ترجمات عبرية

اهم الاخبار والمقالات والتقارير من الصحافة الاسرائيلية ليوم 8– 12 – 2017

يديعوت احرونوت:
– اختبار القدس.
– كحلون لنتنياهو: انتهى الائتمان.
– ستزاد مخصصات الشيوخ قليلي الدخل.
– على شفا اشتعال.
– كبار المسؤولين عارضوا، ترامب أصر.
– البيتيكوين يفوق كل الخيال ولا يتوقف.
– الرسم الاغلى في التاريخ والشاري الخفي: ولي العهد السعودي.
معاريف/الاسبوع:
– تأهب غضب.
– نصرالله يدعو الدول العربية الى وقف التطبيع مع اسرائيل.
– هولندا: فلسطيني يحطم نوافذ مطعم حلال يهودي في امستردام.
– الاستعداد للمواجهات.
– وزير اردني يدعو للخروج في انتفاضة عربية.
– مجلس الامن يبحث في تصريح ترامب.
هآرتس:
– مواجهات في الضفة وفي غزة في اعقاب تصريح ترامب.
– استخدام اقراص منع الحمل أو اللولب الهرموني يزيد من خطر سرطان الثدي.
– نتنياهو سجل انتصارا في الصراع لتحطيم الوطنية الفلسطينية.
– نصرالله يقول: يجب دعم الفلسطينيين حين يشرعون في انتفاضة جديدة.
– ماذا سيكلف رهان ترامب.
– مجلس الامن يبحث اليوم في اعتراف ترامب بالقدس كعاصمة اسرائيل.
– توتر بين اسرائيل والاتحاد الاوروبي في اعقاب زيارة نتنياهو الى بروكسل.
– الاعتراف بالقدس كعاصمة فلسطين أعطى ريح اسناد للمصالحة الفلسطينية.
اسرائيل اليوم:
– بعد الخطاب: اتصالات مع دول اخرى للاعتراف بالقدس.
– الدولة تعمل على اخلاء نائب من بيته بدعوى انه بناه بدون ترخيص.
– المسؤول الكبير في فتح: “نائب الرئيس الامريكي ليس مرغوبا فيه في فلسطين.
– الفلسطينيون يطلبون الاعتراف بالواح كومرون كـ “تراث فلسطيني”.

اهم المقالات والتقارير من الصحافة الاسرائيلية ليوم 8– 12 – 2017
هآرتس / نتنياهو سجل انتصارا في الصراع لتحطيم الوطنية الفلسطينية
هآرتس – بقلم الوف بن – 8/12/2017
درج منتقدو بنيامين نتنياهو على الادعاء ضده بان “ليس له استراتيجية او سياسة باستثناء البقاء في الكرسي”. ولكنهم مخطئون. لرئيس الوزراء هدف واضح، يسعى لتحقيقه منذ سنوات عديدة: تحطيم الحركة الوطنية الفلسطينية. فنتنياهو يرى فيها عدوا لا هوادة له للصهيونية، وفي العلاقات بين الحركتين الوطنيتين هناك لعبة مبلغها الصفر. عندما تكسب واحدة، يخسر خصمها.
سجل نتنياهو اول أمس انتصارا هاما في صراعه ضد الفلسطينيين، مع تصريح الرئيس دونالد ترامب على اعتراف الولايات المتحدة بالقدس كعاصمة اسرائيل وبداية الاستعداد لنقل السفارة الامريكية من شارع هيركون في تل أبيب الى المدينة المقدسة. لم يمنح ترامب شيئا بالمقابل للفلسطينيين، بل أضعف الالتزام الامريكي لاقامة دولة فلسطينية في المستقبل. وكأن بخطابه صاغه نتنياهو وسفيره في واشنطن رون ديرمر، وعلى اي حال نسق معه بدقة.
نتنياهو هو رجل الافكار والرموز، أكثر بكثير مما هو رجل القرارات والافعال. من ناحيته أهم بكثير ان يعترف بالقدس كعاصمة اسرائيل من أن تقام فيها الاف وحدات سكن اخرى في المستوطنات. وهو يتحكم منذ سنين بجدول الاعمال العام في اسرائيل عبر شعارات قابلة للاستيعاب تشكل بعد ذلك اساسا للبحث الاعلامي (“اليساريون نسوا ماذا يعني ان يكونوا يهودا”، “صخرة وجودنا”، “هم خ ائ ف ون”، “السمين والنحيف”، “الحياة نفسها”، “العرب يندفعون بكميات الى صناديق الاقتراع”، “لن يكون شيء لانه لا يوجد شيء”). وخصوم نتنياهو أيضا، الساعون الى كرسيه، يرددون مواقفه بلا تشكيك، ويسيرون في المسار الفكري الذي رسمه لهم.
فنان التسويق والشعارات دونالد ترامب يناسبه تماما، ومثل نتنياهو، ينمو ويبدع حين يكون عرضة للهجوم من الاعلام والجمهور. هذه المرة انقذ ترامب صديقه الاسرائيلي من مشكلة كبرى: الصراع المتحقق لتحطيم الشرطة (“قانون التوصيات”) كلف نتنياهو السقوط في الاستطلاعات، والانباء التي انكشفت عن منفذه السياسي، دافيد بيتان، بعثت لاول مرة بتلميحات بالتمرد ضد رئيس الوزراء في الليكود، في هذه المرحلة لغير النشر. وعندها جاءت العناوين عن اليوم التاريخي وخطاب ترامب، فاذا بالمشبوه بالفساد يعود الى موقع السياسي والاستراتيجي الذي يتغنى بالتاريخ اليهودي، بالكتب المقدسة وبالكارثة.
يفهم نتنياهو جيدا بالفعل لعبة القوة الدولية، ويرى أن امريكا تخفف تدخلها في الشرق الاوسط وتعود لتركز جهودها الدبلوماسية والعسكرية على آسيا، مثلما في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. ويمكن تفسير هذه المسيرة بالرسم البياني الهابط لاسعار النفط، وكذا بالحروب الفاشلة في العقد الماضي في افغانستان وفي العراق، ولكن لم تؤدي الى منطقة مستقرة وهادئة بل الى فوضى دامية. والرأي العام الامريكي مل، والرئيسيان الاخيران – براك اوباما وترامب – طويا بالتدريج العلم الامريكي من المنطقة.
سوريا سلمها الامريكيون للسيطرة الروسية والامريكية على حساب حليفين قديمين للولايات المتحدة هما تركيا واسرائيل، اللتين استفادتا في السنوات الاخيرة من انهيار الجيش السوري وتضعضع نظام الاسد وتحتاجان الان لان تتصديا لسلاح جو فلاديمير بوتين والميليشيات الشيعية لطهران. اسرائيل تلقت تعويضا مزدوجا: الاعلان الرئاسي عن القدس العاصمة والوعد بان تبقى الضفة الغربية تحت سيطرة اسرائيلية في المستقبل المنظور، طالما امتنعت اسرائيل عن خطوات فظة كضم المناطق او المس بالمقدسات الاسلامية في الحرم. اما تركيا فلم تحصل على شيء، وهذا يفسر رد فعلها الغاضب على خطاب ترامب.
يعرف نتنياهو بان وجود اسرائيل وأمنها يعتمدان على دعم الولايات المتحدة، ولهذا فهو يخشى الانطواء الامريكي. ولكنه يعرف أيضا بان اسرائيل لا يمكنها أن تعيق أو توقف المسيرة، ولهذا فهو يحاول ان يجد فيها فرصة لتحسين وضع اسرائيل في مواجهة لا هوادة فيها مع الحركة الوطنية الفلسطينية التي تنازع الحياة. وكان خطاب ترامب فرصة كهذه.
إسرائيل اليوم / لعبة ابو مازن المزدوجة
إسرائيل اليوم – بقلم نداف شرغاي – 8/12/2017
المفتاح لما سيحصل في الايام القريبة القادمة، في اعقاب اعتراف الولايات المتحدة بالقدس كعاصمة اسرائيل، يكمن في السلوك حول “المفجر” المطلق، ألا وهو الحرم، واللاعبين النشطاء حوله. فمن يتحكم في مستوى اللهيب هناك – سيتحكم بقدر كبير أيضا في مستوى اللهيب في الدوائر الثلاثة الابعد عن الحرم: عرب القدس، عرب اسرائيل وعرب الضفة.
لقد سبق للمسلمين أن اوضحوا بانهم لن يكتفوا باطفاء الاضواء الرمزي الذي أظلم أمس لزمن قصير المجال المقدس احتجاجا على خطوة ترامب. السؤال هو الى اي شوط سيسيرون.
المصالح متضاربة: محور الاخوان المسلمين، الاتراك، قطر، رجال الجناح الشمالي من الحركة الاسلامية الاسرائيلية وحماس – يفعل كل ما ينبغي كي يوجه الاحتجاج الى الاتجاه الديني، ليقنع الجماهير مرة اخرى بان “الاقصى في خطر”. قبل أربعة أشهر نجحوا في ذلك. وتراجعت اسرائيل وأزالت البوابات الالكترونية التي نصبت في الحرم في اعقاب الحرم هناك. اما هذه المرة فهذه أزمة دون نقطة نهاية مشابهة. فـ “الاعتراف” ليس بوابة الكترونية. وترامب لا يعتزم التراجع عن اعترافه بالقدس كعاصمة دولة اسرائيل.
واسرائيل من جهتها تفعل كل ما في وسعها كي تعزل الحرم عن العاصفة الحالية، سواء في الحرم نفسه أم في البلدة القديمة وفي غلاف الحرم. في أوقات مشابهة في الماضي قيد مثلا عمر المصلين الذين سمح بدخولهم الى الحرم. بل ومنعت شخصيات متماثلة مع الجناح الشمالي وحماس القدس من الوصول الى الحرم. وهذه المرة ايضا ستحاول الشرطة استباق الضربة بخطوة وقائية من خلال الحوار، المعلومات الاستخبارية والرقابة المسبقة. واذا تكرر نمط الاحتجاج الهاديء والجماهيري قبل أربعة أشهر، سيكون من الصعب على الشرطة أن تتصدى له. فهي اكثر خبرة في معالجة المشاغبين.
بين اسرائيل التي تبحث عن الهدوء، وبين محور الاخوان المسلمين الذي يبحث عن الاشتعال، توجد السلطة الفلسطينية وابو مازن اللذين يلعبان لعبة مزدوجة. ابو مازن يتحدث ظاهرا عن احتجاج متحكم به، ولكنه بالتوازي يعد (فور خطاب ترامب) بان “كل الاماكن المقدسة في القدس ستثور على كل محاولة لتغيير هويتها”. هذا اللسان المزدوج يحل اللجام! ومفتي السلطة الفلسطينية محمد حسين هو الاخر، الذي قاد مع آخرين “احتجاج البوابات الالكترنية” عاد الان ايضا ليستخدم الحرم كأداة للحفر وكفتيل لاشعال النار. فقد أعلن حسين، حتى قبل تصريح ترامب بان سكان القدس العرب، الفلسطينيين وكل المسلمين لن يسلموا بالاعتراف بالقدس كعاصمة اسرائيل وانهم “سيفعلون كل شيء لاحباطه”.
ان الشكل الذي ستنتهي فيه اليوم الصلاة في الحرم وفي المساجد في القدس وفي الضفة ستعرفنا بالتالي بقدر غير قليل على ما ينتظرنا لاحقا.
هآرتس / كم ستكلف مقامرة ترامب.. وهل ستنجح اسرائيل في خفض ألسنة اللهب
هآرتس – بقلم عاموس هرئيل – 8/12/2017
السفر الى القدس صباح أمس كان مصحوبا بمشاعر مختلطة. الاعلان الامريكي في مساء اليوم السابق بشأن الاعتراف بالمدينة كعاصمة لاسرائيل مبرر تاريخيا. ايضا عندما يأتي ذلك من شخصية مخيفة مثل الرئيس دونالد ترامب. الردود العدائية في العالم العربي والعالم الاسلامي، وفي اعقابهما الذهول التلقائي في المجتمع الدولي، لا تعبر فقط عن المشاعر الدينية المرتبطة بكل خطوة في القدس. على المستوى الاكثر عمقا هي تعبر عن عدم تسليم الفلسطينيين (وربما العرب بشكل عام) بوجود اسرائيل في المنطقة.
رئيس الحكومة نتنياهو سجل لنفسه في هذا الاسبوع انتصار دبلوماسي بارز، كما أن الاعلان الامريكي فتح الباب أمام دول اخرى، ومنها التشيك والفلبين، للاعلان عن اعترافها بالقدس كعاصمة لاسرائيل وربما نقل سفاراتها اليها. كما أن هذا يعتبر انتصارا سياسيا بالنسبة لنتنياهو لأنه لا يوجد أي منافس أو شريك في الاحزاب الموجودة على يمين ميرتس، يتجرأ على السماح لنفسه بالتحذير من نتائج هذا القرار.
ولكن لأن جهود المذيعين، ولا نريد التحدث عن وزراء واعضاء كنيست، لمنح الاعلان زخما احتفاليا ورسميا، سمعت أمس وكأنها قسرية. أولا، لأنه من الواضح أن اعتبارات ترامب لا ترتبط فقط بالحب غير المحدود للعاصمة الأبدية للشعب اليهودي. يبدو أن الرئيس فعل ذلك اساسا لأنه من المهم بالنسبة له أن يظهر افضل من كل أسلافه في البيت الابيض (“هم فقط صرحوا وأنا نفذت”). ولأنه لا يرغب في أن يقولوا له ما الذي يمكنه القيام به وما الذي لا يمكنه القيام به. ثانيا، وربما هو الاهم، لأن التداعيات المحتملة لقرار ترامب اصبحت تحلق في الجو.
يوجد هناك من يتفاخرون تقريبا بالافتراض الاسرائيلي والغربي وكأن العرب والفلسطينيين هم نوع من الكتلة الانسانية الكبيرة التي لا يوجد شكل لها (“الشارع”)، والتي كل ردودها على الخطوات السياسية تتركز في ردود فعل غاضبة، عنيفة ومنفلتة العقال. وامكانية اندلاع موجة احتجاج واسعة هنا تكلف سفك الدماء ما زالت امكانية معقولة.
حماس دعت أمس الى انتفاضة احتجاج، بالتأكيد كجزء من المنافسة مع السلطة الفلسطينية على قيادة الاحداث. في اجهزة الامن الاسرائيلية التي يجب عليها تقدير الاحتمالات الاسوأ، تم اتخاذ قرار ارسال عدد من الوحدات القتالية الى الضفة الغربية وتعزيز قوات الشرطة في القدس. في الاسابيع والايام القادمة ستتضح نتائج مقامرة ترامب، الذي كان نتنياهو كما يبدو شريكا له، على الاقل في المعرفة المسبقة.
تاريخ القدس سبق له وقدم المادة المتفجرة التي اشعلت المنطقة في احداث الحرم في العام 1990، وفي احداث نفق حائط المبكى في 1996، وفي الانتفاضة الثانية في 2000 (بعد زيارة اريئيل شارون في الحرم) وموجة قصيرة نسبيا من العمليات في خريف 2014. غدا ستحل بالصدفة الذكرى السنوية الثلاثين لحادثة شديدة وعنيفة اندلعت في المناطق في ظروف اخرى – الانتفاضة الاولى.
معركة صد داخلية
امكانية اندلاع اعمال عنف في القدس وفي المناطق وربما حتى في الوسط العربي في اسرائيل (يصعب تخيل الشيخ رائد صلاح يمر مرور الكرام على فرصة كهذه لتأجيج العنف)، تقتضي الآن من القيادة الاسرائيلية والقيادة الامنية القيام بعملية ضرورية ومتزنة.
في المحاضرة التي ألقاها أول أمس في معهد اسرائيل للديمقراطية في القدس، وصف رئيس هيئة الاركان آيزنكوت الطريقة التي استطاعت من خلالها اسرائيل كبح موجة عمليات الاشخاص المنفردين، التي بدأت في القدس وفي الضفة الغربية في تشرين الاول 2015. وقد اعترف بأنه مرت بضعة اشهر قبل بلورة رد على ارهاب من هذا النوع، الذي لم يكن له منظمين وقادة. ولكنه قال بعد ذلك، لقد نجح الدمج بين المعلومات الاستخبارية المفصلة والدقيقة والرد الحاسم على المستوى الميداني وسياسة الامتناع عن العقاب الجماعي الواسع في خفض مستوى اللهب. “نحن نمتنع عن فرض الاغلاق والحصار”، واضاف “هذا لا يخدم تنفيذ المهمة ايضا حتى لو كان الارهاب يثير الغضب جدا ودمنا يغلي”. وقد تحدث رئيس الاركان عن شخصية فلسطينية رفيعة التقت مع المستوى الامني الاسرائيلي بعد وقت قصير من تهدئة النفوس. وحسب اقواله، هذه الشخصية قالت لمحدثيها إن العنف على الارض لم يتطور الى انتفاضة شاملة قبل سنتين لأن الجمهور على الارض رأى أن الجيش الاسرائيلي تصرف بصورة عقلانية جدا وميز بين السكان وبين الارهابيين”.
في الطريق الى معهد الديمقراطية تجول رئيس الاركان في الخليل لأخذ الانطباع عن استعدادات الجيش الاسرائيلي لاحتمالية التصعيد القريبة. ومن المعطيات التي تم تقديمها له، تبين أنه في 2017 سجلت حتى الآن 56 محاولة طعن من قبل الفلسطينيين في المدينة، 53 من المنفذين تم اعتقالهم قبل تنفيذ العمليات دون اطلاق نار. 3 محاولات انتهت بمصابين. هذا مقابل 39 محاولة للقيام بعمليات، 17 منها نجحت في 2016. هذا التحسن الكبير تحقق بفضل التغييرات في الاستعداد في الحواجز وبفضل التكنولوجيا التي استخدمت من اجل زيادة نجاعة جهود الاحباط.
خطاب آيزنكوت سمع وكأنه رسم لطريقة تعامل اسرائيل مع الموجة القادمة في حالة اندلاعها. اذا كانت اعمال عنف في القدس فيجب أن يتعامل معها لواء القدس في الشرطة والمفتش العام للشرطة روني الشيخ (ومن المهم رؤية كيف سيتعامل مع مكتب رئيس الحكومة، على خلفية التوتر الشديد في موضوع التحقيقات). وتحت قيادة رئيس الاركان تعمل في المناطق سلسلة قيادات لها تجربة، على رأسها قائد منطقة الوسط روني نوما وقائد قوات جيش الدفاع في الضفة العميد عران نيف.
روني نوما قاد السياسة على الارض في موجة الارهاب الاخيرة. ونيف يعرف جيدا المنطقة بصفته كان قائد كتيبة في ذروة الانتفاضة الثانية (هو الضابط الذي تغلب في نهاية المطاف على المخربين في العملية الشديدة في “طريق المصلين” في الخليل في 2002، كقائد للواء في الضفة وقبل ذلك ضابط قسم العمليات لفرقة الضفة الغربية)، تحت قيادة آيزنكوت في الفترة التي نجح فيها الجيش والشباك في كبح ارهاب الانتحاريين. هذه مجموعة عقلانية ومتزنة سبق لها أن شاهدت كل شيء على الارض.
جزء مما تغير في الواقع في السنوات الاخيرة يتعلق برد الجمهور الاسرائيلي. آيزنكوت تطرق الى ذلك فقط باختصار في محاضرته في معهد الديمقراطية، لكن من الواضح أن الانقسام حول أوامر فتح اطلاق النار، وفي الاساس محاكمة اليئور ازاريا، أثرت بشكل كبير على العلاقة بين الجيش الاسرائيلي والمجتمع. مطلوب هنا معركة كبح ازاء غضب الجمهور، الذي قام باشعاله سياسيون كثيرون. في نهاية المطاف، رئيس الاركان والنيابة العامة وقضاة المحكمة العسكرية ورئيس الدولة تمكنوا من صد هذا الاندفاع، لكن هذا موقف له ثمن في العلاقة بين اليمين المتطرف ورئيس الاركان، وبيقين رئيس الدولة.
في برنامج “المصدر” في القناة العاشرة تم بث مقابلة هامة اجريت مع القاضي المتقاعد تسفي سيغل، الذي كان الروح الحية ضمن الهيئة التي رفضت استئناف الجندي الذي أطلق النار. في تطرقه الاول في المحاكمة هاجم سيغل أداء القيادة الميدانية في الخليل زمن الحادثة. كيف حدث ذلك؟ تساءل، أن أحدا من القادة لم يوبخ ازاريا فور اطلاقه النار على المخرب الملقى والجريح الذي لا يستطيع الحركة.
ما يؤسفنا ويخيب أمالنا أنه كان هناك صمت، قال سيغل وأضاف”إن حقيقة أن لا أحد من القادة والجنود أظهر صدمته من الحادثة تمنحنا أساس للتفكير، لا سمح الله، بأن أحد يمكنه أن يفكر أنه هكذا يجب التصرف – هذا أمر مقلق جدا”. “اذا كان عدم المبالاة الذي أظهره القادة والجنود بعد اطلاق النار يدل على شيء”، أضاف، “فان الامر هنا يحتاج الى تحديث دقيق جدا لما هو مسموح وما هو محظور”.
في الطريق الى القاء الخطاب في المؤتمر، جرت عاصفة في الانترنت من جانب مواقع وتغريدات من اليمين، جاء فيها أن رئيس الاركان سيظهر في “مؤتمر منظمة يسارية متطرفة”. هذا اسلوب مكارثي ثابت لخلق قوائم سوداء، وبداية هجوم على الصندوق الجديد لاسرائيل حتى في العقد السابق. كل تنظيم ليبرالي أو يساري يتم وسمه فورا كيسار متطرف مناهض للصهيونية، ويتم بذل محاولات لاخافة ممثلي مؤسسات الدولة والنيابة وحتى الجيش من التعاون مع هؤلاء الخونة والخطيرين.
آيزنكوت تجاهل الضغط ومثله المستشار القانوني للحكومة مندلبليت الذي ظهر في المؤتمر في اليوم التالي. يبدو أنه تم وسمهما منذ فترة في عدد من وسائل الاعلام اليمينية من اجل مهاجمتهما في كل مرة تكون لديهم ذريعة لذلك.
الورقة الامنية
في ذروة التحقيقات في الفساد الآخذة في الاتساع ضده وضد مقربيه، ما زال نتنياهو يمسك بورقة قوية في الساحة العامة. تأثير هذه الورقة يكمن في الصدمة التي ما زالت تشكل الوعي السياسي في اسرائيل منذ أكثر من عقد بعد انتهائها: الموجة الفظيعة للعمليات الانتحارية اثناء عملية اوسلو والانتفاضة الثانية.
يبدو أن نتنياهو ايضا يعتبر في نظر الكثيرين وكأنه الرجل الوحيد في الحلبة الذي يحضر معه رزمة سياسية وأمنية غنية بما يكفي من اجل التعامل مع امكانية حرب أو موجة ارهاب قاتلة اخرى. إن غياب تجربة مشابهة لمنافسيه يئير لبيد وآفي غباي (ومن اليمين نفتالي بينيت) يعمل في غير صالحهم.
في الوقت الذي توضع فيه الشمبانيا والسيجار على كفة الميزان، وفي المقابل توضع ذكرى الحافلات المتفجرة – هناك مصوتون كثيرون يتملكهم الخوف الامني الذي يقع في مستوى أعلى من التوق الى ادارة سليمة خالية من الفساد.
في خطاباته المتكررة مثلما في الافلام القصيرة “هذا لن تسمعوه في وسائل الاعلام”، التي يكثر من نشرها في الفيس بوك مؤخرا، اعتاد رئيس الحكومة على التأكيد على أن الدولة تتمتع بنمو اقتصادي لا مثيل له. فهو يصف اسرائيل كمنارة للتكنولوجيا والعلم والمعرفة، التي يبدد توق الدول الاخرى في التعلم منها التنبؤات المتشائمة بشأن العزلة الدبلوماسية المتوقعة لها في اعقاب استمرار سيطرتها على المناطق.
في ادعاءات نتنياهو ترتبط معا ثلاثة فرضيات اساسية، الاولى، أن الكيمياء بينه وبين ترامب ستحمي اسرائيل من أي سوء. الثانية، أن المصالح المشتركة بين الدول السنية والتعاون الامني الذي يجري حسب التقارير من وراء الكواليس، تدفع القضية الفلسطينية الى الهامش في أجندتها. الثالثة، أن العلاقة الوثيقة التي نجح في نسجها مع الرئيس بوتين منعت تورط اسرائيل مع سلاح الجو الروسي في سوريا، وساعدت في الحفاظ على احتياجاتها الامنية في الجبهة الشمالية فيما بعد.
يبدو أن نتنياهو قد حظي بتأييد لتحليله أول أمس عند اعلان ترامب، لكن ربما أن الاحداث الاخيرة تطرح تساؤلات كثيرة حول فرضياته. اسرائيل ما زالت لا تعرف بالتأكيد كيف ستبدو مبادرة السلام
الامريكية في القناة الفلسطينية. والمتوقع كما يبدو استمرارا لاعلان القدس، وأية تنازلات ستطلب من اسرائيل من اجل أن يستطيع الرئيس الامريكي القول إنه حقق العملية السياسية.
في الخلفية تتطور مشكلة اخرى ما زالت شأن امريكي داخلي: التقارير الاخيرة حول التحقيق الذي يجريه النائب العام الخاص، روبرت مولر، تدلل على أنها لا تتعلق فقط بعلاقات محظورة من قبل كبار رجالات حملة ترامب مع الروس، بل تتجاوز ذلك لتصل الى العمليات التي نسجها رجال ترامب مع اسرائيل، حول التصويت على المستوطنات في مجلس الامن في أواخر عهد اوباما. الادعاءات القديمة، وكأن القدس تدير واشنطن من خلف الكواليس، يتوقع أن تظهر بشدة اكثر، خاصة على خلفية مشاركة الكثير من اليهود في طاقم السلام للرئيس.
وبالنسبة لنا، فان اعلان ترامب يمكن أن يشعل مجددا التوتر بين اسرائيل والفلسطينيين، ويعتم على أحد انجازات نتنياهو الكبيرة في الاونة الاخيرة: الهدوء الامني النسبي الذي تم الحفاظ عليه في الساحة الفلسطينية منذ اشهر طويلة. العلاقة الخفية والعلنية مع الدول السنية، واساسا الاردن والسعودية، ستدخل الى امتحان قاس على خلفية الادانات العربية لاعلان ترامب.
بالنسبة للجبهة الشمالية فان اصرار ايران على مواصلة التواجد في جنوب سوريا، وفي اعقاب ذلك الهجوم الجوي المنسوب لاسرائيل، تواجه في هذه الاثناء بلامبالاة روسية، على الاقل نحو الخارج. إن استمرار التصعيد من شأنه أن يؤدي الى تصادم بين اسرائيل وايران.
سفير اسرائيل في الولايات المتحدة، رون ديرمر، قال في هذا الاسبوع في مقابلة مع موقع امريكي في الانترنت “بوليتيكو” بأن حرب في الشمال، بالذات في الاراضي السورية، أصبحت امكانية قريبة اكثر. هنا يثور الشك اذا كانت علاقة نتنياهو – بوتين تساعد اسرائيل في تحقيق اهدافها امام ايران، وبالتأكيد اذا كانت ستساعد على منع الحرب.
يديعوت / لنستغل الفرصة
يديعوت – بقلم عميرام لفين -8/12/2017
القدس هي عاصمة اسرائيل، هذه حقيقة ولا تحتاج الى اعتراف بذلك من أحد. ينبغي الترحيب بمثل هذا الاعتراف الامريكي، ولكن من المهم أن نتذكر بانه في منظومة العلاقات الدولية، لا توجد هدايا مجانية. ينبغي الافتراض بان الحديث يدور عن خطوة أولية قبيل عرض خطة سياسية أوسع.
ان تصريح الرئيس ترامب هو قبل كل شيء بشرى هامة لاسرائيل ولمكانة القدس كعاصمتها. وفي تصريحه يثبت ترامب جديته والتزامه بتنفيذ وعوده الانتخابية والتزامه تجاه دولة اسرائيل. هذا مشجع وهام لان ترامب قال عدة مرات انه سيعمل على الوصول الى تسوية والى حل النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين.
توجد هنا فرصة، والفرصة يجب تشخيصها في الوقت المناسب، والاهم من ذلك اتخاذ المبادرة واستغلالها.
هذه هي المرة الاولى بعد زمن طويل يتلقى فيها الفلسطينيون ضربة في الساحة الدولية في موضوع هو ذو أهمية رمزية كبيرة من ناحيتهم. على الفلسطينيين أن يفهموا بان هناك ثمنا للارهاب وهناك ثمنا لعدم الفعل. حتى لو كان يخيل لهم بان الزمن يعمل في صالحهم، يتبين انه عندما يمتنعون عن عمل ما يمكن للوضع ان يتغير في طالحهم، واذا لم يردوا على التغيير بسرعة، يمكن لهذا أن يكون متأخرا جدا. غضب الفلسطينيين مفهوم ولكنه ليس الاساس. هذا هو الوقت لدعوة الفلسطينيين لان يروا في تصريح ترامب فرصة للعودة الى المفاوضات والى التقدم نحو اتفاق بروح حل الدولتين. هذا هو الوقت الذي يتعين فيه على اسرائيل أن تبدي عظمة روح وتلتزم بانه عندما نصل الى الاتفاق على حدود متفق عليها، فان الفلسطينيين هم الذين يقررون عاصمتهم واسرائيل لن تتدخل.
رئيس الوزراء نتنياهو ملزم بان يرى في التصريح فرصة، وأهم من ذلك ان يتخذ مبادرة ويستغلها. عليه أن يتخذ الان مبادرة سياسية وان يستغل الواقع الجديد لتقدم الاتفاق مع الفلسطينيين. اذا ما اغري لان يرى في تصريح الرئيس ترامب احتفالا قصيرا بالنصر فقط، يحتمل جدا أن يتبين بانه قصير جدا.
معاريف / فن الصفقة
معاريف – بقلم الوف بن دافيد – 8/12/2017
هذا كان اسبوعا مثل مرة اخرى كم نحن كلنا عالقون في الوقفة – يمين أم يسار – ويصعب علينا خوض نقاش موضوعي. فبينما معظم الدولة احتفلت، وعن حق، بالخطوة التاريخية والمؤثرة للرئيس دونالد ترامب، كان هناك من قشروا وشرحوا بادعاء بالمعرفة لماذا لن تجدي الخطوة نفعا أو أن توقيتها مغلوط. يبدو أن عددا كبيرا منا يعرفون أنفسهم من خلال الكراهية للمعسكر الآخر.
خطوة ترامب دراماتيكية وهي ستعطي الاصداء. فقبل سنة بالضبط انتقم منا الرئيس براك اوباما في خطوة احادية الجانب في مجلس الامن، سجلت في كتب التاريخ. أحد لم يحتج في حينه على أن الولايات المتحدة تتخذ خطوة تغير الوضع الراهن. جاء ترامب هذا الاسبوع فعدل الميزان واتخذ هو ايضا خطوة احادية الجانب ستكتب في سجل التاريخ. لن يتجرأ أي رئيس امريكي على الغاء الاعتراف بالقدس كعاصمتنا، واذا انتقلت السفارة الى هناك فهذا سيكون الى الابد. ستكون ايضا سفارات اخرى تسير في اعقاب الامريكيين.
معظم من كتب في وسائل الاعلام استنفدوا ترسانة التعابير المطلقة الهازئة التي يمكن الصاقها بترامب، ولكنه اصلح هذا الاسبوع ظلما تاريخيا يعود الى 69 سنة. منذ نشأنا، ونحن الدولة الوحيدة في العالم التي لا تعترف أي دولة اسرائيل بعاصمتها. وبالمناسبة، فان الكثير من الدول التي حرصت على شجب تصريح ترامب سبق أن اعترفت في الماضي بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
شرح محللون كثيرون الخطوة من زاوية نظر أمريكية داخلية: ترامب ملتزم بتصريحه الانتخابي ويريد أن يرضي المعسكر اليميني الافنجيلي من ناخبيه. ربما نحن، في اسرائيل اعتدنا منذ سنوات طويلة على زعامة لا تتصرف الا انطلاقا من مثل هذه الاعتبارات، ولكن في حالة ترامب هذا تحليل ضحل. ينبغي للمرء ان يكون أعمى كي لا يرى الخطوة التي يطبخها هنا. فليس صدفة انه اطلق الاعلان في ساعة البث الاسرائيلية العليا وليس الامريكية.
منذ انتخب ترامب وهو يفهم بان وحدها خطوة دولية مدوية يمكنها أن تنقذ ولايته واسمه. فقد كان يفرحه ان يصفي الطاغية من كوريا الشمالية، ولكن كما يبدو هذا – ليس لديه المعلومات اللازمة لمثل هذه العملية. وعليه، فكاتب كتاب “فن الصفقة” يستثمر في المكان الذي يبدو له انه يمكنه أن ينجح: عقد صفقة بين اسرائيل والفلسطينيين. وبالفعل فهو يبدو مثل الرئيس الامريكي الاول الذي له احتمال في أن ينجح في المكان الذي فشل فيه كل أسلافه. لديه شرق أوسط مختلف تماما عن ذاك الذي كان في الماضي ولديه الطبيعة الملائمة ليقود الطرفين (حتى ولو بالقوة) الى اماكن لم يتجرآ حتى الان على زيارتها.
في اليوم الذي سبق الاعلان أجرى محادثات مع كل زعماء العالم العربي. نحن لا نعرف كل ما قيل هناك، ولكن ردهم بعد هذه المكالمة الهاتفية كان معتدلا نسبيا. يمكن الافتراض بان ترامب شرح لهم، مثلما شرح لابو مازن أيضا – بانه لا يعطي اسرائيل قطعة حلوى مجانية، بل لا بد سيجبي عليها المقابل. والاعتراف بالقدس يبدو كخطوة تأتي لتخفيف حدة ما سيأتي لاحقا، حلوى قبيل القرص المرير الذي سيتعين على اسرائيل أن تبتلعه في مسودة الاتفاق الذي سيعرضها ترامب قريبا.
بعد الاعتراف بالقدس أحد لا يمكنه أن يدعي بان ترامب ليس صديقا حقيقيا لاسرائيل.
غاية الصفقة
لا يمكن لنا أن نتجاهل أيضا البعد الشخصي الذي في الخطوة: فقد منح رئيس الوزراء ما يمكن ان يعتبر الانجاز الاهم لبنامين نتنياهو في كل ولاياته الاربعة. وهذه الكتف الحميمة اعطاها له ترامب في ساعته الصعبة. فالرئيس الامريكي يعرف على نحو ممتاز ما هو الشعور حين يكون المرء يخضع للتحقيق.
كان طبيعيا أن يجد نتنياهو صعوبة بكبح الابتسامة، وكان له سبب وجيه للابتسام. ولكن الاعتداد العالي بالنفس لديه يشير منذ الان بانه لم يتعلم بعد بانه لا توجد حقا وجبات بالمجان. منذ عشرات السنين وهو لا يعيش كشخص عادي، يحمل محفظة في الجيب ويكون مطالبا بان يدفع لقاء ما يأكله. ان لهدية ترامب الرائعة سيكون ثمن، ونتنياهو، مع كل ميله لنكران الجميل، لن يتمكن من تجاهل البادرة الطيبة التي تلقاها.
كل رجل أعمال سيقول لكم ان احدى القواعد في الطريق الى الصفقة هي “ان يكون المرء كبيرا في الامور الصغيرة” – اعطاء الكثير من البادرات الطيبة الصغيرة لغرض الحصول على الشيء الكبير. بالنسبة لنا كان الاعلان هدفا هائلا، اما بالنسبة لترامب فهو حتى لم يكن تنازلا: فقد كسب منه المصداقية، وهو ليس الرجل الذي يوزع البادرات الطيبة كهذه بالمجان – والحساب لا بد سيأتي، وترامب عرف كيف يحفظ لديه النصف الجذاب من البادرة الطيبة – نقل السفارة الى القدس.
لقد تحدث ترامب كثيرا في خطابه عن السلام، ولكنه سيسعى الى غاية عملية أكثر “للصفقة”: لا السلام ولا بداية صداقة شجاعة بين الاسرائيليين والفلسطينيين؛ اتفاق يفصل بيننا وبينهم، يتطلب توافقات أليمة من الطرفين ويمكن له اليوم، باسناد من المحور السني الجديد ان يفرض عليهما الاثنين ويلي ذراعيهما مثلما لم يفعل اي رئيس قبله.
لقد بات هذا التصميم واضحا منذ الان في اثناء الاسبوع. ومثل اسلافه هو أيضا يتعرض لرد فعل العالم العربي في كل مرة يطرح أحد ما اقتراحا في صالح اسرائيل: “الارض ستشتعل”، يحذر الزعماء العرب على نحو تلقائي. وهذه المرة حذروا أيضا، ولكن الرئيس الامريكي هذه المرة لم ينذعر. وحقيقة أنه اثبت بانه لا يتردد في مواجهة التحذيرات ستقف في صالحه عندما سيطلب منهم تنازلات في المستقبل.
اما الموقف من الفلسطينيين وكأنهم ولد ما في كل مرة لا يعجبه شيئا ما يهدد بالعربدة وعلى الجميع أن يتنازل له، فيجب أن يتوقف. يحتمل ان يكون هناك ثمن لاعلان ترامب بمواجهات مع الجيش الاسرائيلي أو بعمليات للافراد ولكن على الفلسطينيين أن يفهموا بانهم هم من سيدفعون اساس الثمن. اذا كان اشتعال – فهم أول من سيحترقون.
والان، بعد أن تلقينا الاعتراف المتأخر، حان الوقت لان نعترف نحن ايضا بعاصمتنا: فهي من المدن الفقيرة في اسرائيل. اقل من نصف من سكانها الراشدين يعملون، ومعدل التلاميذ فيها ممن يستحقون الثانوية يبلغ نحو الثلث. فيها مخيمات لاجئين لم تطئها قدم اسرائيلي، واحياء اصولية لا يمكن لجندي من الجيش الاسرائيلي أن يقطعها وهو يلبس البزة العسكرية.
أكثر من ثلث سكان القدس هم فلسطينيون. فهل شعفاط وكفر عقب هم جزء من عاصمة الشعب اليهودي؟ هل الاغلبية الصهيونية مستعدة لان تترك العاصمة لحالها تحت سيطرة اليهودية الاصولية؟ بعد 69 سنة من اعلاننا عنها كعاصمة ومع اعتراف امريكي، حان الوقت الان ننظر من جديد الى حدود وطبيعة عاصمة اسرائيل.
هآرتس / سبب للقلق
هآرتس – بقلم حيمي شليف – 8/12/2017
في حين أن اسرائيل ترى في اعلان ترامب خطوة محقة ومرغوب فيها تأتي من رئيس صديق حميم ومؤيد، فان معظم العالم يضعها ضمن سلسلة القرارات الاستفزازية والمتحدية. اذا تحول الغضب الى اعمال دموية فان هذا الاعلان لن يُذكر بالخير.
يمكننا تفهم النشوة التي تتملك اسرائيل الرسمية ازاء اعلان الرئيس ترامب أمس عن الاعتراف الامريكي بالقدس كعاصمة لاسرائيل، ايضا حتى لو لم ننجر الى تصريحات مرغوبة حول وجود اسرائيل الى الأبد أو 3 آلاف سنة من الشوق، فان الامر يتعلق بعملية تاريخية حقيقية، كما وصفها بنيامين نتنياهو. المشكلة هي أنه باستثناء اسرائيل واليمين الذي يؤيدها فان معظم العالم لا يعتقد بوجود حاجة الى هذا الاحتفال، بل ان هذا يدعو الى الغضب والقلق.
الاعلان لا يغير أي شيء على الارض، كما هو معروف، لكنه يخرق الوضع الراهن الرسمي للمجتمع الدولي. هذا الاعلان يزيل فعليا تمسك واشنطن الذي استمر لفترة طويلة بصيغة “الجسم المنفصل”، التي اصلها في خطة التقسيم من 29 تشرين الثاني 1947، التي جاء فيها أن القدس ستدار من قبل سلطة دولية خاصة. هذا الاعلان ايضا ينحرف عن الاجماع الدولي القائم منذ العام 1967 والذي يقضي بأن الوضع الرسمي للقدس سيتم تقريره بالتفاهم والتفاوض بين الطرفين. ورغم التحفظات التي حددها ترامب بأن الاعتراف يسري على حدود المدينة كما ستقرر في المستقبل، أحادي الجانب، فان الاعلان يشمل سيطرة اسرائيل في القدس ويضعف ادعاء الفلسطينيين بأنها عاصمة لهم.
الاصداء التاريخية للاعلان ستتشكل بواسطة تداعياته. لا شك أن اعلان ترامب الذي جاء رغم التحذيرات الدولية من البابا ومرورا باوروبا وحتى ملك السعودية وملك الاردن، يضع القدس على رأس العالم العربي بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص. في حالة تلخص غضبهم بالمظاهرات في غزة ورام الله فان اعتراف ترامب سيستطيع الصمود بذاته، ولكن اذا تحول الغضب الى اضطرابات دموية والى اضعاف السلطة الفلسطينية واحباط مبادرة السلام الامريكية أو ضعضعة الاستقرار الاقليمي، فانه سيسجل كوصمة عار أبدية وخطوة متهورة لرئيس غير متزن، قام بعمليات خطيرة دون أن يعرف ما الذي يفعله.
هذا هو عقب اخيلوس الاساسي للعملية. في حين أن اسرائيل ترى فيه عملية محقة ومبررة ومرغوب فيها من جانب رئيس حميم ومؤيد، فان معظم العالم يضع هذا الاعلان ضمن القرارات المتحدية والاستفزازية التي اتخذها ترامب ضمن سلسلة طويلة من المواضيع الدولية والداخلية، من التخلي عن ميثاق منع الانبعاث الحراري العالمي واتفاق التجارة الحرة في الباسفيك وحتى منع هجرة المسلمين الى الولايات المتحدة والاضرار بالعلاقات مع الناتو ودول اوروبا الغربية. في الولايات المتحدة ايضا، معظم الردود كانت سلبية، ربما لأنه يصعب توقع تعامل الرأي العام الامريكي بجدية مع الاعتراف بالقدس، حيث يقوم ترامب بكسر الاعراف الاساسية في السياسة ويمنح الدعم الكامل للمرشح الجمهوري في الانتخابات التي ستجري في الاسبوع القادم في الاباما، الذي تراكمت ضده دلائل كثيرة وثابتة حول اقامته علاقة محظورة مع شابات وقاصرات. باستثناء الاسرائيليين انفسهم، لا أحد يعتقد أن اسرائيل معفية من هزلية ترامب في مواضيع اخرى.
في حين أن اسرائيل ومؤيديها من اليمين والافنغلستيين في الولايات المتحدة يرون في اعتراف ترامب بشرى تاريخية يمكن أن يروا فيها ايضا طرقات المسيح، فان باقي العالم ينظر الى هذه الهدية كبادرة حسن نية وعمل عادي. اعتراف ترامب يعتبر في اسرائيل كسر للمقاطعة الدولية الرسمية للقدس كعاصمة اسرائيل، الامر الذي يؤكد الى أي درجة اسرائيل مع مؤيديها المتحمسين في اليمين الامريكي، معزولة في مواقفها، رغم اقوال نتنياهو عن الازدهار في العلاقات الخارجية لها. في حين أن اسرائيليين كثيرين سينظرون لاعمال الاحتجاج التي يمكن أن تندلع في الايام القادمة كمحاولة تهكمية لا مبرر لها لاعدائها من اجل استغلال الاعتراف الامريكي للمس باسرائيل، فان باقي العالم سيلقي المسؤولية عن سفك الدماء على ترامب ونتنياهو، الذي يعتقد الكثيرون أنه جر الرئيس من أنفه. وفي حين أن جهات يمينية في اسرائيل يمكن أن تحتج على الكعكة التي حاول ترامب رميها للفلسطينيين ومن بينها ابقاء مدخل للتقسيم المستقبلي للمدينة وذكره لحل الدولتين – لكن ليس دعمه – فان معظم العالم يرى في هذا حسن نوايا فارغ وغير متزن.
مع ذلك، الفلسطينيون يدينون بالشكر لترامب على الاقل على شيء واحد: لقد أعادهم الى العناوين الرئيسة، في الولايات المتحدة ايضا، بعد غياب شهور كثيرة. الآن بقي أن نرى هل الامر يتعلق بفترة زمنية آنية، التي بعدها ستعود المياه الى مجاريها، أو أن الفلسطينيين ومؤيديهم سيحاولون استغلال الزخم واحداث اخلالات من اجل تذكير العالم أنهم موجودون. فقط عندها سنعرف هل اسرائيل خرجت رابحة من خطوة ترامب أو أن الثمن التاريخي سيكون باهظا ومؤلما في الواقع.
هآرتس / من اجل أن تبقى اسرائيل هي إسرائيل
هآرتس – بقلم شاؤول اريئيلي – 8/12/2017
“أنت لا تستطيع أن تدخل الى نفس النهر مرتين”، هذا ما كتبه الفيلسوف اليوناني هركليتوس في القرن الخامس قبل الميلاد. يبدو أنه ليس هناك الكثير من وزراء حكومة اسرائيل وجدوا الوقت من اجل قراءة هذه الجملة القصيرة واستيعاب معناها بخصوص مستقبل الضفة الغربية. ويبدو أنهم يؤمنون بأن الضم من اجل مشروع الاستيطان هو أمر غير مشكوك فيه.
عدد منهم يؤسسون ايمانهم على اعتباره استكمال لمرحلة “بداية الخلاص” للحتمية الواردة في نظرية الحاخام كوك الذي كتب في لندن في العام 1917 بخصوص وعد بلفور: “كل شخص يمكنه النظر الى ما هو موجود خلف المظاهر الخارجية الظاهرة للعيان، سيرى أن يد الله هي التي تقود التاريخ ومن شأنها أن تقود هذه العملية الى نهايتها”. ولكن الاغلبية ما زالوا يؤمنون بأن نجاح دولة اسرائيل في الحصول على الاعتراف الدولي بضم المناطق المحتلة في حرب الاستقلال سيكرر نفسه ايضا بالنسبة للضفة الغربية التي احتلتها في حرب الايام الستة. أو على الاقل هم يؤمنون بأن العالم سيصمت ويعتاد على واقع الاحتلال. ولكن الامر ليس هكذا.
الهدف السياسي للحفاظ على المناطق التي احتلت من قبل اسرائيل في حرب الاستقلال وخصصت في قرار التقسيم للدولة العربية – عن طريق وضع حقائق غير قابلة للرجعة على الارض والتي اساسها تغيير الميزان الديمغرافي وتخلق هيمنة في المجال – تم تحقيقه في ظل ظروف اساسية مختلفة، وحتى أنها مختلفة عن تلك الموجودة في الضفة الغربية منذ العام 1967. إن قلة الفهم التي تظهرها حكومة اسرائيل بخصوص الفروقات بين الظروف القائمة اليوم والظروف التي سادت في 1949 – من خلال تجاهل الواقع والعوامل الضاغطة على أمل أن يكرر التاريخ نفسه وخلق واقع مرغوب فيه، تقود الى تحقيق نفس ذلك الهدف السياسي – هي وصفة مؤكدة للانزلاق نحو الكارثة. المقارنة بين الظروف التي سادت في 1949 والظروف اليوم لا تترك أي مجال للشك.
أولا، موقف النظام الدولي. في 1949 كان تأييد النظام الدولي لاسرائيل وخطواتها بسبب عوامل كثيرة: الكشف عن فظائع الكارثة، التي أثارت الشعور القوي بالذنب في دول كثيرة؛ موافقة اليشوف اليهودي على قرار التقسيم (181)، المدعوم من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وفي المقابل رفضه من العرب في ارض اسرائيل وفي العالم العربي؛ قيام العرب بشن الحرب من اجل الغاء قرار التقسيم، خلافا لتحذيرات الامم المتحدة؛ رؤية الامم المتحدة التي قالت إن اتفاقات الهدنة التي وقعت في 1949 هي القاعدة لاتفاق السلام في المستقبل، والتي سيتم فيها تحديد الحدود الدائمة؛ والأهم من ذلك حقيقة أن اسرائيل تم اعتبارها من قبل النظام الدولي دولة تحب السلام والمصالحة، تحارب على وجودها الطبيعي مقابل الرفض العربي المستمر للاعتراف بها والتوقيع على اتفاقات سلام معها. ورغم ذلك، الواقع السياسي الدولي منذ العام 1967 مختلف تماما: إن صيغة “الارض مقابل السلام” لتسوية النزاع (حسب قرار مجلس الامن 242) وضعت وتمت الموافقة عليها من جميع الاطراف، بما في ذلك اسرائيل. لقد وقعت مصر والاردن على اتفاقات سلام مع اسرائيل وهما تحرصان على احترامها منذ عشرات السنين؛ الجامعة العربية تعود وتصادق منذ 15 سنة على مبادرة السلام العربية التي ترتكز على القرار 242؛ م.ت.ف اعترفت باسرائيل بقرار 242 و338، وهي تحظى الآن بمكانة دولة مراقبة في الامم المتحدة؛ وأخيرا، اسرائيل تعتبر في نظر الرأي العام العالمي رافضة للسلام وتُخل بصورة فظة بالمواثيق الدولية عن طريق عمليات الاستيطان في الضفة الغربية وشرقي القدس.
ثانيا، الميزان الديمغرافي – المناطقي. نجاح اسرائيل في الحصول على اغلبية يهودية وسيطرة على المكان بعد حرب الاستقلال استند الى أن 711 ألف فلسطيني (أكثر من نصف عرب ارض اسرائيل الانتدابية) تحولوا الى لاجئين، ولم يعودوا الى اسرائيل عند انتهاء الحرب. أكثر من 400 قرية فلسطينية هجرت وتم تخريبها. اسرائيل شهدت في سنواتها الاولى موجات هجرة كبيرة للناجين من الكارثة في اوروبا ويهود الدول العربية وايران والعراق، والتي قلصت نسبة العرب في الدولة الشابة الى 16 في المئة فقط. في المقابل، في حرب الايام الستة كان عدد اللاجئين الفلسطينيين أقل بكثير، 250 ألف شخص، واغلبية السكان العرب بقوا في بيوتهم، باستثناء قرى معدودة تم تدميرها، القرى الاخرى بقيت كما هي وسكانها استمروا في فلاحة اراضيهم. منذ العام 1967 شهدت اسرائيل موجة هجرة كبيرة واحدة فقط، في التسعينيات، من دول الاتحاد السوفييتي السابق. وفي السنوات الاخرى كانت الهجرة قليلة واحيانا كان ميزان الهجرة سلبي. توقعات الهجرة المستقبلية في مكتب الاحصاء المركزي في العقود القادمة هي صفر.

ثالثا، مكانة المناطق. بعد حرب الاستقلال مباشرة طبقت اسرائيل القانون والقضاء والادارة الاسرائيلية على المناطق التي احتلتها بواسطة أوامر وقع عليها وزير الدفاع. وفي المقابل، منذ احتلال الضفة الغربية في 1967 امتنعت اسرائيل عن تطبيق القانون والقضاء والادارة الاسرائيلية على هذه المناطق باستثناء 70 كم مربع تم ضمها للقدس الغربية فور انتهاء حرب الايام الستة، في حين أن العملية التي تمت في 1949 قبلت من المجتمع الدولي، فان ضم شرقي القدس في العام 1967 وضم هضبة الجولان في 1981 رفضت بشدة من قبله. هناك تأثير اساسي لمكانة المناطق على العاملين التاليين:
رابعا، مكانة السكان العرب. في 1949 منحت اسرائيل المواطنة الكاملة للسكان العرب في المناطق التي احتلتها. هذا الاجراء عزز مكانتها كدولة ديمقراطية تمنح المساواة الكاملة في الحقوق لكل مواطنيها، طبقا لوثيقة الاستقلال (رغم أنه فعليا كان هناك تمييز ضد عرب اسرائيل). في المقابل، تم حرمان الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ العام 1967، من الحقوق الجماعية لتقرير المصير، وكذلك من حقوق المواطن الاساسية. إن اقامة السلطة الفلسطينية لم تقدم الرد على ذلك لأن السلطة لا توجد لها صلاحية كاملة بخصوص العلاقات الخارجية، الامن الخارجي والاقتصاد، وهي لا تسيطر على 60 في المئة من مساحة الضفة الغربية وعلى ربع السكان فيها (في شرقي القدس ومناطق ج). والاخطر من ذلك هو أن اسرائيل تطبق في الضفة الغربية نظامي قضاء مختلفين، لليهود والعرب.
خامسا، مكانة الاراضي. بعد حرب الاستقلال نقلت اسرائيل الى سيطرتها اكثر من 4 ملايين دونم من الاراضي الزراعية وآلاف الدونمات من الاراضي البلدية عن طريق سن قانون املاك الغائبين (بواسطة سلطة التطوير في 1951 وسلطة اراضي اسرائيل في 1960)، وقامت اسرائيل ايضا بمصادرة الكثير من الاراضي المملوكة للقرى العربية التي بقيت تحت سيادتها، في اطار الحكم العسكري الذي فرض عليها حتى كانون الاول 1966. هذه الاراضي تم تخصيصها لمستوطنات قائمة ومن اجل اقامة حوالي 300 مستوطنة يهودية جديدة حتى العام 1967. في المقابل، منذ 1967 قررت محكمة العدل العليا أن “النظام القضائي الذي يسري على هذه المناطق (الضفة الغربية وقطاع غزة)، محكوم بالقضاء الدولي العلني الذي يتناول الرؤية القتالية (ميثاق هاغ وميثاق جنيف الرابع). بناء على ذلك، لا يمكن لدولة اسرائيل مصادرة اراضي خاصة من اصحابها الفلسطينيين من اجل اقامة مستوطنات، منذ 1979 (قرار محكمة العدل العليا في قضية الون موريه). ولا يمكنها وضع اليد عليها بأمر عسكري لهذا الغرض (اذا تمت المصادقة على قانون “التسوية” فان الوضع سيتغير).
سادسا، موقف الجمهور اليهودي في دولة اسرائيل. بعد حرب الاستقلال ساد اجماع كامل في كل الاحزاب الصهيونية بخصوص مستقبل المناطق التي تم احتلالها. المستوطنون الأوائل، خلال الحرب نفسها، كانوا أبناء الكيبوتسات والحاضرات الذين استفادوا من زيادة كبيرة في الاراضي التي تم وضعها تحت تصرفهم. المهاجرون في الخمسينيات والستينيات اعتبروا المستوطنات التي أنشئت من اجلهم بيتهم الجديد. الشعور بالعدل بسبب العداء العربي في حرب الاستقلال والتهديد الامني الذي واجههم من العالم العربي بعد الحرب، عمل على توحيد المجتمع اليهودي في اسرائيل. بعد حرب الايام الستة، من المفاجيء الاشارة الى أنه بالنسبة لقطاع غزة كان اجماع كامل من قبل حكومة اسرائيل على ضمه بعد أن يتم اسكان اللاجئين الموجودين في القطاع خارج حدوده. وبالنسبة للضفة الغربية كانت الآراء مختلفة، بدء من تأييد الضم وحتى اعادتها للاردن في اطار اتفاق سلام. الآن يوجد شرخ عميق في المجتمع اليهودي فيما يتعلق بمستقبلها. اكثر من النصف بقليل من اليهود – الاسرائيليين يؤيدون حل الدولتين، والباقون يعارضونه. الكثيرون يعتبرون مشروع الاستيطان عملية تدميرية تعيق العملية السياسية، والأخطر من ذلك تهدد الهوية الاسرائيلية والنظام الديمقراطي في اسرائيل واستمرار بقائها كمجتمع موحد.
حتى العام 1967 نجحت اسرائيل في تشكيل الواقع في المناطق المحتلة في حرب الاستقلال، وأن تؤسس فيها اغلبية وسيطرة يهودية، باستثناء منطقة وادي عارة والجليل وجزء من النقب الشمالي – الشرقي. قرار مجلس الامن 242 في اعقاب انتصار اسرائيل في 1967 اعترف ضمنيا بالمناطق المحتلة في العام 1949 كجزء من ارض اسرائيل، واشترط اتفاق السلام مع الدول العربية بدون الفلسطينيين، بانسحاب اسرائيل فقط من المناطق التي احتلت في حرب الايام الستة. اذا كان الامر كذلك فان الهدف السياسي للحفاظ على المناطق المحتلة في حرب الاستقلال تم تحقيقه بعد 19 سنة، وذلك بفضل الفرصة التي سنحت بها حرب الايام الستة.
في المقابل، رغم جهود الاستيطان لمدة خمسين سنة منذ حرب الايام الستة، إلا أن الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية بعيد جدا عن تحقيق الهيمنة الديمغرافية أو المناطقية. فنسبة العرب في الضفة الغربية ما زالت تبلغ 82 في المئة، وفقط 11 في المئة من المستوطنات يبلغ عدد السكان فيها الى أكثر من 5 آلاف نسمة، وليس هناك في الضفة زراعة أو صناعة اسرائيلية هامة، و”الكتل الاسرائيلية” التي توجد فيها هيمنة يهودية ديمغرافية ومناطقية تمتد بصعوبة على مساحة 4 في المئة من اراضي الضفة الغربية. المجتمع الدولي، بدون استثناء، لا يعترف بشرعية الاستيطان أو ضم شرقي القدس. في 29 تشرين الثاني 2012 اعترفت 138 دولة بفلسطين في حدود 1967 كدولة مراقبة في الامم المتحدة. المرونة الوحيدة والهامة في هذا المجال من جانب المجتمع الدولي والجامعة العربية والفلسطينيين، هي في الموافقة على فكرة تبادل المناطق، 3 – 4 في المئة، والتي ستمكن اسرائيل من ابقاء معظم الاسرائيليين الذين يعيشون خلف الخط الاخضر في منازلهم وضمهم الى اسرائيل، مقابل مناطق بنفس المساحة ستقوم اسرائيل بنقلها للفلسطينيين.
إن مشروع الاستيطان الاسرائيلي سينجح في تشكيل الحدود الشرقية لدولة اسرائيل اذا تم التوقيع على الاتفاق الدائم، لكنه لم ينجح في اضافة ولو دونم واحد الى اراضيها. استمرارا لفكرة هركليتوس، فان مناطق 1949 ليست مناطق 1967. ايضا اسرائيل والنظام الدولي والعالم العربي والفلسطينيين ليسوا كما كانوا في 1949. ومن اجل أن تبقى اسرائيل هي اسرائيل، ديمقراطية مع اغلبية يهودية، يجب عليها تغيير مواقفها وملاءمتها مع التغيرات التي حدثت. وبقدر فهم واستيعاب هذه الفكرة من قبل الحكومة الاسرائيلية والمجتمع الاسرائيلي، سيوفرون سفك الدماء والموارد للطرفين الى حين الانفصال الحيوي لكليهما.
صحافة عبرية / إسرائيل تخشى من اندلاع مُواجهاتٍ عنيفةٍ بالقدس المُحتلّة والضفّة الغربيّة والداخل الفلسطينيّ
صحافة عبرية – 8/12/2017
تُواصل المصادر السياسيّة الإسرائيليّة التأكيد في تسريباتٍ إلى الإعلام العبري، على أنّه لا مفاجآت أعقبت إعلان ترامب عن القدس عاصمةً لإسرائيل، لا من الدول العربيّة، ولا من الدول الإسلاميّة، ولا من شرق أوروبا، ولفتت المصادر عينها إلى أنّه إذا كانت المشكلة تتركّز على دول أوروبا الغربيّة، فإنهم في إسرائيل لم يتأثروا بها، وستعمل على معالجتها، بحسب قول المصادر.
وفي هذه العُجالة، كشفت صحيفة “معاريف” العبريّة النقاب عن أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو سيتوجّه في الأسبوع المقبل إلى العاصمة البلجيكيّة، بروكسل، ليُشارك في جلسة وزراء خارجية الاتحاد الأوروبيّ، وسيعمل هناك على تخفيف حدة الرفض الأوروبي للقرار الأمريكيّ حول القدس، علمًا أنّه يتبوأ منصب وزير الخارجيّة أيضًا.
وغنيٌ عن القول إنّ اطمئنان إسرائيل، رغم حذرها وإجراءاتها الميدانية للحؤول دون تحوّل الاحتجاجات إلى انتفاضة ثالثة، يعود كما بدا من التعليقات والتسريبات العبرية إلى جملة أسباب، كان وزير الشؤون الاستخبارية يسرائيل كاتس قد أجملها بخلاصاتٍ واضحةٍ: الزعماء العرب يعتمدون على السياسة الأمريكيّة ويحتاجون إلى الأمريكيين، وكذلك يحتاجون إلى إسرائيل.
علاوة على ذلك، كشفت أمس “القناة 12″ في التلفزيون العبريّ (القناة الثانيّة سابقًا)، كشفت النقاب عن أنّ الزعماء العرب الأساسيين، أيْ الرئيس المصريّ عبد الفتاح السيسي، والملك الأردني عبد الله الثاني، وكذلك الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، كلهم متفقون على ضرورة العمل لتقليل أضرار إعلان ترامب، وعدم تحويل الموضوع إلى أزمةٍ مستمرّةٍ، على حدّ تعبير المصادر السياسيّة في تل أبيب، والتي وصفها التلفزيون الإسرائيليّ بأنّها رفيعة المُستوى.
مع ذلك، ورغم مستوى الاطمئنان المرتفع، أعربت مصادر أمنيّة إسرائيليّة عن خشية من إمكان التصعيد في أعقاب صلاة الجمعة اليوم، الأمر الذي استدعى من الجيش الإسرائيلي جاهزيةً خاصّةً لمواجهة الغضب الفلسطينيّ في أوّل جمعةٍ بعد إعلان ترامب، ومن ضمنها استدعاء عدد من الكتائب إلى الضفة الغربيّة المُحتلّة، وكذلك إصدار إجراءات وقواعد عمل ميدانية تهدف إلى احتواء رد الفعل الفلسطيني وتخفيف ما أمكن، بحسب ما ورد في صحيفة “هآرتس″، من الإصابات في صفوف المحتجين كي لا تكون الإصابات نفسها وقودًا لمزيد من الغضب، والتصعيد الفلسطينيّ الميدانيّ.
إلى ذلك، أصدرت وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة تعليماتٍ خاصّةٍ إلى رؤساء البعثات والممثليات الدبلوماسيّة الإسرائيليّة في الخارج، تقتضي التقيد بها، في أعقاب الخطوة الأمريكيّة: تشجيع التصريحات العلنية المؤيدة للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، في موازاة الدعوة إلى ضبط النفس والامتناع عن إطلاق تصريحات غير موزونة، والعمل على تسويق دعوة رئيس الوزراء لمزيدٍ من الدول إلى الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفاراتهم إلى المدينة، كما أكّدت المصادر في تل أبيب.
إلى ذلك، تساءل مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، اليوم الجمعة، ما هو الثمن الذي سيُجبى جرّاء المُقامرة التي قام بها الرئيس الأمريكيّ بإعلان القدس عاصمةً لإسرائيل، وهل ستتمكّن الأخيرة من تخفيض الاشتعال المُتوقّع في القدس وفي الضفّة الغربيّة المُحتلّة. وساق قائلاً إنّ الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة رفعت من درجة التأهب في أعقاب إعلان ترامب، لافتًا إلى أنّه في المرّة السابقة، عندما أقدمت إسرائيل على نصب بوابات أمام المسجد الأقصى المبارك تمّ احتواء الغضب الفلسطينيّ عن طريق الانضباط، ولكن، بحسب مصادره في المؤسسة الأمنيّة، فإنّ الغضب الساطع آتِ ولن يتمكّن الاحتلال من إخماد النار التي ستشتعل حتمًا، وبشكلٍ خاصٍّ بعد صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، لافتًا إلى أنّ ما يزيد الطين بلّةً أنّه لا يوجد أيّ أفقٍ لتجديد المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، على حدّ قوله.
المُحلّل الإسرائيليّ نقل عن المصادر عينها قولها إنّ الخشية لدى المؤسسة الأمنيّة تكمن في أنْ تندلع المُواجهات بين الاحتلال وبين الفلسطينيين في القدس المُحتلّة، وفي الضفّة الغربيّة، وأيضًا في الداخل الفلسطينيّ، الأمر الذي يُحتّم على صنّاع القرار في تل أبيب انتهاج سياسةٍ متزنةٍ، ولكنّها حازمة في نفس الوقت.
ولفت المُحلّل إلى أنّ القائد العّام لهيئة الأركان بالجيش الإسرائيليّ، الجنرال غادي آيزنكوط، قال أوّل من أمس في محاضرةٍ ألقاها في تل أبيب إنّ مسؤولاً فلسطينيًا اجتمع إلى مسؤولٍ إسرائيليّ بعد تهدئة الأمور عقب أزمة إغلاق بوابات الأقصى، وقال له بالحرف الواحد إنّ تصرّف الجيش المُنضبط والواقعيّ في ذلك الوقت، والتفريق بين السكّان الأبرياء وبين الـ”مُخربين”، كان السبب الرئيسيّ، الذي منع انتفاضةٍ ثالثةٍ، على حدّ تعبيره.
هآرتس / لا تحسدوا ملك السعودية المقبل.. ضربتان في أسبوع واحد تلقاهما وأمامه حقل ألغام قادم
هآرتس – 8/12/2017
هذا الأسبوع تلقت سياسات ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي من المُفتَرَض تعيينه ملكاً قريباً، ضربتَين مؤلِمَتَين، ومن الواضح أن ضرباتٍ أخرى قادمة.
وتقول صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن وضع بن سلمان لا يُحسد عليه، فمنذ أيامٍ معدودة، قَتَلَ الحوثيون في اليمن الرئيس السابق علي عبد الله صالح، بعد يومين فقط من إعلان اعتزامه “بدء صفحة جديدة مع التحالف العربي” الذي أسَّسه العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، منذ عامين. وبينما كان مقتل صالح يهز القصر السعودي، أعلن رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، يوم الإثنين 4 ديسمبر/كانون الأول، إلغاء استقالته التي كان قد قدَّمَها على خلفيةِ ضغطٍ سعوديٍ هائل.
وتشن المملكة السعودية حرباً شاملةً ضد النفوذ الإيراني في كلا البلدين، اللذين يبدو أنهما ينزلقان إلى منحدرٍ زلق. وحتى وقتٍ قريب، كانت المملكة ترعى الرئيس اليمني المُنتَخَب، عبد ربه منصور هادي، الذي يعيش في السعودية وغير قادر على العودة إلى دياره، ولا هو راغب في ذلك. وقد حلَّ قادةٌ من الجيش السعودي محلَّ منصور هادي، بينما يشنون معارك جوية ضد تجمُّعات المُتمرِّدين الذين ينحصر نفوذهم في المناطق الحضرية والجبلية.
وبعد إنفاق مليارات الدولارات في الحرب، استنتَجَ محمد بن سلمان، الذي بدأ هذه الحرب بالأساس، أن التكلفة الباهظة لا تضمن الانتصار، وأن الاعتماد على منصور هادي لا معنى له. ويُقال إن الأمير يريد أن يضع حدّاً للخسائر العسكرية وينسحب من اليمن في مقابل تسويةٍ دبلوماسية.
وكان وليّ عهد أبوظبي والحاكم الفعلي لدولة الإمارات، الأمير محمد بن زايد آل نهيان، هو من اقتَرَحَ خطة عمل مشتركة مع المملكة السعودية؛ لتمكين كليهما من مواصلة السيطرة على المجريات في اليمن. ويُقال إنه طَرَحَ على محمد بن سلمان أن يُدشِّن “ثورةً داخلية”، من شأنها أن تدفع الرئيس المعزول صالح لتغيير مساره والانضمام إلى التحالف العربي بدلاً من القتال جنباً إلى جنبٍ مع المُتمرِّدين الحوثيين.
وقدَّمَ صالح، الذي أراد استعادة منصبه، والذي كان قد شنَّ معارك ضارية ضد الحوثيين خلال حكمه، 4 شروط: حذف اسمه من قائمة العقوبات الدولية، والوعد بمنصبٍ سياسي في اليمن الجديد، وضمان سلامته وسلامة عائلته، فضلاً عن مطالباتٍ ماليةٍ تقدَّم بها.
ومن الواضح أن السعودية والإمارات قد قبِلتا بهذه الشروط، التي تضمَّنَت تنحية منصور هادي، الرئيس الشرعي، وإعلان صالح “ثورته”.
ولو لم يكن صالح قد قُتِلَ على يد منافسيه الحوثيين، فلربما صار للسعودية والإمارات رئيسٌ يمني “تابعٌ لهم” بجيشٍ موالٍ له، يمكنه مواجهة الحوثيين، لكن الخطة فشلت. وحتى اللحظة الأخيرة، حاول الحوثيون، الذين كانوا على درايةٍ بهذه الخطة، أن يقنعوه بأن يظل شريكاً لهم، لكنه قُتِلَ بعد خطابه الثوري.
أما الآن، فليس لدى السعودية والإمارات من هو جديرٌ بالترشُّح للرئاسة. وليست الخيارات جيدةً بأي حال، ومواصلة الحرب نكايةً في إيران مُكلِّفةٌ للغاية، سواء اقتصادياً أو على الصعيد الدبلوماسي. لكن المفاوضات مع الحوثيين تعني تنازلاً وخروجاً من اليمن، الذي سيظل تحت حكم الحوثيين؛ أي في كنف النفوذ الإيراني.
لقد فشلت السعودية في محاولتها إحداث تغييرٍ في النظام باليمن، وهي تدرك أنه ليس بمقدورها أن تُملي تحركاتٍ لإيقاف إيران وحزب الله حتى في لبنان، حيث تحظى بنفوذٍ مهمٍ ومباشر.
وكان وليّ العهد السعودي قد افتَرَضَ أن استقالة الحريري من شأنها أن تشل الحكومة وتتسبَّب في فوضى سياسية. لكن، كما هو الحال في اليمن، لم تكن لدى السعوديين خطةٌ لحسم اللعبة في النهاية. هل ظنوا أن الجمهور اللبناني سيدعو إلى الإذعان لمطالب المملكة، التي تتركَّز على انسحابِ حزب الله من سوريا والعراق واليمن؟ هل اعتقدوا أن إيران ستأمر حزب الله بالخروج من سوريا؟
يشير إعلان الحريري إلى أن السعودية لم تُحقِّق شيئاً. والاتفاق بين أعضاء الحكومة اللبنانية لتأييد سياسة عدم التدخُّل في شؤونِ بلدانٍ أخرى لا يمنع حزب الله من مواصلة عملياته في كل هذه البلدان الأخرى، فالإعلان ينطبق على الحكومة وليس على منظمة الحزب. بعبارةٍ أخرى، فإن التغيير السياسي الوحيد في لبنان هو تحقيق مصالح إيران وصفعةٌ على وجه السعودية.
أما عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، فهي حقل الألغام القادم لوليّ العهد السعودي. فلم يُسفِر اقتراحه بدولةٍ فلسطينية من مناطق غير متجاورة عاصمتها أبو ديس -ولن تستطيع قيادتها المطالبة بحق عودة اللاجئين- عن شيء. والآن، تنضم السعودية إلى جميع الدول العربية والإسلامية ضد اعتراف ترامب بالقدس، حيث من المُفتَرَض نقل السفارة الأميركية، عاصمةً لإسرائيل.
يبدو أن طريقاً طويلاً، على محمد بن سلمان أن يقطعه قبل أن يتمكَّن من إملاء السياسة السعودية على الشرق الأوسط.
معاريف / الجائزة وعقابها
معاريف – بقلم البروفيسور آريه الداد – 8/12/2017
أنباء طيبة وأنباء سيئة في موضوع.
لنبدأ بالطيبة: الرئيس ترامب يعترف بالقدس كعاصمة اسرائيل ويعتزم نقل السفارة الامريكية اليها. لماذا هذه أنباء طيبة؟ فبالنسبة لنا القدس هي عاصمتنا منذ 3000 سنة. الملك داود قرر فيها عاصمة مملكته وكتب فيها مزامير التهيليم. القدس هي لنا سواء اعترفت أمم العالم بذلك، مثل الرئيس ترامب أم لا تعترف بذلك، كرؤساء فرنسا، المانيا وبريطانيا. ومع ذلك، فان اعتراف الولايات المتحدة بحقيقة تعود الى 70 سنة هام جدا. مذهل فقط كيف أن المرض النفسي العميق لليهود يدفعهم لان يفزعوا ويخافوا حتى عندما تكون أنباء طيبة. كما يوجد في الاعتراف الامريكي برهان على أنه عندما يؤمن اليهود بعدالة طريقهم، ويكونوا مصممين على السير فيه ولا يفزعون من كراهية اسرائيل، من التنديدات، التجاهلات والمقاطعات – فنهايتهم ان ينتصروا. وهكذا سيكون ايضا بالنسبة ليهودا والسامرة. اذا ما آمنا بحقنا، وفرضنا سيادتنا، ولم نخف – فالعالم ايضا سيعترف بسيادتنا. بعد سنة او مئة سنة.
والان الى الانباء السيئة. الرئيس ترامب يعترف بالقدس كعاصمة اسرائيل ويعتزم نقل السفارة الامريكية اليها. ولماذا يمكن لهذه أن تكون أنباء سيئة ايضا؟ لان ترامب، كرجل اعمال لا يوزع الوجبات بالمجان. وشارة الثمن التي الصقت بهذه “الهدية” لم تنكشف بعد. ولكن مما نعرفه عن انماط تفكير “البزنسمان” الامريكي، ستكون اسرائيل مطالبة بان تدفع لقاء هذه البادرة الطيبة الهامة بعملة اقليمية في قلب وطننا: الاعتراف بدولة فلسطينية في يهودا، السامرة وفي غزة وتسليم اراضي وطننا الى “دولة” كهذه. هذه خطوة ضياع لدولة اسرائيل. وليس في اي ميزة في الاعتراف الامريكي بالقدس كعاصمة اسرائيل وزن يوازي الضرر الذي لا مرد له والذي سيلحق بنا اذا ما قامت دولة فلسطينية. وانطلاقا من المعرفة بضعف نتنياهو، وفي صعوبته في الوقوف بوجه الضغوط، ولا سيما الان ومكانته متهالكة – هناك تخوف من ان ينهار. قد يتسلى أيضا بأمل أن ينقذه هذا مثلما أنقذ شارون.
ولكن توجد مزايا اخرى للاعتراف الامريكي. وهي تجد تعبيرها مثلا في نوبة غضب اردوغان. فهو يهدد بقطع العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل. لا يمكن بالطبع ملامته على ذلك. فهو كاره معروف وواضح لاسرائيل. مؤيد لحماس. يقاتل ضدنا في كل ساحة دولية. من الصعب ان نفهم لماذا استسلم نتنياهو له، أهان اسرائيل، اعتذر عن تصفية مخربي مرمرة ودفع تعويضات من أموال ضرائبنا. فاردوغان لم “يطبع” العلاقات الا كي يتمكن من ابقاءها كرهينة. واذا كان نتنياهو مستعدا لاهانات كهذه لقاء سلامة العلاقات، فيبدو أنها هامة له، ويمكن من خلالها ابتزاز اسرائيل. ولكن نذلا كهذا لا يفهم الا لغة القوة. وعليه، فيجب ابلاغه بانه اذا قطع العلاقات – فستعترف اسرائيل بقتل الشعب الارمني كجريمة حرب تركية.
ولكن ليس اردوغان وحده ثائر الاعصاب بالطبع، فالعرب ايضا غاضبون ايضا. فهم لن يعترفوا ابدا بالقدس الموحدة كعاصمة اسرائيل وكعاصمة اسرائيل فقط. نحن لا يمكننا ان نتخلى عن القدس، ولا العرب ايضا. وبالتالي فانها هي المدينة التي ستنقذنا من استعداد بعض من زعمائنا للتنازل عن قلب بلاد اسرائيل والاعتراف بدولة فلسطينية.
وليس اردوغان والعرب وحدهم غاضبون – بل واليسار الاسرائيلي يضرب الرأس بالحائط غضبا. فلسنوات شرحوا لنا باننا فقط اذا ما وافقنا على تقسيم المدينة، “تذويل” أو “عاصمة مشتركة” (او اي هذيان آخر لا مواز له في العالم)، فسيعترف العالم بغربي المدينة كعاصمة اسرائيل. وحتى اليسار الاسرائيلي توصل هذا الاسبوع الى الاستنتاج الحزين بانه لا يمكن الاعتماد على الاغيار.
وفي موضوع الاردن ايضا – أنباء طيبة وأنباء سيئة.
نبدأ بالطيبة: في 1994 وقع اتفاق سلام مع المملكة الاردنية. وبخلاف اتفاق السلام مع مصر، الذي كان ينطوي على تنازل عن كل شبه جزيرة سيناء واقتلاع البلدات اليهودية فيها – فان الاتفاق معه الاردن “كاد لا يؤلم”. فقد “اعادت” اسرائيل الى الاردن اراض في نهرايم وفي العربا. وبعض من الارض بقيت في ايدينا استئجارا. ولكن – يوجد سلام! المملكة تكافح الارهاب وتوجد ايضا فضائل استراتيجية “سرية”.
ومن هنا، الى الانباء السيئة: مجرد اعتراف اسرائيل بالمملكة الاردنية الهاشمية كان سيئا. وسواء آمنا بان هذا جزءا لا يتجزأ من بلاد اسرائيل التاريخية وحتى من “الوطن القومي” الذي وعد للشعب اليهودي في الانتداب البريطاني، أم كنا نؤمن بانه ينبغي الاعتراف بهذا كالدولة القومية الفلسطينية (وبالتالي لا بد أنه لا حاجة لواحدة اخرى، غربي الاردن). ولكن ما كنت لاتذكر هذه المساويء التي ليست هي مثابة “انباء” لو لم تكن الساعة تتكتك. والرزنامة تتقلب.
في العام 2006 نشر افرايم هليفي، الذي كان رئيس الموساد كتابا بعنوان “رجل في الظل”. وهو يصف في الكتاب ضمن امور اخرى الخطوات التي أدت الى التوقيع على الاتفاق مع الاردن. نتجاوز بعد اذنكم الاتفاقات البائسة بين رابين وبيرس (بيرس اتهم الملك حسين بالخيانة لان الحسين كشف عن تفاصيل المفاوضات السرية التي أدارها لرئيس الوزراء اسحق رابين، خصمه السياسي). وعن باقي الاعيب بيرس. ويكتب هليفي فيقول: “الاردن طلب العودة الى حدود 1967، وسطحيا كان الامر يعني ان تعيد اسرائيل الى الاردن اراض من جنوب البحر الميت – اكثر من 380 كيلو متر مربع – اكبر من مساحة قطاع غزة كلها… بعد اللقاء التاريخي بين رئيس الوزراء رابين وزعيم م.ت.ف ياسر عرفات في الساحة الخلفية في البيت الابيض في ايلول 1993، رأى الملك حسين في هذه الخطوة شبه خيانة سياسية من جانب اصدقائه الاسرائيليين القدامى من حزب العمل… اللقاء مع رابين انتهى بالجمود… كانت حاجة الى تسوية مشكلة المناطق التي طالب بها الاردن باستعادتها الى سيادته… ولكن ماذا سيكون مصير مستوطنات العربا جنوب البحر الميت وعلى طول الحدود؟ مستوطنة تسوفر، مثلا، تفلح اراض واسعة تبدو من الجو كقبضة مغروسة عميقا في اراضي الاردن. فضلا عن ذلك، فان فلاحة الحقول اتيحت فقط من خلال استخدام المياه التي نهلت من آبار جديدة حفرت في الاراضي الاردنية… الاستئجار ما كان يمكن له أن يكون حلا دائما لهذه الاراضي… تعليمات رابين كانت انه لا يهم ما يقال في الاحرف الصغيرة، يجب أن يضمن للمستوطنات في الجنوب ان تتمكن من مواصلة فلاحة اراضيها مثلما في الماضي. ولكن كم من الوقت ستكون هذه الشروط سارية المفعول؟ متى سيأتي الوقت لاستئنافها أو لاعادة النظر فيها من جديد؟”.
هليفي يروي بان الحسين بدأ بالاقتراح للتأجير لخمس سنوات – وقبل بعد مساومة بـ 25 سنة تأجير، واستخدام الابار مقابل 50 مليون كوب من مياه بحيرة طبريا الآخذة بالجفاف.
السنوات تمر. بعد اقل من سنتين سيكون بوسع الاردنيين أن يطالبوا بانسحاب اسرائيلي في العربا. الحسين، الذي كان صديقا حقيقا لزعماء اسرائيليين كثيرين – مات. ابنه عبدالله ليس صديقا. وهو يعمل ضدنا علنا ويلحق بنا ضررا جسيما بقدر ما يستطيع. ولعل “التفاهمات الاستراتيجية السرية” لم تتضرر. ولكن اسرائيل تدفع لقاءها بالموافقة على التدخل الاردني الفظ في شؤون القدس. يوجد للاردن “فيتو” في مواضيع الحرم، وهذه ضربة قاضية للسيادة الاسرائيلية في القدس. ومن الصعب أن نرى عبدالله يبدد بشكل تلقائي مفعول اتفاق الاستئجار في العربا، اذا لم يمارس عليه ضغط دبلوماسي كبير واذا لم يكن له الكثير مما يخسره.
لقد غفا وزير الخارجية (نتنياهو) ووزارته في الحراسة. أحد لا يعنى بما ينتظرنا قريبا. اذا لم نستيقظ فورا – فسندفع الثمن مرة اخر بـ “الارض مقابل السلام”.
المصدر / ماذا دفع ترامب إلى اتخاذ قرار القدس؟
نشر الرئيس الأمريكي فيديو على تويتر يظهر فيه رؤساء أمريكا في السابق يتعهدون بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس لكن دون إنجازه، وكتب: “لقد وفيت بوعدي. الآخرون لم يوفوا”
المصدر – 8/12/2017
تباهى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اليوم الجمعة، بإنجازه الذي فاجأ العالم وأثار الضجة في الشرق الأوسط، اعتراف أمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل، قائلا إنه، خلافا لغيره، وفى بوعده. وفي حين تتصاعد ألسنة الغضب في العالم العربي، وتشتد نبرة التنديد بالقرار المجحف لحقوق الفلسطينيين في القدس، حرص ترامب على أن يبث أنه يصنع التاريخ، مؤكدا لناخبيه أنه سيدخل التاريخ كالرئيس الذي صنع السلام في الشرق الأوسط.
ولمعرفة السبب أو الأسباب التي دفعت ترامب إلى اتخاذ القرار الذي قد يشعل الشرق الأوسط حسب سياسيين ومحللين ومراقبين في المنطقة، تكتب أورلي أزولاي، في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم الجمعة من واشنطن، أنه يجب النظر إلى وعود ترامب خلال حملته الانتخابية، تلك التي لم يستطع أن يحقق أيا منها حتى الآن وهي: إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، إلغاء خطة أوباما للتأمين الصحي، بناء السور مع المكسيك، إجراء إصلاح شامل في سياسة الهجرة للولايات المتحدة.
وتشير أزولاي إلى أن الرئيس كان مضطرا إلى إنجاز وعد من وعوده من أجل إرضاء الأمريكيين الذين صوّتوا له بناء على هذه الوعود، وإعادة شعبيه التي بدأ يفقدها في هذه المرحلة من ولاياته.
إضافة إلى هذا الدافع، تكتب أزولاي أن الرئيس تعرض لضغوط جمة من قبل إسرائيل للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، خاصة خلال الزيارة التي أجراها الرئيس في المدينة، ورافق هذا الضغط وعد من قبل رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من أن إسرائيل جاهزة لمواجهة كافة السيناريوهات المترتبة عن إعلان أمريكي متعلق بالقدس.
وكذلك تعرض ترامب إلى ضغوط شديدة من قبل الأمريكيين الإنجيليين الذين تربطهم علاقة قوية وخاصة بإسرائيل والقدس. تجدر الإشارة إلى أن نائب الرئيس، مايكل بينس، ينتمي إلى هذه الطائفة. وقد سبق القرار حملة دعائية شنها زعماء المسيحيين الإنجيليين في الولايات المتحدة، وعلى رأسهم مايك هاكبي، والد المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة هاكبي أندرسون، نادت إلى الضغط على الرئيس لنقل السفارة إلى القدس والاعتراف بها عاصمة “أبدية” لإسرائيل.
وتضيف الصحفية الإسرائيلية إلى أن الرئيس الأمريكي الغارق في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، وجد فرصة لصرف نظر الإعلام الأمريكي عن القضية، لا سيما بعد اعتراف مستشاره السابق، مايك فلين، بأنه كذب على المحققين بشأن علاقاته مع الروس.
يديعوت / ترامب رفض بشكل صارم أن يتضمن خطابه ما يمنح الفلسطينيين بارقة أمل واستعان بالسعودية
يديعوت – 8/12/2017
يتضح أن الإدارة الأميركية، برئاسة دونالد ترامب، كانت مطلعة على جملة من التحذيرات التي حذرت من الإعلان عن الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، بيد أن جملة من الأسباب دفعت ترامب إلى المضي في ذلك. كما يتضح أن تلاقي مصالح الرياض وواشنطن، وحرص واشنطن على إبقاء الرياض في صورة القرار، قبل أسبوعين من الإعلان عنه، قد ساهم، إلى جانب عوامل أخرى في قرار ترامب، كضامن لبعض الهدوء الذي كانت تحتاجه واشنطن في أعقاب الإعلان عن القرار، حيث تبين أن صهر ومستشار الرئيس الأميركي، جاريد كوشنر، كان قد توجه إلى الرياض، قبل أسبوعين، وتحدث لساعات طويلة مع ولي العهد، محمد بن سلمان، بشأن قرار ترامب، بهدف الحفاظ على الهدوء على هذه الجبهة.
ورغم معارضة كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، وعلى رأسهم وزيرا الدفاع والخارجية، ورغم التحذيرات الخطيرة للخارجية الأميركية التي بعثت، عشية الإعلان عن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، برقيات سرية إلى كافة سفارات الولايات المتحدة في العالم تحذر من عمليات ضد أهداف أميركية، فإن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، فعل ما لم يأمل مستشاروه أن يفعله، فقد أعلن اعترافه بالقدس كعاصمة لإسرائيل دون أن يمنح شيئا للفلسطينيين.
ورغم توقعات الطاقم السياسي الأمني المصغر للرئيس ترامب، والذي عقد جلسة قبل أكثر من أسبوع من إعلان ترامب لمناقشة الموعد النهئي لتجديد الأمر الرئاسي لتأجيل نقل السفارة، بأن ترامب سيوقع على التأجيل مدة ستة شهور، إلا أنه فاجأ بالتصريح برفضه التأجيل، ونيته إصدار أمر بالبدء بعملية نقل السفارة، التي يعلم بطبيعة الحال أنها عملية تستغرق سنوات.
وفي هذا السياق، يشار إلى أن ترامب كان قد أطلق جملة من التعهدات خلال حملته الانتخابية لم ينفذ أيا منها، فهو لم يلغ الاتفاق النووي مع إيران، ولم يلغ برنامج “أوباماكير” للرعاية الصحية، ولم يمرر الإصلاحات في سياسة الهجرة، ولم ينقل السفارة الأميركية إلى القدس، ولم يبن الجدار على الحدود مع المكسيك. وبالنتيجة فإن عدم قدرته على تنفيذ تعهداته جعلته يتراجع في آخر استطلاع للرأي أجراه معهد “غالوب”، قبل عدة أيام، وبين أن 35% فقط من الجمهور الأميركي راضون من أدائه، وهي أدنى نسبة يحصل عليها رئيس أميركي في السنة الأولى لولايته في منصبه.
وبحسب تقرير، نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” اليوم الجمعة، فإن إسرائيل مارست في السنة الأخيرة ضغوطا شديدة على الإدارة الأميركية للاعتراف بالقدس، ونقل السفارة الأميركية إليها، إلا أن ضغوط منظمات الإنجيليين، التي ينتمي نائب الرئيس، مايكل بنس، إلى صفوفها، قد ساهمت بدور ملموس في قرار ترامب. وفي هذا الإطار نقلت “رويترز” عن المتحدث باسم المجلس الإنجيلي الذي يقدم الاستشارة للبيت البيت الأبيض، جوني مور من كاليفورنيا، إن ذلك لم يكن ممكنا بدون الإنجيليين.
وقال “يديعوت” إنه نتنياهو حث ترامب على إعلانه الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها، من خلال ثلاث محادثات هاتفية بينهما، شدد نتنياهو فيها على “الأهمية التاريخية” لإعلان كهذا، زاعما أن الوضع القائم في القدس لن يتغير. وذكر نتنياهو في هذه المحادثات مع ترامب “أننا نجري اتصالات مع دول أخرى لكي يعلنوا عن اعتراف مشابه، ولا شك لدي في أنه عندما تنتقل السفارة الأميركية إلى القدس، ستكون سفارات كثيرة أخرى قد انتقلت للقدس”.
وبحسب “رويترز”، فإن الضغوط على ترامب شملت حملة قادتها منظمة ”
My Faith Votes”، التي يترأسها مايك هاكبي، حاكم ولاية أركانسو السابق، ووالد المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة هاكبي ساندرز. وقد طلبت هذه المنظمة من أتباعها إجراء اتصالات مع البيت الأبيض، والضغط عليه للاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل.
كما أرسلت منظمة إنجيلية أخرى تدعى ”
American Christian Leaders for Israel ” رسالة إلى ترامب تحثه فيها على نقل السفارة.
من جهة أخرى فإن التوقيت جاء في أوج عمل المحقق الخاص، روبرت مولر، الذي يحقق في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث أن مستشار ترامب السابق للأمن القومي، مايكل فلين، قد اعترف بأنه كذب على “FBI” بشأن علاقاته مع روسيا. وبالنتيجة فإن الإعلام الأميركي انشغل بقضية القدس وليس بعلاقات ترامب مع الكرملين.
وتابع تقرير “يديعوت أحرونوت” أنه بالرغم من أن ترامب وقع على أمر يؤجل نقل السفارة إلى القدس، ولكن بالنسبة له فإن الإعلان عن الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل هو خطوة أكثر أهمية من نقل السفارة. وفي هذا السياق نقل عن مسؤول في البيت الأبيض قوله “لدينا تجربة في بناء السفارات. فالأمر ليس بسيطا ويستغرق ثلاث أو أربع سنوات. مضيفا أن “سفارة أميركية في الشرق الأوسط ليست مجرد مبنى يضم عمالا وحواسيب، وإنما هي موقع محصن يحتوي على أجهزة رصد وتجسس ومتابعة، وتحت حراسة مشددة، ومحمي جيدا بواسطة التشفير الأكثر تطورا”.
وأضاف أن الحديث عن إقامة مبنى جديد للسفارة في القدس، وليس استخدام المبنى القائم، مبنى القنصلية. كما أنه لم يتم بعد إعداد التحضيرات اللوجستية المطلوبة لإقامة السفارة، ولم يقم أحد بفحص ميداني للمواقع التي تناسب السفارة.
وبحسب التقرير، فإن “الإعلان عن القدس عاصمة لإسرائيل يوجد له أهمية رمزية، وقد يكون لذلك تبعات أمنية وسياسية بعيدة المدى، في حين لا يوجد لذلك معنى عملي، حيث أن الرؤساء الأميركيين أو ذوي المناصب الرفيعة يصلون إلى إسرائيل، ولا يجتمعون مع نظرائهم على شاطئ البحر في تل أبيب، وإنما إلى ديوان الرئيس أو مكتب رئيس الحكومة أو الكنيست أو وزارة الخارجية، والتي تقع جميعها في القدس. وفي حين أن أحدا من إدارة ترامب لا يشكك في أن القدس هي عاصمة إسرائيل، حتى لو كانت السفارة في تل أبيب، فإن ناخبي ترامب لا يعرفون مثل هذه التفاصيل، وبالتالي فإن الإعلان الاحتفالي لترامب يبدو أشبه ما يكون بتحقيق حلم بالنسبة لهم”.
وتابع التقرير، أنه عندما أدرك مستشارو الرئيس أنه ينوي الذهاب حتى النهاية، في الإعلان عن القدس، حاولوا التقليل من حجم الأضرار المتوقع، وذلك لكونهم يعلمون أنهم عندما يقولون له إنه لا يستطيع فعل شيء ما، فإنه يفعل العكس.
وأضاف التقرير أن “أكثر ما كان يهمهم هو إبقاء الأسرة المالكة في السعودية في الصورة. وعليه، فقد توجه مستشار وصهر الرئيس ترامب، جاريد كوشنر، قبل نحو أسبوعين إلى السعودية، وتحدث لساعات طويلة مع ولي العهد، محمد بن سلمان. وكان الهدف هو منع نشوء وضع تقود فيه السعودية المعارضة العربية للخطوة. ولم يكن ذلك صعبا بوجه خاص، حيث أن السعودية بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الدعم السياسي الأميركي، وخاصة الرئيس الأميركي، والعتاد العسكري الأميركي الذي تبيعه لها واشنطن لتعزيز قوتها في مواجهة إيران”.
وتابع التقرير أن “تلاقي المصالح ولعبة القوى بين واشنطن والرياض، أتاحت لترامب الحفاظ على هدوء نسبي في هذه الجبهة. ورغم أن الردود الرسمية في السعودية كانت ضد الإعلان عن القدس عاصمة لإسرائيل، إلا أنها لم تتجاوز الحدود”.
وأشار التقرير إلى أن واشنطن كانت تأمل أن تتمكن الرياض من تخفيف غضب رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وإعطاء الفلسطينيين بارقة أمل، ولذلك فإن بن سلمان عرض، قبل أسبوعين، على عباس، الخطوط العريضة لخطة السلام الأميركية لحل الصراع، بيد أنه ليس من الواضح ما إذا كان عباس قد اقتنع بجدية نوايا ترامب.
ويتضح أن السعودية لم تكن لوحدها في الصورة، حيث أنه بحسب مسؤول كبير في واشنطن، فقد تم إطلاع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على خطة ترامب قبل عشرة أيام، والتي تضمنت التوقيع على أمر تأجيل نقل السفارة لمدة ستة شهور أخرى، والاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل.
وكانت الاتصالات قد جرت بين كوشنر والمبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، وبين مكتب رئيس الحكومة.
وفي المقابل، فإن السفير الأميركي، ديفيد فريدمان، فحص مع إسرائيل الأبعاد الأمنية لهذه الخطوة، وما إذا كانت ستشعل انتفاضة. كما طلب ترامب الحصول على وجهة نظر نتنياهو بشأن أبعاد المقاومة المرتقبة في الشارع العربي، وكيف يمكن خفض حدتها. وبحسب مصادر في واشنطن، فإن نتنياهو قال للرئيس الأميركي إن الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية الأخرى مستعدة لمختلف السيناريوهات، وأنه تم وضع عدة درجات لحالات التأهب في حال اندلاع مواجهات أو تنفيذ عمليات.
وأشار التقرير، نقلا عن مسؤول في واشنطن مطلع على التفاصيل، إلى أنه في الأيام الثلاثة الأخيرة التي سبقت الإعلان، وصلت رسائل عاجلة إلى البيت الأبيض من حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا في وفي العالم العربي، حيث حاولت هذه الدولة “التأثير على ترامب لكي يدخل إلى خطابه فقرات تمنح الفلسطينيين الأمل”.
وجاء أنهم طلبوا من ترامب أن “يشدد في خطابه على أن القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية، أو أن يعرض خطته لاتفاق سلام، ويعلن بشكل صارم نيته الدفع بحل الدولتين”.
ولكن ذلك لم يحصل، حيث رفض ترامب ذلك بشكل صارم، وذلك لأنه كان يسعى لتوصيل رسالة دعم لإسرائيل “واضحة وقاطعة ومدوية، تصل آذان الجمهور في الولايات المتحدة، والتوضيح لأنصاره أنه قادر على تنفيذ تعهدات انتخابية. ولم تكن لديه النية أبدا في إرضاء الفلسطينيين، أو إظهار التعاطف معهم، أو منحهم أية بارقة أمل”.
وتنهي الصحيفة تقريرها بالتساؤل عن “ارتفاع ألسنة اللهيب في الشرق الأوسط بعد أن ألقى ترامب إليه بعود ثقاب مشتعل”.
هآرتس / هدية مسمومة
هآرتس – بقلم أسرة التحرير – 8/12/2017
كان يمكن لقرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب للاعتراف بالقدس كعاصمة اسرائيل ان يكون بشرى سعيدة لدولة اسرائيل. غير أنه ليس صدفة ان اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تنل عاصمتها اعتراف الاسرة الدولية: مكانة القدس كانت وتبقى أحد المواضيع الجوهرية المركزية في المفاوضات على التسوية الدائمة بين اسرائيل والفلسطينيين.
بهذا المفهوم، فان خرق الوضع الراهن في المدينة اكثر تفجرا في العالم هو هدية مسمومة لمعسكر السلام الاسرائيلي والعربي. من الصعب أن نفهم كيف تستوي هذه الخطوة مع تصريحات ترامب عن تطلعه لاحلال سلام اقليمي، الامر الذي لم ينجح فيه اسلافه في البيت الابيض. لقد تباهى ترامب بانه لم يسر في أعقاب كلينتون، بوش واوباما، الذين امتنعوا عن كل تغيير في السياسة الامريكية تجاه القدس. غير أن رفض الادارات السابقة الاعتراف بالقدس كعاصمة اسرائيل لن ينبع من عداء لاسرائيل او من فائض محبة للمسلمين. فقد انصتوا لرؤساء مجالس الامن القومي وكبار مسؤولي جهاز الامن الاسرائيلي الذين حذروا من أن تغييرا في السياسة تجاه القدس سيخرب على المسيرة السلمية.
يخدم القرار للاعتراف بالقدس كعاصمة اسرائيل محافل عربية متطرفة، لا تفوت الفرصة لعرض حل الدولتين كذر الرماد في العيون، وزعماء مصر والاردن، الدولتين العربيتين الوحيدتين اللتين تعترفان باسرائيل، كمتعاونتين مع اعداء الاسلام.
ان فرحة زعماء اليمين والوسط هي فرحة فقراء قصيرة النظر. فالمس بالوضع الراهن في القدس، مثل تطوير مشروع الاستيطان، يبعدان اسرائيل عن الحل الوحيد الممكن – حل الدولتين ويزيدان عزلتها في العالم. ويل لدولة تضطر لتأييد زعيم كرئيس الفلبين رودريغو دوتريتا.
لو كان رئيس الوزراء زعيما مسؤولا، لكان عليه أن يتنازل عن الدعوة لدول اخرى للسير في اعقاب الولايات المتحدة والفلبين. وبدلا من ذلك من الافضل أن يطلب من الرئيس ترامب ان يدفع الى الامام بشكل عملي مفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين، في اطارها يعترف بالقدس الغربية كعاصمة اسرائيل بينما يعترف بشرقي القدس كعاصمة الدولة الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى