ترجمات عبرية

ايال زيسر يكتب – سبب للقلق : هل الاردن يشتعل

اسرائيل اليوم – بقلم  ايال زيسر  – 10/6/2018

تقف اسرائيل في السنوات الاخيرة الى جانب الاردن في مواجهة سلسلة تحديات سياسية وامنية – في الغالب تحديات مصدرها في سوريا المجاورة – تشكل تهديدا على استقرار المملكة. بداية كان تخوف من أن يتسلل داعش الى الاردن لتنفيذ عمليات ارهابية وكسب النفوذ. ومؤخرا تعاظم التخوف من يران ومن حزب الله، اللذين من شأنهما أن يتمترسا في جنوب سوريا ويهددا منه المملكة الهاشمية، لرؤيتهما لها كعائق سني مؤيد للغرب في الطريق لسيطرتهما على الهلال الخصيب.

غير أنه تبين مؤخرا بان التحدي للاردن ليس بالضرورة التهديد من الخارج، بل بالذات من الداخل. ففي الاسابيع الاخيرة شهدت المملكة احتجاجا جماهيريا ومظاهرات واسعة النطاق – وهناك من يدعي بانها غير مسبوقة – احتجاجا على موجة ارتفاع في الاسعار وزيادة معدلات الضريبة بمبادرة من الحكومة. في البداية لم تثر المظاهرات الانتباه إذ ان الاردن شهد في الماضي احتجاجات جماهيرية على خلفية الازمة الاقتصادية، ولكن الملك (حسين أو عبدالله) نجح في تبديد الاحتجاج وضمان استمرار التأييد له.

ان الحصانة المزعومة للاردن في وجه الازمات من الداخل، برزت على نحو خاص مع اندلاع الربيع العربي في بداية العقد. وقد فسرت في أن مؤسسة المملكة تتمتع بالشرعية ولا تثير العداء مثل الانظمة الدكتاتورية في مصر وفي سوريا. وكذا في أن كل اردني له عينان في رأسه يرى الى أين ادى الربيع العربي بدول مثل سوريا، الامر الذي لجم الشهية للاصلاح وللتغيير.

يتبين ان الهدوء لا يمكن شراؤه لزمن طويل، والواقع الاقتصادي المأزوم نهايته ان يتفجر. في السنوات الاخيرة شهد الاردن تحولا ديمغرافيا غير وجهه من الاقصى الى الاقصى. ففي الماضي كان دارجا القول ان كل اردني ثاني هو فلسطيني، مع كل ما ينطوي عليه ذلك من معنى؛ غير أن اليوم كل اردني ثاني هو لاجيء من العراق او من سوريا – 4 مليون من اصل 11 مليون نسمة من سكان المملكة. اللاجئون لن يعودوا على ما يبدو الى بلادهم، ويشكلون عبئا جسيما على اقتصاد الاردن. الى جانب ذلك بقيت المملكة مع اقتصاد تقليدي ان لم نقل ضعيف، عديم مصادر الطاقة والمياه (فهي تعتمد على اسرائيل)؛ وعلى أي حال، فانها تجد صعوبة في أن توفر مصدر الرزق لسكانها المتزايدين.

مثلما في المرات السابقة في الماضي، سارع الملك عبدالله الى العمل لتهدئة الخواطر العاصفة. بداية وبشكل هام امتنع عن استخدام القوة؛ فلم يسجل في المظاهرات قتلى ولم تصبح عنيفة. ثانيا، اقال الحكومة في محاولة لصرف الغضب الجماهيري عن الاسرة المالكة وعنه شخصيا. وأخيرا امر بالغاء رفع الاسعار والضرائب، اذي بالمناسبة طالب به صندوق الوقد الدولي كشرط للحصول على مساعدة اقتصادية للاردن (مساعدة اشترطت كما اسلفنا باصلاحات اقتصادية، وما أن الغيت هذه، فانها لن تصل على ما يبدو الى الاردن).

ولكن رغم خطوات الملك، فان جمرة الاحتجاج لا تزال تشتعل في الاردن. وتنضم اليها كل يوم قوى جديدة، وهذه ترفع اكثر فأكثر مستوى المطالب والتوقعات. هي لم تعد تركز على الغاء رفع الاسعار أو إقالة الحكومة، ومثلما في مصر او في سوريا في حينه، من شأنها ان تؤدي بالدولة الى مستقبل مجهول.

الحقيقة هي أنه في الاردن “لم يحسم الامر”، وأمل الكثيرين هو أن ينجح الملك عبدالله، مثلما في الماضي، في تهدئة الخواطر. ولكن من الجدير النظر الى الاحداث في المملكة الهاشمية بشموع التحذير، وذلك لان الاسباب العميقة للانفجار الحالي بقيت بلا أي حل. مهما يكن من أمر، فان الاردن انضم الى تلك البؤر عديمة الاستقرار في منطقتنا، بينما يقف امام تحد مزدوج: ايراني – شيعي من الخارج، وأزمة اقتصادية من الداخل، قد تستغلها (وبمساعدة طهران) الدوائر الاسلامية في المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى