شؤون إسرائيلية

برهوم جرايسي يكتب – الاستطلاعات تراوح مكانها وإذا لم تحدث مفاجأة ستكون إسرائيل أمام أزمة حكومية أخرى

برهوم جرايسي – 15/3/2021

قبل أسبوع من الانتخابات، التي ستجري في 23 آذار الجاري، ما تزال استطلاعات الرأي العام توحي بأزمة أخرى في تشكيل الحكومة، فالائتلافالفوري لليكود ورئيسه بنيامين نتنياهو، يحظى بـ 58 مقعدا، ومثلها لمجموع القوائم التي تعارض استمرار حكم نتنياهو، بكل ما تحمله من تناقضات. وفي الوسط، 4 مقاعد مفترضة وليست مؤكدة للقائمة العربية الموحدة، التي على لسان قادتها لا ترفض بالمبدأ دعم حكومة نتنياهو “مقابل مطالب”. وقد فجّرت “الموحدة” في نهاية الأسبوع الماضي، مفاجأة، بتراجعها عن توقيع اتفاق فائض أصوات مع القائمة المشتركة، ما من شأنه أن يؤدي إلى احتمال فقدان تمثيل العرب في الكنيست لمقعد إضافي.

وفي معدل الاستطلاعات، فإن الليكود يحصل على ما بين 28 إلى 29 مقعدا، وتحصل قائمة “يمينا” برئاسة نفتالي بينيت على معدل 11 مقعدا، وقائمتا المتدينين الحريديم، شاس ويهدوت هتوراة على ما بين 15 إلى 16 مقعدا مجتمعتين، فيما تحصل القائمة الأصغر في هذا المعسكر، “الصهيونية الدينية”، على ما بين 4 إلى 5 مقاعد.

وفي المقابل، تحصل قائمة “يوجد مستقبل” برئاسة يائير لبيد، على ما بين 18 إلى 20 مقعدا، وقائمة “أمل جديد لإسرائيل”، برئاسة جدعون ساعر، على ما بين 9 إلى 11 مقعدا، وقائمة “إسرائيل بيتنا” بزعامة أفيغدور ليبرمان على 7 مقاعد، وحزب العمل على ما بين 6 إلى 7 مقاعد. فيما تحصل القائمة المشتركة وفق الاستطلاعات على ما بين 8 إلى 9 مقاعد.

وحسب الاستطلاعات، فإن قوائم ميرتس، و”أزرق أبيض”، والقائمة العربية الموحدة، وحتى في بعض الاستطلاعات “الصهيونية الدينية”، ما تزال تتأرجح عند نسبة الحسم، فإما أن تتمثل كل واحدة منها بـ 4 مقاعد، أو أن تكون قد حرقت عشرات آلاف الأصوات، ما من شأنه أن يعيد احتساب توزيع المقاعد، لأن الأصوات المطلوبة للمقعد الواحد، يتم احتسابها، كالتالي: في المرحلة الأولى يتم تحديد الأصوات المطلوبة لاجتياز نسبة الحسم، وهي 3.25%، من إجمالي الأصوات الصحيحة. وفي المرحلة الثانية، يتم إسقاط الأصوات التي حصلت عليها القوائم التي لم تجتز نسبة الحسم، ويصبح اعتماد حصة المقعد الواحد، بناء على مجموع الأصوات التي حصلت عليها القوائم التي اجتازت نسبة الحسم، ويتم قسمتها على 120 مقعدا. وكلما قلّت الأصوات التي دخلت الاحتساب الأخير، هبط بالتالي عدد الأصوات المطلوب لكل مقعد. ثم تأتي مرحلة ثالثة، وهي لتوزيع المقاعد المتبقية، بعد التوزيعة الأولى، للمقاعد المستكملة من حيث عدد الأصوات المطلوبة للمقاعد الأولى، وتسمى مرحلة توزيع الأصوات الفائضة، لكل واحدة من القوائم الفائزة.

وحسب تقديرات لجنة الانتخابات المركزية، الصادرة في الأسبوع الماضي، فإنه بسبب جائحة الكورونا، وتخصيص صناديق اقتراع خاصة بالمصابين أو بمن هم في حجر صحي، فإن نسبة الأصوات التي سيتم الإدلاء بها في الصناديق المخصصة، وليس في الصناديق المحددة لكل واحد من الناخبين، قد تتراوح ما بين 10% إلى 11%، أي حوالي نصف مليون صوت. وهذه الأصوات يتم فرزها بعد الانتهاء من فرز الصناديق العادية، ونقل نتائجها ومحاضرها إلى لجنة الانتخابات المركزية، والمصادقة عليها. ويتم فرز تلك الأصوات في الصناديق الخاصة، في القدس، ويستغرق فرزها لا أقل من يومين. وفي حال نشبت معوّقات، فإن صدور النتائج النهائية قد يتأخر أياما، بسبب بدء عيد الفصح العبري مساء يوم 27 الشهر الجاري، ويستمر أسبوعا، ولكن يجوز العمل فيه من اليوم الثاني وحتى السادس منه. وهذه الأصوات من شأنها أن تقلب نتائج، خاصة وأن الحديث عن سعي نتنياهو لضمان الأغلبية الهشة، 61 مقعدا من أصل 120 مقعدا، لتكون الأغلبية مرتكزا لتوسيع الحكومة لاحقا.

على المستوى العام، ومع تخفيف قيود الإغلاق، بقدر كبير، وبدء عودة الناس إلى أشغالها، هناك انطباع بأن الحياة بدأت تعود إلى طبيعتها، خاصة وأن نسبة الذين تلقوا الوجبة الثانية من التطعيم في إسرائيل، هي الأعلى عالميا، ومن دون منافس، فحتى الآن تلقى حوالي 4.2 مليون شخص وجبة التطعيم الثانية، يضاف اليهم أكثر من مليون شخص تلقوا وجبة التطعيم الأولى، وهذا من أصل تعداد سكاني ملزم به جهاز الصحة الإسرائيلي، يتجاوز 9.2 مليون نسمة، 28% منهم دون سن 16 عاما وليسوا ملزمين بالتطعيم، في حين أن مئات الآلاف أيضا ليسوا ملزمين بالتطعيم، لأنهم أصيبوا بالكورونا. بكلمات أخرى، حتى مطلع الأسبوع الجاري فإن حوالي 80% من الجمهور الملزم بالتطعيم قد تلقاه، أو أنه دخل المسار بوجبة التطعيم الأولى. وحسب التقديرات، فإن هذه النسبة آخذة بالارتفاع يوميا، ما يخفف من عائق جائحة الكورونا، أمام نسبة ممارسة التصويت في يوم الانتخابات.

ومن مؤشرات عودة الحياة الاقتصادية، كان تقرير دائرة التشغيل الأسبوع الماضي، وقالت فيه إنه منذ قرار فتح الإغلاق، عاد إلى سوق العمل قرابة 186 ألف شخص، وإن 83% منهم هم من كانوا في إجازة ليست مدفوعة الأجر، بمعنى أن غالبيتهم الساحقة جدا عادوا إلى أماكن عملهم. كما أن أكثر من 48% من العائدين إلى سوق العمل هم من الشباب من عمر 34 عاما وما دون. وإن 67.5% من العائدين إلى العمل هم من النساء. ورغم رفع القيود وفتح الأسواق ومرافق الاقتصاد، فما زال قرابة 571 ألف شخص في دائرة البطالة، أو الإجازة ليست مدفوعة الأجر، وهم يشكلون نسبة 13.6% من القوة العاملة في البلاد. وأضافت أن 56% ممن ما زالوا في دائرة البطالة هم ممن فرضت عليهم إجازة ليست مدفوعة الأجر. ولكن حسب تقديرات وزارة المالية، الصادرة في الأسبوع الماضي، فإنه في حال تم رفع القيود كليا، فإن عدد العاطلين عن العمل سيكون عند نهاية العام الجاري، حوالي 260 ألف شخص، الذين سيشكلون نسبة 6% من القوى العاملة.

وبرأي محللين، فإن عودة الحياة الطبيعية ستجعل الناس تهتم بشؤونها الخاصة أكثر، في محاولة لترميم الأضرار التي تكبدتها منذ عام كامل، في منتصف آذار العام الجاري، وحتى الآن. فقد حاول المحلل الاقتصادي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” سيفر بلوتسكر، رسم حالة الشارع الإسرائيلي، من خلال وضعية الحي الذي يعيش فيه. وقال بلوتسكر في مقال له في نهاية الأسبوع الماضي، إن “الحي الذي أعيش فيه هو صورة مصغرة (جزئية) للمجتمع الإسرائيلي. إنه ينتمي إلى جميع الطوائف، ومن جميع الهويات الحزبية، ومن جميع الشرائح الاجتماعية والاقتصادية. على مدار الأسبوعين الماضيين، اكتشفت ذلك، وألمس فيه تغييراً غير متوقع. الجيران في الشارع وفي الحديقة، الذين كانوا قد صرخوا لي قبل شهر: “حسناً، أخبرني، متى ستعود هذه الطفلة إلى المدرسة؟” في الوقت الحاضر فقط التزموا الصمت. إنهم مشغولون بأنفسهم، يعيدون بناء حياتهم الطبيعية، ومترددون في الحديث عن السياسة، وعدم إهانة الحكومة. لست متأكدا كيف سيصوتون. لم يعد يُنظر إلى إدارة الأزمة الاقتصادية وأزمة كورونا كما بدت لهم حتى قبل شهر (على غرار نتائج استطلاعات الرأي) كعامل رئيسي في تفضيل حزب معين في صناديق الاقتراع على هذا النحو”.

وتابع بلوتسكر : “مع كل يوم يمر تتدفق فيه الأخبار السارة بكثرة، تتضاءل حدة الغضب تجاه حكومة نتنياهو”.

ويرى المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” ناحوم برنياع أن نتنياهو ما زال يمسك بكل الخيوط، وكتب في نهاية الأسبوع أنه “بالنسبة لنتنياهو، انتخابات 2021 هي مثل المكعب الهنغاري: يلتفت إلى جانب، يلتفت إلى الآخر، يدير المكعب ويقلب الجهة الثالثة، ولا يحدث شيء، إذا كانت الألوان تعمل في جهة واحدة، فإنها تبدي شغباً في الجهة المعاكسة. لا يستسلم: يدور المكعب مرة أخرى؛ لا تستطيع الفوز ولا توافق على الخسارة. يقنع نفسه بأن الهدف من اللعبة ليس ترتيب المكعب. الهدف هو الاستمرار في الدوران: مرّة رابعة، ومرّة خامسة، ومرّة سادسة. يتعلم أن يستمتع بها. الفوضى تملأه بالأدرينالين. لقد سافر من حدث إلى آخر”.

وتابع بارنياع: “يذكرنا المأزق في استطلاعات الرأي بموقف ترامب عشية الانتخابات الأميركية. لكل ناخب موقف صلب منه: أولئك الذين يؤيدونه. والذين عارضوه.

وإذا كان هناك تحرك في الاستطلاعات فهو داخل الكتل، من المتدينين المتزمتين الحريديم إلى الكهانيين وبالعكس. ومن ميرتس إلى العمل ويائير لبيد، وبالعكس. ولكن بفارق واحد: في أميركا، كان الناخبون من كلا الجانبين مقتنعين بأن تصويتهم كان مصيريا. انطلقوا لإنقاذ الوطن، كل واحد ووطنه. في إسرائيل، تراجعت توقعات السياسيين بشكل حاد. من المحتمل أن من يقرر هم أولئك الذين لن يصوتوا في الانتخابات”.

احتمال فقدان العرب لمقعد إضافي

فوجئ المجتمع العربي، في نهاية الأسبوع الماضي، بتراجع قائمة الحركة الإسلامية، الشق الجنوبي، أو القائمة العربية الموحدة، برئاسة منصور عباس، عن توقيع اتفاق فائض أصوات مع القائمة المشتركة، وكان هذا في الساعات الأخيرة من الموعد الأخير لتوقيع مثل هذا الاتفاق بين الكتل المشاركة في الانتخابات، والغالبية الساحقة من الكتل المرشحة للفوز بتمثيل برلماني وقعت اتفاقيات كهذه.

ومن شأن هذا الرفض أن يُفقد تمثيل العرب في الكنيست مقعدا إضافيا، عدا ما خسروه نتيجة خروج القائمة الموحدة من القائمة المشتركة، ما أدى إلى توتير الساحة السياسية، وبالتالي أدى إلى توقع تراجع نسبة المشاركة في التصويت، من 65% في انتخابات قبل عام، إلى 57% كحد أقصى وفق نتائج الاستطلاعات.

واتفاق فائض الأصوات هو اتفاق يربط قائمتين، ليكون احتساب المقاعد لهما ككتلة واحدة نظريا، وهذا من أجل تخطي حاجز نظام توزيع المقاعد البرلمانية الفائضة التي لم يستكمل عدد أصواتها المحدد، وهو نظام يفيد الكتل الكبيرة، ويُطلق عليه “قانون بادر عوفر”، نسبة للمبادرين لهذا القانون في مطلع سنوات السبعين. بمعنى أن اتفاق فائض الأصوات بين المشتركة والموحدة كان من شأنه أن يزيد احتمالات إنقاذ مقعد إضافي، من المقاعد التي سيخسرها التمثيل السابق للقائمة المشتركة، وكان 15 مقعدا.

وحسب التفاصيل التي نشرت، ولم تنفها القائمة الموحدة، فقد تم الاتفاق على توقيع الاتفاق مساء يوم الخميس، إلا أن ممثل القائمة الموحدة لم يأت لتوقيع الاتفاق، وقُطع الاتصال بين الطرفين. وفي صباح اليوم التالي، قبل ساعات قليلة من الموعد الأخير، وهو ظهر يوم الجمعة، أعلنت الموحدة رفضها توقيع الاتفاق، وأعلنت أنها تشترط على من سيستفيد من الاتفاق، بمعنى نائب إضافي من المشتركة، أن يلتزم بقواعد القائمة الموحدة، وهو شرط لم تعرفه الساحة السياسية في تاريخها.

واتهمت القائمة المشتركة القائمة الموحدة بأن رفضها لتوقيع الاتفاق هو “تصعيد خطير لنهج منصور عباس بالتواطؤ” مع الليكود وبنيامين نتنياهو، بحسب نص البيان.

وتمنح استطلاعات الرأي القائمة المشتركة ما بين 8 إلى 9 مقاعد، فيما تدل على أن القائمة الموحدة، تتأرجح عند نسبة الحسم، التي إذا ما اجتازتها فإنها ستتمثل بـ 4 مقاعد أو أن تخسرها كلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى