ايال زيسر : طرد الايرانيين من سوريا ؟ فرحة مبكرة
اسرائيل اليوم – بقلم ايال زيسر – 5/6/2018
يجدر البدء بالسطر الاخير: ايران لم تستثمر في سوريا مئات الملايين وربما مليارات الدولارات، لم تفقد في المعارك على أراضيها الاف المقاتلين من رجال الحرس الثوري والجيش الايراني النظامي، بل ولم تدفع اليها بعشرات الاف المجندين الشيعة في الميليشيات التابعة لها والتي تدرب وتمول – فقط كي تنصرف من سوريا هكذا فجأة، لان بوتين أو الاسد يطلبان ذلك منها بلباقة.
الاهم هو أنه بخلاف التقارير في وسائل الاعلام الاسرائيلية، فلا بوتين ولا الاسد طلبا على الاطلاق من الايرانيين الرحيل. الحقيقة هي أن الرئيس الروسي دعا الى خروج كل القوات الاجنبية من على الاراضي السورية. ولكنه كان يقصد أولا وقبل كل شيء القوات الامريكية التي لا تزال تسيطر على ربع الاراضي السورية، ولا سيما في المناطق الكردية في شمال شرق الدولة واضافة الى ذلك، تمنح الرعاية للثوار في جنوب الدولة ايضا. كما كان الروس يرغبون ايضا في ان ينسحب الاتراك من المناطق التي يحتجزونها في شمال سوريا. وأخيرا، ان تسمح اسرائيل للاسد بالسيطرة على الجولان السوري وعلى جنوب الدولة وتصفية الثوار الذين تمنحهم القدس حتى وقت اخير مضى الرعاية والدعم.
ايران ليست على بؤرة الاستهداف الروسية، إذ ان موسكو لا ترى فيها منافسا أو خصما (على الاقل، حاليا). ايران هي ببساطة وسيلة الدفع التي بواسطتها يسعى الروس الى تحقيق اهدافهم في سوريا.
يفهم الروس مخاوف اسرائيل من ايران. كما انهم لا يريدون ان “يجن جنون” اسرائيل فتمس بنظام الاسد، الذي كادوا يجلبونه الى خط النهاية والنصر. لهذا السبب فانهم مستعدون لان يساعدوا في الجهود لسحب القوات الايرانية عن حدود الجولان، وهو المطلب الذي بتقديرهم يمكن للايرانيين أن يقبلوه، مثابة تنازل مؤقت ومحلي في الطريق الى الهدف الاكبر لطهران، تثبيت تواجد في سوريا.
ولاجل التسجيل فقط، فان الروس تعهدوا من قبل في اتفاق وقعوه مع الامريكيين قبل نصف سنة باخلاء الايرانيين من الحدود مع اسرائيل، وبالمناسبة، منع هجمات النظام السوري على الثوار في جنوب سوريا ايضا. غير ان الايرانيين لم يتركوا جنوب سوريا، والان يستعد نظام بشار الاسد لمهاجمة الثوار. ما يشغل البال هو ليس الاستعداد الروسي لالقاء الاتفاق الموقع في سلة المهملات، على اعتبار ان لا حاجة له، بل الاستعداد الامريكي “للسير في التيار” مع خرق الاتفاق الذي اعطوه رعايتهم.
لا يعني الامر انه لا توجد بين ايران وروسيا منافسة خفية بل وتوتر بنيوي: كلتاهما تسعيان الى السيطرة في سوريا بعد أن تنتهي الحرب الاهلية. ينبغي الافتراض بان الاسد ايضا سيسعى في المدى البعيد الى التخلص من التواجد والتدخل المتغلغل للايرانيين في شؤونه الداخلية، والذي يهدد بالتسلل الى مؤسسات الحكم، الجيش وحتى الطائفة العلوية. كما لن يرغب الاسد في أن يورطه الايرانيون في مواجهة مع اسرائيل. صحيح أنه يقول ان كل حياته مرت في ظل “العدوان الاسرائيلي” ولكن ليس مثله من يعرف بان ليست اسرائيل هي العدو أو المشكلة المركزية التي يواجهها.
فلننتظر المشكلة الى أن تقع. حاليا، وبالتأكيد في الاسابيع وفي الاشهر القادمة، يحتاج سواء الاسد أم بوتين للايرانيين. اذ الى جانب الطائرات الروسية في الجو، فان قوات ايران وحزب الله جلبت النصر وهي تحافظ على تفوق نظام بشار على الارض.
كقاعدة، مشكلة روسيا – والاحرى المنافسة، الخصومة او الحرب الباردة – هي مع الولايات المتحدة والغرب، وليس مع ايران. هذه الاخيرة تشكل في ايدي الروس أداة في صراعهم ضد الغرب ولا معنى للتخلي عنها. فهل فك الارتباط عن ايران سيجعل الاسد حبيب الاسرة الدولية ويفتح له الابواب في واشنطن، بعد أن ذبح مئات الالاف من ابناء شعبه، وهل اخراج ايران من سوريا سيمنح بوتين نقاطا في الصراع في اوكرانيا وفي شرق اوروبا، وفي اجزاء اخرى من العالم – حيال واشنطن وغرب اوروبا؟ واضح ان لا.
ما ينشأ عن ذلك هو أنه يمكن الوصول الى تفاهمات هزيلة على ابعاد الايرانيين عن الجبهة مع اسرائيل، التي ليس واضحا على الاطلاق اذا كان للروس رغبة او قدرة على تنفيذها. ولكن المعركة لدحر أقدام ايران عن سوريا لا تزال بعيدة عن النهاية.