ترجمات عبرية

اهم الاخبار والمقالات والتقارير من الصحافة الاسرائيلية ليوم 20– 4 – 2018

هآرتس :
– مساعدة ميلتشين: نتنياهو قال لي – ان لم تكن هذه شقة، فمسموح العطاء.
– رئيس السي.اي.ايه يلتقي كيم يونغ اون سرا.
– مقتل ابن 13 وعمه في اثناء حدث عائلي في ام الفحم.
– نتنياهو يسيطر على الحدث الرسمي في الغش وخرق الثقة.
– التحقيقات والفساد يمكنها ان تنتظر، او الاولاد فيريدون التوتر واطلاق الرصاص – يوم مفتوح لشرطة اسرائيل في بيت شيمش.
– نحو 20 الف شخص شاركوا في مسيرة لاحياء النكبة.
– تقرير: الجيش الاسرائيلي اصاب منظومة ايرانية ضد الطائرات ومخزن طائرات مسيرة في الهجوم في سوريا الاسبوع الماضي.
– المواجهة بين طهران والقدس متعلقة في مستقبل الاتفاق النووي.
يديعوت احرونوت :
– عناق أمل وألم.
– مريم بيرتس ودافيد غروسمان الابوين الثكلوين المختلفين ايديولوجيا يتعانقان.
– لماذا لا تخاف اسرائيل في المواجهة مع ايران – اليكس فيشمان (تحليل اخباري).
– الاحتفال والخصام – احتفال الشعلات في ظل الخلاف بين نتنياهو وادلشتاين.
– المتميزون – 120 جندي يتلقون شهادة تميز من رئيس الدولة.
– شاحنة مفخخة في معبر ريحان – احباط عملية في يوم الاستقلال.
معاريف/الاسبوع :
– ادلشتاين عن “مناورة” رئيس الوزاء: نتنياهو فقد مصداقيته.
– 70 سنة استقلال في الجو، في البحر وفي البر.
– نتنياهو في الاحتفال: “دون تضحية مقاتلينا لا يمكن الدفاع عن الدولة.
– الجهاد الاسلامي يهدد: ضباط كبار في الجيش الاسرائيلي “على بؤرة الاستهداف”.
– ترامب: “سأوقف اللقاء مع كيم يونغ اون اذا لم يكن ايجابيا.
اسرائيل اليوم :
– “الوطن يبنى بالكد وبالعطاء”.
– تأهب في الجنوب: الاستعداد لارهاب الطيارات الورقية.
– ترامب: اذا لم يكن كيم جديا، سأغادر.
– استعراض سنوات السبعين.
– تقرير: رومانيا ستنقل السفارة الى القدس.
– نؤدي التحية للمتميزين.
***
اسرائيل اليوم / تأهب في الجنوب : الاستعداد لارهاب الطيارات الورقية
اسرائيل اليوم – بقلم دانييل سيريوتي وآخرين – 20/4/2018
​حالة تأهب في الجيش الاسرائيلي قبيل استئناف المظاهرات والمسيرات على طول الجدار. فاليوم ستجري في قطاع غزة المظاهرة الرائعة. والتقدير في الجيش الاسرائيلي هو أن المظاهرة ستجري هذه المرة في ظل طائرات ورقية كثيرة تربط في ذيلها زجاجات حارقة.
​والهدف هو محاولة تجاوز قوات الجيش الاسرائيلي وارسال الطيارات الورقة مع الزجاجات الحارقة الى حقول الكيبوتسات والموشافات التي على حدود القطاع. ويستعد الجيش الاسرائيلي لامكانية اسقاط هذه الطيارات واضافة الى ذلك يستعد على حدود القطاع الكثير من القناصين. في الجيش الاسرائيلي يقدرون بان زخم المسيرات سيخبو وان بضعة الاف سيصلون الى الجدار اليوم.
​كما أن الذراع العسكري للجهاد الاسلامي نشر أمس شريطا مصورا وضع فيه قادة الجيش الاسرائيلي على بؤرة استهداف النار من القطاع. ويمكن ان نرى في الشريط ضمن آخرين منسق اعمال الحكومة في المناطق يوآف فولي مردخاي في بؤرة استهداف قناصة سرايا القدس في الجهاد الاسلامي. وهذه صور التقطت في ايام الجمعة الماضي على طول الجدار.
​هذا الاسبوع تتجه المظاهرات الفلسطينية ضد يوم استقلال دولة اسرائيل وقرر الفلسطينيون تقديم معسكرات الخيام من مسافة 300 متر الى مسافة 50 متر عن الجدار. وذروة المظاهرات ستكون في 15/5 في يوم النكبة للفلسطينيين.
​وافادت صحيفة “الحياة” الصادرة في لندن امس بان حماس ردت عرضا مصريا لوقف حملة “مسيرة العودة” مقابل تسهيلات هامة في الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة، وبالتوازي الشروع في مفاوضات على صفقة تبادل الاسرى.
​وفي اوروبا صادق البرلمان الاوروبي باغلبية ساحقة على مشروع قرار يلقي بالمسؤولية حول التوتر في قطاع غزة في الاسابيع الثلاثة الاخيرة على حماس ويقول ان غزة هي “مركز لمنظمات الارهاب الدولية المعروفة” ويعرب القرار الذي اتخذ باغلبية 524 نائبا عن أسفه على قتل وجرح مدنيين أبرياء على ايدي جنود الجيش الاسرائيلي في المظاهرات التي نظمتها حماس على حدود القطاع مع اسرائيل تحت شعار مسيرة العودة في الاسابيع الاخيرة ويدعو الجيش الاسرائيلي الى الامتناع عن استخدام النار الحية ضد المتظاهرين غير المسلحين. ومع ذلك يعترف القرار بتحديات الامن الاسرائيلي وبحاجة اسرائيل للدفاع عن اراضيها وحدودها “بوسائل نسبية”. ويدين القرار بشكل صريح الهجمات الارهابية لحماس وجماعات كفاحية اخرى في القطاع ويدعو الى تحرير الاسرى المحتجزين لدى حماس في القطاع واعادة جثامين القتلى.
​وفي مواضيع الامن ايضا، منعت يقظة المفتشين الامنيين في معبر ريحان في السامرة عملية كبرى في عشية يوم الاستقلال. فقد عثر على عبوة ناسفة بوزن نحو 10 كيلو غرامات كانت مخبأة في سقف الشاحنة التي تحمل بضاعة مخصصة لبلدات خط التماس. وحسب التقديرات، فقد كانت الخطة تنفيذ عملية كبرى في اثناء العيد، واعتقل سائق الشاحنة.
​وقال وزير الدفاع افيغدور ليبرمان معقبا: “سنطارد المخربين الذين خططوا للعملية في عيدنا، ولن يكون لهم نهار او ليل الى أن نضع ايدينا عليهم”.
يديعوت / لماذا لا تخاف اسرائيل في المواجهة مع ايران
يديعوت – بقلم اليكس فيشمان – 20/4/2018
“زلة لسان” ضابط اسرائيلي كبير في “نيويورك تايمز”، عشرات الصواريخ المضادة للطائرات السورية التي تطلق نحو اهداف غير موجودة؛ وفي عشية يوم الاستقلال: دعوة تجنيد الاحتياط التي اعلنت كـ “خطأ”. لا شيء بالصدفة. هذا القدر الكبير من “الاخطاء” في اسبوع واحد – هذه باتت سياسة.
من الصعب أن يتحرر المرء من الانطباع بان احدا ما يسعى لان يخرج الايرانيين عن طورهم. فالفكرة التي خلف هذه الاستراتيجية هي عدم خوض جس نبض متوازن “ضربة مقابل ضربة” بين اسرائيل وايران. هذا لن يكون سيناريو، يطلقون فيه صاروخا مضادا للدبابات نحو سيارة عسكرية فيقتلوا جنودا، ونحن نقصف محطة رادار أو مخزن. لم يعد الامر يعمل على هذا النحو.
يبدو أن الحديث هنا يدور عن خطوة اكثر طموحا بكثير في قلبها ردا اسرائيليا مخططا لان يأتي بعد عملية الثأر التي تعهد بها الايرانيون علنا، وهذا الرد الاسرائيلي سيفترض به أن يفعل روافع في اوساط مراكز قوة مركزية في سوريا – والنظام الايراني، الروسي وبقدر ما النظام السوري – لصد انتشار قوة القدس في سوريا والايضاح بانه ليس مجديا لكل هذه الجهات مواصلة تجاهل المصالح الاسرائيلية في الدولة.
في اسرائيل على ما يبدو توصلوا الى الاستنتاج بان الادوات العسكرية والسياسي التي استخدمت حتى الان لصد تواجد القوة العسكرية الايرانية في سوريا لا تعطي ثمارا. فبأي سبل اخرى يمكن العمل؟ مثلا في اطفاء النار من خلال الكثير من النار، على أمل ان تتمكن اسرائيل من السيطرة على مستوى اللهيب على مدى كل عملية اطفاء الحريق. هذه سياسة يوجد فيها مستوى عال جدا من المخاطرة والرهان.
خطأ في تجنيد الاحتياط هو نادر للغاية، ولكن يمكن أن يقع. وبالمقابل، فان الضابط الكبير الذي اعترف، ظاهرا، على مسمع من الصحافي توماس فريدمان بان اسرائيل هاجمت مطار تي فور بهدف قتل ايرانيين وتدمير عتاد عسكري ايراني – هو شخص ذو تجربة في اللقاءات مع الاعلام. وهذه تجربة بالمناسبة لا تقل عن التجربة التي راكمها فريدمان في اللقاءات مع ضباط اسرائيليين كبار. فالطرفان يعرفان جيدا قواعد اللعب، حتى عندما تكون زلات لسان.
ولاحقا اتهم السوريون اسرائيل بالحرب الالكترونية التي تسببت بتفعيل منظومات مضادات الطائرات التي اطلقت النار نحو اهداف وهمية. وسواء كان هذا صحيحا أم لا، فالنتيجة هي أن السوريين، بما في ذلك المتحدثين العسكريين، افادوا في الساعات الاولى عن صواريخ اسرائيلية تم اعتراضها. وهم لم يكذبوا. فقد كانوا واثقين بان هذا حصل بالفعل.
وفجأة ينشر الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي بان الطائرة المسيرة التي اسقطت في 10 شباط كانت طائرة ايرانية مسيرة مسلحة. واذا لم يكن هذا بكاف، ففي عشية يوم الاستقلال نشر خريطة انتشار القوة الجوية الايرانية في سوريا. واذا لم يكن هذا اعدادا للرأي العام في اسرائيل ولعب على الاعصاب الضعيفة للسوريين والايرانيين، فما هو إذن؟
يشارك في شد الاعصاب الايرانية ايضا مصدر امني رفيع جدا في اسرائيل، يبث منذ اسبوع رسالة تكرر نفسها: اذا اندلعت بيننا وبين الايرانيين حرب على الارض السورية – فان النظام السوري سيسقط والاسد سيغيب. هذا ليس تهديدا، هذا استفزاز اذ ليس واضحا اذا كان لاسرائيل على الاطلاق قدرة على تغيير النظام في سوريا، ولكن مجرد هذا القول يستفز الايرانيين. هذا ليس قولا يفترض أن يردعم، بل العكس، هذا قول يدفعهم لان يضعوا اسرائيل في مكانها. الاسد؟ هو بالذات الذي بات يرى النور في نهاية النفق، لا بد أنه لا يريد حربا جديدة على أرضه، بل ومع اسرائيل ايضا.
لقد كان اول من أدرك بان اسرائيل تطبخ تصعيدا كي توجه ضربة للايرانيين في الوقت الذي لا يزالون فيه غير مثبتي الوجود في سوريا، هو بالذات زعيم حزب الله، حسن نصرالله. فمن الخطاب الذي القاه الاسبوع الماضي، ابرز الاعلام الاسرائيل بالذات القول ان اسرائيل ارتكبت خطأ تاريخيا حين فتحت حسابا مباشرا مع الايرانيين، ولكن الرسالة الاساس التي نشأت عن الخطاب كانت: أنا لست في الصورة. دعوة لاسرائيل: لا تشركوني في شؤونكم مع الايرانيين. اذا كنتم تريدون ان تضربوهم – فأنا لست مشاركا.
قام سليماني، قائد قوة القدس، المسؤول عن نشاطات الحرس الثوري خارج حدود ايران، لا يتبع عمليا الرئيس الايراني روحاني. فقناته القيادية لا تمر حتى عبر رئيس الحرس الثوري في ايران. والمسائل المركزية في استراتيجيته تبحث بينه وبين الزعيم الروحي خامينئي. ومن خلال الازمة العسكرية ستحاول اسرائيل خلق رافعة ضغط والايضاح للشعب الايراني وللرئيس روحاني بان الحرس الثوري يعمل بخلاف المصالح الواضحة للدولة الايرانية. فقد جاءوا الى سوريا لمساعدتها في الحاق الهزيمة بداعش، وهذه المواجهة انتهت، والمواجهة مع اسرائيل على الاراضي السورية ليست ضمن ما كلفوا به. فهل الشعب الايراني، الذي يعيش أزمة اقتصادية جديدة، مستعد لان يستثمر الضحايا والاموال الطائلة في حرب زائدة مع اسرائيل؟ فضلا عن ذلك، في غضون شهرين، يتعين على الامريكيين أن يقرروا مسألة الاستمرار في الاتفاق النووي مع ايران. هذا توقيت سيء جدا من ناحية النظام الايراني لمواجهة عسكرية مباشرة مع اسرائيل.
ولا بد أن ليس للروس مصلحة في أن تقع الان مواجهة عسكرية اسرائيلية – ايرانية – سورية على الاراضي السورية، توقف كل عملية التسويات في هذه الدولة. الروس يديرون في سوريا سياسة لاعب سيرك يلقي بالكرات في الهواء وفي كل مرة يمسك بواحدة ويستخدمها. والان دور الايرانيين في ان يكونوا الكرة المفضلة. اسرائيل تدعي وعن حق بان ايران كانت على مدى كل السنين بعيدة مسافة 1.300 كم عن هنا، ولعبت في ساحتنا بواسطة مبعوثين. اما اليوم فهم يريدون ان يجلسوا هنا، ماديا، مثلما في اليمن وهذا لن نوافق عليه.
​غير أن الروس ايضا يوجدون في سباق لتعميق تدخلهم في سوريا. فقد نشرت صحيفة “ازفستا” المقربة جدا من بوتين هذا الاسبوع بان طائرة اخطار روسية تقف في سوريا ومنظومات رادار الكشف لمضادات الطائرات الروسية في سوريا نقلت معلومات الى منظومات مضادات الطائرات السورية في اثناء الهجوم الامريكي – الفرنسي – البريطاني في سوريا في 16 من هذا الشهر. هذه سابقة. ماذا سيمنع الروس من تقديم هذه الخدمة للسوريين عندما تهاجم اسرائيل.
​في الجيش الاسرائيلي الكثير جدا من الثقة بقدراته. والاحساس، في الكابنت ايضا هو أننا في التوقيت السليم لصد الانتشار الايراني قبل أن يفوت الأوان. وسياسة التصعيد الإسرائيلية التي تتشكل امام ناظرينا ليست وهما. بل هو امر يحصل بالفعل.
هآرتس / المواجهة بين طهران والقدس – ترتبط بمستقبل الاتفاق النووي
هآرتس – بقلم تسفي برئيل – 20/4/2018
​الرئيس الايراني حسن روحاني يمسك بيده حبة بطاطا ساخنة – الريال الايراني. بخطوة يائسة، في الاسبوع الماضي اضطرت حكومته الى اصدار أوامر لالغاء بيع الدولارات واليورو في محلات الصرافة. في مطار ايران يستطيع المسافرون المغادرون الى دول قريبة شراء فقط 500 يورو والمسافرون الى اماكن بعيدة يستطيع شراء حتى 1000 يورو، وحظر على المواطنين امتلاك اكثر من 10 آلاف دولار أو يورو، والسعر الرسمي الحقيقي حدد بمبلغ 42 ألف ريال للدولار، حوالي 20 ألف ريال أقل من قيمته في السوق السوداء. إن هبوط سعر العملة بأكثر من 35 في المئة مقارنة مع السنة الماضية، بعد سنة من انتخابه للولاية الثانية كرئيس ليس ما كان يأمل روحاني حدوثه.
​ليس واضحا تماما من هم المنتقدون الاكثر حدة للرئيس: المحافظون الذين يتوقون الى رؤية تحطمه، مؤيدوه الاصلاحيون خائبي الأمل والمحبطين بعد خمس سنوات من ولايته، الجمهور الكبير الذي يرى كيف أن وعوده بمستوى حياة فاخر بقيت على الورق أو ملايين العاطلين عن العمل الذي يعيشون على مخصصات الفقر. المظاهرات التي جرت في شهر كانون الاول الماضي في مدن كثيرة في ايران ما زال صداها مدويا. عشرات المتظاهرين الذين اعتقلوا في حينه ينتظرون محاكمتهم وعلى عدد منهم فرضت احكام شديدة. في نفس الشهر اضرب عمال في مصنع السكر”هاف تافيه” في محافظة خوزستان الذي يشتغل فيه حوالي 5500 عامل، وذلك احتجاجا على تأخر لعدة اشهر لدفع رواتبهم. عدد منهم انتحر لعدم قدرته على الوفاء بتسديد ديونه.
​هذه ليست حادثة منعزلة: اضرابات كثيرة جرت في عشرات المصانع، وبالاساس في المصانع التي خصخصت وبيعت لرجال اعمال، لكن ايضا الخصخصة لم تجلب بعد نتائج مشجعة. في نهاية السنة الماضية قدر البنك الدولي أن نسبة النمو ستصل الى 4 في المئة في الاعوام 2018 – 2019، وهي نصف النسبة التي كان يطمح اليها النظام؛ النمو في الصناعة وصل الى 18 في المئة في منتصف السنة الماضية ووصل الى 4 في المئة هذه السنة؛ نمو الانتاج يقارب الصفر والاصلاحات الاقتصادية التي أعلن عنها روحاني والتي كان من المقرر أن تتضمنها ميزانية هذه السنة تم وقفها تقريبا بصورة كاملة بسبب المظاهرات والاحتجاجات ضد الميزانية التي تضمنت ارتفاع الاسعار وتقليص كبير في الدعم. بعد ثلاثة اشهر اندلعت مظاهرات للمزارعين في اصفهان على خلفية نقص كمية المياة وادارة متعثرة لقطاع المياه، الذي أدى الى نقل انبوب المياه على حساب المزارعين. يبدو ايضا أنهم في السماء يحاربون روحاني: هذه السنة سجل الجفاف الاصعب في الخمسين سنة الاخيرة. كما أن مياه السدود خفت بدرجة عالية، هكذا ايضا انتاج الكهرباء يتوقع أن يتضرر بأكثر من 40 في المئة.
​مشكلات النظام لا تتوقف في مكتب روحاني. ففي المظاهرات يشتمون الزعيم الاعلى علي خامنئي ويدعون لموته، والمحتجون يسألون لماذا ايران تواصل تمويل الحرب في سوريا واليمن. هذه الدعوات تصل الى مكتب الزعيم والى قيادات محمد علي جعفري، قائد حرس الثورة، وقاسم سليماني قائد قوة القدس في حرس الثورة. في وسائل الاعلام المؤيدة للنظام يمكننا قراءة الردود التي يكتبها مؤيدوه، الذين يسلون انفسهم باحتمالية أن يضعوا على رأس الدولة رجل جيش بدل رئيس مدني. ليس واضحا اذا كانوا ينوون ترشيح شخص كهذا في الانتخابات الرئاسية القادمة في 2021، أو محاولة عزل روحاني خلال ولايته الحالية. التقليد السياسي في ايران سمح حتى الآن للرؤساء بانهاء الولايتين اللتين يسمح بهما الدستور، لكن اذا خرجت الاحتجاجات المدنية عن السيطرة فان حل من الحلول المحتملة يمكن أن يكون اجراء التغيير في القيادة. ولكن مثلما في دول اخرى في المنطقة التي اتبعت هذا الاسلوب من اجل تهدئة الجمهور، سيكون لهذا التغيير تأثير مؤقت فقط.
​رعاية روسيا
​في نفس الوقت ايران تنتظر بتأهب 12 أيار، وهو الموعد الذي يطلب من الرئيس ترامب أن يقرر فيه هل الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاق النووي. بالنسبة لايران هذا القرار هو قرار حاسم. تأثير فترة الانتظار يشعر بها جيدا من خلال انخفاض الاستثمارات الاجنبية التي سجلت في الاسابيع الاخيرة وتجميد المشاريع التي سبق وتم الاتفاق عليها مع دول، والضغط الشديد من اجل تقليص مصروفات الحكومة. رسميا روحاني اوضح أن ايران ستواصل التمسك بالاتفاق حتى بدون الولايات المتحدة. وهو يجري محادثات ماراثونية مع رؤساء الدول الاوروبية وتركيا وروسيا والصين، التي يسمع من معظمها حول النية للدفاع عن الاتفاق. إن جهود المانيا وفرنسا وبريطانيا لاقناع الاتحاد الاوروبي بفرض عقوبات اخرى، ولو رمزية، على ايران لاقناع ترامب بالتمسك بالاتفاق، لم تنجح. المحادثات التي جرت في الاسبوع الماضي في بروكسل انتهت بالفشل، لكن حتى لو لم ينجح الاتحاد والولايات المتحدة في التوصل الى اتفاق حتى الموعد المحدد، فان الانسحاب أحادي الجانب من قبل امريكا من شأنه المس ليس فقط بايران، بل بشركائها في التجارة. رئيس شركة النفط الفرنسية الكبيرة “توتال”، باتريك بويانا، اوضح في الشهر الماضي بأن شركته تلتزم باتفاق تطوير حقل النفط الجنوبي “فارس” وأنه يطالب باعفائه من العقوبات اذا اتخذ قرار بفرض عقوبات اخرى. كذلك روسيا والصين ستواصلان استثماراتهما، ومثلهما ايضا العديد من دول اوروبا، لكن بدون الجهاز البنكي الامريكي الذي يقاطع ايران، فان الشركات الاوروبية ايضا ستجد صعوبة في الاستثمار في الدولة.
​إن دق طبول الحرب المتوقعة بين ايران واسرائيل، كما حذر في “نيويورك تايمز” كاتب الاعمدة توماس فريدمان، ومثلما يحذرون في اسرائيل، يجب عليه الانتظار على الاقل حتى منتصف أيار. بصورة متناقضة فان الصراع بين واشنطن والعواصم الاوروبية هو الذي يساعد كثيرا في ضبط النفس الايراني ازاء الهجمات المنسوبة لاسرائيل. المنطق الايراني لا يستطيع السماح باندلاع حرب جديدة في الشرق الاوسط التي ستخدم ترامب واسرائيل وتحرر الكوابح الاوروبية. الاتفاق النووي والازمة الاقتصادية تدفع ايران الى زاوية ضيقة لا تستطيع فيها، ليس فقط تطوير مشروعها النووي، بل ايضا حرب تقليدية لن تكون في الحسبان. ايران تستطيع على ابعد تقدير العودة الى الاتفاقات التي وقعت عليها قبل الاتفاق النووي، مثل ميثاق منع انتشار السلاح النووي بدون البروتوكول الملحق، الذي يتضمن رقابة أخف مقابل الرقابة القاسية التي يحددها اتفاق فيينا، والتخلي عن الجدول الزمني الدقيق للاتفاق. ولكن اذا تم اتخاذ هذه الخطوات فان ايران من شأنها أن تقطع بيدها انبوب التعاون بينها وبين الدول الاوروبية وأن تضع ايضا روسيا في وضع معقد.
​الضغوط التي تهدد من الداخل تجبر ايران على اتخاذ قرارات حاسمة ايضا في ساحات اخرى تشارك فيها، لا سيما في سوريا. إن تبادل اللكمات الجوية واللفظية مع اسرائيل وامكانية أن تزيد اسرائيل هجماتها ضد اهداف ايرانية في سوريا، تلزم ايران بتسريع العمليات السياسية التي تديرها روسيا.
​هجمات كهذه بالتحديد ستعزز التعاون بين روسيا وايران بهدف التوصل الى اتفاق شامل يثبت نظام الاسد ويحدد حدود النفوذ للدولتين في سوريا، وينظم المناطق الآمنة ويعيد السيطرة السيادية للاسد ويقيد حرية عمل اسرائيل في سوريا. من اجل تحييد خطر الضربة المحتملة لقواعدها في سوريا تستطيع ايران تطبيق الاستراتيجية التي عملت بنجاح في العراق ومحاولة دمج المليشيات التي برعايتها في الجيش السوري. بهذه الطريقة نجحت في أن تفرض على العراق ضم مليشيات الحشد الشعبي في العراق الى الجيش حيث يتلقى مقاتلوها من الجيش رواتبهم.
​وحدات وقواعد سورية – ايرانية مشتركة ستصعب على اسرائيل الادعاء بأنها تعمل ضد تمركز ايران في سوريا، وكل هجوم ضد قاعدة مشتركة سيعتبر عملا عدائيا ضد نظام الاسد. توجه آخر يمكن أن يتطور في التمركز الايراني بدون تشويش، يتعلق بنقل سكان الى سوريا واعادة اسكان مئات الآلاف من اللاجئين الافغانيين والباكستانيين الذين يشارك عدد منهم في القتال في سوريا برعاية وتمويل طهران. رجال اعمال ومقاتلو مليشيات بدأوا بشراء الاراضي والبيوت في سوريا، ويتوقع حتى حصولهم على الجنسية السورية التي تمنحهم حق المشاركة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية. كما أن مصانع صواريخ أو سلاح ثقيل تقيمها ايران في سوريا ستتحول الى جزء من الترسانة السورية الشرعية، بصورة من شأنها أن تمس بالقدرة على التمييز بين السلاح الايراني والسلاح السوري. مثلما هو الامر في العراق ولبنان واليمن، ليس من المطلوب وجود قوات ايرانية نظامية على الارض من اجل ضمان تمركز النفوذ الايراني. حسب هذه الاستراتيجية، ايران لن تضطر حتى الى أن تقيم في سوريا منظمة مؤيدة لايران منفصلة حسب نموذج حزب الله. هذا الدور سيقوم به لصالحها الجيش السوري، وهو يحظى بحماية الكرملين من الهجمات الاجنبية.
​هذه الخطوات اذا تم تنفيذها من شأنها مساعدة النظام الايراني على مواجهة ليس فقط تهديدات اسرائيل، بل ايضا الضغوط المتوقع حدوثها من الداخل اذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق. احتجاج الجمهور ضد استمرار مشاركة ايران في الحرب السورية والحرب في اليمن، صحيح أنه قمع لكنه لم يتلاشى تماما. النظام متيقظ ومتأهب في وجه اندلاعه من جديد. الحاجة الى الموازنة بين تثبيت النفوذ الايراني في سوريا وبين تهدئة الجمهور في وجه النزيف الاقتصادي الذي تسببه للاقتصاد الحرب في سوريا، هو الذي سيحدد سلوك طهران ايضا امام اسرائيل.
معاريف / المجال الاسرائيلي
معاريف – بقلم ألون بن دافيد – 20/4/2018
​ان احدى المهام التي من المجدي تبنيها في العقد الجديد الذي بدأناه هي اقتلاع الاحساس بالآنية الذي لا يزال يعشعش في قلوب الكثيرين منا، عقلية الغيتو والحصار الذي لم يعد لها مكان في دولة قوية ابنة سبعين زائد. أتفاجأ كل مرة من جديد لرؤية كيف ان كل تهديد عليل يطلقه احد الجيران ينجح في ادخال الكثير من الاسرائيليين في حالة هلع وجودي. بالفعل، منذ اليوم الاول من العقد الثامن لنا سنعنى بتحديات الامن، ولكننا سنعنى بها من موقف قوة عظمى تردع بنجاعة كل الجيران وقادرة على تصميم الواقع الذي من حولنا.
​الجيران من الجنوب سيواصلون اشغالنا بمظاهرات نهايات الاسبوع القريبة. ولكن تحدي هذه الايام هو الحفاظ على حالة التوافق التي خلقناها مع جارتنا الجديدة – روسيا، وردع من يصر على ان يكون جارا – ايران. فالمعركة مع الايرانيين، التي دارت على مدى السنين في الظلام وبواسطة مبعوثين اصبحت مباشرة وهذا حدث ينبغي أن يقلق الايرانيين اكثر مما يقلقنا.
​موجز الفصول السابقة: في ايلول الماضي زعم ان اسرائيل هاجمت مصنعا لتركيب الصواريخ الدقيقة الذي اقامته ايران في المصايف في سوريا. فبعد ثلاثة اشهر من ذلك علم ان اسرائيل دمرت ايضا قاعدة اقامها الايرانيون في قيسوه في جنوب دمشق، والتي كان يفترض بها ان تكون القيادة وتنزل فيها قوات الحرس الثوري. أقر الايرانيون الرد وفي شباط اطلقوا طائرة مسيرة نحو اسرائيل، سمح الان بالنشر بانها كانت مسلحة. ظاهرا، هذه طريقة عمل جد غير مميزة للايرانيين، الذين يخافون المواجهة المباشرة مع اسرائيل. وعليه يمكن الافتراض بان الطائرة المسيرة التي بعث بها الايرانيون تستهدف تنفيذ هجوم دون الاعلان عنه: اطلاق صاروخ نحو هدف اسرائيلي عسكري، مرغوب فيه الا يكون مأهولا كي لا يتسبب باصابات، والعودة بهدوء الى سوريا. كما اراد الايرانيون الاشارة الى أنهم هم ايضا قادرون على الهجوم في اراضي اسرائيل دون ترك بصمات. ولكن هذه العملية انكشفت وانتهت بهجوم اسرائيلي على منصة التحكم في مطار تي فور. هذا، وليس الهجوم الذي نفذ هذا الشهر، كان المرة الاولى التي تنفذ فيها اسرائيل عملية عسكرية علنية ضد هدف ايراني مأهول.
​هذا لن يردع الايرانيين من مواصلة اقامة منظومة الطائرات المسيرة، مسنودة بقدرات دفاعية جوية في القاعدة السورية تي فور. وقبل اسبوعين دمرت اسرائيل، وفق التقارير من سوريا، هذه المنظومة، ببناها التحتية وبرجالها. تي فور هي قاعدة ينزل فيها سوريون، روس وايرانيون. ومن الصور التي نشرت من المطار المقصوف واضح انه تم استخدام ذخائرة صغيرة، موضعية، عرفت بالضبط اي مخزن يتوجب اختراقه.
​ركامات من التحليلات كتبت عن مقال توماس فريدمان في “نيويورك تايمز” الذي اقتبس اعترافا اسرائيليا بالهجوم والذي شطب بعد ذلك. ولكن يبدو أن الحقيقة البسيطة هي أن فريدمان، الذي تلقى استعراضا في اسرائيل، ببساطة حطم قواعد عدم الاقتباس. وهكذا فان كبار رجالات الـ “نيويورك تايمز” يخرقون القواعد احيانا.
​لقد تكبد الايرانيون سبعة قتلى في هذا الهجوم وصعب عليهم التجلد. قاسم سليماني، قائد قوة القدس، سارع للوصول الى دمشق بعد ساعات من الهجوم. وفي هذه الايام يحاول أن يخطط ما يمكن ان يعتبر ردا متوازنا لا يثير عليهم غضب اسرائيل. من سارع الى الدخول الى المجأ في اعقاب تصريحات علي شيرازي بان ايران ستبيد تل ابيب وحيفا، مدعو للخروج وتنفس الصعداء. فليس لديهم هذه القدرة.
​ان التصريحات التي صدرت عن لبنان، من حسن نصرالله، عبر نائبه نعيم قاسم وحتى بوقه الصحفي ابراهيم الايمن، اوضحت ايضا بان ليس لايراني اي مصلحة بتفعيل حزب الله في ردها والمخاطرة بحرب في لبنان. وعليه فيبدو ان الرد الايراني سيأتي من الاراضي السورية. وستبحث ايران عن رد يكون متوازيا: المس بجنود الجيش الاسرائيلي في الشمال وعلى نحو شبه مؤكد من خلال مبعوث، ولكن بشدة ستعرف اسرائيل كيف تحسمها. صلية صواريخ على قاعدة اسرائيلية، عبوة قرب الجدار او نار مضادة للدبابات نحو قوات الجيش الاسرائيلي في الجولان. وقد اوضح رئيس الوزراء ووزير الدفاع باننا لن نحتوي اي شكل من الرد تعقدا المعضلة لهم.
​وبالتوازي، شرعت اسرائيل في معركة وعي حين كشفت النقاب عن اعمال القوة الجوية للحرس الثوري في ايران وفي سوريا. وجاء الكشف للايضاح لسليماني، لقائد قوته في سوريا سعد إزري ورجالهم بانهم مكشوفون من ناحية اسرائيل وسيدفعون ثمنا على كل عمل. ولكن ليس اقل من ذلك جاء النشر ايضا لعيون الكرملين ولبشار الاسد. والرسالة هي ان التواجد الايراني يعرقل المساعي الروسية لاعادة تثبيت دولة شرعية في المكان الذي كانته سوريا.
​تذكير من الغرب
​يتطلع فلاديمير بوتين لان يؤسس في سوريا المستعمرة الروسية الاولى (منذ الحرب الباردة) خارج مناطق نفوذه القريبة. وهو يخطط لاعادة بناء الدولة المدمرة بواسطة شركات روسية، الحصول على شرعية دولية لمواصلة حكم الاسد، لتثبيت مكانة روسيا كقوة عظمى تتواجد في الشرق الاوسط وعلى الطريق كسب بعض المال ايضا. اما الجهد الاسرائيلي فهو للايضاح له بان الشراكة مع الايرانيين ستمس بهذه المصلحة.
​بعد الهجوم في تي فور امتشق الروس بطاقة صفراء لاسرائيل وحذروا من ان العمليات العسكرية هناك هي “تطور خطير”. فالهجمات المتواترة لسلاح الجو في سوريا وحقيقة ان اسرائيل تعمل في سوريا كما تشاء تضعضع الجهد الروسي لتثبيت دولة سيادية هناك. فقد مل الروس هذه الهجمات، وهم ايضا، في هذه الايام، يعيدون احتساب المسار. لروسيا قدرة على المس الشديد بحرية عمل سلاح الجو، ولكن ليس لها رغبة في ذلك. خير فعلت اسرائيل إذ ذكرت الروس في الايام الاخيرة بانها اذا اختارت – يمكنها أن تمحو نظام.
​كما أن الهجوم الامريكي ذكرتهم بهذا ايضا. فقد كان محدودا، وخسارة ان هكذا، ولكن 110 صاروخا نزلت على سوريا، رغم التواجد الروسي هناك، شكلت تذكيرا بان الغرب ايضا يمكنه أن يمحو نظام الاسد من على وجه الارض. بوتين ليس صديقا لاسرائيل، وهو يتعاون مع اسوأ اعدائنا. ولكن ليس له اي مصلحة للمواجهة مع اسرائيل، التي تعتبر في نظره القوة الاهم في المنطقة، وعليه فاسرائيل ايضا ينبغي أن تحذر الا تجعله عدوا.
تعمل الساحة الامنية والسياسية هذه الايام على حفظ علاقات الاحترام المتبادل مع روسيا. فالطيارون الاسرائيليون قاتلوا في حرب الاستنزاف امام الطيارن الروس. ولكن ليس لنا اي مصلحة لاستئناف تلك الايام. والرسالة لموسكو هي أنه اذا خرج الايرانيون وتوقفت ارساليات السلاح الى حزب الله – لن يكون لاسرائيل سبب لمواصلة العمل في سوريا.
لقد اخطأنا حين لم نعمل على تصفية الاسد قبل سنين، قبل ان يدخل الروس الى سوريا. والاسد يجمع اليوم في هذه الارض الاقليمية كل القوى المعادية حيالنا. لقد كان عاموس يادلين أول من اشار الى ذلك، ولكن اسرائيل اصرت على الالتصاق بسياسة عدم التدخل في الحرب في سوريا. اما اليوم فمحظور قبوله كحقيقة ناجزة ويجب مواصلة الايضاح له ولشركائه بان حكمه يمكن أن يمحى بقرار في لحظة.
في الخلفية ينبغي ان نتذكر بان الايرانيين قلقون بقدر لا يقل من امور اخرى ايضا. فعملتهم استكملت هبوطا بمعدل 30 في المئة من بداية السنة، ما هو كفيل بان يصعد مرة اخرى الاعتراضات الداخلية ولكن ايضا يشجع النظام على توجيه الاهتمام باسرائيل. تقف ايران امام فترة من الضعف: زعيمها الاعلى خامينئي لن يطول زمنه وكل من سيحتل مكانه لن يتمتع بهالة الرجل الذي يسيطر بلا قيود في ايران منذ نحو 30 سنة. بعد موته ستفتح مرة اخرى نافذة فرص لتحقيق التغيير في المجتمع الايراني.
هآرتس / احتفال اشعال المشاعل كان – عرض رائع للوطنية مليء بالمنشطات
هآرتس – بقلم جدعون ليفي – 20/4/2018
​مراسيم احتفال اشعال المشاعل في جبل هرتسل كان عرض يحبس الانفاس من التبرج الذاتي الذي لم نشاهد مثله من قبل هنا: من المشكوك فيه أن نشاهد مثله في دول كثيرة اخرى. فهو يدمج بين إبنة السابعة للفقراء وبين بيونغ يانغ للاغنياء، القليل من روسيا السوفييتية والقليل من لاس فيغاس، وطنية رائعة مشبعة بالمنشطات، طويلة ومليئة الى درجة لا نهائية. ولكن أخيرا وفي النهاية بعد أن نزل مئات اللاعبين ومطربي الجوقة عن المنصة فان العظمة تلاشت وكل اضواء الالعاب النارية خبت، ومشعلو المشاعل تفرقوا وذهبوا الى بيوتهم وهم يحملون الاكاليل ومعهم ايضا الجمهور الواسع، بعد كل ذلك دوى في ارجاء الجبل سؤال ما الذي كان لدينا هنا؟ دولة تستند الى ماضيها، تتفاخر بحاضرها الفاخر، تتنكر للواقع وليس لديها أي فكرة الى أين تتجه.
​بعد أن خبت جلبة المشهد، بقينا مع الواقع، الذي تقريبا لم يكن له ذكر في العرض الرائع هذا. الوزيرة ميري ريغف عرضت ماض لم يعد بالامكان الاستناد اليه: التوراة، الشتات، الكارثة، البطولة والنهضة. وبعده واقع موهوم ومستقبل غامض.
​أخيرا بقينا مع ومضات خادعة مثل النجوم الخيالية التي ملأت السماء، الكثير من الالوان التي تلاشت من تلقاء ذاتها، مثل الراقصة التي انقضى زمنها والتي ترقص بحركاتها البارعة القديمة، هذا أمر يدعو الى الشفقة قليلا العودة مرة اخرى الى السور والبرج، وبعد ذلك التغطية على الواقع. هل هناك ما يدعو الى التفاخر؟ نعم يوجد. في ماذا؟ في الهاي تيك وفي البندورة. هذا لا يكفي أي دولة، وبالتأكيد ليس دولة لديها هذا القدر من الفخار التي رئيس حكومتها يقول إنها مثال للقوة والحرية والتقدم. الهاي تيك أمر جيد، والبندورة ايضا. هذا ليس فقط يصنع الاموال، لكنه فارغ.
​أخيرا، بعد انتهاء المراسيم وصمتت الهتافات بقينا مع دولة ليس لها مضمون أو معنى سوى التي اخفيت تماما في الاحتفال، التي تجاهلت تماما جوهرها الحقيقي. ما يميز اسرائيل في سنتها السبعين اكثر من أي شيء آخر، اكثر من شلومو آرتسي وزئيف ريفح، واكثر حتى من نتنياهو وريغف، هو الاحتلال. نعم، الاحتلال – مرة اخرى الاحتلال – الذي لم يكن له أي ذكر بالطبع في العرض الكبير في المدينة. حتى أنهم خافوا من ذكر المستوطنات هنا حتى لا يذكروا الاحتلال. في جبل هرتسل تم تقديم عرض السنة السبعين: عرض مسكر وكاذب ويحبس الانفاس. التصفيق لريغف.
​في البداية الى صغائر الامور: نتنياهو كان على حق. فهو عرف لماذا قام بتحريض ريغف على يولي ادلشتاين، لقد تذلل كما يبدو في ركضه وراء الخطاب وفاز فوزا ساحقا. نتنياهو كان نجم الحفل، وليمت الحاسدون. لقد ترك غبار خلفه لادلشتاين، واذا كنا نتحدث عن الصغائر: نتنياهو تحدث 30 دقيقة و29 ثانية، التي هي تقريبا ثلاثة اضعاف ما تم الاتفاق عليه. ادلشتاين تحدث 8 دقائق و28 ثانية، وبعد ذلك سرق قليلا في خطاب الاشعال الطويل بشكل خاص لعظمة دولة اسرائيل، ولكن من الذي يهتم بذلك.
​ادلشتاين مع بعض الآيات من التوراة ونتنياهو مع بوابة تيتوس. الاثنان لم يتبادلا أي كلمة طوال المساء، جلسا بجانب بعضهما متكدرين. نتنياهو لم يكلف نفسه عناء التوجه نحو رئيس الكنيست، ورئيس الكنيست لم يقف احتراما لرئيس الحكومة، عندما عاد بعد خطابه الى الكرسي البلاستيكي الذي يوجد على السجاد الاحمر. مقدار الهتافات ايضا لم يكذب: الكثير الكثير لنتنياهو، بعده للقدس، وبعد ذلك لميتع برزيلاي وفي النهاية لادلشتاين.
​نتنياهو تحدث بطريقة رائعة كالعاد. يبدو لي أنه يؤمن من اعماقه باذهاله. لقد ألقى خطابه بحماسة من الصعب تزييفها. هو حقا يعتقد أننا ممتازون جدا، لا مثيل لنا، وكل شيء بفضله بالطبع. رئيس حكومة الهند مودي قال له بأننا دولة عظمى، وربع مليون هندي صفقوا له، نحن أقوى من أي وقت مضى، ضوءنا ينتصر دائما على ضوئهم. محاربونا هم المكابيون الرائعون في ايامنا، نحن نحول اسرائيل الى قوة عالمية صاعدة. الى أين يمكنها أن تصعد، الى دولة ضوءها ينتصر على اضواء الآخرين؟ باستثناء دونالد ترامب وفيكتور اوربان وكيم جونغ اون، هل هناك رئيس دولة يتحدث بهذا الشكل عن نفسه؟.
​يوم الاستقلال يجب أن يكون يوم سعيد، حتى لو كان يوم كارثة لعدد من مواطني الدولة وكل رعاياها الذين ليست لهم مواطنة. كان يمكن أن نفرح بقدر أقل، ولكن ما للسياسة ولاسرائيل خاصتنا. ولكن من غير القليل من الفرح لا يمكن ذلك: الجمهور كان سيرفع الاعلام ويصلي صلاة التذكر، لكن لا أعلام ولا صلاة التذكر. قبل عشر دقائق من بداية الاحتفال، اضافوا عشرات الكراسي البلاستيكية، البروفيسور اسرائيل أومن يصعد على المنصة وكأنه لا يعرف الى أين يذهب، هل هي جائزة نوبل أم لا. شمعون ريكلين على يميني وعدد من شباب الثانوية على يساري، لا يقولون أي جملة دون كلمة “أخي” ويسألون اذا كانوا سيكونون هنا في الذكرى المئة، مع كل ايران هذه، يقولون لهم إن دولتهم دولة عظمى. وبعد لحظة يقولون لهم إنها مرشحة للتدمير. ريغف تظهر في المدرج مثل عروس بالفستان الابيض، هذه هي ليلتها، بعد قليل تلوح بعلمها الصغير، يمينا ويسارا مثل جوقة مؤيدات الـ ان.بي.إي، وتميل ضاحكة على كتف سارة نتنياهو، التي جاءت مع زوجها يدا بيد وبعد ذلك تمسك بيد مضيفة.
​في الاحتفال كان عدد كبير من القبعات المنسوجة من النوع المتوسط في السوق، كما هو دارج في احتفالات كهذه، ليس هناك حريديون وليس هناك عرب، تقريبا ثلث الشعب غير موجود هناك، وهذا ايضا ليس يوم عيد، ولم يكن يشمل الدروز حتى للزينة. سيدي رئيس الحكومة، سيدي رئيس الكنيست، الاحتفال جاهز. في الراديو القديم في طفولتي الذي كان يوجد في الصالون والذي كنا نشعله قبل زمن حتى تسخن السماعة في الوقت المناسب، كان هذا التوجه دائما فقط لرئيس الكنيست. والدتي كانت تحب كثيرا بث هذا الاحتفال، وفي كل سنة كنا نجتمع حول الراديو ونصغي. أخي وأنا كنا نتراهن على أي وحدة هذا العام ستأخذ علم الجيش الاسرائيل. والحقيقة هي أننا نقوم بذلك حتى اليوم. رهاني هذه السنة هو على سلاح التنصت أو ماذا يسمونه اليوم، ليس لدي فكرة، لكن قيادة المنطقة الجنوبية هي التي حصلت على العلم، ويبدو هذا بفضل القناصة الممتازين الموجودين في غزة.
​الاحتفال، يقال لصالحه، كان مدنيا اكثر من السابق، وشرقيا اكثر منه. هو ايضا لم يتجاهل اسهام حركة العمل، وخلافا لايام الليكود الاولى: بن غوريون، الكيبوتس، شايكا غبيش ونحبك يا بيرس، فان الليكود نضج. سريت حداد غنت اغنية حب جميلة لليتا ملفعة بشال ابيض بثت عليه بالليزر صور شهداء الجيش الاسرائيلي. في البلاد احببت ازهار اللوز، عشرات اسرة المرضى على المنصة، لم افهم لماذا، واشخاص ينامون لسبب ما تحتها، كما يبدو احتراما للعجوز في الرواق، في دولة الهاي تيك والبندورة، الاسلاك الشائعة التي رمزت للكارثة هي بالضبط تلك الجدران التي تحيط بقطاع غزة، لكن في هذا المساء يوجد احتفال، ومن الذي سينتبه.
نحن نحبك أيها الوطن. لم تكن هناك ترجمة للكورية الشمالية لأن هذه البلاد لنا. اغنية الشباب، اغنية مستقبلنا. ومن اقام كل هذا، ارض الوطن. المدرج ضج مع نيتع برزيلاي وكان يهدد بالانهيار، استراحتان فكاهيتان: ادلشتاين “لقد أنبتنا في اسرائيل واحة صحراوية ديمقراطية”.
​عندها جاء المجندون السبعة الجدد: لقد اقسموا بأن يضحوا بحياتهم دفاعا عن الدولة. لقد اقسم المكابيون المدهشون خاصتنا في حاجز قلندية، من يحبك أكثر مني، أنا أضمد جراحك، يا أمي الارض. هذا الصنف يجب تحسينه، وكل ما نريده سيتحقق، لكن ماذا سيكون؟ على هذا السؤال لم يجب أي واحد في جبل هرتسل، الذي يصرخ من شدة السعادة. كما قال ادلشتاين في خطابه الاخير على هذا الجبل “بعد كل ذلك نحن نغني”.
هآرتس / مفتاح مستقبل اسرائيل الديمغرافي: الحريديون
هآرتس – بقلم سيرجيو دي لا فرغولا – 20/4/2018
​المكتب المركزي للاحصاء – الجسم رسمي له سمعة واستقلالية لا تشوبها شائبة – نشر مؤخرا عدد جديد من التوقعات الديمغرافية عن سكان اسرائيل حتى العام 2065. في بداية 2018 يبلغ عدد سكان اسرائيل 8.8 مليون نسمة تقريبا، منهم 6.6 مليون يهودي، 400 ألف أبناء عائلات غير يهودية يسري عليها قانون العودة (أي سكان يهود يبلغ عددهم 7 مليون) و1.8 مليون عربي – بما في ذلك سكان شرقي القدس وهضبة الجولان، والاسرائيليون الذين يعيشون في المستوطنات في الضفة الغربية. العرب سكان الضفة وقطاع غزة غير مشمولين في هذا العدد.
​التوقع، بالطبع، ليس نبوءة: هو قراءة للاحداث المعروفة في المجتمع، وهو قراءة لاتجاهات التغيير التي بدأت في الحدوث في نمط العائلة، في مستويات الصحة والهجرة. من اجل دمج تغييرات هامة، التي ما زال لا يمكن توقعها بسهولة، من المعتاد التفكير بعدد من السيناريوهات التي تتضمن هوامش من التغييرات نحو الاعلى أو الاسفل حول الاتجاه المركزي المنطقي. هكذا يكون لدينا مدى من البدائل – مرتفع، متوسط ومنخفض – التي تشير الى مجال معقول لا يمكن أن يحدث في العقود القريبة القادمة. التوقعات الديمغرافية لا تعرض عناصر كارثية أو تدريجية مثل حرب عالمية، أوبئة قاتلة، تصادم مع كواكب اخرى وما اشبه. مثال قريب جدا للاحداث غير المتوقعة كان انهيار الاتحاد السوفييتي الذي كانت له تداعيات بارزة على العالم اليهودي وعلى كل العالم، لكن هذه الاحداث تملأ بالاساس خيال الكتاب، وفي الواقع هي تحدث بين الفينة والاخرى.
​داخل هذه الحدود ووفقا لخيار التطور المتوسط، التوقعات الجديدة حتى العام 2065 تبين أن سكان اسرائيل سيصلون الى علامة فارقة تمثل 10 مليون نسمة في بداية العشرينيات من هذا القرن، أي خلال سنوات قليلة. وستصل الى 15 مليون نسمة في نهاية اربعينيات هذا القرن، والى 20 مليون في الستينيات. هذه المعطيات تهز خبراء البيئة وعلى رأسهم ألون طال من جامعة تل ابيب، الذي في كتابه الاخير “الارض مليئة، مواجهة مع الانفجار السكاني في اسرائيل”، يسأل كيف سيكون بالامكان ايجاد مكان لاشخاص بهذا العدد ويوصي بتقليص دراماتيكي في معدل تكاثر السكان في اسرائيل.
​المشكلة معقدة لأن سكان اسرائيل ليسوا متجانسين، هم خليط من مجموعات مختلفة لها صفات ثقافية وديمغرافية مختلفة ومعدلات تكاثر مختلفة. المسارات الديمغرافية اكثر تعقيدا من تدفق المياه في الصنبور، الذي يمكن فتحه واغلاقه. التوقعات الجديدة تبين ان عدد متزايد من السكان اليهود يعبر عن النمو الاسرع للمكون الحريدي. عدد من الحريديين من اجمالي السكان اليهود سيزداد من 14 في المئة في 2015 الى 28 في المئة في 2045، وسيصل الى 40 في المئة في 2065. السكان العرب في اسرائيل سيحافطون على نصيبهم الحالي، حوالي 21 في المئة من اجمالي السكان مع زيادة أقل على المدى البعيد.
​اذا نظرنا الى مساحة ارض اسرائيل بين البحر والنهر فان بحث اجري في الجامعة العبرية في القدس يشير الى أن عدد السكان سيزداد بسرعة، سواء في جميع المنطقة أو داخل كل واحدة من مكونيها – منطقة دولة اسرائيل ومنطقة السلطة الفلسطينية. في منتصف القرن الواحد والعشرين ربما يتضاعف عدد السكان الحالي، الذي يضم اكثر من 13 مليون نسمة. بنظرة الى الوراء يتبين أن اغلبية يهودية تحققت في كل المنطقة في بداية الخمسينيات من القرن الماضي؛ حتى السبعينيات فان الزيادة في عدد السكان كان اسرع في اوساط اليهود؛ وبعد ذلك الزيادة كانت اكبر في اوساط السكان العرب. هذا الميل يتوقع أن يستمر حتى ثلاثينيات القرن الحالي. بعد ذلك يتوقع نمو بسرعة أقل في اوساط السكان اليهود. هذه العملية الاخيرة تمثل الدور المتوقع للحريديين في اوساط اجمالي يهود اسرائيل.
​في العام 2065 اجمالي عدد السكان اليهود في كل المنطقة التي تقع بين البحر والنهر يمكن أن يبلغ 16 مليون نسمة، وعدد السكان العرب 13 مليون. وبالاجمال، يكون في كل المنطقة حوالي 30 مليون نسمة. التوقعات ترتكز الى المعدل المتوسط. ولكن على فرض أن نمو الحريديين يقل تدريجيا نتيجة ازدياد دمجهم في المجتمع وفي سوق العمل فان السكان اليهود جميعهم سينمون بوتيرة ابطأ، والنصيب النسبي للسكان العرب سيزداد وفقا لذلك.
​سيكون لهذه الميول تداعيات عميقة على ميزان المجموعات العرقية – الدينية الاساسية داخل اجمالي السكان. على اساس تعريف سكان يهود موسع في حدود دولة اسرائيل مثلما جاء آنفا، حتى النصف الثاني من القرن الواحد والعشرين يتوقع أن تكون اغلبية يهودية تبلغ 80 في المئة، لكن الصورة ستتغير اذا تم دمج المناطق الفلسطينية وسكانها. اذا اضفنا الى دولة اسرائيل كل المنطقة وكل سكان الضفة الغربية، الاغلبية اليهودي ستتقلص الى 60 في المئة، الامر الذي سيحول مفهوم “دولة يهودية وديمقراطية” الى امر فارغ من المضمون عمليا، واذا اضفنا سكان قطاع غزة فان الاغلبية اليهودية ستتقلص الى 50 في المئة، ومشروع الدولة اليهودية سيصل الى نهايته.
​كل هذه التوقعات تعكس البديل المتوسط لمكتب الاحصاء المركزي. مع ذلك، اذا فرضنا أن هناك احتمال لتحقق البديل المنخفض في اوساط اليهود الحريديين، فان السكان اليهود يتوقع أن يزداد عددهم بصورة اقل، ولهذا ايضا الاغلبية ستقل وفقا لذلك. الميول الديمغرافية الحالية والمتوقعة سيكون لها تأثير حاسم بالطبع على الطابع الثقافي والاقتصادي والسياسي المستقبلي، لا سيما على التوازن المتبادل بين اسرائيل وفلسطين. التأثيرات المتوقعة للديمغرافيا تقتضي اهتمام رؤساء اسرائيل والمسؤولين عن التخطيط الاستراتيجي.
​الحقيقة الجديدة التي تبرز من هذه التوقعات هي الارتباط بين نمو السكان اليهود بشكل عام ونمو السكان الحريديين. اذا زاد عدد الحريديون بصورة أقل فسيقل معدل النمو في السكان اليهود بالاجمال، ونسبة معدل السكان العرب سيزداد وفقا لذلك. في المقابل، الوزن المتزايد للحريديين سيمكن من الحفاظ على التوازن الديمغرافي الحالي، لكنه يثير تساؤلات اخرى: هل يستطيعون الاندماج بصورة افضل في المجتمع وفي اقتصاده وأن يحسنوا مستوى حياتهم عن طريق تحقيق استقلال اكبر وفقر اقل واعتماد على الدعم المجتمعي؟ هل سيقود هذا الى تقليص العائلات الحريدية؟ الامر المؤكد هو أن المفتاح للمستقبل الديمغرافي لاسرائيل موجود في أيدي الحريديين. في ديمغرافيا دولة اسرائيل هناك نوع من التحالف المقدس بين الاجزاء المختلفة من المجتمع اليهودي، والنتيجة في كل الاحوال ستكون مجتمع اسرائيلي مختلف تماما في منتصف القرن الواحد والعشرين.
إسرائيل اليوم / كُتّاب القواعد
إسرائيل اليوم – بقلم يوسي بيلين – 20/4/2018
​لا تتشارك اجيال السياسيين ذات جينات الاجيال البيولوجية. فالاخيرون يتميزون حصريا بعمرهم بينما الاجيال السياسية يتميزون بارائهم وافعالهم. فاذا كان النظام الملكي ينجح في حفظ سلالته على مدى مئات السنين وكل ما يتغير هو العدد المرفق باسماء الملوك، فلا يمكن الحديث عن اجيال من السياسيين في ذات المجتمع، ولكن اذا صعد الى الحكم زعيم معني باحتلال العالم، بوضع حد للحكم في كل العالم، لمنح دستور لشعبه او لاجراء تغيير دراماتيكي آخر، فانه كفيل بان يقود جيلا كاملا من الناس ممن يمنحونه الدعم، ويرون أنفسهم كجيل سيغير وجه تاريخ شعبه.
​كل واحد من الاجيال السياسية في اسرائيل صممه الواقع والاحداث الكبرى التي وقعت هنا، وكل واحد منهم ساهم في تصميم واقع حياتنا. الجيل السياسي الاول، ولد في معظمه ان لم يكن كله في الثمانينيات من القرن التاسع عشر (مثل بن غوريون، بن تسفي، شزار). ويدور الحديث عن شبان عزاب وصلوا الى بلاد اسرائيل منذ بداية القرن العشرين وحتى الحرب العالمية الاولى. اناس الهجرة الثانية كانوا صهاينة شككوا بفكرة هرتسل لنيل امتياز قوة عظمى، يمنح اليهود ارض معيشة خارج اوروبا، ولكنهم آمنوا بالفكرة الصهيونية. وتوجهم التاريخ كمن ينتمون لمعسكر الصهيونية العالمية (مقابل الصهيونية السياسية لهرتسل). وجاءوا الى البلاد بقواهم الذاتية، رأوا أنفسهم كطلائع سيسير كل المعسكر في اعقابهم، وأمنوا بـ “انقاذ الارض” من ايدي الافنديين العرب، بالعمل الزراعي الذاتي وبالمساواة.
​شاعرية الاسود أو الابيض
​تميز الجيل السياسي الاول بحماسة ايديولوجية وايمان عميق. كجيل مؤسس، نجح في اقامة مؤسسات واجهزة حكم تحت الحكم التركي، وبالاساس تحكم حكم الانتداب البريطاني، كان مقتنعا بعدالة طريقه وكرس وقتا طويلا لمداولات ايديولوجية اعتبرت – من آخرين – كجدالات على كل حرف. اما الجماعات الاخرى في المجتمع اليهودي الصغير فكانت هامشية في حجمها. “الحاضرة القديمة”، اي اليهود الاصوليون الذين عاشوا في المدن المقدسة، لم تؤدي دورا سياسيا. اما اليمين الجابوتنسكي فكان صغيرا في حجمه، والعناصر المدنية، ممن جاءوا في الهجرة الثالثة (فور نهاية الحرب العالمية الاولى) ولا سيما في الهجرة الرابعة (في نهاية العشرينيات) تعاونوا مع الاقدم منهم، حتى وان كانوا آمنوا اكثر بالنهج الرأسمالي، وهو الامر بالنسبة لي اناس الهجرة الخامسة، في الثلاثينيات، والتي كانت اكثر ثقافة وليبرالية، ولكنها قبلت بسيادة المؤسسين.
​لقد اقام هذا الجيل الاحزاب العمالية، مؤسسات المعونة المتبادلة، الهستدروت العامة، و “شركة العمال”، مكتب العمل، وبالاساس الموشافات والكيبوتسات، والتي رأوا فيها قدوة لطريقة العيش في البلاد، وفي ضوئها ربوا حركات الشبيبة.
​وكان الحديث التأسيسي لهذا الجيل هو قرار الهجرة الى البلاد، والتحديات الشخصية والجماعية التي كانت من نصيبهم في تلك الايام، في العشرينيات من حياتهم. اما الاجيال البيولوجية الاكثر شبابا فساروا بثقة في طريق ابائهم الذي آمنوا بعدالته. وبدا نجاحهم في نظرهم كايثاء بتوقعات المؤسسين. من لم يكن عضوا في الهستدروت كان يعتبر كمن يستغل العمال. ومن ترك الكيبوتس كان يعتبر فشلا، ومن لم يؤمن بالقدرة على دمج اتحاد مهني مع ملكية الشركات الهستدروتية كان يعتبر راسماليا. وقوة الجيل السياسي الاول، استعداده للتضحية من اجل العموم وايمانه شبه الديني بعدالة طريقه، كل هذا وضع في الظل جيل ابنائه، ممن ولدوا هنا ليجدوا الامر جاهزا امامهم.
​ادارة مخترقة للطريق
​اما الجيل السياسي الثاني، فولد في معظمه بالعقد الذي بين 1915 و 1925 (موشيه دايان، يغئال الون، ابا ايبان، اسحق رابين، شمعون بيرس، عيزر وايزمن وآخرين). والحديث المصمم لهؤلاء الاشخاص كان الكفاح لاقامة الدولة. كان هذا هو الجيل التكنوقراطي الذي لم يشكك بفكر الجيل الاول، ولكنه لم يحب اسلوبه: المداولات الطويلة والمملة، نسب حجوم تاريخية لكل تدشين لمصنع. لقد كانت هذه مجموعة لم تتميز بمزايا يهود المنفى والكثير من اعضائها كانوا ممن تركوا الكيبوتسات او الموشافات. وفي نمط حياته عبر هذا الجيل عن تحفظه من الطريقة التي اختارها اباؤه، ولكن في مواقفه واصل طريقهم. والانتقاد عليهم كان في أنهم لا يتحركون ايديولوجيا كابائهم وردهم كان ان الاباء شقوا الطريق، جففوا المستنقعات واقاموا المؤسسات، اما هم فيسعون للتقدم نحو النصف الثاني من القرن العشرين والتركيز بنجاعة اكبر على الجيش والوزارات الحكومية.
​وبخلاف الجيش الاول، معظمهم لم يكتبوا كتبا ايديولوجية ولم يحاولوا التصدي لمسائل فلسفية. فقد رأوا أنفسهم كاناس قيميين يواصلون في الطريق الصحيح ولكن اهتمامهم تركز على عدم تبذير وقتهم على الفلسفة وهم قادرون على أن يجلبوا الى البلاد مناهج ادارية جديدة تعلموا بعضها في الخارج – سواء في اطار حياتهم المهنية العسكرية أم في أطر اخرى.
من العام الى الخاص
ولد الجيل السياسي الثالث في منتصف القرن العشرين. وتشكل من مواليد البلاد وممن هاجروا اليها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. وقد تربى على خلفية احداث الكارثة. كان اقل انسانية من أسلافه، والحدث الذي صممه كان حرب يوم الغفران. وقد تضمن الاحفاد الايديولوجيين لجيل المؤسسين (مثل “الثمانية” في كتلة العمل في الكنيست والذي ضمت في عضويتها ضمن آخرين نيسيم زفيلي، حاييم رامون وعمير بيرتس) والى جانبهم أبناء الجيل الشاب لـ “العائلة المقاتلة”، اناس حركة حيروت، ممن كان اباؤهم اعضاء في التنظيم السري في الايتسل، وبعض منهم كانوا في الكنيست (ايهود اولمرت، دان مريدور، روني ميلو وآخرون).
اما شباب المفدال فكانوا المجموعة الجيلية الثالثة. فقد تميزت بفك الارتباط عن صورة “المبايي مع الكيبا” لابائها الايديولوجيين واتخذت خطا مسيحانيا، رأى في نتائج حرب الايام الستة فرصة للاستيطان في كل المناطق التي احتلت في ايامها القليلة. بعد حرب يوم الغفران منح هؤلاء الشبان (بقيادة زبولون هامر ويهودا بن مئير) رعاية لغوش ايمونيم ونشاطها الاستيطاني.
السلام الان (التي ولدت على خلفية المحادثات بين اسرائيل ومصر) وغوش ايمونيم تحولتا الى التعابير المؤسساتية الابرز للوحدتين الجيليتين في الجيل الثالث. وتبلورت هنا فكرتان بدا وكأنه لا يمكن الجسر بينهما؛ المؤمنون بتقسيم البلاد رأوا في حرب يوم الغفران دليلا على أن المناطق المدارة ليست أحزمة امان وان المشكلة الاشد في هضبة الجولان كانت اخلاء بيوت الاصليين، في الوقت الذي اندفعت فيه القوات السورية نحو كيبوتس غدوت. وتحدثت فكرة غوش ايمونيم عن خطر ضياع الفرصة للاستيطان في اماكن اخرى وتحقيق الوعد لابونا ابراهيم. وهذا لا يزال هو التقسيم الابرز. “فتيان الشموع”، اولئك الذين بكوا اغتيال رابين، لم يخلقوا ايديولوجيا اصيلة، والجدال السياسي الذي لا يزال يميز السياسة الاسرائيلية بقي بين من يتبنى اعادة المناطق وبين من يسعى الى اقتسامها.
بقدر معين يمكن القول ان الجيل الذي ولد في سبعينيات القرن الماضي والذي صمم اتفاق اوسلو واغتيال رابين بقدر كبير افكاره السياسية اتجه الى “احتجاج الكوتج”، وهو يوجه طاقاته لحل مشاكل الفرد، انطلاقا من الاحساس بان الفيل الذي في الغرفة اكبر مما ينبغي.
جنرال إسرائيلي : محميون لكننا غير آمنين وهذا سبب قلق وجودنا
هآرتس – 20/4/2018
تحدث جنرال إسرائيلي عسكري، عن المخاوف التي تشعر بها القيادة الإسرائيلية من خطر الوجود بعد سبعين عاما عما وصفه “الاستقلال”.
وقال رئيس المخابرات الإسرائيلية السابق ايالون وعيديت شبيرن جيتلمان في مقال نشرته صحيفة “هآرتس”، إن “إسرائيل في سنتها السبعين تجد أنها محمية أكثر مما في الماضي، ولكنها ربما أقل أمنا من أي وقت مضى”.
وأوضح جيتلمان أن “الحماية تأتي من قيام الجيش الأقوى في الشرق الأوسط والاقتصاد الأكثر ازدهارا، إلى جانب التسويات السلمية المستقرة التي توصلنا إليها مع مصر والأردن، والثابتة منذ عشرات السنوات”.
واستدرك المسؤول الأمني الإسرائيلي قائلا: “لكن في المقابل، فإن انعدام الأمن ليس مسؤولا عنه الأعداء فقط، بل القيادة الإسرائيلية أيضا، التي تصر على تعزيز إحساس الخوف الوجودي، والإسرائيليون الذين يتعاونون مع هذا العناد”، بحسب تعبيره.
وأكد جيتلمان أن “الجيش الأقوى لا يمكنه أن يمنح مواطني دولته إحساس الأمن، إذا كان هؤلاء يسمعون كل الوقت كم هي حياتهم هنا متعلقة بشعرة، ووجود ألف هجوم خلف البحر”، مبينا أن “الجيش لن ينجح في طمس مخاوف من يقنعونه أن فتاة غير مسلحة ابنة 17 عاما، تشكل تهديدا على الجنود الإسرائيليين”.
وأشار إلى أن الأحداث الأمنية الكثيرة التي سبقت احتفالات الاستقلال، تجسد مرة أخرى كيف يمكن لدولة أن تتحلى بسكرة القوة، التي تسمح لها بأن تقصف في ظلمة الليل مفاعلا في سوريا، وفي نفس الوقت تغرق في وعي الخوف.
ورأى أن “التبجح الإسرائيلي في القدرة العملياتية وإطلاق الرسائل للأعداء على الدوام إلى جانب حظر المس بالمتظاهرين في غزة طالما لا يشكلون خطرا على وجودها؛ يفسر أن إسرائيل تعيش حالة قلق وجودي، يتنافى مع قوتها العظيمة”.
واستكمل جيتلمان مقاله قائلا: “صحيح أن الواقع الأمني معقد ويجلب الاضطراب والمخاوف بشأن التطورات التي من شأنها أن تؤدي إلى الحرب؛ لكن هذا يتطلب من الإسرائيليين أن يميزوا بين الواجب في أن نكون على أهبة الاستعداد، وبين الإدمان على الخطاب القتالي كوسيلة لتبرير المظالم”، وفق قوله.
هآرتس / يوم نكبتهم
هآرتس – بقلم أسرة التحرير – 20/4/2018
​احتفلت دولة اسرائيل أمس بيوم استقلالها في سلسلة من الاحتفالات الرسمية والشعبية. لاسرائيل ما تحتفل به في مرور سبعين سنة عليها، وفرحتها مناسبة. ولكن هذا الاحتفال لا يمكنه ان يكون كاملا طالما بقيت تتجاهل مشاعر نحو خمس مواطني الدولة، عرب اسرائيل، بل وتهاجمهم على مشاعرهم وتحاول منع التعبير عنها علنا.
​لا يدور الحديث فقط عن عيد ليس عيدهم. فكل اعياد اسرائيل ليست اعيادهم. يوم الاستقلال يمثل بالنسبة لهم المصيبة الوطنية للشعب الفلسطيني الذي هم، عرب مواطني اسرائيل، جزء لا يتجزأ منه، وهذا ما لا يمكن لدولة اسرائيل ان تتجاهله، حتى لو كان الامر مزعجا جدا.
​لمواطني الدولة العرب وبالطبع للرعايا الفلسطينيين، الذين يعيشون تحت الاحتلال الاسرائيلي منذ 51 سنة، فان يوم قيام الدولة هو يوم ضياع القرى، المدن والاراضي، ضياع بلادهم وضياع كرامتهم ايضا. كائا من كان المذنبون في ذلك، لا يمكن عدم تفهم مشاعر الفقدان والحزن لشعب فقد بلاده.
​ولكن الوضع اخطر بكثير. فنظرة تاريخية الى الوراء، فان نكبة الفلسطينيين، مصيبتهم، لم تنتهي مع قيام الدولة بل انها بدأت فقط، وعمليا لم تنتهي حتى اليوم. فدولة اسرائيل لم تغير نهجها للشعب الفلسطيني منذئذ، ولا سلوكها تجاهه. سياسة السلب تتواصل: ليست فقط احتلال مناطق1967 وازدهار مشروع الاستيطان بل وايضا تخريب قربة بدوية في النقب، ام الريحان وبناء بلدة يهودية على خرائبها.
​طالما لم تقم دولة فلسطينية، فان النكبة لم تنتهي، ولم ينته حزن الفلسطينيين، بمن فيهم مواطنو الدولة العرب. طالما لم تتغير سياسة الاحتلال والسلب الاسرائيلية، فان على الدولة ان تحتوي وان تحترم على الاقل مشاعر ابناء الاقلية القومية فيها.
​”أنا لا يمكنني أن اكون شريكا في فرحتكم”، كتب رئيس القائمة المشتركة، النائب ايمن عودة، في “هآرتس” 18/4 واضاف: “طالما رفضتم الاعتراف بالماضي والعمل على اصلاح الواقع في الحاضر، لن نتمكن من ان نبني معا مستقبلا لليهود وللعرب في هذه البلاد”. يجدر باقواله ان تصدح اسرائيل، ولا سيما في يوم عيدها الوطني، يوم الاستقلال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى