اهم الاخبار والمقالات والتقارير من الصحافة الاسرائيلية ليوم 24– 11 – 2017
يديعوت احرونوت:
– الجنود في القطار ضد ليتسمان: “بسبب معارك السياسيين سبت المقاتلين سيتحطم”.
– الاهالي الثكلى ضد حوتوبيلي: “ابناؤنا، جنود أفراد، حموا الدولة باجسادهم”.
– يحرضون ضد الرئيس بلا خجل.
– نائبة وزير الخارجية تسيبي حوتوبيلي هاجمت يهود الولايات المتحدة وأثارت عاصفة.
– المستشار يصعد الى الهجوم.
– الشرطة تدعو الى تقديم بار يوسيف الى المحاكمة في قضية الغاز.
– الحكومة بقيت على السكة.
– وفاة ملك الجمال سفير كوفمان بابوشادو.
معاريف/الاسبوع:
– المستشار القانوني: “مبادرات التشريع من الليكود تضعف سلطة القانون.
– ملف الغواصات في تيسنكروف يعترفون بمعرفتهم العلاقة بين شمرون ونتنياهو.
– داني ياتوم: “تسريب ترامب مس بأمننا”.
– نائبة عاصفة الخارجية.
– عن عمر نياهز 53، تتوفى ملكة الجمال السابفة سفير كوفمان.
هآرتس:
– داعش، السجن والتسليم الى ارتيريا: “شهادات طالبي اللجوء الذين اعادتهم اسرائيل ترسم طريق الالام”.
– الجاليات اليهودية تدعو الى اقالة حوتوبيلي بقولها ان يهود الولايات المتحدة لا يبعثون ابناءهم للقتال.
– تيفع ستقيل 1.300 عامل في اسرائيل.
– الشرطة توصي بتقديم نائب رئيس مجلس الامن القومي الى المحاكمة بتهمة الرشوة.
– أزمة السبت: نتنياهو وليتسمان يحاولان الوصول الى توافق.
– مصالحة فلسطينية، مع مصر أساسا.
– السعوديون يغازلون العراق ولكن ولاءه محفوظ لايران.
اسرائيل اليوم:
– تخفيف عن الجيب: الغاء الضريبة على المنتجات من الخارج.
– أزمة القطار في السبت: مفاوضات ليلية للحل.
– هزة في تيفع: “ستقيل نحو 1.700 عامل.
– مشروع قانون التوصيات: تعديلات هامة على الطريق.
– عاصفة حوتوبيلي: “لا مكان للتهجم على يهود الشتات.
اهم المقالات والتقارير من الصحافة الاسرائيلية ليوم 24– 11 – 2017
هآرتس / مصالحة فلسطينية، مع مصر أساسا
هآرتس – بقلم عميره هاس – 24/11/2017
يوم الخميس، بعد اقل من يوم من انتهاء جولة اخرى من محادثات المصالحة الفلسطينية، في مبنى المخابرات المصرية في القاهرة، كان الانطباع المتراكم هو انجازات قليلة فقط: تملص من مواعيد هدف واضحة لتنفيذ المهام، اطلاق شعارات وبالاساس – تملص من الايفاء بالوعد الاساس من محمود عباس: الغاء اجراءات الضغط الاقتصادي التي مارسها على القطاع.
ما يمكن العودة الى قوله هو أ نه أكثر من الماضي، تواصل مصر دفع الطرفين الى الاتفاق، وأولا وقبل كل شيء السماح للحكومة برئاسة رامي الحمدالله أخذ الخيوط في القطاع. ولهذا الغرض فقد أمرت مصر أيضا ضابطين كبيرين من المخابرات بالسفر فورا الى القطاع. ومن شأن وساطتهما أن تسهل على نقل كل الوزارات الحكومية الى حكومة الحمدالله حتى الاول من كانون الاول.
لقد كان شرط محمود عباس لاجتماع القاهرة هو أن قبل كل شيء على حكومته أن تمسك السيطرة والقوة في كل الوزارات الحكومية في غزة، قبل البدء بمعالجة المواضيع الاخرى. ولكن هذه المهامة اتخذت تعريفا غامضا: “تمكين الحكومة”. هذه مهامة غير قابلة للقياس، كما يقول الاقتصادي عمر شعبان من غزة، والذي يعبر عن مواقف الكثيرين. وعلى حد قوله، فمن شأن الغموض أن يجعل من الصعب التقدم في المهام المعلقة لاستكمال “التمكين”. لقد نجح عباس في أن يقنع رجال فتح ايضا ممن ايدوا في البداية صيغة سابقة للمصالحة – اقامة حكومة وحدة وطنية وتهيئة التربة لانعقاد المجلس الوطني لـ م.ت.ف وهو المؤتمر الوطني العام.
ولكن مصر لا تحتمل الان تسريبات متشائمة عن الفشل. دليل على ذلك جاء في بيان عضو المكتب السياسي لحماس، صلاح البردويل، الذي شارك في وفد حماس الى المحادثات. ففي صباح يوم الاربعاء نشر شريط يقول فيه ان المحادثات فشلت عمليا، وان كانت حماس لا تحطم الاواني. الفشل، على حد قوله، هو اساسا في عدم فتح معبر رفح وعدم ازالة الخطوات العقابية ضد غزة (تقليص رواتب القطاع العام في السلطة، تقليص في تحويلات المرضى للعلاج خارج القطاع وتقليص توريد الكهرباء. كما قال في شريط الفيديو ان رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، ابلغ المشاركين في الجلسة بان الضغوط الامريكية على السلطة شديدة جدا وكذا التهديدات الاسرائيلية لوقف التحويلات المالية التي تجبيها من الجمارك والضرائب. وعليه فحسب البردويل، فلن تتخذ الخطوات التي ينتظرها الجميع.
في مساء يوم الاربعاء نشر اعتذارا، قال ان الشريط تسرب دون علمه وان الامور كانت صحيحة في مرحلة مبكرة أكثر من المحادثات وأن رده كان عاطفيا وليس سياسيا. كما شدد على الرعاية التي تقدمها مصر للمحادثات. وقال مصدر في غزة لـ “هآرتس” انه يمكن الافتراض بان مصر شعرت بالاهانة من التصريح الاول، وطلبت اصلاحه. ولكن في صباح يوم الخميس انضم مشارك آخر الى المحادثات، هو جميل مزهر، رجل الجبهة الشعبية، وقال ان المحادثات لن تؤدي الى النتائج المرغوب فيها وان الاتفاق هو على الحد الادنى اللازم.
وقالت مصادر في رام الله لـ “هآرتس” ان عباس قصد منذ البداية الحد الادنى – تطبيق بطيء جدا، يتجاوز أكبر قدر ممكن من الالغام مثل مشاركة رجال حماس في الحكومة أو الصلاحيات الامنية في القطاع. وعلى حد قول رجل م.ت.ف، فان اسرائيل والرباعية لا يمكنهما ان يدعيا بان رجال حماس تسللوا الى داخل الحكومة الفلسطينية اذا ما أمسكت حكومة الحمدالله، التي هي في واقع الامر حكومة عباس المقبولة في العالم، بكل الوزارات المدنية في القطاع. وتأجلت المباحثات في المسائل الامنية في القطاع وهذا التأجيل هو الاخر محسوب. فالمسؤولية الامنية الكاملة اليوم، كما قال مصدر في رام الله من شأنها أن تجعل السلطة مسؤولة امام اسرائيل عن كل صاروخ يطلقه صوص ما، وهكذا التخريب على مسيرة المصالحة كلها.
ويقول مصدر في رام الله ايضا ما يعرف بالخطأ بانه “اجراءات عقابية” هي اعمال مالية تتخذ في الضفة الغربية ايضا، ولكنها يمكن الاحساس بها اكثر في القطاع الفقير والمغلق، وهدفها تقليص العجز الهائل في الميزانية الفلسطينية. شعبان، الذي يدير مركز البحوث الاستراتيجية “بالثينك” يعارض هذا العرض للامور. فقال قال لـ “هآرتس” انه في النصف الاول من هذه السنة كان فائض مليار شيكل في ميزانية السلطة كنتيجة لتعميق جباية الضرائب وتقليص النفقات على القطاع. وقال انه يجب التخلص من النهج الذي يرى في القطاع عبئا على الميزانية. فالقطاع هو جزء من الارض الفلسطينية، والحكومات تساعد او يفترض ان تساعد الاجزاء الاكثر فقرا في ان تحصل حتى ولو على الخدمات الاساسية كالكهرباء والصحة. ويقول شعبان ان على الحكومة أن توزع مقدراتها على نحو مختلف، وان تتخلى عن نفقات على الترف التي بسبب انعدام الشفافية لا نعرف ما هي.
في ختام يومين من المحادثات في القاهرة – وهناك من يقول ان هذا وقت اقصر من أن تبحث فيه كل المواضيع المطروحة – نشرت سلسلة من القرارات والوعود التي سبق أن اتخذت لجولات المصالحة السابقة: انتخابات حتى نهاية 2018، اعادة بناء م.ت.ف “الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني” واستئناف عمل المجلس التشريعي. الفرق هذه المرة هو ان حركة حماس متحمسة بالفعل للتخلي عن الحكم. فتصريحات يحيى السنوار، في أن التنازل تم في صالح الشعب والوطن مثيرة للانطباع في القطاع وفي الضفة، ولكن مصدرا في القطاع ليس عضوا في أي من المنظمات قال لـ “هآرتس” ان بتقديره فان الدفاع الاساس للسنوار في تنازلاته هو الكشف المقلق عن أن سنوات الحكم في القطاع مس بطهارة المقاييس في قاعدة حماس المدنية، ولا سيما عندما يدور الحديث عن الفساد المادي واضعاف التمسك بالدين. وسواء كان هذا مبالغا فيه أم لا، ورغم الخلافات مع فتح، يحرص ممثلو حماس في تصريحاتهم ويواصلون ترك الانطباع لدى الجمهور بان دوافعهم وطنية طاهرة. وعلى حد رأي مصدر في رام الله، ففي حماس وفي فتح على حد سواء ليسوا متحمسين لاجراء انتخابات للمجلس التشريعي والرئاسة – وفي حماس سيكتفون بتعيين رمزي لبعض الوزراء ممن ليسوا اعضاء في الحركة ولكنهم مقبولون منها. أما من ناحية لجنة الانتخابات الفلسطينية فقد أعلنت عن جاهزيتها الفنية لاجراء الانتخابات في كل موعد يتقرر.
في رام الله يقولون ان عباس منذ البداية حسب بشكل غير صحيح مواقف حماس وفوجيء عندما وافق السنوار على الشروط التي عرضت عليه بوساطة مصرية. وما أن نزلت الكرة الى ملعب عباس حتى تراجع عن وعوده الاولى لتخفيف الضغط الاقتصادي. والان تتراكز التوقعات على فتح معبر رفح بشكل دائم. ويصعب على الناس ان يفهموا لماذا لم يتم الامر وهناك من يشك بان التأخير في فتح المعبر يرتبط أيضا بحقيقة أن المسافرين اضطروا في السنوات الاخيرة الى دفع أموال لجهات خفية في الجانب المصري لا تريد الان التخلي عن هذا الدخل. وفي القطاع يقدرون بانه لما كانت مصر معنية جدا في نجاح المصالحة فانها ستحث ايضا فتح المعبر بشكل منتظم والسلطة الفلسطينية ستضاعف جهودها الدبلوماسية لفتح. وعلم أمس ان المعبر سيفتح لثلاثة ايام ابتداء من يوم السبت.
لقوات الامن الرئاسية في السلطة الفلسطينية، والتي رابطت في رفح في الشهر الماضي، لا تحمل السلاح بعد. وعندما طلبت السلطة من قيادة حماس اعادة السلاح والعتاد الذي كان بحيازة الاجهزة الامنية قبل 2007 أجابت هذه بانه ضاع على مدى السنين وانه ليس بحيازتها. ولكن غياب السلاح الناري لا يفترض أن يكون سببا لعدم فتح المعبر، كما يقولون في القطاع. فهناك في رفح، ابتلعت حماس الاهانة التي في ابعاد مئات العاملين الذين عينتهم في صالح عاملين من السلطة الفلسطينية. ولكن حماس لا يمكنها أن تتنازل عن طلبها في أن تدفع السلطة الرواتب لعاملي القطاع العام ممن عينوا في عهدها. ويفترض بهذه المشكلة أن تحل حتى الاول من شباط 2018، وفي القطاع يأملون بان مصر لن تيأس ولن تتنازل عن دورها كوسيط، مثلما يقول شعبان.
التقدير هو ان مصر ما كان يمكنها أن تعمل بتصميم كهذا دون موافقة صامتة ما، او على الاقل استعداد اسرائيلي وامريكي للانتظار ورؤية ما ينشأ عن ذلك دون وضع العراقيل. وهذا الجانب أيضا يستوجب تلقي عبير عملي للمساعدة في نجاح مهامة نقل القطاع الى السلطة الفلسطينية: حتى لو فتح معبر رفح بشكل منتظم، فان احتمال الانتعاش الاقتصادي ومنع المصيبة البيئية والصحية منوط اساسا بتخفيف قيود الحركة التي فرضتها اسرائيل على الاشخاص والبضائع.
وفي هامش الامور: جاء البيان الختامي، الذي كتب بعلم المشاركين من كل المنظمات الفلسطينية ليتضمن الصيغة الثابتة التالية: “يشدد المشاركون في الاجتماع على اهمية الوحدة الوطنية في تعزيز كفاح شعبنا… من اجل تحرير ارضا… ومن خلال حقه في تقرير المصير بما في ذلك اقامة دولته المستقلة والسيادية في كل الاراضي الفلسطينية التي احتلت في 1967 وعاصمتها القدس وضمان حق العودة للفلسطينيين الى اراضيهم ومنازلهم”.
واعلن مندوب الجهاد الاسلامي بعد ذلك بانه بخلاف ما جاء في البيان الختامي، فان تنظيمه يعارض دولة في حدود 1967 وهو يتمسك بالموقف بان حق الشعب هو في كل ارض فلسطين من البحر حتى النهر. ومن قاعدة اللا نتعرف على النعم: حماس وقعت على هذه الصيغة.
معاريف / حتى هنا
معاريف – بقلم نداف هعتسني – 24/11/2017
اذا كنت لا ازال في بداية الاسبوع مترددا الى اي حد ينبغي دعوة بنيامين نتنياهو الى الرحيل، فقد جاء الرد الهستيري المزدوج من مكتب رئيس الوزراء ومن الليكود واثبت لي بان رؤساء الحركة ملزمون باستبدال نتنياهو على الفور. فهذا رد كله شتائم وتشهيرات وصفر مواجهة مع حججه. وهو يثبت أمرا مزدوجا: الاول، ان رئيس الوزراء فقد صوابه الامر الذي بحد ذاته يستوجب منا ان نرافقه بشرف الى الخارج، والثاني، وهو الاهم هو ان الرد يعكس نمط السلوك على مدى السنين.
يختص نتنياهو بشعارات أجواء اليمين، ولكن عندما نأتي لفحص افعاله، نتبين شيئا آخر تماما. غير أنه مع الشعارت عديمة الغطاء، يحصل مرة تلو الاخرى على اصوات معسكر بلاد اسرائيل فقط كي يخيب آمالهم ويجسد غير مرة افكار المعسكر الاخر.
ردود الفعل الغاضبة التي تلقيتها من بعض من مقترعي الليكود، واضح أن نتنياهو ينجح في تشويشهم، ولا سيما ان يشطب ذاكرتهم. ولهذا فمن المجدي ان نطرح هنا عدة حقائق تمثيلية. لقد انتخب نتنياهو لاول مرة في 1996، عندما قاتل بشدة ضد اتفاقات اوسلو وبينها الاتفاق الذي اعده شمعون بيرس في موضوع الخليل. ووعد بانه لن يلتقي ياسر عرفات وانه سيلغي خدعة اوسلو. جاءت اضطرابات النفق، بعد اشهر من انتخابه، وسارع نتنياهو لمصافحة ياسر عرفات بقوة ولتنفيذ اتفاق الخليل الخطير جدا. منذئذ وحتى اليوم وهو يسير بشكل منهاجي داخل مسار اوسلو ولا يخرج عنه ميلمتر واحد. يصرخ في الخارج ضد تحريض السلطة الفلسطينية ولكنه يواصل نقل الاموال لها ويحميها من كل ضر، ناهيك عن تبني فكرة الدولة الفلسطينية، بخلاف تام مع الوعود الانتخابية التي سبقت ذلك والخطابات الملتهبة التي القاها في مركز الليكود ضد هذه الفكرة الشوهاء.
والمزيد في اختبار الافعال: يبعث نتنياهو الان بالموالين له ليقلبوا العوالم رأسا على عقب وليشرعوا قوانين جديدة. قوانين زائدة وغير ذكية، وبالتأكيد حين يكون هو نفسه يوجد في التحقيق. وبالمقابل، حتى اليوم لم يجد رئيس الوزراء ان من الصواب تغيير التشريع التمييزي، الظالم، القائم ضد يهود يهودا والسامرة. فهو يمتنع عن قصد عن تبني استنتاجات لجنة قاضي المحكمة العليا الراحل ادموند ليفي الذي كتب تقريرا مثيرا للانطباع ومسنودا يستوجب التنفيذ. فضمن امور اخرى قضت اللجنة بان الاوامر العسكرية القائمة اليوم تميز ضد يهود يهودا والسامرة وغير مناسبة لان تكون في دولة سليمة. اما نتنياهو فلم يفعل شيئا في هذا الشأن.
المهم في ذلك هو أنه رد الذخيرة المطلقة التي قدمتها له لجنة ليفي على المستوى الدولي. فمع ان هذه قضت بانه حسب القانون الدولي لا اساس لادعاء الاحتلال، لم يدرج نتنياهو وحججها كسياسة ملزمة. وانا نفسي طلبت مني نائبة وزير الخارجية ان اكتب فصلا قانونيا بهذه الروح لكراسة كان يفترض أن تصدرها وزارة الخارجية. وقد كتبت الكراسة، ولكن نتنياهو استخدم الفيتو ومنع نشرها. يتبين أنه بخلاف شعاراته يرفض دحض حجة الاحتلال. مشوق أن نعرف لماذا.
من المجدي أيضا أن نفحص لماذا وافق نتنياهو، في المحادثات التي اجراها مع اسحق هيرتسوع وفي المفاوضات على هضبة الجولان بوساطة رونالد لاودر. في هذه الاطر وافق زعيم اليمين على تبني مواقف اليسار الاكثر وضوحا. وخاف فقط من ذلك سياسيا في اللحظة الاخيرة. كما أن الحجة التي تقول ان نتنياهو وقف بتصميم في مواجهة باراك اوباما عديمة الاساس. لثماني سنوات استخدم نتنياهو ذريعة تهديدات اوباما كي يجمد البناء حتى في احياء القدس، كون اوباما معاد جدا. فجاء دونالد ترامب ووصلنا بالضبط الى ذات النتيجة، باختلاف ان هذه المرة كانت الذريعة معاكسة: لان ترامب متعاطف جدا.
من كل ما سبق نجدنا ملزمين بان نتوصل الى الاستنتاج بان نتنياهو لا يريد الغاء اتفاقات اوسلو، لا يريد البناء في القدس وفي يهودا والسامرة وفي الحد الادنى هو عديم العمود الفقري كي يواجه الضغوط ويحقق سياسة حزبه ومعسكره. لاكثر من عشر سنوات ونتنياهو في الحكم، ولكنه لا يحكم حقا. وكانت حاجة لاييلت شكيد الشابة كي تعلمه ماذا يمكن تحقيقه حقا عندما يراد حقا تغيير السياسة.
كما ان الاعتراف بالحقائق يدل الى اي حد هو نتنياهو خطير في ظروف الضائقة الشخصية. كان ينبغي لليمين ان يتعلم درس ارئيل شارون، الذي غير فكره وخان الناخبين بسبب التحقيقات. اما نتنياهو، الذي هو على اي حال خارق مواظب للتعهدات ولبرنامج الليكود، فخطير على نحو خاص في الظروف الحالية. فليس صدفة أن نشرت في الاونة الاخيرة ابناء عن نية مبيتة في مكتب رئيس الوزراء للكسر يسارا، مع بطل التحقيقات، من اجل التأثير على النيابة العامة او على الناخبين.
على درس شارون ان يكون امام ناظرينا ايضا لسبب آخر: لسنوات طويلة غض اليمين عينه على عدم توقف ارئيل شارون عند الضوء الاحمر، كونه كان واحدا منا، الى ان جاء به عدم التوقف في الخط الاحمر الى خيانة مبادئه ورجاله. ولهذا السبب ايضا لا ينبغي التردد ولا ينبغي تقديم التنزيلات الاخلاقية. فما هو مرفوض هو مرفوض. وحتى لو كانت الصحافة في اغلبها تلاحق نتنياهو وتمارس الاخلاق المزدوجة. وحتى لو كانوا تجاهلوا السلوك الاشكالي لشمعون بيرس وعائلة رابين، ناهيك عن اعزاء اليسار الاخرين. لا يزال ما هو مرفوض هو مرفوض. هناك امور لا يجب عملها حتى لو لم تكن جنائية بالضرورة. فمن بين ناخبي نتنياهو يريد حقا ان يعرف كيف يتصرف رئيس الوزراء وزوجته يمكنه ان يعرف بسهولة من مقربي رئيس الوزراء في الماضي وفي الحاضر. جمع قصير للمعطيات فيبين جملة من القصص من مصدر أول تثير النفور. من هنا الى الحساب السياسي. قلقي الاكبر وقلق الموالين بايديولوجيا بلاد اسرائيل هو من أن يصعد الى الحكم أحد المتخفين، آفي غباي، يائير لبيد أو أمثالهما. فمن يستخدمون حركة التطويق التي نجحت جدا مع اسحق رابين وايهود باراك. من جهة يتخفون في صورة يمين وبالمقابل يشرعون في حملة “ايها الفاسدون مللناكم”، كي يدفعوا بالمترددين نحوهم. هكذا خدعوا الناخبين من اليمين مرتين ونفذوا خطا معاكسا للوعود المتخفية. المشكلة هي ان نتنياهو، بسلوكه هو نفسه، يوفر مادة الاشتعال لسحابة النفور اللازمة لمستخدمي استراتيجية الخداع هذه، ولهذا السبب ايضا عليه ان يرحل.
رؤساء الليكود والبيت اليهودي ملزمون بان يقرأوا الخريطة، وأن يتأزروا منها بالشجاعة ليقفوا في وجه رئيس الوزراء. كل واحد من المرشحين المحتملين الذين يذكرون اليوم افضل الان من بنيامين نتنياهو.
هآرتس / 29 تشرين الثاني: سيادة وتقسيم
هآرتس – بقلم شلومو افنري – 24/11/2017
قرار الجمعية العمومية للامم المتحدة في 29 تشرين الثاني 1947 بشأن اقامة دولتين، يهودية وعربية، في ارض اسرائيل هو الانجاز البارز للحركة الصهيونية. للمرة الاولى حظيت الصهيونية باعتراف هام بحق الشعب اليهودي بالسيادة والاستقلال في وطنه التاريخي. ولكن هذا القرار كان يرتبط بحبل سري في اساس التقسيم: الاعتراف بحق تقرير المصير لليهود اقترب بالحق الموازي للسكان العرب في البلاد لاقامة دولة في جزء من الارض الانتدابية. رغم أن أي حركة من الحركتين القوميتين لم تحظ بكل ما طلبت، إلا أنه خصص لهما مكان تحت الشمس. إن من يحتفل فقط بالاعتراف بحق اليهود في السيادة ويتجاهل مبدأ التقسيم – دولتان لشعبين – يكذب على نفسه ويشوه ذاكرة التاريخ.
حقيقة أن قرار التقسيم لم يحل النزاع بين الحركتين القوميتين تنبع من عدم استعداد العرب للموافقة على مبدأ التقسيم. موقف “كلها لي” دفعهم لشن حرب، ليس فقط ضد اسرائيل، بل ضد قرار الامم المتحدة وتسبب بالنكبة. عدم استعداد الفلسطينيين للاعتراف بالخطأ السياسي والاخلاقي الذي ارتكبوه برفض التقسيم يشكل الآن ايضا حجر عثرة في طريق التوصل الى مصالحة تاريخية بين الحركتين القوميتين. الاستعداد الصهيوني للموافقة على قرار التقسيم هو العامل الاساسي للتأييد الدولي لاقامة الدولة والاعتراف بها من معظم الدول الديمقراطية في العالم، وقبول اسرائيل في الامم المتحدة، وبموازاة ذلك الادانة الشديدة في الامم المتحدة للعداء العربي في 1947 و1948.
ولكن السياق التاريخي الذي جعل الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي تؤيدان اقامة الدولة اليهودية في بداية الحرب الباردة هو سياق معقد، وتوجد له تداعيات على مكانة اسرائيل الدولية الآن ايضا.
حسب الرأي السائد، بعد الكارثة كان في العالم شعور بالذنب تجاه اليهود، وهو الذي أدى الى تأييد اقامة الدولة اليهودية. هذا صحيح بالطبع، لكن يجب رؤية الامور بصورة متزنة: الآن ينسون أنه بعد سنتنين من الحرب فان الوعي بخصوصية الكارثة – ابادة مخطط لها لسكان مدنيين بهدف ابادة شعب – لم ينتشر حتى ذلك الوقت بصورة كافية في الرأي العام العالمي، وقتل ستة ملايين انسان، اعتبر احيانا أحد اضرار الحرب، وليس حدثا فريدا في كارثيته. في محاكمات نيرنبرغ لم تذكر الكارثة تقريبا، وفي جزء من الخطابات التي ألقيت في الجمعية العمومية للامم المتحدة خلال النقاش حول مستقبل ارض اسرائيل.
كانت هناك خطابات في الجمعية العمومية مؤثرة لعدد من ممثلي الدول الصغيرة في امريكا اللاتينية. خطابات خورخيه غارسيا غراندوس من غواتيمالا وارنيكا فبرغت من الاورغواي حظيت بالتقدير من قبل الجاليات اليهودية في البلاد وفي الخارج. ولكن من الواضح أن دول عظمى مثل الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي لم تحدد سياستها في حينه – وحتى الآن لم تحددها – فقط بسبب الشعور بالذنب أو تبريرات اخلاقية.
الاعتبارات الامريكية برئاسة الرئيس هاري ترومان كانت مركبة، وليس هناك شك أن نشطاء يهود – ومنهم حاييم وايزمن – نجحوا في تجنيد التأييد في اوساط الادارة والحزب الديمقراطي. ولكن التأييد الامريكي لاهداف الصهيونية بدأ بالسماح لمئة ألف من الناجين من الكارثة بالهجرة الى ارض اسرائيل – في اعقاب توصيات لجنة التحقيق الانجلوامريكية بشأن ارض اسرائيل في العام 1946. هذا الطلب الامريكي كان تحديا للحكومة البريطانية التي بعد الحرب العالمية ايضا تمسكت بسياسة الكتاب الابيض وأغلقت ابواب ارض اسرائيل امام الهجرة اليهودية. هذا الموقف كان مرتبطا بالتوجه الامريكي التقليدي المناهض للامبريالية، الذين طمحوا الى تقليص نفوذ بريطانيا في العالم، ولهذا دعموا ايضا استقلال الهند.
إن طلب السماح بهجرة مئة ألف يهودي الى ارض اسرائيل لم يكن منفصلا عن سياسة الهجرة الى الولايات المتحدة، الذي تم سنه في العشرينيات بالهام من الايديولوجيات العنصرية الفاضحة، وخصصت حصص ضئيلة للهجرة من الولايات غير الانجلوسكسونية أو الشمالية. وقد تم تحديد الحصص حسب مسقط رأس طالب الهجرة، لهذا فان اغلبية اللاجئين من بولندا لم يكن لهم أي أمل في الوصول الى الولايات المتحدة. وقد تمت محاولات من جانب يهود وغيرهم لتغيير الحصص، لكنهم ووجهوا بمعارضة شديدة في الكونغرس. ويجب علينا التذكر أنه في ذلك الوقت كان جزء كبير من قاعدة دعم الحزب الديمقراطي توجد في الولايات الجنوبية المعروفة بعنصريتها – الامر الذي كان يجب على ترومان أخذه في الحسبان. في المقابل، استخدمت عليه ضغوط لتخفيف معاناة اللاجئين في المعسكرات في المانيا. معظم المعسكرات كانت في منطقة الاحتلال الامريكي، ووجودها سبب قدر لا بأس به من المشكلات في العلاقات بين السلطات الامريكية والسكان الالمان. لذلك طلبت الولايات المتحدة حل هذه المشكلات عن طريق توجيه اللاجئين الى ارض اسرائيل.
حظيت الولايات المتحدة وترومان، بحق، بالتقدير من جانب اليهود على تأييدهم هجرة مئة ألف يهودي الى ارض اسرائيل، التي تم رفضها من قبل حكومة حزب العمال البريطانية بقيادة كليمن اتيلي وآرنست بيفن، الامر الذي أدى في نهاية المطاف الى طرح موضوع استمرار الحكم البريطاني في ارض اسرائيل في هيئة الامم المتحدة، التي ورثت عصبة الامم المتحدة. حقيقة أنه ليس فقط التبريرات الانسانية هي التي وجهت السياسة الامريكية، بل ايضا اعتبارات سياسية داخلية، لا تقلل من الاهمية السياسية والاخلاقية المرافقة لها.
الدعم السوفييتي لاقامة دولة يهودية وتقسيم البلاد كان اكثر تعقيدا، وكل جوانبه ليست واضحة حتى الآن. منذ العشرينيات تبنى الاتحاد السوفييتي موقفا رافضا للصهيونية، وهو يرى فيها “حركة برجوازية” تناقض المباديء العالمية للايديولوجيا الشيوعية. النظام في الاتحاد السوفييتي رأى في الشعب اليهودي الذي يعيش في الدولة أحد مؤيديه الاساسيين، ليس بسبب ميل اليهود الاصيل للشيوعية، بل بسبب أن نظام الحكم السوفييتي كان الكابح المهم الوحيد لرجعية القوى “البيضاء”، التي تعارض الثورة الشيوعية برؤيتها اللاسامية التقليدية. من الواضح أن الدور البارز الذي لعبه اليهود في القيادة السوفييتية في بداية طريقها (تروتسكي، كامينيف، زنوفييف، سباردلوف، رادك) الذين اعتبروا الشيوعية – وليس الصهيونية – الحل للاسامية، ساهم في العداء للمشروع الصهيوني.
نتيجة لذلك، وبسبب السياسة المناهضة للامبريالية السوفييتية العامة، دعم الاتحاد السوفييتي الحركة القومية العربية، الامر الذي أدى بها احيانا الى تأييد قواعد محافظة ودينية ورجعية بشكل واضح (مثل مفتي القدس)، بسبب معارضتهم للبريطانيين. احزاب شيوعية غربية، بما في ذلك اعضاؤها اليهود، كانوا شركاء في هذه المقاربة. الحرب العالمية الثانية أدت بالتدريج الى تغيير هذه المقاربة، الذي كانت ذروته في خطاب سفير الاتحاد السوفييتي في الامم المتحدة، اندريه غروميكو، في 14 أيار 1947، الذي أظهر فيه التأييد لاقامة دولة يهودية في ارض اسرائيل وحل ضائقة اليهود في اوروبا. بشكل عام كالعادة، أن يعزوا دعم الاتحاد السوفييتي لاقامة الدولة اليهودية الى أن الجهة الوحيدة التي حاربت في حينه الامبريالية البريطانية في المنطقة كانت الحاضرة اليهودية في البلاد، في حين أن كل الانظمة العربية المحافظة كانت تحت رعاية وحلفاء الامبريالية البريطانية (مصر، العراق، شرق الاردن). أو الفرنسية (سوريا ولبنان). اضافة الى ذلك يطرح ادعاء احيانا أن السوفييت اعتقدوا أن النفوذ الاشتراكي في الحاضرة اليهودية سيؤدي بالدولة اليهودية الى التقارب السياسي من الاتحاد السوفييتي في ظل الحرب الباردة الآخذة في التبلور.
ولكن من الوثائق السوفييتية والصهيونية التي نشرت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي تظهر صورة معقدة وأكثر أهمية. في شباط 1941 حاول وايزمن، الذي كان مقره في لندن، اجراء اتصالات مع الحكومة السوفييتية بواسطة السفير السوفييتي في بريطانيا، ايفان مايتسكي. ولكن رغم أنهما أجريا محادثة لطيفة ومهذبة، التي كانت الاتصال السياسي الاول بين زعيم صهيوني وسفير سوفييتي، إلا أنه لم تكن أي نتائج لتلك المحادثات. في التقرير الذي ارسله مايتسكي لموسكو (وهو يهودي مثل الكثيرين من السفراء السوفييت في حينه) امتدح حقيقة أن وايزمن يتحدث الروسية بطلاقة، رغم أنه غادر روسيا منذ عشرات السنين. كما أشار مايتسكي الى أن وايزمن قال في نهاية الامر بأن هتلر سيهزم – وهي مقولة تطلبت الكثير من شجاعة وايزمن ازاء حقيقة أنه في اعقاب اتفاق ريبندروف – موليتوف، فان ستالين كان ما يزال حليفا لهتلر وشريكا في مهاجمة بولندا وتقسيمها بين المانيا النازية والاتحاد السوفييتي الشيوعي.
الغزو الالماني للاتحاد السوفييتي في حزيران 1941 سنح للحركة الصهيونية فرصة تنفيذ عملية من عملياتها الدبلوماسية البارزة في تاريخها. للمرة الاولى سنحت فرصة لاجراء اتصالات مع الاتحاد السوفييتي، حيث أن الاتحاد السوفييتي والحركة الصهيونية اصبحا الآن في معسكر واحد في الحرب ضد النازية. في عواصم مختلفة اجرى زعماء صهاينة اتصالات مع سفراء سوفييت، وبهذه الطريقة سمعت القيادة السوفييتية للمرة الاولى عن الصهيونية من زعماء صهاينة. هذا الامر خلق ثورة هامة في الوعي، لأنه حتى ذلك الحين المعلومات التي كانت لدى موسكو عن الصهيونية جاءت من مصادر عربية أو من يهود شيوعيين في الاتحاد السوفييتي والغرب، الذين كانوا بطبيعتهم مناهضين للصهيونية.
في الاعوام 1941 – 1945 التقى دافيد بن غوريون وناحوم غولدمان وعمانوئيل نيومن والياهو افيشتاين (ايلات) مع سفراء سوفييت في لندن وواشنطن وأنقرة ومكسيكو سيتي. وقد نقلوا لهم معطيات حول الحاضرة اليهودية في البلاد وعن تجندها للمشاركة في جهود الحرب وعن ارسال المعدات من البلاد الى الاتحاد السوفييتي وعن البنية الاقتصادية في البلاد. عندما علم وايزمن في ايار 1943، وهو خبير في اجراء العلاقات الدولية، أن ادوارد بينيش، رئيس حكومة المنفى لتشيكوسلوفاكيا في لندن، سيسافر الى موسكو من اجل مقابلة ستالين، نجح وايزمن في ارسال رسالة معه الى الرئيس السوفييتي، والتي فصل فيها قدرة الاستيعاب في ارض اسرائيل والجالية اليهودية والطابع التقدمي، حتى أنه ذهب أبعد من ذلك وعقد مقارنة اشتراكية بينها وبين الاتحاد السوفييتي.
إن قراءة الوثائق السوفييتية والصهيونية حول هذه اللقاءات ممتعة. المتحدثون الصهاينة لم يحاولوا اقناع من تحدثوا معهم بأن الصهيونية محقة – لكنهم حاولوا اقناعهم بأنهم هم وليس العرب، الحلفاء الطبيعيين للاتحاد السوفييتي في المنطقة. وقد ذهب افيشتاين بعيدا في لقاءاته في ربيع 1943 مع السفير السوفييتي في تركيا، سيرجيه فينوغرادوف: افيشتاين قال له إنه اصبح واضحا الآن بدون شك أن السياسة السوفييتية في دعمها للحركة القومية العربية كانت خاطئة، لأن هذه الحركة – مثلا في ارض اسرائيل وفي العراق – تبين أنها تؤيد النازيين، وأن الحاضرة اليهودية هي الجهة التقدمية الوحيدة في المنطقة. في رسالته برر فينوغرادوف بلغة ضعيفة: “هذه السياسة كانت انحراف تروتسكي”.
يتبين من هذه اللقاءات أن السوفييت اظهروا الاهتمام الكبير بالقدرة الاستيعابية للبلاد، وبناء على طلبهم ارسل الى موسكو من لندن ومن القدس عدد من التقارير الاحصائية والاقتصادية. من الواضح أن اهتمام السوفييت بموضوع قدرة الاستيعاب للبلاد اشار الى تغيير في توجه السوفييت، وجاء كرد على ادعاءات العرب التقليدية بأن البلاد لا يمكنها استيعاب هجرة جماعية. في 1943 وصل الى البلاد بشكل مفاجيء السفير السوفييتي في لندن مايتسكي في طريقه من بريطانيا الى موسكو. وقد التقى مع بن غوريون واليعيزر كابلان، الذي كان رئيس القسم الاقتصادي في الوكالة اليهودية. وقد أخذا مايتسكي في جولة في كيبوتس في جبال القدس، وأجابا بالتفصيل على اسئلته بشأن القدرة الاستيعابية للبلاد. وبناء على طلبه كتبا مذكرة مفصلة حول الموضوع.
لا توجد لدينا معلومات حول النقاشات الداخلية في المكتب السياسي السوفييتي بشأن هذه المواضيع: الوثائق التي نشرت هي فقط رسائل دبلوماسية، وليس تقارير عن نقاشات داخلية. ولكن الاسئلة المتكررة عن القدرة الاستيعابية تبرهن على اتجاهات التفكير السوفييتي، التي هدفت الى الحصول على اجابات براغماتية عن اسئلة تتعلق بالهجرة اليهودية الى البلاد.
نظرة ممتعة لعمليات التفكير هذه يمكن ملاحظتها في تقارير ناحوم غولدمان حول لقاءاته في الاعوام 1942 – 1944 مع قسطنطين امنسكي (من اصل يهودي)، سفير الاتحاد السوفييتي في واشنطن في حينه وبعد ذلك في المكسيك. غولدمان بسحره ودبلوماسيته وموهبته في التحدث نجح في جعل امنسكي، في لقاء في آب 1944، يرمز اليه (بصورة شخصية كيهودي) بأنه بعد الحرب ستكون مشكلة كبيرة في شرق اوروبا مع اليهود الناجين من الكارثة، وأن هذا الامر يقلق السوفييت: هذه كانت اشارة واضحة على أن اللاسامية في شرق اوروبا، لا سيما في بولندا، ستصعب على اعادة اسكان الناجين في بلادهم التي جاءوا منها. واضاف امنسكي بأنه في موسكو تجري نقاشات عميقة بشأن اليهود، وأنه سيتم اتخاذ قرارات مهمة في هذا الشأن – اشارة اولى الى تغيير محتمل في السياسة السوفييتية، التي ستجد تعبيرها الحاسم في خطاب غروميكو في 1947. من الجدير أن نذكر أنه في خريف 1943 خلف غروميكو امنسكي كسفير للاتحاد السوفييتي في واشنطن. وكان غولدمان من الاوائل الذين طلبوا الالتقاء معه. مع اشارته الى أنه ليس لديه شيء محدد لبحثه معه، لكنه “يرغب في الحفاظ على العلاقة”. في التقرير الذي ارسله الى الادارة الصهيونية أشار غولدمان الى أن غروميكو صحيح أنه شاب، لكنه مؤهل ومستعد للاستماع.
إن فتح نافذة على القيادة السوفييتية اثناء الحرب كان احد الانجازات الهامة جدا للدبلوماسية الصهيونية. وهذا الامر تم بتعقل ومن خلال تشخيص المصالح المشتركة وبتواضع: أي زعيم صهيوني لم يتفاخر أو يتبجح بالعلاقة الممتازة مع موسكو، لكن تم ارسال تقارير مفصلة للادارة الصهيونية، حتى أن خطاب غروميكو في 1947 فاجأ القيادة الصهيونية. البذور التي زرعت نبتت بعد حين.
هكذا نشأت الارضية للاتفاق بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي التي أدت الى تأييد الدولتين العظميين لقرار التقسيم. ومثلما هي الحال في قضية تصريح بلفور تشابكت هنا مصالح مركبة لسياسة داخلية وسياسة خارجية، الى جانب قدرة كبيرة للقيادة الصهيونية على تطوير دبلوماسية عقلانية ايضا في غياب دولة. لقد كان للحركة الصهيونية قادة فهموا أن من المهم استغلال اللحظة السياسية المناسبة في الازمات ايضا. وأن تشخيص المصالح حتى لو كانت غير متشابهة يمكن أن تكون متطابقة، وعرفوا أن العدل الشخصي ليس من الضروري أن يكون مقنعا، وأنه يجب عدم التفاخر والتبجح علنا، بل العمل الصعب اليومي لنسج العلاقات والاستثمار على المدى البعيد، لأنه احيانا يكون الخير في الامر المخفي عن العين. ليست كل حركة سياسية، ولا كل دولة، حظيت بزعماء مثل هؤلاء الذين حظيت بهم الحركة الصهيونية في الاوقات الصعبة لشعب اسرائيل. لا يمكن تجاهل الحقيقة الصعبة وهي أنه لو كانت للحركة الفلسطينية في ذلك الحين قيادة لها نفس القدرات، ولم تخطيء في تقدير عدالتها الذاتية واستخدام العنف، لكانت قامت الدولة الفلسطينية في 1948 الى جانب اسرائيل: كان الشعبان لن يجرا الى الحرب، ولم تكن النكبة لتحدث، ومشكلة اللاجئين لم تكن لتنشأ، ووجه الشرق الاوسط كان سيكون مختلفا.
في نظرة الى الوراء، من الواضح أنه لو لم تتبن القيادة الصهيونية مبدأ التقسيم، فان الامم المتحدة لم تكن لتدعم انشاء الدولة اليهودية. هذه هي الامور التي يجب علينا تذكرها الآن: من يرفض تقسيم البلاد وحل الدولتين يقوم بتشويه شرعية دولة اسرائيل والمشروع الصهيوني. هذا وهم خطير، الافتراض أنه في نهاية الامر ستحظى اسرائيل بالشرعية لمواصلة السيطرة على كل ارض اسرائيل. إن من يحتفل في 29 تشرين الثاني لا يمكنه تجاهل أن السيادة والتقسيم تقترن الواحدة بالاخرى.
يجب أن لا يكون شك بأن المجتمع الدولي اعترف بحق الشعب اليهودي في تقرير المصير والسيادة والاستقلال لأن الحركة الصهيونية وافقت على مبدأ المصالحة بين الحركتين القوميتين، الذي يكمن في فكرة تقسيم البلاد الى دولتين قوميتين، يهودية وعربية. إن من يتوق الآن الى استمرار سيطرة اسرائيل على ملايين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، يضعضع اساس شرعية الصهيونية ودولة اسرائيل. ومثلما لم يكن بالامكان في 1947 الحصول على موافقة دولية على دولة يهودية في كل ارض اسرائيل، هكذا هو الامر الآن، لا يمكن الحصول على موافقة كهذه، ومن لا يرى ذلك فهو يتنكر للواقع ويقوم بتضليل الجمهور.
إسرائيل اليوم / يعملون على هذا
إسرائيل اليوم – بقلم نداف شرغاي – 24/11/2017
في مقابل طوفان خطط الانفصال عن عرب شرقي القدس التي تنشر في الاشهر الاخيرة، يبث الواقع على الارض صورة معاكسة تماما: يخيل انه لم تكن ابدا مسيرة أسرلة لعرب شرقي القدس على هذا القدر من الكثافة. فالجدار الذي اقامته اسرائيل على مسار غلاف القدس قطع الاقتصاد الشرق مقدسي عن الضفة وأضر به ضررا فادحا. اما “الاصلاح” – في غياب دليل آخر – فكامن في توجه عرب القدس غربا، الى الاسرائيلية.
مزيد من خريجي البجروت الاسرائيلي؛ مزيد من خريجي الجامعات في اسرائيل؛ مزيد من حالات الزواج لابناء وبنات شرقي القدس مع عرب اسرائيل وأقل مع عرب الضفة؛ مزيد من”التوجه الى الغرب” والتواجد المتعاظم في مجالات الاستهلاك والترفيه في المناطق اليهودية. وفوق كل شيء – يحتل عرب شرقي القدس اجزاء متزايدة من سوق العمل في غربي المدينة. ومع ذلك، فان نير حسون، الذي كرس فصلا كاملا في كتابه الجديد “اورشليم” لسياقات الاسرلة، شخص مع ذلك على نحو سليم، رغم كل شيء، بان عرب شرقي المدينة لم يتخلوا عن وطنيتهم الفلسطينية. فمن خلف المسيرة، كما يشهد حسون، تقبع اساسا اعتبارات عملية وبقائية.
الان يصدر بحث مشترك لاثنين من باحثي معهد القدس للبحوث السياسية، “من وراء السقف الزجاجي”، الذي يوثق سوق العمل المشترك للاسرائيليين والفلسطينيين في القدس. لاول مرة، كما يخيل، يلبس البحث ليس فقط المعطيات الجاهزة بل وايضا المشاعر، الاحاسيس ومنظومات العلاقات التفاعلية المرتبة بين اليهود العرب في سوق العمل في المدينة.
نتائج البحث مثيرة ولا تثني دوما على الجانب الاسرائيلي. مريك شتيرن، ابن النائب الراحل يوري شتيرن، الذي يعنى بالجغرافيا السياسية للمدن المختلطة، واحمد الاسمر من وادي الجوز في شرقي القدس، صحافي سابق وترأس خلية الطلاب الشرق مقدسيين في الجامعة العبرية لا يقدمان اي تنزيلات في بحثهما، لا لارباب العمل – وهم في اغلبيتهم الساحقة يهود، ولا للعاملين – وهم في اغلبيتهم الساحقة عرب.
ان دوامة المشاعر المتضاربة التي ترافق مجال العمل المشترك في مكان متعذر مثل القدس يتراوح بين احساس الظلم والتعلق الذي يرافق العمال العرب (في ضوء شروط العمل المتردية بالمقارنة مع العمال اليهود) وبين منظومات العلاقات الشخصية التي يطورها خُمس العاملين اليهود والعرب ممن يعملون الواحد الى جانب الاخر، وهو الامر الذي ليس مفهوما من تلقاء ذاته على الاطلاق.
ومع ذلك، في اماكن عمل مشتركة كثيرة، كما يتبين، محظور على العمال العرب الحديث بالعربية. والاعتبار هو “تجاري”: فمن شأن الامر ان يهرب الزبائن اليهود. في معظم اماكن العمل المشتركة محظور ايضا، سواء على اليهود أمع على العرب “الحديث في السياسة”. ويسمي شتيرن والاسمر ذلك بانه “آلية بقاء وحفظ مكان العمل المشترك من مغبة تسلل النزاع السياسي الى داخله”. فالبديل بالنسبة للكثير من العمال هو العلاقة من خلال الفيس بوك ومجموعات الواتس اب، حيث يتعرفون، رغم الحظر من رب العمل، على مواقف وأراء ابناء القومية الاخرى.
ويبين البحث بانه في أوقات يتصاعد فيه التوتر، العمليات والمواجهات الدينية – القومية، يخاف سواء اليهود أم العرب من استخدام المواصلات العامة، وجغرافيا الخوف تسيطر على العلاقات بين الجماعتين السكانيتين. في مثل هذه الفترات من الصعب أكثر على العرب مواصلة العمل في الجانب اليهودي، ولكن ارباب العمل ممن لا ينالون في الايام العادية الثناء من عمالهم، يكتشفون فجأة الجانب “الرقيق” لديهم، يعربون عن قلق علىى مصيرهم، يهتمون بما يمر عليهم، بل ويتعلمون أكثر عن واقع الحياة المركبة للاقلية العربية في القدس.
لا يزالون يفضلون الغرب
نحو 49 في المئة من قوة العمل العربية في شرقي القدس، نحو 35 الف نسمة، يعملون في اعمال تجارية في الوسط اليهودي. ويأتي هؤلاء من مجتمع معدل عال من العائلات فيه تعيش دون خط الفقر، 82 في المئة، ومعدل التساقط من المدارس الثانوية هو الاعلى في البلاد – 36 في المئة. شبكة البنى التحتية البلدية الاساسية في احياء شرقي القدس (المجاري، شركة المياه والطرق) توجد في وضع مترد جدا. بالنسبة لسكان هذه الاحياء فان سوق العمل اليهودي هو مثابة النجاة.
بالنسبة لارباب العمل اليهود هم قوة عمل حيوية لا بديل لها بل ومصدر للربح الاقتصادي. فهم يدفعون للعرب أجرا أقل لقاء ساعات عمل أكثر، مقارنة بما يتلقاه اليهود، ولا يزال – أجر اعلى جدا من الاجر الذي يدفع في شرقي المدينة أو في مناطق السلطة الفلسطينية. وبالتالي فان بحث شتيرن والاسمر يعرض قصة تعلق متبادل.
71 في المئة من الاجيرين في القدس في مجال البناء هم عرب وهكذا ايضا 57 في المئة من العمال في مجال المواصلات، 40 في المئة من العمال في مجال الفنادق والمطاعم، 20 في المئة من العمال في جهاز الصحة، الرفاه والرعاية و 46 في المئة من العمال في خدمات توريد المياه، المجاري والنظافة.
استجوب شتيرن والاسمر 428 عامل، جمعا أربع مجموعات تركيز واضافا ايضا مقابلات عميقة. تعلما بان الكثير من العمال العرب “يشعرون بمشاعر غير لطيفة حتى قاسية في غربي القدس، وانهم لا يشعرون آمنين أو منتمين”. وبلغ 49 في المئة منهم بانهم واجهوا مرة واحدة على الاقل عنفا لفظيا على خلفية قومية. وبلغ 18 في المئة عن تجربة واحدة أو اكثر من العنف الجسدي.
تتطابق معطيات شتيرن والاسمر جيدا مع تقارير منظمة “تاغ مئير” (شارة نور) عن الاحداث في القدس في السنوات الاخيرة. ويوضح شتيرن بانه رغم الخوف – وربما على نحو مفاجيء – لو كان عرب شرقي القدس يريدون أن يختاروا منطقة عملهم، فان غالبيتهم الساحقة ستختار غربي المدينة. فشروط العمل الافضل في هذه المنطقة ترجح الكفة.
يتجاهل النظرات
ان القصة المركبة لسوق العمل المشترك تجد تعبيرها أكثر من كل من أجريت المقابلات معهم، حواراتهم القصيرة التي يأتي بها البحث.
“ع”، صاحب امتياز لشبكة قطرية للمقاهي في القدس، يشهد امام الباحثين عن السياسة الرسمية للشبكة فيقول “13 من اصل 20 عامل في المقهى هم عرب وبالتالي فان احاول أن اوازن ذلك، مع عدد اكبر من عاملات الصندوق اليهوديات. ورغم ذلك وصلت الى الحاجز إمرأة رفيعة المستوى جدا من الادارة الرئيسة، حين كانت عاملة الصندوق في فرصتها. طلبت السيدة عصير فواكه واراد القدر أن يكون يعمل هناك شاطف للاواني. فغضبت السيدة جدا ورفعت لي مكالمة هاتفية: “كل مكانك مليء بالعرب”. فقلت لها: “اسمعي جيدا: كل شهر أنشر اعلانا على حساب اطلب فيه عاملين. صعب جدا جلب عمال عرب ليعملوا في المقهى””. من هذه الشهادة وغيرها مما يشبهها يتعرف شتيرن والاسمر على أن ادارات الشبكات والمتاجر في المدينة ترى في تواجد زائد للعرب في مجالات الاستهلاك الاسرائيلية – اليهودية عاملا مؤثرا ذا امكانية كامنة سلبية على سوق الزبائن اليهود.
متغير آخر في مجال العمل المشترك هو الحظر الذي يفرضه جزء من ارباب العمل على استخدام العربية. هنا ايضا، كما يتبين، الاعتبار هو تجاري. “س”، عربي ابن 21، طالب في الجامعة العبرية، يعمل كبائع في دكان في غربي المدينة روى يقول: “المسؤول قال: يوجد قانون جديد، لا يمكن الحديث بالعربية في العمل. اليهود لا يفهمون ما نقوله فيما بيننا. تجاهلنا. فهم لن يقيلونا، إذ في السبت لن يتدبروا امرهم بدوننا”.
كما أن الامتناع عن الحديث السياسي في اماكن العمل هو خط توجه لدى الكثير من ارباب العمل. هنا ايضا الاعتبار هو عملي: منع الاحتكاكات والخصومات. “ج”، صاحب كراج كبير في المنطقة الصناعية في تلبيوت يقول: “أنا عمل مع العرب سنوات طويلة جدا. لا نتحدث هنا السياسة. الشباب يأتون، يقومون بالعمل وينطلقون بسلام”. “م”، عربي ابن 32، سائق في القطار الخفيف في القدس، يصف وضعية عملية في شارع يافا بينما كان يقود القطار هناك: “أصغر الرأس. لا أتحدث، ابقي على الهدوء. اتجاهل النظرات التي تنغرس فيّ والاحاديث عن العملية “التي قام بها عربي””.
شهادات كثيرة في البحث ترسم واقعا مشابها، ومع ذلك توجد حالات شاذة تدل على انه احيانا، بالذات في وقت التوتر المتصاعد، يمكن للدخول المقصود في المسائل السياسية والقومية ان تخفف التوتر وتهديء الروع.
قصة “و” عاملة اجتماعية يهودية في بلدية القدس تجسد ذلك. “موجة الارهاب وقعت حين كنا معا، العاملون اليهود والعرب، في دورة مدراء”، روت “و” لشتيرن والاسمر، “شعرنا كيف أن التوتر وهذا الفيل الابيض يجلسان لنا في منتصف الغرفة، واحد لا يتحدث عنه. الى أن بادر احد المعلمين، الذي هو عالم نفس، ووضع هذا على الطاولة وأعلن لنا باننا سنجلس ازواجا ازواجا وكل واحد سيروي عن التفاعل الذي عاشه في مكتبه في هذه الايام. وفجأة طرحت أمور لم يتحدث الناس عنها حتى ذلك الحين”.
“و” تروي بان “عاملات يسكن في المستوطنات روين ما مر عليهن في الطريق الى البيت. مديرات من شرقي المدينة روين عن عامليهم وعن الحواجز التي يمرون بها في الصباح، في الطريق الى العمل. مرات عديدة يوقفون العمال، يجردونهم من ملابسهم ويهددونهم بالسلاح. وكيف أنهم احيانا يخرجون في الساعة الخامسة والنصف صباحا ولا يصلون الى العمل. ماذا يحصل في مثل هذا الوقع، عندما تكون حاجة الى نقل الطفل الى الروضة. تجارب قاسية: امهات هن مديرات مكاتب في البلدية روين بانهن يخفن حقا عندما يخرج اطفالن في الصباح الى المدارس. أما نحن، اليهود، فنخاف على سلامة اطفالنا، ولكن ايضا الام التي تسكن في بين حنينا تمر بشيء ما. وفعل الحديث تطهيرا ممتازا للجو. فعل هذا خيرا”.
“أنتم ايضا غير كاملين”
رغم ميل معظم أرباب العمل بان يعطلوا مسبقا امكانية الاحتكاك في اماكن العمل المشتركة من خلال منع الانشغال في السياسة فان “احد الموانع البارزة في الجهد لنزع السياسة في مجال العمل المشترك هو الانكشاف المتبادل للتعابير السياسية من جانب العمال من ابناء المجموعة العرقية الاخرى، على الفيس بوك أو في المجموعات المشتركة”.
وكتب شتيرن والاسمر في بحثهما يقولان ان “45 في المئة من العمال اليهود والعرب يوجد أصدقاء على الفيس بوك او على الواتس اب من ابناء الجماعة الاخرى، وهم يتراسلون فيما بينهم خارج ساعات العمل. وهكذا تعرف ارباب العمل والعمال اليهود على مظاهر التضامن او الكراهية من جانب العمال العرب في فترات الارهاب او الحرب في غزة. في 2014 اقيل عشرات العمال في ارجاء الدولة على هذه الخلفية (وليس في القدس بالذات).
“أ”، يهودية ابنة 22، تعمل كبائعة في دكان ملابس في مجمع تجاري في غربي القدس، أطلعت الباحثين على ما كتبته في مجموعة الواتس اب المشتركة احدى العاملات العربيات، التي كانت تعرف عائلة الفتى أبو خضير. “انتم ايضا غير كاملين. انتم ايضا تفعلون لنا اشياء”، كتبت العاملة العربية.
وتروي الصديقة اليهودية فتقول: “لم يقيلوها. فهذه كانت أول مرة؛ ولكن نشب جدال قطعته مديرتنا على الفور. وقالت انه لا مجال للحديث في السياسة في العمل”.
“في النهاية، هو ليس صديقا”
في كتابهما، وثق شتيرن والاسمر حالات اصبح فيها ارباب العمل أنفسهم حاجزا بين عمالهم العرب ومظاهر العنصرية من جانب الزبائن. هكذا تصرف “ج”، مدير كراج مع زبون لاحظ له هوية عماله العربية. “قلت له، يا حبيبي، هنا لا يوجد عرب ولا يوجد يهود. اذا كان مناسبا لك ان تجري العمل، فتفضل. واذا لم يكن مناسبا لك فخذ السيارة يا روحي واخرج. وهذا ساند العامل من هنا وحتى اشعار اخر”، كما روى مدير الكراج.
ويوجد ايضا قلق حقيقي متبادل: “ح”، يهودية، مديرة في خدمة الزبائن في شركة خلوية، تروي ما حصل بعد العملية في حي غيئولا. “عندما أغلقوا جبل المكبر لاسبوع ما… لم تأتي فتاتان عربيتان. فالاهل لم يسمحوا لهما بالخروج من البيت. خافوا عليهما. وأنا قلقت عليهما حقا. خفت ما سيحصل لهما في الشارع اذا ما تحدثتا العربية، وشك فيهما احد ما بانهما تريدان القيام بعملية. فيحيدهما دون أن يتصل بهما، دون أن يسأل، دون أن يستوضح… وهذا ايضا في الاتجاه المعاكس”، كما تصف “ح” وتضيف: “عندما وقعت العملية في هار نوف، قلقوا علينا جدا وارادوا أن نتأكد من أننا على ما يرام. هذا يحصل تقريبا في كل عملية، في انهم حقا، من جانبهم، يريدون أن يتأكدوا من أننا سليمون ومعافون”.
في اماكن العمل نفسها بلغ معظم العمال (60 في المئة من العرب و 80 في المئة من اليهود) عن علاقات عمل مهنية جدية بينهم. 44 في المئة من العرب و 59 في المئة من اليهود أشاروا الى انهم يشاركون بقدر متوسط فأكثر في النشاطات الاجتماعية في مكان العمل مثل الخروج في رحلة مشتركة او الاحتفال باعياد الميلاد. نحو 30 في المئة بالمتوسط من العمال اليهود والعرب أشاروا الى أنهم يدعون ويذهبون الى المناسبات العائلية أو الشخصية لابناء الجماعة الأخرى، بتواتر متوسط فأكثر.
نحو خُمس عموم العمال يتراسلون أيضا في الشبكات الاجتماعية لغير أغراض العمل، ومعدل مشابه من العمال (20 – 25 في المئة) بلغوا عن انهم يلتقون بقدر متوسط فأكثر مع العمال من أبناء الجماعة الأخرى بعد ساعات العمل.
ومع ذلك، فكل واحد من الطرفين يرى هذه العلاقة بشكل مختلف. ويكتب شتيرن والاسمر في بحثهما يقولان ان “العرب يشددون على جانب المنفعة في ذلك ويشيرون الى ان هذا سطحي من ناحية اجتماعية – علاقة عادية قائمة على المصالح فقط؛ علاقة عمل فقط وصداقة – سطحية”. اما اليهود بالمقابل، فوصفوا علاقة إيجابية ومتبادلة: علاقات مريحة، جيدة، تقدير، احترام متبادل.
في مجموعة التركيز العربية، كما يروي شتيرن والاسمر، احتج المشاركون عن مجرد سؤال العلاقات – “اعرف ماذا تريد ان تسمع” – لان برأيهم هذا يدل على توقع الباحثين في ان يخلقا مظهرا خارجيا من التعايش في أماكن العمل. وروى المشاركون العرب بانه في السنوات الأخيرة لا يسمح الوضع الأمني للمدعوين اليهود بالمجيء الى المناسبات العائلية في شرقي المدينة. لاعمامي ولابي الذين عملوا في داخل إسرائيل وفي غربي المدينة قبل عشرين سنة كان أصداء، وكانت اعراس وكانوا يأتون. ولكن في هذه الفترة توجد فوضى وبالتالي من الصعب استدعاء احد ما الى شعفاط”، قال احد المستطلعين.
لشبكة العلاقة بين العرب واليهود تدخل غير مرة أيضا حالات من التهكم والدعابة السوداء. وهكذا تصف الأمور “ح”، عاملة اجتماعية يهودية في بلدية القدس: “علاقتي معهم قليلة جدا. معظمهم يمكنني أن اعتبرهم أصدقاء طيبين، علاقة تتجاوز ساعات العمل. على الأقل أربعة أصدقاء طيبين. اعتقد أننا طورنا نوعا ما من الدعابة في ضوء الوضع. هذا يعني، اذا كانت حاجة لقطع كعكة بالسكين، فاني لا اعطيها للعربي وأقول له: لا اعطيك السكين فانا أعرف ما ستفعل بها. كل أنواع الاحاديث كهذه التي تساعدنا جدا على التصدي للوضع. ولكن من لا يعرف هذه الدعابة وكان جديدا في العمل فكان يفزع. كانت عندي زميلة دعتني في يوم العملية ببساطة وقالت: “يا”ح”، أخاف ان ينقلبوا علينا”. تركت العمل في وقت مبكر وبعثت برسالة قصيرة بانها غير مستعدة لان تعمل بعد اليوم”.
“ن”، عربي ابن 27، يعمل كممرض في صندوق للمرضى في غربي القدس، يروي بانه دعي الى عرس زميلة يهودية – ورفض الوصول. “ب”، عربي ابن 29، عامل مجتمعي في شرقي القدس، روى بصراحة يقول: “كل يوم أقول لصديقي اليهودي الذي يعمل معي “اخي”، ولكن في النهاية هو ليس صديقا، رغم أني أقول له هذا كل الوقت. هذا لا يعني ان اليهودي هو عدو، ولكن كيف تريد أن نكون أصدقاء، حين تسلب مني حقوقي؟”. “ع”، صديقه في المجموعة، ابن 37، نائب مدير صيانة في فندق في غربي القدس: “اسمع، يوجد أصدقاء، ولكن شيء ما يقف بيني وبينهم، نضحك، نتحدث، ولكن يوجد شيء تاريخي”.
“ه”، عاملة اجتماعية يهودية، تعتذر لانها لا تعرف اسم المنظفة في مكان عملها. وتعد بانها “ستقوم بفروضها البيتية”. أما “ف”، يهودي ابن 32، مدير وردية في مطعم في عميق رفائيم، فيصف شبكة علاقات كانت واندثرت مع أبناء عائلة من الثوري: “كانت هناك علاقة وثيقة جدا بين النادلين وكذا بين الطاقم والمالك، احد لم يتحدث عن الوضع السياسي. نشأت صداقات، علاقات طيبة، وبين الحين والآخر تناولنا الشواء. كانت في المطعم عائلة عمل ابنا لها في المطبخ، اخوه شطف الاواني، وابوهما – سائق تاكسي عمومي. رأيت الاب والاحترام الذين يكنه له الابنان، وهذا أسر قلبي. بعد اقناعات عديدة زرتهم في البيت، في الثوري، في شارع رشقت فيه الحجارة غير مرة. وقد اضافوني بشكل مجنون”.
سؤال: هل انت على علاقة معهم؟
“لم تعد. ولكني اراهم بين الحين والآخر. وهم يأتون الى الحي بين عمل كهذا وكذاك. يغادرون، ويعودون. ربما يأتون بمزاج مختلف”.
معظم اليهود يعرفون العلاقة بتعابير إيجابية. معظم العرب يرون فيها علاقة منفعة فقط. اما شتيرن والاسمر فيريان في مجالات العمل المشتركة فرصة لخلق علاقات إيجابية بين السكان وجعل القدس مدينة افضل واكثر نجاحا. من الناحية الاقتصادية أيضا.
هآرتس / السعودية تحاول منافسة ايران في العراق
هآرتس – بقلم تسفي برئيل – 24/11/2017
“قصة غرام” جديدة يتم نسجها بين دولتين بعد 14 سنة من الاغتراب المتبادل. فقد مرت بضعة اشهر منذ ادانة العراق للسعودية وطرد سفيرها، التي مثلت خطوة اخرى في اطار سنوات من العلاقة العكرة. ولكن في الشهر الماضي طرأ تغير: السعودية برئاسة الملك سلمان انشأت مع العراق لجنة تنسيق مشتركة قامت فعليا بالتوقيع على اتفاقات اقتصادية بوجود الراعي الامريكي، وزير الخارجية ريكس تلرسون. وبعد بضعة اسابيع على انشاء اللجنة، اجتمعت مرة اخرى لتوسيع التعاون. خلال 27 سنة منذ احتلال الكويت من قبل صدام لم تهبط طائرات سعودية في العراق، وفجأة ظهر وفد سعودي تجاري رفيع المستوى في مطار بغداد، وتم استقباله بحفاوة، ايضا من قبل وسائل الاعلام العراقية.
“الاكتشاف الجديد” للعراق من قبل السعودية لا ينفصل عن الحرب الشاملة التي تديرها المملكة من اجل كبح نفوذ ايران. ولكن مثلما هي الحال في سوريا ولبنان، يبدو أن هذه العملية ايضا جاءت متأخرة جدا. لقد كان للسعودية فرص كثيرة من اجل التواصل مع العراق، مباشرة بعد حرب الخليج، لكنها فضلت مواصلة معاقبة العراق على أنه طور علاقات متشعبة مع ايران، حتى تحول الى دولة تحت وصاية ايران، والى الشريك التجاري الاكبر لايران. الجانب الاهم هو موافقة ايران على العلاقة المتجددة بين العراق والسعودية. يبدو أن سبب ذلك هو أن طهران متاكدة من التزام العراق تجاهها. واكثر من ذلك، اذا حسن العراق علاقاته مع السعودية وحظي بشرعية اكبر في العالم العربي، فان هذا يثبت أن علاقته الوثيقة مع ايران لا تحوله الى دولة منبوذة. هكذا، اذا كانت السعودية مستعدة لاستثمارات المليارات في العراق فان هذا جيد للعراق ولايران ايضا. وهذا هو نفس التكتيك الذي اتبعته ايران تجاه لبنان، الذي كان يحظى باستثمارات سعودية كبيرة دون أن يؤثر ذلك على قدرة ايران في التأثير على سياسة لبنان.
العلاقة بين السعودية والعراق يمكن أن تدلل على تحول استراتيجي للسعودية بخصوص الازمة السورية. الافتراض السعودي يرتكز على الواقع السياسي الذي رسخ روسيا وايران كاصحاب بيت في سوريا. قدرة السعودية على التأثير على الحل السياسي الذي ترسمه روسيا يتلخص في تأثيرها على مليشيات المتمردين الذين يحظون برعايتها. يبدو أن السعودية توصلت الى استنتاج لا مناص من أن تصل اليه، وهو أن عليها أن تختار لنفسها جبهات جديدة من اجل أن تحارب فيها ضد ايران، والعراق يمكن أن يشكل ساحة محتملة لمواجهة كهذه، لا سيما من اجل منع خلق ما اعتيد تسميته “محور الشر” الذي يربط ايران مع سوريا بممر بري.
من اجل تحقيق هذا الطموح يجب على السعودية اقناع الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي على ابقاء القوات الامريكية في العراق، رغم أن الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) وصلت الى نهايتها من خلال احتلال المدينة الاخيرة رافا، التي كانت تحت سيطرة التنظيم. العبادي ينتظر في الحقيقة ولديه اعلان رسمي عن انتهاء الحرب، لكن ايران سبقته عندما أعلن الرئيس حسن روحاني وقائد قوة القدس قاسم سليماني في هذا الاسبوع أنه “تم تحقيق الهدف بالكامل”. الحرب ضد داعش في العراق وصلت الى نهايتها. هذه التصريحات اعاقت داعش في تنفيذ عدد من العمليات الدموية في الايام الاخيرة، وهو ما زال حتى الآن نشيطا في بؤر في الصحراء الغربية للعراق في محافظة الانبار.
يوجد لهذه التصريحات الايرانية تداعيات استراتيجية هامة، حيث أن تفسيرها هو أن ايران تستطيع الآن أن تسحب قواتها من المناطق العراقية وتطالب بأن تقوم قوات التحالف الغربي، وبالاساس الولايات المتحدة، بالانسحاب من الدولة. لا يوجد لايران مشكلة في سحب قواتها من العراق، لأنها ستواصل تمويل وتدريب المليشيات الشيعية العاملة كقوات مساعدة للجيش العراقي، التي تعتبر الآن جزء لا يتجزأ من الجيش العراقي. وبذلك تحافظ على الموقع العسكري الذي يوجد لها في العراق.
مسألة تواجد القوات الامريكية تحولت بناء على ذلك الى موضوع مختلف فيه في البرلمان العراقي، الذي يستعد للانتخابات التي يتوقع اجراؤها في شهر ايار القادم. عدد من اعضاء البرلمان يعتقدون أنه يجب الموافقة على الوجود الامريكي بشرط أن يقتصر على التوجيه والتدريب، لكن ليس كقوة عسكرية مقاتلة. عدد آخر من الاعضاء يعارضون بشدة وجود أي قوة اجنبية. في هذا الخلاف يمكن للسعودية أن تستخدم كرافعة تضغط على العبادي من اجل الموافقة على بقاء القوات الامريكية، لكن ليس هناك أي تأكيد على أن العبادي سيخضع لذلك. مثال على الصعوبة التي يمكن أن تفشل الضغط السعودي هو تصريح الانفصالي الشيعي مقتدى الصدر في هذا الاسبوع، بأنه سيدعم رئيس الحكومة الحالي في الانتخابات القادمة. الصدر، الذي لديه جيش خاص، كانت له مواجهات كثيرة مع العبادي، حتى أنه بادر الى تنظيم مظاهرات ضده حتى في هذه السنة ايضا. من الواضح أنه اذا كان الامر هكذا فان لهذا التحول المفاجيء سيكون ثمن: الصدر يعارض بشدة الوجود الامريكي في العراق، وربما أنه يريد جباية الدين من خلال الطلب من العبادي العمل ضد التواجد الاجنبي.
اضافة الى التعقيد الدولي الذي سيضطر العراق فيه للمناورة بين طموحات السعودية والولايات المتحدة وبين ضغط وتأثير ايران، التي ستطلب من العبادي مواجهة المشكلات الشديدة في الداخل، التي اثارتها الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية. عودة مئات آلاف المواطنين العراقيين الى منازلهم تجري ببطء شديد. وفي المدن التي تم تحريرها من داعش مثل الموصل ونينوى، فان الحياة بعيدة عن أن تكون طبيعية. مواطن عراقي عرف نفسه باسم بدران، قال لموقع “نقاش” العراقي “في الاسابيع الاخيرة جاء الى بيتي مقاتلين من خمس مليشيات مختلفة، وقاموا بفحص بطاقات هوياتنا”. جاره قتل على أيدي مجهولين والمواطنون يخشون من الخروج من البيوت خوفا من التعرض لهم من قبل رجال المليشيات الذين قسموا بينهم السيطرة فيى مدينة الموصل. موظفو الدولة الذين يعيشون في مدن تم تحريرها لا يحصلون على الرواتب رغم وعود الحكومة.
لقد نشر في هذا الاسبوع أن حوالي 800 أرملة وطفل من ابناء تنظيم الدولة الاسلامية الاجانب تم نقلهم الى منشأة اعتقال في بغداد من المنشأة التي كانوا فيها في شمال الدولة خوفا من أن يقوم المدنيون بالانتقام منهم. في مدينة الانبار التي حررت قبل سنتين تقريبا، ترفض السلطات تجنيد مواطنين من ابناء المكان في صفوف الشرطة رغم النقص في القوة البشرية. اذا كان قد عمل في المحافظة قبل الحرب اكثر من 28 ألف شرطي، فان العاملين فيها الآن اقل من النصف. شقيقان من ابناء المدينة من عائلة بيجاري، اللذان انضما الى قوات القبائل التي حاربت ضد داعش، حصلوا على تعهد بأن يتم تجنيدهم للشرطة بعد انتهاء الحرب. في هذه الاثناء أحدهما قتل والآخر جرح واصبح معاق. التعهد لم ينفذ ولم يتم دفع تعويضات على الاصابة.
مواطنون من المدينة قالوا إن النظام يرفض تجنيد سكان المنطقة السنة خوفا من أنهم ما زالوا مخلصون للدولة الاسلامية. إن تنكر النظام يدفع السكان الى الانضمام الى “مكان العمل” الوحيد المفتوح امامهم، صفوف المليشيات المحلية التي يوجد لكل واحدة منها ولاءها القبلي الخاص بها. هذا ايضا مصير أكثر من 4 آلاف شرطي خدموا في الشرطة قبل الحرب، والآن لا يتم قبول عودتهم الى العمل.
إن الخوف المبرر من مقاتلي داعش العراقيين الذين نزعوا الزي العسكري ويبدون الآن كمدنيين، يجبر القوات الامنية على القيام بفحص مشدد من اجل منع اعادة تنظيمهم، وجمع السلاح الكثير الذي بقي في أيدي مدنيين بعد الحرب، والدفاع عن المدنيين الابرياء الذين يعيشون في المناطق التي كانت تحت سيطرة التنظيم من تصفية الحسابات. هذه مهمات ثقيلة جدا على الشرطة والجيش، والتي تتطلب ايضا الحفاظ على النظام العام. ونتيجة لذلك، آلاف العائلات تنتظر الفحص والتحقيق ولا تستطيع العودة الى بيوتها.
ولكن من ينجح في العودة يجد أنه ليس له ما يعود من اجله. مئات آلاف المنازل هدمت وهي بحاجة الى استثمارات ضخمة، ما زالت الحكومة غير مستعدة لاستثمارها. العراق هو دولة غنية، ولديه احتياطي نفط يعتبر الثالث في العالم بعد ايران والسعودية. ولكن لديه عجز في الميزانية يبلغ 20 مليار دولار تقريبا، ودين يقدر بـ 133 مليار دولار. في السنة القادمة سيبدأ العراق في دفع تعويضات للكويت بسبب الاضرار التي تسبب بها في حرب الخليج الاولى. وليس واضحا من أين ستأتي الاموال لاعادة تأهيل المدن وتعويض المصابين في الحرب. المواطنون السنة قلقون بدرجة كبيرة من أن سلم اولويات الحكومة سيميز ضدهم وسيجدون انفسهم على هامش ميزانية الدولة بصورة ستزيد من الشعور بالاحباط الكبير الذي يوجد لديهم اصلا. من هنا ستكون المسافة الى المواجهة العنيفة مع النظام قصيرة وخطيرة.
هذا التطور يقلق ايران، التي ايضا في فترة ولاية رئيس الحكومة السابق نوري المالكي طلبت الاهتمام باحتياجات السكان السنة من اجل منع المواجهات التي من شأنها أن تمس باستقرار الدولة. المالكي عمل بالضبط العكس، ودفع السكان السنة الى مساعدة داعش في احتلال مناطق في العراق. وبصورة متناقضة ايران من شأنها هذه المرة أن تكون الدرع الواقي للسنة العراقيين، ليس فقط من اجل استقرار النظام في العراق، بل من اجل كبح “المؤامرة” السعودية لأن تضم الى صدرها القطاع السني واستخدامهم كوسيلة للتأثير في العراق. بهذا الشكل يمكن أن تنمو لها حلبة المصارعة الاقليمية القادمة والتي لا تبشر بالخير.
يديعوت / العاروري يشرف على التطوير العسكري لحماس في الضفة
يديعوت – 24/11/2017
قالت صحيفة (يديعوت أحرنوت) العبرية، بأن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تعمل على تطوير نفسها عسكريًا في الضفة الغربية، بإشراف ومتابعة نائب رئيس مكتبها السياسي صالح العاروري.
ووفق ما نقلتة الصحيفة، أن أسرى حركة حماس المحررين والمبعدين من الضفة الغربية، إلى المناطق الأخرى هم من يشرفون على إدارة هذه النشاطات، وبشكل حر، دون خوف من الاعتقال.
وأضافت: أن العاروري هو من يحاول إعادة بناء قواعد التنظيم بالضفة الغربية من الخارج، وذلك بعد عدم مقدرة حماس على مدار عشر سنوات من إقامة أي نشاطات اجتماعية أو سياسية أو عسكرية في الضفة الغربية لصعوبة الأوضاع.
وتابعت: “العاروري يسعى لإعادة بناء الخلايا العسكرية للتنظيم بالضفة، حيث إنه كان مسؤولاً عن قيادة منطقة الضفة الغربية بحركة حماس، وهو رجل صاحب رؤية استراتيجية بعيدة المدى، وأدرك أنه يجب تغير سلوك الحركة بالضفة، حتى يهيئ الحركة للسيطرة هناك، لذلك بدأ بوضع خطة للتركيز على الضفة الغربية من الخارج”.
الاذاعة العامة الاسرائيلية / استقالة وزير الصحة الإسرائيلي على خلفية العمل يوم السبت
الاذاعة العامة الاسرائيلية – مكان – 24/11/2017
أبلغ وزير الصحة الإسرائيلي، ، يعقوب ليتسمان، اليوم، الجمعة، وزير الحكومة، بنيامين نتنياهو، استقالته من منصبه، على خلفية استئناف عمل القطار أيام السبت، ومع ذلك، من المتوقع أن يبقى حزبه “يهدوت هتوراه” في الائتلاف الحكومي.
وأبلغ ليتسمان نتنياهو، أنه سيتقدم باستقالته بشكل رسمي، الأحد المقبل، في حين يحاول حزب الليكود التوصل إلى حل وسط مع ليتسمان، بحيث يستقيل الوزير من الحكومة، على أن يستمر حزبه ضمن الائتلاف.
جاء ذلك في أعقاب إعلان وزير العمل والرفاه، حاييم كاتس، صباح اليوم، أنه أعطى الإذن باستئناف عمل القطار، وقال إنه “بعد دراسة معمقة، أذنت بإجراء الأعمال الأساسية، لضمان سلامة حركة السكك الحديدية”، وأضاف أن “القرار جاء بعد الأخذ بعين الاعتبار مشاعر المتدينين من جهة والحفاظ على روتين مستخدمي القطار يوم الأحد من جهة أخرى”.
وكان نتنياهو قد عقد جلسة أمس مع ليتسمان وكاتس، أوضح كاتس خلالها، بحسب القناة الإسرائيلية الثانية، الخطوط العريضة لمسار العمل في السكة الحديد، بحيث تكون محدودة خلال أيام السبت، والتي ستشمل فقط الاعمال التي يتم تصنيفها تحت عنوان “إنقاذ الأرواح” من المخاطر التي قد تترتب على عدم صيانة السكة الحديد.
وكان ليتسمان قد وجه رسالة إلى نتنياهو، جاء فيها أن استمرار “تحويل يوم السبت إلى يوم الترميمات القومي لقطارات إسرائيل، مناقص للوضع القائم، ويشكّل استهدافًا خطيرًا لتقاليد إسرائيل وبقيمة قدسيّة السبت”.
هآرتس / القاطرة الاصولية
هآرتس – بقلم أسرة التحرير – 24/11/2017
المهزلة الاكبر تستقبل في اسرائيل كأمر مسلم به: فلا توجد اي دولة في العالم لا تعمل فيها مواصلات عامة سبعة ايام في الاسبوع. ويدور الحديث عن مهزلة تصرخ الى السماء وتمس اساسا بالاكثر ضعفا، اولئك الذين ليس بوسعهم ان يتحركوا بلا مواصلات عامة في السبت وفي العيد. اما دولة اسرائيل فتعلن لهم بان من ناحيتها يمكنهم ان يبقوا في البيت دون قدرة على زيارة اعزائهم أو التجول إذ ان قلة من القلة نجحت في أن تفرض على عموم الجمهور فكرها.
غير أن حتى هذا السلوك المشوه، الذي أصبح امرا اعتياديا لا يرضي الاصوليين. فهم يريدون أكثر: ليس فقط الا يسافر القطاع في السبت بل الا تتم ايضا الاعمال المتعلقة بصيانته في هذا اليوم بل في احد ايام الاسبوع. اما حقيقة ان مثل هذا القرار سيعطل كل حركة القطارات في الدولة، فلا تشغل بالهم. من ناحيتهم، فليقضي الجمهور كله بضع ساعات اخرى في الازمات او يخسر يوم عمل.
ان هذا التشويه المتواصل يحصل لانه بخلاف الصورة التي يحاول بنيامين نتنياهو أن يرسمها، فانه رئيس وزراء ضعيف وقابل للضغط. فعندما يهدد يعقوب ليتسمان بانه سيستقيل من منصب وزير الصحة، يرتعد نتنياهو وكأنه ورقة شجر تطير في الهواء، رغم أنه يعرف بانه لم تكن هناك حكومة أعطت الاصوليين هذا القدر الكبير ولهذا فانهم لن ينسحبوا منها بهذه السرعة.
اعلن النائب موشيه جفني هذا الاسبوع بانه يعمل على اعداد قانون لم يسمح بفتح الدكاكين يوم السبت في كل البلاد، بما في ذلك في تل ابيب رغم قرار محكمة العدل العليا. اما الان فيتجاوزه ليتسمان من اليمين في موضوع القطار. كل واحد وقصته، كل واحد وجمهور مقترعيه. والحديث يدور بالاجمال عن حزب من ستة مقاعد، يهدوت هتوراه، والذي يسيطر عمليا على كل الحكومة وعل كل المجالات المدنية الهامة: الزواج، التجميد، التهويد، الحلال، السبت، الصلاة في المبكى والموقف من التيارات الاخرى في اليهودية. في المرة الاخيرة التي دحر فيها الاصوليون العلمانيين الى الزاوية حصل حزب “شينوي” برئاسة تومي لبيد على 15 مقعدا في الانتخابات. ينبغي الامل بان هذه المرة يؤدي الاكراه عديم التوازن الذي يفرضونه الى رد فعل مضاد في نهايته لا تتم فيه اشغال القطار يوم السبت فقط بل وايضا تتم مواصلات عامة في كل ايام الاسبوع، مثلما في كل دولة سليمة.