ترجمات عبرية

اورئيل بروكاتشيا / الجهاز القضائي تجند باكمله لصالح مشروع الاستيطان

هآرتس – بقلم  اورئيل بروكاتشيا  – 6/9/2018

حتى قبل حدوث كارثة الاستيطان اليهودي في يهودا والسامرة كان يقف على الاجندة مسألة قانونية اساسية: “هل القانون الدولي  يسمح بدولة ان توطن مواطنيها في المناطق. الرأي الذي ترسخ حينئذ كان انه بشكل عام يجب ابقاء الاراضي “الخاصة” بايدي اصحابها الفلسطينيين، ولكن ليس هنالك ما يمنع من استيطان يهودي بما سمي بـ “اراضي دولة”.

هذه السياسة مهدت الطريق لاقامة معظم المستوطنات في المناطق، وتوطين مئات الالاف من الاسرائيليين فيها. ولكن نظرا لان الشهية فقط ازدادت مع السنين، تقف الان على جدول الاعمال ايضا احتمالية مصادرة اراضي خاصة بغايات الاستيطان اليهودي. التعبير الاخير عن ذلك تم تقديمه الان من قبل القاضي ارنون درئيل، الذي أحلّ نقل اراضي خاصة للفلسطينيين لايدي سكان البؤرة الاستيطانية غير المشروعة متسبيه كرميم، استنادا على الادعاء بان سكان البؤرة الاستيطانية ومن  ارسلوهم عملوا “بحسن نية”.

بسبب ذلك، يجدر أن نطرح سؤالين  اساسيين. الاول هو ما هي بالضبط (اراضي الدولة) وما هو التبريد القانوني لان يتم فيها توطين مواطنين اسرائيليين. الثاني، ما هي تلك (حسن النية) الذي به ما من شأنه ان يبرر  مصادرة اراضي خاصة من ايدي اصحابها الفلسطينيين.

ميثاق جنيف الرابع والذي هو جزء من القانون الدولي الذي يلزم اسرائيل، يمنع بصورة صريحة نقل مواطني دولة محتلة الى اراضي الدولة التي احتلت. ولكن الموقف الرسمي لحكومة اسرائيل كان وما زال بان الميثاق لا يسري في المناطق نظرا لان هذه ليست “اراضي محتلة”، كتعريفها في الميثاق. التبرير لهذا الادعاء هو أن يهودا والسامرة كانت سوية مع ارض اسرائيل الغربية، جزء من الانتداب البريطاني، وانها لم تنتهي في يوم من الايام في حكم القانون للمملكة الاردنية الواقعة على الجانب الاخر من النهر بل تم السيطرة عليها من قبل  مع انتهاء معارك حرب  الاستقلال. بسبب ذلك، وحسب نفس المقاربة فان هذه المناطق لم تحتل من قبل اسرائيل، حيث أن الاحتلال، يكون فقط عندما يتم وضع اليد على اراضي تعود الى جهة سيادية اجنبية بالقوة من قبل جهة اخرى. الفكرة الاصيلة هذه، والتي بمقتضاها فاننا لم نحتل مطلقا المناطق، رفضت تماما من قبل المجتمع القانوني الدولي في العالم، واليهم انضم ايضا قانونيون اسرائيليون. ولكن حتى لو افترضنا بان الحق هو مع من يرفض احتلال المناطق في حرب الستة ايام، فان التبرير القانوني في اسكانها بمواطنين اسرائيليين يثير صعوبات جدية: اذا كان ميثاق جنيف لا يسري على هذه المنطقة، فانه يطرح السؤال على اي معيار للقانون الدولي تستند سياسة الاستيطان في يهودا والسامرة؟ الاجابة الاسرائيلية عن ذلك تتمسك بالوثيقة المعروفة كــ “انظمة هاغ”، لسنة 1907، والتي بمقتضاها الارض العامة – اي اراضي الدولة في المناطق المحتلة، تعطى للدولة المحتلة، “باخلاص”. يصعب قليلا التوفيق بين القول بان ميثاق جنيف لا يسري على المناطق لانها ليست محتلة وبين الاعتراف بها كـ “مناطق محتلة”، عندما يتعلق الامر بانظمة هاغ. ولكن هذا ليس هو الدحض الوحيد. الصعوبة الاساسية تنبع من أنه حسب كل التفسيرات المعقولة لانظمة هاغ، فانه يحظر على الدولة المحتلة التي تسيطر على مناطق محتلة باخلاص، ان توطن فيها سكانها على حساب سكان المنطقة المحتلة والذين من اجلهم وجد الاخلاص.

في الماضي ردت اسرائيل بانه ليس في توطين يهود في اراضي الدولة ما من شأنه المس بواجب الاخلاص، من بين امور اخرى بسبب ان الامر يتعلق بتوطين مؤقت، في حين ان الانظمة تحظر فقط التوطين الدائم في اراضي الدولة تلك. مؤخرا اصبح ليس من المريح الحديث عن ان الوجود الاسرائيلي في المناطق مؤقتا بشكل عام وخاصة في المستوطنات، على ضوء حقيقة أن المستوطنين اصبحوا مربون هناك جيلا ثالثا من السكان “المؤقتين”. بناء على ذلك تتعاظم قوة ادعاء اكثر تطرفا والذي بمقتضاه حتى المستوطنون هم “سكان المناطق، بالضبط مثل السكان الفلسطينيين، ولهذا فان مطالب الاخلاص الموجودة في القانون الدولي تستهدف ايضا مصلحتهم، وليس هنالك ما يمس انظمة هاغ. جميل، أليس كذلك؟

الدولة لا تخالف منع توطين مواطنين اسرائيليين على اراض خاصة للفلسطينيين. ولكن ايضا هذا القليل وضع الان على خط النار. البؤرة الاستيطانية متسبيه كرميم والذي الحكم بشأنها من شأنه ان يصبح سابقة قضائية في مناطق واسعة في الضفة، اقيم بجزء منها على اراضي خاصة. وهكذا جرى نقاش  حاد في نزاع اراضي بين اصحاب تلك الاملاك وبين المستوطنين الذين استوطنوا عليها بفضل الهستدروت الصهيوني العالمي الذي يعمل  من بين امور اخرى على توطنين يهود في المناطق.

المحكمة اعترفت حقا بملكية الفلسطينيين، ولكن رغم ذلك حكمت لصالح المستوطنين. الحكم يستند الى القاعدة القانونية “انظمة السوق”، والتي هي الحاسمة في النقاش على الحقوق ما بين الاصحاب الحقيقيين للعقار وبين من اشتراه بمقابل وبحسن نية من شخص تظاهر بكونه صاحبه. البث في حالات كهذه صعب وتقريبا تراجيدي لان كلا الطرفين يعتبران ضحايا الرجل الوسيط الذي باع عقارا ليس له، ولهذا فان فوز احدهما يمكن ان يتحقق فقط على حساب مأساة الاخر. لانه لا يوجد خلاف على حسن نيته.

القاعدة الواسعة في قوانين الاملاك تدفع عن الاصحاب الاصليين بافتراض ان الرجل الوسط لا يستطيع ان ينقل لغيره حقوقا اكثر مما لديه على العقار. “انظمة السوق” والتي تسمح بالانحراف عن هذه القاعدة، تعتبر شاذة وتمس حقوق الملكية. بكونها استثناء فانها مشروطة بشروط قاسية، وبغيابها يظل العقار بايدي أصحابه الأصليين. ان نوعية الاستثناءات مرتبطة بماهية الأملاك. اذا كانت الممتلكات هي أموال نقدية فان من يشتريها من ايدي سارق يحظى بأوسع حماية، لان المشتري ليس مزودا بادوات تمكنه من ملاحظة السرقة. كل قاعدة أخرى كانت ستخلق صعوبة في الاعتماد على استلام مدفوعات. في أملاك الأراضي، بالمقابل، يصعب على المشتري الاستناد في الحماية بحماية”أنظمة السوق”، لان بامكانه فحص أحقية البائع (مثلا عن طريق مراجعة الطابو). والجهد المطلوب من اجل ذلك يتضاءل امام الأهمية الاقتصادية للصفقة.

في حالة متسبيه كرميم فان حق الاصحاب الفلسطينيين كان مسجلا في الطابو المحلي، وكان من السهل فحصه. أيضا الامر العسكري، والذي من خلاله كان بالإمكان الاستنتاج بان الأرض مدار الخلاف هي فئة “أراضي الدولة”، يثير تساؤلات  عديدة: الأرض موجودة خارج الخرائط التي حددت حقوق ملكية الدولة، ورسمت بصورة غير مكترثة وغير دقيقة – وهي حقيقة كانت معروفة للجميع.

ما تبقى من الشروط التي تبرر “أنظمة السوق” في هذه الحالة كان قرار المحكمة بان الهستدروت الصهيوني اعتقد بحسن نية وحتى ولو بدون أن يبذل جهد معقول لكشف الحقيقة، بانه يستلم ويبيع للمستوطنين “بابخس الاثمان” أراضي هي أراضي دولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى