ايتسيك شمولي / كابل يقترح الضم ولينفجر الفلسطينيون

هآرتس – بقلم ايتسيك شمولي – 28/5/2018
خطة الصحوة الفجائية التي عرضها عضو الكنيست ايتان كابل في مقال له في “هآرتس” بعنوان “زملائي في حركة العمل، لقد حان الوقت للاستيقاظ”، في 24/5، تريد صياغة رد فوري لوضع سياسي اشكالي. ليس هناك في المعسكر الصهيوني تقريبا من يخالف ادعاء كابل، الذي يقول إن الخطر الوجودي الاكبر على وجود دولة اسرائيل كدولة آمنة، يهودية وديمقراطية، يكمن في سيناريو كابوس الدولة الواحدة، التي ستكون مثلما قال عاموس عوز، دولة عربية أو ديكتاتورية يهودية – التي ستتمزق من الداخل في الحالتين.
المشكلة ليست اذا في تشخيص كابل الصحيح، لكن في انذاره القاتل. بساطة خطته من شأنها أن تضلل، لكنها تضم في ثناياها خطر كبير. هناك شيء ما مغري جدا في الخطوات أحادية الجانب مثل التي يقترحها كابل. (صحوة من اوسلو، تحديد أحادي الجانب ما هي الكتل الاستيطانية وفرض القانون الاسرائيلي عليها، تسوية المكانة التخطيطية للكتل وفي المقابل وقف كل اجراءات التخطيط والبناء في المستوطنات التي تقع خارجها). من الاسهل بلورة خطوات مستقلة، وترسيم حدود مريحة ومواصلة البناء داخلها مع الحفاظ على حرية عمل الجيش الاسرائيلي في كل الفضاء.
المشكلة هي أن تحديد حقائق مريحة واعتباطية على الارض – حتى لو كان الامر يتعلق بمناطق ستأخذها اسرائيل في اطار التسوية – دون موافقة فلسطينية وبدون دعم دولي، من شأنه بالتحديد تقريبنا من سيناريو الكابوس بدل ابعاده. ضم احادي الجانب لن يفيد في تحييد تهديد الدولة ثنائية القومية، وهو يحتوي في داخله على تناقض داخلي عميق.
هل يخطر ببال أحد أن اسرائيل ستضم مناطق واسعة من الضفة بدون موافقة وبدون مقابل، وأن الفلسطينيين سيقبلون ذلك بخضوع؟ سواء كنا سنضم 15 في المئة من الارض حسب كابل أو 60 في المئة حسب نفتالي بينيت، سيكون لذلك تداعيات واسعة على سلوك الفلسطينيين الذي سيتمثل بضغط داخلي سيستخدم على السلطة عديمة الشرعية الداخلية والمنقسمة أصلا (الامر الذي من شأنه أن يؤدي الى حلها وتعزيز جهات متطرفة بدلا منها)، وسيؤدي بها الى الانسحاب من الاعتراف باسرائيل ومن مواصلة التنسيق الامني معها. هذه ستؤدي الى تصعيد سيجر اسرائيل عسكريا واداريا الى العودة الى داخل المناطق.
خلافا للخطوات الانتقالية المتبادلة، المنسقة والمتفق عليها، والى جانبها ضمان مواصلة المفاوضات حتى الانفصال الكامل، فان ما يعرفه كابل هو الضم – ولينفجر الفلسطينيون. يمكن أن نعيش في وهم أن موجات الانفجار لن تجتاز خط الكتل وتصل اليها، لكن يكفي بالاحتمالية المعقولة أن الفلسطينيين سيعلنون فورا عن حل السلطة ويطالبون باعتراف دولي بكونهم جزء من اسرائيل – يكفي من اجل تبديد هذا الوهم.
حتى السيناريو الذي يقول إن علينا أن نقيم أولا الحقائق وبعد ذلك نعطي مقابلها بهدف الحصول على الاعتراف والموافقات، يبدو خياليا تماما. هل هناك زعيم اسرائيلي يمكنه الوقوف أمام الجمهور وأن يشرح لماذا يجب على اسرائيل أن تقتطع من نفسها مناطق وتمنحها للفلسطينيين مقابل اراض حصلت عليها بقوتها الذاتية، التي هي جزء منها حسب القانون الاسرائيلي؟.
ايضا في العالم الذي يقع خارج اسرائيل لا يوجد أي غبي يقبل هذا الادعاء المدحوض، الذي يقول إن الضم احادي الجانب للكتل هدفه تمكين حياة منفصلة للاسرائيليين والفلسطينيين. الجميع سيعتقدون أن اسرائيل تواصل قضم ما ليست قادرة على بلعه، وتلغي فعليا اتفاقات اوسلو. إن زيادة العزلة الدولية، والانقطاع المتزايد عن يهود امريكا، وبعد ذلك مقاطعات وعقوبات، هذه المرة من جانب دول وليس فقط منظمات عابرة – ستكون هي نتائج فقدان شرعية اسرائيل كلها وليس فقط فقدان شرعية سياستها في المناطق. ومثلما أن نقل السفارة لن يرفع في الحقيقة قضية القدس عن طاولة المباحثات، كذلك ايضا الضم احادي الجانب لن يحل مشكلة تقسيم الارض. إن غياب موافقة فلسطينية على هذه العملية، أو على العكس، دعم دولي لخطوات أحادية الجانب، سيؤدي الى تأييد دولي متزايد لما يعتبر في نظر كابل وفي نظري ايضا، التهديد الرئيسي – الدولة الواحدة. في المقابل، فان رفض فلسطيني في حالة تجدد المفاوضات على قاعدة “خطة كلينتون”، من شأنه أن يمنح الشرعية لفرض حقائق على الارض.
خطوات احادية الجانب دون محاولة التوصل الى اتفاق ستؤدي الى أن اسرائيل بأيديها تدفع العالم لتأييد المطالبة الفورية التي سيطرحها الفلسطينيون للاعتراف بدولة واحدة وحقوقهم المتساوية فيها، بدء من مخصصات التأمين الوطني ومرورا باخلاء النفايات في نابلس وانتهاء بالتصويت للكنيست. يمكننا ايضا نسيان استمرار العلاقات مع الدول السنية المعتدلة. رغم رغبتها في التعاون في النضال الرئيسي ضد ايران والجهاد العالمي، فان زعماءها لن يخاطروا بأن يتهموا الجمهور، وتركيا وايران، بخيانة الفلسطينيين.
حتى لو أن خطة كابل لم تهدف الى تقوية اعدائنا الايديولوجيين، فانها فعليا من شأنها القيام بذلك ومنح جائزة للحكومة على رفضها العنيد. ليس غريبا أن بينيت انقض عليها كمن وجد ضالته. حيث أنها تروج لمبدأ الضم بدون ثمن وبدون مقابل. ما يقترحه كابل كضم جزئي في الطريق الى الخطة النهائية، فان اليمين يعتبرها تقدم هام في الطريق نحو هدفه النهائي. أما بالنسبة لمطالبة كابل تجميد البناء خارج الكتل الاستيطانية سيتم الاستهزاء بها.
لذلك، المطلوب الآن ليس الصحوة، بل الايمان بعدالة الطريق ونشاط حثيث بهدف أن نعرض على الجمهور الاسرائيلي الخطر الحقيقي الذي يتربص بنا. من المحظور أن يؤدي الركود القائم تحت حكم اليمين الى الانجرار نحو الهوامش. إن مفهوم حل بالتوافق ليس خاطئا، ولم يمت وهو غير مقطوع عن الواقع مثلما يقول كابل. المشكلة هي أنه لا توجد زعامة تستطيع تطبيقه. الزعامة في الجانين خيبت الآمال. سيناريو الدولتين والسعي نحوه عن طريق المفاوضات المباشرة ما زال ممكنا، هو ليس كامل وليس مضمون، لكن ايضا في ظل وجود شريك اشكالي، هو الخيار الذي له الاحتمال الاكبر (وربما الوحيد) للتوصل الى اتفاق يستجيب للمصالح الاسرائيلية – ليس فقط المصالح الاخلاقية والاقتصادية، بل اساسا الامنية والسياسية.