ترجمات أجنبية

ايل .جي . جولدشتاين – ناشيونال انترست يكتب – هل روسيا فعلياً ربحت الحرب في سوريا ؟

ايل جي جولدشتاين، ناشيونال انترست ٤-١١-٢٠١٩

ترجمة : هالة أبو سليم

قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمغادرة القوات الأمريكية لسوريا كمن “ألقى حجز على رأسه”، وكذلك على مؤيديه داخل الحزب الجمهوري نفسة، كما قوبل هذا القرار أيضا بانتقادات من قبل اصحاب القرار في السياسة الخارجية الأمريكية، باعتبار إن الانسحاب يُشكل فشلاً أخلاقيا مشابها لاتفاقية ميونيخ، التي تعتبر كارثة جيوسياسية من شأنها أن تعود بالفائدة على كل “خصوم” أميركا عمليا، وخاصة الكرملين، الذي توفرت لديه فرصة جديدة لبناء مكانته كقوة عالمية استعادت عافيتها”.
ولكن هل يقوم الروس في واقع الأمر ب “رقصة النصر” ويضحكون على الأميركيين ؟ ليس تمامًا. والواقع أن رأي فلاديمير موتشين في صحيفة نيزافيسيمايا جازيتا الروسية تقول العكس تماما.
ويشير المقال ضمناً إلى أن الحيز اللازم للمناقشة حول القضايا الحساسة في صحافة موسكو أكبر كثيراً مما تسمح به عادة أغلب الصحف الغربية، ولكنه يشير أيضاً إلى أن إطار المكسب صفر لتحليل قضايا السياسة الخارجية التي أصبح رائجاً حالياً بين كبار الصحافيين الغربيين يُعد معيب للغاية .
فيما يبدو اراد كاتب المقال شرح استفزازات ترامب عن الوضع في سوريا للقراء الروس ، وهو يشرح لنا أن كيف ترامب يتمنى في واقع الأمر لموسكو “حظاً سعيداً في مساعدة دمشق”.
غير أن الصحفي الروسي يشير إلى أن الرئيس دونالد ترامب أثار أيضا “التورط السوفياتي في أفغانستان” ،للإشارة إلى المخاطر التي تواجه القوى العظمى من تبديد الموارد في حالات الطوارئ الإقليمية المعقدة.
وكما هو متوقع، فإن هذه النقطة تلقى صدى لدى بعض النواحي العميقة والقوية في العقلية الروسية. ويؤكد “إذا كانت روسيا راغبة في التورط في سوريا، فإن هذا شأن خاص بهم”.

ويرى المؤلف الروسي أنه “مثير للاهتمام” أن ترامب يزعم أن الجنود الأميركيين كانوا في حاجة إلى إعادتهم من سوريا لأنهم في احتياج إلى قوات على الحدود مع المكسيك. وكما هو متوقع، فإنه يزعم أن ترامب كان على حق عندما سحب القوات الأميركية لأنها “موجودة بشكل غير قانوني” .

وفي نهاية المطاف، كان عدد الجنود في الاتحاد السوفييتي اكثر بكثير أثناء ثمانينيات القرن العشرين في بلدان أخرى غير أفغانستان، على سبيل المثال في أوروبا الشرقية أو حتى منغوليا، كما يشرح موشين، وهو ما زال مستمراً حتى اليوم في روسيا، وما زال عدد جنودها في الخارج أقل كثيراً، فضلاً عن ذلك فإن الوحدات في سوريا ليست كبيرة بصورة خاصة. ولكن يبدو أن موتشين يتعاطف مع ترامب ويقول إن التكاليف التي تتحملها روسيا نتيجة للتدخل السوري المستمر ليست ضئيلة في واقع الأمر، على الرغم من أن هذا الانتشار يتطلب تكاليف مادية وبشرية كبيرة بسبب بُعده عن حدود الاتحاد الروسي وإرسال أعمال عسكرية وشرطية وإنسانية واسعة النطاق، وتداول الأفراد واختبار أنواع جديدة من الأسلحة.
ويضيف موتشين إنه يتفق مع تقييم ترامب بأن نشر روسيا في سوريا يخلف تأثيراً سلبياً على الاقتصاد الروسي.
وبالاستمرار في المقارنة بفشل الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، يعترف موتشين بأن قِلة من الناس حتى يومنا هذا يفهمون بوضوح أهداف الكرملين في هذا التدخل الفاشل في الخارج. وهو يلاحظ أن العديد من الخبراء في روسيا يتساءلون الآن “لماذا أرسلت القيادة الروسية وحدة عسكرية إلى سوريا.
وقد أثير مثل هذا السؤال في حجج ترامب بين الخطوط حول دور روسيا في الصراع السوري .
ولكنه أشار إلى أن الولايات المتحدة قامت بتسليم الروس عاصمه داعش السابقة “مدينة الرقة “، بعد ان حولوها إلى أنقاض.

البعد الاستراتيجي للتواجد العسكري الروسي في سوريا :

لا نستطيع أن نقول إن هذا التحليل متفائل بصورة خاصة فيما يتصل بالوضع العسكري من وجهة نظر موسكو.

وهذا يعني ضمناً أن القوات الروسية في سوريا ممددة بالفعل إلى أقصى الحدود، كما يوضح الكاتب الاستراتيجي الروسي: “بعد انسحاب الولايات المتحدة، سوف تضطر قوات الحكومة السورية إلى السيطرة على منطقة أكبر كثير، وهذا يعني أن خطر الصدامات العسكرية مع القوات التركية وداعش سوف يتزايد أيضاً.
كما يشير إلى أن القوات الروسية تواجه في نفس الوقت منطقة خلفية غير آمنة. فالقاعدة الجوية الروسية بالقرب من اللاذقية على سبيل المثال، “تتعرض للقصف بانتظام من قِبَل مسلحين .

مازال مبكراً الحديث عن عودة الحياة الطبيعية للدولة السورية :
ويبدو أن موتشين يشعر بالأسف كونه من السابق للأوان كثيراً أن نتحدث عن العودة إلى “الحياة السلمية” في سوريا، من الملاحظ أن حل المشاكل السياسية في البلد لم يبدأ ، فضلاً عن ذلك فإن بعض “الانتصارات المحلية” لا تشكل أهمية كبيرة.
في نهاية المطاف يمكن اعتبار ان رأي المحلل الروسي في محله، كون قرار ترامب كان صائباً الى حدا ما ووجهة نظرة ثاقبه .
هل تورطت روسيا فالمستنقع السوري كما حدث في افغانستان ؟
التاريخ يُعيد نفسة عندما تورط الجيش الروسي في أفغانستان ، عندما حاول الجيش الأحمر الدفاع عن كابول من المعارضين و من بعدها غرقت روسيا في المستنقع الافغاني .
وحتى إذا نحينا جانباً الشعارات العديدة عن النصر الروسي في الصحف الغربية، فهناك بعض المشاكل الإضافية الواضحة فيما يتصل بانتقاد أمر الرئيس بالانسحاب، وخاصة أن الأميركيين استمروا في قتل الناس في سوريا ببعض الوقت .

مستقبل العلاقة التركية –الامريكية :
وهناك قضية أخرى مفادها أن تركيا تشكل حليفاً رئيسياً للحلف شمال الأطلسي لا تتمتع بنفوذ جيوسياسي ضئيل. وهذا ليس الجبل الأسود. هذه هي تركيا، ويزعم بعض المحللين أن تركيا لم تعد تشكل دولة أكثر أهمية بالنسبة لمستقبل الشرق الأوسط وعلاقته بالغرب. وعلى هذا فلابد من التعامل بجدية تامة مع مصالح تركيا. ولا ينبغي لنا أن ننسى أن أنقرة كانت ضد حرب العراق التي شنتها واشنطن في عام 2003 ونتيجة لذلك، لا يمكن تحميل الاتراك المسؤولية عن الاضطرابات الاقليمية والكوارث الحقيقية التي حلت بالمنطقة منذ ذلك الصراع.
بل إن الأمر على العكس من ذلك، فقد قامت تركيا بإيواء الملايين من اللاجئين. وعلى هذا فإن تركيا تستحق شكر أميركا وليس ازدراء العالم.

وقد دفعت هذه الدولة الحيوية ثمناً باهظاً للخطأ الأمريكي في الشّرق الأوسط منذ عام 2001. وإذا ظهرت تركيا كدولة معادية مسلحة نووياً خارج حلف شمال الأطلنطي بعد عقد من الزمان، فإن الناس سوف يدركون أن تأسيس السياسة الخارجية الأميركية، بما يتمتع به من “استقامة أخلاقية” لا نهاية لها، هو المسئول عن هذا.

*الدولة الاسلامية –داعش :
أما عن تنظيم الدولة الإسلامية، فإن الجماعة المتطرفة كانت تتألف دوماً من مجموعة من البلطجية الشباب في شاحنات البيك أب. في الوضع المثالي، كانت واشنطن تسمح لهذه المجموعة بمحاولة حكم منطقة صغيرة، وكان من الممكن أن تقضي المؤسسة العسكرية الأميركية على الجماعة الإرهابية في غضون بضعة أسابيع، ولكن واشنطن لم تكن ترغب في التدخل واسع النطاق في الشرق الأوسط. و اختارت توظيف السكان المحليين لشغل هذا المنصب.
وإذا نحينا جانباً أن “الصراع ” ، والذي يبدو وكأنه اندلع بسبب مقتل صحفي أميركي ــ وهو خط أحمر مقدس ظاهرياً إن كان هناك أي خط على الإطلاق ــ فإن الحرب ضد داعش لم يكن لها أساس في القانون الدولي أو في القانون الأميركي المحلي. وبالنسبة لهؤلاء الأميركيين الطريف القليلين الذين يأخذون الدستور على محمل الجد، فمن المفترض أن يعلن الكونجرس عن الحرب في مثل هذه المواقف، ولكنه لم يفعل ذلك منذ عام 1941. فضلاً عن ذلك، هناك حقيقة مفادها أن “الحرب” أودت بحياة الكثير من المدنيين وتركت إرثاً غير مؤكد إلى حد كبير بالنسبة للناجين، بما في ذلك الأطفال.

الأكراد و قصتهم الحزينة مع العم سام :
أما عن الأكراد، فإن محنتهم محزنة بكل تأكيد، ولكن اللوم يقع في الأغلب على تكرار حدوث “عَرَض الصديق السيئ”، حيث ضللهم العديد من الممثلين الأميركيين (وعارضتهم من اللصوص) حين أفكروا في أن العم سام، جنباً إلى جنب مع أعشاش الأسلحة والنقد، من شأنه أن يقدم أيضاً تعهدات أمنية جديدة شبه دائمة لأشخاص ضعفاء عديمي الجنسية في أجزاء غامضة من الشرق الأوسط. ومن الواضح أن هذه ليست الحال. إن حكايتهم عن الظلم هي واحدة من العديد من الظروف المحزنة التي توجد في الشرق الأوسط.

الرابط الأصلي للمقال :
Did Russia Really Win the War in Syria?

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى