ترجمات عبرية

اهم الاخبار والمقالات والتقارير من الصحافة الاسرائيلية ليوم 23– 2 – 2018

يديعوت احرونوت :
– عميقا في الوحل.
– السبت من خلف القضبان.
– الحاخام نتنئيل اليشيف – السفينة أهم من القبطان.
– التسجيل الذي اقنع المستشار للتحقيق.
– شكوى جديدة في الشرطة “نتنياهو عمل ضد هيئة البث بسبب التغطية العاطفة”.
– قاضيا العليا الجديدان.
– لقاء مشحون بين الرئيس ترامب وتلاميذ واهالي ضحايا النار في الثانوية في فلوريدا.
– حادثة فتاكة في اريحا: فلسطيني يموت بينما يعتقله جنود الجيش الاسرائيلي.
معاريف/الاسبوع :
– ضغط شديد لتجنيد شاهد ملكي آخر.
– نتنياهو سيخضع للتحقيق بالتوازي في قضيتي بيزك والغواصات.
– حيفتس: انهرت، البق قرصني.
– اتصالات مع نتنياهو لتنسيق التحقيق والشهادة في قضيتي بيزك والغواصات.
– قاضيا العليا الجديدان غروسكوف والبروفيسور شتاين.
– التحقيق مع درعي للمرة الثانية.
– النائب كابل: فلبر عرض علي تعيين نائب مدير عام من جانبه وفي غضون دقيقتين ازمة هيئة البث تنتهي.
– أريحا: مقتل فلسطيني اصطدم بالجنود.
هآرتس :
– مقتل فلسطيني اثناء اعتقاله في اريحا؛ توثيق الجنود وهم يضربونه بينما كان مستلقيا على الارض.
– قاضيا العليا الجديدان: مرشح شكيد اليكس شتاين وقاضي المركزية عوفر غروسكوف.
– والله، يبدو أنه كان شيء ما.
– بين المستشار الاستراتيجي والمستشار القانوني.
– تمديد اعتقال نير حيفتس والزوجين الوفيتش؛ الشرطة: حيفتس يصمت في التحقيق ولا يتعاون.
– بينيت يواصل اسناد نتنياهو: نحن سنبقى في الحكومة، ولن تكون معضلة الا اذا رفعت لائحة اتهام.
– قصور الاستعداد لدى نتنياهو.
اسرائيل اليوم :
– نتنياهو لمقربيه: “الحقيقة ستنتصر”.
– يوجد قضاة محافظون في القدس.
– جملة ضغوط على المعتقلين.
– يوم الاحد: بحث في القوانين لمنع اعادة جثامين مخربين.
– اريحا: مسلح فلسطيني هاجم الجنود – ومات.
– منظمات حقوق الانسان رفضت مساعدة الفلسطينيين المتضررين من السلطة.
اهم والمقالات والتقارير من الصحافة الاسرائيلية ليوم 23– 2 – 2018
اسرائيل اليوم / نتنياهو لمقربيه: “الحقيقة ستنتصر”
اسرائيل اليوم – بقلم ماتي توخفيلد – 23/2/2018
في محيط رئيس الوزراء مصدومون من التقارير عن التنكيل والاهانة لاناس عاديين في المعتقل وعلى جنون المنظومات ضد رئيس الوزراء ومحطيه القريب. وفي اعقاب ذلك قال رئيس الوزراء لمقربيه ان “الحقيقة ستنتصر، سأواصل قيادة الدولة”.
والى جانب ذلك، رفع نتنياهو أمس شريطا الى البث سعى فيه للاظهار بان الاعمال تجري كالمعتاد. الشريط، الذي يعدد فيه نشاطه هذا الاسبوع أنهاه نتنياهو بلدغة لمن يعتقدون بانه لا يؤدي وظائفه. وهو يقول: “لاحظت شيئا لا يعمل وظيفته”، ويشعل مصباحا مطفأً”.
وقبل ذلك كان وزير التعليم نفتالي بينيت تناول أمس ما يدور من اشاعات سياسية وأوضح بان ليس في نية حزبه السماح باسقاط الحكومة.
“لافضل ما احكم به على الامور فاني أجد رئيس الوزراء يؤدي وظائفه كما ينبغي”، شدد بينيت على خلفية التطورات الدراماتيكية في ملف 4000. وعلى حد قوله فان “الامور القيمية هي اذا اختير الناخب، والامور الجنائية تحسم في جهاز انفاذ القانون. نحن نأمل جدا ان يخرج رئيس الوزراء نقيا من كل السياقات، في صالحه وفي صالح دولة اسرائيل”.
في مقابلة مع صوت الجيش قال بينيت: “لن أحل الحكومة حتى لو كانت لائحة اتهام. انا لا احب الخطوط الحمراء، ولكن نقطة القرار هي لا سمح الله اذا ما رفعت لائحة اتهام – حتى ذلك الحين لا توجد معضلة”.
في موضوع توقيع مدير عام وزارة الاتصالات المجمد فلبر على اتفاق الشاهد الملكي قال بينيت: “آري هارو وغانور هما ايضا شاهدان ملكيان، كل شيء بدأ بضجيج عال وانتهى بهمس ضعيف. يوجد بعد قيمي، وفي البعد القيمي الجمهور هو الذي يحكم في الانتخابات، وهناك سيأخذ كل شيء بالحسبان. وكل ما يقال عن ملف 4000 لم يثبت بعد. كل شيء لا يزال في التسريبات. وهذا إما سيثبت أو سيدحض، وحتى ضد يعقوب نئمان رفعت لائحة اتهام، وقد خرج بريئا.
يديعوت / الادنى في الضفة
يديعوت – بقلم ناحوم برنياع – 23/2/2018
​قلنديا هي أكثر بكثير من نقطة عبور بين اسرائيل والضفة. فهي درس في مفارقة الاحتلال. أنت تترك من خلفك دولة تنتمي الى العالم الاول، وتسقط دفعة واحدة الى الفوضى، الى الفقر، الى الاهمال والى القذارة التي تلتقيه في أسوأ دول العالم الثالث. تبدأ بسفر منفلت العقال، في طريق مشوش، بين بيوت بنيت الواحد في داخل الآخر، بلا قانون وبلا رقابة، بين أسوار تحمل شعارات تؤيد الارهاب وصور بطولية لعرفات والبرغوثي، وعندها تعود دفعة واحدة الى الحضارة: طريق مرتب، محيط معتنى به، اشارات ضوئية، اشارات طريق. رحلة عبر العالم الاول، العالم الثاني والعالم الثالث. كل هذا في غضون عشر دقائق: لا توجد وكالة سفر في العالم يمكنها أن تضمن للسائح مغامرة مشابهة. هذه الصورة الكبرى توجد كلها في الارض السيادية لدولة اسرائيل، في ذاك القسم من الضفة الذي ضم في 1967 الى القدس. حكومات اسرائيل ترفض ابتلاعها، وتخاف لفظها. في نقطة درجت اجيال من جنود الجيش الاسرائيلي على تسميتها “مصنع العرق” تنتهي اسرائيل وتبدأ فلسطين. يفترض بك ان تكون قلقا، ولكنك مع ذلك تتنفس الصعداء.
​”نحن نسمي هذه أرض الحرام”، يقول خليل الشقاقي، رئيس المركز الفلسطيني للبحوث والاستطلاعات. “استطلاع أجريناه اكتشفنا بان احساس الامن في هذه الاحياء هو الادنى في الضفة. فالحديث يدور اساسا عن العنف، البغاء، الجرائم داخل العائلة. والنساء هن الضحية الاساس”.
​الشقاقي، 65، يعتبر المحلل الاكثر مصداقية للمزاج في الشارع الفلسطيني. فالصحافيون الاجانب والدبلوماسيون يدقون بابه. وهو مستقل، صريح وطلق اللسان: ينتقد ابو مازن بحدة، بلا روع. ذات مرة كانا قريبين، اما الان فأقل. في اسرائيل يتذكرون أخاه، فتحي الشقاقي الذي كان رئيس الجهاد الاسلامي وصفاه مغتال اسرائيلي في جزيرة مالطا في 1995. خليل نقي من كل صلة بالارهاب. منظمته، التي سجلها كشركة غير ربحية، تتغذى اساسا من اموال دول الاتحاد الاوروبي. والاستطلاعات يجريها في الضفة، في القدس وفي غزة. اما المؤسسة الاسرائيلية الوحيدة التي يعمل معها في هذه اللحظة فهي مركز بحوث السلام على اسم تامي شتاينمتس في جامعة تل أبيب. اليهود يستطلعون اليهود، والشقاقي يستطلع بالتوازي الفلسطينيين.
​سافرنا مراسل “يديعوت” في المناطق اليئور ليفي وأنا اليه في بداية الاسبوع. التقيناه في مكتبه، في احد المباني التي طلت كالفطريات حول المقاطعة في رام الله.
​فبدأ يقول: “هذه ليست المرحلة الاسوأ. المرحلة الاسوأ كانت في نهاية 2015 في ذروة موجة عمليات المخرب الفرد. وكان الغضب على اسرائيل عظيما. والان ايضا الغضب كبير، ولكنه لا يوشك على الانفجار.
​”ابو مازن اقل شرعية مما كان في اي وقت مضى. 70 في المئة يدعونه الى الاستقالة. في الماضي نزل الى 65 والى 67، ولكنه لم يصل في اي مرة الى 70”.
​هل فقدان التأييد في الشارع هو السبب للخطابات الهجومية التي يلقيها مؤخرا ضد ترامب وضد نتنياهو، سألنا.
​”هذا ليس السبب الوحيد”، اجاب. “نشأت قطيعة بين ابو مازن وبين مؤيديه”. تفضل واشرح رجاء.
​”محمود عباس وثق بترامب، فقد اعتقد بان شخصا مثل ترامب قادر على ان يجلب له ما لم يجلبه اوباما. اوباما قال الكلمات الصحيحة، ولكنه امتنع عن ممارسة الضغط؛ فقد تصرف كالجبان. اما ترامب، كما اعتقد ابو مازن، فقادر على ان يجبر نتنياهو. في الوقت الذي أمن معظم الفلسطينيون، بمن فيهم رجال حماس بان انتخاب ترامب هو بشرى سيئة، أمل هو بالخير.
​”لقد كان في واشنطن عشية خطاب ترامب. أحد لم يروِ له ولرجاله بان ترامب يعتزم الاعلان عن الاعتراف بالقدس كعاصمة اسرائيل. وقد عرض الخطاب عباس كغبي امام أبناء شعبه. وفاقمت الاهانة الوضع ولكنها لم تكن الامر الاساس.
​”التقى محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، الذي عرض عليه حسب ما تقول الشائعات أن يقيم عاصمته في ابو ديس. وكان خليط اعلان ترامب والعرض السعودي قد دفن كل آماله. ترامب لم يقل في خطابه انه يعترف بضم شرقي القدس. وكان يمكن لعباس ربما أن يبني شيئا ما على الغموض، ولكن ذكر ابو ديس قتل هذا”.
​لكن، قلنا، هو يواصل أمر أجهزة أمنه للتعاون مع اسرائيل. لماذا؟
​”لان التعاون مع اسرائيل هو الضمانة الوحيدة التي تمنع انهيار السلطة”، قال. “التعاون يحرر السلطة من الضغط من الخارج، من جانب اسرائيل، ومن الداخل، من جانب حماس. وهو يشير الى ان لاسرائيل مصلحة في استمرار وجود السلطة وفي حل الدولتين”.
​الصورة تنقلب
​الى اين انتم تسيرون من هنا، سألنا.
​”توجد أنباء سيئة وأنباء طيبة”، قال. “ابدأ بالسيئة. الشارع الفلسطيني يجتاز مسيرة تطرف تماما مثل الشارع الاسرائيلي. اكثر من 50 في المئة من الجمهور يؤمنون بان اسرائيل تتآمر على أخذ اراضينا وابعادنا؛ 30 في المئة يقولون ان اسرائيل تتآمر على اخذ اراضينا وحرماننا من حقوقنا دون ابعادنا وفقط 20 في المئة يؤمنون بان اسرائيل معنية بالتسوية.
​”قبل عشر سنوات في 2008، 70 في المئة أيدوا حل الدولتين. 60 في المئة أيدوا الحل الوسط حسب المباديء التي تحدث حولها عباس واولمرت. عدنا الى الاسئلة اياها في استطلاع اجريناه قبل شهرين. 46 في المئة يؤيدون اليوم حل الدولتين. التأييد للحل الوسط هبط الى 40 في المئة”.
​هل يؤمنون بان حل الدولتين لا يزال ذا صلة، سألنا.
​”أقل فأقل”، قال. “معدل الذين يؤمنون بانه يمكن الوصول الى حل في السنوات الخمسة القريبة القادمة هبط الى 25 في المئة”.
​ما هي الانباء الطيبة، سألنا.
​”أنه يمكن تغيير هذا”، قال. “تقريبا كل من هجر حل الدولتين مستعد لان يعود ليؤمن به، رغم كل ما حصل. 60 في المئة في الطرفين، الفلسطيني، واليهود في اسرائيل، يقولون اليوم لا لاتفاق على نمط اولمرت – عباس. هذه هي الانباء السيئة. ولكن اذا اضفت عنصرا آخر، حافزا آخر، فالصورة تنقلب”. في كل واحد من الاستطلاعات عرضت سبعة حوافز. 39 في المئة من المعارضين في الجانب الفلسطيني غيروا رأيهم عندما قيل لهم ان اسرائيل ستعترف بالنكبة وستدفع تعويضات؛ 37 في المئة من المعارضين غيروا رأيهم عندما وعدوا بان الدولة الفلسطينية ستكون ديمقراطية. فالديمقراطية تعد ملجأ من الفساد والطغيان في الضفة وفي غزة اليوم (بين اليهود كان الحافز المظفر هو الوعد بمواصلة السماح لليهود في الحجيج الى الحرم. رقم 2 كان استمرار التعاون الامني. نصف المعارضين للاتفاق ابناء الطوائف الشرقية وافقوا على تغيير رأيهم عندما قيل لهم ان اليهود من أصول الدول العربية سينالون تعويضا على ممتلكاتهم).
​ما هو الاستنتاج، سألنا.
​”اذا أعطيت أملا للناس، فانهم يغيرون رأيهم”، قال.
​ولكنك لا تؤمن بان هذا سيحصل، قلنا.
​فهز كتفيه. “الزعماء وحدهم يمكنهم أن يحدثوا التغيير”، قال. وهنا أنا متشائم. نحن بحاجة لزعماء بسبب رؤياهم او بسبب الحاجة الى بقائهم يغيرون الواقع. السادات كان رجل رؤيا؛ عرفات كان رجل بقاء؛ اما ابو مازن فهو ليس هذا وليس ذاك. كان لديه استعداد للحل الوسط – أمر مشكوك أن يكون لمن يخلفه”.
​بين الفلسطينيين يوجد من يفضلون دولة واحدة. قلنا.
​”في السوق الفلسطيني توجد فكرتان متنافستان”، قال. “واحدة علمانية؛ تتحدث عن حقوق متساوية لليهود والفلسطينيين في دولة واحدة؛ تعالوا ننتظر، يقول مؤيدو هذه الفكرة: اليمين في اسرائيل يقوم بالعمل نيابة عنا. مع حلول اليوم نضع على الطاولة كل التعابير من عهد الابرتهايد في جنوب افريقيا، واليهود لن يصمدوا أمام ضغط العالم، والفلسطينيون سيحصلون على كل البلاد.
​”الفكرة الثانية دينية. الحركة القومية العربية تموت والحكم في كل المنطقة سيكون ديني – حماس في المناطق، حزب الله في لبنان، داعش في سيناء، القاعدة. حرب اسرائيل مع ايران يمكنها أن تعظم المشاعر الدينية، دون صلة بمسألة من ينتصر. النظام في الاردن، في مصر وفي السعودية سيكون في خطر.
​”لو كان عندي مال، لكنت راهنت على الحل العلماني، ولكني كنت سأنظر كل الوقت الى الجانب، لارى ماذا يحصل في الجانب الديني”.
​وربما، قلنا، سيحصل ما يأمل نتنياهو أن يحصل: الوضع الراهن يبقى الى الابد.
​”لا احتمال”، قال الشقاقي. “انظروا الى ابو مازن وعمره؛ انظروا الى الوضع في غزة؛ الى التوتر بينكم وبين ايران؛ انظروا الى الفلسطينيين في اعمار 18 – 22. مواقفهم اكثر تصلبا من مواقف ابائهم؛ وبالطبع، انظروا الى تأثير المستوطنين في ساحتكم السياسية. سنتان من اليوم سنرى التغيير”.
هآرتس / من اجل الخروج من غزة يجب على السكان الآن – التوقيع على تعهد بعدم العودة لمدة سنة
هآرتس – بقلم عميره هاس – 23/2/2018
​في 24 كانون الثاني الماضي وصلت هديل (17 سنة) واخوتها الثلاثة القاصرين الى حاجز ايرز. لقد حصلوا قبل يوم من ذلك على الموافقة الاسرائيلية على خروجهم من القطاع باتجاه جسر اللنبي أخيرا. اسرائيل لم تسمح لشقيقهم البكر بمرافقتهم في سفرهم الى والدهم الذي يعيش في السويد، وهديل أخذت دور البالغ المسؤول. في حاجز ايرز استقبلهم حسام، ممثل مكتب التنسيق والارتباط الاسرائيلي، وطلب منهم التوقيع على وثيقة يتعهدون فيها بعدم العودة الى بيتهم في القطاع لمدة سنة. التوقيع، هكذا تم التوضيح للاخت الكبيرة، هو شرط لخروجهم. دون أن يكون لهم خيار قامت هديل باسم الجميع بالتوقيع رغم أنها ليست الوصية عليهم. ورغم أنها هي ايضا قاصر.
​هديل لم تستطع تصور ان التوقيع على التعهد سيؤدي الى التشديد في تعليمات ضابط الارتباط والتنسيق الاسرائيلي في اللجنة المدنية الفلسطينية. ومحاولة هديل رفض التعليمات. هذه الحادثة تسلط الضوء على مشكلة اساسية في موقف اللجنة المدنية الفلسطينية التي مهمتها الوساطية هي أن تأخذ من السكان الفلسطينيين طلبات الخروج من القطاع ونقلها الى الجانب الاسرائيلي للمصادقة أو الرفض. السؤال الذي يطرح ما هي الحدود بين تنسيق ضروري في الشؤون المدنية التي تمس السكان الفلسطينيين وبين تعاون ممثلي السلطة الفلسطينية مع الأوامر الاسرائيلية التي تمس الحقوق الاساسية للفلسطينيين.
​تعهد غير قانوني
​إن اجبار قاصرين على توقيع تعهد له تأثيرات بعيدة المدى الى هذه الدرجة ليس قانونيا، قالوا في “غيشه”، وهو المركز من اجل حرية الحركة والذي بفضل تدخله حصلت هديل واخوتها على اذن الخروج. محامية الجمعية، اسنات كوهين لايفشيتس كتبت رسالة بهذه الروحية الى النقيب نداف بلاس المستشار القانوني لضابط التنسيق والارتباط في قطاع غزة. “هذه ليست المرة الاولى التي فيها يجبر ممثلو مكتب التنسيق والارتباط قاصرين على التوقيع على نموذج التعهد الذي شرعيته مشكوك فيها ايضا عندما يتم اجبار بالغين على التوقيع عليه. وبالأحرى، عندما يدور الحديث عن قاصرين يوجدون وحدهم ويجبرون على التوقيع على النموذج دون موافقة وتوقيع من الوالدين”. هكذا كتبت كوهين لايفشيتس واضافت “من نافل القول أن القاصر غير مؤهل للتعهد بأمر جوهري ومصيري مثل عدم العودة الى بيته ووالديه الموجودان في قطاع غزة طوال سنة، وحسب القانون يجب عدم اجبار القاصر على التوقيع على نموذج له اهمية قانونية دون موافقة ممثله”.
​في 7 شباط اجاب النقيب بلاس على كوهين بأن تعهد القاصرين الاربعة لاغ فعليا. فيما بعد اوضح بأنه ستقوم كل الجهات بالاهتمام بأن يتم توقيع نموذج التعهد بعدم العودة الى قطاع غزة لمدة سنة من قبل الوالدين أو الوصي على القاصر، كما كتب ايضا النقيب بلاس “من اجل ضمان نظام سليم بهذا الشأن بالتحديد وفي شأن التوقيع على التعهد بشكل عام اتخذ قرار بالتشديد على أن يتم نقل طلبات سكان القطاع، سواء البالغين أو القاصرين، للدخول الى اسرائيل من اجل المكوث في الخارج فترة طويلة، من اللجنة المدنية مرفقة منذ البداية بنموذج التعهد موقعة كما هو مطلوب. واذا تم تقديم الطلبات بدون نموذج موقع كما هو مطلوب يتم رفضها. وقد تم ابلاغ اللجنة المدنية بذلك”.
​منذ العام 1997 تمنع اسرائيل سكان قطاع غزة من السفر الى الخارج عن طريق جسر اللنبي بدون اذونات خاصة والتي تعطى بالقطارة. الحظر الجديد هذا كان جزء من سلسلة قيود حركة حددتها اسرائيل والتي تم تشديدها بعد التوقيع على اتفاق اوسلو وأدت الى قطع تدريجي لسكان القطاع عن الضفة الغربية. وطالما أن معبر رفح على حدود مصر كان يعمل بشكل منتظم بهذه الدرجة أو تلك مثلما كانت الحال في 1997 فان هذا القيد على حرية الحركة كان محتملا. ولكن في سنوات الالفين وخاصة منذ سيطرة حماس على اجهزة الامن في القطاع في 2007، اغلق لفترات طويلة. الوضع ازداد سوء بعد اسقاط حكومة الاخوان المسلمين في مصر في تموز 2013. واليوم المعبر يفتح فقط ايام معدودة في السنة.
​في المقابل، منذ العام 2007 منعت حكومة اهود اولمرت بصورة شاملة خروج الفلسطينيين من حاجز ايرز، باستثناء الحالات الانسانية الطارئة (المرض، وفاة في العائلة، زواج احد الاقارب من الدرجة الاولى)، هذه القيود ضعفت مع مرور الوقت وإن كانت ما تزال فقط آلاف محدودة من السكان الذين يبلغ عددهم حوالي المليونين يسمح لهم بالخروج من حاجز ايرز. في شباط 2016 تقرر السماح لسكان القطاع بالسفر الى الخارج في جسر اللنبي، ولكن بشرط التعهد بعدم العودة لمدة سنة. هذا الشرط لم يزعج اشخاص وجه اليهم هذا التغيير منذ البداية: فلسطينيون يعيشون في الخارج وعلقوا في القطاع بعد زيارتهم له أو ينوون البقاء في الخارج لفترة طويلة من اجل الدراسة والعمل. هذا الترتيب انجز حسب تفاهمات بين اللجنة المدنية الفلسطينية وبين السلطات الاسرائيلية، قال للصحيفة مصدر فلسطيني. حالات طبية واكاديمية والتي تخرج لفترات قصيرة ويسافرون من اجل احداث عائلية، كان عليهم أن يكونوا معفيين من التوقيع.
​مع ذلك، في اللجنة المدنية لم يحرصوا على توقيع مقدمي الطلبات على التعهد بعدم العودة لمدة سنة، لهذا طلب من الخارجين التوقيع على التعهد في ايرز أو في جسر اللنبي أو حتى في الحافلة التي تنقلهم بصورة منظمة الى جسر اللنبي (للمسافرين الى الخارج يمنع التوقع ولو لعدة ساعات في جيوب السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية)، ويطلب ممن يرفضون التوقيع العودة على اعقابهم. في اعقاب حادثة هديل واخوتها كتب ممثلو اللجنة المدنية لـ “غيشه” بأن ضابط الارتباط والتنسيق زاد الضغط عليهم، وطلب ارفاق التعهد الموقع بطلبات الخروج. ضابط الارتباط والتنسيق يرفض علاج الطلبات التي تصل بدون النموذج الموقع، وموظفو اللجنة الفلسطينية يواصلون رفض طلب التوقيع من الفلسطينيين.
​من محادثات مع اشخاص يتوجهون لمساعدة “غيشه” واعضاء اللجنة المدنية يتضح ايضا أنه مؤخرا يقوم ضابط الارتباط بتوجيه اللجنة لتقديم طلبات اكثر فأكثر للخروج الى الخارج مثل طلبات “مكوث طويل”، ايضا اذا كان الامر يتعلق بحالات تعتبر انسانية مثل السفر لحضور حفل زفاف أو زيارة مريض. فعليا، حسب التوجيهات التي وصلت الى اللجنة فان كل من لديه تأشيرة خروج الى الخارج يجب عليه التوقيع على نموذج التعهد بعدم العودة الى القطاع لمدة سنة.
​هكذا مثلا، قبل حوالي شهر قدمت غيشه التماس للمحكمة العليا باسم امرأة شابة، ووالدها وعمها اللذان طلبا الخروج الى الاردن، حيث كان من المقرر أن تتزوج هناك من إبن عمها. من خلال المحادثات مع ضابط الارتباط في غزة ابلغت غيشه بأن طلب الثلاثة اعتبر كـ “مكوث طويل” يقتضي التوقيع على التعهد بعدم العودة الى غزة. محكمة العدل العليا أمرت ضابط الارتباط باعادة فحص موقفه، واعلنت النيابة العامة أنها لن تصر على توقيع الجميع، ولكن عندما وصل الثلاثة الى حاجز ايرز تم اجبار العروس على التوقيع على التعهد بعدم العودة. تدخل غيشه أدى الى الغاء التوقيع.
​زيارة الوالد الجريح
​حادثة اخرى تقوم غيشه بعلاجها هي لأحد ساكنات القطاع وولديها الذين يريدون زيارة الزوج والوالد الموجود في تركيا والذي اصيب هناك في حادث طرق. طلبهم صنف في اللجنة المدنية الفلسطينية كمكوث طويل وليس كزيارة مريض، والذي لا يقتضي عدم العودة لمدة سنة.
​من المعطيات التي قدمتها وحدة منسق اعمال الحكومة في المناطق لغيشه حسب قانون حرية المعلومات، يبدو أن هناك فجوة كبيرة بين عدد طلبات سكان القطاع للخروج عبر جسر اللنبي وبين التي تمت المصادقة عليها وبينها وبين التي تم تنفيذها. في تموز 2016 مثلا قدم 50 طلب صودق على 26 منها ولكن فقط 6 اشخاص خرجوا فعليا. في آب 2017 قدم 475 طلب صودق على 169 منها ورفض 39 طلب. ولكن فعليا خرج فقط 96 شخص من بينهم 28 قاصر. منسق اعمال الحكومة في المناطق لم يفصل اذا كان سبب الفجوة يكمن في رفض التوقيع على التعهد في حاجز ايرز، كما أنه رفض اعطاء تفاصيل حول ما هو عدد السكان الذين طلبوا العودة من الخارج خلال فترة التعهد وما هي “الاسباب الانسانية” التي بسببها يمكن للموقعين طلب العودة الى بيوتهم قبل انتهاء السنة.
​في اجابة على سؤال “هآرتس” ما هو المنطق من خلف التعهد بعدم العودة اجابت المتحدثة باسم منسق اعمال الحكومة في المناطق: “في 2016 اتخذ قرار بمساعدة سكان قطاع غزة الذين لا تنطبق عليهم المعايير القائمة للخروج الى الخارج (مرضى، طلاب واكاديميين). في اطار هذا القرار اضيف معيار لخروج سكان القطاع عبر اسرائيل الى الخارج، ومن اجل تنفيذ هذا القرار يجب التوقيع على مكوث طويل اكثر من سنة خارج البلاد. اجراءات التوقيع على نموذج التعهد لم تتغير منذ اضافة المعيار المذكور اعلاه. ولكن من اجل ترتيب وزيادة نجاعة الاجراءات، تقرر مؤخرا نقل كامل للنماذج الموقعة سابقا”. في جمعية غيشه يقولون إن “المعايير التي اخترعتها اسرائيل وتغيرها عندما تريد” هي معايير مشددة وطلب التعهد بعدم العودة لمدة سنة هو طلب غير اخلاقي وغير قانوني وغير انساني. في هذه الاثناء اللجنة المدنية، كممثلة للسلطة الفلسطينية، ترفض نقل طلبات الخروج الى الخارج الى مكتب التنسيق والارتباط الاسرائيلي مرفقا بتعهد عدم العودة الى البيت لمدة سنة. الموقف الاساسي هنا معناه عدم معالجة طلبات الخروج الى الخارج وتنازل عن السفر. ولكن يحتمل أن الحاجة الانسانية الملحة للسفر ستتغلب على المبدأ وعلى الموقف الوطني. وسيضطر ممثلو السلطة الفلسطينية ايضا في هذا الشأن الى الخضوع لتعليمات اسرائيل.
معاريف / على نار هادئة
معاريف – بقلم تل ليف – رام – 23/2/2018
1. من اسبوع لاسبوع يتضح الوضع في قطاع غزة. نظرة واعية الى الاشهر الاخيرة، التي شهدت مصالحة فلسطينية داخلية فاشلة وازالة المسؤولية عن حكم حماس في القطاع تبين صورة تصعيد زاحف. بطيء جدا ومتدرج، ولكن مع ذلك تصعيد واضح جدا باتجاهه. فحجم اطلاق الصواريخ في الاشهر الاخيرة، اعمال الاخلال بالنظام على الجدار، والاسبوع الاخير الذي شهد عبوات ناسفة – كل هذا يبين حركة دولاب مسنن. في كل مرة يتحرك فيه دولاب التصعيد درجة واحدة الى الامام. حركة بطيئة، ولكن ثابتة ومتواصلة. اما الحركة الى الوراء، فتكاد تكون متعذرة.
حتى قبل الجرف الصامد، كان زرع العبوات موضوعا عاديا. فوعي المواجهة في القطاع بعد فك الارتباط يرتبط اساسا باطلاق الصواريخ، ولكن على مدى السنين كان القتال على الجدار شبه متواصل. زرع العبوات على طول الجدار الفاصل حصل في المتوسط عدة مرات في الاسبوع. وفي معظم الحالات كان الجيش الاسرائيلي يكتشفها ولكن كانت ايضا عمليات كبيرة ذات نتائج قاسية.
​منذ الجرف الصامد لا تسمح حماس لمنظمات ارهاب اخرى تنفيذ عمليات ضد الجيش الاسرائيلي على الحدود. فهل قررت الان تغيير سياستها؟ في هذا المرحلة من السابق لاوانه أن نعرف ولكن توجيه المشاغبين نحو الجدار في يوم الجمعة القريب القادم ايضا، وعدد اصابات اكثر في اوساط الفلسطينيين كفيل بان يسرع في سياقات التصعيد.
​مقارنة بالمنظمات السلفية في القطاع، التي تعمل حماس ضدهم بيد قاسية، فان منظمة “لجان المقاومة” التي تقف خلف زرع العبوة يوم الجمعة الماضي، توجد في شبكة علاقات مركبة مع القيادة في غزة. في الماضي كانت تعتبر منظمة تنتمي لحماس وعملت غير مرة بتكليف مباشر منها. الكثير من مئات المخربين الذين ينتمون لهذه المنظمة هم من خريجي حماس وذوو تجربة عملياتية كبيرة. وفي السنوات الاخيرة حل تطرف ديني آخر في داخل المنظمة وبدأ ابتعاد عن حماس. ولكن نشاط المنظمة لا يزال تحت السيطرة والرقابة.
​في جهاز الامن يسمون اعمال الارهاب التي لا تنفذها حماس او الجهاد الاسلامي كأعمال عاقة. هكذا ايضا الموقف من زرع العبوة. ولكن الموقف من لجان المقاومة كمنظمة عاقة مضلل ومشوش بعض الشيء. فمقارنة بالمنظمات السلفية الصغيرة، فان هذه قادرة على انتاج تواصل ثابت من العمليات على الجدار الفاصل أو باطلاق الصواريخ وحماس توجد في معضلة شديدة بالنسبة لها. اذا ما وصلت غض النظر، فمن شأن لجان المقاومة ان تجر الى الساحة الجهاد الاسلامي، ومن هنا فان السبيل الى التصعيد سيكون قصيرا.
​لا تستبعد امكانية أن تكون حماس سلمت بفقدان الانفاق، ولن تختار الخروج الى معركة حول هذا الموضوع. وبالمقابل، فان عدم الاستقرار في القطاع، الازمة الاقتصادية والانهيار النهائي لمساعي المصالحة يمكنها أن تؤدي بحماس الى قرار بان لا مفر من المواجهة. توجد حماس في معضلة سلطوية: فقد فهمت بان ليس في وسعها حل الازمات المدنية، وهي معنية بان تزيل المسؤولية عن نفسها، ولكن ان تبقي لنفسها السيطرة على القطاع وعلى حركة الاموال دون أن تحكم ودون أن تدفع ثمنا. بالطبع لا أمل في هذه الظروف لمصالحة حقيقية مع السلطة. وفقط التنفس الاصطناعي يبقي المداولات على الطاولة. المريض مات، ولكنه يتنفس اصطناعيا. في هذه اللحظة على الاقل هذا في صالح الجميع.
​الثمن الذي سيجبى من حماس في الحرب واضح جدا لها ولزعيمها في القطاع يحيى السنوار، الذي يعتبر في اسرائيل كمتطرف على نحو خاص ولكن منذ انتخب يتصرف بشكل براغماتي ويحذر من الانجرار الى المواجهة. من جهة اخرى، بدأ الضغط الداخلي يؤثر منذ الان. في اثناء رد الجيش الاسرائيلي على العبوة الناسفة، اطلقت حماس النار على الطائرات بمدافع “دوشكا” 14 ملمتر قديمة. ليس لهذا الحدث معنى عملياتي من ناحية طائرات سلاح الجو، ولكن من ناحية حماس هذا هدف رمزي.
​مثلما في الشمال، رغم التوتر فان المواجهة الواسعة والشاملة لا تزال لا تبدو في الافق. ولكن ايام قتالية، جولات تصعيد قصيرة هي سيناريو معقول جدا للفترة القريبة القادمة في القطاع، باحتمالية اعلى مما في الجبهة الشمالية.
2. السبتان الماضيان شهدا أحداثا عملياتية ليست طيبة للجيش الاسرائيلي. فاسقاط طائرة العاصفة في الشمال وحادثة العبوة في الجنوب هما حدثان كان يمكن منعهما بسلوك عملياتي سليم. في الحدثين كان مركز التحقيق هو في اعمال القوة في الميدان والطائرة الوحيدة في الجو، ورغم ذلك يجب النظر ايضا الى الصورة الواسعة في كل ما يتعلق بالرقابة، الانذار المبكر، التحكم والرقابة في المستويات المنظوماتية.
​كان يمكن للحدثين ان ينتهيا بنتائج اقسى. الرد الاسرائيلي، بشكل تقليدي، يتأثر كثيرا باختبار النتيجة. لو انتهى الحدثان بقتلى، معقول الافتراض بان رد الجيش الاسرائيلي كان سيكون اقوى بكثير. حكومة اسرائيل ليست معنية بالدخول الى مواجهة في اي من الجبهتين. ونتيجة لذلك هي أن المسؤولية على القادة في الميدان كبيرة على نحو خاص. ويكاد يكون كل خطأ تكتيكي من شأنه ان يعقد الوضع الذي يوجد على اي حال على شفا اشتعال كبير. وعلى القادة في الميدان ملقاة مسؤولية ثلاثية: الايفاء بالمهام العملياتية، الحفاظ على امن القوات والامتناع عن اخفاقات تكتيكية من شأنها ان تؤدي الى معانٍ استراتيجية. هذه مهام غير بسيطة في ايام من التعقيد العملياتي والتغييرات الكبرى الجارية في كل الجبهات.
​ان السلوك العملياتي للقوة المشتركة في حادثة العبوة يجب أن يقلق القادة في الميدان. نحو اربع سنوات من الهدوء الامني في الجنوب تؤثر ايضا على التجربة العملياتية للجنود والقادة الصغار. قادة الحظائر وحتى قادة السرايا الشبان، لم يجربوا تقريبا احداثا عملياتية تحت النار او في ساحات عبوات. ولهذا السبب، غير مرة في الاحداث الاولى التي تبشر بالتصعيد بعد فترات هدوء تنكشف اخفاقات تكتيكية. على الحدث الاخير أن يكون اشارة تحذير.
3. كثيرون في اسرائيل، في الضفة وفي القطاع ينشغلون بمسألة اليوم التالي لعهد ابو مازن. يخيل أن الوحيد الذي لا ينشغل في هذا الموضوع هو أبو مازن نفسه، الذي عرض هذا الاسبوع في مجلس الامن في الامم المتحدة الخطة الفلسطينية للسلام، وطلب الاعتراف بفلسطين كعضو كامل في الامم المتحدة في ظل مهاجمته لاسرائيل والولايات المتحدة. بين ابو مازن والقيادة السياسية في اسرائيل ولا سيما مع نتنياهو وليبرمان، تجري مواجهة حادة، وهو يعرض عندنا كعائق كبير للسلام. وفي جهاز الامن ايضا لا توجد خيالات حول تقدم سياسي محتمل، ولكن على المستوى العسكري – الامني توجد فجوة آخذة في الاتساع بين القيادة السياسية وفكر القيادة الامنية – المهنية. بينما تعرض القيادة السياسية ابو مازن كاحدى المشاكل المركزية، فان التقدير في جهاز الامن هو أنه لا يهم من يأتي بعده، فالكفاح الفلسطيني مع اسرائيل بعد رحيله سيكون عنيفا أكثر.
​ابو مازن، حسب هذا المفهوم، لا يزال يمكنه أن يدير الصراع في المستوى السياسي. من ناحية الجهات المهنية في جهاز الامن هو خيار أهون الشرور الاقل سوءاً في هذه الايام، ولا يزال يعتبر جهة لاجمة. اما القيادة السياسية، كما أسلفنا فتبث رسالة اخرى تماما.
هآرتس / بعد الانتصار على داعش جاء الفشل في اعادة الاعمار
هآرتس – بقلم تسفي برئيل – 23/2/2018
​”دنبر” ليست كلمة عربية، هي تحريف لكلمة “دانبر” بالانجليزية، ومعناها نوع من التراكتورات الصغيرة التي يتم تركيب وعاء كبير في مقدمته لنقل القمامة. بشكل عام يستخدم في ازقة المدن المكتظة، التي لا تستطيع الدخول اليها شاحنات القمامة الكبيرة. في الحي القديمة في الموصل تحول الـ “دنبر” الى أداة “ما بعد الحرب” الضرورية. عشرات منها تجمع كل يوم اطنان انقاض البيوت التي خلفتها الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية (داعش). هذه التراكتورات الصغيرة تستخدم من قبل متطوعين شباب يئسوا من مساعدة حكومة العراق، من اجل ذلك فتحوا حساب خاص في الفيس بوك بعنوان “دولارين في اليوم”، وهي أجرة استئجار الدنبر من اصحابه. حوالي مليون ونصف مليون متر مكعب من الانقاض تم اخلاؤها من وسط الموصل، وحسب تقديرات قسم الهندسة العراقية هناك كمية مثلها من الانقاض يجب اخلاؤها.
​لقد مرت حوالي سبعة اشهر منذ اعلان الانتصار على داعش في الموصل، ولكن مئات الآلاف من سكان المدينة ما زالوا لا يستطيعون العودة الى بيوتهم. آلاف الالغام والعبوات الناسفة تركها رجال داعش خلفهم، اضافة الى الدمار الكبير الذي سببه القصف. حسب تقدير الامم المتحدة تحتاج المدينة الى عشر سنوات على الاقل من اجل العودة الى ما كانت عليه قبل الحرب.
​تكاليف الاخلاء واعادة الاعمار باهظة جدا، وحكومة العراق تدعي أنها غير قادرة على أن تتحمل وحدها العبء المالي. القليل من المساعدات يصل فعليا من الدول الغربية، لكن جزء منها لا يصل الى العنوان المخصصة له ويصعب ايضا مراقبة المبالغ التي تنجح في الوصول. بدون الشبكات الاجتماعية ونشاط المتطوعين، ايضا لن يكون هناك احتمال بالنجاح لنشاطات اعادة الاعمار بالحد الادنى.
​حسب تقارير الامم المتحدة، حوالي 80 في المئة من اجمالي الخدمات الصحية في مقاطعة نينوى ومدينة الموصل لا تعمل. ادوية كثيرة ناقصة وكذلك ايضا اطباء وممرضات وقوى مساعدة طبية. الكثيرون منهم هربوا في فترة سيطرة داعش ولا يستطيعون العودة الى بيوتهم. كلهم ينتظرون انتهاء اعمال “الدنبرات”.
​ولكن ليس فقط اخلاء الانقاض هو الذي يعيق اعادة الاعمار، في داخل الحي القديم في الموصل ما زالت مدفونة جثث كثيرة يقدر عددها بالآلاف. حكومة العراق وادارة المحافظة لا تستطيع أو لا ترغب في اخراجها. “نحن نهتم اولا بجثث سكان المدينة، ليست لدينا الاموال للتعامل مع جثث اعضاء داعش”، قال مدير خدمات الهندسة في وزارة الداخلية للواء الموصل. بين الفينة والاخرى تتوقف اعمال الانقاذ ايضا لجثث السكان بسبب نقص اكياس النايلون أو الحمالات أو الاكفان.
​أبناء عائلات يضطرون الى القيام بمهمة الانقاذ بأيديهم، ولا يعرفون بالتأكيد اذا كان ابناء عائلتهم بالفعل مدفونين تحت الانقاض أو في المقابر الجماعية التي تم حفرها بسرعة اثناء الحرب. احد المواطنين قدم شهادة امام مراسل صحيفة “الحياة” بأنه دفن بيديه اثناء الحرب 50 – 60 قتيل وهو لا يعرف من هم ومن هم اقاربهم. في وزارة الداخلية اصبح مسجلا حوالي 9 آلاف طلب من مواطنين ابلغوا عن اقاربهم المفقودين ويطلبون مساعدة السلطات. وتيرة العلاج بطيئة جدا، وحسب وزارة الداخلية يتم الآن معالجة حوالي 300 طلب.
​رائحة تعفن الجثث يتم الشعور بها في بضعة شوارع، والتنكيل بالجثث التي شخصت لنشطاء داعش تحولت الى جزء من العاب الاطفال. احد السكان، احمد سعد، قال لموقع “نقاش” العراقي إنه اعتقد أنه يمكنه الدخول الى بيته بعد أن قام متطوعون بازالة الانقاض من حوله، “لكن عندما دخلت وجدت جثتين في البيت، أغلقت البيت ولم ارجع، كيف يمكنني العيش مع جثث؟”.
​اعادة تأهيل
​تستند الآن عملية اعادة الاعمار البطيئة على مبادرات مواطنين، وليس فقط في مجال اخلاء الانقاض وبناء البيوت. مجموعة من رجال الدين قرروا أن يأخذوا على عاتقهم مهمة كبيرة وهي اعادة تأهيل سكان المدينة ولا سيما الاطفال بعد أن تعرضوا خلال اكثر من ثلاث سنوات للوعظ من قبل داعش. في صفحة الفيس بوك للمجموعة يشرحون بأن هدفهم هو تقديم تعليم ديني معتدل، وحياة من التعاون والسلام والمصالحة الاجتماعية. في اطار نشاطهم يقترحون ورشات عمل اسبوعية لتعليم قيم الاسلام المعتدل، يعقدون محاضرات ولقاءات حول حقوق الانسان وحتى أنهم يصلون الى اماكن العمل من اجل محاولة استئصال “الفكر الداعشي” من العاملين الذين اضطروا للعمل مع داعش في فترة احتلال المدينة. مبادرة هامة، لكن حاليا ينشغل السكان بأمور ملحة اكثر.
​على بعد 500 كم تقريبا عن غرب الموصل، في مدينة الرقة، التي حررت ايضا من سيطرة داعش قبل نحو اربعة اشهر، شابة كردية تحاضر امام مجموعة من النساء حول بنية النظام وحول حقوق المرأة في الدولة الحديثة. هذه مبادرة من المجلس المدني في الرقة، الذي تأسس بعد أن احتلت القوات الكردية معظم اجزاء المدينة من أيدي داعش. المجلس المدني هو جسم تطوعي أخذ على عاتقه ادارة شؤون المدينة اليومية مثل تجديد نشاطات جهاز التعليم وجهاز الصحة، تنظيف المنطقة من العبوات الناسفة، ومثلما في الموصل، ترك هنا ايضا آلاف العبوات في الشوارع والبيوت، نشاطات شرطية وقضائية وايضا التدريب وزيادة الوعي حول اهمية ومكانة المرأة.
​في المحاضرة التي تظهر في صفحة الفيس بوك تشارك حوالي 46 امرأة في ورشة عمل مدتها 23 يوم، من الصباح وحتى المساء. يتعلمن فيها مواضيع مثل الديمقراطية، المرأة والسياسة، قراءة نقدية لكتب وكتابة المقالات. مواضيع التعليم ومضمونها مليئة بالايديولوجيا التي يتبناها تنظيم العصابات “حزب العمال الكردستاني” برئاسة عبد الله أوجلان الموجود في السجن التركي، والتي تقول ضمن امور اخرى بأن النساء متساويات مع الرجال ويستطعن، بل حتى يجب عليهن، تحمل مسؤولية متساوية، بما في ذلك القتال والقيادة.
​ولكن هذه الدورات التعليمية لا يمكنها التخفيف من ضائقة عشرات الآلاف من سكان الرقة ودير الزور، الذين لا يستطيعون العودة الى بيوتهم بسبب الالغام والعبوات التي تقتل في كل اسبوع عشرات الاشخاص. عدد طواقم تفكيك الالغام أصغر من أن يستطيع أداء المهمة الثقيلة التي ستسمح لآلاف السكان العودة الى بيوتهم. هذا النقص حول تنظيف الالغام الى مصدر رزق مربح لمن هو خبير في ذلك. حسب تقارير من الرقة فان تنظيف “شخصي” لبيت من العبوات الناسفة يمكن أن يكلف 100 دولار، وهو مبلغ كبير القليلون يمكنهم توفيره. المجلس المدني خرج بمبادرة لتأهيل شباب في مجال العبوات وتفكيك الالغام، لكن ايضا هذا ما زال بعيدا عن تغطية الحاجات.
​عدد كبير من السكان الذين يبلغ عددهم 450 ألف شخص، من سكان الرقة ومحيطها قبل الحرب، يعيشون في مخيمات للاجئين أقيمت بعيدا عن المدينة. ظروف الحياة فيها بعيدة عن أن تكون جيدة. حسب تقرير موقع “ريليفويب” الذي يعمل في اطار وكالة تنسيق النشاطات الانسانية للامم المتحدة، فان حوالي 600 ألف شخص تم اخلاءهم من بيوتهم في الرقة ودير الزور. وقد اضطروا الى الاعتماد على منظمات وجمعيات تم وقف نشاطها من قبل بشار الاسد في شهر كانون الثاني، وفقط مؤخرا تم التوصل الى اتفاق لمواصلة نشاطها بصورة مؤقتة. في فترة تجميد نشاطها تدهور وضع مئات آلاف الاشخاص الذين يحتاجون للعلاج الطبي. فقط بمساعدة متطوعين ومتبرعين محليين كان يمكن شراء الادوية بكميات محدودة. مثلا، حصل طبيب الماني يعمل في مخيم عين عيسى للاجئين قرب الرقة على مبلغ ساعد في شراء ادوية لمرضى السكري وامراض القلب والحصبة لصيدلية المخيم. ولكن الكميات محدودة جدا ويتم توزيع العلاج بحصص حسب الوصفات الطبية، وليس هناك أي ضمانة بأن توفيرها سيستمر.
​في نفس الوقت تزدهر في المدينة تجارة المواد المسروقة من بيوت السكان، الى درجة أنه تم فتح اسواق كاملة من اجل عرض المسروقات. عدد من المواطنين يتهمون القوات الكردية بتنفيذ السرقات، وحتى أنهم يصفون كيف أن شاحنات تدخل الى شوارع المدينة ويقوم عمال بافراغ البيوت التي هجرت. آخرون يتهمون عصابات المافيا التي نمت في المدينة بعد طرد داعش، بالسيطرة على ممتلكات السكان. ظاهرة مشابهة توجد ايضا في مدينة الموصل في العراق، ولكن فيها الاعمال الشرطية كما يبدو اكثر نجاعة.
​حرب بدون ابطال
​مدينتا الموصل والرقة تديران الآن ما يمكن تسميته بحرب ما بعد الحرب. هذه حرب آخذة في النسيان، ولم تعد تهم أحد لأنه ليس فيها دراما القصف، اطلاق النار والصراعات السياسية – فقط “صراع بقاء مضني لمئات الآلاف من بني البشر”. هذه الحرب ليس فيها رموز بطولة أو أيقونات للمعاناة تجند الرأي العام العالمي. من مركز النضال بين الدول العظمى ترجع هذه المدن لمعالجة حكوماتها وتتحول الى “مشكلة محلية” مثل مدن خربة اخرى في ارجاء العالم.
​بعد ايام أو اسابيع ستنضم ايضا الغوطة الشرقية في غرب دمشق لقائمة المدن المحطمة. حوالي 300 ألف شخص يعيشون الآن في هذه المدينة تحت الارض، في الملاجيء والأقبية، بدون غذاء وعلاج وبدون هواء للتنفس. قصف شديد، سوري وروسي، يواصل تدمير بيوت المدينة وقرى المحافظة، من اجل السيطرة على أحد المعاقل الاخيرة للمتمردين. مئات الاشخاص قتلوا في الهجوم الاخير الذي استمر حوالي اسبوع. دول الغرب تظهر القلق الكبير، زعماء يدينون المذبحة والدمار، الامم المتحدة تدعو الى وقف القصف ولكن الغوطة الشرقية تستخف بالجهود الدولية. مثل مدن اخرى في هذه الحرب ستستغل حتى النهاية ايام المجد والاهتمام الدولي الى حين تحطمها في داخل نفسها. باختصار، موضوع آخر “سوري داخلي”.
إسرائيل اليوم / الان بالذات: تسوية اسرائيلية – سورية
إسرائيل اليوم – هآرتس – 23/2/2018
​عندما اطلعت على الاستطلاعات التي اجريت في بعض من الدول العربية، والتي اظهرت بان المستطلعين رأوا في اسرائيل نوعا من الحليف في المواجهة مع ايران وسوريا، فرحت للحظة مثلما يخرج المشاهد لمباراة كرة قدم فرحا من مباراة تخسر فيها اسرائيل امام الاتحاد السوفياتي بنتيجة 1:2. فالدول العربية المستعدة للقتال حتى آخر قطرة من دمائها ضد ايران ليست حليفات لنا، حتى عندما تصفق لنا. وعندما تصفق لنا، يجدر بنا أن نراجع أنفسنا.
​الاجماع الاسرائيلي ايضا أثار فيّ احساسا غير مريح. فعندما يتفق الجميع فهذا مؤشر على أن هناك شيئا ما ليس على ما يرام. والصوت الوحيد لقائد المنطقة الشمالية السابق، اللواء احتياط عميرام لفين الذي قال انه كان من الافضل الاكتفاء باعتراض الطائرة الايرانية غير المأهولة، ابتلع في بحر من الاجماع. يحتمل أن يكون هو المحق بالذات مع كل الاهمية التي في ضرب الاهداف في منطقة دمشق. فبعد كل شيء، الطائرات بلا طيار تطير في منطقتنا من جهات مختلفة وبشكل عام نكتفي باعتراضها. والفرصة لاستخدام الطائرة الايرانية غير المأهولة كي نتعرف على القمقم وما يوجد فيه كانت هامة واعتراضها كان يمكن ان ينهي القضية في هذه المرحلة.
​ولكن ما سيذكر من سبت المواجهة في الشمال سيكون طائرة الـ اف 16 التي اسقطت. كلما وسعنا في الحديث عن خصوصية الحدث، وعن أنه لم تسقط طائرة في اراضينا منذ ربع قرن، هكذا سيتركز الخطاب على الاسقاط ومن يدفعنا نحو الحرب سيكونون الاوائل الذين سيوزعون الحلويات من شدة الشماتة.
​هذا لا يعني اننا فقدنا الردع. فجيراننا يعرفون ما هي قوتنا وهم يفهمون جيدا انها حالة نادرة جدا تبين قوتنا فقط. كما أنه لا ريب ان بطاريات الصواريخ في سوريا قلصت مستويات حريتنا، وضربها يسهل على سلاح الجو ولكن مشكوك أن يكون حدث الطائرة غير المأهولة برر مثل هذه الخطوة على قرب من العاصمة السورية. ان وضع اسرائيل في بداية الحرب بين داعش وكل الباقين على الارض السورية مركب للغاية ليس فقط بسبب تواجد ايران وحزب الله على اراضيها، بل اساسا بسبب التواجد الروسي، الذي ليس في الطريق الى الخارج، والغياب الامريكي. نحن نجد أنفسنا أمام ائتلاف غير مريح، حيث يكون مجال عملنا العسكري محدودا استراتيجيا، حتى وان كنا تكتيكيا نجحنا في التسهيل على أنفسنا من خلال ضرب بطاريات الصواريخ.
​في الاشهر الاخيرة تناور اسرائيل بين المصالح المختلفة في سوريا، تحظى باسناد لفظي من الجانب الامريكي، بباب مفتوح في موسكو، تنجح في الوصول الى توافقات عسكرية موضعية ومحدودة، ولكنها تضطر الى الاستعداد لفترة طويلة من العيش الى جانب برميل متفجر. اذا لم يكن مفر – لا مفر. عندنا تجربة لا بأس بها في مثل هذا الحال ويمكننا أن نجند هذه التجربة الى جانبنا في السنوات القادمة ايضا، ولكن ليس واضحا على الاطلاق فيما اذا كانت هذه هي الامكانية الوحيدة. والوضع المعقد الناشيء بالذات كفيل بان يؤدي الى اتجاه معاكس للتسوية السياسية، برعاية روسية، وربما ايضا امريكية.
​ان العلاقات الطيبة بين رئيس الوزراء نتنياهو والرئيس بوتين كفيلة بان تؤدي دورا هاما اكثر بكثير من التوافقات التكتيكية الحالية. معقول جدا الافتراض بان لبوتين مصلحة في أن يؤدي دورا تاريخيا في حمل اسرائيل وسوريا الى تسوية سياسية كنا قريبين منها جدا قبل 18 سنة. فقربه من الطرفين وفهمه لاحتياجات اسرائيل الامنية كفيلان بان يساعدانا. لقد كان نتنياهو مشاركا في المفاوضات على هضبة الجولان في الماضي من خلال رون لاودر، وكل ما عليه أن يفعله هو ان يخرج الملف المتعلق بالامر من الارشيف. على اسرائيل أن تصر على مصالحها الامنية في مثل هذه التسوية وان تفهم بان السلام الاسرائيلي – السوري كفيل بان يكون ذا آثار هامة على حزب الله، على العلاقات بيننا وبين لبنان وعلى ما يبدو ايضا على التهديد الايراني.
​دول الخليج لن تصفق، ويحتمل أن يكون مسالمون في الغرب يشرحون لماذا محظور علينا الوصول الى سلام مع بشار الاسد، ولكن يحتمل أن في هذه اللحظة بالذات هذه هي الافضل للمصلحة القومية لاسرائيل.
هآرتس / سرطان في جسم اليسار
هآرتس – بقلم كارولينا ليندسمان – 23/2/2018
​قبيل الربيع الاسرائيلي المقترب، من المهم ان نبدأ بالتفكير في البديل السياسي لبنيامين نتنياهو بشكل خاص واليمين بشكل عام. هناك نوع من المقالات التي تسمى في اوساط اليسار هزءاً “مشكلة اليسار”. هذا ليس صدفة: فالهزء في اوساط اليسار هو احدى مشاكله الجوهرية.
​في مقابلة مشوقة أجراها غادي طؤوب مع المفكر السياسي مارك ليلا، شرح الاخير هزيمة الديمقراطيين في الولايات المتحدة بحقيقة أن سياسة الهويات تسيطر على التفكير الليبرالي. والاخطر من ذلك: يشخص في سياسة الهويات استسلاما من اليسار أمام عالم مفاهيم اليمين، اذ انه ما الذي وقف خلف افكار منظمة الكو كلوس كلان، العبودية والفصل العنصرية ان لم يكن الفصل على اساس الهوية؟
​ان سياسة الهويات، يقول ليلا، تتحدث عن “الجماعات”، ولكن هذا الحديث هو غطاء فقط لفردية متطرفة. (وهذا هو السبب الذي في داخل كل مجموعة ستوجد مجموعات فرعية أو افراد يقولون ان النسوية هي في واقع الامر أبيض أو طبيعي، أو أن النسوية السوداء لا تزال تقصي السحاقيات أو أن النسوية السحاقية السوداء تقصي الهسبانيات أو السمينات، أو أن المثليين يستبعدون المتحولين او غيرهم من المختلفين الذين لا حصر لهم ممن لا يجدون انفسهم ضمن هذا العنوان بدقة كافية. وذلك لان المبدأ الذي يقف خلف كل هذا هو الحظر على كل محاولة لتعريفي من الخارج، وكل محاولة لايجاد القاسم المشترك بين شخصين تتنكر لتعريفهما الذاتي المميز. وعليه فلا يمكن أن توجد ولا توجد ائتلافات مستقرة في هذه الدوائر. ولن يمر وقت الى أن يبدأوا باتهام الواحد الاخر بالقمع”.
​كما هو متوقع، فان هذه المقابلة ايضا استقبلت بالهزء في دوائر اليسار؛ فقد أجراها الفار المثقف طؤوب. غير أن الحديث يدور عن مشكلة خطيرة ومحظور الاستخفاف بها. فليلا عمليا يصف تفكيرا يعمل مثل مرض السرطان في الجسم السياسي الذي يحمله. ومثل السرطان فانه يدفع خلايا الجسم السياسي لان تتوزع بشكل غير مضبوط، يسيطر على الاجهزة السليمة في الجسم الى أن يوقف مهامها. من ينظر الى الجسم السياسي الذي يسمى “اليسار الاسرائيلي”، فان هذا بالضبط ما يراه: جسم هزيل وضعيف، في داخله عدد لا يحصى من الخلايا المنقسمة الزائدة.
​عمليا لا يدور الحديث فقط عن عدم القدرة على تحقيق ائتلافات، بمعنى ربط الجماعات المختلفة بهدف واحد، بل عن التآمر ضد مجرد امكانية ربط الناس في مجموعة، الامكانية التي هي الاساس لاقامة المجتمع فما بالك الحزب. كل مجموعة سياسية تتطلع لان تزيد قوتها من خلال التوسع، غير ان سياسىة الهويات تنتج المزيد فالمزيد من التصنيفات والتصنيفات الفرعية التي تضع من جهتها معايير اشتراطية. اليسار فقط يقول انه معني بتوسيع صفوفه “التوجه الى جماهير جديدة”، ولكنه عمليا فقط يرفع كل يوم سور الثمن الاخلاقي من اعضائه. ولا يبعد اليوم مثلا الذي يغلق فيه اليسار ابوابه في وجه من ليس نباتيا.
​ان القائمة التي لا تنتهي من الافكار (المثل) والافكار الفرعية (المباديء) التي يطالب كل يساري عمليا بالموافقة عليها (او الصمت)، تصبح في حالة مرشحين سياسيين قائمة معايير تعمل كمصفاة للهويات. منذ الان بدأ يكون صعبا التفكير عن رجل اشكنازي تروتسكي – اشتراكي في رأس حزب اليسار. ليس فقط لانهم لن ينتخبوه لا لان هناك حاجة لسيرة ذاتية نقية من أجل النظر في امكانية التقدم بالترشيح. لا غرو ان هناك مزيد من الشبان في السياسة. فالرجال الكبار في السن يبدأون بان يكونوا خطيرين، إذ انهم عاشوا، وبالتالي فانهم مذنبون في شيء ما. مشوق ان نعرف اذا كان من سيأتي دوره في الاقصاء هم الرجال الشرقيون مستقيمو الجنس او النساء الاشكنازيات مستقيمات الجنس.
هآرتس / نتنياهو ارتكب خطأ تكتيكي واحد اكثر من اللازم
هآرتس – بقلم عاموس هرئيل – 23/2/2018
​استراتيجية الدفاع لرئيس الحكومة ومحاميه ومستشاريه تحطمت نهائيا هذا الاسبوع. حملة سلب الشرعية المخططة التي أديرت في الاشهر الاخيرة ضد المفتش العام للشرطة (الحملة التي ساهم فيها روني الشيخ نفسه، بأخطائه) هدفت كما يبدو الى ارسال رسالة تخويف ايضا لآذان شخص آخر هو المستشار القانوني للحكومة. مقارنة مع الشيخ فان افيحاي مندلبليت اعتبر شخص اقل تصلبا، مكشوف اكثر للتأثير والضغوط. الحملة العامة على رأس المفتش العام للشرطة عشية تقديم توصيات الشرطة أعطت اشارات ايضا للمستشار حول ما ينتظره في المحطة القادمة، قرار هل سيتم تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو في القضايا المختلفة.
​لكن يبدو أن رئيس الحكومة ارتكب خطأ تكتيكي خطير باختياره المواجهة المباشرة مع المفتش العام للشرطة – وقد ارتد عليه هذا الخطأ مثل البومرينغ. هذه الاقوال تم تأكيدها جيدا اثناء مثول الشيخ امام لجنة الداخلية في الكنيست، والتي قطعت بصورة دراماتيكية لبضع دقائق عندما قامت الشرطة بانزال ضربة اخرى على نتنياهو، الاعلان عن التحقيق في الاتهامات في قضية القاضية هيلا غريستال. الشيخ ايضا في وظيفته الحالية، كان وما زال رجل شباك بروحه، ليس صدفة أنه في سنواته الكثيرة في الجهاز تطور ما يشبه الاسطورة حول مؤهلاته كباحث ومركز ميداني ماكر ودقيق.
​التعليم الديني الوطني، فترة سكنه الطويلة في المستوطنات، العلاقة غير المباشرة مع عائلة نتنياهو (في الشباك قدروا في حينه أنه هو الاساس في ضمان تعيين صديقه يورام كوهين رئيسا للشباك في السابق) – كل ذلك اصبح أقل اهمية منذ اللحظة التي تحول فيها النزاع الى أمر شخصي، والذي يضع رئيس الحكومة ضد المفتش العام للشرطة. من معرفة (محدودة) للشيخ، يبدو أنه لا يوجد شيء يحبه هذا الشخص اكثر من حرب الادمغة والقوة. الرغبة في ان يخرج منتصرا، سواء اذا كان الامر يتعلق بتفكيك خلية ارهابية في المناطق أو التحقيقات مع رئيس الحكومة، هي الرغبة نفسها.
​الشيخ عمل بصورة غريبة في سلسلة احداث في سنواته الاولى في المنصب، من قضية المفتش العام روني رتمان وحتى حادثة أم الحيران. ولكن الحملة العنيفة التي ادارها ضد مؤيدي نتنياهو في الاشهر الاخيرة فقط ادخلت الى نفسه روح القتال. مستوى تدخل المفتش العام للشرطة في التحقيقات نفسها كان يجب أن يكون محدودا، لكن لا شك في اسهامه في الاستراتيجية الجماهيرية للاجراءات واهمية الظهر الذي يوفره الآن للمحققين مع رئيس الحكومة.
​مثلما تبدو الامور في نهاية الاسبوع فان روح الغطرسة التي سيطرت على نتنياهو في السنوات الاخيرة من شأنها أن تقرب النهاية الحزينة لحياة سياسية مزدهرة. ولكن من يغريه تفسير التأييد الجماهيري البارز لنتنياهو فقط بقراءة التمائم القبلية فانه يريد تسهيل مهمته جدا. لا يمكن تجاهل مؤهلات هذا الشخص أو تجاهل ايمان الكثير من المواطنين بأنه يشكل العائق الوحيد امام عودة الفترة الصادمة، ايام الحافلات المتفجرة قبل حوالي 15 سنة.
​الانتفاضة الثانية ما زالت هي التجربة المشكلة، المؤثرة على اعتبارات الاسرائيليين عندما يذهبون الى صناديق الاقتراع. الخوف على الأمن الشخصي – على الاقل في حالة المستوطنين، مضاف اليها الخوف من اخلاء مستوطنات اخرى – أملت التجمع حول الزعيم، من خلال تجاهل العيوب الخطيرة الموجودة في سلوكه. التواصل الاخير للتحقيقات والشهود الملكيين تضع نتنياهو أمام امتحان حقيقي، لكن ما زال لا يوجد شيء محسوم. وايضا “اذا اضطر نتنياهو الى الاستقالة، فان غياب الخلفية الامنية للمرشحين من الوسط واليسار من شأنه أن يواصل التصعيب عليهم في الحملة الانتخابية القادمة، حتى لو تم تبكيرها على خلفية تورطات رئس الحكومة”.
​عودة الى تلك الولاية. مثلما هي الحال في القناة الجنائية، هناك تهدد الكتلة الحاسمة للتحقيقات بتحدي بقاء المتهم الرئيسي، فانه تتجمع حوله الاخطار ايضا في الجبهة الامنية، المشكلة ليست في نظريات المؤامرة التي تقضي بأن نتنياهو سيشعل الحرب في الشمال أو في قطاع غزة من اجل التخلص من أنشوطة التحقيقات. نتنياهو يعرف جيدا أن الحروب تميل الى التعقد، ومن المشكوك فيه أن تعطيه اكثر من فترات راحة لحظية من المشكلات الجنائية، التي لم يظهر في السابق أي شهية نحوها.
​وزراء في الكابنت منهم خصومه السياسيين، يمتدحون مستوى التركيز العالي الذي يبديه رئيس الحكومة في النقاشات الامنية والسياسية مؤخرا. ولكن يسمح السؤال ماذا سيفعل الفيضان الذي لا يتوقف من الاخبار السيئة في المجال الجنائي لاصغائه وللوقت المطلوب لعلاج المسائل الهامة. وفي نفس الوقت يبدو أن نتنياهو يجد صعوبة في اتخاذ اجراءات يرى أنها ضرورية، نظرا لأنه فوقها ستحوم غيمة من الشكوك حتى لو كانت دوافعه موضوعية تماما.
​في الجبهة الشمالية – مع ايران وسوريا وبمستوى معين حزب الله – ايضا على حدود قطاع غزة، فان خطر الاشتعال يتزايد في الاسابيع الاخيرة. منذ يوم المعركة في يوم السبت 10 شباط، اليوم الذي اسقطت فيه طائرة ايرانية بدون طيار وطائرة اسرائيلية قتالية اف 16 لم تسجل احداث اخرى في الشمال. ولكن لا يجب التقليل من مستوى الخطر الذي نشأ في ساعات الصباح في نفس يوم السبت ذاك.
​لقد نجحت اسرائيل خلال فترة طويلة في احباط المشروع الايراني لتسليح حزب الله بوسائل قتالية متقدمة. نتنياهو كشف للمرة الاولى في خطابه في بداية هذا الاسبوع في مؤتمر ميونيخ بأن النية هي تطوير الصواريخ الى مستوى دقة متوسطة تصل الى 10 أمتار عن الهدف. نجاحات اسرائيل تغضب الاعداء وربما ايضا موسكو. مراقب غربي توجد له اتصالات منذ سنوات مع نظام الاسد قدر في هذا الاسبوع أن الاطلاق الكثيف لمضادات الطائرات السورية الذي أدى الى اسقاط الطائرة الاسرائيلية تم بموافقة المستشارين المهنيين من الجيش الروسي العاملين الى جانب انظمة الدفاع الجوية لدمشق.
​القيادة الاسرائيلية هددت ايضا في هذا الاسبوع بقصف المليشيات الشيعية، وعند الحاجة قصف الاهداف السورية والايرانية اذا استمرت عملية تمركز ايران والمليشيات على الاراضي السورية. “نيويورك تايمز” نشرت نبأ وخارطة مفصلة بشأن مجمل القواعد التي يوجد فيها وجود ايراني في الدولة. في نظام الاسد ينفون هذه الادعاءات ويدعون أن عدد رجال المليشيات انخفض مؤخرا وهم يتركزون في وسط وشمال الدولة للمشاركة في معارك هامة مع المتمردين، التي بالمقارنة معها فان الجولان يبقى جبهة ثانوية.
​التهديدات المتواصلة من القدس تطرح ذكريات من ايام حكومة نتنياهو الاولى بين الاعوام 2009 – 2013، عندها وبدعم دائم من وزير الدفاع اهود باراك، طرح نتنياهو الخيار العسكري الاسرائيلي ضد ايران رغم معارضة رؤساء كل الاجهزة الامنية الساحقة، يمكن حتى الادعاء – رغم أن نتنياهو لاسبابه الخاصة لم يطلب لنفسه الحق في ذلك – بأن الاستعدادات الاسرائيلية للهجوم هي التي دفعت ادارة اوباما لفرض عقوبات دولية مشددة على طهران. وهذه بدورها ادت الى تراجع ايران جزئيا والتوقيع على اتفاق فيينا، الذي أبعد كما يبدو خطر السلاح النووي الايراني لعشر سنوات قادمة.
هآرتس / ابعاد في ظل التحقيقات
هآرتس – بقلم أسرة التحرير – 23/2/2018
​برعاية جلبة قضايا نتنياهو، في هامش الاهتمام العام، يتواصل فعل الظلم الوطني: ابعاد طالبي اللجوء من اسرائيل. لم تجدي نفعا المقاومة المدنية للابعاد والتي عبرت عنها جملة العرائض – بدء بالفنانين والمفكرين، عبر أصحاب المطاعم الذين يشغلون طالبي اللجوء، وانتهاء بالطيارين الذين يفترض بهم ان ينقلوهم بخلاف ارادتهم. كما أن الشهادات عن المصير الذي يُعد للمبعدين الى دولة ثالثة لم توقف قاطرة الابعاد التي تواصل تجاهل القيم الاخلاقية الاساس، من ميثاق لاجئين، من المقاييس الدولية، من المنطق الاقتصادي – والان أيضا من قرار جديد لمحكمة في اسرائيل.
​في الاسبوع الماضي حكمت محكمة الاستئناف ضد موقف الدولة، وقضت بانه لا ينبغي الرد الجارف في طلبات اللجوء المسنودة الى الفرار من الجيش الارتيري. في الخدمة في هذا الجيش معروفة في العالم كعبودية (تتضمن ضمن امور اخرى حبسا بلا محاكمة، تعذيبات واضطهاد ديني). واعترفت المحكمة بذلك بان الفرار كفيل بان يعتبر أحيانا ايضا كمقاومة للنظام، ويجر اضطهادا سياسيا، وهو سبب يبرر، حسب ميثاق الامم المتحدة، منح مكانة لاجيء. في ضوء القرار، على اسرائيل ان تتوقف فورا عن الابعاد وتعيد النظر لالاف طلبات اللجوء التي ردت على هذا الاساس. رغم قرار المحكمة، فان 16 من طالبي اللجوء من ارتيريا، ممن طلب منهم قبل شهر مغادرة البلاد الى رواندا او العودة الى وطنهم، ارسلوا هذا الاسبوع من منشأة حولوت الى سجن سهرونيم، دون قيد زمني. نحو 700 شخص، يتواجدون في حولوت، شرعوا في اضراب احتجاجي عن الطعام. ولكن الاحتجاجات محكومة بان تقع على آذان صماء. فعلى اي حال يحتل صراع البقاء الذي يخوضه رئيس الوزراء معظم الاهتمام العام والحكومة على اي حال تعرض الابعاد بشكل ديماغوجي وشعبوي – ليس فقط كعمل شرعي، موجه ضد مشاغبي قانون خطيرين لا يستحقون حمايات خاصة بل وايضا كخطوة تستهدف التخفيف من مشاكل فقراء اسرائيل.
​هذه كذبة فظة من المهم دحضها. فمن أجل التخفيف من مصاعب سكان جنوب تل أبيب لا حاجة لازمة للابعاد. فمع قليل من النية الطيبة وفي ظل توفير ملايين الشواكل، يمكن لاسرائيل ان تحرص على توزيعهم في البلاد وتسمح لهم بالعمل والعيش بكرامة حتى يتمكنوا من العودة الامنة الى ديارهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى