ترجمات عبرية

ايال فنتر – السياسيون هم عبيد للكراهية

هآرتس  – بقلم  ايال فنتر  – 21/1/2019

اسرائيل كما يبدو هي الدولة الوحيدة في العالم التي فيها كل 2 من بين 3 رؤساء وزراء في الحاضر والماضي يكرهون بعضهم البعض أكثر من كراهيتهم لأكثر كارهي الدولة التي خدموا فيها. سياسة اسرائيل القذرة والتي تعاني من الكراهية السامة، بحيث تخرج الانسان عن اطواره. بشكل عام كراهية تكلفنا الكثير. منذ زمن نحن نعرف أنه من ناحية كبار الساسة الاسرائيليين فان مصالح الجمهور هي أمر ثانوي بالنسبة للمصالح الشخصية الصغيرة، ولكن يتبين أنه لصالح الكراهية هم مستعدون للتنازل حتى عن مصالح شخصية كبيرة.

عندما يقوم آفي غباي بتنفيذ اعدام لنائبته في ميدان المدينة الاعلامية فهو لا يريد أن يحقق بذلك رأسمال انتخابي، أو تعزيز مكانته في الحزب. فهو يعرف أن هذا الامر سيكلفه اصوات الناخبين وشتائم من الاعضاء. ولكن الكراهية أقوى من المنطق. عندما تنضم شيلي يحيموفيتش الى صورة انتصاره بعد أن نفذ الفعل المدان بزميلتها في الحزب، هي تعرف أنها ستخسر جزء كبير من دعم النساء الذي تحظى به، لكن الكراهية أقوى من المنطق.

ايضا عندما يحذر دافيد أمسالم بأن تقديم لائحة اتهام ضد بيبي ستخرج ملايين المشاغبين الى الشوارع، فهو لا يفكر بجدية بأنه يخيف أي أحد، وهو يعرف أنه بهذا يساهم في ترسيخ صورة الازعر العنيف الذي حاول اصلاحه – لكن الكراهية أقوى من المنطق. عندما يترك اهود باراك عد الملايين من اجل التقاط صورة امام عدسة الفيديو التي وضعها في مطبخ بيته مع ديكور لعلم اسرائيل مجعد، فهذا يعتبر فصل آخر في مسلسل “بيبي، لقد أكلتها” – هو يعرف أنه لا يوجد أي شخص يصدق بأنه يفعل ذلك من اجل انقاذ الدولة، وهو يعرف أن الكثيرين لا يثقون حقا بأنه هو من يجلس هناك في الحقيقة، أو أنه عيران زرخوفيتش في “ارض رائعة”، لكن الكراهية اقوى من المنطق.

السياسي الاسرائيلي يكره ويأسف على الكراهية. من خلال الانقضاض بقسوة لا حدود لها على خصمه، هو يعد بوضع حد للكراهية في اوساط الشعب، وهذا سيحدث، هكذا يوضح، فقط عندما سيتم اجتثاث خصمه (الشخص الذي يكرهه بالفعل) من عالم السياسة. لأن هذا فقط (خصمه) هو الذي يؤجج الكراهية في اوساط الشعب. ولكن الحقيقة هي أنه لا توجد كراهية في اوساط الشعب، وأنه ليس هناك أي حاجة لاحزاب تدعو للمحبة. أنا لست بحاجة الى زعماء سياسيين يدافعون عني امام جارتي السيدة يوآري التي تؤيد يئير لبيد، أو يوسي الذي يتولى حسابي البنكي ويصوت لبيبي منذ 1996. أنا أعتقد أنهما على خطأ. ولكني لا اكرههما، وأعرف أنهما لا يكرهانني.

السياسة الاسرائيلية مشبعة بالكراهية، لأن ابطالها قاموا بملاءمتها على قياساتهم من خلال الافتراض بأنهم يحتاجونها من اجل أن يحظوا بتأييد الجمهور. عندما نطلب محبة الشعب ونعرف أنه من اجل ذلك مطلوب منا أن نكره شخص آخر، نحن سننجح في ذلك بسهولة اكبر، وليس فقط بصورة وهمية، بل بصورة حقيقية ومن اعماق القلب. في هذه الاوضاع الكراهية هي شعور منطقي. بالنسبة لعدد من كبار الساسة فان الكراهية هي ضرورة وجودية، مثل التي طورها المتجالدون الذين تم ارسالهم الى ساحة الكلوسيوم. المتجالد الفرد الذي يتنازل عن الكراهية تتم ابادته من قبل خصمه، واذا قرر المتجالدان التنازل عن الكراهية وأن يتركا السلاح، فكلاهما سيتم القضاء عليه من قبل الجمهور المتحمس الذي يشاهد العرض.

في ساحة الانتخابات الحالية تجد الكراهية مكان خاص لها من الاحترام. ايضا لأن ابطالها فقدوا كل اهتمام وكل قدرة على أن يحظوا بتأييد الجمهور بطرق اخرى. ليس في هذه الساحة حتى موضوع موضوعي واحد يجري حوله نقاش جدي. لا المجتمع ولا الاقتصاد ولا الامن. حتى فرق كرة القدم في البلاد يوجد لها توجه ايديولوجي اكثر من الاحزاب التي توجد فيها. هذه ساحة فارغة المضمون، رجالها يختلفون الواحد عن الآخر، ليس في مؤهلاتهم أو مواقفهم، بل في مستوى التستورون لديهم.

كما قلنا، مصدر الكراهية في السياسة الاسرائيلية هو في الافتراض الخاطيء للسياسيين بأن الجمهور يحب الكراهية، لكن الحقيقة هي أن الجمهور يحتقرها. الجمهور الاسرائيلي الذي يجلس على مدرجات الكلوسيوم منذ زمن صرف نظره باشمئزاز عن مشاهدة العرض الذي يجري في اسفل الحلبة. وإلا كيف يمكن تفسير حقيقة أنه في بحر الافواه التي تقطر بالكراهية، فان السياسة الاكثر شعبية هي التي ترفض فتح فمها.

نحن نمقت الكراهية السياسية لأنها تهيننا كجمهور. اعطوا انفسكم لحظة لمشاهدة مقطع في اليوتيوب يوثق شجار عام في البرلمان في اوكرانيا، في تركيا أو في الاردن، ولاحظوا كيف أن مشاعر الاشمئزاز الآنية التي تثور لديكم غير موجهة على الاطلاق للمتشاجرين انفسهم، بل موجهة للثقافة التي سمحت بذلك، وللشعب الذي اختار نواب كهؤلاء.

ويثور السؤال لماذا لا يشكل ذلك دافعا كافيا للسياسيين من اجل التوقف عن الكراهية. الجواب هو أن الكراهية مثل مشاعر اخرى، يمكن السيطرة عليها فقط وهي ما تزال في مهدها. ولكن عندما تندلع يكون من الصعب قمعها، حتى لو تسببت بالضرر الكبير لنا. هذه هي الميزة الكبرى للسياسي الذي يغلق فمه، ولأنه متجالد جديد في حلبة الكراهية، هو يستطيع السيطرة عليها.

التعرفة الكاملة للعبور في نفق الكراهية سندفعه جميعنا، عندما سنصل الى الضوء في نهاية النفق في 9 نيسان. عندها، وعندما سيتم اخراج المتجالدين من الحلبة، ويتم فرض العمل عليهم معا من اجل اصلاح أعمدة الكلوسيوم المتهاوية، نأمل بأن لا تسقط هذه الاعمدة على رؤوسنا.

*     *    *

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى