ترجمات أجنبية

ايليا ج مغناير يكتب – كيف سترد ايران على إغتيال خليل زاده ؟

بقلم ايليا ج مغناير * – 30/11/2020

وضعت إسرائيل وأميركا نصب أعينهم في عهد بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب أن إيران هي العدو وأن برنامجها النووي والصاروخي يجب أن يدمرا ويتوقفا بأي وسيلة ممكنة. وقد أتت الانتخابات الرئاسية الأميركية بصدمة الرئيس ترامب الذي خسر امام منافسه جو بايدن والذي اعتبر ان ايران هي جزء من أسباب خسارته او انه عمل غير منجز لإضافته الى لائحة الهدايا والعطاء الا محدود الذي قدمه ترامب لإسرائيل. ولم يعد امام ترامب الا الخروج من البيت الأبيض بإنجاز ما يتعلق بايران: افتعال حرب او جر ايران الى الساحة الصدامية التي يريدها او على الأقل افساد احتمال عودة بايدن الى الاتفاق النووي باي طريقة ما.

فأتى اغتيال رئيس مركز الأبحاث المتقدمة، النووية والصاروخية محسن خليل زاده الذي لم تعترف به اسرائيل علناً ولكن بطريقتها المواربة حيث لم تؤكد ولم تنفي. ولكن ماذا ستفعل ايران الان وماذا قررت، من ساعد نتنياهو بعمليته وكيف أراد جرّ أصدقائه إلى الحرب معه؟

أين هي ساحة القتال القادمة؟ للمرة الاولى منذ اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين الأربعة وخامسهم خليل زاده، إنتفض العالم الغربي ليتهم اسرائيل علناً بأنها “دولة إرتكبت عملاً إجرامياً وخرقت القوانين الدولية ضد مدنيين” كما قال جون يراهن رئيس المخابرات الأميركية CIA السابق. إلا أن هذه الإدانات لم تردع إسرائيل عن ارتكاب الاغتيالات الغير قانونية على مدى العقود الماضية ولن تمنعها عن اكتمال مسارها. ليس لأن جهازها الإستخباراتي الموساد “قوي ويده طويلة” كما تحب اسرائيل أن تقول. بل أن جهاز الاستخبارات الاسرائيلي يتمتع بميزانية هائلة وبتسهيلات ضخمة من اكثر دول العالم حيث تسخر له جميع الجنسيات التي يريد استخدامها للسفر تحت غطائها ومراكز عسكرية ومخابراتية أميركية هائلة منتشرة في العالم وسفارات مختلفة يعتمد عليها في حال فشل مهمته او تعثرها.

وإذا ألقي القبض على عملائها – ما عدا حالات نادرة مثل سورية (أيلي كوهين) – فأن العالم يجتمع على الحكومات المعنية لإطلاق سراح عملاء الموساد وتسهيل عودتهم. نعم هذه هي مصادر القوة الأولى للموساد، عدا التسهيلات الأخرى التي إستجدت بعلاقات إسرائيل الحديثة الشرق أوسطية والتي تفتح لها أبواب اكبر وتسهيلات اكثر تحتاجها، بالأخص عندما يتواجد عامل مشترك، الا وهو العداء لإيران ول”محور المقاومة”. ولم يتأخر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المعرض للسجن والمحاكمة في بيئته يجر أصدقائه الجدد وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية إلى ساحة المعركة لكي لا يترك وحيداً. فجيشه البري غير جاهز للحرب ويخشى التقدم مسافة خمسة كيلومترات على الحدود اللبنانية خوفاً من “حزب الله” الذي وعد بقتل احد جنوده.

ولا يستطيع نتنياهو ضرب اي هدف في سورية يتعلق بحزب الله الذي ينقل السلاح تحت أنظار اسرائيل وعجزها عن ضربه خوفاً من الإنتقام لأن حزب الله فرض معادلة الردع بالقوة. ولا الجبهة الداخلية الإسرائيلية جاهزة للحرب ولا الموانئ ولا المطارات الإسرائيلية تستطيع إستيعاب ضربات صارخية دقيقة. ولا حكومة نتنياهو تستطيع فعل أي شيء وهو يخشى السجون المحاكمة. وتالياً فأنه يحتاج لمن يحارب عنه ومعه وبالأخص أميركا ويدفع المال اللازم لكي لا يتعرض لإنتقادات داخلية عن صرفه أموال في حرب لا احد يريدها وبالأخص إذا كان الوضع الإقتصادي الإسرائيلي في وضع حرج جداً أيضاً بسبب فيروس “كورونا” وتداعياته. وتالياً فأن سفر نتنياهو ورئيس الموساد إلى نيوم السعودية ولقائه ولي العهد محمد بن سلمان لم يكن للتطبيع الذي لا يهم الرياض إعلانه ولا يقدم ولا يؤخر لان العلاقة سارية منذ زيارة رئيس المخابرات السعودية السابق الى تل أديب منذ سنوات وزيارة مدير المخابرات خالد بن علي عام 2017 الى القدس (حسب دبكا) وزيارة رئيس الموساد السابق تامر بارود الى الرياض عام 2014.

بل جلّ ما أراد نتنياهو فعله هو القول لإيران أنه لم يكن وحده في هذه العملية ليعطي ايران خيار تعدد الأهداف في دول أخرى وأماكن وأهداف أخرى غير تل ابيب او الحدود اللبنانية، لتكون تلك هدية بنيامين نتنياهو إلى أصدقائه وضربهم تحت الحزام كما هو تعود بالتعامل حتى مع الداخل الاسرائيلي. ومن المؤكد أن هذه العملية التي حصلت في إيران وإغتيال العالم الإيراني لم يحضر لها خلال ايام. بل ان فريق الاغتيال على درجة كبيرة من التجهيزات ويمتلك المتفجرات والأسلحة اللازمة والمعلومات الاستخباراتية التي تمده بالمعلومات عن تحرك العالم الإيراني خليل زاده لحظة بلحظة. وهذا يحتاج إلى دعم على مستوى دول وليس تنظيمات صغيرة محلية معارضة للنظام. ولم تعلن إسرائيل علناً عن مسؤليتها، إلا أن نتنياهو لمح إلى ذلك بالقول انه “فعل الكثر هذا الأسبوع ولكنه لا يستطيع الإفصاح عن كل شيء”. ويطلب من ترامب، إعادة حاملة الطائرات الأميركية نيميتز الى الخليج واعلنت واشنطن عن إرسال طائرات ال B-52 القاذفة وارسلت الرسائل إلى العراق أن الرد الأميركي سيكون مزلزل اذا ما هجمت القوات الأميركية. خيارات ايران إذاً في جمع هذه المعلومات، لقد أراد نتنياهو ان يقول “خذوني”، إلا انه، بعدم إعلانه الصريح عن فعلته كنّا فعل ترامب عند اغتيال اللواء قاسم سليماني في العراق بدأية السنة، اخرج ايران من مسؤوليتها بالبدء بقصف أهداف إسرائيلية مباشرة.

وتالياً فأن هذا يأخذها إلى القرارات الأخرى التي تداولها المسؤولون الايرانيون في الأيام الاخيرة لدراسة الرد على الاغتيال. فقد قال قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامة ان “ايران سترد” وتالياً فقد الزم نفسه بالرد الاكيد. وقد وجه السيد علي خامنئي القادة “بالثأر الضروري للشهيد محسن خليل زاده”.

وأشار قائد القوة في الحرس الثوري – لواء القدس الجنرال اسماعيل قاآني، وهو قائد اليد الضاربة الإيرانية في الخارج، أن “هناك أهداف حددت اقليميا وان حلفاء ايران سيشتركون بالرد”. إذاً لقد بدأت ايران بالعمل على مستويات عدة: كشف خيوط ردع أي عملية أخرى يمكن لإسرائيل لقيام بها خلال الخمسين يوماً الباقين من ولاية ترامب الداعم المطلق لأي عمل إسرائيلي، ويتم الردع بالرد من خلال ضرب إهداف حددت من قبل ايران في الشرق الأوسط. ستكمال ورفع مستوى التخصيب الى 20 في المئة وما فوق وزيادة اجهزة الطرد الى اكثر من 2442 كيلوغرام (المسموح 300 فقط). وتعي ايران وحلفائها ان لا شيء يردع اسرائيل اذا لم يفرض توازن الردع الذي فرضه حزب الله في لبنان.

وتالياً فان ضربة موجعة لحلفاء اسرائيل في المنطقة على أيدي حلفاء ايران مثل أفغانستان أو اكثر حتى من اليمن، يردع اسرائيل عن اي فعل اذا كانت الضربة تصيب مصالح أميركا وإسرائيل في الشرق الأوسط. وقد قررت ايران ان لا تنجر الى حرب ما دعم ترامب في السلطة ولا الى ساحة يحددها هو ونتنياهو وتوقيت هم يريدونه.

وتعتبر المصادر الإيرانية ان “ترامب فيل في داخل غرفة زجاج” وتالياً “فان خيار الحرب المفتوحة غير مطرح على الطاولة اليوم حتى ولو حصلت اغتيالات او ضربات أمنية وسيبيريا اخرى في الأسابيع القليلة الباقية لترامب وان الحساب مع نتنياهو مفتوح ولا يغلق بذهاب ترامب او بمرور الزمن، هو وحلفائه المتواطئين معه” كما تقول المصادر في طهران ل”الرأي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى