أقلام وأراء

بثينة أسعد: تقدير موقف: هل أفرجت إيران عن اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان؟

بثبنة أسعد 19-11-2024: تقدير موقف: هل أفرجت إيران عن اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان؟

تقديم:

تكشف الأنباء عن توجه المبعوث الرئاسي الأميركي، عاموس هوكستاين، إلى المنطقة، عن تحرّك نوعي للمفاوضات بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان. وتدور أسئلة حول قبول حزب الله لبنود مقترح أميركي اعتُبر في تعليقات سابقة يمثّل مسّا بالسيادة اللبنانية. وفيما تُظهر طهران لهجة جديدة منذ انتخاب دونالد ترامب رئيسا لبلاده، فإن أنظار المراقبين تتجه للموقف الذي سيتّخذه نتنياهو في شأن تتقاطع داخله إدارتي بايدن وترامب معا لوقف الحرب في لبنان

نقرأ هذا الحدث في عرض للمعطيّات والخلفيات والتحوّلات التالية:

– أعلنت مصادر في لبنان أن المبعوث الرئاسي الأميركي، عاموس هوكستاين، سيزور بيروت الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 على أن يتوجّه في اليوم نفسه إلى إسرائيل. وتشير زيارة المبعوث، المنتظرة منذ أسابيع، إلى حدوث تحرّك نوعي في ملف المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في لبنان.

– يأتي هذا الإعلان بعد أيام من قيام السفيرة الأميركية في لبنان بتسليم رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، المكلّف بالتفاوض رسميا بشأن النزاعات الحدودية بين لبنان وإسرائيل، والمكلّف من قبل حزب الله بتمثيله في المفاوضات الحالية لوقف إطلاق النار.

– كان لبنان قد أعلن في بيان مشترك لبري ورئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، دعم دعوة دولية كانت صدرت عن عدد من الدول العربية والغربية، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر 2024، لوقف إطلاق النار والالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، غير أن قرار بيروت تعرّض لضغوط مختلفة.

– كان وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، ورئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني، قد زارا بيروت تباعا، في سبتمبر 2024، وأعلنا من هناك، مواقف أكدت على رفض وقف إطلاق النار في لبنان من دون وقف إطلاق النار في غزّة، فيما أعلن قاليباف لاحقا، من طهران، بأن بلاده مستعدة للتفاوض مع فرنسا بشأن تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، ما أثار ردا مستنكرا من قبل ميقاتي في بيروت.

– أتت ضغوط أخرى من إسرائيل والولايات المتحدة تطالب بآليات تنفيذ للقرار الأممي تختلف عما كان معمولا به منذ حرب عام 2006. وتمثّل المقترحات التي حملتها السفيرة الأميركية نصّا إضافيا لا يغيّر من مضمون القرار الأممي (بسبب صعوبة الحصول على إجماع في مجلس الأمن)، بل يُدخل مجموعة من التدابير والإجراءات وضعت في 13 نقطة في المقترح الأميركي.

– ينص المقترح الأميركي على وجود لجنة دولية لمراقبة تنفيذ القرار تشمل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا. غير أن بري كان طالب بالإبقاء على لجنة من الولايات المتحدة وفرنسا ولبنان وإسرائيل تماشيا مع روحية القرار وإنشاء قوات اليونفيل.

– ينص القرار، من بين نقاط أخرى، على حق أي طرف بالدفاع عن نفسه في حال وجود مخاطر مضادة، وهذا ما رفضت بيروت صيغته لما يستبطنه من حقّ لإسرائيل بالتدخل عسكريا كلما قررت اعتباطيا وجود أخطار ضدها.

– على الرغم من غموض بقية بنود الورقة غير أنها تمثل فرضا لأمر واقع مستنتج من هيمنة إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة يفرض على لبنان ما كان يعتبر سابقا انتهاكا لسيادته. ومع ذلك فإن ما دفع هوكستاين للتوجه إلى المنطقة هو إبلاغه بموافقة بيروت على الورقة الأميركية، كإطار مؤسس، للاتفاق النهائي، وفق الديباجة التي نقلت عن أوساط حزب الله.

– يُعتقد أن زيارة على لاريجاني، كبير مستشاري المرشد الإيراني، الأخيرة إلى بيروت، في 15 نوفمبر 2024، قد ساهمت في دفع الحزب إلى التعاطي بإيجابية مع المقترح الأميركي. وكان لاريجاني أدلى بتصريحات تختلف عن لهجة موفدي طهران، عراقجي وقاليباف، الضاغطة على بيروت والمستفزّة لحكومته، بتأكيده دعم إيران لما يقرره لبنان.

– لوحظ أن المعلومات المسرّبة عن موقف حزب الله، وفق ما يعبر عنه بري، يطالب بإدخال تغيير على الصيغ المستخدمة في نص المقترحات حتى لا تظهر وكأنها تنفيذ لإرادة إسرائيل وأرجحية قرارها. وفهم المراقبون أن الأمر يتعلق بالشكل وليس بالمضمون الذي قد تقبل بيروت به.

– يأتي هذا التطوّر بعد أيام من كشف صحيفة نيويورك تايمز عن لقاء جمع السفير الإيراني في مجلس الأمن، أمير سعيد إيرواني، مع الملياردير الأميركي، إيلون ماسك، أحد حلفاء الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، وأحد أعضاء إدارته المقبلة. ورغم نفي وزارة الخارجية الإيرانية الأمر، غير أن أوساطا في إيران تؤكد حدوث اللقاء، وتعزو نفيه إلى صراع أجنحة داخل النظام في إيران.

– على الرغم من تشكيك في إمكانية تسويق المقترح الأميركي لدى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بالنظر إلى سوابق في هذا الصدد، غير أن معلومات صحفية أميركية إسرائيلية تتقاطع على إمكانية قبول نتنياهو باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، بعد دعمه بضمانات أميركية غربية، واعتباره “هدية” لترامب الذي طالب بوقف الحرب وأولوية ذلك على مستقبل الحرب في غزّة.

– يرى خبراء في الشؤون العسكرية أن التصعيد المكثّف للضربات الإسرائيلية في الساعات الأخيرة، والذي طال العاصمة بيروت، يهدف إلى ضرب أوسع خريطة أهداف للضغط على بيروت لقبول الشروط الإسرائيلية في المقترح الأميركي من جهة، كما أنها قد تؤشر إلى قرار إسرائيلي بقبول وقف إطلاق النار في لبنان، ما يحتاج إلى تحقيق أقصى الأهداف قبل إقرار الاتفاق.

خلاصة:

**يكشف قرار إرسال المبعوث الرئاسي، هوكستاين، إلى لبنان وإسرائيل، وجود معطيّات مستجدة بشأن القبول المبدئي بمقترحات الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار في لبنان.

**على الرغم مما تمّ الحديث عنه من قساوة الشروط التي تفرضها الورقة الأميركية، فإن قبول بيروت للحلّ الأميركي يكشف عن مرونة حزب الله في التعامل مع الاتفاق العتيد بدعم من طهران.

**يعتقد المراقبون أن زيارة، علي لاريجاني، كبير مستشاري المرشد الإيراني، وما صدر عنه من مواقف داعمة لقرار لبنان وحزب الله، عكست توجها مخالفا لما حمله موفدو طهران إلى بيروت قبل ذلك.

**يعتقد أن تواصلا إيرانية أميركيا، بما في ذلك لقاء سفير إيران في الأمم المتحدة بإلون ماسك من إدارة الرئيس ترامب، قد يكون وراء دور لإيران في إخراج اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان.

**رغم تحرّك هوكستاين وأجواء بيروت الحاضنة للاتفاق، لا يستبعد المراقبون تعطيله من قبل نتنياهو في إسرائيل. غير أن خبراء يعتقدون ان تصعيد الضربات العسكرية قد تكون تمهيدا لقبول إسرائيل اتفاقا لوقف إطلاق النار في لبنان.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى