أقلام وأراء

باسم برهوم يكتب – الضم عودة لمربع الصراع الأول

باسم برهوم  – 26/4/2020

إسرائيل قامت وتأسست بموجب وعد بلفور، وتنفيذ هذا الوعد أخذ شرعيته من قرار لعصبة الأمم ربط بين منح بريطانيا حق انتداب فلسطين بتنفيذها لوعدها، يعني باختصار الموضوع “لفلفة بلفلفة” كما نقول بالعامية. التأسيس الرسمي جاء عبر قرار تقسيم فلسطين الصادر عن الأمم المتحدة عام 1947 ويحمل رقم 181، تم تنفيذ هذا القرار  بشقه الإسرائيلي، بمعنى تمت إقامة دولة إسرائيل وتم الاعتراف بها فورا من الدول الكبرى، في حين تم منع الفلسطينيين من إقامة دولة على ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية.

الفقرة السابقة، التي اختصرت تفاصيل تاريخية بعشرات آلاف من الصفحات، تشير إلى أن إسرائيل الدولة الوحيدة التي تمت إقامتها بقرارات استعمارية، كما أن الشرعية التي اخذتها هي من ذات الدول الاستعمارية المهيمنة على النظام الدولي سواء ذلك الذي نشأ بعد الحرب العالمية الأولى، أو ذلك الذي نشأ بعد الحرب الثانية. إقامة هذه الدولة الصهيونية الاستعمارية هي تطور قسري وليس سباقا تاريخيا طبيعيا.

مشروع إقامة إسرائيل، لتكون رأس حربة للمشاريع الاستعمارية الكبرى، بني ليكون توسعيا ومتفوقا عسكريا ليحقق الأهداف التي صمم من أجلها ألا وهي الهيمنة على المنطقة العربية وإبقاؤها ممزقة ضعيفة عاجزة عن إحراز أي تقدم. مسلسل التوسع الصهيوني بدأ من أول مستعمرة أقيمت في فلسطين نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وحتى آخر قطعة أرض فلسطينية تم الاستيلاء عليها، وآخر غرفة تقام في المستعمرات في الجزء الشرقي من فلسطين الذي بات يطلق علية الضفة الغربية.

منذ أن جلس ترامب في البيت الأبيض، أخذ هو وأركان إدارته مهمة ضم الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة عام 1967 (الضفة بما فيها القدس الشرقية وهضبة الجولان) إلى إسرائيل وما يمكن أن يترك للفلسطينيين هو التجمعات السكانية مقطعة الأوصال على شكل كانتونات محاصرة.

مشاريع الضم هي استمرار لمشروع صهيوني استعماري بني زورا ويستمر زورا وما لا نعترف به نحن لن يأخذ أية شرعية. وما يزمع نتنياهو وترامب تمريره لا شرعية ولا سند قانوني له، وإنه ان حصل فهو استمرار للاحتلال القائم. ومعظم دول العالم بما في ذلك الأمم المتحدة لن تعترف به.

الشعب الفلسطيني، وبرغم  الظروف الموضوعية والذاتية الصعبة. سيواصل مقاومته للاحتلال والتوسع، وما دام هو موجودا على أرضه ويمتلك إرادته الحرة فإن أي ضم هو ابن لحظة  الضعف التاريخية  للأمة العربية، وبالتالي هو أمر مؤقت وعابر مهما امتد في الزمن. كما يجب ألا ينال منا اليأس والإحباط لأنه فقط في مثل هذه الحال يمكن لمخطط الضم أن يمر، وأيضا علينا ألا ننسى أن فلسطين دولة معترف بها في الأمم المتحدة، صحيح أنها دولة مراقب، لكنها بالممارسة العملية تعامل كما تعامل الدول الأعضاء. هذا الواقع لا يستطيع ترامب ولا نتنياهو تجاوزه خصوصا أنه يستند إلى واقع على الأرض.

أما إذا حصل الضم فإن الصراع سيعود إلى مربعه الأول بكل طروحاته وتعقيداته وملابساته ولشعبنا حق الكفاح الوطني بكل السبل المشروعة لاسترداد كامل حقوقه العادلة والمشروعة في الحرية والاستقلال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى