اهم الاخبار والمقالات والتقارير من الصحافة الاسرائيلية ليوم 24 – 2 – 2017
معاريف / مفارقة سيناء
معاريف – بقلم يوسي ميلمان – 24/2/2017
1. اطلقت 6 صواريخ هذا الشهر من سيناء الى النقب. وهذا الاسبوع سقط اثنان منها في أرض مفتوحة في النقب الغربي، وقبل اسبوعين من ذلك اطلقت 4 صواريخ نحو ايلات: واحد سقط في ارض مفتوحة، واعترضت الثلاثة الاخرى القبة الحديدية المنتشرة قرب المدينة وتغطي مساحة واسعة. ويجدر بالذكر انه اطلقت في الماضي صواريخ من سيناء نحو العقبة.
6 صواريخ في شهر واحد هي أغلب الظن رقما قياسيا في اطلاق الصواريخ من شبه جزيرة سيناء نحو إسرائيل. ومطلقوها هم رجال فرع سيناء في “دولة إسلامية” – داعش. ويدل الأمر على أن التنظيم يعيش تحت ضغط كبير ويزيد اهتمامه باسرائيل. ويعبر التصعيد ليس فقط عن اطلاق الصواريخ بل وعن الخطاب الحماسي من فرع سيناء على مواقعه في الانترنت، حيث تنشر تهديدات ضد اسرائيل.
كل هذا ينبع ضمن امور اخرى من الضربات الشديدة التي تلقاها رجال داعش في سيناء في الاشهر الاخيرة من الجيش وقوات الامن المصرية: فقد صفي قادة كبار الى جانب نشطاء ميدانيين كثيرين، مخزونات سلاح ووضعت اليد على مخازن للسلاح واكتشفت شقق اختباء في شمال سيناء (في منطقة العريش – رفح، بوابة الحدود على غزة). انجازات يمكن أن تعزى أيضا لتحسين القدرات الاستخبارية وسرعة الرد العملياتية من الجيش المصري، ما يسمى اغلاق دائرة النار – نقل المعلومات الى القوات البرية والجوية التي تهاجم الهدف.
وحسب منشورات اجنبية، تمنح الولايات المتحدة، بريطانيا وفرنسا مساعدة استخبارية لمصر في معركتها ضد الارهاب في سيناء، وكذا اسرائيل تساعد منذ نحو سنتين نظام الرئيس السيسي. وحسب التقارير، فقد وجدت المساعدة تعبيرها في تعاون استخباري وثيق مع وحدة 8200 في شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية “أمان”. وفي جهاز الامن العام “الشاباك” تعمل “دائرة سيناء” التي تتركز مهامها في احباط الارهاب.
وحسب المنشورات، فان سلاح الجو الاسرائيلي هو الاخر يساعد الجيش المصري ويستخدم الطائرات الصغيرة التي تهاجم داعش. وادعت “اماك” وكالة أنباء الدولة الاسلامية يوم الاحد بان طائرة اسرائيلية صغيرة اطلقت صاروخا قتل أربعة من رجالها. ورد التنظيم في الغداة باطلاق الصواريخ نحو غربي النقب.
لا ترد اسرائيل على المنشورات التي تقول انها تساعد الجيش المصري. فلا حاجة دوما لان نقبل كتوراة من سيناء ادعاءات داعش بعمل الطائرات الاسرائيلية الصغيرة. فالجيش المصري هو الاخر تزود مؤخرا بطائرات صغيرة من انتاج الصين. ومهما يكن من أمر، يتبين من المنشورات الجارجية بان اسرائيل ومصر تقيما تعاونا امنيا واستخباريا، مثلما يعلن أيضا وزراء وناطقون رسميون اسرائيليون في الفترة الاخيرة. وفي اساس التعاون تقبع مصالح واعداء مشتركين – حماس في غزة وفرع سيناء من داعش.
في الماضي غير البعيد جرى تعاون وثيق بين التنظيمين الارهابيين. فقد ساعد فرع سيناء حماس في تهريب السلاح الى غزة، وبين الحين والاخر نفذ مهامات ارهابية على سبيل المقاولة الفرعية، مثل النار نحو ايلات (ليست هذه هي النار التي اطلقت هذا الاسبوع). وبالمقابل درب رجال حماس ارهابيين داعش ومنحوهم علاجا طبيا في المستشفيات في غزة. ولكن مؤخرا تقلص التعاون وحماس – على الاقل قيادتها السياسية المنصرفة، برئاسة خالد مشعل واسماعيل هنية – تحاول الحوار مع حكم السيسي واعادة بناء العلاقات معه. وهذا خلافا للذراع العسكري الذي يسعى الى تطوير العلاقات مع ايران، كي تزيد هذه المساعدات المالية، التدريبات وتوريد السلاح.
مع انتخاب يحيى السنوار من الذراع العسكري لرئاسة حماس في غزة وبعض رفاقه في المكتب السياسي، ليس واضحا كيف سيسوى الخلاف وكيف ستنجح حماس في المناورة في علاقاتها الحساسة مع فرع سيناء وحكم السيسي.
وها هي المفارقة: بالذات العلاقات الامنية مع مصر هي التي تقيد حرية العمل الاسرائيلية. وذلك بخلاف بارز مع ما يجري في الحدود الشمالية في هضبة الجولان. هناك أيضا، من الجانب السوري، يعمل فرع لداعش، “كتائب خالد بن الوليد”. في بداية الاسبوع فتح التنظيم هجوما مفاجئا واحتل في مثلث الحدود اسرائيل الاردن وسوريا خمس قرى وبلدات من ايدي الثوار المعتدلين المدعومين من الاردن، الولايات المتحدة، اتحاد الامارات العربية، وحسب منشورات أجنبية اسرائيل ايضا. ومثلما أثبتت في الماضي، ليست لاسرائيل آثار لعمل عسكري في سوريا، وبالتأكيد في المناطق القريبة من الحدود. وعلى اطلاق صاروخ أو قذائف هاون، سواء من جيش الاسد ام من الثوار، حتى لو كان بالخطأ، يرد الجيش الاسرائيل بنار المدفعية، الصواريخ او الغارات الجوية.
اسرائيل لا يمكنها ان تسمح لنفسها بالعمل على هذا النحو في سيناء. فكل عمل مستقل منها سيشكل مسا بالسيادة المصرية وسيمس بصورة السيسي، حليفها. وبخلاف الجولان، فان أيدي اسرائيل مكبلة، وحرية عملها محدودة.
قادة فرع سيناء من داعش يفهمون ويعرفون العلاقات الحساسة بين إسرائيل ومصر. ويبدو ان هذا هو احد الاسباب التي جعلتهم يسمحون لانفسهم بالعمل هذا الاسبوع مثلما عملوا.
السؤال الكبير هو اذا كان اطلاق الصواريخ عملا لمرة واحدة أم يشهد على ما بانتظار اسرائيل في المستقبل القريب. ويتعلق الجواب ايضا بأسئلة اخرى: هل قرار اطلاق الصواريخ كان مبادرة محلية أم جاء من الخليفة ابو بكر البغدادي، على خلفية الضائقة المتعاظمة التي يعيشها التنظيم في سوريا وفي العراق، حيث يفقد الاراضي، المقاتلين، ويتكبد هزائم في ميدان المعركة، وتتضاءل مداخيله. اذا كانت هذه مبادرة محلية، فهذا حدث تكتيكي، إذ ليس لفرع سيناء مصلحة في فتح جبهة اخرى تضاف الى تلك التي تدار حيال هدفه الاساس، نظام السيسي. ولكن اذا كان الامر جاء من البغدادي فيحتمل ان تكون هذه انعطافة استراتيجية في حدود سيناء ينبغي أن تقلق اسرائيل ومصر على حد سواء.
2. قبل نحو سبعة أشهر وقعت إسرائيل وتركيا اتفاقا لتطبيع العلاقات بينهما واغلاق فصل قضية مرمرة في ايار 2010. ومنذئذ تتوثق العلاقات، أغلب الظن أيضا في مجالات الامن والاستخبارات.
بدأ هذا ببطء، أما الان فالوتيرة تتعاظم، والحكومتان تطبقان الالتزامات التي اخذتاها على عاتقهما: فقد اعيد السفيران الى أنقرة وتل أبيب، اسرائيل دفعت تعويضات بمبلغ 21 مليون دولار للحكومة التركية، التي ستنقلها بدورها الى عائلات قتلى الحادثة؛ والبرلمان التركي الغى القانون الذي أتاح تقديم ضباط اسرائيليين مرتبطين بالقضية الى المحاكمة، والبضائع والمساعدات الانسانية من تركيا الى غزة تنقل بشكل جار عبر ميناء اسدود.
أمرت الاستخبارات التركية رئيس قيادة الذراع العسكري لحماس، العاروري، بمغادرة اراضي الدولة. وقد انتقل الى قطر، وعندما عاد الى تركيا بعد زمن ما، طُلب منه بعد يومين أن يغادر الى الابد والا يعود. وشدد مصدر اسرائيلي ضالع في العلاقات بين الدولتين على أن تركيا تفي بتعهداتها الا يكون نشطاء الذراع العسكري الذين يدخلون الى اراضيها مشاركين في تخطيط اعمال ضد اسرائيل وهم لا يسمح له بتجنيد الاموال لهذه الغاية على الاراضي التركية. يمكن التقدير بان الاستخبارات التركية تفتح عيونها على أعمال رجال حماس، رغم عطف الرئيس اردوغان وكثيرين آخرين في الحكم على المنظمة من غزة.
أما الحوار السياسي – زيارات الوزراء وكبار الموظفين – وكذا تسريع العلاقات الاقتصادية بين الدولتين، والتي لم تتضرر تقريبا بسبب قضية مرمرة، فيتقدمان على نحو جميل هما أيضا.
وكما أسلفنا، يوجد أيضا اغلب الظن تحسن واضح في العلاقات الامنية والاستخبارية. فشركات امنية كبيرة وصغيرة من اسرائيل، في مجال السايبر ايضا، تعمل بنشاط في محاولة لاستئناف علاقاتها او الدخول الى السوق التركية. هذا يحصل ليس فقط في اتصالات القطاع الخاص أو الشركات الامنية الحكومية، بل وأيضا في مستويات العمل في جهاز الامن. حتى قبل نحو عقد كانت تركيا سوقا هامة للتصدير الامني الاسرائيلي وتعاون الشركات الاسرائيلية والاجنبية، بينها شركات سنغافورية باعت اسلحة وعتادا عسكريا للجيش التركي وقواتها الامنية.
لقد كانت العلاقات في المجال الاستخباري الرسمي هي الاخرى وثيقة للغاية، وحسب “وول ستريت جورنال” تضمنت تبادلا للمعلومات عن الاعداء والخصوم المشتركين، مثل سوريا وايران، وطلبات مساعدة من الاستخبارات التركية (“ميت”) للموساد ولامان بالمعلومات عن منظمات عصابات وارهاب كردية. وحسب مصادر كردية، وكما سبق أن نشر في هذه الصحيفة قبل بضعة اشهر، فقد طلبت “ميت” في الماضي من الموساد مساعدتها في صراعها ضد نشطاء ارهاب أكراد، ولكن هذه الطلبات رفضت.
احدى ذرى التعاون الاستخباري كان في الزيارات شبه الدائمة لقادة الموساد وأمان لدى نظرائهم في تركيا، واستضافتهم في اسرائيل بين الحين والاخر. كل رؤساء الموساد، من ايسار هرئيل في الخمسينيات والستينيات وحتى مئير دغان وتمير باردو، الذي في عهده تضعضعت العلاقات (في اعقاب حادثة مرمرة ولكن ايضا لاسباب اخرى، وعلى رأسها محاولة اردوغان ان يصبح زعيم السنة في الشرق الاوسط) فعلوا هذا.
قبل نحو سنة حل يوسي كوهين محل باردو. ونشرت في الاعلام التركي انباء عن أن كوهين زار تركيا في 2016 والتقى بموظفين حكوميين كبار. يمكن التقدير بان احدهم هو أكان فيدان، رجل ثقة أردوغان الذي يترأس “ميت”. ومنذ أكثر من سنة تنشر انباء عن النية لاستبداله وتعيينه سفيرا في اليابان، ولكن صحيح حتى الان لا يزال فيدان يقف على رأس الاستخبارات التركية.
كوهين نفسه التقى مسؤولين أتراك كبار، ولكنه فعل ذلك بحكم منصبه السابق كرئيس مجلس الامن القومي، وكمن كان مشاركا الى جانب المحامي يوسف تشخنوفر في المفاوضات التي أدت الى انهاء الازمة.
تحتاج الاستخبارات التركية للاستخبارات الاسرائيلية لعدة اسباب. أولا، بسبب السمعة التي للموساد ولامان كجهازين لديهما معلومات عما يجري في الشرق الاوسط وقدرات ترتبط بذلك. سبب آخر هو المعلومات التي لدى الاستخبارات الاسرائيلية عن ايران، التي تواصل اقلاق تركيا، سواء بسبب تدخلها في سوريا أم بسبب الحدود المشتركة بين الدولتين، اللتين تكافحان على الاسواق والنفوذ في الجمهوريات الاسلامية في وسط آسيا. سبب آخر يغري الاستخبارات التركية هو أن اسرائيل تعتبر حليفا للولايات المتحدة وللموساد قدرة كبيرة على الوصول الى السي.اي.ايه.
3. قريبا سيدخل سلاح الجو الى نطاق العمل التنفيذي المنظومة الاولى لـ “مقلاع داود” (سابقا “العصا السحرية”) التي توجد منذ الان لديه وتجتاز سلسلة تجارب – منظومة لاعتراض الصواريخ في مدى نحو 200 كيلومتر، ثمة تطوير مشترك بين “رفائيل” والشركة الامريكية “رايتأون”. “مقلاع داود”، التي في مرحلة لاحقة سيتم تعديلها ايضا لتعترض طائرات غير مأهولة، ستشكل شريحة الدفاع التي تكمل “القبة الحديدية” القادرة على اعتراض صواريخ بمدى حتى 70 – 80 كيلو متر ومنظومة “حيتس” (سهم) للصواريخ بعيدة المدى، بما فيها الباليستية.
قبل نحو شهر أعلنت وزارة الدفاع عن اجراء سلسلة تجارب “تتوجت بالنجاح”. فقد طلبت رفائيل الدعوة للتجارب التي تمت في شدما قرب متسبيه رامون ملحقين عسكريين من دول كفيلة بان تبدي اهتماما بشراء المنظومة، بينها بولندا، الهند وكوريا الجنوبية، والتي أبدت في الماضي اهتماما بالقبة الحديدية التي هي الاخرى تطورت في رفائيل. ولاسف رفائيل ووزارة الدفاع، ورغم جهود التسويق، لم تشتري أي دولة المنظومة حتى الان. فقد فكرة بولندا بذلك بجدية، ولكن الضغط الامريكي دفعها لتغيير رأيها وبدلا من ذلك التزود بمنظومات دفاعية من طراز باتريوت من انتاج رايتون. اما سنغافورة فاشترت رادار القبة الحديدية من انتاج التا، شركة ابنة للصناعة الجوية.
ولمفاجئة رفائيل، عارضت رايتأون توجد الملحقين العسكريين في التجربة، وذلك اغلب الظن خوفا من منافسة رفائيل لها على الاسواق في العالم، وان يمس نجاح المنظومة بفرص بيع الباتريوت. باختصار، رايتأون، منتجة الباتريوت، ضد رايتأون الشريكة في انتاج “مقلاع داود”.
وجاء من رفائيل التعقيب التالي: “هذا ليس واردا على الاطلاق. لم يكن توجه كهذا ولا يوجد اساس لهذا الادعاء. سنضيف أن علاقاتنا مع شركائنا الامريكيين ممتازة”.
اما وزارة الدفاع فرفضوا التعيب.
يديعوت / جرف غير صامد
يديعوت – بقلم ناحوم برنياع – 24/2/2017
في يوم الثلاثاء القادم سيرفع الحصار عن تقرير مراقب الدولة حول عملية الجرف الصامد. في الجهاز السياسي والعسكري ينتظرون نشر التقرير بأعصاب مشدودة. وهناك من يريد أن يبني نفسه عليه، وهناك من يعرف أنه سيتضرر وهناك من يستعد للحرب على اسمه الجيد وعلى مكانه في التاريخ. التقدير هو أنه يوجد في التقرير ملاحظات انتقادية ومنها ملاحظات صعبة، ولا توجد توصيات للاقالة: الطريقة التي كتب فيها التقرير تجعله لا يشكل تهديدا استراتيجيا، لا على الحكومة ولا على قادة الجيش، إنه لن يواسي العائلات الثكلى التي هي على قناعة بأن أبنائها سقطوا بدون مبرر.
من المتوقع كذلك أن يشكل التقرير اطار جيد لنقاش موضوعين هامين: الاول الفشل المتكرر في ادارة حروب اسرائيل، والثاني الفائدة والضرر من تقارير كهذه لأمن الدولة.
أول أمس في يوم الاربعاء تم نشر النسخة الثالثة والنهائية من التقرير لمن تم الحديث عنهم. وبعد النشر في يوم الثلاثاء ستمتليء البلاد بالعناوين الصاخبة. سيكون هذا احتفالا كبيرا لمحبي النظام والنظافة. موظفو مكتب مراقب الدولة فعلوا ما تدربوا على فعله وهو فحص جدول العمل اليومي للجلسات وجدول التنفيذ الزمني والمسؤوليات والبروتوكولات والمذكرات، ووجدوا الكثير من الثقوب في الاوراق. جوهر القرارات والسياسات والعلاقات لم يقوموا بفحصها. فهذه ليست وظيفتهم كما يقولون. القانون يمنعهم، مثل الطبيب الذي يتعمق في اعراض ما، لكنه لا يلامس المرض.
مراقب الدولة يوسف شبيرا وقع على التقرير، لكن من يحمله على اكتافه هو العقيد احتياط يوسي باينهورن، وهو ضابط مدفعية سابق، وكان مساعد لرئيس الاركان لبكين شاحك ومساعد لوزراء الدفاع ومراقب في وزارة الدفاع. لا يوجد الان في السلك الحكومي أي شخص يعرف مثله الجهاز، من الذي يقود ومن الذي يقاد وكيف يتم اتخاذ القرار وكيف يتم تجاهله. يقول عنه أحد الذين ذكروا في التقرير إنه “موظف”.
باينهورن يؤيد رئيس حكومة واحد وهو دافيد بن غوريون. والبحث الذي حصل بسببه على اللقب الثاني في الجامعة كتبه عنه. اتخذ بن غوريون قراراته الهامة لوحده دون التشاور مع أحد ودون أوراق مرتبة. ولم يكن بن غوريون يفي بالمعايير التي وضعها باينهورن في التقرير (“كانت تلك اوقات اخرى”، هكذا يرد باينهورن على هذه الجملة. وأنا اجيبه بأنه دائما توجد اوقات اخرى).
كل الاعتماد
نتنياهو هو من أكبر الموبخين في التقرير. الادعاء الاساسي تجاهه، حسب مسودة سابقة، هو أنه لم يقم بتشغيل الكابنت مثلما يفترض القانون. كان يعرف الوضع جيدا. ويعلون ايضا كان يعرف، لكنهما لم يشركا الوزراء. لم يجر الكابنت مناقشات استراتيجية عن غزة ولم يناقش البدائل السياسية و/ أو خطوات حسن النية الانسانية التي كان يمكن أن تمنع الحرب، لم يحصل على معلومات استخبارية كاملة حول التهديد المتوقع من غزة، ولم يحصل على معلومات أنه لا توجد معلومات استخبارية كافية حول التهديد المتوقع من غزة. رئيس الحكومة ووزير الدفاع والكابنت لم يضعوا للجيش اهداف استراتيجية. وبسبب ذلك اضطر الجيش لأن يضع اهداف استراتيجية لنفسه.
هذه ادعاءات ثقيلة. قدم نتنياهو شهادته مدة ساعتين أمام باينهورن وطاقمه. وكبح الاسئلة الخاصة في المجال الرسمي – هنا وهناك تحدثت عن غزة، هنا وهناك ذكرت الانفاق – وهم لم يقتنعوا.
الحقيقة مختلفة بالطبع. فنتنياهو لم يشغل الكابنت لسببين. الاول، لم يكن يثق بوزرائه، لا بحكمتهم ولا بدوافعهم ولا باستعدادهم للحفاظ على السر. وقد اعتبرهم اعداء وليس شركاء. الثاني، لم يكن له هدف استراتيجي لتقديمه لهم. لقد بادر الى عملية الجرف الصامد للخروج منها. نعم الدخول من اجل الخروج. وهذا ليس هدفا استراتيجيا يمكن تقديمه لعدد من السياسيين يريدون الانقضاض، ولا للموظفين المواظبين في مكتب مراقب الدولة.
يقول القانون إن الجيش الاسرائيلي يخضع للحكومة، والكابنت هو ممثل الحكومة. وفي الواقع هذه مجرد أمنيات. الكابنت غير قادر على ادارة الحروب – هو كبير الحجم، وسياسي الى حد بعيد وهاو. معظم الاحداث الحربية يقوم بادارتها المطبخ الصغير الذي لم يذكره القانون. في العادة يتم تشكيل المطبخ الصغير على يد رئيس الحكومة ووزير الدفاع ووزير الخارجية ورئيس الاركان ورئيس الاستخبارات العسكرية ورئيس الشباك. وهم ايضا لم يحققوا انجازات كبيرة. نذكر مثلا المطبخ الصغير في عملية “الرصاص المصبوب”، حيث كان اولمرت رئيسا للحكومة وباراك وزيرا للدفاع ولفني وزيرة للخارجية واشكنازي رئيسا للاركان. لكل واحد منهم كانت اهداف استراتيجية تخصه، وتوقعات تخصه وكراهية تخصه. ولم تكن هناك ثقة.
نتنياهو يطالب بكل الاعتماد، لكنه يرفض تحمل المسؤولية. هذه هي مشكلته طوال الوقت، في الحروب وبين الحروب. إنه أول من يلاحظ وآخر من يعرف. هو أول من لاحظ الانفاق في غزة وآخر من عرف أنه لا حل عملياتي لها. هو أول من لاحظ الطاقة الكامنة لملتشين ولاودر وفاكر وادلسون، وآخر من عرف من أين تأتي الهدايا.
جميع الاخفاقات العسكرية التي يفترض أن يتطرق اليها التقرير – عدم وجود الخطط التنفيذية وعدم وجود التدريب للسيطرة على الانفاق وعدم وجود التدريب والفجوات الاستخبارية وما أشبه – كل ذلك حدث في فترة نتنياهو. هذه هي الحال عندما تكون رئيسا للحكومة مدة سبع سنوات متواصلة. بعض هذه الاخفاقات نتنياهو هو المسؤول عنها بشكل مباشر، بصفته مسؤولا عن الشباك. وبعضها هو مسؤول عنه بشكل غير مباشر. والسبب ليس الاهمال أو الكسل. السبب هو خوف نتنياهو من اتخاذ القرارات. مصير الانفاق في غزة مثل مصير الهجوم الذي لم يكن على المشروع النووي الايراني. وأي توصية بيروقراطية لن تستطيع اصلاح هذا الخلل.
بوغي يعلون لم يشارك نتنياهو الارتداع من القرارات، لكنه شاركه في ادارة ظهره لاعضاء الكابنت. التقرير وبخه، لكن من يعرف الواقع في تلك الفترة يمكنه أن يفهم. يعلون وقف أمام ليبرمان الذي طلب بشكل مستمر احتلال غزة دون الاقتراح كيف يمكن فعل ذلك وما الذي يجب فعله في اليوم التالي. بينيت ادار حملة للقضاء على الانفاق، واخرج يعلون عن اطواره من خلال الاقتباسات التي جلبها من الميدان.
الجدل حول احتلال غزة خرج الى الخارج وأقنع حماس بأنها محصنة – لا يجب أن تسرع وتطلب وقف اطلاق النار. هذا أدخل رئيس الاركان في الشرك: أمام ليبرمان كان يجب أن يقول إن احتلال غزة لن يفيد، ولكن أمام حماس كان يجب عليه أن يقول بأن التهديد فعلي. كرئيس اركان كان يجب عليه أن يعكس الروح القتالية. اذا كان الكابنت يريد أن نحتل غزة، فنحن سنستعد ونحتلها.
سلم معكوس
كان موشيه ديان رئيسا للاركان في حرب العام 1956. في المذكرات التي نشرها قارن بين قائدي كتيبة عملا خلافا للاوامر، الاول حصان سريع والثاني ثور كسول. توقع بينيت أن يكون رئيس الاركان هو الحصان المسرع للمعركة، وخاب أمله. لقد تجاهل الفرق الدراماتيكي بين قائد الكتيبة ورئيس الاركان. مهمة رئيس الاركان هي رؤية صورة الحرب الواسعة. وأحد الملاحظات الاقل اقناعا في تقرير المراقب تتعلق بغانتس ورئيس الاستخبارات العسكرية في حينه افيف كوخافي. حسب مسودة التقرير كان يجب عليهما تقديم توصية لوزير الدفاع، وتوصية لرئيس الحكومة باجراء نقاش معمق للانفاق في الكابنت. هذا سلم معكوس، الأعلى في الاسفل والاسفل في الأعلى.
عندما يريد الجيش، فان الجيش يحقق. هذا هو التفسير الذي حصلت عليه من واضعي التقرير، هذا التفسير لا يلائم رغبتهم في وضع النظام بين الجيش والحكومة.
بينيت، السياسي الذي من المفروض أن يخرج منتصرا من تقرير المراقب، يشبه نقاشات الكابنت بفترة العمل الاعمى الذي اصاب الاجهزة عشية حرب يوم الغفران. عندما قدموا لاعضاء الكابنت المعطيات حول الانفاق الهجومية، بينيت لم يستوعب. وهو استوعب فقط عندما نزل الى الميدان قبل بدء العملية باسبوع. في البداية طلب قصف الانفاق ردا على قتل الفتيان الثلاثة، وبعد ذلك اقتنع بأنها تشكل تهديدا استراتيجيا.
أول من اعتبر الانفاق تهديدا استراتيجيا كان نتنياهو ويعلون. وقد كان ذلك في كانون الاول 2013 قبل العملية بثمانية اشهر. الاستراتيجية هي كلمة مدوية والتهديد ايضا كلمة قوية، لكن ما المغزى العملي لهذه الكلمات؟ أحد الاستنتاجات المطلوبة كان اخلاء السكان من المناطق القريبة من الحدود خلال الحرب. وعندما طرحت الخطوة كان بينيت مستعدا لتأييدها. ولكنه هو وغانتس رفضاها تماما. غانتس يعرف الآن أنه اخطأ. لم تكن لتحدث أي كارثة للسكان اليهود هناك أو للرواية القومية لو كانوا أمروا باخلاء هذه المناطق لبضعة ايام، ومساعدة الجنود للاصدقاء الذين بقوا كي يحلبوا الابقاء. حقيقة: هذا ما يخططون له في الجيش الآن من اجل المواجهة القادمة في الشمال أو في غلاف غزة.
يشتكي بينيت من أن الجيش لم يرغب في قصف الانفاق. في البداية قالوا إن حماس لن تستخدمها – تريدها لهدف آخر أكثر جدية. وبعد ذلك قالوا إنه لو دخلنا الى الانفاق فسننجر الى حرب في كل غزة. وفي النهاية قالوا إنه لا حاجة لذلك، لأن حماس ستعيد حفر الانفاق من جديد.
الحقيقة هي أن الجيش الاسرائيلي لم يكن مستعدا من الناحية التنفيذية لتدمير الانفاق. هذا ما كان يجب أن يقوله رئيس الاركان لاعضاء الكابنت الذين ضغطوا من اجل ذلك – نحن سنقصف بناء على رغبتكم رغم أننا غير مستعدين من ناحية تنفيذية. وما دون ذلك فان التقديرات التي تحدث عنها الجيش لم تكن خاطئة.
حماس لم تكن تنوي استخدام الانفاق – لقد جُرت لذلك. فقدنا هدار غولدن واورن شاؤول بسبب الدخول الى نفق دفاعي – نفق لم يوجه نحو اسرائيل ولم يشكل خطرا مباشرا. حماس قامت باعادة حفر الانفاق التي هي اكثر تطورا واكثر تسلحا.
هل الانفاق تشكل تهديدا استراتيجيا؟ نعم، قال مساعدو مراقب الدولة. انظر ما الذي حدث في اسرائيل في اعقاب اختطاف جلعاد شليط، وانظر ما الذي حدث في اعقاب اختطاف جثتي غولدن وشاؤول.
ليس هناك حل مدرسي لادارة الحروب. المفتاح يوجد في يد رئيس الحكومة. وهو يمكنه أن يحيط نفسه بكل الاشخاص بناء على ثقته بهم، وبناء على الاعتبارات السياسية شريطة أن يقوم بالابلاغ والتشاور وتحمل المسؤولية. موظفو مكتب مراقب الدولة فوجئوا عندما سمعوا من الوزراء الاعضاء في الكابنت أنهم لا يعرفون صلاحياتهم. هل هم الذين يقررون أو يصادقون أو فقط يقدمون النصائح. الاجابة الصحيحة هي أنهم هذا وذاك. وكل شيء يتعلق برئيس الحكومة.
معركة علنية
بني غانتس، الذي هو مواطن عادي اليوم ورجل اعمال وشخصية عامة ممكنة، أخذ التقرير بشكل صعب. أولا، هو على قناعة بأن الجرف الصامد كان عملية ناجحة اكثر من سابقاتها. ثانيا، هو على قناعة بأن التقرير يعاني من عدم الفهم للملابسات التي واجهها رئيس الاركان والمعارك التي أدارها في مواجهة الجهاز السياسي. ثالثا، التقرير يتجاهل الاولويات التي فرضت على الجهاز العسكري في حينه، وعلى رأسها المعركة ضد ايران.
كان لغانتس عامين سعيدين كمراقب، باستثناء أمر واحد وهو مواجهة التقرير. وبعد نشر التقرير سيضطر الى الخروج الى معركة علنية. يوجد هناك من يحبون هذه المعارك، أما هو فسيكره كل دقيقة.
آيزنكوت، نائب وبديل غانتس، سيخرج نظيفا من التقرير. لقد اعتبر آيزنكوت غزة 2015 هدفا مثل لبنان. وهذا الاجراء اثار اعجاب العقيد باينهورن: لقد ساعد في ايجاد النظام في توزيع الصلاحيات في الاذرع الامنية، ما الذي تحت مسؤولية الشباك وما الذي تحت مسؤولية الاستخبارات العسكرية.
بالنسبة للاستخبارات العسكرية، هي تحظى بالمديح الكبير في التقرير. وكذلك الكثير من الملاحظات. مكان الجنرال كوخافي في التقرير حساس بشكل خاص لأنه الوحيد الذي ذكر في التقرير من بين المرشحين للترقية. في الشهر القادم سيدخل الى منصب نائب رئيس الاركان. وبعد سنة عندما سيتم الحديث عن تعيين رئيس الاركان ستظهر الملاحظات في التقرير من جديد، والتي سيصمد أمامها.
لقد عبر نتنياهو عن رأيه في التقرير قبل استكماله. المراقب يهتم بالاجراءات وأنا أهتم بالنتائج، قال. وأضاف مقربوه: هذا تقرير غير جدي كتب من قبل اشخاص غير مهنيين.
عضو الكنيست عوفر شيلح الذي خصص وقته في العامين الاخيرين للتحقيق في اخفاقات الجرف الصامد، توصل الى استنتاج مغاير. لقد قال لي “نتنياهو الذي قال إن الانفاق هي تهديد استراتيجي لم يأمر الجيش باعداد خطط عملية ولم يهتم باعداد القوة ولم يجر نقاشات ولم يتخذ قرارات. الشخص الذي يزعم أنه سيد أمن يستخف بالأمن”.
أنا اسأل، ما الذي سيحدث في الحرب القادمة؟ اعتقد أن الاوراق ستكون افضل قليلا، وبعض الوزراء سيهتمون ويقرأون، واعضاء الكابنت سيحصلون على الارشاد الاكثر تفصيلا، وكل شيء سيتم حسب الكتاب. ولكن ذلك لن يضمن النتائج، إلا أنه ستكون ملاحظات أقل في تقرير المراقب القادم.
العالم كله يصمت
في ظهيرة يوم الثلاثاء طُلب من شعب اسرائيل التظاهر من اجل اليئور ازاريا، الجندي مطلق النار في الخليل. وقد وصل أقل من 200 شخص، ثلثهم من الصحافيين والمصورين. وفي المحكمة العسكرية في الجانب الآخر من الشارع قرأت رئيسة طاقم القضاة، العقيدة مايا هيلر، قرار الحكم. الشعب بقي في البيوت، ومن جاء سلم بالقرار مسبقا. واختفى الرقص الجماعي في شارع الكاستينا، الذي كان بعد تمديد مدة الاعتقال الاول. واختفت الصدامات العنيفة. ولولا اعلان محطات التلفاز عن البث الحي، لما جاء هؤلاء المتظاهرون ايضا التابعون لـ لهفاه وكهانا.
المتظاهر الاكثر تصويرا كان شابا اسمه اوفير بنحاسي. وقد قام بوضع قناع على وجهه يشبه وجه ترامب، تدلت لحيته من تحته، ولوح بعلم اصفر لحباد، ووضع على صدره مقولة “كهانا صدق” وحمل بيده كتاب نظرية الملك، وهو الكتاب الذي يسمح بقتل الاغيار. المصورون تجمعوا من حوله، وبعد بضع دقائق شعروا بالملل.
عندما وصلت العقيدة هيلر للنطق بالحكم، لم يعرف الجمهور المتوقع منه. هل حان الوقت لصرخة الانتصار أو صرخة الهزيمة. كانت هناك اربع دقائق صمت، وبعد ذلك صرخ أحد ما قائلا “أولاد القحبة”، وانضمت اخرى قائلة “يا للخجل، يا للخجل”. وهذا الغضب لم يكن حقيقيا. فمثل الاخبار المزيفة يوجد غضب مزيف ايضا. وتم الطلب من اريئيل زلبر اسماع الاغنية التي كتبها خصيصا لهذا الحدث للمرة السادسة. وكانت كلمات الاغنية تحريضية وتشهيرية وعلى شفا العنف. ولكن الزخم كان متملقا مثل اغنيات الاطفال. يمكن لزلبر أن يكون مربية اطفال رائعة.
المدعي العام في المحكمة، نائب الجنرال نداف فايتسمان، قام بشراء التذاكر لعرض التوحيد التاريخي لفرقة “تموز”، التي كان زلبر عضو فيها. الفرقة هي حب الصبا. وبسبب طول النقاشات في مرحلة الادلة اضطر الى التنازل. والاستعراض الذي قدمه زلبر في الشارع في يوم الثلاثاء تم تفويته بسبب المحاكمة. لقد أرسل له شخص ما الفيديو بالهاتف المحمول. وفيما بعد قال لي “لقد كتب زلبر أغنيات أكثر نجاحا”.
موقع قناة 20 العبرية / قلق في تل ابيب من دعوة شلح لتوحيد الجبهات في حال الحرب مع اسرائيل
موقع قناة 20 العبرية الإسرائيلية – 24/2/2017
تناول موقع قناة 20 العبرية الإسرائيلية بعض ما ورد في كلمة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي د. رمضان عبد الله شلح في خطاب ألقاه في المؤتمر السادس لدعم الانتفاضة الفلسطينية المنعقد في طهران، وركَّز على دعوة شلح “إلى توحيد القوات مع حزب الله ضد “إسرائيل” حسب تعبير الموقع.
وقال شلح وهو ما نقله أيضاً موقع القناة 20 إنه “لدينا مقاومة مسلحة تعززت على مدى ثلاثة حروب، والعدو الإسرائيلي لن ينجح في هزمها أو القضاء عليها”.
وتناول الموقع دعوة شلح لحزب الله إلى فتح جبهة إضافية في حال هاجمت “إسرائيل” غزة وبذلك تضطر “إسرائيل” إلى مواجهة جبهتين في الشمال والجنوب وبالعكس.
وأشار الموقع إلى أن كلام شلح جاء على خلفية التقارير في لبنان التي تتحدث عن أن “إسرائيل” تستعد لشن حرب على لبنان.
و في ذات السياق، أعرب رئيس اللجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست ورئيس الشاباك الأسبق آفي ديختر خلال اجتماع للجنة حضره رئيس الأركان غادي آيزنكوت، عن قلقه الشديد من “تعاظم القوة العسكرية لحزب الله وحماس” في لبنان وغزة.
وأضاف ديختر وفقاً لما نقلته صحيفة معاريف “إن تعاظم حماس وحزب الله يثير القلق الشديد في صفوف السلطات، وطلب ديختر من رئيس الأركان غادي إيزنكوت بأن يتطرق في تقريره أمام لجنة خارجية والأمن إلى هذه القضية”.
من جهته قال غادي آيزنكوت أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست إن “قوات حزب الله تراكم الخبرة العملياتية الهامة من خلال نشاطاتها في سوريا”.
ولفت إلى التهديدات الأمنية التي تواجهها إسرائيل في الفترة الأخيرة، وقال إنه “على رأس أولويات الجيش الإسرائيلي في عام 2017 الجبهة مع غزة”.
كما تطرق آيزنكوت إلى نتائح الانتخابات التي أجرتها حماس في غزة، والتي نتج عنها انتخاب يحيي السنوار قائلاً إن “كل فصل جرى في الماضي بين المستوى العسكري والمستوى السياسي، أُلغي نهائياً” وأضاف أن “المساعي للرد على مسألة الانفاق تتواصل طوال الوقت منذ أيلول/سبتمبر 2013، وقد استثمر هذا العام مبلغ 2.4 مليار شيكل على هذا الأمر”.
وفيما يتعلق ب سوريا ولبنان، قال رئيس الأركان “على الرغم من ان قوات حزب الله تراكم الخبرة العملياتية الهامة من خلال نشاطاتها في سوريا، فان هذه العمليات أدت الى ازمة داخل المنظمة. تصريحات نصر الله الحالية تهدف الى خلق معادلة ردعية هدفها الحفاظ على الوضع القائم من ناحيته. وعلى الجبهة الشمالية، كما على الجبهة مع غزة، لا أرى استعدادات من قبل الطرف الثاني لتنفيذ هجمات مبادر اليها ضد إسرائيل”.
معاريف / ثعالبة الصحراء
معاريف – بقلم جاكي خوجي – 24/2/2017
كالصورة التي جمعت أطرافها، او الاحجية المصنوعة من قسمين فقط، أنهى هذا الاسبوع ثنائي وزراء الكابنت الواحد أقوال الآخر، ومنحا الجمهور في إسرائيل معلومة مشوقة مأخوذة من واقع موازين القوى الاقليمية.
بداية كان هذا وزير الدفاع افيغدور ليبرمان، الذي ظهر يوم الاحد في مؤتمر ميونخ للامن. فقد وصف افيغدور ليبرمان بتوسع أسس النشاط الاستخباري لايران في الشرق الاوسط. وفي احاديثه ضمن قلقا على دولة ثالثة، بعيدة، ليس لاسرائيل أي علاقات رسمية معها. “يحاولون خلق الفوضى في كل مكان”، اشتكى ليبرمان من الايرانيين، “وهدفهم الاساس هو السعودية”.
منذ متى كان يهتم وزير الدفاع في دولة إسرائيل لمعاناة السعودية؟ الجواب قدمه في الغداة رفيقه في الكابنت، وزير شؤون الاستخبارات اسرائيل كاتس. “نعم، يوجد تعاون بين اسرائيل وبين هذه الدول، ما لا يمكن الدخول في تفاصيله”، اعترف كاتس. “فهذا التعاون آخذ في التطور جدا، كون الولايات المتحدة تتجه نحو قيادته. والهدف الاول هو صد ودحر ايران الى خارج المنطقة”.
محقان هما الوزيران: فالجهود الايرانية للعمل ضد اسرائيل تبلغ هذه الايام ذروتها. فالايرانيون، يشجعهم نجاحهم المشترك لانقاذ نظام الاسد في سوريا، تفرغوا لاعلان حرب صامتة على اسرائيل. وعملهم متفرع. في قطاع غزة يساعدون الذراع العسكري لحماس بالسلاح والمال. وعلى حدود الشمالية يعملون بلا هوادة لملء مخازن السلاح لدى حزب الله بصواريخ نوعية جدا، صواريخ كفيلة بالحاق الهزائم في ميدان المعركة للجيش ولسلاح الجو الاسرائيليين. فبعد عقد ونيف من حرب لبنان الثانية، آخذة في البناء في لبنان قوة بنوعية ومستوى جيش دولة.
“توجد أمور كثيرة لا تعرفها اسرائيل عن قدرات المقاومة”، قال باستفزاز هذا الاسبوع نعيم قاسم، نائب حسن نصرالله في مقابلة تلفزيونية، “هذه القدرات مختلفة وافضل مما كانت في حرب لبنان الثانية”. قبل أكثر من سنتين حاولت ايران ان تبني غرفة حربية للنشاطات ضد اسرائيل في ساحة ثالثة، في القسم السوري من هضبة الجولان. وقد قتل ضباط ايرانيون كبار اقتربوا من منطقة الحدود في هجوم نسب لاسرائيل.
“عندنا ثلاث مشاكل لنواجهها”، أجمل هذا الاسبوع وزير الدفاع امام حاضري المؤتمر الدولي في ميونخ، “ايران، ايران وايران”.
في الخطاب الجماهيري في اسرائيل تحتل ايران مكان العدو الفاعل. أما للسعودية، بالمقابل، فقد بنيت صورة معتدلة: زعيمة معسكر الاخيار. الرياض ليست بالفعل عدوا علنيا لاسرائيل ولا تدعم مباشرة مجموعات وفصائل تعمل لنزف دمائها. ولكن عرض الصورة باللونين الاسود – الابيض بعيد عن الواقع.
المبادرة السعودية
يتخذ النظام السعودي أعمالا تآمرية في الشرق الاوسط لا تقل تطورا عن أعمال ايران. ففي لبنان يقفون خلف الطائفة السنية وممثلها الكبير، رئيس الوزراء سعد الحريري، صاحب الجنسية السعودية. ولكلمتهم مكان شرف في كل تطور سياسي هام يجري في بيروت، بقدر لا يقل عن ايران. في اليمن هم غارقون منذ اكثر من سنتين في معركة عسكرية مضرجة بالدماء ضد الميليشيا الشيعية الحوثية. هذه معركة معظمها تدور من الجو، واحيانا يكون ضحاياها مواطنين ابرياء.
في العراق أيدوا منذ البداية تنظيم القاعدة، الذي اقامه بقايا حزب البعث ورجال صدام، في مسعى لخلق وزن مضاد للنفوذ الايراني. والبحرين هي الاخرى ساحة عمل بالنسبة لهم. هناك يحكم قصر سني سكانا باغلبية شيعية مظلومة، تتحداه كل الوقت، واحيانا بتشجيع من ايران. ويمنح السعوديون صديقهم، الملك حمد بن عيس آل خليفة، مساعدة مستمرة ضد معارضي الحكم من بين السكان الشيعة، ولا سيما في المجال العسكري والاستخباري.
ولكن القسم الاكبر من بين عشرات المليارات التي خصصت لنشاطها الخارجي صرفتها الرياض في السنوات الاخيرة في سوريا. فالسعودية هي عمليا المثيرة الاساس للحرب لاسقاط بشار الاسد. ففي صيف 2011، منذ بداية المعركة تقريبا، قرر السعوديون اسقاطه مهما حصل. ولهذا الغرض اقاموا بأموالهم ميليشيات وفصائل موالية من بين السكان السوريين وزودوهم بالسلاح والتدريب العسكري. وخطط مبعوثو الاستخبارات العسكرية وصمموا السياسة العملياتية لمبعوثيهم في صراعهم ضد النظام. وفي المراحل التالية انضمت دول اخرى لدعم الثوار، وبينها قطر، تركيا واتحاد الامارات. ولكن العلم رفعه السعوديون. ولولا اعلان الحرب على دمشق من جانب ذاك التحالف السني، لما كان تطلب من الاسد الدفاع عن نفسه بطريقته غير المساومة، وهكذا كانت ستوفر حياة مئات الاف المواطنين الابرياء، الذين ذبحوا او هجروا بيوتهم.
“جلبتم كل العالم للقتال في سوريا”، اتهم نصرالله السعوديين في احد خطاباته قبل سنتين، “فقط كي تسقطوا الاسد والنظام. دمرتم سوريا، قتلتموها، ذبحتموها، وترفضون كل حل سياسي هناك”. في ذاك الخطاب لم يعفِ كارهي نفسه من اثبات تدخلهم في العراق بعد صدام: “من بعث اليه بالانتحاريين ومول عمليات القتل في بغداد والمدن العراقية، العمليات التي لم تميز بين العرب، الاكراد، المسيحيين، السنة، الشيعة والتركمان – هي الاستخبارات السعودية”.
في المراحل الحرجة من الحرب في سوريا بدا وكأن خطة الرياض تحقق النجاح، ونظام البعث آخذ في الانهيار. ولكن عندها هرع لنجدة الاسد حزب الله وايران، اللذين سفك دماء أبنائهما في الجهود للدفاع عنه وفي المرحلة الثانية روسيا ايضا، التي انقذت دمشق من الانهيار التام، حاليا على الاقل. وكل هذه السنين كلف السعوديون واخوانهم القطريون أنفسهم العناء، بمثابرة كبيرة، كي يبنوا للاسد صورة الطاغية الذي يصفي بمنهاجية ابناء شعبه، وذلك بفضل هيمنتهم على وسائل الاعلام والقنوات الفضائية الناطقة بالعربية. النظام السوري الطاغية أدار بالفعل حرب إبادة ضد المواطنين الذين يتجمعون في فصائل، حربا تضمنت ايضا إبادة المباني على سكانها. ولكن الصورة الاعلامية التي بناها السعوديون والقطريون، اخفت دورهم في تمويل وتأسيس جماعات الثوار، التي أجبرت الاسد على القتال بلا مساومة.
يشكل التآمر السعودي في جملة الساحات هذه صورة مرآة للتدخل الايراني في الارهاب وفي اضعاف الانظمة. ولكن السعوديين، بخلاف الايرانيين أغنى من الايرانيين، دهاة بقدر لا يقل عنهم، وبالاساس – يتمتعون بالموافقة الصامتة من جانب الغرب لكل افعالهم. وفي الغالب يعملون بهدوء، من خلال شد الخيوط من بعيد، ومن خلال المرتزقة.
يوجد في إسرائيل من اعتقدوا على مدى سني الحرب في سوريا، بان اسرائيل تكسب من الحملة العسكرية المصممة التي ولدت في العراق لاسقاط الاسد. اما الواقع فيثبت العكس. على اسرائيل ان تبعث باكاليل الورود لكل المشاركين في انقاذه. لو كانت دول الخليج – اصدقاءنا حسب الوزير كاتس، أليس كذلك؟- تنجح في خطتها لاسقاط النظام في دمشق، لولد على مدخل دولة اسرائيل عراق ثانية. أحد ما كان ليمنع داعش من الوصول الى الحدود الشمالية في هضبة الجولان، والعمل من هناك دون عراقيل ضد البلدات الاسرائيلية. ساحة اخرى كانت ستفتح، تشبه تلك التي في سيناء.
كما أن التهجمات التي تصدر بين الحين والاخر على ألسنة وزراء اسرائيليين عن وضع حقوق الانسان في ايران هي استخفاف بعقول السامع الاسرائيلي. فلم يولد بعد الوزير الاسرائيلي الذي يهمه حقا وضع المواطنين في ايران. واذا كان يؤلمهم وضعهم، فليتفضلوا بالاهتمام ايضا بوضع حقوق الانسان المتهالك في السعودية. نظرة الى هناك ستبين مملكة على نمط لويس الرابع عشر التي تدار منذ تسع عقود من ذات العائلة، التي تنقل التاج بين ابنائها من يد الى يد وكأنه مُلكهم الخاص. فليس فيها برلمان منتخب، بل “مجلس استشاري” يعين اعضاءه الملك، وبطبيعة الاحوال لا يوجد اجراء انتخابي لانتخاب الملك واعضاء المجلس التشريعي.
صحيح أن ايران هي النعجة السوداء للغرب، ولكن الحقيقة المريرة هي انه لو كان بوسع مواطني السعودية ان يختاروا – لكان يسعدهم ان يجدوا أنفسهم جزء من الجمهورية الاسلامية الايرانية.
تجربة نتنياهو
اسرائيل ليس فقط من حقها بل ومن واجبها ايضا أن تجري اتصالات سرية مع دول كفيلة بان تساعدها في الدفاع عن نفسها. معقول الافتراض بانه يمكن مع النظام السعودي عقد الصفقات من كل الانواع. ولكن من الافضل لدولة اسرائيل أن تكون هذه الاتصالات جزءا من النقاش الجماهيري. ليس من اجل تلبية فضول الصحافيين، بل منعا للخسائر والهزائم مثلما حصل مع مصر. فعلى مدى أربعة عقود وافقت القدس على طلب القاهرة إدارة العلاقات على شكل العشيق والعشيقة؛ فهذه العلاقات لم تصعد ابدا الى اتفاق سلام، يقدم هدية مناسبة للاجيال التالية، بل بقيت مثابة حلف متهالك. في لحظات الحقيقة كاد ينهار.
صحيح أنه من السابق لاوانه الحديث بالنسبة للسعوديين عن سلام، ولكن لا يوجد ما يدعو لان تدير دولة قوية وديمقراطية في المستقبل منظومة علاقات في الظلام مع نظام طغيان يحتاجها. السعودية ليست قوة قوة عسكرية وسياسية هامة، بل هي نظام مخضرم جدا في المنطقة، يوجد في بداية كفاحه في سبيل بقاء وجوده. ولن نعرف ابدا خريطة مصالحه بكاملها. فيمكن لنا أن نسرق جوادا معه، ولكن ليس له أي مشكلة في نفس الوقت ان يسرق جوادا آخر من اسطبلك.
في أحد الخطابات الاحتفالية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في اثناء ولايته الحالية، شرح بان دولة اسرائيل شهدت في هذه السنوات ثورة في علاقاتها مع دول المنطقة، فهذه الانظمة، التي كانت دوما متسامحة نسبيا تجاه إسرائيل تطلب لنفسها تماثل مصالح عندما تثور العاصفة من حولها.
ليس العدو الايراني المشترك وحده يشجعهم على ذلك، ولكن ايضا دافعين انسانيين بسيطين: الحاجة لايجاد لانفسهم سندا في لحظة الضائقة، والامكانية التجارية الكامنة. فاسرائيل ليست فقط قوة عظمى عسكرية، بل بالاساس تكنولوجية، تجارية ودبلوماسية. فليست فقط الحكومات تسعى الى التقرب منها، بل وحتى السياسيون العرب الذين يتلمسون طريقهم الى هنا سرا، محافل تجارية على أنواعها وأفراد. كل واحد يريد ما ينقصه – من رخصة عمل او مكانة لاجيء، عبر التعاون الاستخباري، اقامة قاعدة لعلاقات مستقبلية وحتى الصفقات بالمليارات.
هذا التيار المتعاظم، الذي يتعرض له رئيس الوزراء وقادة أجهزة الامن، أدى الى تفكير ابداعي. “دوما درجنا على القول” شرح نتنياهو في ذاك الخطاب، “انه في اللحظة التي نتقدم فيها في علاقات السلام مع الفلسطينيين، سيكون بوسعنا الوصول الى علاقات سلام مع العالم العربي كله. ولكني اعتقد أكثر فأكثر بان العملية يمكن أن تتحرك ايضا في الاتجاه المعاكس. وان التطبيع مع العالم العربي يمكن أن يساعدنا في التقدم ايضا في سلام واعٍ، أكثر استقرارا واسنادا مع الفلسطينيين”.
بكلمات أخرى، كشف رئيس الوزراء أن في عقله نضج تفكير بمسار سلمي يتجاوز رام الله. وكان هذا بالون اختبار مشوق، يقوم على اساس تفكير ابداعي، وهدفه انقاذ اسرائيل من العزلة الاقليمية النسبية والاسقاط التاريخي للمقاطعة العربية. غير أن رئيس الوزراء منذ كشف بواطن قلبه، أعلنت العواصم العربية، وعلى رأسها الرياض، بانها ترفض الفكرة. وفي المحادثات التي اجراها ابو مازن مع زعمائها، حصل على بوليصة تأمين. فقد قالوا له: “لن نبيعك” واعلنوا عن رفضهم اقامة سلام دون حل المشكلة الفلسطينية.
لماذا لا تقفز السعودية، المملكة “المعتدلة”، زعيمة العالم السني، لتلتقط هذا العرض المغري؟ السؤال الاصح هو لماذا تقفز. السلام مع اسرائيل، لشدة الاسف، لا يعني السعوديين. ولا أخوانهم في اتحاد الامارات. فهم مشغولو البال في تهديدين وجوديين. من الخارج – ايران، القريبة والخطيرة، ومن الداخل – الاسلام المتطرف. اتفاق سلام مع إسرائيل لا يضمن الراحة للفلسطينيين سيثير هذين التهديدين ويمنحهما الشرعية للعمل ضد الاصدقاء الجدد لاسرائيل أو تشديد الصراع المتوتر على أي حال ضدها. بالنسبة لها، هذا ليس وجع رأس بل خطر حقيقي.
ويوجد سبب آخر للرفض التام للقفز على عربة السلام مع القدس: كل ما تحتاجه السعودية، اتحاد الامارات وجيرانهما الان من إسرائيل، تحصل عليه على أي حال – وفقا للمنشورات الأجنبية، بالطبع.
هآرتس / حرس الثورة الروسي
هآرتس – بقلم عاموس هرئيل – 24/2/2017
يبدو أن الجنرال الكسندر جوربليوف لم يحصل بعد على التقدير والاهتمام الذي يستحقه في وسائل الاعلام العبرية، أو وسائل الاعلام الدولية بشكل عام. في تموز من العام الماضي استبدل جوربليوف شخص آخر باسم دفورنيكوف كقائد اعلى للقوات الروسية في سوريا. الحديث يدور عن بضعة آلاف من الجنود المرافقين في ثلاثة اسراب تابعة لسلاح الجو الروسي، ومضادات ضد الطائرات وعدد من السفن، عملت على تغيير توجه الحرب في سوريا وأنقذت نظام الاسد. الجنرال جوربليوف بصفته قائدا لهذه القوة هو عمليا قائد التحالف العسكري الذي يبقي على النظام السوري القمعي على قيد الحياة. وبالتدريج يساعده على اعادة السيطرة في مناطق قليلة من اراضي الدولة.
فيما يتعلق بدور روسيا كجهة غيرت كليا ميزان القوى في سوريا، كتب الكثير من الاشهر الاخيرة. وما لم يكتب تقريبا هو أن روسيا التفت على ايران، الراعية السابقة للرئيس بشار الاسد، كجهة ناجعة تفرض خطوات المعسكر الذي تبلور لانقاذه.
الجنرال قاسم سليماني، قائد “قوة القدس” في حرس الثورة الايراني، الذي يركز النشاطات خارج حدود ايران هو شخصية معروفة. وقد حظي سليماني قبل بضع سنوات على مقال شخصي واسع في صحيفة “نيويوركر”. جوربليوف في المقابل هو شخص غير معروف بالنسبة للقراء في الغرب. ولكن ليس الجنرال الايراني، بل نظيره الروسي، مبعوث الرئيس بوتين، هو الذي يقرر الآن الى أين سيتجه الخط المحيط بالاسد. وهذا يحدث بعد نجاحه الكبير: خضوع مدينة حلب في كانون الاول، في نهاية حملة قصف بلا رأفة قام بها سلاح الجو الروسي. وما يريد بوتين وجوربليوف هو الذي يكون. أول أمس، بمناسبة يوم الجيش الاحمر، منح رئيس روسيا لمبعوثه في سوريا رتبة جنرال بنجمتين.
قبل اسبوعين تحدثت صحيفة “هآرتس” عن الخطوات الاخيرة للنظام في عمق هضبة الجولان. على مسافة قريبة من الحدود في الشمال، تستعيد قوات الاسد بالتدريج السيطرة على بعض المناطق. وبعد حملة من الحصار والتجويع والقصف، استسلم عدد من القرى وأعلنت ولاءها مجددا للرئيس. وهناك مفاوضات مشابهة تجري مع ثلاث قرى اخرى في مزرعة بيت جن. في المنطقة بين القنيطرة والعاصمة دمشق يطرد النظام بالتدريج بقايا المتمردين. ولكن جبهة الجولان بقيت ثانوية. يركز الروس والاسد جهودهم في توسيع السيطرة في المدن الكبيرة في سوريا، في المركز والشمال. وقد تبينت في الاسابيع الاخيرة خطوة جديدة لاحتلال النصف المتبقي من درعا، معقل التمرد في جنوب الدولة وقريبا من الحدود مع الاردن.
جاء في صحيفة “وول ستريت جورنال” في بداية الشهر “ادارة ترامب تريد دق اسفين في التحالف بين روسيا وايران. هذه الخطوة لم تنجح حتى الآن. هناك تقسيم عمل في سوريا يشمل غرف عمليات مشتركة وتقييمات من قبل روسيا وايران ونظام الاسد وحزب الله. في ايران نفسها هناك جدل داخلي شديد حول حجم التمويل لنشاطات حزب الله. الرئيس حسن روحاني يسعى الى تقييد ذلك، ومنح جزء من الاموال للاحتياجات الداخلية. المعسكر المحافظ وحرس الثورة يعارضان ذلك. رئيس الاركان آيزنكوت قال أول أمس في لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست إن حزب الله يمر في ازمة في المعنويات بسبب خسائره الكثيرة – 1700 قتيل واكثر من 6 آلاف مصاب – في الحرب السورية. وحسب ما نشره معهد واشنطن لبحوث الشرق الاوسط فان مقاتلي حزب الله خاب أملهم من الجنرال سليماني الذي يعتبرهم لحم للقذائف من اجل تحقيق اهداف ايران في المنطقة.
الحراك في ايران يزيد من وزن روسيا في التحالف المحيط بالاسد. فهل هذا سيء لاسرائيل؟ في الاجهزة الامنية هناك جدل حول ذلك. هناك من يخشون من ازدياد قوة روسيا والتنسيق المتزايد مع الولايات المتحدة بسبب قرب الرئيس دونالد ترامب من موسكو. إنهم يخافون من أن القوى العظمى قد تتوصل الى اتفاق تقاسم القوى، الامر الذي سيخلد مكانة ايران وحزب الله في سوريا، ويُمكن ايران من الحصول على موقع استراتيجي في هضبة الجولان السورية بعد أن يعيد النظام سيطرته عليها بالكامل.
وهناك من يرون أن ذلك له افضلية. الخطر الحقيقي للحرب في الشمال، الذي سيجعل اسرائيل تتدخل، يترتبط بسيناريو عدم وجود الاتصال. عدد من النشاطات وسوء الفهم المتبادل بين الاطراف قد يؤدي الى تدهور الوضع ونشوب الحرب دون أن يقصدوا ذلك. هذا ما حدث تقريبا بين اسرائيل وحزب الله في كانون الثاني 2015 بعد التعرض لحياة جهاد مغنية وجنرال ايراني كان معه قرب القنيطرة (الامر الذي نسب لاسرائيل). الطرفان يوجدان بشكل دائم على بعد خطأين من الحرب. ولكن الآن هناك عنوان للوساطة. روسيا لا ترغب بنشوب حرب بين اسرائيل وحزب الله. حزب الله هو مثابة ذخر لروسيا، بشكل مباشر على الأقل، وجزء من تحالف موسكو. ايضا نظام الاسد قد يتضرر اذا انجر لمساعدة حزب الله في حالة اندلاع الحرب مع اسرائيل.
التنسيق الكامل بين اسرائيل وروسيا والذي يسعى الى منع التصادم الجوي بين الطرفين، أكثر نجاعة في الوقت الحالي. يبدو أن روسيا تتصرف ببراغماتية ومرونة. وقبل بضعة اشهر كتب هنا عن نشر اجهزة الدفاع الروسية المتقدمة في موقع حميميم في شمال غرب سوريا. ورادارات هذه الاجهزة تغطي أي حركة جوية في اسرائيل، وحتى موقع سلاح الجو في شمال النقب. يبدو أنهم في اسرائيل كانوا قلقين من أن تعزيز تواجد روسيا سيقلص مجال عمل سلاح الجو في المنطقة الشمالية.
حسب ما نشر في وسائل الاعلام العربية، فان قصف اسرائيل لقوافل السلاح ومخازن السلاح لحزب الله في وسريا يستمر بدون ازعاج. وقد قيل في التقارير إن الطائرات تقوم بالقصف عن بعد وهو في سماء لبنان أو فوق البحر المتوسط. هذه المناطق ايضا توجد في مجال الرادارات الروسية، لكن يبدو أن موسكو لا تهتم كثيرا بهذا الامر. واذا كان جزء من السلاح الذي يتم تدميره من صنع روسيا، فهذا قد يعني عقد صفقات اقتصادية جديدة مع حزب الله وايران، اللتان تقدمان الشيكات.
وراء الاتفاق
نجاعة روسيا في المنطقة ترتبط بشكل مباشر بالضعف الدراماتيكي في مكانة الولايات المتحدة. ادارة اوباما قامت بالتخلي عن الملف السوري، وتراجعت عن معاقبته في اعقاب استخدامه للسلاح الكيميائي في صيف 2013. وبعد ذلك بذل الرئيس السابق ورجاله قصارى جهودهم من اجل عدم التدخل من اجل وقف الكارثة الانسانية التي تسبب بها الاسد. وتم التركيز على الحرب ضد داعش. وقد وصلت الامور الى درجة اعتراف الاستخبارات الامريكية بشكل علني أمام النظراء الاسرائيليين بأنهم لا يعرفون سياسة الرئيس في المنطقة، باستثناء أوامر الامتناع عن التورط الذي قد يسيء لصورة الادارة الامريكية.
في نظرة الى الوراء، يصعب تجاهل الصلة بين تقليص تدخل ادارة اوباما في سوريا ووقف الجهود لاستبدال الرئيس الاسد وبين التقدم في المحادثات مع ايران، الامر الذي أدى الى التوقيع على الاتفاق النووي في فيينا في تموز 2015. موقع ايراني للاخبار اقتبس في هذا الاسبوع اقوال رئيس مجلس الخارجية التابعة للبرلمان في طهران، الذي حذر الرئيس ترامب من الكشف عن جميع التفاهمات المتعلقة باتفاق فيينا. وقد جاءت هذه الاقوال في اعقاب تبادل الاتهامات والتهديدات بين واشنطن وطهران بعد اجراء التجربة الايرانية على الصاروخ البالستي في كانون الثاني. وقد اختارت ادارة اوباما تجاهل التجربة السابقة في أيار الماضي، أي بعد أقل من سنة على توقيع الاتفاق النووي.
في موقع الانترنت الاسرائيلي “نمري” جاء، بناء على تصريحات كثيرة لقادة حرس الثورة الايراني، أنه توجد لطهران اسباب تجعلها تعتقد أن الادارة الامريكية السابقة لن تقوم بالانتقام منها بسبب اجراء التجارب الصاروخية في المدى الذي لا يزيد عن 2000 كم، أي أن هذا يهدد اسرائيل نظريا، لكنه لا يهدد دول اوروبا الغربية. الاتفاق النووي لا يشمل الحديث عن صواريخ ايران، لكن قرارات مجلس الامن تمنع هذه التجارب.
الاستخبارات الاسرائيلية تجمع تقريبا على أن اتفاق فيينا مليء بالثقوب لكنه ايجابي وحيوي. هناك فرصة لأن يوقف الاتفاق تقدم ايران نحو القنبلة النووية مدة عقد. لقد كان براك اوباما صديقا حقيقيا لاسرائيل، اهتم بمنح المساعدات الامنية بمستوى غير مسبوق. هذا لا يجب أن يمنع النقاش حول اخطاء الادارة السابقة في سوريا وايران الى حد ما، وايضا تعاطيه العدائي مع القيادة المصرية.
بطل الادارة الامريكية
الجنرال هربارد ريموند مكماستر الذي اختاره ترامب لمنصب مستشار الامن القومي، بعد الجنرال مايكل فلين، كان طوال سنوات زائرا معروفا ومرغوبا فيه في الاجهزة الامنية الاسرائيلية. ولأن جزء من مهماته في الجيش الامريكي اختص في بلورة نظرية الحرب والارشاد، فقد عمق مكماستر علاقاته مع ضباط رفيعي المستوى في الجيش الاسرائيلي ومع اكاديميين اسرائيليين. الاسرائيليون الذين التقوا معه يتحدثون عن ضابط له ماض عسكري لامع وقدرة ذهنية لافتة، وعن أنه لم يقم باخفاء الاهمية التي يوليها للعلاقة الامنية بين الدولتين.
لقد كتب مكماستر مقدمة النسخة الانجليزية لكتاب د. ايتان شمير بعنوان “قيادة مهمة”، الذي يقارن بين تقاليد القيادة في الجيش، مع الجيش الامريكي والجيش البريطاني. شمير الذي هو عضو رفيع في مركز بيغن – السادات في جامعة بار ايلان كان ضيفا لبضعة ايام على الجنرال الامريكي عندما كان مسؤولا عن القاعدة الكبيرة “بورت بنينغ” في جورجيا. وهو يتحدث عن ضابط هام وشخصية مؤثرة مرؤوسيه يحترمونه جدا، وهذا لا ينبع فقط مع حكمته، بل لكونه بطلا للحرب. فقد رأى العدو عن قرب.
حارب مكماستر كقائد للواء مدرعات في حرب الخليج في 1991. في المعركة الهامة الوحيدة في تلك الحرب امام الحرس الجمهوري العراقي. وفي الحرب العراقية الثانية في 2003 كان قائدا لكتيبة واعتبر فيما بعد أحد الضباط الاوائل الذين أدركوا ضرورة الصلة المباشرة مع السكان المدنيين وتجنيد المتعاونين من بينهم.
يقول شمير “من يتابع محاضراته الكثيرة يلاحظ أن مكماستر يشدد دائما على العنصر الانساني في الحرب بشكل يفوق التكنولوجيا. وفي المؤسسة الامنية الامريكية هذه نظرة نادرة نسبيا”. في السنوات التي تلت ذلك لم يتم ترفيع مكماستر بسبب الانتقادات التي وجهها لأداء الجيش الامريكي في العراق. وقد خصص مكماستر رسالة الدكتوراة للهجمة الشديدة من قبل قادة الجيش على البنتاغون في حرب فيتنام. حيث قال إن على المسؤولين وضع خط مستقيم وضعضعة الفرضيات التي تبناها الرئيس لندن جونسون عند اتخاذ القرار المصيري حول تعزيز القوات الامريكية في فيتنام.
المديح الاسرائيلي يتداخل جيدا مع الاجماع الاستثنائي في عهد ترامب، حول تعيين مكماستر. ومن بين منتقدي الرئيس هناك من هم اكثر تفاؤلا، حيث يعتبرون أن هناك قطبان داخل الادارة الامريكية، القطب الايديولوجي الراديكالي برئاسة المستشار الاستراتيجي ستيف بنون، وقطب الجنرالات المهنيين ومنهم وزير الدفاع جيمس ماتس ووزير الخارجية ريكس تلرسون والمستشار الجديد مكماستر. هذان المعسكران سيتحاربان من اجل التأثير على الرئيس. وقد ينجح أحدهما في اقناع ترامب للسير في سياسة خارجية صقورية احيانا، لكن تبقى مدروسة ومسؤولة.
لكن مثل امور كثيرة متعلقة بالرئيس الامريكي، يبدو أن هذا التقدير سابق لأوانه. ادارة ترامب أثبتت أنها مثلث برمودا، وهو المكان الذي تُدفن فيه التوقعات الواحد تلو الاخرى مثل السفن المفقودة والغارقة.
هآرتس / الدولة ضد منظمة “هيومان رايتس ووتش”: هذه هيئة دعائية لن نصدر تصاريحا لموظفيها
هآرتس – بقلم ايلان ليئور – 24/2/2017
رفضت سلطة السكان والهجرة بتعليمات من وزارة الخارجية منح تأشيرة عمل لباحث في منظمة حقوق الانسان الدولية “هيومان رايتس ووتش”، بدعوى أنها تخدم الدعاية الفلسطينية. وتشغل المنظمة، التي تعمل في تسعين دولة في العالم، منذ سنين باحثا عنها يدرس انتهاكات حقوق الانسان في اسرائيل، في الضفة الغربية وفي قطاع غزة وينشر نتائجه.
في أعقاب مغادرة الباحث الذي عمل في اسرائيل وفي المناطق على مدى بضع سنوات، رفعت المنظمة قبل سبعة اشهر طلبا للحصول على تصريح عمل لبديله، مواطن أمريكي من أصل عراقي يدعى عمر شاكر. اما هذا الاسبوع فقد ردت سلطة السكان على الطلب بالرفض، دون صلة بهوية الباحث.
“في الفتوى التي وصلت من وزارة الخارجية أشير الى أنه منذ زمن طويل والنشاط العلني للمنظمة وتقاريرها تعنى بالسياسة في خدمة الدعاية الفلسطينية، في ظل رفع علم “حقوق الانسان” عبثا، وعليه فنحن نوصي برفض الطلب”، هكذا كتب مدير قسم التصاريح في مديرية خدمة أرباب العمل والعمال الاجانب في السلطة، موشيه نكش. وأشار الى أنه استنادا الى موقف وزارة الخارجية، أوصى أعضاء اللجنة الاستشارية بفحص الطلبات لتشغيل عاملين أجانب خبراء برفض الطلب – ومدير عام سلطة السكان تبنى التوصية.
في حديث مع “هآرتس” اضاف أمس الناطق بلسان الخارجية، عمانويل نحشون بان القرار اتخذ بسبب “الاجندة المتطرفة المعادية والمناهضة لاسرائيل التي تتبناها المنظمة”. وعلى حد قوله فان “هذه المنظمة وضعت نفسها تحت تصرف الدعاية الفلسطينية، تعمل بشكل واضح ولا لبس فيه ضد دولة اسرائيل، بشكل منحاز تماما. هذا هو السبب الذي جعلنا نقرر باننا غير مستعدين لان نعطي الخد الايسر ولن نصدر تأشيرة عمل لشخص يأتي بينما هدفه الواضح هو المس باسرائيل وبسمعتها الطيبة”.
اما في المنظمة فقد ردوا أمس الاتهامات واشاروا الى أنهم على اتصال دائم مع السلطات في اسرائيل وان علاقاتهم مع هذه السلطات سليمة. وقالت امس شيري باشي المسؤولة في المنظمة: “يؤسفني اتخاذ هذه الخطوة. فهي ستجعل عملنا صعبا”.
هآرتس / السياسة على حساب التميز
هآرتس – بقلم أسرة التحرير – 24/2/2017
اختارت لجنة تعيين القضاة، برئاسة وزيرة العدل، آييلت شكيد، أول أمس أربعة قضاة جدد للمحكمة العليا – يوسف ألرون، جورج قارا، ياعيل فيلنر ودافيد مينتس. وسيبدأون مهامهم بالتدريج في الاشهر القريبة القادمة، مع اعتزال أربعة قضاة قدامى، بينهم الرئيسة مريم ناؤور. ويعد تعيين أكثر من ربع تشكيلة الهيئة القضائية الاعلى لحظة تأسيسية في تصميم صورة العليا لسنوات طويلة، ولكن لشدة الاسف قادت شكيد اللجنة الى تعيين غير مثالي.
دون المس بالقضاة الذين تم اختيارهم، فان الوزن السياسي الذي اعطي لاختيارهم، تغلب على اعتبارات التميز. فقد امتثل أمام أعضاء اللجنة عشرات المرشحين المجربين، اللامعين والمتميزين. وكان يمكن للجنة ان تعزز المحكمة بقضاة يكونوا ذوي قامة، ويتمكنون من ان يحملوا على اكتافهم ثقل المسؤولية الملقاة على المحكمة في هذه الايام الصعبة للديمقراطية الاسرائيلية. والارث الحقيقي لشكيد معناه إذن الغاء ميزة الجودة الهامة لجهاز المحاكم، والمحكمة العليا بخاصة، في ما يسود في الخدمة العامة. اعتبارات غير موضوعية، وبينها اعتبارات سياسية وفئوية، كانت دوما ترافق عمل لجنة تعيين القضاة، ولكن لم يكن هذا أبدا بمثل هذا الشكل الفظ.
ليس كل اختيار للقضاة من اعضاء اللجنة مناسب للتأييد التلقائي. فلم يكن مكان لرفض القاضي ألرون بسبب شبكة علاقاته المشحونة مع بضعة قضاة يعملون اليوم في المحكمة العليا، مثلما لم يكن مكان للتأييد له فقط بسبب اصله الشرقي أو كونه خريجا للمعابر. اما الان، وبعد أن انتخب أربعة القضة الجدد، فينبغي التعالي على خلافات الماضي. وفي هذا السياق خير فعلت رئيس المحكمة العليا، حين نشرت أمس بيان تهنئة باختيار القضاة الجدد.
وبالنسبة للجناح اليميني في الساحة السياسية والذي سارع الى التهليل وكأن القضاة الذين تم اختيارهم سيشكلون ممثلين له في كرسي القضاء – فيجدر به أن ينتظر قبل الاحتفال. ينبغي الامل بأن من يكون مؤتمنا على قواعد القضاء ولا يكذب مع نفسه – لن يقرر وفقا للاجندة السياسية، سواء كقاض مركزي ام كقاض في العليا وفي محكمة العدل العليا.