ترجمات عبرية

اهم الاخبار والمقالات والتقارير من الصحافة الاسرائيلية ليوم 15– 12 – 2017

يديعوت احرونوت:
– ضربة تيفع 1.750 مُقال.
– عاصفة جثامين المخربين.
– التحقيق مع نتنياهو اليوم للمرة السابعة.
– القرص المرير.
– هدف الشرطة: كسر “البنكي”لبيتان.
– سارة نتنياهو: “محاولة الابتزاز البشعة”.
معاريف/الاسبوع:
– 1.700 عامل يذهبون الى البيت.
– ريفلين سيعفو عن أزاريا في يوم الاستقلال.
– اليوم: التحقيق مع نتنياهو للمرة السابعة.
– مندلبليت يوبخ معاونته: كفي عن انتقاد السياسيين.
– محكمة العدل العليا: الدولة لا يمكنها أن تحتجز جثامين المخربين.
– التوتر في الجنوب: الجيش الاسرائيلي جاهز لكل سيناريو.
هآرتس:
– تيفع تقيل 1.700 عامل في اسرائيل وتغلق أو تبيع خمسة مصانع.
– البيت الابيض: مبادرة السلام غير عالقة، ولكن بسبب اعلان ترامب تحتمل “فترة تبريد”.
– ثماني نساء يشهدن أن مسؤولا كبيرا في شيبا تحرش بهن ولكن الادارة تبقيه مسؤولا عن المختصات.
– المحكمة العليا: ليس للدولة صلاحيات لاحتجاز جثامين المخربين لاغراض المفاوضات مع حماس.
اسرائيل اليوم:
– انهيار تيفع: 1.750 عامل سيرسلون الى بيوتهم.
– يوميات الرئيسة: الكشف عن جدول أعمال لقاءات القضاة.
– احتجاج من الشمال وحتى الجنوب.
– عاصفة بعد قرار القضاة: “قرار العليا اشكالي – بدون هدايا مجانية لحماس.
– التوتر في الجنوب يهدد رزق المزارعين.
– القائمة المشتركة تدعو الى تنحية المفتش العام الشيخ.
اهم المقالات والتقارير من الصحافة الاسرائيلية ليوم 15– 12 – 2017
هآرتس / البيت الابيض: مبادرة السلام غير عالقة، ولكن بسبب اعلان ترامب تحتمل “فترة تبريد”
هآرتس – بقلم نوعا لنداو وآخرين – 15/12/2017

قال دبلوماسيون اوروبيون كانوا مؤخرا على اتصال مع طاقم مبادرة السلام في الادارة الامريكية لـ “هآرتس” أمس انه من المحادثات معهم يؤخذ الانطباع بان المبادرة “عالقة” في هذه اللحظة. وذلك في ظل الرسائل الحادة من السلطة الفلسطينية عن فقدان الثقة للادارة الامريكية كوسيط نزيه للسلام، بسبب اعتراف الرئيس الامريكي دونالد ترامب بالقدس كعاصمة اسرائيل.
ونفى مصدر كبير في البيت الابيض أمس بشدة هذه الامور وقال: “هذا تلفيق وتشويه. لم يسبق أن كنا ذلك. الرئيس يبقى ملتزما بالسلام، ولم تفاجئنا ردود الافعال، الكفيلة بان تؤدي الى فترة تبريد مؤقتة. في هذه الاثناء، نواصل العمل بكد لبلورة الخطة التي تحسن للاسرائيليين والفلسطينيين”.
وبالفعل، أطلع طاقم السلام برئاسة صهر ومستشار ترامب الكبير جارد كوشنير وسائل الاعلام الاسبوع الماضي بان مبادرة محادثات السلام بين اسرائيل والفلسطينيين كفيلة بان تدخل الان الى “فترة تبريد” معينة، ولكنه شدد على أنه “لا يعني هذا ان المسيرة توقفت”. وفي الادارة يقدرون بانه بعد أن تستأنف المحادثات، فان تصريح ترامب بشأن القدس بالذات سيزيد احتمالات التقدم السياسي الهام.
وعلم أمس ان زيارة نائب الرئيس الامريكي مايك بينيس الى اسرائيل الاسبوع القادم تأجلت ليومين وستتم الان في ايام الاربعاء حتى الجمعة.
وحسب تقارير في الولايات المتحدة فان السبب الرسمي لتأجيل زيارة بينيس هو التصويتات العاجلة في الكونغرس الامريكي. ويتضمن الجدول الزمني الجديد لبينيس في أعقاب التأجيل هبوطا في اسرائيل يوم الاربعاء مساء وسيزور الحائط الغربي في اليوم ذاته. في يوم الخميس سيعقد احتفال الاستقبال في مكتب رئيس الوزراء وبعد ذلك سيلقي بينيس خطابا في الكنيست ويتناول الغداء مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. ويوم الجمعة يحل بينيس ضيفا على الرئيس في القدس وسيزور مؤسسة “يد واسم” .
لا يتضمن برنامج الزيارة في هذه اللحظة زيارة لكنيسة، رغم ان بينيس هو مسيحي متزمت والزيارة تتم قبل بضعة ايام من عيد الميلاد. فرؤساء الكنائس في القدس لم يتلقوا اي طلب باستضافة نائب الرئيس في احدى الكنائس.
بعد اعتراف ترامب بالقدس كعاصمة اسرائيل رفض الفلسطينيون اللقاء الذي تقرر بين بينيس والرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) وقال المسؤول الكبير في السلطة الفلسطينية جبريل الرجوب ان “بينيس غير مرغوب فيه في فلسطين”. وعلى حد قوله طلب بينيس لقاء عباس في بيت لحم ولكن اللقاء لم يتم. اضافة الى ذلك قال وزير الخارجية رياض المالكي انهم في رام الله يبحثون عن جهة تحل محل الولايات المتحدة في تقديم الرعاية للمسيرة السلمية مع اسرائيل. وأفاد البيت الابيض معقبا على الرفض الفلسطيني بانه “مؤسف أن يكون الفلسطينيون يهربون مرة اخرى من الفرصة للبحث في مستقبل المنطقة”. وجاء في البيان ايضا بان “الادارة تواصل مساعيها لتحقيق السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين وطواقمنا تواصل العمل بكد كي تنتج خطة سلام”.
ومثّل نائب الرئيس بينيس ادارة ترامب في عدة مناسبات هامة تتعلق باسرائيل في السنة الاخيرة. فقد كان المتحدث الاكبر عن الادارة الامريكية في المؤتمر السنوي للوبي المؤيد لاسرائيل “ايباك”. وخطب عن الادارة ايضا في مناسبة “الائتلاف اليهودي الجمهوري”، وهو منظمة تحظى بدعم الملياردير اليهودي الامريكي شيلدون ادلسون.
يديعوت / التهديد التالي
يديعوت – بقلم اليكس فيشمان – 15/12/2017
في اثناء استعدادات حماس لاحتفالات الذكرى الثلاثين لقيامها اختفى زعيم المنظمة في القطاع يحيى السنوار وكأنه بلعته الارض. كان يمكن التوقع ان يظهر على الملأ، ليحمس الناس ويعرض الانجازات ويثير الشارع على خلفية خطاب ترامب، ولكن الرجل والمجموعة المسيطرة حوله كانوا في مكان آخر. حتى ظهر أمس، حين وقف السنوار على المنصة في المهرجان الجماهيري في غزة، امام نحو مئة الف من مؤيدي حماس.
في اسرائيل انتبهوا للغياب المؤقت للسنوار ورجاله. وليس لاحد تفسير لماذا اختفوا، وهذا مقلق جدا. فمثل هذا السلوك، الشاذ عن المعتاد، بشر في الماضي بانعطافة في الصراع، بمواجهة قريبة.
السنوار ليس زعيما عسكريا فقط. فهو الزعيم المنتخب لحماس في قطاع غزة، وعمليا في الضفة أيضا. وغيابه عن الساحة العامة – بالذات حين تقع في يده فرصة لاشعال الضفة وجمع القوة ليس طبيعيا. فجمهوره في غزة وفي الضفة يحرضهم عنه الاشخاص الذين انتصر عليهم في الانتخابات. فقد ترك المنصة لرجال المعارضة، خالد مشعل ومقربيه. وحتى اسماعيل هنية، الذي حل محل مشعل في رئاسة المكتب السياسي، والذي قوته السياسية تكاد تكون صفرا – سيطر على المايكروفونات.
ان غياب السنوار ورجاله عن الرادار الاعلامي بدأ في موعد قريب من خطاب ترامب في 6 تشرين الاول. هذا سلوك مميز لقيادة تستعد لنشاط هجومي من الجيش الاسرائيلي: ينزلون الى تحت الارض. ويبدو أنهم يأخذون هناك بالحسبان بانه اذا قتل مواطنون اسرائيليون كنتيجة لنار الصواريخ فان اسرائيل ستستخدم سلاح رد الاقوى لديها: الاحباط المركز بقيادة حماس في القطاع.
في هذه اللحظة لا يوجد أي تغيير جوهري في الخطوات العسكرية التي تتخذها حماس. فقد أخلت المنظمة رجالها من الاستحكامات المتقدمة خشية النار المباشرة من الدبابات الاسرائيلية. ومن اصل 16 صاروخ اطلق نحو اسرائيل منذ خطاب ترامب وحتى يوم الاربعاء ليلا، معظمها اطلقته منظمات سلفية استخدمت صواريخ قصيرة المدى بانتاج محلي.
ليس واضحا بعد من أطلق الصاروخ الذي سقط في سديروت، وهناك اشتباه بان تكون حماس مشاركة في اطلاقه، ولكن يبدو ان حماس لا تتحمس من موجة اطلاق النار هذه. فمن جهة تشجع حماس المظاهرات على جدار القطاع وتتشدد اقل في تقييد النار. ومن جهة اخرى لا تزال تنفذ اعتقالات في أوساط المنظمات السلفية. مهما يكن من أمر، ثمة رائحة بارود احتراق في الهواء. حدث ناري واحد يخرج عن السيطرة، سواء كان هذا صاروخا يسقط فيتسبب بخسائر أو قصفا لسلاح جو يخرج عن أهدافه – وقوى حماس التي تدفع نحو استخدام الانفاق طالما كانت ناجعة ستتغلب.
هناك تفسير محتمل آخر لهذا “الغياب” بقيادة حماس. فمنذ بداية السنة يتردد قادة المنظمة في المسألة الاستراتيجية المركزية: ما العمل في اللحظة التي تجد فيه اسرائيل جوابا ناجعا على سلاح الانفاق. هذا الاسبوع، بعد أن كشفت اسرائيل وعطلبت نفق حماس قرب كيبوتس نيريم، اصبح القرار حرجا: هل نضاعف وتيرة الحفريات ونحاول التسلل الى اسرائيل قبل أن يستكمل العائق أم نتخلى عن الانفاق الهجومية ونصرف الاستثمارات نحو قدرات اخرى تتجاوز العائق البري وتشكل تهديدا ردعيا جديدا تجاه اسرائيل. معقول الافتراض بان مسؤولي حماس يحطمون الان الرأس في مسألة الحل الاسرائيلي للانفاق ويجرون مداولات ميراثونية، ولهذا فقد “اختفوا” عن الميدان. فالحديث يدور عن عائق مع جساسات، وفي حماس يحاولون دراسته ويجمعون عنه المعلومات الدقيقة.
حماس استمعت الى آيزنكوت
في تموز – آب بدأ بناء العائق في ست نقاط بالتوازي على طول الجدار. وفي حماس فهموا في حينه بان العائق يبنى بوتيرة من شأنها ان تتركهم دون أنفاق تسلل مع نهاية 2018. وقد بدأت تعد خطط، في الجهاد الاسلامي أيضا، بهدف التخريب على الاشغال. وما أحبط محاولات التخريب كانت الاعمال الهجومية والدفاعية التي نفذها الجيش الاسرائيلي. فقد حذر قادة جهاز الامن سرا وعلنا أيضا حماس من مغبة محاولة تشويش الاشغال التي تنفذ في الاراضي الاسرائيلية. وبالتوازي، رأى الطرف الآخر قوات الجيش تستعد امام جدار القطاع وسمع اصوات الطائرات غير المأهولة وغير المأهولة التي تحوم فوق رؤوسهم في قسم كبير من ساعات اليوم. في 30 تشرين الثاني، مع انه كانت محاولة فاشلة من الجهاد الاسلامي للمس بالاشغال بذريعة الثأر لـ 12 من رجاله الذين قتلوا في النفق الذي فجره الجيش الاسرائيلي قبل شهر من ذلك. ولكن بشكل مبدئي، الرسائل استوعبت.
ان الاعتراف بانهم يفقدون قريبا سلاحهم الاستراتيجي المركزي أصاب منظمات الارهاب في القطاع حين انكشف ودمر النفقان – للجهاد ولحماس. وما نشر عن الامر الذي أصدره رئيس الاركان للجيش لتدمير كل الانفاق المتسللة حتى نهاية 2018 فهمت في الطرف الاخر ببساطتها. من ناحيتهم يحتفظ آيزنكوت في يده بحل يسمح له باصدار مثل هذا الامر. واذا لم يسارعوا ويقوموا بعمل ما، ففي كل بضعة اسابيع سينهار نفق آخر.
لفهم حجم الضربة التي تلقتها حماس ينبغي أن نعرف بان مشروع الانفاق الهجومية امتص أساس ميزانية الذراع العسكري. فحفر نفق هجومي بطول 2 – 3 كيلو متر يستمر بين سنتين وخمس سنوات، والامر يتعلق بنوع التربة وبالمقدرات. وتتراوح كلفة بناء النفق بين 10 و 15 مليون شيكل، حسب طوله. وبمقاييس غزية فان هذا هو مال كثير جدا. في حملة الجرف الصامد انكشف اكثر من 30 نفق تسلل في مراحل بناء مختلفة. وكان المعنى هو أن كل ميزانية المساعدات الامنية السنوية من الايرانيين لحماس في غزة- 60 مليون دولار – شطبت.
من اجل بناء نفق هجومي هناك حاجة لاقامة مصنع اسمنت، شراء الاسمنت بكميات هائلة، نقل المواد واخلاء الرمال بعربات تتحرك على سكة، استئجار مباني يخرج منها النفق وشراء أجهزة تكييف كبيرة وشبكات كهرباء. في بعض من الانفاق توجد مصاعد تنزل القوة عشرات الامتار الى عمق الارض. بعضها يسمح بالدخول بدراجات بحيث أنه يجب أن تكون واسعة. ويعمل حفار الانفاق بثلاث ورديات، ورواتبهم عالية بالنسبة للقطاع، لان هذا عمل خطير جدا. فاذا كان موظف في القطاع يكسب نحو 1.800 شيكل في الشهر، فان بوسع حفار النفق ان يكسب مبلغا مضاعفا. وقد قتل العشرات واصيب المئات حتى الان في اثناء الحفريات، وتدفع منظمات الارهاب مالا طائلا لتعويض عائلاتهم.
يهتم مواطنو اسرائيل بطبيعة الاحوال بالانفاق الهجومية، ولكن حماس لا تقل قلقا بل وربما أكثر على مستقبل الانفاق الداخلية. ويدور الحديث عن تلك العشرات من الكيلومترات من تحت القطاع والتي تشكل لباب الخطة الدفاعية للذراع العسكري في مواجهة امكانية ان تحتل اسرائيل غزة. وهذه هي الانفاق التي تربط بين الجبهات، حيث توجد القيادات، والى هناك تنزل القوة العسكرية كي تحتمي من الغارات الجوية، ومن هناك يطلق قسم من الصواريخ، ومنها ينطلق المقاتلون لمهاجمة القوات الاسرائيلية واختطاف الجنود في اثناء حملة برية (هكذا اختطف جثمان الملازم هدار غولدن في “الجرف الصامد”. واذا كان يوجد لدى اسرائيل اليوم قدرة لتشخيص النفق، ورسم خريطة له وتدميره، فانه في سيناريو حملة برية تكون هذه الانفاق أيضا مهددة.
ومع ذلك، في اسرائيل لا يزالون يمتنعون عن الفرح في ضوء الانجازات التكنولوجية والقدرات التي تم تطويرها ضد الانفاق. ربما خوفا من الحسد وربما لعدم وجود يقين حول الارانب التي يخفيها العدو في قبعته. والاهم: لا يريدون تشجيعه على اتخاذ قرارات تحطم الاواني. فالمنظومات لا تزال في عملية النشوء والارتقاء، كما يقولون هنا بحذر، ولكن الاتجاه واحد.
سايبر غزة
مفهوم عسكري كامل تحطم وحماس تقف على مفترق طرق: ماذا بعد؟ لقد كانت هذه هي السنة الاسوأ في تاريخها. فهي لا تبدأ فقط بفقدان سلاح الانفاق، بل ان المخابرات الاسرائيلية في الضفة قطعت يديها ولم تسمح لها باي عملية ذات مغزى، رغم التحريض والاموال التي تتدفق الى هناك من تركيا ومن امارات الخليج. ومنذ بداية السنة وحتى تشرين الثاني احبطت المخابرات الاسرائيلية 130 خلية لحماس في الضفة. وهذا الاسبوع فقط نشر عن احباط خلية خططت لاختطاف جندي في اثناء الحانوكا. كما أن التحريض على عمليات الافراد، الذي يخرج من غزة، توقف أمام قدرات الجيش والمخابرات. في كل اسبوع يتم احباط 25 – 30 عملية افراد. وفي الايام الخمسة التي تلت خطاب ترامب، دفعت كمية العمليات الى اكثر من 90 حدث من كل الانواع: زجاجات حارقة، احراقات، اطلاق نار، طعن، نار صاروخية وعبوات ناسفة. ورغم ذلك واصل المجتمع الاسرائيلي حياته العادية. من ناحية حماس هذا فشل. معقول الافتراض بانه في الايام القريبة القادمة، بمناسبة احتفالات الثلاثين لتأسيسها ستحاول حماس تنفيذ عمليات استعراضية. ولكن عمليا، فان محاولات حماس لبناء شبكات ذات مغزى في الضفة فشلت.
ان سباق التسلح الاسرائيلي في مواجهة الانفاق يوشك على الانتهاء. من خلف الزاوية ينتظر التهديد التالي من القطاع. والامكانيات التي تقف امامها حماس لتجاوز العائق الاسرائيلي بعد عصر الانفاق ليست كثيرة. اذا كانت غزة هي المقدمة لما يفعله حزب الله، فينبغي فحص ما فعله حزب الله في اثناء القتال في سوريا. وأحد الحلول لتجاوز العائق هو الطائرة بدون طيار، او البديل التكنولوجي الذي تبنته كل جيوش العالم: الحوامة. وبالفعل، استخدم حزب الله في الحرب في سوريا حوامات مسلحة. ويدور الحديث عن حوامة تحمل مادة متفجرة وتحررها من فوق هدف معين أو تتحطم عليه، بينما تبث كاميرا الى الوراء وتسمح لمشغلها ان يختار الهدف ويوجهها حيثما يشاء. واستخدام الحوامة ممكن من كل طفل، والتطويرات التي تسمح بتحميل الوسائل القتالية على الحوامة تتطور فقط.
وليس حزب الله فقط. فداعش مثلا استخدم في الموصل الحوامات المسلحة في مواجهة الجيش العراقي. فقد كانوا يحررون في كل بضع دقائق 3 – 4 حوامات تتفجر في نقاط معينة. اذا ما نقلت هذه التقنية الى القطاع، وفي كل بضع دقائق ستسقط حوامات متفجرة على البلدات أو على محاور السير، فان الامر سيزرع الفزع في اوساط المواطنين. وبالفعل، منذ اليوم تبذل حماس جهدا كبيرا لتهريب الحوامات الى القطاع. والادوات الطائرة غير المأهولة التي دمرت في “الجرف الصامد” هي أكثر تعقيدا بكثير وصعبة على التهريب.
يصعب تشخيص الحوامة واعتراضها لانها تشبه في تركيبتها الرادارية الطائرة المتملصة. ولكن في العالم توجد حلول منذ الان. واذا ما وعندما سيتعين على الجيش الاسرائيلي أن يتصدى للحوامات، فمعقول جدا الافتراض بان الصناعات الامنية في اسرائيل ستنتظرها مع حلول معقولة. وبالمناسبة، في العالم يطورون حوامات اكبر يمكنها أن تحمل الانسان. وتأتي هذه التطويرات أولا وقبل كل شيء لتقديم جواب على المشاكل المواصلاتية. ولكن خيار استخدامها لاهداف عسكرية، ونقل رجل مسلح من مكان الى مكان ليتجاوز العوائق يوجد على الابواب.
امكانية اخرى يمكن ان تركز حماس عليها هي ما يسمى “النفق البحري”: اجتياز الوسيط البحري بشكل سري. في كانون الاول 2016 صفي في تونس المهندس محمد الزواري. وقد عرض الرجل كأب برنامج الطائرات غير المأهولة لحماس ولكن في التأبينات التي نشرت في الصحافة العربية بعد موته ذكرت بالذات تطويراته التي عنيت في المجال التحت بحري، مثل غواصات الجيب المأهولة وغير المأهولة. فالقوة البحرية لحماس آخذة في التطور. واحد الاهداف المركزية التي قصفها سلاح الجو في الايام الاخيرة في غزة كان مخزن عتاد للقوة البحرية. وبالتوازي تبذل حماس جهدا لتهريب عتاد بحري حربي الى القطاع. والجواب الاسرائيلي على هذا الخيار يوجد سواء في القدرات الهجومية لسلاح البحرية أم في المجالات الدفاعية مثل نشر جساسات على طول الشواطيء وفي البحر في محاولة للعثور على أدوات الابحار، السباحين والغواصين ممن سيحاولون الوصول الى شواطيء اسرائيل لتنفيذ عمليات قتل جماعي.
امكانية اخرى هي محاولة الاقتحام بالقوة للعائق الذي يبنيه الجيش الاسرائيلي. حتى لو لم تكن اخطارات على ذلك، فان الجيش ملزم للاستعداد لمثل هذا الوضع. فقد سبق أن رأينا في الماضي هجمات لحماس في جنوب القطاع وهجمات داعش من سيناء استهدفت اقتحام خط الحدود والتسلل بقوة الى داخل الاراضي الاسرائيلية. شاحنة أو مركبة مفخخة واحدة تتفجر على العائق، قوة ما توسع الثغرة وقوة اخرى تتسلل الى الاراضي الاسرائيلية. لا شك أن قوات “النخبة” الخاصة لحماس تتدرب على مثل هذه الاقتحامات مع مركبات مختلفة، بما في ذلك دراجات نارية. ومثل هذا الاقتحام، الذي يتم على نحو مفاجيء، يمكن أن يكون ناجعا. يقال لنا أن الجيش الاسرائيلي يعرف كيف يعطي الجواب على مثل هذه الامكانية بالمراقبة وبالنار.
ويوجد مجال قتال السايبر الذي يتطور في القطاع. ويمكن لنا أن نفترض بان حماس تعد عدة مفاجآت اخرى، ناهيك عن الوسائل التي توجد لديها منذ الان، مثل الصواريخ المضادة للدبابات، الصواريخ مع رؤوس متفجرة ثقيلة على نحو خاص يمكن أن تخترق المباني المحصنة في غلاف غزة، وصواريخ بعيدة المدى تهدد مركز البلاد.
في اسرائيل يحاولون تخفيض مستوى اللهيب. في زيارة وزير الدفاع ليبرمان الى سديروت امس خلق الانطباع بانه معني برد مقنون على نار حماس، رد لا يؤدي الى التدهور. ولكن الضائقة السياسية – الاقتصادية التي ستعلق فيها حماس اذا ما فشلت مسيرة المصالحة، وفقدان ذخائرها الامنية، من شأنها أن تدفع السنوار ورجاله نحو الزاوية المخرج الوحيد منها هو جولة عسكرية اخرى مع اسرائيل. هكذا بحيث أن للصواريخ التي تنقط هذه الايام باتجاه غلاف غزة يمكن أن يكون معنى، اكثر بكثير من مجرد تنفيس من منظمات سلفية.
معاريف / حركة المقاومة
معاريف – بقلم أودي سيغال – 15/12/2017
بدأت أزقة القدس تستعد لعيد الميلاد. بعض الفوانيس، الزينة وسانتا كلوز في مدخل احدى الدكاكين في البلدة القديمة. لا يوجد ثلج. لا يوجد مطر، لا توجد اشجار أرز ولا توجد حتى اجواء عيد. وتصداح اصوات اجراس الكنائس وتعطي الصدى في الشوارع الفارغة التي كان يفترض بها أن تكون الان مليئة بالحجاج.
في الحكومة يتهمون الفلسطينيين بانهم بدأوا الاضطرابات واعمال الشغب. هم محقون. فالفلسطينيون يتهمون دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو، الذي اقتنعه بالإعلان عن القدس كعاصمة إسرائيل. وهم محقون أيضا. ومن شأن الحق لا يوجد حق. وفي موضوع واحد على الأقل يوجد توافق في الرأي، من ترامب وحتى آخر التجار في السوق في القدس: الإعلام مذنب دوما.
في شوارع القدس يبدو التوتر قائما حتى في الجولة الهادئة. فمؤتمر قادة الدول الإسلامية في تركيا أنتج تمديدا آخر للمواجهة. ودون الاستخفاف بالاثر الهائل لاعلان الرئيس الأمريكي، فانه فعل شيئا آخر دون أن يقصد على ما يبدو. فقد قسم القدس.
هذا ما يحصل عندما يطلقون النار أولا وفقط بعد ذلك يخططون للعمل ويبحثون عن استراتيجية. فقد أطلق ترامب الاعتراف بالقدس في وقت مبكر جدا، دون أن يعد أحدا تقريبا وحتى دون غلاف سياسي. ونحن لم نستمع لكل كلمة ولم نحلل كل النص ولم نعطِ أهمية كافية لحقيقة أنه قسم المدينة.
باعترافه بالقدس كعاصمة إسرائيل شدد على القسم الغربي من المدينة وشرح بان الحدود ستتقرر بين الطرفين. ولكن أكثر من هذا فانه قسم المدينة من ناحية دينية: فقد شدد على أن اليهود يصلون في المبكى والمسلمون في الأقصى. وماذا عن جبل البيت؟ (الحرم الشريف) في هذا التصريح لا يوجد جبل البيت لليهود.
والان، تعالوا نفترض أن هذا مجرد تصريح آخر. ولكن في السياسة تخلق الكلمات معنى. الكلمات تخلق سياقات. ويحتمل ان يكون ترامب هنا قد أنقذ أبو مازن من نفسه. ففي الأشهر الأخيرة وقف أبو مازن امام واقع سياسي بشع: فالولايات المتحدة خططة لخطوة سياسية وفقا لكل المؤشرات والتسريبات الأولية كان يفترض بها أن تكون خطة نحيفة ومقلصة لسيادة محدودة وأرض أقل مقابل السلام. أكثر من هذا، جمدت الولايات المتحدة روافع الضغط الثقيلة للعالم السني كي تجبر أبو مازن على الموافقة. فقد سافر الى القاهرة الى الرئيس السيسي ومن هناك الى ولي العهد بن سلمان من السعودية، الذي قال له انه ملزم بان يقبل الخطة. بدون تقسيم القدس، حسب التسريبات، بدون الكتل وربما حتى بدون اخلاء المستوطنات.
أبو مازن كان في “المذبح”، مثلما كان يسمي هذا شارون، المنشأة المعدنية الضيقة، التي تقتاد الابقار الى المسلخ. وكان يوشك على أن يتلقى خطة مريكية ملى عليه واذا ما رفضها كان سيحدد نفسه في مكانة الرافض المواظب مما يعطي نتنياهو انتصارا ساحقا في لعبة الاتهامات.
أبو مازن نظر الى طاقم ترامب: جارد كوشنير، الذي كان نتنياهو ابن بيت لدى عائلته؛ السفير دافيد فريدمان، الذي كان احد المتبرعين لمدرسة بيت ايل الدينية، وجيسون غرينبلت، الذي يلتقط لنفسه الصور في الانفاق وفي قواعد الجيش الإسرائيلي في الجنوب. رأى طاقما يهوديا مجندا ومنحازا من أجل إسرائيل وما كان يمكنه أن يفعل شيئا.
تصريح ترامب، الذي قيل دون أي خطة سياسية شاملة، أعطاه هدية لم يحلم بها. فقد حظي بمعارضة واسعة ووحدة إسلامية من الحائط الى الحائط: شيعة وسُنة، سعوديون وايرانيون، اتراك ومصريون، كلهم وقفوا ضد الإعلان. وعادت الحمرة الى خدي أبو مازن. فقد استغل الخطوة ليعلن بان الولايات المتحدة وسيط غير نزيه، وانقذ نفسه من الانتظار للخطة. من ناحيته صفى ترامب بتصريحه الاحتمال لخطوة سياسية مع إسرائيل. وعندها قاطع زيارة نائب الرئيس الأمريكي مايك بينيس وقطع كل صلة بالقنصر الأمريكي في شرقي القدس واجرى مصالحة متعثرة مع حماس. إذ ان الاسهل هو المعارضة معها.
لعل ترامب يعتبر في الولايات المتحدة رئيسا يبعث على الشقاق، اما في الشرق الأوسط فهو العكس تماما: وحدة المقاومة على أسم ترامب. باستثناء ان لهذه المقاومة يوجد ثمن، والسؤال هو من سيدفعه. خطوات أبو مازن كفيلة بان تدفع الولايات المتحدة لان ترغب في تلطيف حدة موقفها كي تعيد الفلسطينيين الى اللعبة السياسية، ويحتمل أن يتنكروا له فيدفع هو الثمن. الاسهل هو وقف ضخ المال الى السلطة، ولكنهم هكذا يعززون قوة حماس، التي اقترحت منذ الان على أبو مازن الا يعود من المقاطعة الى أن ينجح في تغيير قرار ترامب. ليس مؤكدا أن أبو مازن لا يفكر بجدية بهذا الاقتراح المغري. رحلة سياسية الى نيويورك جذابة اكثر من مواجهة المتظاهرين في رام الله والفنادق المنهارة في بيت لحم. هذا يعالجه فولي (مردخاي) نيابة عن أبو مازن أيضا.
في لقاء اللواء مردخاي مع سفير الفاتيكان في إسرائيل، الذي وصل الى هنا من فيتنام، أشار الى ان حرية الدين هنا أهم مما في الشرق الأقصى. عندما روى مردخاي له عن الجهود لتحسين موقع المغطس في نهر الأردن وبناء جسر بين إسرائيل والأردن هناك، أجاب السفير: “أحيك على أنك في أول مرة تتحدث فيها معي عن الجسور بدلا من الاسوار”. فضحك الجميع. ضحك فولي وذكره ان في غزة توجد أيضا جسور، ولكن تحت الأرض. وهذه تسمى الانفاق. وبشكل عام يدور الحديث عن ارض الواقع الصلبة.
هآرتس / المارد الذي تحرر بعد تصريح ترامب لم يعد الى القمقم
هآرتس – بقلم عاموس هرئيل – 15/12/2017
هذا هو التقدير الحديث حسب ما قدمته أمس الاستخبارات للمستوى السياسي. على الرغم من اطلاق النار الواسع نسبيا من قطاع غزة، على الاقل 24 قذيفة في الايام التسعة الاخيرة فان حماس غير معنية بالمواجهة مع اسرائيل. سلطة حماس في القطاع أرخت الحبل قليلا للمنظمات السلفية المتطرفة (وربما ايضا الجهاد الاسلامي) بعد خطاب الرئيس ترامب في 6 كانون الاول – ومكنتهم من اطلاق القذائف كتعبير عن المعارضة الفلسطينية للاعتراف الامريكي بالقدس عاصمة لاسرائيل. منذئذ تجد حماس صعوبة في السيطرة على القطاع واعادة المارد الى القمقم. اجهزة حماس الامنية اعتقلت نشطاء سلفيين شاركوا في اطلاق النار، لكن يبدو أنه سيمر وقت الى حين أن تنجح في اعادة الهدوء. الاجواء في القطاع بقيت متلبدة منذ فجرت اسرائيل النفق الهجومي، الذي قتل فيه 12 شخص من الجهاد الاسلامي وحماس في نهاية تشرين الاول.
رجال الاستخبارات يجدون علاقة مباشرة بين ما يحدث في القطاع واحداث الضفة الغربية.في القدس وفي الوسط العربي في اسرائيل تم الحفاظ على الهدوء بشكل عام، باستثناء المظاهرة العنيفة في شارع وادي عارة يوم السبت الماضي. احتجاج ترامب تم توجيهه من الاعلى نحو الاسفل، سواء السلطة الفلسطينية أو حماس التي دعا رؤساءها لانتفاضة ثالثة شجعت الجمهور في المناطق للخروج في مظاهرات ضد الولايات المتحدة واسرائيل، لكن الاستجابة كانت محدودة. في تلك الاحداث شاركت آلاف معدودة رغم أن الامر يتعلق بالقدس. في الشارع الفلسطيني لم تتموضع رواية دينية حول الاعلان الامريكي.
في ظل عدم وجود عمل رمزي على الارض مثل “وضع البوابات الالكترونية في الحرم”، في اعقاب قتل الشرطيين في العملية في تموز الماضي، وفي ظل عدم وجود هدف واضح للاحتجاج مثل “تراجع اسرائيل وازالة اجهزة كشف المعادن” فان الجمهور لم يحضر. في اجهزة الامن الاسرائيلية ارادوا انتظار احداث نهاية الاسبوع: الذكرى السنوية الثلاثين لتأسيس حماس التي صادفت أمس وصلوات الجمعة اليوم، اذا لم يكن هناك قتلى آخرون بعد هذه الاحداث فيمكن القول إن احتجاج ترامب انتهى بهذا الشكل أو ذاك.
ولكن ليس كل هذا التحليل المنطقي والمرتب يتوافق بالضرورة مع الواقع. أولا، حجم الاطلاق هو الاوسع الذي حدث في القطاع منذ انتهاء عملية الجرف الصامد في آب 2014، هذا حدث استثنائي جدا في واقع غزة الحالي، حيث يثور سؤال هل لا يوجد هنا اغماض عين مقصود ومستمر من حماس عن نشاطات الخلايا التي تطلق الصواريخ. وثانيا، الشباك أعلن أول أمس أنه اعتقل خلية لحماس في قرية تل في منطقة نابلس التي خططت حسب اقواله لاختطاف جندي أو مستوطن في السامرة في عيد الانوار. حماس تعطي للاختطاف اولوية، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة حسب رأيها لتحرير آلاف الاسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية وتحقيق انجاز كبير كما فعلت في صفقة شليط في 2011. ولكنهم في حماس يعرفون أن اسرائيل تعتبر الاختطاف حدث استراتيجي مثل اعلان الحرب تقريبا، وهي سترد بشدة ايضا في الضفة.
في جهاز الامن يتولد الانطباع أن من يخططون العملية ليسوا من الهواة، لقد كان على رأسهم أحد النشطاء الميدانيين القدامى نسبيا (26 سنة)، وقد حصلوا على مسدس وجندوا الاموال وقاموا بجولات استطلاع في الشوارع كجزء من التحضير للعملية. التوجيهات جاءت من الخارج، من “قيادة الضفة” التابعة لحماس التي يشغلها من القطاع محررو صفقة شليط الخاضعين لقيادة الضفة برئاسة صالح العاروري الذي يقسم الآن وقته بين لبنان وتركيا.
إن تقارب الاحداث بين الاستعداد للاختطاف في الضفة والتصاعد الفجائي في اطلاق الصواريخ من القطاع يثير ذكريات ليست لطيفة من صيف 2014، في حينه، في شهر حزيران، اختطفت خلية لحماس من الخليل وقتلت الفتيان الثلاثة الذين سافروا برحلة مجانية قاتلة في غوش عصيون، في الايام التي اعقبت العثور على الجثث في بداية تموز، وعلى خلفية غضب الجمهور الاسرائيلي، زاد التوتر في القطاع حول جهود الجيش الاسرائيلي لاحباط عملية محتملة من قبل حماس عبر نفق في كرم أبو سالم. اسابيع التصعيد ادت في نهاية المطاف الى البدء بعملية الجرف الصامد.
الظروف في هذه المرة مختلفة. أولا، عملية الاختطاف في الضفة تم احباطها. ثانيا، حماس قامت بخطوات اولية نحو المصالحة مع السلطة الفلسطينية، التي من شأنها أن تحررها من عبء الادارة المدنية اليومية للقطاع وضخ الاموال الضرورية لغزة من اجل بقائها. ولكن عملية المصالحة تتأرجح ومن الصعب استبعاد امكانية الانزلاق نحو المواجهة، التي يمكن أن تعود وتفاجيء اسرائيل.
لا يمكننا تجاهل الضغط السياسي الداخلي في اسرائيل. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قام بعمليتين عسكريتين في القطاع، وقد قام بذلك فيهما كمن يتخبطه الشيطان. في تشرين الثاني 2012 عشية عملية “عمود السحاب” وقف نتنياهو امام حملة انتخابية للكنيست وتلقى هزة لا تتوقف من العناوين في “يديعوت احرونوت” التي القت عليه مسؤولية وضع سكان غلاف غزة تحت اطلاق صواريخ القسام من القطاع. في 2014 القي عليه ضغط مشابه من اليمين ومن الائتلاف، خاصة بعد العثور على جثث الفتيان. رئيس الحكومة نفسه اعترف هذه السنة في نقاش في الكنيست حول تقرير مراقب الدولة أنه لم يكن يرغب في الحرب في القطاع. وأنه جر اليها على خلفية العمليات الهجومية لحماس. التقديرات في اسرائيل لصالح رد محدود في هذه المرحلة يوجد عامل آخر لم يذكر – مواجهة مباشرة مع حماس الآن سترسخ في الوعي العالمي مثل “حرب ترامب” وستعتبر نتيجة مباشرة لاعتراف الولايات المتحدة بالقدس. لهذا تفضل اسرائيل ابعاد خطر المواجهة بقدر الامكان.
ميزان قوى جديد
احدى التغييرات الاساسية التي حدثت منذ 2014 يتعلق بتغييرات القيادة في حماس. في الحرب الاخيرة انقسمت حماس بين الداخل والخارج. خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي للمنظمة وصاحب المكانة الاعلى فيها، استقر في قطر وحث رجاله على مواصلة القتال، في الوقت الذي كان فيه عدد من قيادة غزة يأملون وقف اطلاق النار تحت ضغط القصف الجوي الاسرائيلي. منذ ذلك الحين تم استبدال خالد مشعل باسماعيل هنية الذي يعيش في غزة. وقد جاء بدلا من هنية قائد حماس في القطاع يحيى السنوار، رجل الذراع العسكري في القطاع. ميزان القوى الجديد الداخلي في حماس نقل القوة من الخارج الى الداخل وأعطى وزن اكبر لخريجي الذراع العسكري. السنوار ايضا هو من محرري صفقة شليط، وهو الاول الذي يوحد بشكل ما بين الذراع العسكري والذراع السياسي.
بعده احتل ايضا عدد من اصدقائه، قدماء الاسرى، مراكز هامة في التنظيم. هؤلاء هم رجال جيل الوسط في حماس: شباب المجموعة التي التفت حول الشيخ احمد ياسين عند اقامة الحركة في بداية الانتفاضة الاولى، الذين اجتازوا انتفاضتين، التي جاءت من “الضواحي” الفلسطينية، مخيمات اللاجئين في غزة. وهم يتحدثون اللغة العبرية بطلاقة ويعرفون بدرجة معينة المجتمع الاسرائيلي من خلال مكوثهم الطويل في السجون الاسرائيلية.
عندما تم انتخاب السنوار لمنصبه في شباط الماضي، زادت في اسرائيل التقارير عن تشدده وتصميمه الايديولوجي. هذا الرجل في نهاية المطاف قضى اكثر من عشرين سنة في السجن بتهمة قتل متعاونين مع اسرائيل. ولكن في الاشهر العشرة التي قضاها في منصبه استطاع تبديد الكثير من التوقعات السابقة. ليس لأنه فجأة تبين أن السنوار مؤيد لاسرائيل (رغم تقليد جديد وناجح في “بلاد رائعة”) بل لأن الضائقة الاستراتيجية التي وجدت حماس نفسها فيها أملت الانعطافة – وتبين أن السنوار مؤهل لاتخاذ قرارات حاسمة اكثر من اسلافه وشركائه في القيادة. السنوار هو الذي قاد حماس في اتفاق المصالحة مع السلطة الفلسطينية بوساطة مصر.
حسب تقدير الاجهزة الامنية الاسرائيلية فان الهدف الاهم لحماس بقي الحفاظ على حكمها في غزة، وبعد ذلك مواصلة بناء قوتها العسكرية، لكن الحفاظ عليها اصبحت اصعب بسبب العزلة السياسية التي وجدت حماس نفسها فيها (الازمة مع مصر، نقص الدعم المالي من دول الخليج)، ونقص الاموال الشديد الذي حدث في اعقاب ذلك. من هنا الاستعداد للتنازل عن جزء من صلاحيات الحكومة في غزة لصالح السلطة الفلسطينية. ولكن المصالحة ما زالت تكتنفها العقبات والتحفظات الكثيرة. بالاساس من جانب رئيس السلطة محمود عباس الذي جر اليها وهو غير راض. عباس الذي يخشى حقا من أن تواصل حماس السيطرة على غزة بقوة السلاح، شبيها بالنموذج الذي اتبعه حزب الله في لبنان، لم يرسل أي شيكل لتحسين تزويد الكهرباء في غزة أو لدفع رواتب موظفي الدولة هناك. تصريح ترامب وفر ذريعة لاظهار موقف فلسطيني موحد، لكن اذا تم الاعلان عن فشل المصالحة فستزول عقبة اساسية من امام مواجهة عسكرية اخرى مع اسرائيل.
دروس الماضي
كانون الاول 1987 كان شهر مليء بالاحداث في تاريخ الفلسطينيين: ليس فقط انشاء حماس بل ايضا اندلاع الانتفاضة الاولى كرد تلقائي بدأ بحادثة طرق دهس فيها سابق شاحنة اسرائيلية اربعة سكان فلسطينيين من القطاع. في الرواية الفلسطينية ترسخت الانتفاضة كفترة تثير الفخر: صحوة شعبية وقف فيها الاطفال وهم يحملون الحجارة بشجاعة أمام الدبابات الاسرائيلية وأمام الهراوات التي تكسر العظام للجيش الاسرائيلي وحرس الحدود. في معسكر فتح على الاقل تم عرض الانتفاضة في البداية على أنها أمر حرك سلسلة عمليات جاء في اعقابها مؤتمر مدريد وعملية اوسلو (في السنوات التي اعتبرت فيها السلطة اوسلو انجاز).
ولكن الوقت الذي مر يمكن كما يبدو من القيام بمحاسبة النفس ونظرة متفحصة أكثر لما تم انجازه وما لم يتم انجازه. في المقال الذي نشر في الاسبوع الماضي في صحيفة “الايام” التي اصحابها مقربون من السلطة، كتب عبد الغني سلامة بأن “الانتفاضة الاولى كانت حقا حدثا مميزا، اكتشاف أصيل لحركة النضال”. ولكنه ذكر ايضا الاخطاء التي حدثت فيها والدروس التي يمكن استخلاصها منها حسب رأيه. الشعب الفلسطيني، ادعى، يجب عليه البدء بالتعلم من التجربة التي راكمها والقيام بانتقاد ذاتي ناجع.
حسب سلامة، في السنتين الاوليين للانتفاضة تمت قيادتها بصورة جيدة، ولكن اعتقال رؤساء الانتفاضة ونقل القيادة الى الجيل الشاب عديم التجربة، جلبت معها اخطاء كثيرة. وينسب سلامة صعوبة تحقيق اهداف الانتفاضة الى الانقسام بين فتح وحماس، وتزايد القيادات وخطط العمل المتناقضة. سلامة ايضا يعدد اخطاء الانتفاضة ويذكر الاضرابات التجارية الكثيرة التي أدت الى تدهور اقتصاد المناطق وفرضت عبء يصعب تحمله على الفلسطينيين. وقال إنه سادت في المناطق فوضى امنية حدث فيها أنه بدل مواصلة القتال ضد الجيش الاسرائيلي، تبنى الشباب هدف اسهل وهو قتل المتعاونين مع اسرائيل. تم جر المناطق الى صيد المتعاونين، الذين كان كثيرون منهم ابرياء، وتم جر المناطق الى عمليات الثأر والنزاعات العشائرية.
تطور آخر ضار هو المس بجهاز التعليم الفلسطيني. الاضرابات الكثيرة عن التعليم أدى الى اضرار بعيدة المدى، تركت حسب قوله خلفها جيل الشباب الذين شاركوا في النضال كـ “جيل جاهل”. ويضيف سلامة أن جو الحزن والقسوة الذي فرضته التنظيمات على الجمهور على خلفية النضال ضد اسرائيل والخسائر الكبيرة والتي رافقها تشدد ديني، اوقفت الحياة اليومية في المناطق ومكنت من صعود قوة الحركة الاسلامية المتطرفة. مقال سلامة يعبر عن مصداقية فريدة في تحليل النضال الفلسطيني وحالات الفشل فيه. إن نشر هذا المقال في ايام توترات جديدة يطرح سؤال كيف يتم النظر بنظرة الى الخلف ايضا الى الفترة الحالية وفيها اخطاء الطرفين.
إسرائيل اليوم / الخوف من فقدان السيطرة
إسرائيل اليوم – بقلم اللواء احتياط يعقوب عميدرور – 15/12/2017
التوتر في الجنوب هو نتيجة لعدة احداث تبدو ظاهرا لانها غير مرتبطة الواحد بالاخر. بدايتها في اكتشاف نفق الجهاد الاسلامي قبل نحو شهرين، حين قتل في اثناء تحييده مسؤولون كبار في التنظيم الذي توعد بانتقام شديد ولم ينفذه حتى الان. وتواصل هذا في أزمة المفاوضات على المصالحة التي اتفقت عليها السلطة الفلسطينية مع حماس ونبعت من أن الطرفين يفهمان هذه المصالحة بشكل مختلف. فبينما تريد حماس الحفاظ على قوتها العسكرية وسيطرتها على ارض القطاع – بينما تكون السلطة مسؤولة عن الصورة الخارجية للقطاع دون السيطرة فيه يريد ابو مازن سيطرة حقيقية تتضمن نزع قوة حماس العسكرية. والفجوة بين الطرفين لا تسمح بمصالحة حقيقية، الا اذا استسلم احدهما.
أما العامل المؤثر الثالث فهو نتيجة اعلان الرئيس ترامب اعتراف الولايات المتحدة بالقدس (ضمنا الغربية) عاصمة اسرائيل، الاعلان الذي أدى الى تصريحات متشددة من ابو مازن ودعوة من حماس للانطلاق في انتفاضة.
والفائز في منافسة اشعال النار
الجانب الثاني تنظيم اقامه الايرانيون ومولوه، استغل الاجواء المتفجرة ومثل منظمات سلفية اخرى اطلق الصواريخ نحو اسرائيل. اما حماس، التي اتخذت حتى الان جانب الحذر في ردود افعاليها، والجهات الاكثر هجومية، فقد تلقيا تشجيعا واسعا من ايران، التي تعد بتمويل كل اتساع للنار. وفي هذه الاثناء اكتشف الجيش الاسرائيلي نفقا متسللا لحماس ايضا، وبدأ الفلسطينيون يفهمون (وعن حق) بان هذه ليست حالة استثنائية بل مرحلة اخرى في تطور النهج الذي يدمج منظومات تكنولوجية وقدرات عملياتية، وفي المستقبل غير البعيد سيسمح لاسرائيل بان تعطل التهديد.
في الماضي أيضا لم يكن بوسع المنظمات في القطاع ترجيح الكفة بسبب الانفاق، ولكن الهستيريا التي اشتعلت في اسرائيل الزمت الجيش الاسرائيلي بان يكرس انتباها شديدا، والان يمكن قطف الثمار واطفاء المخاوف لدى سكان المنطقة. ومثل تهديد الصواريخ، التي تطلق رغم نجاح القبة الحديدية في تعطيل معظمها، فان تهديد الانفاق هو الاخر لم يصفَ تماما، ولكن سيكون من الصعب استخدامها عند القتال وهي ايضا ستصبح عديمة الاهمية.
كل هذه الاحداث معا هي الارضية للنشاط الفلسطيني الذي يؤدي الى توتر متصاعد في القطاع. في الطرف الاسرائيلي يتخذ الجيش الاسرائيلي سياسة ضبط للنفس نسبية، ولكن في نفس الوقت توضح اسرائيل من خلالها استخدامها للجيش الاسرائيلي بانها ترى في حماس المسؤولة عما يجري في القطاع، وبالتالي ايضا جديرة بان تدفع ثمن المواجهة الجارية حتى الان على نار هادئة. وفي ضوء مسؤولية حماس فان معظم الاهداف التي تتعرض للهجوم (بشكل عام بنار دقيقة كما ينبغي ان يقال) تعود لهذه المنظمة، ولكن اسرائيل تقيد معظم ردود افعالها لهوامش المنظمة وليس للنشطاء الكبار او لمنشآت القيادة المركزية. وكل هذا بهدف جباية ثمن من حماس – ولكن في نفس الوقت السماح لها بان تحتوي ذلك دون أن تدهور الوضع.
الى اين يؤدي كل هذا؟ واضح أن ايران تدفع نحو تفاقم وتوسيع النار، فطهران لا تهمها معاناة سكان القطاع على أن تتلقى اسرائيل الضربات، سواء بالنار أم بالتنديد في العالم. ليس واضحا ما هو دور تركيا في الميدان، ولكن لا ينبغي أن نتفاجأ اذا ما تبين بانها هي ايضا تضيف الزيت الى الشعلة الصغيرة التي تشتعل في القطاع، وعلاقاتها مع حماس تعطيها امكانية جيدة لعمل ذلك.
بالمقابل، يبدو أن ليس لمصر اي مصلحة في تفاقم الوضع، بل العكس، لديها هي ايضا قدرة على التأثير على حماس. وليس للمنظمة الارهابية نفسها أغلب الظن ما تكسبه اذا ما وصلت الامور الى حملة كبيرة. فقد تعلمت كيف تتعرف على قدرات اسرائيل في ضرب قدراتها العسكرية وهي على وعي بالثمن الباهظ الذي سيدفعه السكان.
غير أنه في الوضع الحالي، حين تطلق الصواريخ نحو عسقلان وسديروت، لا توجد طريق حقيقية للتأكد من أن الوضع لن يتدهور الى حملة كبيرة، إذ ان حدثا واحدا يتسبب باصابات في الطرف الاسرائيلي يمكنه أن يؤدي الى رد فعل اسرائيلي حاد يزيل القيود التي اخذتها حماس على عاتقها.
ينبغي الاخذ بالحسبان بان الاحداث في القطاع لا يتم التحكم بها تماما. وذلك ايضا لان حماس لا تتخذ كل الوسائل التي تحت تصرفها، وايضا لان المنظمات العاقة وعلى رأسها الجهاد الاسلامي، لا تحسب حسابا عظيما لسكان غزة، وتواصل اطلاق النار في ظل تجاهل امكانية التدهور. ومن هنا واضح ان هناك امكانية لا بأس بها في أن تفقد الاطراف السيطرة على العملية فيجدوا أنفسهم مرة اخرى في القتال رغم أن اصحاب القرار سواء في اسرائيل أم في القطاع لا يريدون ذلك.
وللمفارقة يمكن القول ان حياة الكثير من الفلسطينيين ستنجو كلما كان اداء القبة الحديدية افضل مما هو متوقع منها وان تعترض كل الصواريخ التي تطلق نحو مراكز السكان في اسرائيل – ولكن ليس لهذا اي ضمانة.
عالم اسلامي متهكم على نحو مخيف
تجري الاحداث في الجنوب على خلفية فشل متواصل من حماس لانتاج نشاط تخريبي معاد حقيقي في يهودا والسامرة، وحتى المظاهرات هناك لم تنل الزخم. يحتمل أن يحل فيها تغيير الان بالذات بسبب التحريض في مؤتمر الدول الاسلامية في تركيا وعقب احساس الفلسطينيين، أن العالم الاسلامي وقف الى جانبهم في مواجهة تصريح الرئيس الامريكي. غير أن هذا عالم اسلامي متهكم على نحو مخيف لم يتجند كي يمنع مقتل اكثر من نصف مليون مسلم في سوريا على ايدي مسلمين آخرين؛ عالم اسلامي لا ينجح في وقف الحرب بين المسلمين في اليمن، والتي الدول التي تخوضها هي تركيا وايران، دول غير عربية تحلم باحلام الماضي للامبراطورية الفارسية والامبراطورية العثمانية، واللتين عانى العرب منهما غير قليل.
وعليه فلا غرو ان قسما هاما من العالم العربي تحفظ من المؤتمر، ونشـأ نوع من المحور السعودي – المصري – الخليجي، في الجانب المتحفظ في مواجهة المحور التركي – الايراني الذي ارتبط به ابو مازن والملك الاردني، في الجانب الدافع نحو المواجهة. بقدر معين وقف الاردنيون والفلسطينيون ضد حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، والسؤال هو ماذا سيجري لهذين الكيانين، المتعلقين بالمساعدات الامريكية. يبدو أن الملك الاردني مستعد لاخذ مخاطر كبرى على أن يتخذ صورة المدافع عن القدس وكي لا يبقيها كمعقل حصري للفلسطينيين. ينبغي الاخذ بالحسبان لامكانية أن تؤثر نتائج المؤتمر ايضا على التوتر في الجنوب. يحتمل أن تستمد الاطراف المختلفة التشجيع ايضا من الاجواء المناهضة لاسرائيل التي بثها المؤتمر فتتخذ خطوات اكثر حدة، اما الثمن فسيدفعه سكان القطاع، وليس المحرضون – زعماء ايران وتركيا.
هآرتس / ما الذي يقف من خلف صعود وانهيار داعش
هآرتس – بقلم تسفي برئيل – 15/12/2017
من الصعب تصديق أن هذه المغامرة التي سميت داعش أو تنظيم الدولة الاسلامية أحدثت عاصفة في منطقة الشرق الاوسط وفي العالم فقط قبل ثلاث سنوات ونصف. واكثر صعوبة التصديق أن هذا التنظيم آخذ في التلاشي. فقد فقد معظم المناطق التي احتلها في العراق وسوريا (في شرق سوريا وفي جنوب العراق ما زال يدير المعارك الاخيرة)، معظم مقاتليه عادوا الى بلادهم وقيادته تقوم بالاختباء ومركز نضاله موجه نحو تنظيمه الأم، القاعدة، التي تعود الى الحياة بعد فترة طويلة عانت فيها من تسرب مؤيديها الى احضان زعيم داعش ابو بكر البغدادي.
يبدو أن الانفصال عن داعش صعب جدا الى درجة أن هناك من ينسبون له مكانة “فكرة” أو ايديولوجيا، وكأنه خلق نمط حياة اسلامي جديد واصيل جمع بسحره المؤمنين المسلمين في العالم. هذا تنظيم ناجع أحسن في تشخيص واستغلال الفرص التي صادفها في طريقه بفضل تواصل الازمات الداخلية في الدول العربية – نتيجة فشل الثورات الداخلية في اسقاط الانظمة في عدد منها.
هنا دخل داعش الى الصورة. وقد اراد تجسيد رؤيا قديمة بطرق جديدة. هذه رؤيا تسعى الى العودة الى نظام الحكم الذي كان سائدا (حسب تفسيره) في فترة النبي محمد، وواصل طريق السلالة الأموية والعباسية، ووصل في نهايته الى انهيار الامبراطورية العثمانية عند انتهاء الحرب العالمية الاولى. تلك البنية التي ارتكزت على زعيم أعلى واحد لكل العالم الاسلامي وعلى حلم مثالي طمح الى توحيد كل الشعوب الاسلامية في أمة واحدة لها دولة واحدة.
ولكن داعش لم يخترع هذه الفكرة، والبغدادي ليس الوحيد الذي طورها. على مر التاريخ كان هناك مفكرون مسلمون كتبوا عنها ودعوا اليها وكانت هي المحور الذي تجمع حوله ملايين المؤمنين في العصر الحديث، المؤمنون اقتنعوا بأن الطريق الوحيد لوقف النفوذ المدمر للغرب، واصلاح الاخطاء وتطوير قوة ضد الاحتلالات الكولونيالية، هي من خلال العودة الى “الدين الحقيقي”، “الاسلام هو الحل”، هذا شعار الاخوان المسلمين. من اجل تحقق ذلك فان الدين يحتاج حسب هذه الرؤيا الى اطار سياسي شامل وموحد يتغلق على الدمار الذي زرعته فكرة القومية.
هذا ليس فقط طموح المسلمين المتشددين أو طموح الحركات الراديكالية، بل يشاركهم هذا الطموح ايضا مفكرون عرب ما زال عدد منهم حتى الآن يؤمنون بفكرة العروبة كاطار موحد، مثل الذي يمحو “كارثة” اتفاق سايكس بيكو من العام 1916، تلك الخطوط الاعتباطية التي كانت اساسا لاقامة دول عربية مستقلة. وهكذا، عندما تبنى داعش اسم “الدولة الاسلامية” التي هدفت الى محو تلك الحدود، وجد مؤيدين ايضا في اوساط مسلمين عارضوا القسوة الفظيعة التي اتبعها التنظيم.
الطريق الى السيطرة
ليست الفكرة فقط هي التي ساعدت داعش على تجنيد آلاف المتطوعين الذين حاربوا في صفوفه. فقد غذت استراتيجيته وقوت صفوفه النزاعات الداخلية بين الدول مثل المواجهة العنيفة بين النظام العراقي والأقلية السنية، الحرب الطاحنة التي شنها نظام عبد الفتاح السيسي في مصر ضد الاخوان المسلمين الذين حظوا بدعم شعبي كبير في الربيع العربي، والفوضى التي تطورت في ليبيا بعد اسقاط وقتل القذافي.
هكذا كان يمكن لقوة تتكون من 25 – 30 ألف مقاتل السيطرة على مناطق واسعة في مواجهة جيوش نظامية في سوريا والعراق. في الاولى كان جيش النظام ينشغل بالقتال من اجل بقائه أمام المتمردين القوميين والمسلمين. وفي الثانية كان الجيش ينشغل في النضال ضد الاعداء في الداخل مستندا الى جيش يعتبر في نظر السنة قوة محتلة. في النجاح الذي حققه التنظيم ساهمت ايضا فترة طويلة نسبيا كان فيها العالم غير مبالي. في تلك الايام قدروا في الغرب أن الامر يتعلق بتنظيم آخر من المتمردين، وعلى أي حال، ليس تنظيم يهدد اوروبا أو امريكا الشمالية. داعش، خلافا للقاعدة، لم يكن قد اعتبر بعد الغرب عدو يجب نقل ساحة القتال اليه. ولكن مع تمركز داعش في العراق وسوريا وتطوير فروعه في ليبيا ومصر من خلال نيل ثقة تنظيمات محلية، عملت تحت مظلة القاعدة أو متعهدي عمليات مستقلين، وفي الاساس بعد أن بدأ التنظيم في تنفيذ عمليات في الدول الغربية تغيرت الامور. التنظيم بدأ في جذب اهتمام دولي اليه وتدخل عسكري اجنبي.
في هذا المجال احدث داعش عدد من التغييرات التكتيكية في المنطقة دون أن يقصد ذلك. هكذا وجد التحالف بين روسيا والولايات المتحدة الذي لم يكن القاسم المشترك هو انقاذ الشعب السوري أو بقاء بشار الاسد، بل محاربة داعش. الولايات المتحدة التي قلصت تواجدها وتدخلها في سوريا الى درجة الاختفاء تماما من الساحة، كان يمكنها الاستمرار في العمل في المنطقة بذريعة محاربة الارهاب. روسيا التي تحولت الى سيدة البيت في سوريا لم تكن بحاجة الى التبريرات. المعركة التي ادارتها ضد داعش كانت ثانوية واحيانا هامشية مقارنة مع التحالف الغربي، لكن محاربة الارهاب أفادتها جدا.
تركيا التي انضمت منذ 2015 الى التحالف السني الذي اقامه الملك سلمان، بدأت بالعمل العسكري في سوريا فقط بعد أن اطلق داعش قذائف على اراضيها ونفذ عمليات في مدنها. ولكن حينها ايضا تم استخدام داعش من قبل تركيا كذريعة جيدة لاظهار قوتها ضد الاكراد المتمردين الذين تعتبرهم ارهابيين.
بصورة متناقضة ضم داعش ايران، وان كان بصورة غير رسمية، الى تحالف القوات التي تحاربه. في فترة ولاية الرئيس براك اوباما – الذي تردد في رده العسكري ضد داعش خوفا من أن تورط كهذا من شأنه أن يحبط أو على الاقل يعيق التوقيع على الاتفاق النووي – تم اعتبار ايران دولة “ايجابية” في كل ما يتعلق بمحاربة الارهاب السني الراديكالي. هذه الايجابية تدحرجت ايضا الى اليمن، هناك نظرت الادارة في واشنطن حتى الى الحوثيين بشكل مختلف، كحركة شيعية يمكنها صد انتشار القاعدة. نتيجة جانبية اخرى هي الشرخ العميق بين الولايات المتحدة وتركيا، الذي حدث في السنة الاخيرة. هنا كان انتخاب ترامب الذي واصل بصورة كثيفة الحرب ضد داعش، الذي فضل الاعتماد على الاكراد في سوريا الذين اثبتوا انفسهم كقوة ناجعة في القتال.
العجز العربي
السيطرة الجغرافية لداعش في العراق وسوريا اثبتت ايضا العجز العربي والاسلامي – السني، الذي كان اسهامه الاساسي متمثلا بالادانة. تدخل عسكري حقيقي – باستثناء هجمات مصر واتحاد الامارات على قواعد داعش في مدينة درنة في ليبيا – لم يوجد. كل دولة من الدول العربية واصلت العمل ضد التنظيمات الراديكالية فيها، وعلى الرغم من الاتفاق على أن داعش هو تهديد عابر للقوميات، لم تتم بلورة قوة عربية ذات أهمية لاحباط هذا التهديد.
الفجوة بين حجم التهديد الذي ازداد بواسطة استخدام محكم للدعاية الاعلامية لداعش، الذي لم يحرم المشاهدين في العالم من اي مشهد مرعب (من قطع الرؤوس العلني ومرورا باحراق الطيار الاردني وهو على قيد الحياة وحتى الاغتصاب الجماعي للنساء) وبين رد الدول العربية الذي يقتضي التساؤل عن اسباب ذلك. يمكن تشخيص ثلاثة اسباب رئيسة للاستخفاف العربي والاسلامي. الاول يتعلق كما يبدو بالاعتقاد أن تهديد داعش هو شأن داخلي يتعلق فقط بسوريا والعراق، وهي دول غير محبوبة في الساحة العربية. العراق بسبب تقربها وعلاقاتها مع ايران وبسبب حكومة شيعية في معظمها. وسوريا التي تم طردها من الجامعة العربية بسبب الشخصية الدموية للاسد. السبب الثاني يستند الى الاعتقاد بأن الدول القومية القوية والمهيمنة مهددة من قبل ارهاب متقطع، ولكن خطر سيطرة داعش عليها ليس فوريا. في حين أن السبب الثالث وبما الاهم هو أن الدولة الاسلامية ليست حقا دولة معادية، بل هي تنظيم في الوقت الذي يحقق فيه القدرة على السيطرة سيتحول الى تنظيم ارهابي محدود لا يحتاج الى التدخل العربي – وهو بالتأكيد لا يستطيع التعتيم على تهديد ايران التي ضدها مستعدة هذه الدول أن تتوحد.
“الدولة الاسلامية” ساهمت ايضا في فهم من اعتقد أن القومية العربية قد انتهت وأن حلم العالم الاسلامي آخذ في التحقق. وقبل تعرض التنظيم للهزيمة في العراق وسوريا فقد اثبت تجنيد القوات في العراق – الذي ضم ايضا الاكراد (رغم التوتر السائد بينهم وبين النظام) – وقتال جزء من مليشيات المتمردين ضد داعش، اثبت أن التهديد على “سلامة الوطن” هو أهم من النضالات الطائفية.
ليس عبثا أن تحرير مدينة الانبار ومدينة الموصل في العراق من سيطرة داعش، تم اعتباره نصرا وطنيا. وليس عبثا أن الانتصار على داعش في الرقة في سوريا خلق صراعا بين النظام والمتمردين الاكراد حول مسألة السيادة على المنطقة المحتلة. ولكن ايضا في هذا الصراع يبحث الاكراد مثل باقي المليشيات عن شرعية لسيطرتهم من الدولة. هكذا فقد زاد وجود داعش في هذه الدول وفي دول اخرى في الشرق الاوسط، الشعور الوطني ضد من اعتبر عدوا اجنبيا، رغم الصراعات والمواجهات العنيفة بين المليشيات فيما بينها وبينها وبين النظام.
ظهور داعش في الشرق الاوسط ليس مرحلة هامشية عابرة، عملية تصفية الحسابات مع المتعاونين معه بدأت فقط. الاستنتاجات من العمليات الارهابية حتى لو كانت بعيدة عن الشرق الاوسط لم تنته مع انسحاب داعش وعودة مقاتليه الى بلادهم. القاعدة ستحارب الآن على مكان التنظيم في ساحة الارهاب المتوقعة، التي تسعى الى أن تصبح في الطليعة. الامر المؤكد هو أن فكرة الدولة الاسلامية تعرضت لضربة تاريخية، ستبقي صدمة طويلة الامد لدى من يحلمون بالأمة الواحدة.
هآرتس / القدس كأساس لدولة ثنائية القومية
هآرتس – بقلم زئيف شترنهال – 15/12/2017
أنا أتفق مع ألوف بن بأن الهدف الاكبر الذي يسعى اليه بنيامين نتنياهو هو تحطيم الحركة الوطنية الفلسطينية. ولكنني أختلف مع ادعائه بأن هذه الحركة تحتضر (“هآرتس”، 8/12). كحركة وطنية شبه علمانية هي حقا متعبة ومهزومة، لكن اذا اخذنا في الحسبان أنها موجودة بين فكي كماشة، القوة الاسرائيلية واللامبالاة العربية، فيجب علينا عدم الاستخفاف بكونها ما زالت تقاتل باصرار من اجل المستقبل ولم تخضع للواضع الكولونيالي الحالي.
الحركة الوطنية الفلسطينية اجتازت قمع التمرد بين 1936 – 1939 على أيدي البريطانيين، وهزيمة حرب الاستقلال، فترة اللجوء، الاحتلال والانتفاضات. حقيقة أن الحركة الوطنية غير قادرة على المواجهة في الوقت الحالي مع القوة العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية لأمة اخرى، لا يعني أن هذه الحركة تحتضر. حقيقة أن الفلسطينيين يقاتلون بكل قوتهم ضد الرؤية التي يدعمها بينيت وسموتريتش ومؤيديهما والتي تقول إن الهزيمة العربية في العام 1967، التي لا يتحمل الفلسطينيون المسؤولية عنها، تحكم عليهم الحرمان من حريتهم الى الأبد. حقيقة أن كل محاولات اسرائيل لكسر الفلسطينيين فشلت حتى الآن: بهذا المعنى فان تصريح ترامب لا يقدم ولا يؤخر.
ولكن لا يوجد شك أن سكان الضفة يجب عليهم أن يقرروا قريبا ما هو الهدف النهائي لنضالهم: تقسيم البلاد الى دولتين أو مد اليد لليمين الاسرائيلي في محاولاته الانتحارية عن طريق الدولة الواحدة لشعبين. اجل، اذا وجدت هنا دولة واحدة، الفلسطينيون فقط هم الذين سيكسبون، لكن اسرائيل لن تبقى على قيد الحياة. اذا نظر الفلسطينيون الى تصريح ترامب وكأنه يتعلق فقط بغربي القدس والضواحي اليهودية خلف الخط الاخضر مثل غيلو ورموت، فانه لن يتغير شيء، وهدفهم القومي الفعلي سيبقى مثلما هو الآن: أي اقامة الدولة المستقلة على جزء من البلاد. ولكن اذا طرحت لديهم فكرة المطالبة بالجنسية الاسرائيلية لسكان شرقي القدس المضمومين تحت اجنحة الولايات المتحدة وتحت مسؤوليتها، هذه المطالبة سينظر اليها كأمر مفهوم من تلقاء ذاته في امريكا واوروبا على حد سواء، هذا يبرهن على أنهم بدأوا التفكير بجدية بالدولة ثنائية القومية. كلهم يعرفون أن بديل حل الدولتين الذي لا يريده اليمين الاسرائيلي هو دولة بالضرورة ستضع حدا للصهيونية وتقود اسرائيليون كثيرون الى مغادرة البلاد.
يمكن الافتراض أنه الى جانب الذين يريدون دولة فصل عنصري بكل معنى الكلمة، وحسب الوصفة التي يرسمها البيت اليهودي وكثيرين من الليكود، سيكون بين الاسرائيليين ايضا من يفضلون البدء بالنضال على المساواة في الحقوق لكل المواطنين، مثلما كانت الحال في جنوب افريقيا. وسيكون هناك من سيقولون إنه بسبب فشل الصهيونية فهم سيضطرون للبحث عن مستقبل آخر لهم ولأبنائهم وأحفادهم. واذا كانوا ملزمين بالاختيار بين عنصرية يهودية – اسرائيلية مؤسسة على المستوى السياسي والاجتماعي وبين عنصرية امريكية أو لاسامية اوروبية فسيكون هناك من سيفضلون عدم العيش تحت نظام الابرتهايد الرسمي.
لذلك، من يريد استمرار وجود اسرائيل صهيونية، حرة وديمقراطية، يجب عليه فعل كل ما في استطاعته من اجل أن لا يقرر الفلسطينيون تقديم فاتورة على ما قام به رئيس امريكي جاهل. الفاتورة ستكون بسيطة: ليس بالامكان أن يعيش في نفس المدينة الموحدة، عاصمة “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط”، نوعين من السكان: اشخاص احرار يتمتعون بكل ثمار الديمقراطية، وهم مواطنون في بلادهم، واشخاص ليس لديهم جنسية بمكانة سكان من نوع ج. في أي مكان في الغرب لن يسلموا بواقع كهذا وفي اسرائيل نفسها ايضا لن يخضع الجميع للعار.

المصدر / نساء الموساد.. دهاء وقدرة على التخفي
في تقرير مطول لصحيفة إسرائيلية، يتحدث رؤساء الموساد في السابق، عن المزايا التي تتمتع بها النساء وتتفوق من خلالها على الرجال في العمليات الميدانية مثل التخفي بسهولة في أي بيئة والحفاظ على الهدوء الداخلي في أخطر المواقف
المصدر – 15/12/2017
نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، اليوم الجمعة، مقالة مطولة خصّت بها نساء جهاز المخابرات الإسرائيلية، الموساد، شملت مقابلات مع رؤساء موساد في السابق، ومع نساء خدمن في المنظمة السرية. وإلى جانب الحديث عن مزايا النساء كعميلات موساد، كشفت المقالة عن عمليات سرية نفذتها نساء، وأخرى نجحت بفضل مساهمتهن.
ومن العمليات البارزة التي كشف عنها الصحفي الإسرائيلي المرموق، رونين برغمان، معدّ المقالة، عملية اغتيال الفلسطيني علي حسن سلامة، العقل المدبر لمجزرة ميونخ التي راح ضحيتها 17 رياضيا إسرائيليا، والملقب “الأمير الأحمر”. كانت وراء الاغتيال “إيريكا تشيمبرز”، متطوعة بريطانية في منظمة عون للأطفال، نشطت في مخيم للاجئين في لبنان.
وجاء في المقالة أن تشيمبرز التي كانت عميلة موساد خرجت في يوم الاغتيال إلى شرفة الشقة التي كانت نزلت فيها في لبنان، وانشغلت برسمة كانت تشتغل عليها منذ فترة. وفي تمام الساعة الثلاثة والنصف توقفت عن الرسم، فأخرجت جهازا صغيرا ووجهته نحو سيارة ” فولكس فاجن” حمراء تحمل 100 كيلوغرام من المواد المتفجرة، فضغطت على الزر لتفجرها في اللحظة التي كانت تمر بجانبها سيارة علي سلامة. وفي نفس اليوم، 22 يناير 1979، اختفت من لبنان كأنها لم تكن ووصلت إلى إسرائيل حيث استقبلت بحفاوة عظيمة وحصلت على شهادة تقدير.
ويقول رئيس الموساد السابق، تمير باردو، في حديثه عن هذه العملية “لقد أمضت تشيمبرز لوحدها أشهرا طويلة في لبنان. وكانت صاحبة القرار متى يجب أن تضغط على الزر لاغتيال سلامة”. ويشير إلى أن واحدة من المزايا التي تملكها النساء وتتفوق بها على الرجال، أنهن لا يتشكلن خطرا على البيئة التي يُضعن فيها مثل الرجال، ويضيف “النساء يعرفن الوصول إلى الأشياء بطريقة أذكى من الرجال”.
ما صنف النساء الذي يبحث عنه الموساد؟
يعلق باردو على ذلك بالقول “لأكثر من 35 عاما، شارك النساء بعمليات على أعلى المستويات وأظهرن قدرات خارقة لا تقل عن الرجال. النساء متفوقات في المجال التكنولوجي ومجال السايبر ومجال تحليل المعلومات وحتى في مجال العمليات الميدانية فقد أظهرن أنهن مثل الرجال وأكثر”.
ويوضح “في الموساد نشدد على القدرات الذهنية وليس على القدرات الجسمانية، لذلك تبدع النساء في الموساد أكثر من الجيش. لسنا بحاجة إلى شخص يحمل 60 كيلوغراما على ظهره إنما نريد أشخاص يقدرون على القيام بمهمات عديدة في نفس الوقت، والنساء أثبتن أنهن ممتازات في هذه المهمات”.
“حضور المرأة في المكان يثير شكوكا أقل، ورد الفعل الطبيعي من المحيطين بها هو الرغبة في التعرف إليها والتقرب منها” تقول محاربة سابقة في الموساد وتضيف “حين كنت في مهمة تجنيد شخص معين، كان من المهم أن يتوجه هو إلي ويطلب صداقتي، وليس العكس. فكنت أظهر في الأماكن التي يكون فيها حتى يحادثني وهكذا أطور العلاقة حتى القبض عليه”. واحدة من هذه العمليات المشهورة، عملية إغراء جاسوس النووي، مردخاي فعنونو، الذي وقع في شرك عميلة موساد ووافق على السفر معها إلى روما حيث تم خطفه على يد رجال الموساد.
“نحن نبحث عن نساء يقدرن على التخفي في البيئة دون إثارة الشكوك. في الحقيقة، لا نبحث عن نساء جميلات أكثر عن اللزوم، يلتفت الجميع إليهن حينما يمرن. لكن أغلبية النساء اللاتي يعملن في الموساد أنيقات” يقول رئيس سابق للموساد تحدث مع برغمان.
“وظيفة المرأة في الموساد لا تقتصر على الإغراء” تؤكد محاربة في السابق وتضيف “بالعكس. المهم أن نتخفى في المكان الذي نرسل إليه لأشهر دون أن يلتفت إلينا أحد. هذا ليس فيلم لجيمس بوند”.
أما عن الجانب السلبي لخدمة النساء في الموساد، فتطرق برغمان إلى حادثة القبض على عملاء موساد في مصر، كانوا يخططون لتفجير مبانٍ تابعة لأمريكا وبريطانيا من أجل توريط مصر مع هاتين الدولتين، وبينهم عميلة الموساد مارسل نينو، يهودية من مواليد القاهرة جُندت إلى الموساد، والتي تعرضت للتعذيب أثناء التحقيق معها وحاولت الانتحار مرتين، وحكم عليها بالسجن 15 عاما.
ويكتب برغمان أن هذه الحادثة محفورة في ذاكرة الموساد وبعدها أصبحت مشاركة الموساد تسبب الأرق والقلق لرؤساء الموساد. وعلى هذا يعلق باردو “النساء يتحملن العذاب أكثر من الرجال. والدليل هو أنهن يتحملن الولادة. فهذا ليس اعتبارا مهما بالنسبة لنا. المشكلة الصعبة مع خدمت النساء هو أنهن في مرحلة معينة يردن أن يتزوجن ويقمن عائلة وهذا ما يحد من استمرارهن في خدمة الموساد”.
هآرتس / المتدينون انتصروا على المجندات
هآرتس – بقلم أسرة التحرير – 15/12/2017
الحملة الاستفزازية التي يخوضها حاخامو الصهيونية الدينية ضد دمج النساء وضد انخراط النساء في مهام قتالية أعطت ثمارها. فقد نشر الجيش هذا الاسبوع تعديلات على أمر القمة المشتركة التي تنظم خدمة النساء والرجال في الوحدات المختلطة والصيغة الجديدة لا تدع مجالا للشك: الجيش استسلم لضغط الحاخامين.
لقد وضعت أساسات اقصاء النساء المهام العديدة في الامر الاصلي الذي قضى مثلا بان من حق الجندي المتدين أن يطلب الامتناع عن نشاط مشترك مع مجندة أو ان يخدم في إطار جنسي منفصل. والتفوق العددي للجنود المتدينين على المجندات، والاسناد الذي حظوا به من حاخاميهم أديا الى أن تصبح المجندات موبئة حشمة، ينبغي تقليص اضرارها من خلال تقييد اصولهم الى مهام ذات مغزى. ولم تتقرر القيود الاصلية بالامر المعدل، بل تشددت: الضابط /الوكيل المتدين من حقه أن يرفض الخدمة في وحدة مشتركة.
ان القول الهام الذي ظهر في الامر الأصلي وأفاد بان خدمة النوعين الاجتماعيين ستطبق “قدر الإمكان ليس من خلال الفصل بين الجنود والمجندات” الا اذا تحدد خلاف ذلك، شطب من الامر المعدل. وبدلا منه وضع في المركز واجب الجيش بان يحترم معتقدات عموم الجنود. ولكن أي قيمة يوجد لهذا القول التعميمي في الوقت الذي لا يعترف به الجيش الا بمعتقد الجنود المتدينين؟ يتبين من الامر المعدل بوضوح بان الخدمة المشتركة لم تعد هي النمط السائد. وزاوية النظر الرجولية – الفقهية حظيت بالاولوية على زاوية نظر النسوية والعلمانية. وتغلب المعتقد الديني على قيمة المساواة.
والأخطر من ذلك: لغرض وضع الامر العسكري أجرى الجيش الإسرائيلي حوارا خفيا عن العين العامة مع حاخامين ارثوذكسيين. هؤلاء ليسوا منتخبين من الجمهور، وقوتهم في قدرتهم على تهديد الجيش في تأثيرهم على قرار تلاميذهم أينما يخدمون. هذا النمط الثيوقراطي لا يتميز به أي جيش في مجتمع ديمقراطي. هذه مهامة منتخبي الجمهور، وليس ضباط الجيش، في تصميم الأنظمة، التي تؤسس للعلاقات بين الجنسين في المجال العام. على المشرع أن يصادر هذه الصلاحيات من الجيش الإسرائيلي وان يعود ليصمم سياسة الخدمة ويحسم بين القيم المتضاربة بشكل شفاف، مثلما كان متبعا في الماضي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى