لكل حركة عراقية أصيلة تلتزم بعروبة العراق ، ومركزية قضية فلسطين وقادرة على الرد على أي اعتداء خارجي ، وعاد الكاظمي بما بما اختتم به ترامب حديثه حول العراق … نحن في العراق للتصدي لايران ، ومخططاتها الارهابية ، أي أن ترامب لم يتردد في قول الحقيقة علنا ، وليس فقط في غرف مغلقة مع الكاظمي ، واذا سألتم وزير الخارجية العراقية عن الحقيقة ، فسوف يخبركم أن بومبيو كان يخاطبه وكأنه موظف لدى واشنطن مما دفع الوزير لتأكيد سيادة العراق أكثر من مرة في المؤتمر الصحفي لأن سيادة العراق على أرضه كانت غائبة في حديث بومبيو حول ما هو مطلوب من بغداد ، لاشك أن الكاظمي شعر بأن ترامب يعامله كوال من قبله على شؤون العراق .

وفي لبنان وبعد أن فجرت اسرائيل ميناء بيروت ، وأعلنت المحكمة الدولية ” المهزلة ”  قراراتها بشأن اغتيال رفيق الحريري ” الذي نفذته اسرائيل ” ، باتهام أشخاص ينتمون لحزب الله طرح الغرب أفكارا وسطية بهدف الهيمنة على لبنان تحت التهديد والضغط ، وهي تبرئة حزب الله ، وقبوله كشريك سياسي في الحكومة على أن يحكم لبنان الامبرياليون الاميركيون من خلال سعد الحريري وجعجع وجنبلاط ، ونستطيع أن نضيف لائحة طويلة من الأمثلة على هجوم واشنطن في كل أنحاء الشرق الأوسط ، الهجوم هذا يتصاعد مع تقلص المدة الفاصلة عن الانتخابات الاميركية ، لكن هذا يجب الا يغيب لحظة واحدة عن ذهن كل مخلص وملتزم بقضايا الامة عن الخطر الأكبر الذي تحيك خيوطه واشنطن ، وتربطها حول أعناق الامة العربية اسرائيل ، وأعني بذلك سلسلة الركوع الرسمي العربي لمخطط الصهيونية للتحكم بالشرق الأوسط : جغرافيا وماليا وثروات طبيعية ، فواشنطن وجوقتها ( بمن فيهم الخونة الذين طعنوا الامة العربية بأسرها ، وارتموا بأحضان الصهيونية ) ، يدعون أن معاهدة السلام بين الامارات واسرائيل ، والتي ستتلوها سلسلة من الاتفاقات المشابهة تعقدها البحرين والسودان وربماغيرها يدعون أنها دفعة تاريخية نحو السلام والاستقرار ، ويتحدثون حول جوهر الاتفاقات الذي يتركز حول الاستثمارات المشتركة ، والتعاون الاقتصادي .

التمثيلية هي لاقناع الامارات بأن ترامب بذل جهدا لاقناع اسرائيل بعدم خطورة تزويد الامارات بطائرات ف 35 لتقع في فخ الاعتقاد بأنها نفس الطائرة التي تملكها اسرائيل بينما هي في الواقع أدنى مستوى من تلك الاسرائيلية بثلاث مراحل على الأقل ، فصاروخ ال ف 35 الاسرائيلي سيسقط ال ف 35 الاماراتي قبل أن يشاهد الطيار الاماراتي على شاشة رادار الطائرة الاسرائيلية التي تحمل نفس الاسم ف 35 .

على كل الحديث هنا يطول حول وسائل اميركا لاطالة الحروب ، وتفعيل عمليات القتل التي ترتكبها أنظمة عربية ضد شعوب عربية المهم أن نرى ” استراتيجيا ” ، ان هذه الاتفاقات  “السلمية ” ، بين اسرائيل ودول خليجية أو مطلة على البحر الأحمر لن تفيد الدول الخليجية اطلاقا ، بل سوف تحولها الى بقرات يحلبها الصهاينة مرتين كل يوم بدلا من مرة واحدة .

فقرة الاستثمارات التي ورد ذكرها واردة ولا أي بند آخر ، فدول الخليج تملك الثروات وقادرة على شراء ما تريد من الأسواق العالمية ، وبأسعار أرخص من الأسعار التي تفرضها الولايات المتحدة فهي ليست بحاجة لشراء أجهزة من اسرائيل تستوردها اسرائيل بدورها من الدول الاخرى ، وهي ليست بحاجة لأموال اسرائيل لاستثمارها في دول الخليج فهي دول تملك المال ، وهنا تبدو المعادلة واضحة فالاتفاق ، هو طريق سريع لنهب دول الخليج من خلال عروض لاستثمار اموالها في بناء مدن استيطانية ومستعمرات تقام في الضفة الغربية وبعد طرد وتهجير الفلسطينيين ، ولشراء قبة حديدية أثبتت فشلها الذريع بعد أن صرفت واشنطن أكثر من 7 مليارات دولار لتصنيعها ، وبقي الباتريوت سيد الموقف ، لكن هذه الأهداف على أهميتها بالنسبة لاسرائيل ، ونهب ثروات المنطقة لا توازي ما تستهدفه من الاتفاقات التي تسمى سلمية مع دول الخليج والبحر الأحمر، فهي بصدد تنفيذ مشروعها لاقامة حلف لمحاصرة وضرب ايران بمال عربي ، ومن أرض عربية ، وبقتلى وجرحى من العرب

اسرائيل تريد أن تجند بشريا وجغرافيا وسياسيا المنطقة تحت لوائها ” الحلف ” ، لضرب ايران ، اذا الاتفاق لايجلب الاستقرار ولا يأتي بالسلام ، ولايحقق للعرب أي مكسب أو هدف ففكي الكماشة الصهيونية التي تريد الصهيونية من أنظمة عربية أن تضغط عليها هما : –

1- فك لتهجير الفلسطينيين ، وضم الضفة ، وتصفية قضية فلسطين .

2- وفك لشن حرب على ايران .

والفكين مفتوحان ومهيآن لتدمير الامة العربية ونهب ثرواتها ، يريدون أن تقود اسرائيل حلفا عربيا يضم السعودية والخليج وشاطئ البحر الأحمر لتحارب به ايران ، يريدون أن يسحقوا الشعب الفلسطيني ، وقضية الامة العربية ، والأقصى ، وأن يحولوا العداء بدلا من اسرائيل نحو ايران …. هذا هو الهدف الأكبر .

ولا يظن أحد أن دهاة الصهاينة لايحسبون حساب عدم نجاح ترامب لذلك هم يسرعون ويريدون اعلان الاتفاقات قبل الانتخابات مقنعين ترامب بأن هذا سيساعده في حملته الانتخابية  والحقيقة هنا ويجب على الجميع أن يدركها أن المواطن الاميركي لايهمه اطلاقا ماذا يدور خارج الولايات المتحدة عندما يصوت في انتخابات الكونغرس أو الرئاسة ، كل ما يهم المواطن الاميركي هو وضعه الداخلي – العمل والضمان الاجتماعي والرعاية الصحية والحريات العامة ومحاربة العنصرية ( لدى نسبة من الاميركيين ) ، بينما لاتهم هذه نسبة اخرى من الاميركيين ، اذا انقطع النفط واضطر الاميركي للوقوف بطابور ليملأ خزان سيارته عندها يهتم بالنفط !!

اذا نخلص الى التأكيد بأن المهتم باقامة هذا الحلف بأسرع وقت هي اسرائيل لأهدافها البعيدة .

اتفاق الامارات مع نتنياهو ليس اتفاق سلام – انه اتفاق تدمير الخليج ودوله ، فنحن اذا دققنا النظر في سيناريو نتنياهو سنجد أن ما يسمونه اتفاق سلام ، هو اتفاق لاغراق الخليج ودوله في حرب مدمرة مع ايران لن تكون ضحيتها الاولى اسرائيل بل دول الخليج ، ولذلك يستعجل نتنياهو دخول العائلة السعودية في هذا الحلف ليضمن هيمنة اسرائيل المطلقة حتى بعد دمارها .

ألا يعي أهلنا في الخليج الى هذا ؟

هل لديهم شك في أن أول المتخلين عنهم سيكون الاميركيين ؟

ترامب قالها أكثر من مرة ” لن نقاتل عنكم ، عليكم أن تقاتلوا ، ونحن نبيعكم السلاح ، وعليكم دفع ثمن حمايتنا لعروشكم ” ، لقد كذب ترامب : لن يحمي أحدا ، ولن يحمي عرشا ، وسيسرع للاتفاق مع الرابح ، وسيدوس على الخاسر .

نحن امة قادرة على الفعل والتأثير ، وابتداع الأفكار ، ورسم الخطط وتنفيذها ، وعلى الامة أن تعلم أن هذا المخطط ، والحرب النفسية المواكبة له والتي طالت الكثيرين بتأثيرها السلبي قابل للدحر، ويمكننا رده الى نحرهم وأن ننتصر عليهم ، ان عدونا لايتوقع من أي من فصائل المقاومة أن يأتي بعمل يجعله يتراجع عن مخططاته ، لابل يتصرف باستمرار وكأنه صاحب القضاء والقدر ، لذلك فان أصابة مباشرة في مرمى العدو من كل جبهة من الجبهات سوف تفقده توازنه تماما كما تفقد عملاقا من الحديد والصلب توازنه بقشرة موز ، فيتهاوى دون أن يتمكن ( من كثرة الصلب والحديد ) ، من اعادة التوازن لنفسه .

هنالك ألف قشرة موز وقشرة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى