اوري مسغاف / احتياطي اليسار يعيش في فيلم

هآرتس – بقلم اوري مسغاف – 21/6/2018
في الاسبوع الماضي شاركت في احتفال اثار تساؤلي. عرض افلام نهاية مسار السينما في مدرسة ثانوية عريقة في تل ابيب، يديرها شخص مشهور. خلال المسار تم عرض 14 عمل. مهمة طلاب الصف الحادي عشر كانت تصوير فيلم قصير صامت مع موسيقى تصويرية. ولطلاب الصف الثاني عشر أعطي المزيد من الحرية والزمن. اثنان منهما يسكنان في بيتنا، لذلك شاهدت ايضا مسار العمل والضغط: من جهة، معلمون جيدون وادوات متقدمة كان الشباب في الماضي يحلمون بها. ومن جهة اخرى نقص في الوقت تحت عبء فترة الامتحانات. ازاء النموذج التمثيلي القليل والظروف التي وصفناها مطلوب بناء على ذلك الحذر في استخلاص الدروس. وحتى الآن من الافلام برز امر واحد يصعب تجاهله. وللدقة، امر غاب عنها تماما وهو السياسة.
في العرض حضر الطلاب واصدقاءهم وابناء عائلاتهم. أنا افترض لو أنه وضع في المكان صندوق انتخابات تمثيلي، فان معسكر اليسار كان سيحقق انتصارا جارفا بنسب كبيرة. من مشاهدة الافلام كان يمكن تجميع المواضيع التي تشغلهم: العائلة والحياة الزوجية والمال والحيوانات الاليفة والقليل من الكحول والكثير من الهواتف الذكية، هنا وهناك جنس بالاشارة، السياسة لم تكن هناك. لا احتلال، لا عرب ولا طالبي لجوء ولا حرب وسلام، ولا عدم مساواة، ولا الدين والدولة، ولا حتى التجنيد المقترب. قوموا بمقارنة ذلك على سبيل المثال مع “التوق الى العطلة الكبيرة” الاسرائيلي و”شعر الامريكي” و”رسائل ابناء الـ 18″.
فيلمان تطرقا بصورة ما للسياسة، عالجا الهوية الجنسية المتحولة. موضوع جدير بلا شك وكذلك تمثيل مناسب لليسار في ايامنا، الذي يغرق في سياسة هويات لا نهاية لها. طالبة من الطالبات عملت فيلم وثائقي: خرجت مع صديقين للتحقيق في يوم الاستقلال السبعين. كما يبدو موضوع كلاسيكي للموضوع السياسي. ولكن الفيلم وثقهم وهم ينثرون الرغوة، يشعلون شعلة ويقومون بالشواء في جلسة عائلية. لحظة الذروة حسب اقوال المنتجة كانت عندما قام احد اصدقائها وكتب على الارض بسائل قابل للاشتعال اسمها واشعل الحروف.
في صباي كنا مخلوقات سياسية، عدد منا على الأقل، ربما أبرياء، عميان، لكن هذا اثار اهتمامنا. السياسة وجدت تعبيرها ايضا في المنتوجات غير الناضجة التي خرجت من بين أيدينا: في مجلة الحائط في المدرسة الثانوية، في الفرقة التي انشأناها، في الاغاني أو القصائد التي حاولنا كتابتها، اردنا أن نغير، ان نهاجم وأن نصرخ. اولادي واصدقاؤهم، حسب انطباعي، واعين سياسيا. وجهة نظرهم حتى أنها متقدمة ومحكمة اكثر. لم يعلمونا التفكير الانتقادي في الكيبوتسات، وقد واجهته للمرة الاولى في الجامعة. بالنسبة لهم كان هناك درس سمي بالضبط هكذا، لكن لدي انطباع، ليس فقط بسبب الافلام، أن علاقتهم بالسياسة وتداعياتها تتلخص في الاغتراب واللامبالاة.
انا لا أقول إننا كنا أفضل. أو أن الانشغال بالسياسة هو أسمى. أنا فقط اتساءل من أين يجب أن يأتي الاحتياطي السياسي لليسار في السنوات القادمة. لم اشاهد تقريبا شباب في المظاهرات ضد فساد حكم حكومة نتنياهو. للحظة ظهر هناك منبر لاحتجاج معارضة فعالة، لكن الجمهور الذي وصل كان من البالغين.
يوجد لليمين مدارس تمهيدية عسكرية ومدارس الاتفاق الدينية، الجهاز التعليمي الذي وضع في أيدي البيت اليهودي، الجيش الذي تحول بالتدريج الى متدين ويميني اكثر. ماذا يوجد لدينا في اليسار؟ المدارس التمهيدية العسكرية العلمانية التي انشئت كنقيض تعلم في نهاية الامر على الروح العسكرية، التنازل، علاقة متعاطفة مع الدين بغطاء “يهودي” وعلاقة بارض اسرائيل الكاملة بغطاء “حب البلاد”. حركات الشبيبة تبتعد رويدا رويدا عما هو سياسي. الاكاديميا اصبحت جبانة ومعظم الطلاب لا يريدون أصلا أن يشوشوا عليهم بالسياسة اثناء الدراسة. اذا استمر الوضع هكذا فان اليسار في اسرائيل لن يتقلص، بل سيزول ببساطة.