ترجمات عبرية

اهم الاخبار والمقالات والتقارير من الصحافة الاسرائيلية ليوم 3– 11 – 2017

يديعوت احرونوت:
– لمن نسي – رابين اغتيل – اسرائيل متألمة وباكية.
– بعد 22 سنة على اغتيال رابين: في منتهى السبت عدنا الى الميدان.
– مشروع قانون: علاج أسنان مجاني للشيوخ.
– اوشرات كوتلر، اليكس جلعادي، و “العرض المشين”.
– اختراق في علاج الشلل الدماغي.
– مندلبليت ونيتسان: نعارض قانون التوصيات.
– جثث المخربين مقابل الابناء.
– نتنياهو لماي: لا لالغاء الاتفاق النووي، بل لتعديله.
معاريف/الاسبوع:
– المعركة على الجثث في النفق: المستشار القانوني ضد وزير الدفاع.
– ذكرى في خلاف.
– في اعقاب تدير النفق: الجهاد يهدد بالصواريخ.
– تقرير: الموقع الذي قصفه الجيش الاسرائيلي استخدم لتطوير الصواريخ من ايران لحزب الله.
– نتنياهو: المستشار القانوني وقع على أن القيادة السياسية غير ضالعة في قضية الغواصات.
– مهرجان الذكرى لرابين: يتحدثون عن الوحدة ويواصلون القتال.
هآرتس:
– التحولات في الشمال والتوترات في القطاع تدخل اسرائيل في فترة طواريء.
– الحراك في الرأي العام يبعد الانتخابات.
– سهم تيفع هبط بـ 20 في المئة في وول ستريت.
– اسبانيا تتمزق وليس بسبب المال: ما الذي يقف خلف طلب كتالونيا الاستقلال.
– اسرائيل: لن نسمح لحماس للبحث عن جثث المخربين في النفق.
– نتنياهو بعد لقائه مع ماي: يوجد تقارب في محاولة تغيير الاتفاق النووي مع ايران.
اسرائيل اليوم:
– مقربو ابو مازن: السلطة لن توقف انفاق حماس.
– ام أزاريا: “سيدي الرئيس اعد لي النور الى البيت”.
– بعد الهجوم الجوي: سوريا اشتكت للامم المتحدة ضد اسرائيل.
– احتدام التوتر بين عمان ورام الله: الاردن: الفلسطينيون يعرضون أمننا للخطر.
– رئيس الوزراء: الهدف – ليس الغاء الاتفاق النووي بل تعديله.
– السفارة السويسرية شاركة في تمويل الحملة ضد قانون المتسللين.
اهم الاخبار والمقالات والتقارير من الصحافة الاسرائيلية ليوم 3– 11 – 2017
اسرائيل اليوم / مقربو ابو مازن : السلطة لن توقف انفاق حماس
اسرائيل اليوم – بقلم دانييل سيريوتي – 3/11/2017
ليس للسلطة الفلسطينية القدرة على منح حماس والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة من مواصلة حفر انفاق الارهاب في القطاع، هكذا قالت لـ “اسرائيل اليوم” مصادر رفيعة المستوى في السلطة الفلسطينية، سواء في مكتب ابو مازن أم في اجهزة الامن الفلسطينية.
وقال مصدر كبير في القيادة الفلسطينية، المقرب من ابو مازن لـ “اسرائيل اليوم” ان “المصالحة الفلسطينية ونقل السيطرة هما في المستوى التصريحي فقط. اما عمليا فمن يسيطر على الارض في قطاع غزة فهي حماس، وليس لاجهزة الامن الفلسطينية اي قدرة في هذه اللحظة لمواجهتها أو مواجهة باقي الفصائل الفلسطينية وبالتأكيد ليس في حفر وانشاء انفاق الارهاب.
فضلا عن ذلك، كما شدد المسؤول الفلسطيني الكبير اياه، ليس للسلطة الفلسطينية اي رغبة في ممارسة صلاحياتها في قطاع غزة بعد نقل السيطرة في المعابر وفي المجال العام الى يد الحكومة الفلسطينية. “ما لا يفهموه في اسرائيل وفي ا لولايات المتحدة هو أننا نريد أن نعطي فرصة لنجاح هذه المصالحة، حتى وان لم يكن كل شيء يسير بسلاسة”، شرح المسؤول، “وعليه فاننا غير معنيين بالمواجهة مع حماس، وبالتأكيد ليس حول مسألة الانفاق. نحن سننجح في لجم حماس في غزة كما هي ملجومة في الضفة الغربية، ولكن هذه مسيرة طويلة ستستغرق زمنا طويلا والان ليس لنا اي مصلحة أو رغبة في منع حماس من مواصلة نشاطها الامني في قطاع غزة”.
واضاف مصدر امني كبير في اجهزة الامن الفلسطينية وقال لـ “اسرائيل اليوم” ان التواجد الامني للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة هو في حده الادنى وغير مشارك على الاطلاق. وعلى حد قوله فان “الشرطة في غزة بالاجمال استبدلوا بزات الشرطة الزرقاء لحماس الى بزات الشرطة الفلسطينية. حماس لا تزال تسيطر على الارض وتواصل نشاطها الامني بقوة أشد، بما في ذلك حفر الانفاق لاغراض الارهاب ولاغراض التدريب. منذ أكثر من عشر سنوات ونحن لم نكن في غزة، والان ايضا ليس لنا عمليا اي سيطرة على الارض. وحتى زيارة آمنة لابو مازن في غزة لم ننجح في اخراجها الى حيز التنفيذ. لنا، كجهة أمنية للسلطة الفلسطينية لا توجد الامكانية أو القدرة على مواجهة الذراع العسكري لحماس. الذراع السياسي للمنظمة يجد صعوبة في لجم الذراع العسكري. فهل نحن سننجح؟ والامل هو أن تفهم حماس بانه اذا كانت ترغب في دولة فلسطينية فعليها أن تنزع سلاحها وان تندمج في الاجهزة الفلسطينية، ولكن هذا اجراء طويل”.
والى ذلك، افادت وسائل الاعلام في غزة بان حماس تقدر بان جثث خمسة نشطاء المنظمة بقيت تحت الانقاذ في النفق في الاراضي الفلسطينية، وتوجهت الى الصليب الاحمر كي يتوجه لاسرائيل ويساعد في اعادة جثث المفقودين. في ضوء المنشورات أوضح منسق اعمال الحكومة في المناطق اللواء يوآف فولي مردخاي لرئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الاحمر في اسرائيل جاك دي مايو بانه “لن نسمح بالبحث عن المخربين في النفق دون التقدم في مسألة الاسرى والمفقودين”.
عائلة الملازم هدار غولدن الراحل الذي تحتجز حماس جثته في غزة، دعت رئيس الوزراء نتنياهو “الى الاشتراط بشكل واضح كل استجابة لطلب انساني من حماس لاعادة هدار واورون الى الديار”. كما ان عائلة الجندي المفقود اورون شاؤول اعلنت: “نحن نأمل الا تتجرأ حكومة اسرائيل على الاستجابة لطلب حماس طالما لا يعيدون اورون”.
أما في الذراع العسكري للجهاد الاسلامي الفلسطيني فقد نشر أمس شريط تهديد يظهر فيه نشطاء التنظيم وهم ينصبون الصواريخ في فوهات النفق وكذا نقاط رقابة على عاملي الجيش الاسرائيلي في منطقة جدار الفصل مع كتابة بالعبرية تقول: “الزمن ينفد”.
اسرائيل اليوم / احتدام التوتر بين عمان ورام الله: الاردن: الفلسطينيون يعرضون أمننا للخطر
اسرائيل اليوم – بقلم دانييل سيريوتي – 3/11/2017
التوتر بين الاردن والفلسطينيين حول اتفاق المصالحة الفلسطينية الداخلية بين فتح وحماس يناطح السحاب.
أكدت مصادر اردنية وفلسطينية رفيعة المستوى لـ “اسرائيل اليوم” بان القطيعة بين رام الله وعمان تكاد تكون شبه مطلقة وأنهم في الاردن يتهمون الفلسطينيين بتعرض الامن القومي للمملكة للخطر من خلال منح امكانية لحماس للانخراط في مؤسسات حكم السلطة الفلسطينية والعمل في الضفة الغربية بشكل يضعضع استقرار النظام في المملكة، حيث نشطاء كثيرين من الاخوان المسلمين – الحركة الام لحماس.
وكما يذكر، فقد كشفت “اسرائيل اليوم” مؤخرا بان الملك عبدالله الاردني رفض طلب الرجل القوي في حماس خالد مشعل لفتح ممثلية لحماس في الاردن كي يتمكن من العمل منها لتحقيق تطلعاته لخلافة كرسي ابو مازن وان ينتخب للرئاسة الفلسطينية.
يديعوت / عمليات تشرين
يديعوت – بقلم ناحوم برنياع – 3/11/2017
اسحق رابين لم يكن ملاكا. فالملائكة لا يوجدون الا في الاساطير. فقد كان ضابط أركان متميز أصبح زعيما رغم أنفه تقريبا. فالى جانب انجازاته الكبرى سجلت أيضا اخطاء، اخفاقات ونقاط ضعف. فلم تكن قواعد اللعب دوما مريحة لرابين. فحين أدى رئيس المحكمة العليا أهرون باراك، عمليا، الى استقالته من رئاسة الحكومة تلقى ضربة شديدة. ولكنه لم يحطم قواعد اللعب.
لقد كسب نتنياهو باستقامة كل كلمة قالها عنه يوفال رابين في يوم الذكرى في جبل هرتسل. المشكلة التي يطرحا نتنياهو في ولايته الحالية لا تتلخص بتباكيه. فهذا خلل قديم. نتنياهو الولاية الحالية يحطم القواعد. لسبعين سنة كان هنا نظام يقوم على سلطة القانون وعلى تفوق قواعد اللعب الديمقراطية. مواضع خلل كانت، ولكن الاطار بقي محفوظا. الليكود والبيت اليهودي، مع مساعدة جزئية من ليبرمان وكحلون، يحاولون كسر الاطار. هذا ما يميز بين الولاية الحالية وولاية بن غوريون، بيغن، رابين وحتى نتنياهو في ولايته السابقة. وهذا خطير. لقد رد نتنياهو على يوفال رابين في خطاب القاه في الكنيست. فقد بدأ نتنياهو خطابه بدعوة تهكمية لا مثيل لها للاعتدال والوحدة، للمصالحة والاخوة. المتصالح من بلاد الواقواق وفي الوسط بالغ في الثناء على رابين قائلا: “أحببته جدا”.
مع محبين كهؤلاء ما كان لرابين بحاجة الى أعداء. نتنياهو احبه في تابوت، مثل التابوت الذي حمله في المظاهرة اياها في رعنانا، مثل خطاب التحريض منفلت العقال من الشرفة، في المظاهرة اياها في ميدان صهيون. نتنياهو سيعود الى هذه الخطابات اذا شعر بان مؤيدوه يتوقعونها. عمق التحريض كعرض التحقيق. في هذه الاثناء هو يدعو الى المصالحة.
ليلة على الجبل
أول أمس تسلقنا، داني روبنشتاين وأنا، القسطل، الجبل الذي يشرف على الطريق الى القدس. القسطل هو موقع وطني الان، يافطات تصف بطولة المقاتلين الذين احتلوا الجبل وعادوا واحتلوه في نيسان 1948، نصبت على طول الدروب. في الطريق الى بيت المختار في الاعلى. علم إسرائيل كبير يرفرف فوقه. وفي المنحدر يحمل أحد التلاميذ رفيقته على ظهره. “انا غولاني”، يقول ويتنفس بصعوبة جراء الجهد.
روبنشتاين (“دافار”، “هآرتس”، واليوم “كلكليست”) وأنا تسلقنا معا على هذه الجبال في السبعينيات. روبنشتاين كان مراسلا للشؤون الفلسطينية وأنا كنت مراسلا لشؤون الاستيطان. في احدى محاولات الاستيطان الليلية لنواة ألون موريه، قرب حوارة، سمح لنا المستوطنون بالانضمام اليهم فقط بعد أن وافقنا على تأييد اقامة المستوطنة. حملنا معا عصا عليها سياج متلوٍ وبدونا كالرمز الشهير على سيارات مرشدي السياحة، بفارق واحد هو أن اسياج حل محل عنقود العنب.
يقول روبنشتاين “في جيلي كان نهجان تربويان للموضوع العربي – اولئك الذين تعلموا عن العرب في إطار “إعرف عدوك” واولئك الذين تعلموا عنهم في اطار “إعرف جارك”. معلمي للعربية كان يوسف يوئيل ريفلين، أبو روبي ريفلين الرئيس. فقد آمن بالنهج الثاني”.
هذا الاسبوع صدر عن “يديعوت احرونوت” كتاب روبنشتاين “إما نحن أو هم”. نقطة انطلاق الكتاب هي ليلة المعركة على القسطل وسيرة حياة عبدالقادر الحسيني، القائد الكاريزماتي للفلسطينيين في القدس، الذي قتل في تلك الليلة على الجبل، في سفوح بيت المختار. يراع القصة يتسع ويشمل ثلاثة أحداث وقعت في غضون 48 ساعة: احتلال القسطل، مذبحة دير ياسين والمعركة في حرس المرج. روبنشتاين مقتنع بان هذه الاحداث الثلاثة حسمت مصير الحرب – منحت النصر لاسرائيل التي لم تولد بعد، وحكمت على الفلسطينيين بمصيبتهم، النكبة.
بخلاف بعض زملائه، الذين جعلوا الخوف من كل غربي حياة مهنية، الخوف الذي يجلب مساحة النشر، فان روبنشتاين ليس داعية: فهو يروي القصة. في كانون الاول سيبلغ الثمانين. خمسين سنة وهو يتجول بين الفلسطينيين، في أزقة القصبة في نابلس، في اسواق البلدية القديمة، في الدكاكين في مخيمات اللاجئين. يتجول ويسمع القصص ويدحرجها الى الامام. هو بطل روات القصص. في كل هذه السنين، سألته، الم يكن هناك من هدد بايذائك. لم يكن من أغلق في وجهك باب بيتك؟
قال “في حالات قليلة فقط. فاذا كنت تبعث على الثقة فان الابواب تفتح لك”.
اعطني مثالا؟
“اصعد الى سيارة أجرة عربية في القدس”، قال. “اول سؤال يسألني اياه السائق ماذا اريد العداد أم السعر. فاجيب بالعربية كل سعر تقوله. لا، يجيب السائق، كم أنت تقول. لا، انا اقول، كم أنت تقول. ومن قول الى قوله، يقل الشك. الثقة في الحديث تملأ لدى الفلسطينيين دورا مركزيا”.
فضيحة في الاحتفال
من كان عبدالقادر الحسيني، سألت.
فقال “كان هو جد استثنائي. خلفيته العائلية، كابن لاحدى العائلات الارستقراطية، رشحته لان يكون رجل اعمال كبير أو رجل مهنة حرة، طبيب او محامٍ. وبدلا من ذلك فضل التراكض مع الشبان البدو، فتيان التلال. طردوه في صباه من ثلاث مدارس. الاحتفال النهائي له في الجامعة في القاهرة تحول الى فضيحة حين مزق شهادته امام كل المعلمين والتلاميذ.
“في أحداث 1936 – 1939 اكتسب عالمه كمقاتل. وعندما انتهت الثورة العربية واصل القتال ضد البريطانيين في العراق. وبسبب كراهيته للبريطانيين ارتبط بالنازيين. وبالطبع، كراهيته للحكام العرب. فقد رأى فيهم خونة للقضية الفلسطينية”.
في كانون الثاني 1948 كان في صوريف، قرب غوش عصيون، قاد قاعدة التدريب لقوته، الجهاد المقدس. وحدة البلماخ التي انطلقت بمساعدة مستوطنات الغوش اصطدمت بمرؤوسي الحسيني، هزمت في المعركة وذبحت حتى آخر مقاتل فيها. وقد نكلوا بالجثث. هذه هي القصة المأساوية لتلك اللحظة. فوزي نركيس، قائد غوش عصيون في 1948، كان في العام 1967 قائد المنطقة الوسطى. وقد سعى الى اغلاق الحساب وأمر مقاتلي الدورية المقدسية بتفجير منازل صوريف. داني روبنشتاين كان احد مقاتلي الدورية. “وضعنا مواد متفجرة في مبنى كبير في مدخل القرية”، كتب يقول. “لحق بالمبنى ضرر. كان واضحا انه كانت حاجة لكمية هائلة من المواد المتفجرة لتفجير كل المنازل. بعد وقت قصير انصرفنا. وبهذا تلخصت عملية الرد ضد صوريف”.
من يحل محلكم
عبدالقادر كان في آخر اسبوع من حياته في دمشق. طلب سلاح، مدافع، رشاشات وبنادق حديثة، ذخيرة ومال لتمويل الحرب على القدس. أما ممثلو الدول العربية فقد تعاطوا معه باحتقار. رأوا فيه شخصا بلا تأهيل عسكري، ورجاله كأنفار. وفي النهاية تلقى شاحنة واحدة. عاد الى القدس غاضبا ومحبطا، حاول اللحاق بقوته في القسطل وقتل مع الفجر. جندي في كتبة الهاغناة، يدعى مئير كرميون، رأى ظلالا. ظنه يهوديا. وهتف يقول “مرحبا يا جماعة”. اعتقد الحسيني بانه أحد الفارين البريطانيين ممن انضموا الى الفلسطينيين. فاجاب: “هلو بويز. ففهم كرميون بان امامه يقف جندي عربي، صحا واطلق النار عليه فقتله. بعد بضع ساعات قتل هو نفسه. اليهود لم يعرفوا انهم قتلوا الحسيني. العرب لم يعرفوا بان الحسيني قتل. والهجوم الكبير على الجبل لم ينظم الا بعد ان فهموا بان بطلهم فُقد. في المعركة القاسية اياها ولد القول التأسيسي لقائد البلماخ شمعون الباسي: “الانفار ينسحبون؛ القادة يغطون”. 39 مقاتلا قتلوا في المعركة، بينهم الباسي وقائد السرية ناحوم ارئيلي. واحتل الجبل من العرب، وهجر. عندما التقى أنور نسيبة، أمين عام اللجنة الوطنية العربية في القدس، بالناس في جنازة عبد القادر سأل اذا كان حل محلهم احد على الجبل فأجابه أحدهم “نعم”. فسأله من حل محلهم فاجابه “اليهود”.
كان الحسيني ابن 38 سنة عند وفاته. ترامبلدور فلسطيني. في الوعي الفلسطيني تثبت كـ “الميت الحي”، فقد مات ولكن إرثه حي. واحبط مرؤوسوه تعيين قائد مجرب بدلا منه. “مات الحسيني، يحل محله الحسيني”، قالوا. لقد كان القسطل المعركة الاخيرة التي خاضها الفلسطينيون. في 15 ايار اجتاحت البلاد وحدات نظامية من الدول العربية، تغيرت الحرب وجهها. سألت روينشتاين كيف جمعت المعلومات للكتاب.
فقال: “كان هذا أبسط من النبش في الكتب في الادبيات. أثار اهتمام الناس الذين عاشوا في القرى هنا. الى اين اختفوا. عرفت أنهم بشكل عام يواصلون السكن معا، في الحي ذاته، في مخيم اللاجئين ذاته. فقد درج على تسميتهم باسم المكان الذي جاءوا منه. وبعضهم جعل اسم القرية اسم عائلته.
“التجنيد لدى الفلسطينيين كان كله محليا، قبليا، عشائريا. حول عبدالقادر كان 20 شخصا، رجال الجهاد المقدس. وقد نشرت اسماؤهم بكل مناسبة. فأنت تقرأ مثلا بان احدهم، كامل عريقات، جلب معه الى العمل رجال ابو ديس. تسافر الى حي ابو ديس فترى اسم عريقات على دكان. تدخل الدكان وتسأل فيجيبونك على الفور كامل كان ابن عم جدي، حفيده اليوم هو محامٍ في القدس. هو سيروي لك عنه”. وهكذا دواليك. لقد تبين التسلق للشجرة العائلية كرهان آمن. وفي الكتاب يروي عن فلسطيني ما في الخليل صور صفحة من كتاب عن مذبحة يهود الخليل في العام 1929. وسجلت في الصفحة اسماء عرب في الخليل ممن أنقذوا اليهود. اسم عائلة أحدهم كان كاسم عائلة الرجل. سأله روبنشتاين لماذا تحتفظ بالصفحة. فأجاب قائلا: اريها للجنود في الحواجز. من كان منهم لك، سأل روبنشتاين. إذ لتعرف، قال الخليلي. نحن حامولة من الاف الاشخاص. ولكن هذا يساعد في الحواجز.
“مهما كان الامر غريبا، فقد خرج الفلسطينيون بخير من النكبة. فقد اقام البريطانيون في البلاد بنية لدولة حديثة – شبكة مدارس، لم يستخدمها معظم اليهود ولكنها خدمت العرب جيدا، ميناء في حيفا، مطارات، محطات لتكرير الوقود، انبوب نفط، بريد ومركزية هاتف. وقد عمل الفلسطينيون في هذه الاماكن. وكانوا اصحاب مهن. بعد 1948، عندما تطورت صناعة النفط، نشأ طلب على العاملين المختصين في دول الخليج وكان مال للدفع لهم. ياسر عرفات عمل كمهندس في الكويت، أبو مازن كان معلما في قطر. وقد ازدهر الفلسطينيون في الوساطة، بين أمراء النفط والعمال السود، بين الاغنياء والفقراء. وهذا ما يسمى دهاء التاريخ”.
فقلت مع ذلك ليس فيهم حبا كبيرا لاخوانهم العرب.
فروى يقول: “التقيت اصدقاء من رام الله. وقالوا ان وضعنا رهيب. العلاقات بين اسرائيل ومصر أوثق من اي وقت مضى. اسرائيل تساعد السيسي في السيطرة على سيناء. والعلاقات مع الاردن وثيقة جدا: اسرائيل تحمي حدود المملكة مع سوريا ومع العراق. لديكم جبهة مشتركة مع السعودية ضد ايران وعلاقات ممتازة مع عدة دول في الخليج. اما نحن، فأين؟ لم يسبق ان كنا بهذا القدر في الاسفل.
“العرب خانونا في حينه ويخوننا الان”، قالوا. ذات الجمل قالها الحسيني في 1948؛ ذات الجمل كررها عرفات وقال لي في لقاءات أجريتها معه على مدى السنين.
“ينهض فلسطيني في الصباح، يفتح التلفزيون ويشاهد عشرات القنوات العربية. يعرف ان حوله يعيش 350 مليون عربي. فيظن الا يستطيع 350 مليون عربي طرد بضعة ملايين يهودي من هنا؟”. فقلت، هم لا يستطيعون ونحن لا نستطيع. الى أين يتجه هذا برأيك؟
“نحن نتدحرج الى دولة واحدة بين النهر والبحر”، قال. “هذا لا يعني أني اعتقد انه جيد – هذا رهيب وفظيع – ولكن هذا ما يحصل. هنا صغير جدا، مكتظ جدا. اذا اريد ان تتجسد اليوم خطة الفصل لكلينتون، فالحدود حول القدس وحدها ستتلوى على طول 800 كيلو متر.
“الفجوة الاقتصادية ستسقط كل جدار حدود. منذ اليوم جزء من صناعة التكنولوجيا الدنيا في البلاد توجد هناك، عبر مقاولين فرعيين ووسطاء. ادخل الى مصنع الفرشات للحرباوي في الخليل وستجد كل العلامات التجارية للشركات الاسرائيلية. هناك مئات عديدة من المصانع في المناطق الصناعية في المستوطنات. يعمل فيها عرب. بعضهم يعملون كأمناء مخازن – البضاعة تنتج في المدن الفلسطينية. الفلسطيني يزرع التوابل في طوباس، ويبيعها الى اسرائيل من خلال مزارع يهودي في الغور، وكل ما يفعله هو الصاق البطاقة الصحيحة”.
بيت المدام
من قمة القسطل يرى المرء كيف يمتلىء رواق القدس بالبيوت، كما يقول الشاعر، على التلة تجلس مدينة – وللدقة، مجمع تجاري، والان مجمعان. في سفح الطريق رقم 1 الجديد، قرب المكان الذي يتفرع منه طريق الوصول الى بيت زايت، يوجد البيت الذي نال اسم “كيلو – سابان”، الكيلو متر السابع.
ويروي روبنشتاين يقول: “كان هذا بيت المدام منيرة. منيرة كانت حسناء تزوجت من ابن عائلة عربية مرموقة. زوجها كان معظم الوقت سكرانا ومخدرا وكان يضربها. وبعد أن ولد لهما طفل، تركت زوجها وفتحت في بيتها نُزلا للجنود الانجليز. وتحول البيت الى مكانا للقاء. وكانت كلمتا “بيرة ومنيرة مترادفتان. وما حصل بينهما كان شائعا من يافا حتى القدس. وعندما كبر الولد ترك البلاد وصعد عاليا في مراتب الجيش السوري.
“اذا اخذتني الى هناك سأروي لك كل القصة”، قال ليس ذات مرة زكي نسيبة، صديقي الطيب. وعدته بان آخذه. “في هذه الاثناء مرض بالسرطان. وحتى عندما كان ينازع الموت، عاد وطلب أن آخذه الى هناك، الى كيلو سابان، ولكنه لم يكن قادرا على الحراك. وقد توفي قبل سنة”.
يفهم من القصة ان للعرب ايضا احلام وليست كلها تعنى بقتل اليهود.
احد اصدقاء روبنشتاين ابلغه بانه يعتزم ان يكتب للوزير ميري ريغف ويبلغها بان كتابه يساري، خائن، مناهض للصهيونية. واذا ما دعت الى مقاطعة الكتاب فلعله يحظى بما حظي به “جدار حي” رواية دوريت روبنيان: الناس سيركضون لشرائه.
معاريف / الصفقة السعودية
معاريف – بقلم يوسي ميلمان – 3/11/2017
في الخطاب الجماهيري الاسرائيلي تثبت الافتراض الذي يقول انه يوجد تعاون غير مسبوق بين إسرائيل والدول العربية السنية. وعند الحديث عن “العالم السني”، يكون المقصود او الملمح به على نحو خاص هي السعودية. هذه الرسالة يدرسها اساسا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يسعى الى خلق الانطباع بان الوضع الدولي في اسرائيل لم يسبق أن كان أفضل. ويستهدف شعار نتنياهو ورجاله بالطبع رفع مستوى حكومته والتباهي بانجازاتها، الحقيقية والوهمية.
وراء الرسالة العلنية عن العلاقات الخارجية المحسنة، تختبىء رسالة خفية. فهو يسعى الى ان يقول للجمهور انه رغم النزاع مع الفلسطينيين، رغم الاحتلال والمستوطنات، تتمتع اسرائيل بعلاقات ممتازة في العالم، وبالتالي لا حاجة الى التقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين ولا حاجة الى السعي الى اتفاق سلام. وعلى حد نهج نتنياهو، رفاقه في الليكود، وزير التعليم نفتالي بينيت ورجال البيت اليهودي وكذا وزير الدفاع افيغدور ليبرمان، يمكن مواصلة الوضع الراهن الى الابد بل وبين الحين والاخر التآكل فيه وتغييره من خلال ضم أجزاء من الضفة. هذا ايضا هو موقف وزير الدفاع السابق موشيه بوغي يعلون، الذي رغم الهوة الايديولوجية القائمة بينهما، يغازله رئيس حزب العمل آفي غباي. فقد روى يعلون انه منذ قبل نحو عشر سنوات، بعد أن انضم الى الليكود قال ان لا أمل في الوصول الى تسوية مع الفلسطينيين، وبالتالي من غير المجدي بذل الجهود في هذا الشأن. وبدلا من ذلك يجب اسكان مليون مستوطن آخر في الضفة و “ادارة وصيانة” النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني.
ولكن حتى دون أن نكون “مخللين” فان مواقع علاقات اسرائيل مع العالم العربي اكثر تعقيدا مما يعرضه نتنياهو. صحيح أنه لا يوجد “تسونامي سياسي” ضد اسرائيل كما توقع رئيس الوزراء الاسبق ايهود باراك، ولكن احتمال الاختراق الدراماتيكي في العلاقات مع العالم السني واقامة علاقات دبلوماسية علنية وعلاقات تجارية شاملة، هو احتمال طفيف ايضا.
أقوال بهذه الروح اطلقها صراحة قبل اسبوعين الامير تركي الفيصل، الذي كان على مدى 22 سنة، حتى العام 2001، رئيس المخابرات في السعودية وبعد ذلك سفير بلاده في الولايات المتحدة وفي بريطانيا. وظهر الفيصل الى جانب نظيره، رئيس الموساد الاسبق افرايم هليفي، في النقاش الذي اجري في كنيس “عمينو – ايل” في نيويورك. الفيصل، الذي سبق أن التقى في الماضي مع كبار سابقين في جهاز الامن اشار في النقاش الى أنه منذ اعتزاله لا يتحدث مع مندوبين مقيمين ورسميين لحكومة اسرائيل.
وعلى حد قوله، رغم المصلحة المشتركة بين السعودية واسرائيل في منع البرنامج النووي لايران ومساعيها للهيمنة في المنطقة، فان التعاون الحقيقي بين الدولتين لن يتاح الا عندما تتحقق تسوية سلمية بين اسرائيل والفلسطينيين. ودعا قائلا ان “ايران هي هدف مشترك لاسرائيل ولنا، وبالتالي تعالوا نشطب المسألة الفلسطينية عن جدول الاعمال”.
قال لي هليفي هذا الاسبوع انه يتفق تقدير محاوره السعودي. “لا يوجد أي احتمال لعلاقات مع السعوديين دون حل للمشكلة الفلسطينية”، اشار رئيس الموساد الاسبق، وذكر كل مبادرات السلام للرياض في هذا الشأن – المبادرات التي رفضتها حكومات اسرائيل المرة تلو الاخرى.
وبالمناسبة، فقد ظهرت بين الفيصل وهليفي خلافات في الرأي بالنسبة للبرنامج النووي الايراني. وبينما يؤيد الامير السعودي، مثل نتنياهو، الغاء الاتفاق فان هليفي، مثل معظم قادة جهاز الامن في اسرائيل يعتقد بان لا مجال لالغائه لانه “أهون الشرور”. كما تناول الفيصل موجة الشائعات التي اجتاحت مؤخرا وسائل الاعلام والشبكات الاجتماعية في العالم العربي، والتي قالت ان ولي العهد السعودي، الامير محمد بن سلمان، زار اسرائيل مؤخرا. وعلى حد قوله فان مصدر الشائعات هو “الانطباع المغلوط الذي تبناه رئيس الوزراء نتنياهو بنفسه”، واضاف – “اعتقد بان السيد نتنياهو رسم لنفسه صورة توجد فيها تفاهمات من تحت الطاولة، بين الدولتين بسبب ايران ويحاول ان يعرض على العالم وكأن لديه تأييدا في العالم العربي دون أن يتعهد بحل المسألة الفلسطينية”.
واضاف مدعيا بان السعودية لا تجري اتصالات مع مندوبين اسرائيليين، ولا حتى من خلف الكواليس. وفي هذا الموضوع، وفقا لما نشر فانه غير دقيق، على اقل تقدير. أما هليفي، الذي يعرف الحقيقة، فلم يرد. في حديثه معي رفض هليفي الاجابة على السؤال اذا كانت له حين تولى مناصب مختلفة في الموساد، سواء كرئيس القسم العالمي أم كرئيس للموساد، لقاءات مع نظرائه من السعودية. ولكن يمكن التقدير، استنادا الى منشورات في الماضي ايضا بان مثل هذه اللقاءات تجري بالفعل منذ الثمانينيات. وبين الحين والاخر تحظى بالنشر في وسائل اعلام اجنبية. هكذا على الاقل كان في حالتين، عندما قيل ان رئيس الوزراء في حينه ايهود اولمرت ورئيس الموساد مئير داغان التقيا كل على حده مع رئيس المخابرات السعودي الامير بندر بن سلطان. ولكن هذه المنشورات وغيرها بالذات، وكذا ايضا الحقيقة التاريخية، تدحض موقف نتنياهو وتعزز الفرضية بان بدون تقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين، فان العلاقات مع العالم السني لن تنضج وستبقى فجة أبدا.
* * *
بعد اتفاقات اوسلو في 1994، رفع مستوى مكانة اسرائيل الدولية. فقد اقامت عشرات الدول في آسيا وافريقيا أو استأنفت معها العلاقات الدبلوماسية، بما فيها قوى عظمى كبرى كالصين والهند. وعلى خلفية المسيرة السلمية اقيمت علاقات رسمية ودبلوماسية على مستويات مختلفة مع قطر، المغرب وموريتانيا، بينما وقع الاردن اتفاق سلام مع اسرائيل. زعماء دول عربية من عُمان، قطر، اتحاد الامارات، ملك المغرب وبالطبع ملك الاردن ورئيس مصر، لم يترددوا في اللقاء علنا مع زعماء اسرائيليين. كما ادت اتفاقات اوسلو ايضا الى ثمار سلام في شكل ارتفاع التجارة مع دول العالم بما في ذلك مع العالم العربي أيضا. ولكن عندما اندلعت الانتفاضة الثانية في 2000 قطعت بعض من الدول السنية علاقاتها مع اسرائيل، وزعماؤها لا يسارعون منذئذ الى التقاط الصور لهم مع زعماء اسرائيل. مما يفيد بان الدول السنية لا يمكنها أن تتجاهل المسألة الفلسطينية.
لاسرائيل، من خلال الموساد لم تكن مصاعب في عقد اتصالات مع جهات رسمية في العالم العربي. فمنذ الستينيات التقى الحسين ملك الاردن سرا مع زعماء اسرائيل. وقبل بضع سنوات، في لقاء علني في وارسو، روى هليفي بانه زار عمان منذ السبعينيات. وعن العلاقات بين الموساد والاجهزة السرية المغربية سبق أن كتب كثيرا حسب وثائق ويكيليكس، اعترف حاكم البحرين في 2005 على مسمع من السفير الامريكي بان بلاده تعاونت مع الموساد.
ولكن حسب منشورات في العالم كانت هذه دوما علاقات سرية، تركزت في مجال ضيق من المصالح: مكافحة الارهاب، بيع السلاح (اليوم أيضا توجد تقارير لوسائل اعلام اجنبية عن تجارة أمنية متفرعة مع ابو ظبي وعن تأجير طائرات للاردن)، أو مساعدات استخبارية ضد معارض النظام. ومن أجل رفعها الى السطح على اسرائيل أن تغير الاتجاه وتستأنف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية. مشكوك جدا أن تفتح حكومة نتنياهو ذلك، الا اذا اجبرها الرئيس دونالد ترامب. الان بالذات يقول هليفي توجد لاسرائيل فرصة، فرصة اخرى، لعمل ذلك. “لقد نشأ ائتلاف نادر حول المصالحة المتبلورة بين حماس والسلطة. هذه المصالحة تقودها مصر. السعودية هي الاخرى تؤيدها، مثلما حاولت في 2008 من دفعها الى الامام. ومن خلف المصالحة وقفت كل دول الخليج، وحتى ايران، روسيا وتركيا تؤيدها. يوجد هنا وضع غير مسبوق يتفق عليه الخصمان اللدودان ايران والسعودية الواحدة مع الاخرى، واسرائيل هي فقط تعارض. عندما نقول انه قبل كل اتفاق مصالحة على حماس أن تعترف بشروط الرباعية، فاننا في واقع الامر نعرض شروطا مسبقة. ومن هذه الرباعية؟ الولايات المتحدة، الاتحاد الاوروبي، الامم المتحدة وروسيا. روسيا تتحدث مع حماس وتلتقي مع ممثليها. والحديث عن شروط الرباعية هو اهانة للذكاء”.
هآرتس / اسرائيل تشد الحبل الامني حتى النهاية
هآرتس – بقلم عاموس هرئيل – 3/11/2017
في الوقت الذي تنشغل فيه وسائل الاعلام بالتقارير عن مبادرات لسن قوانين مشكوك فيها والخلافات حول مسألة كيف سيتم احياء الذكرى السنوية لقتل رابين، فان اسرائيل تغرق عميقا داخل حالة طواريء أمنية، التي لا يشعر بها الجمهور تقريبا. في يوم الاثنين فجر الجيش الاسرائيلي نفق للجهاد الاسلامي تم حفره تحت الجدار الحدودي في قطاع غزة. وبعد يومين، حسب تقارير من الشمال، هاجم سلاح الجو مخزن للسلاح لحزب الله في وسط سوريا، وقامت بطاريات سورية مضادة للطائرات باطلاق صواريخ باتجاه الطائرات الاسرائيلية في سماء لبنان. وقد تم الغاء تجربة لصفارات الانذار كان من المقرر اطلاقها في وسط البلاد من اجل عدم زيادة توتر المواطنين – لكن في حينه استيقظ نصف سكان منطقة دان في منتصف الليل بسبب انذار كاذب.
كل ذلك لا يعتبر طبيعيا في الحقيقة، حتى لو بدا أننا اعتدنا على ذلك. الهجمات في سوريا – التي بالامكان تقدير أن كل واحدة منها محقة، تكتيكية بحد ذاتها – تفحص حدود تحمل نظام الاسد. الحاكم السوري الذي أعادت له نجاحاته القاتلة في الحرب الاهلية الثقة بالنفس، غير بالفعل سياسته: طلعات اسرائيل في السماء اللبنانية تم الرد عليها مؤخرا باطلاق صواريخ ارض – جو. ورغم أنه من المعقول أن سلاح الجو مدرب بما يكفي للتملص من النيران، إلا أنه يبدو أن اسرائيل تشد الحبل الى درجة تقترب من النهاية. في وقت ما، فان أحدا ما سيتورط بهذا الهجوم أو بالرد الذي سيعقبه. من هنا فان الحذر والحساسية مطلوبة للامساك بالدفة في الجبهتين الشمالية والجنوبية. ليس غريبا أن القيادة العليا في الجيش غير متحمسة لتوزيع الأوسمة العلنية على قتل المخربين، كما قال عضو الكابنت، وزير التعليم نفتالي بينيت.
ايضا التصعيد الاخير في غزة لم ينته بعد. في اسرائيل استغربوا بدرجة معينة الصمت المطبق للفلسطينيين بعد تفجير النفق، الذي قتل فيه على الاقل 15 شخص من الجهاد الاسلامي وحماس، من بينهم قادة كبار. ربما يكون الجهاد يخطط لعملية كبيرة تحتاج الى استعداد كبير، أو أنه في الجانب الثاني ينتظرون الفرصة لاستغلال نقطة ضعف في نظام دفاع الجيش الاسرائيلي في الحدود مع قطاع غزة. محاولة القيام بعملية انتقامية يمكن أن تحدث ايضا في الضفة الغربية. في الجيش الاسرائيلي اتخذ قرار بمواصلة حالة التأهب بمستوى عال، رغم أن هذا الوضع لا يشعر به السكان تقريبا في غلاف غزة (باستثناء حظر مؤقت على اقتراب المزارعين من الجدار).
من الواضح مع ذلك أنه يوجد لحماس الآن سلم أولويات آخر، على رأسه يقف تطبيق اتفاق المصالحة مع السلطة الفلسطينية واستغلال الافضليات الموجودة فيه، مثل تخفيف الحصار المصري في معبر رفح وزيادة متوقعة للتمويل من رام الله. يبدو أن حماس متحمسة للاتفاق أكثر من السلطة الفلسطينية التي تتقدم بحذر. في هذه الاثناء أدى الاتفاق الى تحسين التنسيق الامني بين السلطة واسرائيل. محمود عباس أمر بخفض مستوى العلاقات بعد ازمة الحرم في شهر تموز الماضي. ولكن الآن السلطة بحاجة الى اسرائيل من اجل التنسيق اليومي لانتقال وزراء وبعثات من رام الله الى غزة. اسرائيل حصلت في المقابل على موافقة صامتة على انتهاء الازمة وتجديد الاتصال مع مستويات عليا. مع ذلك، الازمة مع الاردن – التي بدأت نتيجة المواجهة حول الحرم واستمرت في الحادثة التي قتل فيها رجل حراسة في السفارة الاسرائيلية في الاردن مواطنين اردنيين بعد مهاجمته – تستمر في التعقيد. عمان بقيت غاضبة وتحمل الضغينة، ولا تريد أن تعيد السفيرة التي شاركت رغما عنها في الاحتفالات التي نظمها رئيس الحكومة نتنياهو لرجل الحراسة عند عودته الى البلاد.
الجهاد الاسلامي، وهو التنظيم الارهابي الثاني من حيث حجمه في القطاع، حافظ خلال السنين على تنسيق العمليات مع حماس. بعد عملية الجرف الصامد في صيف 2014 التي كشف فيها للمرة الاولى عن حجم مشروع انفاق حماس، بدأ الجهاد ايضا بحفر الانفاق الهجومية. الاول منها على بعد 2 كم من كيسوفيم، وهو الذي تم تفجيره في هذا الاسبوع. العاصفة المصطنعة التي خلقها اليمين حول اعتذار (الذي لم يحدث) متحدث الجيش الاسرائيلي على قتل قادة في النفق، حرفت النقاش عن الانجاز الباهر للجيش الاسرائيلي.
يبدو أن مسيرة مخطط لها لاستخدام قدرات تكنولوجية وهندسية واستخبارية بدأت تعطي ثمارها، قبل استكمال بناء العائق في حدود القطاع. المهمة الاساسية التي ألقاها رئيس الاركان على قائد المنطقة الجنوبية، ايال زمير، هي ايجاد الرد على الانفاق الهجومية. العقيدة التي تبلورت هي عقيدة صحيحة. وبعد ذلك سيضاف اليها الجدار، نوع من المقصلة التي ستشق النفق الى نفقين. اسرائيل تريد أن تغير بذلك ميزان الردع بخصوص الانفاق: اعطاء اشارات لقيادات المنظمات أن مصير مشروعهم الاستراتيجي هو الفشل. واشارة للعمال العاديين بأن من ينزل تحت الارض فسيموت هناك.
التحدي الذي واجه اسرائيل في غزة وسوريا متشابه: سلسلة نجاحات عملياتية واستخبارية ليس من شأنها أن تكون بديلا لسياسة طويلة الأمد. نتنياهو امتنع في هذا الاسبوع وبشكل عقلاني، عن اعلان متبجح بخصوص الاحداث في غزة. وفي سوريا، فان نتنياهو ووزير الدفاع ليبرمان، اطلقوا قليلا العنان لتصريحات تهديدية نحو ايران، التي تعزز سيطرتها العسكرية في سوريا وترسل مليشيات شيعية الى جنوب الدولة. دائما من الصعب تقدير كيف يتم تفسير خطوات كهذه في الطرف الآخر، كدليل على التصميم الاسرائيلي أو تبجح فارغ يجب فحص مصداقيتها. ولكن الخطر في الشمال لا يقتصر على عدد مقاتلي المليشيات الشيعية وبعدهم الدقيق عن الحدود الاسرائيلية. هذا الخطر يكمن في تشكل جبهة واحدة قابلة للاشتعال بشكل مخيف من رأس الناقورة وحتى جنوب الجولان، حيث يعمل من خلفها ممر ايراني لوجستي، على طول الطريق من طهران وحتى دمشق وبيروت. اذا اندلعت هناك حرب ماذا سيكون مجال المناورة الاسرائيلية، ومن سيتوسط لوقف اطلاق النار؟.
لقد سبقت عدد من العمليات الاسرائيلية في الجبهة السورية خلافات مهنية موضوعية في القيادة السياسية والعسكرية. في عدد من الحالات كان هناك من دفع الى القيام بعملية اكثر سرعة وجدية. على الاغلب، كان رئيس الاركان هو العنصر الذي يتسبب بضبط النفس. وعندما كان يقتنع بضرورة العملية كانت تنفذ. الفرق بين آيزنكوت ومن يحرضون على القيام بعملية هو أن الجيش سيكون عليه مواجهة النتائج، في الوقت الذي ستتشوش فيه الخطة وتتدحرج فيه اسرائيل الى مواجهة عسكرية. وهذا صحيح في كل الساحات المتورطة فيها اسرائيل.
الى الأبد سنبقى على حد السيف
الهجوم الاخير المنسوب لاسرائيل حدث في مساء يوم جرت فيه زيارة رسمية لرئيس روسيا بوتين في طهران. كالعادة تم طرح سؤال ما هي أهمية التنسيق الاسرائيلي مع موسكو، اذا كان هؤلاء هم الشركاء الذين اختارتهم لنفسها. الجنرال يعقوب عميدرور (احتياط) الذي كان مستشار الامن القومي السابق لنتنياهو، ادعى أنه “سيأتي يوم وتفتح فيه الارشيفات، ويمكن رؤية ما قام به رئيس الحكومة من اجل خلق شبكة علاقات تمكننا من العمل أمام روسيا في الشمال. هذه مهمة محسوبة. ليس لدي وهم بأننا سنقنع الروس بتغيير موقفهم، لكن بجهد كبير نجحنا في خلق وضع يفهمون فيه مصالحنا وحاجتنا للعمل في الشمال عندما تصبح هذه المصالح مهددة”.
اسرائيل، قال عميدرور، اتخذت قرار معروف وهو عدم الانجرار الى الحرب الاهلية السورية. “التفكير كان أننا أصغر من الدخول الى المواجهة التاريخية بين الشيعة والسنة، حيث أننا القوة العسكرية الاقوى في المنطقة التي يمكنها ترجيح الكفة في الحرب السورية”. الآن، عندما عاد نظام الاسد الى الاستقرار، يتبلور واقع جديد. “يجب علينا الآن أن نحدد بصورة دقيقة الخطوط الحمراء لنا، وأن نكون مستعدين لاستخدام القوة المباشرة ضد ما يعتبر خرقا لها، من خلال أخذ مخاطرات محسوبة”. عندما سئل اذا كان استخدام قوة كهذه يمكن أن يؤدي الى الانزلاق الى مواجهة عسكرية، أجاب عميدرور بالايجاب. “لكن البديل هو السماح لايران ببناء قدرة هجومية ستستخدمها ضدنا من سوريا، كما تريد في المستقبل”.
المحادثة مع عميدرور جرت بمناسبة تأسيس معهد ابحاث جديد، معهد القدس للابحاث الاستراتيجية، الذي سيكون باحث كبير فيه. على رأس المعهد الذي سيتم افتتاحه رسميا في يوم الاثنين، يقف البروفيسور افرايم عنبر، وفي ادارته اعضاء منهم خبير الصواريخ عوزي روبين ورجل الاستخبارات العسكرية السابق العقيد (الاحتياط) د. عيران ليرمان. هؤلاء الباحثون كانوا مرتبطين حتى وقت قريب بمركز بيغن – السادات في جامعة بار ايلان، الذي ترأسه عنبر، والذي هو محسوب على مقاربة يمينية محافظة في المواضيع الاستراتيجية. مع الاخذ في الاعتبار حقيقة أن اليمين يوجد في الحكم في اسرائيل في العقود الاربعة الاخيرة تقريبا، من المفاجيء الى أي درجة التأثير القليل لمعاهد الابحاث اليمينية على التفكير في المجال الامني. لذلك فان افتتاح المعهد الجديد هو تطور يمكن مباركته، كثقل موازي معين للجسم المؤثر الذي يوجه التفكير الاسرائيلي وهو معهد البحوث الامنية القومية الذي في الغالب يعبر عن وجهة نظر سياسية وأمنية من الوسط واليسار.
حسب اقوال عميدرور فان عقيدته الاساسية هو وزملاءه تقول إن اسرائيل لن يتم قبولها في المستقبل القريب في الشرق الاوسط. “أتوقع صراع مستمر يكون لنا في داخله مساحة كبيرة للمناورة والتكتيك وشبكة علاقات سياسية وتنازلات ايضا، اذا اقتضى الامر. هذه نقطة الانطلاق التي يجب علينا الاستعداد بحسبها. هل يجب علينا أكل السيف الى الأبد؟ أنا لا أعرف، لكن من المؤكد أننا سنضطر الى الامساك به الى الأبد. كانت لي نقاشات حول ذلك مع شمعون بيرس، الذي قال لي أين ستكون هناك فنادق في الجولان أهم من أين سيقف الجيش الاسرائيلي.
“لا يجب على اسرائيل ضرب رأسها بالحائط. هناك ظروف عليها فيها أن تفحص تقديم تنازلات، لكن يجب عدم فقدان الصلة مع الواقع. مثال – في الازمة مع تركيا اعتقدت أن الصحيح هو الاعتذار لاردوغان حول قضية “مرمرة” وعدم ابقاء هذا الجرح مفتوح. أنا لم أفكر أن الاعتذار سيقلل من شرفنا القومي، لا سيما بعد أن منحتنا لجنة دولية الحق في فرض اغلاق بحري على قطاع غزة. ولكن السلام بيننا وبين الفلسطينيين ليس مثل السلام بين المانيا وفرنسا بعد الحرب العالمية الثانية. فالظروف تختلف تماما”. عميدرور بقي متشككا جدا بشأن احتمالات التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين، نظرا للفجوات الكبيرة في مواقف الطرفين. وفي نفس الوقت يقول إنه سيعارض توسيع مساحة المستوطنات القائمة من اجل ابقاء مدخل للمفاوضات في المستقبل.
دور الدفاع
حزب يوجد مستقبل عقد أمس مؤتمر عرض فيه وثيقة عقيدة الامن القومي. وقد شارك في المؤتمر عدد من رجال الامن والاحتياط. ولكن الوثيقة كالعادة كانت بالاساس عمل شخص واحد، عضو الكنيست عوفر شيلح. في السنوات الثلاثة الاخيرة عمل شيلح على تركيز كتابة التقرير المحفوظ في لجنة الخارجية والامن حول عملية الجرف الصامد. ونشر كتاب مثير للتفكير باسم “الشجاعة الى الأبد” حول السياسة الامنية. ومؤخرا كتب ايضا تقرير فحص فيه هيكلية القوة في الجيش الاسرائيلي.
وثيقة عقيدة الأمن تكمل مسيرة طموحة، غريبة في السياسة الاسرائيلية في السنوات الاخيرة: محاولة البحث في المسائل الجوهرية الاستراتيجية للدولة. وهو يفصل “اللبنات الاساسية لعقيدة الامن، التي بناء عليها تطمح اسرائيل الى انهاء النزاعات مع جاراتها من خلال اتفاقات سياسية، وليس بالحسم العسكري، وأن لا تبادر الى حرب هدفها توسيع حدودها، وتقوم بتحديدها بصورة “تحفظ امنها، ومعترف بها من المجتمع الدولي وتتفق مع تقرير المصير كدولة يهودية وديمقراطية”.
اختيار شيلح للانشغال بصياغة هذه الافكار تم بموازاة انسحابه من النقاش العام على تداعيات الاحتلال في المناطق في الوقت الذي ينشغل فيه رئيس حزبه بالهجوم الشعبوي والمناور على منظمات اليسار وحقوق الانسان. الكتابة الموسعة حول مسائل الامن القومي تقترن ايضا بنقاش مبدئي مع هيئة الاركان العامة، المتعطشة الى ما لا تهتم القيادة السياسية الحالة بالانشغال به (يشهد على ذلك التثاؤب الواسع الذي استقبلت فيه في الكابنت الوثيقة المميزة التي نشرها آيزنكوت في صيف 2015، التي صاغ فيها استراتيجية الجيش الاسرائيلي).
وما بقي هو السؤال أي يوجد مستقبل علينا أن نصدق، هل مؤتمر الامس أو المؤتمر الذي عقد في الاسبوع الماضي، الذي طلب فيه الزعيم المحبوب من أتباعه اغماض عيونهم وتخيل مستقبل آخر، في مشهد مثير للخجل، فقط تهنئة الوزيرة ميري ريغف لزعيم محبوب آخر في عيد ميلاده، ربما فاقت هذا المشهد.
معاريف / من يسيطر في سماء غزة
معاريف – بقلم جاكي خوجي – 3/11/2017
يوم الجمعة الماضي أنهى الجنرال توفيق ابو نعيم، قائد اجهزة الامن لحماس، صلاته في المسجد وخرج عائدا الى مكتبه. دخل السيارة، وبعد عدة ثوان من تحريكه لها انفجرت عبوة ناسفة زرعت تحت الجناح اليساري. وكانت العبوة صغيرة نسبيا ولم تفعل فعلتها. فقد اصيب ابو نعيم بجراح طفيفة وسرح من المستشفى في الغداة. ومنذئذ تدفقت مياه مجاري كثيرة في الانابيب لمياه بحر غزة. بعد ثلاثة ايام من محاولة اغتيال ابو نعيم دمر الجيش الاسرائيلي نفقا قرب خانيونس فقتل في داخله ثمانية من رجال الجهاد الاسلامي وحماس. في حماس عضوا على الشفاه وقرروا عدم الرد. كان لهم سبب وجيه. بعد يومين من ذلك سلمت حماس لابو مازن السيطرة على ثلاثة معابر حدود. والان يتوقعون منها أن تأخذ المسؤولية عن القطاع، ولا سيما ان تضخ الملايين التي جمدتها. ومن شأن المواجهة مع اسرائيل ان تخرب على هذه الخطط. ومن يحتاج لذلك الان.
أحد من قادة حماس لم يقل هذا علنا، ولكن المشبوه الفوري هو “تنظيم الدولة الاسلامية في لواء سيناء”، الموالي لداعش. ابو نعيم هو الرجل الذي أغلق انفاق رفح وحدودها في وجه مقاتلي التنظيم. وحتى قبل نحو سنة كان نشطاء “لواء سيناء” شركاء رجال حماس. وفي اللحظة التي فهموا فيها في غزة بان مصر تريد تحسين العلاقات، وقعوا في حضن القاهرة وباعوا اصدقائهم في سيناء بين ليلة وضحاها. اما نشطاء التنظيم المتطرفة، ممن درجوا على الهرب من الجيش المصري الى القطاع، او جرحى معاركهم ممن كانوا يتلقون العلاج في مستشفيات غزة، فوجدوا فجأة بابا مغلقا.
لتنظيم “لواء سيناء” مؤيدون ونشطاء في داخل القطاع ايضا، ولا سيما من اوساط الدوائر السلفية. ومن هذه الدوائر تخرج خلايا اطلاق الصواريخ، ممن يطلقون النار بين الحين والاخر على الاراضي الاسرائيلية. اما حماس ومهما بدا الامر مفاجئا، ففي السنوات الاخيرة لا تطلق النار نحو اسرائيل – الا في اوقات الحرب. هناك من يفعل هذا بدلا منها. وفي حماس بات متبعا نهج ثابت. بعد كل صاروخ يطلق من غزة، يخلي مسلحو الذراع العسكري القواعد، الى أن تفرغ طائرات الجيش كل صواريخها في اراضي القطاع. وبعد ذلك يأتي بيان اسرائيلي بان حماس مسؤولة عن كل ما يجري في غزة وبالتالي فهي العنوان. اما عمليا فمن يطلق النار هم اعداء حماس.
حصل هذا النمط عشرات المرات في السنوات الاخيرة. منظمات ما تطلق صاروخأ او اثنين على اسرائيل وحماس تتلقى الرد. مشكوك اذا كان سكان في المجلس الاقليمي اشكول يعرفون، بان الصاروخ الذي بسببه هرعوا للدخول الى الغرف الامنية اطلقت في اعقاب اعتقال حماس لنشيط سلفي.
النمط اياه يجعل اسرائيل، القوة العسكرية المتطورة والاقوى من بين الثلاثة وسيلة في أيدي شبكات صغيرة ليس لبعضها حتى اسم. وعند التفكير في هذا يتبين لنا ان النكتة على حسابنا. اثنان او ثلاثة سلفيين لا يعرفهم احد يضغطون على زر الصاروخ، فيطلقون بذلك طائرات حربية متطورة تضرب رأس أعدائهم، وذلك فقط لانه في ليلة أمس اعتقل سلفي رابع.
وماذا عن النصف الاخر
كم اسرائيلي يعرف من هو بلفور اياه الذي على اسمه تسمى الشوارع في كل مدينة كبيرة تقريبا؟ امس مرت الذكرى المئوية للوثيقة الشهيرة التي وضعها وزير الخارجية البريطاني، آرثور جيمز بلفور، في يد البنكي ليونيل روتشيلد، من قادة الجالية اليهودية في لندن. بريطانيا، التي كانت في حينه القوة العظمى الاقوى في الغرب، اعربت بذلك عن تأييدها لاقامة دولة يهودية، او على حد اللغة المكوية للتصريح، رأت بعين العطف اقامة وطن قومي لليهود في بلاد اسرائيل.
قبل بضعة اشهر من ذلك، حصلت بريطانيا على الانتداب على بلاد اسرائيل. وقبل بضعة ايام فقط طرد من هنا آخر الجنود العثمانيين في معركة في بئر السبع. لقد كان تصريح بلفور انجازا تاريخيا للحركة الصهيونية، ولكن اسبابه لا تعود الى محبة صهيون. هكذا سعى البريطانيون لخلق اجواء لطيفة قبيل بدء الانتداب وليقربوا الى صدورهم الجالية اليهودية في بريطانيا، ممن كان الكثيرون منهم اغنياء وذوي نفوذ.
عن حق يشير الفلسطينيون الى الوثيقة كبداية انهيار حلمهم في دولة من البحر حتى النهر. وفي السنة الاخيرة، قبيل حلول 2 تشرين ثاني 2017 شرعت السلطة الفلسطينية في حملة ضد تصريح بلفور. “من لا حق له اعطى من لا يستحق”، درج الفلسطينيون على القول وترافقت الحملة مع مطالبة البريطانيين الغاء التصريح بأثر رجعي. أبو مازن نفسه، والى جانبه كبار رجالات السلطة، يكلفون انفسهم عناء ذكر هذه الرسائل في خطاباتهم بين الحين والاخر. وفي الاونة الاخيرة، بروح المصالحة، ارتبطت حماس هي الاخرى في المساعي الاعلامية لمهاجمة تصريح بلفور. وللحظة ادعى الفلسطينيون بان في نيتهم رفع دعوى ضد بريطانيا على اضرار بلفور ولكنهم تراجعوا عن رأيهم على الفور.
ستسألون ما هو هدف الجهود الفلسطينية بالتنديد بالتصريح؟ فقادة السلطة وزعماء حماس يعرفون جيدا بان بريطانيا لم تتراجع عن خطوة سياسية اتخذتها قبل مئة سنة. وبالفعل هم لا يطلبون ان تتراجع بل العكس. فالحملة تستهدف اجبار لندن على المواصلة الى الامام واستكمال النصف الناقص. وحسب نهج الفلسطينيين، فان تصريح بلفور لم يتناول الا المصلحة اليهودية وأهمل العرب. ومنذئذ يتواصل النزاع وينزف بقوة اكبر. حان الوقت، يقولون، ان تدعو بريطانيا الى وطن قومي للشعب الفلسطيني في بلاد اسرائيل.
قانون العلم، صيغة بغداد
صادق البرلمان العراقي هذا الاسبوع على قانون يمنع رفع علم اسرائيل في المجال العام. وكان بادر الى القانون حامد بن الخضري، رئيس كتلة المواطن. وهذه كتلة متوسطة ومنقسمة، اعضاؤها متدينون معتدلين معروفون بولائهم لايران.
سن هذا القانون في اعقاب عدة مناسبات رفع فيها علم اسرائيل في الاقليم الكردي، في الايام التي سبقت الاستفتاء الشعبي. احد لا يعتقد انه عملي، وهدفه الاساس هو الصعود الى عناوين الصحف. الاكراد وحدهم يميلون لرفعه في هذه المرحلة. وللحكومة العراقية مشاكل اكبر من أن تبعث اليه برجال القانون كي ينبشوا وراء كل عمود وشرفة.
في اسرائيل هناك مجموعة ضغط صغيرة لتشجيع العلاقات مع الاقليم الكردي أبرزها د. ايدي كوهن من جامعة بار ايلان. كوهن، اليهودي الذي ولد في لبنان، اعرب عن تأييد اسرائيلي للشعب الكردي عشية الاستفتاء. وانتشر بيانه الحميم كالفيروس في الشبكة. ولم يخفى عن ناظر السياسيين في بغداد.
عشية الاستفتاء اياه نشر مكتب نتنياهو في القدس بيان تأييد للمساعي الكردية للاستقلال. وبعد بضعة ايام اتصل بي صديق عراقي واشتكى من البيان. قال انكم الوحيدون الذين تؤيدنهم، واضاف انه في العراق هناك من يريدون اقامة علاقات معكم في المستقبل، ومثل هذه البادرات تفعل العكس. فاجبته رغم أن بيان نتنياهو تناول تطلعات الاستقلال لدى الاكراد، كان هدفه الاول اهانة اردوغان الذي لحكومة اسرائيل حساب معه. فالرئيس التركي كما هو معروف، يخاف من مظاهر الاستقلال لدى الاكراد وقد هددهم بحملة عسكرية اذا تجرأوا على اعلان الاستقلال. هذا الاسبوع عدت اليه وسألته اذا كان قانون العلم هو السبيل الذي يختاره اخوانه لتثبيت العلاقات المستقبلية مع القدس. فلم يتشوش. وقال انه مثلما هو الحال عندكم عندنا ايضا ليس كل العراقيين يريدون الامر ذاته، والسياسيون كما هم في العادة يميلون الى التزلف للجمهور. وبعد ذلك ذكر بيان نتنياهو في الموضوع الكردي. وقال: “هدفكم هو الضغط على اردوغان ولهذا استخدمتم الاكراد. وهكذا هو قانون العلم. انتم لستم العنوان فهو يستهدف المس بالاكراد – عبر إسرائيل”.
هآرتس / اسرائيل يجب أن تعرض على الفلسطينيين تعويضات
هآرتس – بقلم رون كوزر – 3/11/2017

مؤخرا يجري في وسائل الاعلام ومن بينها “هآرتس”، نقاش حول وضع وطريق اليسار في اسرائيل. استخدام مفهوم “يسار” هنا هو في سياق حل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، وليس في قضايا الاقتصاد والمجتمع. وفي هذا السياق أريد تقديم مساهمتي. أي يسار نريده الآن هنا؟ سأبدأ بافتراض – يصبح أكثر فأكثر مثارا للخلاف، أن حل الدولتين ما زال قابل للتطبيق. أنا لا أدعي أن حل دولة واحدة لكل مواطنيها مرفوض. ولكنه أقل قابلية للتطبيق حسب رأيي. في اطار حل الدولتين فان معايير الاتفاق قد سبقت صياغتها في مرات كثيرة، ومبادئها معروفة للجميع. اقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل وعاصمتها القدس الشرقية. رسم الحدود بين الدولتين استنادا للخط الاخضر وتبادل الاراضي من خلال الاعتراف بالوضع الديمغرافي للكتل الاستيطانية.
إن من يريدون هذا الحل ينقسمون فيما بينهم في مواضيع مختلفة، منها مسألة الشريك: هل يوجد من نتفاوض معه في الطرف الفلسطيني؟ اذا نجح اليسار في طرح موقف واضح حول هذا الموضوع، فان لديه احتمالية أن يحظى بثقة الكثير من محبطي اليسار والذين يشكون بالسلام، وحتى من مؤيدي الوسط واليمين المرن. وحول موضوع الشريك سأقوم باقتباس اقوال سمعتها ذات مرة من مئير بعيل: “الحوار السياسي ليس لعبة تنس. في الحوار السياسي أنت لا تواجه الطرف الآخر فقط، بل تشكله ايضا”. هكذا، فانه في الحقيقة، الطرفين يمكنهما التشكل من جديد.
في الظروف الحالية، من انعدام الثقة، سواء بين القيادة الاسرائيلية والفلسطينية، وبين الجهات الشعبية في الشعبين، يبدو أنه يوجد مكان لخطاب جديد.
التغيير في الخطاب يجب أن يأتي قبل كل شيء من الطرف الاسرائيلي في الصراع، لأنه الأقوى والذي يسيطر فعليا و قراراته هي التي تحدد وجه المنطقة. مع ذلك، فان صوت يساري – اسرائيلي جديد للسلام، سيخلق اصداء ايجابية في الطرف الفلسطيني ايضا، التي من شأنها خلق ديناميكية لخطاب جديد يغذي الطرفين بعملية متبادلة: اصداء ايجابية من الطرف الفلسطيني ستضعف ادعاءات من يشككون بالسلام في المجتمع الاسرائيلي، وهؤلاء بدورهم سيقومون بنفس الدور في المجتمع الفلسطيني.
اذا كان الامر كذلك يطرح سؤال: ما هو الخطاب الذي سيحدث التغيير؟ ما هي الاقوال التي يجب على اليسار أن يقولها للقيادة الفلسطينية، بحيث تكون مستعدة للذهاب نحو السلام القائم على حل الدولتين؟ يبدو لي أن قاعدة ذلك هي أن الاعتراف بمعاناة وخسارة الطرف الفلسطيني هامة لتأكيد أن هذا الاعتراف لا ينفي بأي شكل معاناة وخسارة اليهود بشكل عام واليهود الاسرائيليين في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني بشكل خاص. في اماكن كثيرة وحالات مختلفة على مر التاريخ كان اليهود ضحايا الاضطهاد الجماعي، واملاك يهودية تم تأميمها وسرقت في اوروبا والدول العربية. الاضطهاد وصل الى الذروة في زمن الكارثة.
في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، الكثير من الاسرائيليين قتلوا وأصيبوا في المعارك وفي العمليات الارهابية. الذاكرة اليهودية وجدت شكلها في الروايات والمراسيم، التي تذكرنا جميعا بهذه المعاناة والخسارة، والاعتراف بمعاناة وخسارة الفلسطينيين لا تمس بمعاناة اليهود، بل العكس، هي تمكن الفلسطينيين من الشعور ببدء تطور جو من الاعتراف بالشفقة والندم تجاههم من قبل الجمهور الاسرائيلي.
لا شك أنه من ناحية الفلسطينيين فان موضوع اللاجئين هو اساس المشكلة، وبدرجة كبيرة هو المحك لحل الصراع. والمعضلة الشديدة هل اللاجئين هربوا (خوفا وبتشجيع زعماء الدول العربية) أو تم طردهم من قبلنا، ليست جوهرية. إن مسؤولية اسرائيل عن قضية اللاجئين تكمن ليس فقط في طرد الفلسطينيين الذي جرى على الاقل جزئيا، بل في الاساس تكمن في أنه في نهاية الحرب، اسرائيل اغلقت حدودها في وجه الهاربين والمطرودين، وخلقت لنفسها الظروف لاقامة دولة قومية يهودية فيها أقلية عربية – فلسطينية صغيرة.
هذا المنع لامكانية عودة اللاجئين الى منازلهم يقع على مسؤولية اسرائيل حصريا، وحقيقة أن الدول العربية رفضت استيعاب اللاجئين وقامت بحبسهم في مخيمات مخجلة، لا تقلل مسؤوليتها. بسبب دورها الاساسي في خلق مشكلة اللاجئين، يجب على اسرائيل تحمل المسؤولية، من خلال اعلان يتضمن الاعتراف بالمسؤولية والاعتذار وطلب العفو عن النكبة التي تسببت بها، ضمن امور اخرى، نتيجة اعمال اسرائيل في ذلك الوقت. مواطنو اسرائيل الذين يعيشون الآن، غير مسؤولين عن النكبة الفلسطينية. ولكن استمرار وجود الدولة يقتضي تحمل المسؤولية. يوجد لتحمل هذه المسؤولية تداعيات تتعدى الخطاب، ويجب أن تكون مقرونة بالاستعداد لاتخاذ خطوات حقيقية.
أولا، يجب تحديد نظام للتعويض عن الاملاك التي فقدت. نحن نطلب ذلك من الامم الاخرى بخصوص ممتلكات يهودية سلبت أو بقيت هناك، وعلينا طرح ذلك بأنفسنا. ولكن هذا لا يكفي، يجب علينا أن نعرض على الفلسطينيين ايضا التعويضات. ونحن نعرف هذا المفهوم من تاريخ شعبنا في ظروف قاسية، لكن رغم الفرق الكبير بين الكارثة والنكبة، علينا اقتراح ذلك.
يجب أن نفهم الفكرة التي توجد خلف التعويضات، بصورة منفصلة عن التعويضات التي حصلت عليها اسرائيل من المانيا. الفرق بين التعويضات والدفعات هو أن التعويضات تعطى عن فقدان ممتلكات معينة يمكن حسابها، في حين أن الدفعات تعطى عن خسارة لا يمكن حسابها، مثل انهاء السكن في المكان الاصلي، موت أبناء العائلة، تفكك الجماعة. لهذه الامور ليس هناك قيمة مالية واضحة، لكن الضرر من تفكك نسيج الحياة القائم والمس بالتطور الشخصي والعائلي، هي اضرار كبيرة، والدفعات يجب أن تكون مناسبة لذلك.
التعويضات والدفعات يتم تخصيصها للاجئين انفسهم، سواء كانوا على قيد الحياة أو أنهم ماتوا. واحفادهم يستطيعون المطالبة بها حسب قواعد الميراث المقبولة. سيكون من بين من يستحقون هذه التعويضات كل من تم اقتلاعهم، ومن بينهم من بقوا في اسرائيل. ان هذا النظام ينهي النقاش حول من هو لاجيء. في الحقيقة، حسب القانون الدولي اللاجيء هو فقط الذي اضطر الى ترك بيته وبلاده، واحفاده ليسوا لاجئين، لكن في اعقاب حبس اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، لم يتمكن احفادهم من النهضة التي كان يجب على الدول المضيفة لهم القيام بها.
لا توجد حاجة للاعتراف بكل حفيد للاجيء كلاجيء. ولكن يجب اعطاء كل لاجيء اصلي تعويض مناسب ودفعات مناسبة، يستطيع احفادهم التمتع بها كورثة قانونيين. صحيح أن الحديث يدور عن مبالغ طائلة لا تستطيع دولة اسرائيل الوفاء بها وحدها. ولكن لا شك أنه توجد مصلحة عالمية واقليمية قوية بما يكفي، ستدفع دول العالم القادرة في الشرق الاوسط للاسهام في هذه النفقات.
ان اقتراح كهذا سيثير نقاشات داخلية في اوساط الفلسطينيين، الذين سيغضب عدد منهم – بدرجة لا بأس بها من الحق – لأنهم يحاولون أن يشتروا منهم حقهم في العودة الى بيوتهم وبيوت آبائهم بالمال (الذين معظمهم لم يعودوا على قيد الحياة). الاموال لن تجيب على كل شيء، ليس في هذا أي شيء. أنا اعتقد أن ارادة الحياة والفرصة التي يمكن أن توجد امام هذه العائلات لاصلاح وتحسين ظروف حياتها في اماكنهم الحالية (أو في دولة فلسطين)، الى جانب اعتراف اسرائيل بمعاناتهم وخسارتهم، ستخفف من الغضب.
قبول الدفعات من قبل العائلات الفلسطينية معناه الموافقة على طلب العفو من جانب اسرائيل، والاعتراف بانتهاء الوضع وعدم القدرة على اعادة عجلة التاريخ الى الوراء. سيكون لذلك نوع من التنازل عن العودة بالفعل، وعن اعادة الحياة السابقة، التي كان يمكن أن تتطور لو لم تحدث النكبة. ولكن سيكون في ذلك ايضا القليل من الدواء للشعور بالظلم. قرار هجرة الفلسطينيين الى دولة فلسطين، أي عودة قومية وليس شخصية – لا تهم اسرائيل، بل تكون بيد دولة فلسطين. ولكن في اطار الاعتراف بالمسؤولية عن مشكلة اللاجئين، فان اسرائيل تعرض المشاركة هي ودول العالم في مشروع العودة الى دولة فلسطين، اذا وضع مشروع كهذا على الاجندة.
يبدو أنه عن طريق خطاب من التقارب والفهم يمكن حل المشكلات الاخرى. الآن يوجد لدينا في الاساس حوار طرشان بين قوى الشر في الطرفين، لكن اليسار ايضا في اسرائيل غير بريء من ترديد التعويذات حول دولتين أو دولة واحدة، ومن الهذر عن انهاء احتلال 1967 بكل مظالمه.
ليس بهذا أو ذاك نجد الرد على الضائقة الفلسطينية التي تستدعي التمترس الرافض للقيادة الفلسطينية والتطرف والارهاب. كيف سيكون شريك، اذا كانت حكومة اليمين – قوة الشر خاصتنا – تبحث عن كل طريق ممكنة لمنع السلام وتوسيع الاستيطان، من خلال التسبب بالمظالم التي فقط من شأنها أن تزيد غضب واحباط الفلسطينيين؟ ولكن بدرجة كبيرة لا يوجد شريك ايضا بسبب أن اليسار يريد حل مسألة الاحتلال للعام 1967 بصورة ميكانيكية وفي ظروف معقدة، دون التطرق المناسب للصدمة الشاملة للطرف الفلسطيني في النزاع. يجب على اليسار تبني الموقف المطروح هنا، وأن يقنع الرأي العام في اسرائيل بأن تحمل المسؤولية والاستعداد لتحمل النتائج، هي الطريق البديلة للتعالي على ضائقة الآخر. طريق يوجد فيها تواضع وعقلانية في رؤية تاريخنا القريب.
هكذا نشكل أنفسنا من جديد، وهكذا يمكننا أن نشكل مجددا ايضا الطرف الآخر في الحوار. ان الأمل بالمصالحة، الذي يمكن أن يتطور في اسرائيل من خلال الاعتراف المتزايد باحتمالات أن عملية كهذه يمكن أن تخترق قلوب المؤيدين للمصالحة مع الفلسطينيين وتنبت ايضا أمل فلسطيني، عندما يتعزز هذا الأمل في اوساطنا ويثمر في نهاية المطاف عن تحالف للسلام في اسرائيل، فانه سيحرك لدى الفلسطينيين عملية مشابهة، يمكنها التغلب على قوى الشر في داخلهم من اجل التسليم والتنازل.
معاريف / المعركة على الجثث في النفق : المستشار القانوني ضد وزير الدفاع
معاريف – بقلم بن كسبيت – 3/11/2017
وقعت مواجهة حادة في القيادة. فقد وضع المستشار القانوني للحكومة د. افيحاي مندلبليت رؤيا تقول ان على اسرائيل السماح لحماس والجهاد بجمع جثث المخربين المدفونة في ركام النف بلا تأخير، وذلك بخلاف تام لبيان مسبق من اسرائيل يقضي بان جثث الضحايا الفلسطينيين لن تعاد الا بعد اعادة جثث ضحايا الجيش الاسرائيلي المحتجزة لدى حماس منذ حملة الجرف الصامد.
تخلق فتوى المستشار الان مواجهة عنيدة بينه وبين وزير الدفاع افيغدور ليبرمان، الذي قاد القرار الاسرائيلي لاشتراط اعادة الجثث الفلسطينية باعادة جثث المقاتلين الاسرائيليين.
وكما يذكر، أعلن بعد ظهر أمس منسق أعمال الحكومة في المناطق اللواء يوآف فولي مردخاي بان اسرائيل لن تسمح للفلسطينيين بالبحث والعثور على جثث مفقوديهم الى ان تعاد جثتا الملازم هدار غولدن والعريف أول اورون شاؤول الراحلين ووضع اتفاق لاعادة المدنيين المتواجدين لدى حماس. وفي المساء اتصل د. روعي شايندور مساعد المستشار القانوني للحكومة لشؤون القانون الدولي وأعلن للنائب العسكري الرئيس العميد شارون افيك بان الفتوى التي وضعت في وزارة العدل ترفض الموقف الاسرائيلي وتستوجب رفع الحظر الذي فرضته اسرائيل.
ويذكر أن الجثث الفلسطينية مدفونة في المجال الذي يسمى “البراميتر” نوع من الارض الحرام بين اسرائيل وقطاع غزة. فالفلسطينيون لا يمكنهم ان يدخلوا الى المنطقة دون موافقة اسرائيلية، وفي هذه اللحظة تمنعهم اسرائيل من ذلك. اضافة الى ذلك، ورغم بلاغ شايندور قرر وزير الدفاع ليبرمان مواصلة السياسة التي كانت تقررت وعدم السماح للفلسطينيين بالعثور على الجثث التي دفنت بعد قصف اسرائيل للنفق المتسلل للجهاد الاسلامي في وقت مبكر من هذا الاسبوع.
واليوم ستضطر الاطراف – وزارة العدل من هنا ووزارة الدفاع من هناك للحوار فيما بينهما لحل الازمة. ومن غير المستبعد أن يكون هناك حسم للمسألة من جانب رئيس الوزراء نتنياهو الذي يتواجد في لندن. وقال مصدر مقرب من الوزير ليبرمان أمس في احاديث مغلقة ان “ليس كل شيء قانون جاف وليس كل شيء قانون دولي. احيانا يوجد ايضا عقل سليم. لا يوجد اي سبب في العالم يجعلهم يحتجزون جثث الجنود على مدى ثلاث سنوات ونحن نسمح لهم بان يستعيدوا جثث المخربين”.
وأفادت مصادر قانونية فقالت ان “الطلب للبحث عن الجثث والجرحى جاء الى اسرائيل من الصليب الاحمر”. وحسب القانون الدولي هناك واجب على دولة اسرائيل عدم منع التفتيش (وهذا يختلف عن الواجب الفاعل للبحث بنفسها). كما يوجد قرار في محكمة العدل العليا حول هذا من حملة الرصاص المصبوب. الا اذا كان يوجد مبرر أمني موضعي وعندها يكون ممكنا تأخير اعمال البحث طالما بقي المبرر الامني موجودا.
هآرتس / لا يغتفر، لا يواسى
هآرتس – بقلم أسرة التحرير – 3/11/2017
للتاريخ سبل ساخرة خاصة به لتشويش الخطى، لقلب النوايا ولضرب انبيائه. أي من هذه السبل لم يتحقق في مأساة اغتيال رابين. فالانقسام والشقاق والرعب الذي شهده الكثير من الاسرائيليين في ذاك المساء قبل 22 سنة تبين بأثر رجعي كاحساس داخلي سبقت بدقة شديدة ما يجري اليوم – رغم كل رواسب الكبت والتلاعبات التي تراكمت منذئذ. ولكن في اغتيال رابين لم تتجسد أي مفارقة تاريخية مواسية. من ناحية المبادرين اليه كان واحدا من أعمال الاغتيال الانجح في تاريخ الاغتيالات السياسية. فقد تجسدت وتتجسد منذ سنوات جيل نوايا مطلق النار فوق كل المتوقع.
من جملة المشاعر التي رافقت ليل الاغتيال غاب شيء واحد فقط: المفاجأة. فاغتيال رابين كان معلقا في الهواء في الاشهر التي سبقته، مثلما تواصل ايضا في العقدين اللذين انقضيا منذئذ. فشدة المعارضة من المستوطنين واليمين برئاسة بنيامين نتنياهو وحجوم التحريض والتحفيز حتى الموت، والتي تركزت على رابين شخصيا – جعلت مسألة متى سيؤذى الرجل ومن قبل من، شبه فنية. وفي نظرة الى الوراء يتبين بان الاغتيال الجسدي لرابين أيضا لم يوقف فقط ظاهرة التحريض ضد مساعي “الاسرلة” التي مثلها الرجل – بمعنى السعي الى الطبيعية، المصالحة والسيادة العبرية العلمانية في حدود سياسية – بل اضافت لها قوة فقط، في أنها ردعت كل من يواصل ويتبنى هذا الاتجاه.
في الحرب على روح الامة وعلى مجرد تعريفها انتصر إذن مفهوم “اليهودية” الذي يركز على الذات، ذو نزعة الفتك، عديم الحدود، والذي في أساسه الخوف والانغلاق. وبهذا كان يمكن اجمال المأساة لولا عامل آخر: الشخصي. رغم اننا عرفنا منذئذ رؤساء وزراء آخرين، فان مجرد الفارق القطبي بين الشخصية الذاتية الخداعة والانتهازية لنتنياهو وبين الشخصية المستقيمة، الخادمة والمسؤولية لرابين – يربط الاثنين الى الابد في ذات الحبكة التاريخية. نتنياهو سيبقى يلاحقه ليس فقط التحريض الذي أداره ضد رابين واليوم ضد “اليسار” – بل وايضا الفجوة التشبيهية بينه وبين القامة القيادية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى