اهم الاخبار والمقالات والتقارير من الصحافة الاسرائيلية ليوم 8– 4 – 2018
يديعوت احرونوت :
– حماس على الجدار../ لو عملنا بشكل آخر لكانت صواريخ في بئر السبع../
– الفضيحة – عاصفة الشعلات.
– هدية للدولة: تخفيض الضرائب.
– لا دخان بدون نار(تحليل اليكس فيشمان).
– النجاح والحرج.
– مقتل تسعة فلسطينيين بينهم صحافي والجيش يقول سنفحص موته.
– لفخار دولة هندوراس – رئيس هندوراس سيشعل شعلة يوم الاستقلال.
معاريف/الاسبوع :
– الجيش الاسرائيلي: اذا استمرت مسيرات العودة سنرد في عمق القطاع.
– كبار رجلات الدولة يحتفلون امس بالميمونة في أرجاء البلاد.
– الوزير اكونيس: سنعمل على اعادة الارتيريين الى بلادهم.
– نفد الصبر – نهاية اسبوع اخرى من المواجهات على حدود قطاع غزة.
– الولايات المتحدة مرة اخرى تحبط مشروعا مناهضا لاسرائيل في الامم المتحدة.
– قتيلان وعشرات الجرحى في حادثة دهس في المانيا.
– نتنياهو سيصل الى احتفال الشعلات وكفيل بان يخطب.
هآرتس :
– السلطات في غزة: مقتل تسعة واصابة نحو 300 بالنار الحية من الجيش الاسرائيلي.
– الدولة لمحكمة العدل العليا: احتمال عال ان نبعد الى اوغندا؛ رئيس اوغندا: لا اتصالات، لن نقبل مبعدين.
– نتنياهو يقرر الخطابة في احتفال اضاءة الشعلات.
– صحافي مع سترة واقية باشارة صحافة يقتل بنار الجيش الاسرائيلي.
– الجيش الاسرائيلي سيهاجم من الجو احداثا لحماس اذا استمرت محاولات المس بالجدار الحدودي.
اسرائيل اليوم :
– كبار في الجيش الاسرائيلي: “لن نسمح لمظاهرات حماس ان تتحول الى عادة”.
– رئيس الوزراء: “في غزة يرفعون علما نازيا ويتحدثون عن حقوق الانسان”.
– الساحة السياسية: الولايات المتحدة تمنع قرارا مؤيدا للفلسطينيين في الامم المتحدة.
– مع اعلام فلسطين: 2000 يتظاهرون في سخنين تأييدا لغزة.
– الوزير اوري ارئيل: “لتستدعى بتسيلم للاستماع امام مديرية الخدمة الوطنية”.
القناة 14 العبرية :
– تقارير عربية: مقتل أكثر من 150 مدني في هجوم كيماوي جديد بروسيا اليوم.
– الناطق باسم الجيش الإسرائيلي: حماس ترسل الأطفال الى السياج الحدودي لاستفزاز الجنود.
– مصر والسعودية تمارسان الضغوطات على حماس لوقف مسيرات العودة الإسبوعية.
والا العبري :
– الجيش الإسرائيلي يزعم العثور على أسلحة محلية الصنع في قرية كفر مالك بالضفة.
– الشرطة الإسرائيلية اعتقلت الليلة شابين فلسطينيين من قرية العيسوية بالقدس.
– المحلل العسكري آفي يسسخاروف: حماس هي المنظمة الأقوى بغزة، ونجحت في احباط محاولات عباس معاقبة قطاع غزة.
القناة 2 العبرية :
– الاتحاد الأوروبي يطالب بفتح تحقيق في استخدام القوة المفرطة ضد التظاهرات بغزة.
– ليبرمان: ليس لدينا مشكلة في نشر قوات الجيش الإسرائيلي على حدود غزة لسنوات.
– حالة الطقس: انخفاض طفيف على درجات الحرارة بالنهار.
القناة 7 العبرية :
– الولايات المتحدة الأمريكية تحمل روسيا مسؤولية الهجوم الكيماوي في روسيا.
– الجيش الإسرائيلي عثر الليلة على قنبلة يدوية بالقرب من السياح الحدودي الفاصل مع غزة.
– الجيش الإسرائيلي اعتقل الليلة 28 “مطلوب” فلسطيني من الضفة الغربية.
***
يديعوت / حماس على الجدار../ لو عملنا بشكل آخر لكانت صواريخ في بئر السبع
يديعوت – بقلم ناحوم برنياع – 8/4/2018
معبر كارني يوم الجمعة. من الساعة العاشرة صباحا يسافر الغزيون على طريق ينزل من الشجاعية باتجاه معبر كارني الذي كان ذات مرة نقطة اللقاء المركزية بين اقتصاد اسرائيل واقتصاد غزة. فيستوطنون بين برج المياه والدفيئات الكبرى، قرب الحدود. امامهم سياجان. واحد ممدود على خط الحدود. واسمه العسكري هو “هوبرس”. هذه منظومة متطورة مزودة بكل الاضافات الالكترونية. وغربها، في داخل الارض السيادية لقطاع غزة، يمتد سياج متلوي يستهدف منع الوصول الى الجدار الحدودي. وتمتد المسافة بين السياجين من 70 حتى 100 متر. هذا هو ميزان المعركة، او اذا اصريتم، منطقة القتل.
في الايام العادية، اليات وجنود من الجيش الاسرائيلي يعملون في هذه المنطقة في تسليم مغتصب من الطرف الغزي. والفلسطيني الذي يدخل اليها يعتبر من يحاول اختراق الجدار الحدودي الى داخل الارض الاسرائيلية. والتعليمات في الجيش الاسرائيلي هي تفعيل تعليمات فتح النار تجاهه: بداية في الهواء وبعد ذلك في الجسد.
يحاول الفلسطينيون دحرجة اطارات سيارات مشتعلة الى داخل هذه المنطقة، على أمل أن تشعل الجدار الحدودي. في هذه الاثناء يجرون تجربة للادوات. كل إطار مشتعل تصعد منه سحابة دخان سوداء. الريح غربية. وهي تسحب الدخان من على الزرع حديث العهد. شجرة من بذورها يستخلص زيت لاغراض التجميل. التجميل ودخان الاطارات لا يسيران معا. من هناك يسافر عمود الدخان الى بيوت كيبوتس ناحل عوز، وبعده، شرقا، باتجاه ساعد. الدخان يصور جيدا: هذا ما يعرف ان يفعله.
المعركة هي على الرواية، على الوعي. “لا توجد هنا قصة اخرى”، قال لي في الغداة أحد قادة الجيش الاسرائيلي. السؤال هو كيف يتخذ هذا اليوم صورته في عيون الاسرائيليين، في عيون الغزيين، في عيون الفلسطينيين في الضفة، في عيون الرأي العام في الدول العربية، في عيون حكومات الغرب. خمس جبهات مختلفة. كل واحدة وسياستها. اسرائيل لا يمكنها أن تنتصر في مثل هذه المواجهة. يمكنها فقط الا تخسر.
والان سأعقب اكثر فأكثر هذا الوصف المركب واقول التالي: رغم أن حماس واسرائيل هما عدوان لدودان، رغم أن كل طرف يسعى الى قبض روح الطرف الاخر، للطرفين توجد هنا، في قاطع معين، مصلحة مشتركة. وسأشرح.
في هذه الاثناء، في حرش الاشجار في مدخل ناحل عوز، التقي قائدين من الجيش الاسرائيلي. قال احدهما: “بدأ هذا كمبادرة أهلية، في الشبكات الاجتماعية. فالتقطت حماس المبادرة ووجهتها باتجاهها. هي تريد عمل احتجاجي شعبي ولكن عنيف. هدفها هو رفع غزة من جديد الى جدول الاعمال العربي والدولي. اما حق العودة فهو مجرد منصة.”.
فقلت، ولكن هذا هو هدفنا ايضا. فاللواء فولي مردخاي سافر في الشهر الماضي الى القاهرة، الى واشنطن (مرتين) والى بروكسل في محاولة لاقناع حكومات عربية وغربية للعمل من أجل منع انهيار غزة. اذا سقطت غزة، فانها ستسقط على حافة بوابتنا.
فأجاب أحد الضابطين فقال ان “غزة في أزمة شديدة. حماس في أزمة شديدة. ليس لها انجازات. القطريون والايرانيون يحولون بعض المال. ولكن فضلا عن ذلك فانها في عزلة تامة. يحيى السنوار، رئيس حماس في غزة، لا يسأل احدا. قراراته يتخذها وحده. فقد سار نحو مصر ونحو المصالحة مع ابو مازن. وفشلت الخطوة بسبب ابو مازن. ما تبقى له أن يفعله؟. للمصالحة مع السلطة الفلسطينية لا يكاد أمل. معركة اخرى مع اسرائيل لا يريد. فهو يعرف بانه سيتعرض فيها لضربة شديدة ولن يحقق شيئا. وبشكل لا مفر منه تلبس مبادرة الاحتجاج الاهلية”.
من ناحيتي، قلت، هذه فكرة صحيحة.
قال الضابطان: “نعم، ولكن عندما فعل هذا يوم الجمعة الماضي فانه عمل على طريقته. كان في اجنحة المتظاهرين خلايا مسلحة. ارادت اقتحام الجدار من أجل اشعاله، خطف جنود وربما اقتحام احد الكيبوتسات. بين الجموع هناك افراد، من رجال النخبة، الوحدة المتقدمة لحماس، ممن يخبئون المسدسات، السكاكين، مواد التخريب من تحت ملابسهم. فكانت نيتهم ان يصبحوا قوة مقاتلة”.
فقلت: انه قتل في الجمعة الاولى 19 أو 20 فلسطينيا.
فقالا: “ثلث القتلى هم مخربون مسلحون. 40 في المئة آخرون نشطاء من المنظمات. أحدهم قائد سرية في النخبة. معظم الاخرين شخصوا كمحرضين مركزيين. الاول الذي قتل كان مزارعا، خطأ في تشخيص دبابة”.
التعليمات التي نزلت من رئيس الاركان واضحة. من حق الجندي أن يطلق النار في ثلاثة أوضاع: اذا كان في خطر على الحياة، اذا شخص مسا بالبنى التحتية للدولة واذا ما شخص محرضين مركزيين. وفي الحالة الثالثة هو ملزم بان يتلقى اذنا من القائد. وكما أسلفنا، بداية يطلب النار في الهواء وبعد ذلك على الجسد.
“لنفترض أن 400 شخص كانوا اقتحموا الى ما وراء الجدار الحدودي”، قال احد الضابطين. “ونحن كنا ملزمين بايقافهم بالنار. ووقع لهم 50 قتيلا على الاقل. هذا سيكون حدثا استراتيجيا. وسيكونون ملزمين بالرد. ونحن ايضا سنكون ملزمين بالرد. عمليا، في اعمالنا الموضعية نحن نمنع الحرب. لا توجد اوضاع انتقالية في غزة. اذا بدأنا مرة اخرى فستكون صواريخ على عسقلان وبئر السبع والقدس. الناس لا يفهمون هذا”.
فقلت: اني رأيت الجموع تتدفق باتجاه الحدود. وكان فيه نساء واطفال.
فردا: “هناك من جاء لانهم يوزعون هناك الماء والطعام. هذا هو الوضع في غزة. وتوجد تعرفة: 3 الاف دولار، 500 دولار للجريح بجراح خطيرة، 300 للجريح بجراح متوسطة”.
عدت الى الحرش الشجري، مقابل معبر كارني. وكانت الساعة اثنتين بعد الظهر، ساعة انتهاء الصلاة في المساجد. حول برج المياه وصلت الجموع الى عدة الاف قليلة. دخان اسود صعد من اربع نقاط اخرى من الشمال ومن الجنوب. صافرات سيارات الاسعاف تدخلت مع هتافات الجموع وبيانات التحذير من الطرف الاسرائيلي. اطار يلحق اطارا. والى المنطقة وصل دادي سمحي، ممثل رجال الاطفاء، مع وحدته المختارة، 36 رجل اطفاء لقبوا وحدتهم باسم “لاهفا”، ذات الاسم الذي اختارته احدى الجماعات الكهانية.
وجلب رجال الاطفاء خراطيم المياه التي استخدمت ضد الاطارات. كما جلبوا مروحيات كبرى، دافعة للريح.
الى الاسيجة وصل نحو 20 الف غزي. نصف ما جاء يوم الجمعة الماضي.
كما أن عدد القتلى هبط الى النصف – تسعة بالاجمال. ولكن الاعداد لا تغير في الامر شيئا: من ناحية حماس كان هذا انجازا “هم يحققون في هذه الاحداث اكثر مما حققوا في الرصاص المصبوب، عموم السحاب والجرف الصامد، قال لي احد الضابطين.
واحد من التسعة كان الصحافي ياسر مرتجى، الذي قتل في اثناء اليوم وجنازته، امس في غزة، جرت بمشاركة شعبية واسعة. موته هو الضرر الاكبر للكفاح الاسرائيلي في سبيل الرواية في اثناء نهاية الاسبوع. سألت جهة مسؤولة في الجيش الاسرائيلي كي حصل أن شخصا يرتدي سترة واقية ومكتوب عليها صحافة بالانجليزية قتل بالنار. فكان الجواب: “نحن نفحص. لا توجد اوامر في الجيش الاسرائيلي لاطلاق النار على الصحافيين”.
ولكن هذه القصة ليست لعبة مبلغها الصفر. انجاز الجيش الاسرائيلي في يومي المواجهة لا بأس به: فهو لم يسمح باقتحام الجدار، لم يتدهور الى مواجهة شاملة، ولم يخرق سكينة العيد في البلدات. وقال لي احد الضابطين: “لم تكن صافرة انذار حتى ولا واحدة في اثناء العيد”. فقال: في هذا الانجاز يوجد نصيب وفير لحماس. فليس مجديا لها اطلاق القسامات وبالتالي فانها لا تطلقها. هذه الايام تثبت انه عندما تريد فان لديها سيطرة كاملة في الميدان.
فشل الجيش الاسرائيلي يوجد في جبهة اخرى – في اقناع القيادة السياسية القيام بعمل ما ايجابي لمنع انهيار غزة. وثائق عسكرية تطرح أفكارا مختلفة، بينها نقل الحكم في غزة من حماس الى السلطة الفلسطينية او الى تجمع من دول الجامعة العربية. الوثائق تتحدث عن استثمارات في غزة، بما في ذلك استثمارات من حكومة اسرائيل، في اعادة بناء البنى التحتية المدنية، المياه، المجاري، الكهرباء وغيرها. غزة يمكنها ان تهددنا بوسائل لم نعرفها بعد. مثلا، بوباء ينتشر الى اسرائيل. أو ربما بعلم ابيض يرفع ذات يوم على كل بيوت غزة. ماذا نفعل عندها؟
يديعوت / لا دخان بدون نار
يديعوت – بقلم اليكس فيشمان – 8/4/2018
السبب الاساس في أن الجيش الاسرائيلي لم يضرب حتى الان اهدافا نوعية لحماس في عمق القطاع لردعها بمواصلة الاستفزازات على الجدار كان عيد الفصح (اليهودي). فرئيس الاركان والالوية الاربعة الذين يقودون المعركة على الجدار – نائب رئيس الاركان، رئيس شعبة العمليات، قائد المنطقة الجنوبية ورئيس شعبة الاستخبارات – قرروا احتواء الاحداث، شريطة الا يخربوا على شعب اسرائيل العيد.
ولكن الفصح بات الان من خلفنا، والمخططات التي هدفها كسر الوضع الراهن، الآخذ في النشوب بين حماس والجيش الاسرائيلي على حدود القطاع، تعود الى طاولة اصحاب القرار. وهكذا يتعاظم الاحتمال بان اعمال شغب اخرى على الجدار ستؤدي الى المس بالانفاق أو بمصانع انتاج وتخزين الذخيرة في اعماق القطاع. مسموح لنا الافتراض بانه لا يدور الحديث فقط عن اعمال جوية، وحتى الاحباط المركز لمنظمي الاضطرابات ليس كلمة فظة.
“حرب الحفريات”، والتي يتحفر (يتخندق) فيها كل طرف على طول الجدار في محاولة لاستنزاف الطرف الاخر، لا تخدم المصلحة الاسرائيلية، إذ تكمن فيها امكانية لضرر دولي متواصل. فضلا عن ذلك: فان تواصل المناوشات العنيفة، اسبوع إثر اسبوع، نهايته ان يؤدي الى انفجار المواجهة، بما في ذلك في توقيت لم تختاره اسرائيل.
لقد بلغ العنف يوم الجمعة الاخير ذروته مع حلول نهاية النهار في ما يسميه الجيش “المرحلة الثالثة من موجات العنف”.
المرحلة الاولى كانت تجميع المتظاهرين في ساعات الصباح وبعده الحركة نحو الجدار، لا يزال في مستوى قابل للسيطرة، عندما يتأكد رجال حماس بان يكون في الجبهة بالاساس الشبان الذين جندتهم. أما العائلات والكبار في السن فقد ابقوا في الخط الثاني، في الخلف. بدأت المرحلة الثانية مع اشعال الاف اطارات السيارات، وكانت النية بانه تحت ستار الدخان يتم تفعيل خلايا تضرب جنود الجيش الاسرائيلي وتقتحم الى داخل الاراضي الاسرائيلية. هذا لم ينجح. فقد صد الجيش الاسرائيلي هذه الموجة.
اما المرحلة الثالثة فقد تضمنت انفجارات غضب في نقطتين: في الشجاعية قبل معبر كارني وفي منطقة الحدود في رفح. ووصف الحاضرون هذا الانفجار كركض مجنون من الشبان نحو الجدار بعد احتفالات التأبين التي اجريت في المكان لـ 23 قتيلا من الاسبوع الماضي. ويبدو أنه من اصل القتلى الفلسطينيين التسعة في نهاية الاسبوع، اصيب اغلبيتهم في هذه المرحلة، لانه لم يكن اي سبيل آخر لصدهم.
في الجيش يفهمون الضرر السياسي، الاعلامي والعملياتي الذي تلحقه مثل هذه الكمية من القتلى. فقادة الكتائب المكلفين في اصدار تعليمات اطلاق النار للقناصة تلقوا التوجيهات عن قيود فتح النار ووجهوا الجنود. ولكن يتبين أن الغاز المسيل للدموع والوسائل الفنية وقنابل الصوت ليست مجدية امام ركض مجنون. من اجل وقف المهاجمين على الجدار لا مفر من اطلاق النار، والناس ايضا يقتلون. احتفالات التأبين على الجدار ستكون وقود الاضطرابات في الاسبوع القادم وفي الاسابيع القادمة. بعد اسبوع ويليه اسبوع من هذا النوع واذا بنا نجد أنفسنا في مواجهة آخذة فقط في الاحتدام. لقد وجد يوم الجمعة الاخير الطرفين في مفترق قرار. واضح لاسرائيل ان حجم القتلى الكبير من شأنه أن يفاقم العنف. وعليه فيجب الاستعداد بطريقة اخرى من خلال تغيير الاموامر، اضافة اسيجة وربما استخدام اكثر كثافة لوسائل تفريق المظاهرات مثل قنابل الغاز. من جهة اخرى، فاننا ملزمون بمحاولة كسر انماط عمل حماس في ظل المس بمصالحها.
غير أن حماس أيضا توجد على مفترق طرق. فكمية الجرحى الكبيرة سدت الجهاز الصحي في غزة. نحو 500 فلسطيني اصيبوا بالنار بالاطراف، وحماس غير قادرة على أن تعالج مثل هذه الكتلة من الجرحى واعادة تأهيلهم. وسيتعين عليها اعادة التفكير في المسار. يمكن الافتراض بان الجمهور الذي كان مطالبا بالخروج الى المظاهرات سيطلب من حماس الحماية من قناصة الجيش الاسرائيلي. والرد الطبيعي على القناصة هو القنص من الطرف الاخر. ولكن في مثل هذا الوضع، لتعريض حياة الجنود للخطر، لن يكون أمام الجيش الاسرائيلي أي معيق للبدء بنشاط عسكري في عمق غزة.
حتى الان، لم تحقق حماس الكثير. فهي تراوح في المكان. صحيح أن الازمة في غزة عادت الى الصدارة، ولكن اهتمام العالم – بما فيها شبكة “الجزيرة” انتقلت بسرعة شديدة الى عشرات المدنيين الذين قتلوا من القصف السوري والروسي في ضواحي دمشق. ومع ذلك، فقد نجحت حماس في الحفاظ على الزخم: بين 20 و 25 الف شخص وصلوا الى المظاهرات في نهاية الاسبوع. وتواصل حماس قيادة الكفاح الفلسطيني حيال عجز ابو مازن. فقد نجح في الحافظ على رواية المواجهة الشعبية، فيما ان ورقتها المظفرة في نهاية الاسبوع الماضي هي جثمان الصحافي الفلسطيني الذي قتل على الجدار. ان المواجهة المتوقعة يوم الجمعة القادم تقترب من يوم الاسير الفلسطيني الذي يحل في 17 نيسان. وينتظرنا بث معاد لاحداث العنف التي رأيناها حتى الان حتى اكثر مما كان في يوم الجمعة الاخير. كل طرف يتعلم نقاط الضعف لدى الطرف الاخر ويمتشق حيلا جديدة مما يعد بالمزيد والمزيد من المصابين.
يمكن للجيش الاسرائيلي أن يدفع بالقوات الى الجدار على مدى اشهر طويلة، ولكن لا يمكن لدولة اسرائيل أن تسمح لنفسها في هذه اللعبة على مدى الزمن. المشكلة هي أنه لا يوجد في هذه اللحظة اي طرف ثالث ليتدخل ويتوسط. فالامريكيون لا تعنيهم قصة غزة. والمصريون يدركون اصوات الوساطة، ولكنهم لا يهتمون حقا. وكذا السلطة الفلسطينية لا تذرف دمعة. صحيح أو ابو مازن قرر القيام ببادرة فجمد العقوبات على القطاع، ولكن عنده في الميدان ابقي على الهدوء. ولعله حتى شامت بحماس، التي تتورط مع اسرائيل. بقينا نحن وحماس. وهذه بالضبط هي الوصفة التي تضمن استمرار السفر في طريق بلا مخرج.
هآرتس / جلطة شريان قلب اسرائيل
هآرتس – بقلم جدعون ليفي – 8/4/2018
ما هي المتعة التي حدثت مرة اخرى في يوم الجمعة، صحافيون، مفكرون وآخرون تنافسوا فيما بينهم على من يكون الاكثر براعة وتسلية. الاول قال إن الفلسطينيين يشعلون اطارات السنة الجديدة، الثاني كتب أن رؤساء حماس غابوا عن المظاهرة لأنهم مصابون بالربو، وآخر اقترح استدعاء آريه درعي لأن الفلسطينيين يستخدمون البصل، وآخر سأل عن طائرة “السوبرتانكر”، وآخر حمل صورة الصليب المعقوف التي رفعت في المظاهرة التي كتب عليها “هؤلاء الناس المدهشون الذين يمكن أن تصنع معهم السلام”، والمحلل الذي اعتبر معتدلا نسبيا قال في التلفاز إن هذا “احتجاج غبي” مثل الذي لا يناسب مستوى ثقافته المعروفة. والجميع امتدحوا كالعادة الجيش الاسرائيلي على انجازه. لا أحد استطاع اجتياز الجدار. الدولة تم انقاذها من الدمار. كل الاحترام للجيش الاسرائيلي.
في الوقت الذي دارت فيه كل هذه البراعة في الشبكات الاجتماعية، كان 20 ألف شخص من سكان غزة اليائسين يتجولون في الفضاء الرملي قرب الجدار الذي يحبسهم، ويحاولون الصراخ طلبا للمساعدة، وهم يرتدون ملابس بالية، ومعظمهم من الشباب الذين 65 في المئة منهم عاطلون عن العمل، يستنشقون الدخان الاسود ويعرفون أن ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم أسود منه. كان هناك من حملوا في أيديهم التطوير الاخير من صناعة السلاح في غزة: المرايا، مرايا الحمامات ومرايا غرف النوم، التي هدفت الى ابهار عيون الجنود الذين يطلقون نار القناصة عليهم. هذه المشاهد لم تتم رؤيتها هنا منذ فترة: 1350 شخص اصيبوا، 293 منهم بالنار الحية، 20 منهم اصيبوا اصابة بالغة وحتى بالغة جدا، 9 جثث تم احصاءها حتى الصباح.
الاغلبية منهم كانت حذرة في اجتياز خط النار، بالضبط مثلما كان الامر ذات يوم في “دي.دي.آر”. الالمان الشرقيون اطلقوا النار على كل من حاول الخروج من بلده، لقد كان ذلك امرا مثيرا، الاسرائيليون يطلقون النار على كل من يحاول الاقتراب من حدودهم، وهذا أمر مسلٍ. قريبا ربما سيكون هذا جدار كهربائي سيغنينا عن عمل القناصة. من بين القتلى شاب إبن 16 سنة، حسين ماضي، ومصور صحافي، كان يرتدي سترة كتب عليها كلمة صحافة باللغة الانجليزية، لم تستطع الدفاع عنه في وجه القناص في الجيش الاخلاقي الذي صوب نحو صدره وأطلق النار. ربما أن القناص لم يعرف قراءة الانجليزية. ولكن ياسر مرتجى وصل الى جيل 30 سنة ولم يخرج من حدود قطاع غزة. منذ فترة قصيرة قام بنشر صورة من الجو لقطاع غزة. مرتجى كتب أن حلمه هو تصوير مثل هذه الصورة. الآن ربما يستطيع تحقيق حلمه. في جنازته أمس قاموا بتغطية جثمانه بسترته الصحافية الزرقاء. هو لم يكن الصحافي الوحيد الذي أطلق قناصة الجيش النار عليه أول أمس. فهناك ستة صحافيين اصيبوا، ودمهم لم يكن أكثر حمرة، لكن اطلاق النار عليهم اثبت أن قناصة الجيش الاسرائيلي يطلقون النار دون تمييز ولا يستثنون أي ضحية.
كل ذلك اظهر ردود مسلية في الشبكات الاجتماعية وتهنئة للجيش الاسرائيلي في وسائل الاعلام. يصعب فهم كيف يمكن النظر الى عشرات الاشخاص في القفص لكنك لا تراهم. كيف يمكن النظر الى هؤلاء المتظاهرين وعدم رؤية كارثتهم التي هي من صنع اسرائيل في المقام الاول. كيف يمكن ازالة الاتهام عنا وأن نلقي بالمسؤولية على حماس، ولا تثيرنا للحظة رؤية دماء الابرياء التي سفكت على أيدي جنود الجيش الاسرائيلي. كيف يمكن لرئيس الشباك السابق أن يثير هنا احتجاج جماهيري بزخم كهذا ضد خطاب اجوف لرئيس الحكومة في احتفال ليس أجوف أقل منه. في الوقت الذي امام كل هذه المذبحة بصعوبة يكون تثاؤب فقط.
في هذه المرة لا توجد صواريخ قسام، ولا توجد سكاكين وحتى لا توجد مقصات. ليس هناك ارهاب سوى “ارهاب الاطارات” ومسيرة الارهاب. هذه المفاهيم الفظيعة من انتاج “اسرائيل اليوم”. في هذه المرة الاحتجاج غير عنيف، ورغم ذلك لا تراه اسرائيل. فهي لا ترى بياض عيون من قاموا به، لا تراهم كبشر، ولا ترى يأسهم، ولا ترى مرارة مصيرهم. في الكارثة الطبيعية القادمة ذات يوم سترسل اسرائيل بعثة مساعدة والجميع سيذوبون من رحمتها اليهودية والانسانية. ولكن لا أحد يستطيع أن ينكر الجلطة التي اغلقت شريان القلب، الجلطة التي تمنع تزويد الانسانية والرحمة للقلب الذي اغلق بشكل نهائي.
معاريف / وصلوا الى مفترق طرق
معاريف – بقلم يوسي ملمان – 8/4/2018
في الجيش الاسرائيلي راضون عما يرونه كنجاحهم في أن يمنعوا، للاسبوع الثاني على التوالي، متظاهرين في غزة من المس بالجنود، بالجدار الحدودي وبالمنشآت الامنية وصد النية للتسلل الى اراضي اسرائيل وخرق سيادتها. ولا يزال ميزان الدم في الطرف الفلسطيني ثقيل وان كان في احداث نهاية الاسبوع هذا لم يقتل الا تسعة فلسطينيين “فقط” مقابل 22 في المظاهرات قبل اسبوع. كما ان حقيقة أن صحافي فلسطيني واحد قتل وثلاثة اصيبوا تثير اسئلة قاسية. في الجيش الاسرائيلي يعتزمون التحقيق في ملابسان اصابة الاربعة ويشددون على أن الصحافيين الذين يغطون المظاهرات في الطرف الاخر من الحدود “ليسوا هدفا”.
في احداث يوم الجمعة الاخير برزت عدة مزايا لم تظهر في الاسبوع الماضي. عدد المتظاهرين كان أقل، ولكن بعضهم كانوا اكثر جسارة وتصميما على المس بالجدار، في ظل ستار دخان اطارات السيارات التي احرقت. في حماس وعدوا بدفع تعويضات تتراوح بين 500 و 3.000 دولار لكل من يحاول بالمس بالجدار ويصاب او يقتل في اثناء العمل. وهكذا كانت هذه المرة احداث الجدار اكثر عنفا. ثماني عبوات معدة محليا على الاقل وقنبلة يدوية واحدة القيت نحو الجدار والجنود الاسرائيليين.
لقد بقيت سياسة الجيش الاسرائيلي مثلما كانت – المنع بكل ثمن تقريبا لتسلل المتظاهرين الى المنطقة الفاصلة التي تمتد بين 30 و 150 متر في ارض القطاع. كان واضحا أن الجيش الاسرائيلي استعد هذه المرة على نحو افضل للاحداث. فقد كان عدد القوات اصغر، ولكن انتشارها في الميدان اكثر نجاعة. وتكبد الجيش الاسرائيلي عناء جلب خراطيم المياه والهوايات الكبرى منعا لانتشار النار والدخان باتجاه الاراضي الاسرائيلية. ولم يمنع ستار الدخان القناصة الذين انتشروا في المنطقة. وحقيقة أن عدد المصابين كان منخفضا هذه المرة يدل على أنه حتى لو كانت تعليمات فتح النار لم تتغير، ففي التوجيهات التي صدرت للقناصة تشددت على بذل جهد اكبر لتقليص عدد المصابين.
ولا يزال، 31 قتيلا في يومي نار في غضون ثمانية ايام هو ثمن باهظ ليس فقط للفلسطينيين بل وللجيش الاسرائيلي ايضا، رغم أن جهاز الامن يشير برضى الى أن سياسة اطلاق النار في يوم الجمعة الاول للمظاهرات، والتي ادت الى عدد غير متوازن من القتلى والمصابين، كانت ايضا عاملا رادعا. وفي حماس حرصوا على توجيه المتظاهرين لعدم الاقتراب من الجدار، باستثناء تلك الخلايا التي اعدت على نحو خاص لذلك والتي وعدت بثواب مالي.
في الطرفين واعون بانهم وصلوا الى مفترق طرق. يمكن لحماس أن تشير برضى الى أنه بمعونة أداة جديدة في صندوقهم – المظاهرات الجماهيرية – أعادوا الى وعي العالم مشكلة غزة. ولكن قيادة حماس تعرف أيضا بانه يحتمل أن تكون هذه الحيلة استنفدت نفسها ولم تجلب لهم، ولا سيما لسكان غزة اي انجاز يحسن حياتهم. السؤال هو هل ستواصل حماس استخدام هذه الاداة في يوم الجمعة القادم ايضا. من خلف الكواليس توجد جهود دبلوماسية، ولا سيما من جانب مصر والسعودية، للتأثير على قيادة حماس للكف عن ذلك، مقابل فتح معبر رفح في الاتجاهين.
اسرائيل هي الاخرى تصل الى مفترق القرارات الحاسمة ولن ترغب في مواصلة نمط العمل الذي سيصبح عادة من المظاهرات والردود المضادة. في الجيش الاسرائيلي يوضحون بانه لا توجد نية لمواصلة هذه اللعبة. بكلمات اخرى: يجري النظر في عملية واسعة اكثر هجومية للمس بالمواقع والمنشآت وربما ايضا بزعماء حماس، اذا ما واصلوا تنظيم المظاهرات. والخوف من مغبة محاولة المس بهم دفعت يحيى السنوار واسماعيل هنية منذ الان الى عدم الوصول هذه المرة الى منطقة المظاهرات، مثلما فعلا في الاسبوع الماضي.
ولا يزال، بقيت المشكلة الاساس على حالها – ليس لحكومة اسرائيل استراتيجية واضحة بالنسبة لغزة وحكم حماس في القطاع. ومع ذلك، من خطواتها التكتيكية يسترق الخوف في ان لها في واقع الامر سياسة خفية لا تتجرأ على الاعلان عنها: الامل في أن يدفع استمرار الازمة الاقتصادية والاجتماعية بالسكان الى الثورة واسقاط حكم حماس.
هآرتس / لا يوجد حل في الأفق
هآرتس – بقلم عاموس هرئيل – 8/4/2018
اشعال الاطارات في مظاهرات يوم الجمعة في قطاع غزة ظهر بالاساس وكأنه خدعة، محاولة لربط نهاية الاسبوع الثاني في سلسلة الاحتجاجات المخطط لها بأن تستمر حتى منتصف شهر أيار. أعمدة الدخان الذي تصاعد فوق بيت حانون كان يمكن رؤيته بشكل جيد من منطقة عسقلان وما بعدها، والى الجنوب تصاعد الدخان ايضا فوق معبر كارني، مقابل كيبوتس ناحل عوز. ولكن مشكوك فيه أنه شوش حقا على اطلاق نار القناصة الذين انتشروا في بؤر التظاهر على طول حدود القطاع.
ايضا يوم الجمعة الماضي انتهى بعدد من المصابين الفلسطينيين، وإن كان عددهم تقلص فهذا بسبب أن الطرفين غيرا قليلا طريقة العمل. نار الاطارات التي لم يتم الشعور بها في غلاف غزة أدت بالتأكيد الى ضرر بيئي على جانبي الحدود. ولكن في ظل عدم وجود رياح غربية فان القطاع اختنق من الدخان الذي اشعله سكانه.
مقارنة مع يوم الجمعة السابق، شارك في هذه المرة عدد أقل من الفلسطينيين في المظاهرات، وظهر بوضوح أنه كان اطلاق أقل للنار. ايضا بمساعدة المنظار كان يصعب تمييز ما يحدث بالضبط على الحدود من ناحل عوز. بضعة آلاف من الفلسطينيين تجمعوا على بعد آمن من الجدار، حيث وقفت من ورائهم سيارات الاسعاف الكثيرة والدراجات التي كان يبدو أن نشطاء حماس يوجهون الحركة بواسطتها. بين الفينة والاخرى كان يمكن تشخيص ما ظهر وكأنه حركة لاشخاص قليلين باتجاه الجدار نفسه. قناصة الجيش الاسرائيلي تمركزوا في الخنادق في الجانب الاسرائيلي، وخلف الدخان الكثيف سمع بين الحين والآخر صوت رصاصة منفردة لقناص. المواجهة تركزت حول المبنى المهجور في حاجز كارني الذي اغلقته اسرائيل بعد عدة عمليات منذ الانفصال عن قطاع غزة.
على مدى اكثر من ساعتين اطلق الجنود 30 – 40 رصاصة، وقنابل الغاز المسيل للدموع، وتم فتح خراطيم المياه لاخماد النار التي تصاعدت من اشعال الاطارات. في ساعات المساء كان هناك، حسب التقارير، قتيل وعشرة مصابين، عدد منهم بسبب الرصاص المطاطي واستنشاق الغاز. في كل القطاع كان 9 قتلى ومئات الجرحى. في الجيش الاسرائيلي يقولون إن المواجهات اشتدت بعد الساعة الخامسة بعد الظهر، عندما حاولت مجموعات من الشباب اجتياز الجدار في عدة اماكن.
في هيئة الاركان يصفون الاحتجاج في غزة كمبادرة شعبية، اختطفتها قيادة حماس من اجل مصالحها. والآن هي التي تحدد مساره. تفكير قادة حماس بسيط: قبل بضعة اشهر وصلت الازمة الاقتصادية في القطاع الى وضع خطير جدا، حيث أن يحيى السنوار قرر القيام بعملية غير متوقعة ووافق على نقل الصلاحية المدنية في قطاع غزة للسلطة الفلسطينية. ولكن مفاوضات المصالحة فشلت بعد رفض السلطة محاولة حماس تطبيق نموذج حزب الله في القطاع (الذي تحتفظ فيه حماس بقوتها العسكرية). الآن تجد حماس نفسها بين اسرائيل ومصر، في الوقت الذي تم فيه وقف تقديم المساعدات الاقتصادية من السلطة، وكذلك ايران لا تقدم الدعم بالمستوى المتوقع للفلسطينيين.
الاحتجاج أوجد بصيص أمل لمخرج محتمل. المظاهرات وازدياد عدد المدنيين الذين قتلوا بنار القناصة وضعت من جديد القضية الفلسطينية على جدول الاعمال الدولي. واذا استمرت يمكن أن تخلق ضغط على اسرائيل رغم الدعم الكبير للادارة الامريكية، لكن في الجيش الاسرائيلي يرفضون عرضها كعملية مدنية خالصة: آلاف نشطاء حماس تلقوا تعليمات للمشاركة فيها مع أبناء عائلاتهم، وفي ظل الجمهور عملت خلايا كانت مهمتها تخريب الجدار واجتيازه بصورة تسمح بدخول مئات الاشخاص الى اسرائيل.
على هذه الخلفية تم تشديد اوامر فتح النار، ومنحت الموافقة للقناصة على اطلاق النار من اجل الاصابة لمن وصفوا بمنظمي الهجمات. في الجيش قالوا إنه أول أمس ايضا تم تشخيص اشخاص اقتربوا من الجدار من اجل زرع العبوات الناسفة. إن اختراق جماهيري باتجاه المستوطنات الاسرائيلية المحاذية للجدار، هكذا يعتقدون، كان سيؤدي الى قتل اكثر في الطرفين، وكان يمكن جرهما الى مواجهة عسكرية حسب صيغة عملية الجرف الصامد في 2014.
الجيش الاسرائيلي منع هذا الاختراق وأحبط مس حقيقي بالجدار في يومي الجمعة الاخيرين. في المقابل، يعترفون في الجيش أن عدد القتلى الفلسطينيين (29 منذ بداية المظاهرات، معظمهم من المدنيين) هو رقم مرتفع، ويمكن أن تكون له تداعيات من ناحية اسرائيل، سواء على الصعيد السياسي أو بسبب رغبة حماس في مواصلة استغلال الزخم الذي نشأ في ايام الجمعة القادمة، على الاقل حتى يوم النكبة في منتصف أيار.
على هذه الخلفية يظهر الفشل الاسرائيلي المتواصل في تطوير وسائل لتفريق المظاهرات بحيث تكون ناجعة ايضا من مسافة كبيرة نسبيا. وتظهر ايضا عيوب في التنسيق بين اجهزة الامن المختلفة. في نهاية الاسبوع الاول لم يطلب الجيش مساعدة حقيقية من الشرطة بذريعة أنه يستطيع القيام بالمهمة لوحده. وفي نهاية الاسبوع الثاني لم تسارع الشرطة الى تقديم المساعدة وطلبت ابلاغها اذا نجح الفلسطينيون في الدخول الى أي مستوطنة.
هذان الأمران لم يحدثا حتى الآن. رغم العدد الكبير من المصابين الفلسطينيين لم يتم اطلاق الصواريخ من القطاع على النقب (الامر الذي يشير الى أن حماس لا ترغب في ذلك، وايضا حماس كما يبدو هي التي تقرر هل ستطلق الصواريخ أم لا). حتى الآن هذا القتل لم يؤد الى احتجاج حقيقي في الضفة الغربية. الضفة الغربية وقطاع غزة يتصرفان حاليا في هذه الازمة مثل كيانين منفصلين. يمكن الافتراض أن السلطة فقدت ما بقي من تعاطفها مع ازمة القطاع بعد محاولة اغتيال رئيس الحكومة رامي الحمد الله.
اضافة الى الانشغال الجديد بالقضية الفلسطينية، ثبتت حماس قوات كبيرة من الجيش الاسرائيلي على حدود القطاع، وهذا الامر احتاج الى اعطاء اهتمام كبير من القادة، وفيما بعد يمكنه التشويش على برنامج التدريبات الواسع لرئيس الاركان غادي آيزنكوت. في هيئة الاركان يعتقدون أن حماس توصلت الى اكتشاف ناجع، وهم يبحثون عن وسيلة لجباية ثمن باهظ منها من اجل وقف تطور الامر ليصل الى حرب استنزاف، التي ستتمثل في احتجاجات وعمليات على طول الحدود.
كل ذلك يجري الى جانب عدم الرغبة الواضح من قبل الطرفين للوصول الى مواجهة شاملة من شأنها أن تكون مدمرة في الاساس لغزة. ولكن في هذه الاثناء الازمة الاجتماعية في القطاع هي العنصر المسيطر على صورة الوضع. وفي ظل غياب حل في الأفق، يبدو أن الصدامات الاسبوعية على طول الحدود يتوقع أن تستمر على الاقل لفترة زمنية معينة.
معاريف / في الطريق الى مواجهة اخرى في غزة
معاريف – بقلم تل ليف – رام – 8/4/2018
عدد الفلسطينيين في قطاع غزة الذين وصلوا للمشاركة في المظاهرات في منطقة الجدار الفاصل انخفض في اسبوع لاكثر من 50 في المئة. هذا معطى هام. ولكن من السابق لاوانه الاستنتاج منه بشأن ما سيكون في المستقبل. فالانشغال بالمعطيات في اسرائيل في اثبات فشل حماس في ايقاظ الجماهير ضد اسرائيل وجلب مئات الالاف الى الجدار ليس الموضوع المركزي. فعدد المتظاهرين يمكن أن يرتفع وينخفض وفقا للتطورات ولاهمية ايام الذكرى المختلفة التي بانتظارنا.
في الساحة الفلسطينية الداخلية والدولية تواصل حماس ان تعزو لنفسها، عبر سحب الدخان، الاهتمام الذي ما كان يمكن لها الا ان تحلم به قبل بدء احداث مسيرات العودة، والتي نسبتها تماما لنفسها رغم أنها بدأت كمبادرة اهلية. في مثل هذا الوضع، فان هدف الجيش الاسرائيلي هو ان تشطب مظاهرات الجدار عن جدول الاعمال وعدم السماح لها بان تصبح عادة عملياتية تصرفه عن اساس انشغاله العسكري. ولكن اكثر مما ينبغي للجيش الاسرائيلي ان يحكم على اداء حماس في القطاع، ان يؤثر على الاحداث عبر ادائه هو، وليس عبر اخفاقات أو نجاحات حماس. على المستوى العملياتي، حرم الجيش الاسرائيلي حماس من انجازات في الوعي من حيث الاضرار بالجدار أو التسلل الى الاراضي الاسرائيلية، وذلك عندما سجل انخفاض معين في عدد المصابين في الطرفي الفلسطيني. ولكن حتى بعد اجمال الفصل الثاني من احداث الجدار، هناك من سيقول ان عدد الجرحى والقتلى في الطرف الفلسطيني، مثلما هو ايضا الاستخدام للنار الحية، لا يزال عاليا وليس متناسبا مع مستوى الخطر الذي يتعرض له الجنود.
هذا الادعاء يحتاج الى فحص، ولكن يخطيء من يعتقد انه يمكن انهاء مثل هذا الحدث دون قتلى في الطرف الاخر. فاسرائيل وغزة تتقاسمان حدودا مشتركة في وضع اساس من العداء والقتال الدائم الذي يستمر على مدى السنين، فيما ان مظاهرات عنيفة من هذا النوع لها هدف استراتيجي لاضعاف واستنزاف الجيش الاسرائيلي واسرائيل في مواجهة طويلة المدى على طول الحدود. مظاهرات تحت رعايتها ايضا تنفذ عمليات ارهاب. اما استخدام النار المضبوطة والمراقبة من قبل القادة في الميدان فهو جزء لا يتجزأ من قواعد للعب التي لم يمليها الجيش الاسرائيلي. فليس حكم الشغب العنيف على جدار حدود عدائية كحكم مظاهرات في الاراضي الاسرائيلية، ومن يدعي خلاف ذلك يخطيء في الحقيقة.
ان عدد عال من الاصابات يخدم حماس جيدا، وليس فقط في جوانب الوعي الدولي بل وايضا في القدرة على الابقاء، ظاهرا على الاقل، لنوع من الكفاح المدني الذي يبعد عنها المسؤولية عن الوضع الصعب والفاشل الذي علق فيه قطاع غزة تحت قيادتها. وفي الجيش الاسرائيلي لاحظوا رغبة حماس في ادخال اسرائيل الى فخ الدماء، ولهذا فقد استخلصت الدروس حتى في الانشغال بكيف يمكن تقليص عدد القتلى في الطرف الفلسطيني. ولكن الاهم من كل شيء هو أن نتذكر بان المسيرات هي فقط اعراض لواقع يوجد على شفا الغليان. فبدون تدخل فوري من الاسرة الدولية، او التطور في الساحة السياسية، سيتعين على الجيش الاسرائيلي ان يكون جاهزا لمواجهة آخذة في الاقتراب بسرعة مع حماس في قطاع غزة. وعليه، فالى جانب التقديرات للمواجهة يجب استنفاد الخطوات السياسية ايضا.
في خلاصة الاسبوعين الاخيرين يمكن القول انه بشكل عام أدى الجيش الاسرائيلي دوره وبطريقة ادائه حافظ على الاستقرار الامني في الحدود الجنوبية. كما أن النقد الدولي لا يشذ عن اوضاع مشابهة في الماضي. الان هو دور الساحة السياسية لان تكون ابداعية في البحث عن خراطيم مياه كبرى تبرد على مدى زمن اطول احتمال المواجهة في جبهة غزة.
هآرتس / لا تندهشوا اذا انتهى هذا بنار حية في ميدان “هبيمه”
هآرتس – بقلم روغل ألفر – 8/4/2018
عندما يقوم قومي متطرف باطلاق النار على متظاهرين من اليسار في ميدان “هبيمه”، لا تندهشوا. العنوان مكتوب على الحائط. في كل يوم تنشر في مواقع وسائل الاعلام للتيار المركزي مثل “اسرائيل اليوم”، “معاريف”، “مكور ريشون” والقناة السابعة، تنشر مقالات رأي تتهم اليسار بالخيانة وتشخصه كعدو للشعب يتعاون مع كارهي اسرائيل من وراء الظهر من اجل القضاء على الصهيونية.
التحريض الهستيري لبنيامين نتنياهو ضد “الصندوق الجديد” واعلان وزير الدفاع ليبرمان أن ميرتس ليس جزء من اسرائيل، هما فقط قمة جبل الجليد. القاعدة منذ زمن أخرجت اليسار خارج المعسكر وشخصته تماما مع العدو. سموا ذلك فاشية، اذا شئتم، لأن هذا تكتيك فاشي تقليدي، أو سموه صهيونية بصيغة 2018. ومهما سميتم ذلك لن يغير شيء في الامر. الاكثر أهمية هو قراءة ذلك. كرسوا كل يوم عشر دقائق لقراءة مقالين أو ثلاثة مقالات في هذه المواقع الوطنية، واستوعبوا حقيقة أن الوطنية المتطرفة العنيفة والمذعورة ليست فقط هي من نصيب المعلقين على مقالات الانترنت الذين يقفون خلف سور المجهولين، هذا هو الرأي المقبول العادي تقريبا للعمود الفقري المركزي في الشعب، اشخاص يتفاخرون بشهرتهم، ويتم تقديرهم بسبب افكارهم وتحليلاتهم، وصورهم تسير امامهم.
فقط من اجل معرفة عما يدور الحديث هاكم نموذجين، نموذج بالصدفة حقا من الاسبوع الماضي: في مقال نشر في صحيفة “معاريف” في 3/ 4 عرف البروفيسور آريه الداد اليساريين بـ “اعداء اسرائيل من الداخل”. “منذ زمن اقتلعوا انفسهم من الصهيونية”، “دورهم لم يعد ضمن المعسكر الباني لدولة اسرائيل كدولة يهودية”. النتيجة هي “من يكفر بالمبدأ الصهيونية لدولة اسرائيل – نهايته الحتمية هي الانضمام الى أعدائها”. هذا المقال نشر في اعقاب تحفظ اليسار من اطلاق النار من قبل الجيش الاسرائيلي على المتظاهرين قرب الجدار في قطاع غزة. هؤلاء المتظاهرون هم أعداء، الجيش الاسرائيلي يقوم بقتلهم. هذا ما يفعله الجيش مع الاعداء. يمكن الافتراض أن هذا ما سيتم فعله مع الذين ينضمون الى أعدائنا. الرسالة واضحة.
في اليوم التالي كتب ايريز فينر في موقع “القناة 7” أن “الصندوق الجديد” ومنظمات مثل “بتسيلم” و”نحطم الصمت” و”عدالة” هي “طابور خامس”، أي خونة. بشأن الصندوق بلور فينر نظرية مؤامرة كاملة، في الحقيقة، بروتوكولات حكماء صهيون مصغرة تشبه بشكل مدهش موقف اللاسامية بشكل عامل والنازية بشكل خاص، في موضوع المؤامرة اليهودية للسيطرة على العالم. حسب اقواله “الصندوق الجديد يعمل منذ سنوات كثيرة على تحقيق السيطرة، بمساعدة اشخاص، على نقاط تأثير اساسية في اسرائيل”. الصندوق الجديد يعثر على طلاب ويقوم بتمويل دراستهم ووضعهم في نقاط مؤثرة، النيابة العامة والاعلام. هذا “ثمرة تخطيط استراتيجي محكم”. ومثل اليهود في المانيا في الثلاثينيات، ايضا رجال الصندوق الجديد ما بعد الصهيونية، هم أقلية، ويجب اعطاءهم “رد صهيوني مناسب”.
فينر اقترح اقامة “الصندوق الصهيوني لاسرائيل”. لكن يمكن تخيل وطني متطرف يفسر هذه المقالات وعشرات المقالات الاخرى التي تنشر في اسرائيل في كل اسبوع، كدعوة للقيام باعمال عنيفة من اجل الدفاع عن النفس. عندما يعتبر اليساريون الذين يتظاهرون في ميدان “هبيمه” طابور خامس هدفه الاستراتيجي السيطرة على اسرائيل وتصفية الصهيونية – أعداء اسرائيل من الداخل الذين انضموا لحماس – فاما أنك تنفجر من النظر اليهم أو أن يكون بالامكان تفجيرهم. هذا منطقي. اذا كان الوطن الرحيم غير قادر على الحفاظ على نفسه من اعدائه الذين يقومون من داخله للقضاء عليه، فان أحد افضل ابنائه سيضطر الى القيام بذلك. أليس كذلك؟
هآرتس / الجارة عدينه
هآرتس – بقلم عميره هاس – 8/4/2018
ربما يأتي يوم يسأل فيه شباب اسرائيليون، ليس واحد – اثنين، بل جيل كامل، الآباء كيف استطعتم ذلك؟ اذا سئل هذا السؤال فان وضعنا سيكون افضل لأنه يشير الى مرحلة ما بعد القطيع في الواقع الاسرائيلي. فقط لا نعرف متى سيتم هذا الامر، بعد خمسين أو سبعين سنة؟ الى أي درجة من الانحطاط للقطيعية برغبتنا، الشريرة والراضية عن نفسها، علينا أن نصل قبل أن يهتز الشباب مما قام به الآباء والاجداد ويتوقفوا عن تقليدهم. التقليد هو ايضا تطوير.
لنسمح بلحظة من التفاؤل لانفسنا ونفترض أن هذا السؤال سيسأل قبل أن يصبح الوقت متأخرا جدا. مع القليل من التفاؤل أن هؤلاء سيكونون في عمر اربع سنوات اليوم أو أنهم سيولدون بعد بضعة اشهر.
سؤال كيف استطعتم سينقسم الى عدة اسئلة فرعية. مثل: لماذا وافقتم؟ هل لم تعرفوا حقا؟ لا تقولوا هراءات، حيث أن المعلومات نشرت عند لحظة وقوعها وبشكل غزير، لم يكن عليكم الانتظار الى أن يتم اطلاق سراح أحد من معسكر الاعمال الشاقة في سيبيريا وبعد بضعة اشهر يقف امام الباب ويتحدث، لماذا لم يكن الامر يهمكم؟ لماذا صمتم؟ كيف استطعتم الخروج الى نزهات في ايام السبت ومشاهدة الافلام في التلفاز والذهاب الى التسوق في المجمع التجاري الجديد واعداد رسالة الماجستير حول اجهزة القمع الروسية أو ادارة اعمالكم من البيت واختيار مقطوعات موسيقية وعروض في لندن والذهاب في كل اسبوع الى مباراة لكرة القدم، وايضا صيانة البيت وكأن كل شيء عادي؟.
والدان ربما سيكونان محرجان ويقولان: “افهمي، لم نكن نحن فقط هكذا، ايضا الجارة عدينه التي كانت بروفيسورة معروفة في تاريخ اللاسامية، عاشت كالمعتاد، بين رحلات الى الخارج ومحادثات قصيرة في البقالة ومقابلات في الاذاعة والتلفاز. هي ايضا صمتت بشأن هذه الامور، ورغبت في الاستماع الى السمفونية الاخيرة لبتهوفن وبارتوك”. عندها تقوم الام بتصحيح الأب: “ما الذي تقوله؟ هي لم تكن خبيرة باللاسامية، بل بأصناف من الفراشات المنقرضة”. النقاش بينهما سيذهب الى نقاشات اخرى وهكذا ينجحان في التملص من السؤال الذي وجهته البنت.
والدان آخران ربما سيعتذران. “افهموا”، سيقولان، “لقد خفنا من الارهاب”. والاولاد يصعبون الامر: “كيف يتحول النضال ضد الارهاب الى تدمير انابيب المياه وآبار جمع مياه الامطار وحصص مياه الشرب لمجموعات سكانية معينة من بني البشر، في الوقت الذي نتمتع فيه بوفرة المياه؟”. الأب ينفعل ويقول “أنا غير مسؤول عن حصص المياه، حول هذا اسألوا أبناء مردخاي وأوري ووزير البنى التحتية”. الابن، سنغفر له انفعاله لأنه في جيل المراهقة، يصرخ: “لكنك كنت تقود الجرافة التي دمرت آباء المياه، جدي قال لي هذا بتفاخر قبل موته”. الأب يقوم بالتصحيح: “لقد كانت جرافة صغيرة لا كبيرة، وأنا كنت من الجنود الذين صوبوا البنادق نحو الحشرات الصغيرة التي لم ترشق الحجارة على السائقين”.
شهادات التقدير لكبار الضباط في الادارة المدنية ستعلق في الصالونات الى أن يأتين البنات ويزلنها عن الحائط بغضب. كيف دمرت قرى وطردت سكانها، صرخت البنت وهي تبكي، وبكاؤها يزداد فقط عندما تسمع الاجابة: “لقد قمت بتنفيذ الأوامر”. كيف منعت آلاف الطلاب من السفر عندما أرادوا الدراسة في جامعة افضل؟ صرخت واحدة اخرى وتخرج من البيت بعد اغلاق الباب عندما تسمع نفس الاجابة “فقط أنا نفذت الأوامر”. ولكنك وافقت على حبس مليوني انسان، همست الثالثة، ولا تصدق ما تسمعه عندما يجيب والدها “لقد تعودت”. كيف منعت هؤلاء من البناء وأنت قمت ببناء حي فاخر للآخرين؟ سألت البنت أمها المهندسة المعمارية بمرارة، والتي تدير دائرة قسم التخطيط والبناء سابقا. الأم تجيب: “المتفوقون دائما يحق لهم أكثر، هذا هو أمر التاريخ. الآخرون ببساطة، لا يحتاجون الى ما هو موجود لدينا، وهذا ايضا ما جعل الكثيرين منهم يغادرون. في النهاية يمكنك العيش في منزل واسع مع حديقة كبيرة”.
أم اخرى تلعثمت وهي تعترف بأنها ضغطت على الزر الذي اطلق صاروخ من طائرة بدون طيار، هكذا كانوا يسمونها في البداية. “كنت شابة، سموني مقاتلة، لقد كانوا مجرد صور على الشاشة”. والد آخر يعترف أنه على عقب بندقيته حفر 17 “اكس” الى أن اصبح المكان لا يتسع. “كنا اطفال”، يشرح، “تعلمنا اطلاق النار وكانوا يركضون امامنا خلف الجدار وأنا اردت الاثبات لنفسي ولقادتي بأنني جيد في هذا الامر”. والد آخر لم يحفر الـ “اكس” لأنه لم يقم باحصاء عدد الذين قضوا بسبب القنبلة التي قام باسقاطها من الطائرة. والد آخر قال إن هذا لا شيء مقابل الاعداد التي قتلناها منهم في حروب سابقة. “هذه هي الطريقة الوحيدة المجربة للسيطرة عليهم”، قال بنبرته العلمية، “بهذه الطريقة جعلنا الآخرين يغادرون من اجل اتاحة مساحة اكبر للجامعة الفاخرة التي تدرس فيها”.
كيف صادقتم على كل ذلك؟ سيسأل تلميذ الحقوق والفلسفة اللامع أمه رئيسة المحكمة المتقاعدة. والتي تستطيع الآن التفرغ لهواية زراعة السحلبيات. وستجيبه: “لم نصادق على كل شيء”. لكنكم صادقتم على الجزء الاساسي، قال باصرار. لقد حددتم في قراراتكم بأننا عرق أعلى. وستجيبه وهي ترش النباتات بالمياه: “هذه هي الحقيقة”.
هآرتس / اسرائيليتي ذهبت مني وأنا أخاف في الاساس على أولادي
هآرتس – بقلم اورلي فلنائي – 8/4/2018
في العام 2003 هددوا باقالتي من القناة الاولى لأنني تجرأت على انتقاد سياسة الملك نتنياهو الاول عندما كان وزيرا للمالية. كنت مراسلة شابة ليس لها اهمية، لكن كان من المهم لنتنياهو أن يكم حتى الافواه الصغيرة. في البداية قاموا بفصلي من وظيفة مراسلة الشؤون الاجتماعية، وبعد ذلك عندما كنت مراسلة الشؤون القضائية حظروا علي تغطية مكتب المدعي العام، من اجل أن لا اغرقهم بقصص اجتماعية. قمت بالاحتجاج على ذلك، وتم فصلي من الوظيفة بعد 24 ساعة. عندما تم تعييني مراسلة لشؤون القدس (وأنا من تل ابيب)، لكن حظروا علي تغطية مشكلات الرعاية الاجتماعية في المدينة الاكثر فقرا في اسرائيل.
في الاساس قالوا لي، المدراء وعدد معين من زملائي، “اخفضي رأسك، انحني حتى تمر الرياح”، رياح “الاله نتنياهو، القادر على كل شيء”. لم اوافق، استقلت، زملائي ادانوني، كان هناك من لم يرغبوا في توظيفي في حينه. “العمل معك محظور، أنت تفعلين مشاكل” قال لي شالوم ايتان، الذي قبل لحظة كان يرغب في نقلي الى القناة الاخبارية الثانية.
ولكن منذ ذلك الحين أنا اعمل باجتهاد، ووجدت المكان الاكثر حرية في الاعلام الاسرائيلي وهو القناة 10، وهي القناة التي حاول نتنياهو بشدة اغلاقها.
ولكن يبدو لي أنه لو حدث هذا اليوم لكنت قد منعت الى الابد. والقصة الشخصية لي هي فقط مثال. لأنه اكثر من عقدين تحت حكم نتنياهو ورياحه لم تحوله فقط الى رئيس حكومة الجميع، بل بالضبط عكس ذلك، الآن اذا قمت بفتح فمك فقد انتهيت. ثورة المعلومات في الانترنت تكتسب عندما حجم اضافي، حاكمنا يشعل بواسطة الشبكة الكراهية، يحرض ويثير، يهدد وينفذ. عمليا، لا ينفذ، هو يسمح للشعب القيام بما يشاء، بالضبط مثلما كان الامر في السابق، يلقون من الشرفة عظمة مسمومة الى الميدان وشخص ما يتولى القيام بالامر.
منذ فترة وأنا استيقظ في الصباح والقرن الذي نما فوق أنفي يثقل علي. الجلد يحكني من الصرخة التي لم تخرج والضمير يؤلمني بسبب الصمت. عندها في نصيبي الصغير الذي قسمه الله لي قررت أنه محظور علي الصمت بعد ذلك. هذه ميزة لا توجد لكل من يحب هذه الدولة، ويراها وهي تربي في داخلها بركان من الشر. لأن الدولة التي تنشيء سجون للسود ضلت طريقها. اليمين الذي لا يؤمن بحقوق الانسان ولا يؤيد قيم العدالة والمساواة ليس يمين زئيف جابوتنسكي ولا حتى يمين مناحيم بيغن. لقد كانت تلك هي حكومة بيغن التي استوعبت في اسرائيل عائلات لاجئين هربوا من فيتنام في نهاية الحرب الاهلية هناك. هم لم يكونوا يهود، لكن استيعابهم لم يعمل على ذوبان المجتمع الاسرائيلي، بل زيادة قوته الاخلاقية والروحية. منذ متى تحول اليمين الى كاره للانسان؟ منذ متى احترام الآخر والرحمة هي صفات لليسار؟ هي ليست هكذا، لكن التحريض المجنون لميري ريغف، مثلا، أدى بالكثيرين من اليمين الى الاعتقاد أن طالبي اللجوء هم سرطان يجب استئصاله أو القضاء عليه. هذا السرطان من السهل تشخيصه لأن له لون.
الحقائق غير هامة، وغير هام أن ضعف عدد المتسللين من شرق افريقيا يعيشون بين ظهرانينا. هم لم يتلقوا ضربات في الصحراء ولم يتم تعذيبهم. هم مجرد اشخاص جاءوا الى دولة من المفضل لهم العيش فيها، لكنهم بيض.
شخص من “مقرري السياسات الجدد”، وهم الممثلون من قبل انفسهم لسكان جنوب تل ابيب، لم ينجح في تفسير ما هو الشر الكبير الكامن في الاتفاق الذي وقع عليه نتنياهو وبعد ذلك قام بالغائه، وفي الاساس، هل يوجد حل آخر افضل. حيث أن “اللون الابيض” لعدد من طالبي اللجوء يساعد الشعب في صهيون. لأننا نبحث عن سقائين وحطابين، في الوقت الذي نسارع فيه الى الطابور في مطار بن غوريون. ولكن الطبيعة نسيت ذلك، الضعيف يتم افتراسه أولا وبعد ذلك الواحد منا سيقوم بافتراس الآخر. انظروا ما الذي حدث هنا اثناء التعرجات بشأن مخطط اللاجئين. المتدينون تظاهروا مرة اخرى، هذه المرة ضد تشريح جثة طفل ضعيف، ربما أن أحد تسبب له بالضرر. باسم من وماذا كانت تلك المظاهرات وأين رئيس الحكومة الذي يشكل لجنة تحقيق برلمانية من اجل رؤية من ينمي الجهل ويتصرف بجنون؟ أين الوزراء؟ هم منشغلون في جلب كوبي متان راكعا على ركبتيه لأنه مسموح أن نسمي الانسان سرطان، لكن من المحظور الخجل.
أنا لا أخجل من كوني اسرائيلي، لكني اخاف كثيرا من أن أكون كذلك. اسرائيلي سلبت مني وأنا في الاساس أخاف على اولادي. أحدهم يريد حماية نفسه، عمره فقط خمس سنوات، والطرد يهدده ايضا، ببساطة.
اذا كنا في 2001 نستطيع أن نبحث عن راعي فقد تجمعنا امام بئر الاماني الكبيرة في جادة روتشيلد وآمنا بمستقبل افضل عدالة بقليل، الان نحن قطيع اعمى ومسمم ويسير نحو التحريض المجنون والديماغوجي والرخيص، وتحريض الواحد ضد أخيه. لسنا جميعنا نشتري الاكاذيب حول الصندوق الجديد واليسار، لكن ايضا من هو ليس جزء من القطيع العنيد يخاف ان يفتح فمه.
لكل هؤلاء من المهم ان نضيف الصهيونية. ليس من المهم اذا كان رئيس الحكومة سيخطب في احتفال المشاعل، بل المهم هو ما يفعله في باقي الايام. فكروا على سبيل المثال بتعيين وزراء الحكومة الحالية، نموذج: وزيرة الثقافة التي ليس لها ثقافة حديث بالحد الادنى، وبالاحرى الفهم. وزير الداخلية الذي سرق بكونه وزيرا للداخلية. وزير الرعاية الاجتماعية الغني والمتعالي الذي يهتم فقط باعضاء اللجان الاقوياء، وزير الصحة الذي لا يهدد بالاستقالة بسبب النقص في الادوية والاسرة، لكنه يستقيل بسبب الاعمال في القطار في ايام السبت. لماذا لا يوجد قطار يوم السبت؟ هل فقط العلمانيون قادرين يستطيعون الذهاب للتنزه؟ الفقراء بصورة تلقائية سيصوتون لنتنياهو، لكن ليس هناك ضرورة لمساعدتهم في السبت. ببساطة سنحضرهم في الحافلات الى صناديق الاقتراع. الان ونحن اقلية ملاحقة سنجرب طريقة مارتن لوثر كينغ الذي قال “اذا لم تستطيعوا الطيران عليكم الركض، اذا لم تستطيعوا الركض عليكم المشي، اذا لم تستطيعوا المشي عليكم الزحف، لكن لا يهم ماذا تفعلون، يجب عليكم مواصلة التقدم الى الامام”.
هآرتس / اختبار كحلون
هآرتس – بقلم أسرة التحرير – 8/4/2018
ان الغاء الاتفاق مع مفوضية الامم المتحدة للاجئين والتجميد المؤقت الذي فرضته محكمة العدل العليا على تنفيذ اتفاق الابعاد يبقيان الحكومة بلا امكانية لابعاد طالبي اللجوء او حبسهم، على الاقل الى أن يتخذ قرار جديد من محكمة العدل العليا. وبالتوازي مع فحص خيارات سيئة اخرى – مثل الابعاد الى اوغندا أو دولة اخرى توافق على التعاون مع الظلم يعمل وزراء البيت اليهودي على تشريع فقرة التغلب التي تسمح باعادة تشريع قوانين رفضتها محكمة العدل العليا بسبب المس الشديد بحقوق الانسان. وهكذا يكون بوسع الكنيست أن تشرع قانونا يسمح بالحبس بلا قيد زمني، بخلاف موقف محكمة العدل العليا.
حقيقة أن نتنياهو نفسه قال مرات عديدة انه لن يسمح بتشريع ضد المحكمة ليست ذات صلة، إذ من الواضح ليس هناك اي علاقة بين وعوده وافعاله. ولكن ماذا بالنسبة لمن كرر في السنوات الاخيرة المرة تلو الاخرى القول انه سيحمي المحكمة العليا والديمقراطية ويصونها من كل ضر؟ لقد لوح وزير المالية موشيه كحلون بصورة مناحم بيغن في دعايته الانتخابية بل وتكبد عناء ادخال صلاحيات الفيتو الى الاتفاق الائتلافي كي لا تسقط شعرة من رؤوس قضاة العليا. كما أن رئيس كتلته، النائب روعي فولكمن يعرض نفسه ويعرض “كلنا” كحماة جمرة تفوق القضاء واحترامه، وفقا لافضل تقاليد اليمين الليبرالي.
ان تأييد كحلون وكتلته لتشريع “فقرة التغلب” سيكون خيانة لجوهر ولباب المباديء التي يدعون تمثيلها. وسواء سنت بمعناها الجارف ام سنت بشكل محدد في إطار العوبة قضائية لـ “أمر طواريء” في القانون الاساس: كرامة الانسان وحريته، أو كل حل قانوني مهزوز آخر – ستكون هذه سابقة تشكل ضربة قاضية للقضاء الدستوري في اسرائيل. ليس حماية حقيقية لحرية الفرد وحقوق الضعفاء والمميز بحقهم، سواء كان هؤلاء نساء، فقراء أم اقليات – بل حكم طغيان الاغلبية، الذي ليس هناك أي جدار او حاجز يمنعه. في المستقبل سيكون ممكنا استخدامه في كل موضوع: التجنيد، الدين والدولة، الميزانية، الامن، معالجة الاقليات وغيرها.
باستثناء دولة واحدة (كندا)، والتي فيها ايضا يدور الحديث عن حل وسط في اطار تشريع وثيقة حقوق كاملة في دولة فيدرالية (وفيها ايضا تعرضت الخطوة لانتقاد شديد)، لا يوجد دستور واحد آخر في العالم يوجد فيه ثغرة كبيرة بهذا القدر في الجدار.
ان فقرة التغلب تجعل قرار العليا توصية. وهكذا تخصي قدرة السلطة القضائية على تقليص مشكلة طغيان الاغلبية وصد السلطة التشريعية عندما تخرق حقوق الانسان مثلا. ان كحلون ورجاله ملزمون بوقف الهجمة القوية المتطرفة عديمة اللجام على المحكمة، والاثبات بانهم بالفعل يمثلون إرث مناحم بيغن.