ترجمات أجنبية

اوبزرفر: هل تهدد العقوبات الأمريكية الجديدة مستقبل مستوطنات الضفة الغربية؟

اوبزرفر 12-5-2024، إيما غراهام- هاريسون وكويك كيزيرنباوم: هل تهدد العقوبات الأمريكية الجديدة مستقبل مستوطنات الضفة الغربية؟

إيما غراهام- هاريسون

إن العقوبات الأمريكية المتصاعدة على المستوطنين المتهمين بالعنف، والتي تم اعتبارها في البداية بمثابة توبيخ سياسي للمتطرفين، أصبح ينظر إليها الآن من قبل البعض داخل إسرائيل على أنها تهديد محتمل للسلامة المالية لجميع المستوطنات والشركات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.

القيود الجديدة التي فرضتها إدارة بايدن على عدد قليل من الرجال والمنظمات المرتبطة بالهجمات على المدنيين الفلسطينيين، والتي تم الإعلان عنها لأول مرة في فبراير ثم توسعت مرتين في مارس وأبريل، تم التعامل معها بشكل عام في إسرائيل وخارجها على أنها توبيخ علني مهين لحليف وثيق أكثر من ذلك. كتحول سياسي كبير.

إلا أن خبراء يمثلون الطيف السياسي الإسرائيلي يرون أن هذا يقلل من تقدير الطريقة القوية التي تطبق فيها إسرائيل القيود المالية ومدى العقوبات المالية وإطارها.

وأخبروا صحيفة “أوبزيرفر” أن القائمة الصغيرة نسبياً من العقوبات التي تستهدف  مستوطنات الضفة الغربية قد تدفع المؤسسات المالية للتوقف عن تقديم خدمات لأي من الأشخاص أو الشركات العاملة في المستوطنات، خوفاً من تسهيلها، والقيام بطريقة عرضية بتمرير عقود غير قانونية. ومع أن العقوبات تركز حتى الآن على أفراد مارسوا العنف، أو جماعات صغيرة، فإن الأمر التنفيذي الجديد يعطي الولايات المتحدة صلاحية لاستهداف أيّ شخص أو كيان: “مسؤول أو متواطئ بتهديد السلام والأمن واستقرار الضفة الغربية”.

ويتضمن الأمر بشكل واضح الساسة الذين يدعمون أو يساعدون ويقومون بأفعال عرضة للعقوبات، بما فيها “توجيه، تفعيل، تنفيذ أو إنفاذ سياسات، أو الفشل في إنفاذها”، وهي صياغة يمكن استخدامها لاستهداف أشخاص في الحكومة الإسرائيلية.

 وقال وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن، في بيان، والذي ربط العقوبات بإنشاء الدولة الفلسطينية: “يجب على إسرائيل وقف العنف ضد المدنيين في الضفة الغربية، ومحاسبة المسؤولين عنه”، و”ستواصل الولايات المتحدة التحرك من أجل تفعيل أهداف سياستها الخارجية، بما فيها حل الدولتين القابل للحياة”.

وبدأ الكثير من المصارف في إسرائيل بتقييم علاقاتها مع الضفة الغربية بعد تحذير من شبكة تنفيذ الجريمة المالية (فينسين). وقال شوكي فريدمان، العالم القانوني والمستشار الدولي في العقوبات، والرئيس السابق لبرنامج العقوبات الإسرائيلية ضد إيران: “رغم استهداف [الأمر التنفيذي الأمريكي] يفرض عقوبات على أفراد، إلا أنه من الناحية الفعلية يلقي بظلاله على كل النشاطات القادمة من كل الضفة الغربية”، وهو “يسحب الشرعية عنهم بطريقة لو كنت مؤسسة مالية، شركة تأمين، مؤسسة مستثمرة، محفظة وقائية، وأي شيء له علاقة بهذه النشاطات، فستكون حذراً بشأن هذا، وعليك أن ترجع خطوة للوراء، وهذا هو المعنى الحقيقي للأمر”.

 ورأى مايكل سفارد، أحد المحامين الإسرائيليين المعروفين بحقوق الإنسان، بدايةً، في الأمر بأنه مجرد “رسالة سياسية” من إدارة بايدن التي حاولت الرد على مطالب الناخبين الأمريكيين بسبب دعمها للحرب في غزة. وبعد ثلاثة أشهر تقريباً، يرى أن العقوبات هي أهم تحوّل له آثار في السياسة الأمريكية، ومنذ عدة سنوات، تحوّل يمكن أن يوقف الزحف الاستيطاني في الضفة الغربية.

وقال سفارد: “ربما أدى نظام العقوبات إلى إعادة رسم الخط الأخضر”، في إشارة للحدود الدولية المعترف بها بعد حرب 1948. واعترف مجلس يشع الذي يقوم بالضغط على الحكومة نيابة عن المستوطنين أن العقوبات تمثل تحولاً في السياسة، مع أنها رفضتها واعتبرتها “غريبة” ولم تترك “أي أثر”.

وقال المتحدث باسم المجلس: “هذا في الحقيقة ليس عن بعض الأفراد”، و”لكن عن حكومة أجنبية بقيادة إدارة بايدن تفرض عقوبات وتعاقب بشكل محتمل أيّ إسرائيلي لا يشترك معها في ما يطلق عليه حل الدولتين”.

وتهدف حركة الاستيطان، التي بدأت بعد احتلال إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية للسيطرة على مناطق تحت احتلال مؤقت، وبناء مستوطنات وطرق، وضمها بطريقة لا رجعة عنها إلى إسرائيل. ورغم عدم  قانونيتها بناء على القانون الدولي، إلا أن هناك حوالي نصف مليون مستوطن يعيشون في الضفة الغربية، أي نسبة 5% من السكان.

وقال سفارد: “لا وجود للخط الأخضر في النظام السياسي الإسرائيلي ولا الحياة الاقتصادية الإسرائيلية ولا نظام النقل والبنية التحتية. فيمكنك العيش في المستوطنات وبناء عمل بدون أي اعتراض”. لكن لو وسعت الولايات المتحدة القائمة لكي تشمل الأعمال المرتبطة بعنف المستوطنين، فستجد المصارف الإسرائيلية صعوبة في تقديم خدمات لأعمال تخدم المستوطنين في الضفة الغربية. وفي أعقاب أول موجة  للعقوبات، تعرض المؤسسات المالية الإسرائيلية لضغوط محلية من أجل مواصلة تقديم خدمات لمن استهدفتهم العقوبات. لكن الرأي العام لا يفهم أن المؤسسات المالية التي تريد  التعامل في النظام المالي من خلال الدولار، فلا خيار لها إلا تطبيق الأوامر الأمريكية.

ففي الوقت الذي حولت فيه دول مثل روسيا وإيران تعاملها مع أنظمة مالية بديلة بعد العقوبات الأمريكية عليها، إلا أن إسرائيل ليست لديها بدائل.

الصحيفة: العقوبات الأمريكية على المستوطنين المتطرفين تعنيف علني مهين لحليف قريب

 وقال سفارد: “قد تجبر هذه العقوبات الإسرائيليين على الاختيار بين مواصلة دعم المستوطنين المتطرفين أو الحفاظ على رابطة مع النظام المالي الدولي”. و”لو اختاروا بين عطلة نهاية أسبوع في روما أو شارع أكسفورد في لندن ومواصلة دعم الاستيطان، فأعرف من سيختارون”. ومن الملامح الرئيسية للأوامرا الأمريكية هي “العقوبات الثانوية”، والتي تفرض ليس على أمور تعتبرها الولايات المتحدة إجرامية، مثل مهاجمة المدنيين الفلسطينيين، ولكن مساعدة الأشخاص والشركات على القائمة تجنب الحظر. ويمكن لأي شخص يتعامل قصداً أو بدون عمد مع شخص في القائمة قد يضاف اسمه إليها.

وقال سفارد: “عندما يكون لديك أشخاص فرضت عليهم عقوبات وموزعون في مستوطنات الضفة الغربية، فمن السهل تحولها إلى حقل ألغام”، و”لا تريد البنوك مواجهة اتهامات بأنها تقدم أي نوع من الدعم لأفراد فرضت عليهم عقوبات، ولهذا فأي محاولة للتعامل التجاري تعني مراجعة إن كنت ستواجه عقوبات ثانوية”.

لكن هناك في إسرائيل من يرى أن الأوامر الأمريكية لن تغيّر اللعبة، ويرى يهودا شول، الناشط في حقوق الإنسان، أن على أمريكا استهداف التمويل مباشرة، لو كانت راغبة بوقف عنف المستوطنين في الضفة الغربية. وقال: “يجب عدم استهداف أفراد عنيفين فقط”.

 وقال إن شبان المستوطنين لا يديرون المشروع السياسي للاستيطان: “ففي عمر 25 عاماً ليست لدي القدرة المالية لبناء بيت على التلة، وبطريق، ومنافع، و 300 بقرة، فهناك من يمولهم”.

وهناك آخرون، بمن فيهم يهودا شيفر، النائب العام السابق، الذي قال إن البنوك الإسرائيلية قد تلتزم بعدم التعامل مع الذين فرضت عليهم عقوبات، وبدون أية تداعيات. وأوضح أن العقوبات هي مجرد كلام من الإدارة الأمريكية التي تتعرض للضغوط: “يبدو الأمر لي بأنه محاولة لتقديم حس عن سياسة متوازنة، رغم أن الولايات المتحدة داعمة جدا لإسرائيل في هذه الحرب”. إلا أن وضع إسرائيل في مقام دول مارقة، مثل كوريا الشمالية، أمر مهين.

 ويعلق شيفر: “هذا محرج ومخيب”، لأن “العقوبات تقترح بطريقة ما أن حكم القانون الإسرائيلي لا يتناسب مع التوقعات الأمريكية”.

إلا أنه يعتقد أن الأثر سيكون محدوداً، حيث ستلتزم البنوك بعدم التعامل مع المنظمات والأفراد الواردة أسماؤهم في القائمة، وتواصل تقديم الخدمات للمستوطنين في الضفة الغربية.

ويرى سفارد أن من المبكر التفاؤل بشأن العقوبات، فحتى لو كانت الولايات المتحدة تعني ما تقول، إلا أنها قد لا تواصل، و”عندما تقوم باتخاذ إجراءات للضغط على إسرائيل في هذا الموضوع، فمن الأفضل ألا تعلن عنها بدلاً من الفشل في ترك أي أثر لأنها تعطي صورة عن قوة المستوطنين”، كما قال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى