اهم الاخبار والمقالات والتقارير من الصحافة الاسرائيلية ليوم 20– 10 – 2017
يديعوت احرونوت:
– “يوم الغضب الاصولي”: اعتقال 120 متظاهر.
– النساء يواصلن اعترافاتهن بالتحرش الجنسي.
– أنتِ، هنّ، كلنا.
– غضب في الطرقات.
– كلمات مختلفة، قصة واحدة.
– شتاء حار في مقر الكنيست.
– الاعمى نصف معوق.
معاريف/الاسبوع:
– نموت ولن نتجند.
– للمرة الثانية هذا الاسبوع الجيش الاسرائيلي يهاجم موقعا سوريا.
– الولايات المتحدة: على حماس أن تنزع سلاحها.
– منظمات المعوقين: سنشدد الكفاح واغلاقات الطرق.
– حماس ترد على الولايات المتحدة: لن ننزع سلاحنا.
– الدولار يواصل الانخفاض.
– اسبانيا: سنسحب الحكم الذاتي من كتالونيا.
هآرتس:
– مستشار خارجي عينته شكيد يملي مواقف الدولة الى محكمة العدل العليا بالنسبة للمستوطنات.
– لماذا يصر نتنياهو على تعيين قائد جفعاتي السابق عوفر فينتر، مقرب بينيت سكرتيرا عسكريا.
– درعي يطلب الفصل بين النساء والرجال في الاحتفالات.
– بعد هزيمة داعش في سوريا والعراق، يعد التنظيم خطة اسناد.
– الولايات المتحدة: على حماس أن تعترف باسرائيل كشرط للشراكة في الحكومة؛ السنوار لن يكون اعتراف.
اسرائيل اليوم:
– اليئور ازاريا توجه الى الرئيس بطلب استرحام.
– غرينبلت: الحكومة الفلسطينية يجب ان تعترف باسرائيل.
– رد زعيم حماس في حماس: لا نبحث في الاعتراف باسرائيل بل متى سنمحوها.
– الحرس الثوري: سنوسع ونسرع برنامج الصواريخ.
– “يوم غضب” الاصوليين: عشرات المعتقلين – وازمات سير كبرى.
المقالات والتقارير من الصحافة الاسرائيلية ليوم 20– 10 – 2017
هآرتس / الولايات المتحدة : على حماس أن تعترف باسرائيل كشرط للشراكة في الحكومة؛ السنوار لن يكون اعتراف
هآرتس – بقلم براك ربيد – 20/10/2017
أفاد مبعوث الرئيس الامريكي للمسيرة السلمية جيسون غرينبلت أمس برد أولي عن الادارة الامريكية على اتفاق المصالحة الفلسطينية وصرح بانه سيتعين على حماس ان تعترف باسرائيل كشرط للمشاركة في الحكومة الفلسطينية. ورحب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتصريح غرينبلت، ولكن في فتح وفي حماس رفضوه واتهموا الادارة الامريكية بالتدخل في الشؤون الفلسطينية الداخلية.
ورد زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار، ردا باتا مطالب اسرائيل والولايات المتحدة وأوضح بان منظمته لن تعترف باسرائيل، لن تنزع سلاحها ولن تقطع علاقاتها مع ايران. وفي تصريح نادر اضاف السنوار ان منظمته مستعدة لصفقة أسرى، سيطالبون فيها بالافراج عن مروان البرغوثي.
وقال غرينبلت ان كل حكومة فلسطينية ستكون مطالبة بالالتزام بشروط الرباعية: الامتناع عن العنف، الاعتراف باسرائيل واحترام الاتفاقات السابقة معها، نزع سلاح نشطاء الارهاب والالتزام بالمفاوضات. وقال انه “اذا ادت حماس دورا ما في الحكومة الفلسطينية فعليها ان تقبل هذه المطال الاساسية”. وقيل من البيت الابيض ان غرينبلت انطلق لاجراء محادثات على اتفاق المصالحة في مصر، على اساس تصريحه.
وتعقيبا على ذلك صرح نتنياهو قائلا: “يسعدني ان يكون مبعوث الرئيس ترامب قد أوضح بان حماس ملزمة بنزع سلاحها، بالاعتراف باسرائيل وبتنفيذ القرارات الدولية السابقة، وان على كل حكومة فلسطينية أن تكون ملتزمة بهذه المبادىء. نحن نريد سلاما حقيقيا، ولهذا السبب بالذان فاننا لن نجري مفاوضات مع منظمة ارهابية تحت غطاء سياسي.
وكان الكابنت السياسي الامني قرر هذا الاسبوع بان اسرائيل لن تجري مفاوضات مع حكومة فلسطينية بمشاركة حماس. واوضح الكابنت بان الشروط لذلك هي اعتراف حماس باسرائيل، هجر الارهاب، تجريد المنظمة من سلاحها وفك ارتباطها عن ايران، وكذا اعادة المدنيين وجثامين الجنود من غزة. وتطلب اسرائيل أن تسيطر السلطة تماما في قطاع غزة وفي المعابر، وتواصل العمل ضد شبكات الارهاب لحماس في الضفة الغربية. وحسب موظف اسرائيلي كبير، فقد خون الكابنت نتنياهو بان يتخذ في المستقبل خطوات عقابية ضد السلطة.
والى ذلك رد مسؤولون كبار في فتح هم أيضا أقوال غرينبلت. فقد اوضح مسؤول ملف المصالحة في المنظمة عزام الاحمد، ومستشار عباس، احمد مجدلاني بان الاتفاق بين الفصائل ومسألة سلاح حماس هما شأن فلسطيني داخلي، لا ينبغي للولايات المتحدة أن تتدخل فيها. وفي التنظيمين كرروا وشددوا على أنهم ملتزمون بتطبيق اتفاق المصالحة.
يديعوت / صاروخ في محل للفخار
يديعوت – بقلم اليكس فيشمان – 20/10/2017
“لو كان هناك روس لكنا اليوم في قصة مختلفة تماما”، هكذا نقل عن مصدر امني روسي كبير في صحافة موسكو. وتناول في تصريحاته بطارية صواريخ اس.اس 5 السورية التي تعرضت هذا الاسبوع لهجوم من سلاح الجو الاسرائيلي. وكان هذا هو الرد العلني الروسي الاهم على الحدث. معقول جدا الافتراض انه لو كان المصابون في هذا الهجوم جنودا روس، ما كانت طائرة وزير الدفاع الروسي سيرجيه شويغو لتقلع الى اسرائيل.
لقد كان الاحساس الاسرائيلي وكأن الروس استقبلوا الهجوم باستخفاف مغلوطا. إذ يتبين بان الروس غضبوا من أنهم تلقوا بلاغا عن الهجوم في الزمن الحقيقي فقط. هكذا بحيث أنه لو كانت هناك قوة روسية لما كان لهم الوقت للتبليغ عن ذلك لاسرائيل او لاخلائها.
وهذا ليس سيناريو خياليا. في اسرائيل يعرفون بانه تكاد لا تكون هناك وحدة عملياتية سورية ليس فيها دور أجنبي ما. ثلث الفرق السورية الرائدة – الفرقتان 4 و 5 – تتشكلان من قوات أجنبية. في الفرقة 4، الفرقة العليا للحرس الرئاسي يوجد لواء ايراني يتشكل من مقاتلين شيعة من المنطقة ومن رجال الحرس الثوري، وكذا أيضا وحدة مدفعية روسية وقوات روسية خاصة. والى جانب القوات السورية يعمل ايضا لواء مظليين روسي (اللواء 61) ولواء مشاة مؤلل روسي (اللواء 74). وكان الروس هم الذين أعادوا تشكيل الفرقة 5 المدرعة التي تشارك فيها قوة من حزب الله تسمى “سيف المهدي”. ووزير الدفاع الروسي الذي زار سوريا في 12 ايلول، وزع أوسمة على ضباط سوريين وروس شاركوا في القتال. وفي 19 آب منح رئيس الاركان الروسي في قاعدة حميميم وسام البطولة الاعلى لضابط سوري يقود القوات الخاصة للاسد، “تايغر فورس”، في اعقاب اجتياح ناجح في دير الزور.
في الكثير جدا من الزوايا في الجبهة السورية يتحدثون الروسية. هكذا بحيث أنه عندما تقصف اسرائيل اليوم وحدة عسكرية سورية، فانها في الواقع تسير في حقل الغام غير محدد. قبل نحو سنة هاجمت اسرائيل في منطقة المطار تي 4 قرب تدمر رغم معرفتها بانه الى جوار الهدف توجد منشأة روسية. وردا على ذلك نقلت روسيا رسائل حادة الى تل أبيب، والسفير الاسرائيلي في موسكو استدعي مع ملحق الجيش الاسرائيلي الى حديث توبيخ.
هذه المرة ايضا، كما يدعي الجنرال احتياط ليونيد ايفاشوف، من كان رئيس شبكة الاتصالات الخارجية والتعاون في الجيش الروسي، قيلت أقوال حادة. وعلى حد قوله، فقد اوضح وزير الدفاع شويغو للاسرائيليين: توقفوا عن مهاجمة منظومات الدفاع الجو السورية، لاننا على اي حال سنزودهم بقدرات اخرى، اكثر تطورا”.
“على اسرائيل ان تفهم موقف وزارة الدفاع الروسية الذي يقول ان الاستقرار وقدرة الجيش السوري على القتال جيدان للشعب السوري وجيدان للاسرائيليين أيضا”، قال الجنرال المتقاعد ايفاشوف لوكالة الانباء الحكومية الروسية. من ناحية الروس، فان نظام الاسد يمنع الفوضى التي من شأنها أن تشعل الحدود مع اسرائيل ايضا.
“انفصام شخصية”
تعبر زيارة وزير الدفاع شويغو والهجوم الجوي في سوريا عن انفصام الشخصية في السياسة الروسية تجاه اسرائيل. صحيح أن شويغو جاء الى اسرائيل، ولكن بوجه عابس. هذا لا يعني أنه ليس رجلا وديا على نحو خاص. فمهندس البناء والاقتصادي الذي اصبح فيلد مارشل ما كان ليكلف نفسه عناء المجيء الى هنا لو لم يكن لاسرائيل دور معين جدا في المصالح الروسية الراهنة. مصالح يمكنها بالطبع أن تتغير في كل لحظة. شويغو، 62 سنة، هو الوزير الاقدم في ا لحكم ا لروسي، من بقايا عهد يلتسن، والذي نجا من كل التحولات في الكرملين ووقف على مدى 18 سنة على التوالي على رأس وزارة الطواريء المدنية الى أن اصبح قبل 5 سنوات وزير الدفاع ولاحقا ايضا نائب رئيس الوزراء. وهو شعبي في روسيا بفضل ثلاث مزايا: فهو عديم الطموح السياسي، بمعنى انه لا يعرض مكانة بوتين للخطر، هو يقل من الظهور اما الجمهور وهو تنفيذي. شويغو لا يقرر السياسة الروسية في سوريا ولكنه ينفذها.
عشية زيارته، قبل القصف في سوريا، أوضح الروس لاسرائيل بان هذه ستكون زيارة على مستوى تغطية جد متدنية. فلن يكون اي لقاء مع صحافيين اسرائيليين، وحتى الصحافيين الروس الذين جاءوا معه اضطروا للاكتفاء باستعراض من نائبه، الجنرال الكسندر بومين. وحتى قبل ان يعود شويغو الى موسكو، وفي عصر يوم الاربعاء، أجرى بوتين ونتنياهو مكالمة هاتفية عنيت بالتنسيق السياسي. وكان احد المواضيع التي تحدث عنها الرجلان، فضلا عن المسألة السورية، هو موضوع الاكراد في العراق.
يرى الروس في اسرائيل وزنا مضادا للتدخل الايراني في سوريا. فالايرانيون والروس يسلبون الذخائر التي لا تزال البقرة السورية المريضة قادرة على أن تنتجها، وينشأ بينهما خلاف عميق حول توزيع الغنيمة. وسيسافر الرئيس بوتين في الاسابيع القريبة القادمة للقاء بآيات الله في ايران في محاولة لتهدئة الخواطر. يتبين أن شركات روسية وايرانية تتقاتل فيما بينها على السيطرة في الشبكات الخلوية في سوريا، الغاز والفوسفات. ومؤخرا فقط وقعت حكومتا سوريا وايران على اتفاق في اطاره يرمم الايرانيون المطارات ويقيمون محطات لتكرير النفط على الاراضي السورية.
ولا يدور الحديث فقط عن خلافات اقتصادية. فالروس يعارضون مثلا خطة تشكيل فرقة ايرانية “الامام الحسين”، تتشكل من 5 الاف رجل من الميليشيات الشيعية المؤيدة لايران تحت قيادة ايرانية، تعمل على الاراضي السورية. كما أن الروس غير متحمسين من امكانية ان يتلقى الايرانيون مصافا لهم في ميناء طرطوس، الذي يوجد تحت سيطرة روسية. ويؤدي تضارب المصالح المتعمق بين ايران وروسيا بالروس الى اسرائيل.
يتهم الروس ادارة ترامب بالتعاون مع داعش ولكن يتبين انه توجد لهم شكاوى في هذا الموضوع تجاه اسرائيل ايضا. وهم يحتجون، في الغرف المغلقة على أن اسرائيل لا تتعاون معهم بما يكفي في الحرب ضد داعش، ولا سيما في المجال الاستخباري. وهم يرون أن اسرائيل هي قوة عظمى في السايبر المدني يمكنها أن تساعد أكثر بكثير في كل ما يتعلق بمكافحة الارهاب بالسايبر.
لقد كانت المحادثات التي اجراها شويغو في اسرائيل في المسألة الايرانية مثمرة على ما يبدو وانتهت بتفاهم متبادل، باستثناء موضوع واحد: شكل انتشار القوات المؤيدة لايران في سوريا. واضح تماما أنه عندما يصل الجيش السوري الى هضبة الجولان، فان هذا لن يقول جيشا سوريا صافيا بل جيش سوري مع قوات أجنبية. وسيستوجب الامر تجريد عميق للجولان السوري – اكثر بكثير مما في اتفاق فصل القوات في العام 1974.
وبالمناسبة لدى اسرائيل مقياس ممتاز لفحص وضع الرئيس الاسد: الدروز في هضبة الجولان. في السنة الاخيرة طرأ انخفاض بعشرات في المئة في عدد الطلبات للحصول على بطاقة هوية زرقاء من دروز الجولان الى وزارة الداخلية. فهم يشمون على ما يبدو بان الاسد يعود. وهذا ليس المؤشر المشجع الوحيد من ناحية الرئيس السوري. الاردنيون هم ايضا نوع من المقياس. فقد علم ضمن امور اخرى عن توثيق العلاقات بين الاردن وسوريا، ومحللون اردنيون يتحدثون عن مباحثات تجري في الاسرة المالكة بهدف فحص امكانية استئناف العلاقات الخارجية مع ايران. الرئيس المصري السيسي هو الاخر يغازل الاسد. فقد اصبح المصريون شركاء فاعلين في المحادثات لتحقيق التسوية في سوريا، والتي تجري في الاستانة في كازخستان برعاية الروس. وزار ضابط الاستخبارات السوري الرئيس الجنرال علي مملوك مصر مؤخرا، ورجال استخبارات مصريون يصلون الى دمشق.
“فاتح” اصبح “رعد”
الان، فيما يتبدد التهديد على حكم الاسد، ظاهرا، فانه يشعر بثقة كافية كي يعود ليستخدم قوته العسكرية كي يردع اسرائيل من الاعمال في الاراضي السورية. وقبل نحو نصف سنة اتخذ النظام السوري قرارا لمحاولة اعتراض طائرة اسرائيلية: في سوريا، في لبنان، اينما كان ممكنا. وبالفعل، في الاشهر الاخيرة كانت عدة احداث اطلاق صواريخ مضادة للطائرات نحو طائرات اسرائيلية تحلق في المجال. وفي جهاز الامن في اسرائيل قرروا صد الميل السوري هذا باسرع وقت ممكن إذ ان حرية عمل سلاح الجو هي الوسيلة المركزية لمنع التثبت الايراني في سوريا وتعاظم قوة حزب الله.
ان التهديد القريب الذي يواجهه سلاح الجو في سوريا وفي لبنان اليوم يتركز في ما يسمى “مشروع الدقة” للصواريخ والمقذوفات الصاروخية الايرانية التي تصل الى حزب الله. يمكن الافتراض بان قسما لا بأس به من اعمال القصف في الاعماق السورية في السنة الاخيرة، والتي تعزى في وسائل الاعلام الاجنبية لاسرائيل، يستهدف المس بهذا المشروع – سواء بالصواريخ نفسها أم بالمنشآت التي تصبح فيها أكثر دقة.
اتفق ليبرمان ونتنياهو على اضافة 4.8 مليار شيكل لميزانية الدفاع حتى 2020. قسم لا بأس به من هذا المال سيستثمر، حسب قرار وزير الدفاع في الجواب على عملية تحول الصواريخ الايرانية في المجال الى صواريخ اكثر دقة وفتكا مما كانت في الماضي. والمعنى هو تطوير سريع لمنظمات تستهدف المس بهذه الصواريخ ومشتريات بكميات غير مسبوقة تتجاوز ما كان مخططا له في خطة جدعون متعددة السنوات، لوسائل اعتراض من نوع “حيتس”، “القبة الحديدية” و”العصا السحرية”. وبالتوازي ستتم مشتريات هامة لسلاح جوي دقيق وستستثمر اموال لبناء منظومة صواريخ أرض – أرض بمدى بضع مئات الكيلو مترات، خطط لان تتم فقط في العقد القادم. ويسعى وزير الدفاع الى تقديم موعدها الى خطة العمل الحالية التي تنتهي في 2020. قسم آخر من المال سيذهب الى استكمالات التحصين للجبهة الداخلية، والتي ستتعرض لضربات الصواريخ الدقيقة.
يدور الحديث عن مشروع كثير التمويل بقيادة وزير الدفاع. اما الجيش فلم يدفع نحو هذه الاستثمارات، ربما تخوفا من أن يؤخذ المال من ميزانية العمل الحالية لديه. اما ليبرمان فقد تعهد بتحقيق المهامة من ميزانية اخرى، تأتي من فوائض الجباية، وتنتظر الان رد وزارة المالية.
ليبرمان محق. فالتهديد المركزي من الساحة اللبنانية يتركز في مئات عديدة من الصواريخ والمقذوفات الصاروخية الى مدى 100 – 500 كيلو متر، من شأنها أن تصبح دقيقة، واقل من ذلك في عشرات الاف الصواريخ غير الدقيقة، لمدى حتى 40 كيلو متر، وتوجد في حوزة حزب الله.
لقد تعلمت الصناعة العسكرية الايرانية كيف تحاكي جيدا الوسائل القتالية الرسمية والغربية التي وصلت اليها، بما في ذلك في اثناء القتال في سوريا التي اصبحت حقل التجارب الاكبر في العالم للسلاح الايراني، الروسي والامريكي. فقد أخذ الايرانيون صاروخا غير دقيق بمدى يتراوح بين 250 – 700 كيلو متر، “فاتح 110″، وجعلوه صاروخا دقيقا. لعائلة الصواريخ هذه، التي تتضمن ستة نماذج مختلفة، كانت دقة متداخلة: كلما كان المدى أبعد، ينخفض مستوى الدقة. اما الايرانيون فقد نجحوا في ان يركبوا على هذه الصواريخ منظومة جي.بي.اس روسية وهكذا وصلوا الى دقة لم تعد متعلقة بالمدى وتسمح لاصابة شبه موضعية للهدف. والنتيجة هي صاروخ دقيق جدا يسمى “رعد 327”.
أما الصيغة السورية لـ “فاتح 110” فهو “إم 600” صاروخ لمدى 300 كيلو متر يحمل رأسا متفجرا بوزن نصف طن، بناه السوريون وفقا لمعلومات ايرانية. خذوا هذا الصاروخ الذي يوجد في سوريا وفي لبنان، ضعوا عليه جي.بي.أس فاذا بكم تحصلون على صاروخ دقيق يمكنه أن يصيب اصابة مباشرة مبنى عزرئيلي في تل أبيب.
كما أن الايرانيين اخذوا صواريخ “ام 302” الى مدى بين 90 – 200 كيلو متر (تلك الصواريخ التي ضربت حيفا في 2006)، اضافوا لها مجنحات وجعلوها صواريخ دقيقة قدرتها على التدمير أعلى باضعاف.
التقدير هو ان الايرانيين يحاولون تصدير هذا العلم سواء لسوريا أم للبنان، ولهذا فقد اقاموا هناك مشاغل ومعامل ليركبوا فيها تلك المجنحات التي توجه الصاروخ وتنتج في ايران على الصواريخ والمقذوفات الصاروخية “الغبية”. أما اسرائيل فتكافح ضد هذا اليوم: في المشاغل، في المعامل، في تهريب الصواريخ التي ركبت عليها هذه الاجهزة. هذه هي القصة الحقيقية خلف مصانع السلاح التي اقامها الايرانيون في سوريا وفي لبنان لتحسين تلك الصواريخ للمدى المتوسط والبعيد الذي لدى حزب الله وجعلها صواريخ موجهة بدقة بحيث تخلق كتلة حرجة من الاصابة لاهداف حساسة في اسرائيل، الامر الذي من شأنه ان يشل الدولة ويردعها من مهاجمة لبنان أم ايران.
ان كمية الخسائر وحجم الضرر اللذين تسببت بهما الصواريخ بعيدة المدى، ذات الدقة الادنى، سمحا لسلاح الجو بمواصلة العمل حتى حيال هجوم بالاف الصواريخ التي اطلقها حزب الله. اما في اللحظة التي سيكون فيها لدى المنظمة بضعة الاف من الصواريخ الدقيقة لمدى يتراوح بين 100 – 500 كيلو متر، تغطي اسرائيل من حيفا حتى ديمونه فان كمية الخسائر والاضرار ستتغير بشكل جوهري. ولهذا فان اسرائيل ترى في الصراع الحالي ضد تهريب السلاح موضوعا وجوديا. ولهذا فقد نصب اليها تدمير “مصنع 4.000” – منشأة التحويل المركزية للصواريخ الدقيقة التي اقامها الايرانيون في بلدة سيف قرب حماة.
ان طرق العمل لمنع اقامة مصانع مشابهة على الاراضي اللبنانية لا تقل نجاعة. وبلا سلاح جو يعمل بشكل حر، لن تنجح اسرائيل في ان تبطيء فما بالك ان تمنع التهديد الجديد المتمثل بتحويل الصواريخ التي لدى العدو الى اكثر دقة. ولهذا فان كل محاولة لردع سلاح الجو من الطيران والعمل في سماء المنطقة هي من ناحية اسرائيل شارة حمراء.
معاريف / خيار الاستفزاز
معاريف – بقلم ران ادلست – 20/10/2017
بطارية الصواريخ التي اصيبت في سوريا لم تهدد أمن الدولة. بدلا منها ستأتي اثنتان أكثر تطورا. جمع معلومات استخبارية؟ ربما. وربما لا. “تنسيقات مع الروس؟ الى أن يكسر احد ما قواعد اللعب والقصة كفيلة بان تتدحرج الى جولة قتالية اخرى.
نحن نطير في لبنان ونقصف في سوريا لاننا نستطيع، واصابة البطارية جاءت لتثبت ذلك. ومن الان فصاعدا فلتعلم كل أم عبرية بانه اذا ما نشبت حرب، فهذه هي الحرب لانقاذ الحكومة، وهي ستدار على ظهر وحياة مواطنيها. منذ اليوم، امام ناظرينا تماما، تتشكل الظروف التي ستؤدي الى حرب اخرى عديمة المعنى. في نهاية المناورة الكبرى قبل نحو شهر قال رجل المدرعات العميد نداف لوتان لقيادة اركانه: “هذا لقاؤنا الاخير قبل الحرب”. لا حاجة للنزول الى الملاجيء بسبب قول هو جزء من نمط التفكير الذي يعزز فيه رجال الجيش احساس الالحاح، ويكاد يكون هذا على ما يرام. المشكلة هي السياسيون.
لقد قال وزير الدفاع افيغدور ليبرمان انه لا يهمه اين ستنشب المواجهة التالية، في الشمال أم في الجنوب، “فانها ستصبح معركة في جبهتين…”. هذا بالفعل هو أحد السيناريوهات التي يستعد لها الجيش الاسرائيلي، لان هذه هي مهمته. اما مهامة السياسيين فهي استغلال الهدوء الذي حققه الجيش الاسرائيلي في الشمال لصالح التسوية وليس ادعاء البطولة في الحرب في صالح الانتخابات التالية. فقد قال ليبرمان انه “من ناحية الجبهة اللبنانية، هذه ليست حزب الله فقط. فالجيش اللبناني هو تحت قيادة حزب الله”.
لعل ليبرمان فوت استعراضا استخباريا ما بسبب مباراة تنس (المكان الوحيد الذي سمع فيه صفير الكرات – الرصاصات، مثلما قالوا عنه في مركز الليكود قبل شهر من تعيينه)، إذن لعلمه: حزب الله يتعاون مع جيش لبنان غير أن اسرائيل لن تهاجم في لبنان في صيغة عقيدة الضاحية (تدمير البنى التحتية)، لان الولايات المتحدة، بريطانيا وفرنسا (اللواتي تسلحن الجيش اللبناني) تعارض الهجوم وتساند سعد الحريري، رئيس وزراء لبنان. وأنا جد آمل الا تكون الحكومة توشك على تكرار خدعة حرب لبنان الاولى، حين ارتبطنا بمعارضي الشيعة.
ان المصلحة المشتركة لترامب ونتنياهو هي الهجوم في سوريا لشطب عار الهزيمة. مرغوب فيه بلا ضحايا امريكيين. اما في اسرائيل، ويا له من مريح، فلترامب الكثير من الجنود والطيارين المنضبطين. ولحظنا فقد تقلبت النوازع. هيئة اركان الجيش الاسرائيلي قتالية ولكنها تفكر سياسيا، والسياسيون يفكرون عسكريا – عصابيا. الديمقراطية ملزمة وما شابه، وما هو كفيل بدحرجة الحرب التالية هو حلف المنبوذين والمصالح المشتركة بين ترامب ونتنياهو، وعار هزيمة الاثنين اللذين فقدا الشمال (ترامب مهزوم في كوريا الشمالية ايضا).
المصلحة الاولى هي النجاة من التحقيقات التي تجري ضد الرجلين في ظل تهديد التنحية المكللة بالعار. فسؤاء في تحقيق روبرت مولر في الولايات المتحدة ام في تحقيق شرطة اسرائيل طرأت في الزمن الاخير تطورات دراماتيكية. لعل كل هذه لا تقرب النهاية الفورية للرجلين، ولكنها ترفعهما الى طريق آلام التدحرج في الزفت القانوني والريش الاعلامي. اما المصلحة الثانية فهي محاولة اخفاء خرائب الانهيار الشامل للسياسة المشتركة بينهما في سوريا من خلال “الهجمات”.
ترامب مضروب من كل الجوانب: كان يفترض بالامريكيين أن يدخلوا العراق تحت مظلتهم. هذا في شك كبير اذا اخذنا بالحسبان الاغلبية الشيعية في الدولة والتدخل الايراني في القتال ضد داعش. ضربة اخرى: اهمال سياسي لا يصدق عقب الفوضى في عمل البيت الابيض، وزارة الخارجية والبنتاغون أدت الى أن الاكراد والجيش العراقي – وكلا الطرفين مسلحان، مدربان ومدعومان لوجستيا وعسكريا من الامريكيين – يتبادلون اطلاق النار في كركوك.
الحقيقة المرة
الضربة الاكثر ايلاما لترامب ونتنياهو هي استقرار الاتفاق النووي. المتذاكون يجدون فيه الثقوب، ولكن ايا منهم ليس لديه بديل، وبالتالي فانهم يصرخون على “الصواريخ الباليستية”. ليس في الاتفاق كلمة عن الصواريخ الباليستية لان واضعيه فهموا ما لا يفهمه محللونا. في الشؤون الايرانية ايران هي المهددة التي تحتاج الى الدفاع عن النظام والمواطنين من خلال القنبلة والصواريخ، دون الحديث عن صدمة الهجمتين الامريكيتين على العراق المجاور بينما يسمعون من اسرائيل والولايات المتحدة بانهم التالين في الدور، وهنا يأتي براك اوبما ويعطل القنبلة.
ان القشة التي قسمت ظهر ترامب هي فشله في تحدي الاتفاق، والقشيشة التي قسمت ظهر نتنياهو هي الاتفاق بين السلطة وحماس. لم يسبق ان كان تهديد مباشر على السيطرة في المناطق مثل حكومة فلسطينية موحدة تتوجه نحو الانتخابات. وحتى عندما القي رجال دحلان والسلطة من الاسطح لم يكن شك بان في بداية المشادة الكلامية سيتم رأب الصدع لصالح المصلحة المشتركة.
لقد بقي الصداع الايديولوجي مثلما كان بالضبط مثل الصدع بين اليمين واليسار في اسرائيل منذ قيام الدولة. اسرائيل تطالب بتفكيك السلاح والانفاق ووقف العمليات. المبدأ صحيح، ولكن التطبيق منوط بتفكيك الحصار وانهاء التصفيات والاعتقالات العابثة.
الحقيقة المرة: كل الفلسطينيين، حتى آخر المعتدلين منهم، يريدون الابقاء على الخيار العسكري. فهم يتذكرون كل حملة دخل فيها الجيش الاسرائيلي ودمر. صحيح أن هذه ردع وهمي حيال الجيش الاسرائيلي، ولكن عندما تكون مدحورا نحو الحائط بجرافة، حتى الاظافر تكون خيارا. واذا كانت حكومة نتنياهو مدحورة نحو الحائط، فان حتى الاستفزاز هو خيار. آمل أن يكون في التسوية مع مصر توافق على وقف التصفيات. فتصفية احمد الجعبري، الذي كان سلف يحيى السنوار وكان كفيلا بان يدير المفاوضات مع اسرائيل، سلسلت ردود الفعل الى حملة “عمود السحاب”.
مثلما في كل حالة من التدحرج نحو الحرب، المسائل هي استراتيجية وتكتيكية على المستوى السياسي، العسكري والنفسي. فالحالة العقلية لترامب ونتنياهو هي جزء من عملية اتخاذ القرارات. لقد شُخص ترامب كصبياني، مغرور، مثابة نوع من دودو توباز الذي اقلع وانفجر. اما نتنياهو فهو حالة اصعب بسبب الاقنعة والدروع. ما يجعله نوعا من الزمبي الذي لا يتسلل الواقع الى عقله، بل يستوعب مباشرة في منظومة تلقائية تخلق نوبات فورية – هي في المناسبة مشابهة لدى الرجلين. وسائل الاعلام؛ الجهاز القضائي؛ الشعب يحبني؛ تعالي يا ميلينيا نذهب لنلقي لفافات ورق التواليت. مثلا في لونا بارك. من هناك الطريق الى لونا بارك الحقيقية تلوح كطريق قصيرة حتى الخوف.
بعد بضعة اسابيع سينقض “رجال أمن” اسرائيليون في الاحتياط على تلة الكابيتول قبيل قرار الكونغرس حول الاستجابة لطلب ترامب الانسحاب من الاتفاق. بعض من رجال الامن اياهم سيبحثون في الاروقة التي لا تنتهي من رجل كونغرس الى آخر ليشرحوا بان الاتفاق جيد، بعضهم سيشرح بان الاتفاق سيء. لا يدور الحديث عن خلافات في الرأي بين جهتين بل عن انعكاس الهوة المفتوحة بين الشعبين اليهوديين في دولة اسرائيل. هناك احتمال اكثر من معقول في أن تكون هذه هي المرة الاولى التي تتغلب فيها جي ستريت الى ايباك. كل هذه الفوضى تستحق فقط كي يفهم يهود أمريكا أخيرا بان ايباك هي مجموعة الضغط من اليمين الظلامي في اسرائيل وفي الولايات المتحدة.
اذا عملت بريطانيا وفرنسا كما ينبغي، فان ممثليهما هما ايضا سيكونون هناك، ومن ناحيتي فليستخدم بوتين قراصنته الالكترونيين، هذه المرة ضد ترامب. بعد ثلاثة اشهر سيعود ترامب لاقرار الاتفاق. لا شك أن الاتفاق سيبقى على حاله، ولكن ليس واضحا اذا كان ترامب سيبقى على حاله هو الآخر.
اسرائيل اليوم / عبء الاثبات ملقى على الفلسطينيين
اسرائيل اليوم – بقلم يوسي بيلين – 20/10/2017
في يوم ما في بداية العام 1988 قالت لي سكرتيرتي إن السفير المصري في اسرائيل، محمد بسيوني، يوجد في المكتب ويريد مقابلتي على عجل. حينها كنت المدير العام لوزارة الخارجية، وكنت على ثقة من أنني الرجل الاكثر انشغالا في العالم، ولم أعرف لماذا يأتي الي سفير بدون اعلان مسبق. ولكن الذي جاء هو بسيوني المخضرم. وقد طلبت منه الدخول.
السفير كان متأثرا وغاضبا. “أنتم لا تعرفون ما الذي تفعلونه!”، وجه الانتقاد لي. “أنتم تقومون طوال الوقت باعتقال نشطاء تشتبهون بأنهم محسوبين على م.ت.ف، وتسمحون لنشطاء اسلاميين متطرفين أن يفعلوا ما يريدون لأنه يبدو لكم أن ما يهمهم هو القرآن وتقديم الدعم للمساكين. يجب عليكم الاستيقاظ والفهم أن هذه الجماعة المتطرفة هي العدو الحقيقي لكم ولنا!”.
بسيوني حدثني عن حادث معين اعتقل فيه فقط شباب محسوبين على فتح في حين لم يتم اعتقال الاسلاميين، أو تم اطلاق سراحهم على الفور. لم أكن أعرف عن الحادثة. وطلبت من عزرائيل نافو، الذي كان السكرتير العسكري لرئيس الحكومة في حينه اسحق شمير، المجيء إلي. وأخبرته عما قاله بسيوني وسألته اذا كان هناك امور كهذه. هو ايضا لم يعرف عن تفاصيل ذلك الحادث، وتعهد بالرجوع الي. بعد ساعات قال لي إنه فحص الامر مع الجهات المختصة وتبين أنه لا اساس للقصة وليس هناك تفضيل للحركات الاسلامية على الحركات القومية. حينها قمت بابلاغ بسيوني بذلك. مرت ثلاثون سنة تقريبا على ذلك، وحتى الآن ليس واضحا اذا كانت تلك سياسة منظمة، لكن لا شك لدي الآن أن الاجهزة اخطأت في تقديرها أن الحركات الدينية أسهل عليها من الحركات العلمانية لعدم وجود مطالب سياسية لها، ولأنه يمكن تحقيق حاجاتها بسهولة اكبر. هذا كان خطأ استمر سنوات كثيرة، الى حين تبين أن حركة مثل حركة حماس صحيح أنها لم تناضل من اجل اقامة الدولة الفلسطينية، لكنها رأت في الغاء دولة اسرائيل اساسا لرؤيتها.
إن من يقومون بانتقادي لأنني ساعدت عملية اوسلو وم.ت.ف في النهوض من الأنقاض بعد دعم ياسر عرفات الاشكالي جدا لصدام حسين، على حق في ادعاءاتهم، كما أنهم يخطئون في التفكير أنه لو ضعفت م.ت.ف اكثر لكان من الافضل لاسرائيل أن تقف في وجه حماس. حسب رأيي كانت م.ت.ف بعد القرارات الهامة التي اتخذتها في 1988، شريكة محتملة في حل النزاع، في حين أن حماس كانت عنصرا يمكن التوصل معه الى طريق مسدود. إن من يرى في هذه البلاد كلها وقف اسلامي لا يمكنه التنازل.
في تشرين الاول 1993 قمت بزيارة تونس، والتقيت للمرة الاولى مع ياسر عرفات، وأجريت معه محادثة ليلية مطولة. من ضمن امور اخرى قال لي إن حماس هي مشكلته الاصعب، لأنها ستحارب اتفاق اوسلو. واضاف بأنه هو فقط الذي يستطيع التعامل مع حماس. وطلب مني فحص امكانية أن تقوم اسرائيل باطلاق سراح الشيخ احمد ياسين من السجن وتسليمه له. وحسب اقواله، اذا عرف ياسين بأنه قد تم اطلاق سراحه بناء على جهوده، فيمكن حدوث تغيير في سلوك حماس.
هذا الاقتراح لم يكن عمليا، وقد رفضه رئيس الحكومة اسحق رابين. في السنوات بعد ذلك، وبعد مذبحة باروخ غولدشتاين في الحرم الابراهيمي، حدث عدد من العمليات الانتحارية الشديدة التي نفذتها حماس، ولا شك أن هذه الحركة ساهمت كثيرا في تحفظات الجمهور من استمرار العملية السياسية.
في 2005 عندما أيدت حركة ميرتس برئاستي حكومة الليكود برئاسة اريئيل شارون من اجل أن ينفذ الانسحاب من غزة، حاولت بلا جدوى اقناع شارون بالقيام بذلك في اطار اتفاق مع الرئيس الفلسطيني الجديد محمود عباس. وعندما قلت له إنه يعطي هدية لحماس، قال لي إنه حسب رأيه ليس هناك فرق بين م.ت.ف وحماس لأنهما تريدان نفس الأمر. وقلت له إن هذا بالضبط مثل قول إنه لا فرق بين ميرتس وكهانا، لأنهما صهيونيتان. واكتفى بالابتسام.
الخيار الفلسطيني
وجهة نظر شارون هذه جعلته يوافق على طلب حكومة بوش الابن تمكين حماس من خوض الانتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني. بصورة معارضة تماما للاتفاق الذي منع مشاركة جهات وشخصيات تدعو لاستخدام العنف في الانتخابات. ربما اعتقد مثل بوش نفسه، أن هذه افضل الطرق لاضعاف حماس. لأنها لن تحصل على أكثر من 30 في المئة من الاصوات، وستتحول الى جزء من السلطة التنفيذية، وستواجه مشاكل يومية وستعرف أن “الامور التي نراها من هنا لا نراها من هناك”، وستقوم بتغيير جلدها.
فوز حماس في الانتخابات جاء بالأساس من ضعف فتح لأنه في مناطق كثيرة ترشح نشطاء محسوبين على فتح الواحد ضد الآخر، وشتتوا الاصوات. الفوز فاجأ حماس نفسها كما فاجأ الفلسطينيين والاسرائيليين والعالم: حركة عارضت بشدة اتفاق اوسلو انتخبت لتحكم من خلال الاطار الذي نشأ عن هذا الاتفاق، وواصلت معارضته. العالم قال لحماس حسنا، لقد تم انتخابكم بصورة ديمقراطية (وكانت الانتخابات معقولة)، لكن الآن عليكم الاعتراف باسرائيل واتفاق اوسلو والتخلي عن الارهاب من اجل التحدث معكم. وفي حماس قالوا إن أحدا لا يضع شروط كهذه قبل الانتخابات، وفقط لأننا انتخبنا خلافا لتوقعات العالم، يطلبون منا شروط غير ممكنة، كي يكون هناك تبرير لعدم الاعتراف بنا وبفوزنا. هذا الشعور لدى حماس المتمثل في أنه على الرغم من انتخابها، بقيت السلطة الفعلية في أيدي الجهة الخاسرة، أدت بها الى الدخول في صراع عنيف ضد حماس والسيطرة على القطاع قبل عشر سنوات.
المصلحة الاسرائيلية هي أنه سيقف امامنا جسم فلسطيني ممثل واحد، يعارض استخدام العنف ومستعد للتوصل معنا الى مصالحة تاريخية تكون جيدة للطرفين. إن سياسة “فرق تسد” جيدة فقط لمن يريد الحكم، لكن الاغلبية الساحقة في اسرائيل ليس لها اهتمام بحكم الفلسطينيين. إن المصالحة بين معسكرين صقوريين وايجاد عنوان فلسطيني واحد من جديد هي افضلية لهم ولنا.
المهم من جهتنا هو ألا تتحول حماس الى حزب الله داخل النظام الفلسطيني. هذا ما قاله بالضبط بشكل علني محمود عباس. اذا توقفت حماس عن انشاء مليشيا عسكرية وكانت مستعدة للموافقة على موقف الاغلبية الفلسطينية بخصوص اتفاق مستقبلي مع اسرائيل، فسيكون ذلك هو الامر الاصح. أما اذا تمسكت حماس في اعقاب الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في الاسبوع الماضي ببقاء السلاح في أيديها وأن يكون القرار في أيديها حول استخدامه ضدنا من غزة أو من الضفة الغربية، فستضطر اسرائيل لأن ترى في محمود عباس المسؤول عن أي استخدام حماسي للعنف (سنضطر الى معارضة الاطار المشترك الذي ستقيمه المنظمتان الفلسطينيتان المتخاصمتان).
هآرتس / عن الواقع
هآرتس – بقلم زئيف بنيامين بيغن – 20/10/2017
إذن كم لاجئا سيعودون الى إسرائيل كي يكون ممكنا التوقيع على معاهدة سلام بين اسرائيل وم.ت.ف، تضع حدا لمطالباتهم؟ في 2008 اقترح رئيس الوزراء ايهود اولمرت أن يعود بضعة الاف، وم.ت.ف لم تقبل باقتراحه. وافاد شاؤول ارئيلي دون ذكر المصدر بـ “الموقف الفلسطيني الرسمي القائل ان عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين سيعودون الى اسرائيل – بموافقتها – يتراوح بين 50 الف و 100 الف”؛ وادعى البروفيسور موشيه ماعوز بانه في 2008 اقترح محمود عباس على اولمرت 150 الف؛ أما اوري افنيري فاقترح ربع مليون.
ولكن لا معنى لهذا الجدال السخيف في الاعداد طالما لم يستوفَ شرط مسبق وضروري. فحسب ارئيلي ستكون حاجة الى “التوافق على صيغة مشتركة حول الروايتين لمسألة اللاجئين”. اما أفنيري الذي قطع مسافات طويلة في المحادثات مع رجال م.ت.ف فيفهم جيدا ما هي الصيغة المطلوبة: “المبدأ لا يمكن نفيه. فهو يعود الى اللاجيء الفرد. وهو منصوص عليه في القانون الدولي. وهو مقدس. كل اتفاق سلام مستقبلي يجب أن يتضمن بندا يؤكد أن اسرائيل تقبل بشكل مبدئي حق العود للاجئين الفلسطينيين وأنسالهم. لا يمكن أن يكون هناك زعيم فلسطيني قادر على أن يوقع على معاهدة لا تتضمن هذا البند”. وهكذا بالفعل. ولكن لا يوجد زعيم اسرائيلي يكون قادرا على التوقيع على معاهدة تتضمن بالفعل هذا البند. واذا تغيب هذا البند من الاتفاق، فلن تتمكن م.ت.ف من الاعلان عن نهاية مطالبها.
ولكن هذا ليس العائق الوحيد امام بيان كهذا. فالمطلب الاخر الاضافي الذي لا يمكن لـ م.ت.ف ان تتخلى عنه ينبع من اساس عقيدتها: للعرب وحدهم يوجد الحق في السيادة في فلسطين، حتى في اراضي اسرائيل في حدود 1949. ولهذا فان م.ت.ف غير قادرة على أن تعلن عن نهاية مطالباتها طالما يوجد كيان يهودي ذو سيادة على ارض فلسطين. اما من يحاول دحض هذين الادعائين اللذين اطرحهما، فليتفضل فيوصي قيادة م.ت.ف بان تنشر على الملأ، وقبل كل شيء بالعربية، الشروط التي توافق فيها على أن تدرج في معاهدة سلام مع اسرائيل بيانا عن نهاية النزاع ونهاية مطالباتها. حتى اليوم، على مدى ربع قرن منذ اتفاق اوسلو، لم تنشر م.ت.ف خطة كهذه. كما انها لن تنشر.
يمكن الافتراض بانه خُرقت منذ الان اتفاقات بين الاعداء تضمنت بندا صريحا عن نهاية مطالباتهم المتبادلة. ولكن الانسان المسؤول لم يستنتج من ذلك بانه من المجدي التوقيع على “معاهدة سلام” بين طرفين صقريين حتى في غياب هذا البند عن الاتفاق. هذا بند حاسم، يميز بين الاتفاق الانتقالي الذي يبقي الطرفين مع مخططاتهما واحلامهما – مثل اتفاقات الهدنة او اتفاقات اوسلو – وبين الاتفاق الدائم للسلام. فهو يشكل حجر اساس لاستعداد الطرف الثاني من الاعلان عن نهاية مطالباته، قبل كل شيء أمام شعبه. وفي غياب مثل هذا الاستعداد، واجب الاستنتاج بان الطرف الثاني ليس ناضجا للسلام الحقيقي، وانه في الفرصة التي تلوح له مناسبة سيستأنف الحرب. لا توجد في اسرائيل حكومة، في اي تشكلة كانت، ستوقع مع م.ت.ف على وثيقة عنوانها “معاهدة سلام” دون الاعلان عن نهاية المطالبات المتبادلة. اما م.ت.ف بالمقابل، فغير قادرة على التوقيع على اتفاق يتضمن هذا الاعلان. فكل الخبراء والرسل، المستشارين والراكضين لا يمكنهم أن يجسروا هذه الفجوة.
دان مرغليت يوصي الان “بالعودة الى اقتراحات باراك او اولمرت، مع بعض التحسينات”. ارئيلي يوصي بزيادة عشرات الاف اللاجئين الى العدد الذي اقترحه اولمرت على عباس في 2008. ولعله كان محقا إذن رئيس دائرة المفاوضات في م.ت.ف، صائب عريقات، حين استعرض بعد بضعة اشهر من رفض عباس قبول اقتراح اولمرت، تنازلات اسرائيل منذ اقتراح الحكم الذاتي لرئيس الوزراء مناحيم بيغن في 1978، عبر الاقتراح الاول لرئيس الوزراء ايهود باراك في 1999، واقتراحه في كامب ديفيد في العام 2000 وحتى اقتراح رئيس الوزراء اولمرت في 2008: “في البداية قالوا لنا اننا سندير المستشفيات والمدارس، بعد ذلك كانوا مستعدين لاعطائنا 66 في المئة، في كامب ديفيد وصلوا الى 90 في المئة واليوم وصلوا الى 100 في المئة. اذا كان كذلك فلماذا نسرع بعد كل الظلم الذي احيق بنا؟” (عن “الدستور” الاردنية في 25/6/2009). وبالفعل، لماذا يسرعون عندما يقترح اسرائيليون طيبون عليهم تحسينات كبيرة حتى قبل استئناف المفاوضات بين اسرائيل وم.ت.ف.
في ردود على مقالي قبل اسبوعين زعم أنه عند وضع تقديراتي أولي اهمية زائدة للبيانات العلنية، ولا سيما بالعربية، لقادة م.ت.ف. في سنوات الامل بعد التوقيع على اتفاق اوسلو في 1993 اعتقد حتى الخبراء بان لا قيمة لهذه الاعلانات. هكذا مثلا، بعد سنتين من التوقيع على الاتفاق نشرت شعبة الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي استعراضا وفيه الاستنتاج التالي: في فحص مزايا نشاط وتصريحات عرفات العلنية وغير العلنية لا يمكن أن نجد سندا على أنه لا يبدي التزاما بالاتفاق وبمسيرة السلام مع اسرائيل. بعد وقت قصير من ذلك اتفقت م.ت.ف وحماس على توزيع العمل فيما بينهما – وفي البلاد تفجرت الباصات.
الصورة التي ترتسم امام ناظرينا واضحة. لا يمكن لاي حكومة في اسرائيل أن توقع على معاهدة سلام مع قيادة م.ت.ف، مع أو بدون شركائها في حماس. هذه نقطة المنطلق الوحيدة للسياسة الواقعية من اسرائيل واصدقائها.
هآرتس / وهم معسكر السلام
هآرتس – بقلم غادي طؤوب – 20/10/2017
وهم معسكر السلام الاسرائيلي، كيفما أدرناه، يفترض كأمر مسلم به ان حركة فتح بشكل عام ومحمود عباس بشكل خاص يتطلعان الى انهاء ما نسميه “الاحتلال” (اي الحكم العسكري الاسرائيلي على عرب الضفة). على هذا الاساس تدار باقي الحسابات. ولكن لعله ينبغي فحص هذه الفرضية بين الحين والاخر، لان الفلسطينيين يرفضون كل عرض واقعي لانهاء الاحتلال بل ولا يعرضون اي عرض واقعي من جانبهم (بالطبع باستثناء مطالبتهم بان تنتحر اسرائيل احتفاليا من خلال الاعتراف بما يسمونه “حق العودة”).
يمكن الافتراض، كما هو دارج في اليمين الاسرائيلي، بان الحديث يدور عن تعطش غير عقلاني للدم، عن كراهية عمياء وعن ثقافة تقدس الواقع. ما كنت لاستبعد هذه الفرضية، التي يوجد لها، كما يخيل لي، اساس معين في الحقائق. ولكن يجدر النظر الى ما هو ابعد من ذلك ايضا، الى المصالح الباردة، التي يمكن منها ايضا ان نتعرف على شيء ما عن الاحتمال في ان يؤدي نظام عباس الى انهاء النزاع.
أولا، اذا كان معسكر الوسط واليسار محقا في زعمه بان دولة واحدة بين النهر والبحر معناها غرق الصهيونية في ثنائية القومية، فلماذا يحتاج عباس لان يتطوع لانقاذ الصهيونية؟ وبالفعل، من لا يصر على الاستناد الى حفنة هزيلة من الاقتباسات الانتقائية (“عباس قال انه لن يعود الى صفد”)، يمكن أن يأخذ الانطباع بان الفلسطينيين لم يتنازلوا عن حلمهم في القضاء على الصهيونية، بل فقط استبدلوا الاسلحة التي بواسطتها يحلمون في عمل ذلك. ليس آخرة عسكرية مفاجئة، بل موجة ديمغرافية متصاعدة ببطء. ونجاعة السلاح الديمغرافي منوط بالطبع بمنع تقسيم البلاد. وبالتالي، اذا انتهى الاحتلال فسيتعطل هذا السلاح.
ثانيا، واضح تماما ان زعيما فلسطينيا يتنازل عن حق العودة، والذي هو حجر الاساس في الهوية الوطنية الفلسطينية، سيعتبر كافرا بالمبدأ. يحتمل أن تكون سمعة ياسر عرفات كانت تتيح له توجيه السفينة الثقيلة للفكرة الوطنية الفلسطينية الى مسار آخر، ولكن سمعة عباس اصغر بكثير. يخيل ان مثل هذا التنازل سيحدده الى الابد كخائن، وكابن موت.
ثالثا، الدكتاتورية المتهالكة للسلطة الفلسطينية تستند الى حراب الجيش الاسرائيلي. صحيح انه يوجد احيانا (الان مثلا) كل انواع التحالفات الانية مع حماس، ولكن هذه تنبع من صدف مؤقتة. عباس لا بد سيجد صعوبة في أن ينسى ما حصل لرجال فتح في غزة في 2006، حين شعرت حماس بانها قوية بما يكفي. واضح له بالتالي بان الضمان المستقر الوحيد الذي يوجد له ضد القاء رجاله من المباني مع عصمة على العيون، هو الاحتلال الاسرائيلي. اذا خرجت اسرائيل من الضفة، فمن شبه المؤكد انه لن يمر وقت طويل الى أن تسقط حماس السلطة الفاسدة، ومعقول ذلك بذات الطريق البربرية التي استخدمتها في غزة.
رابعا، البقاء المادي للدكتاتورية الفتحاوية لا يقوم على اساس التنمية الاقتصادية، التي اهملتها بثبات (باستثناء الفترة القصيرة لولاية سلام فياض كرئيس للوزراء). فهو مبني على الصدقات التي تأتي الى السلطة، استنادا الى استمرار ابقاء الفلسطينيين في مكانة ضحايا الاحتلال. وتيار المال هذا سيخف على ما يبدو اذا ما اضطرت السلطة الى استبدال الاحتلال بالاستقلال وادعاء الضحية بالمسؤولية.
كي تواصل أوهام معسكر اليسار بث الامل في الاتفاق عليه بالتالي ان يفترض أولا بان عباس سيتطوع لانقاذ الصهيونية؛ وثانيا ان يوافق على أن يسجل كخائن في كتب التاريخ لشعبه؛ وثالثا ان يتنازل عن حقوق فتح ويقدم رقبته الشخصية للذبح؛ ورابعا ان يتنازل عن مكانة الضحية للفلسطينيين؛ وخامسا ان ينشر في ذات المناسبة الفرع الاقتصادي الذي أجلس شعبه عليه.
يبدو لي أنه كثير جدا ان نطالب حتى زعيم كبير بذلك، فما بالك من دكتاتور باهت.
اسرائيل اليوم / بانتظار تفكير جديد
اسرائيل اليوم – بقلم درور ايدار- 20/10/2017
العاصفة التي ثارت في اعقاب تصريحات رئيس حزب العمل الجديد آفي غباي، أنه في اتفاق السلام ايضا ليس من الضروري اخلاء مستوطنات، حدثت في الاساس في النواة الصلبة لليسار الاسرائيلي، حيث ما زالوا يتمسكون بالقواعد الاساسية لمقولة “الارض مقابل السلام”. من هناك ايضا خرج احتجاج ضد المبدأ البسيط للكابنت، الذي يقول إننا لن نتحدث مع حماس لأنها منظمة ارهابية تدعو الى القضاء على اسرائيل وقتل اليهود.
اليسار يصاب بالنسيان بين الحين والآخر، ويقتنع بأننا ما زلنا في السبعينيات والثمانينيات قبل التجارب الكبيرة لاوسلو وكامب ديفيد والانفصال عن غزة. لقد حاولنا وجربنا. هل أنتم حقا تريدون اقامة “ممر آمن” بين قطاع غزة ومناطق السلطة الفلسطينية في يهودا والسامرة يقسم جنوب البلاد الى قسمين؟ هل هذا ما تعلمتموه من تجارب المئة سنة الاخيرة بخصوص تصرفات جيراننا؟ القواعد الاساسية للمخطط القديم تقضي أن “الاحتلال” يوجد فقط في جزء البلاد الذي احتلته اسرائيل في 1967. لقد كتبت في الاسبوع الماضي أن اليهود يتجادلون فيما بينهم، في حين أن العرب يصرخون بأمور اخرى، عبثا. اجل، اليسار الاسرائيلي مطلوب منه احضار زعيم عربي يعلن على رؤوس الاشهاد بأن الصراع مع اليهود يتركز في احتلال 1967.
يمكن توفير الوقت. لا يوجد زعيم كهذا، الخطأ القديم من ناحية العرب حدث عند اقامة دولة اسرائيل. الصراع بدأ على الاغلب منذ العام 1948؛ وهناك من يعيده الى العام 1917 عند اصدار تصريح بلفور؛ وهناك من يعيده الى بداية الهجرة الاولى في بداية ثمانينيات القرن التاسع عشر. على خلفية ذلك فان الصراع بيننا وبين العرب في هذه المنطقة ليس صراعا على الارض، بل هو يعود الى حق الشعب اليهودي في دولة قومية في هذه البلاد.
تعالوا نتخيل أننا نسينا تجارب العقود الاخيرة ووقعنا على اتفاق سلام يقسم البلاد وينشيء دولة فلسطينية في جبال يهودا والسامرة. هل دعوى الاحتلال ستنتهي؟ ما الامر.
عند الاعلان عن اقامة الدولة الفلسطينية ستوجه كل مدافع منظمات اليسار العالمي وحقوق الانسان، بما في ذلك جزء كبير من اليسار الاسرائيلي، نحو دولة اسرائيل. الدعوى ستبقى نفس الدعوى. المواطنون العرب في اسرائيل الذين هم أقلية كبيرة جدا في الدولة، وهم “السكان الاصليين”، لم يسألهم أحد اذا كانوا يوافقون على الاطار السياسي الذي يسمى اسرائيل، ببساطة، تم اجبارهم. وماذا اذا سمحوا لهم بالتصويت للكنيست؟ انهم لن يوافقوا في أي يوم على أن يكون علم الدولة هو علمهم ونشيدها هو نشيدهم. منظمات حقوق اليسار ستتهم اسرائيل بالفصل العنصري بسبب قانون العودة الذي يسمح فقط لليهود بالعودة الى البلاد والحصول على المواطنة، وأنها تقيم فعليا نظام احتلال على خُمس مواطنيها.
أعود وأوجه القراء الى وثيقة “الرؤيا المستقبلية للعرب الفلسطينيين في اسرائيل”. هذه هي الخطة الاستراتيجية لـ “لجنة المتابعة العليا لعرب اسرائيل”، التي بناء عليها يعمل تقريبا كل اعضاء الكنيست في القائمة العربية المشتركة، والزعماء والمفكرون في اوساط الجمهور العربي. من بداية الوثيقة يمكننا فهم التوجه الذي يريدون السير فيه.
“نحن العرب الفلسطينيون الذين نعيش في اسرائيل، مواليد البلاد ومواطنو الدولة، جزء من الشعب الفلسطيني والأمة العربية. حرب 1948 أدت الى اقامة دولة اسرائيل على 78 في المئة من ارض فلسطين التاريخية. نحن الذين بقينا في وطننا وجدنا أنفسنا داخل حدود الدولة اليهودية، مقطوعين عن باقي ابناء شعبنا الفلسطيني والعالم العربي، اضطررنا للحصول على الجنسية الاسرائيلية وتحولنا الى اقلية في وطننا التاريخي. ان تعريف الدولة على أنها دولة يهودية، واستغلال الديمقراطية لخدمة تهويدها، تبعدنا عن صفوفها وتضعنا في مواجهة مع طبيعة وجوهر الدولة التي نعيش فيها”.
لا يوجد أي تطرق لصلة الشعب اليهودي بهذه البلاد التي يبدأ تاريخها مع فلسطين (بعد ذلك يوجد وصف لانشاء الدولة كمؤامرة كولونيالية قامت بها “النخب الصهيونية في اوروبا وفي الغرب بمساعدة دول كولونيالية”). الدولة اليهودية يتم تقديمها كعمل عنيف اجبر العرب المساكين على “الحصول على الجنسية الاسرائيلية”. يبدو أن اساس الوثيقة يأتي في نهاية الاقتباس: عرب اسرائيل يوجدون في “مواجهة مع طابع وجوهر الدولة”، بسبب تعريفها كدولة يهودية.
إن حقيقة وجود حق للمواطنين العرب في التصويت للكنيست لا تغير رأيهم. هم “يضطرون” للتصويت للكنيست ويعبرون عن رغبتهم في نزع التعريف اليهودي عن الدولة، وفصلها عن الشعب اليهودي في الشتات. باختصار، ارجاع العجلة الى عشية انشاء الصهيونية. العرب الذين يعيشون في هذا الفضاء، سواء في قطاع غزة أو السامرة أو الناصرة أو أم الفحم، غير معنيين بالمساواة من النوع الذي يعتقد اليسار أنه كافٍ. أي “حقوق متساوية في التصويت للكنيست”. المساواة المطلوبة حسب رأيهم هي الغاء تعريف اسرائيل كدولة يهودية. في هذا الاسبوع كتب اوري افنيري مقال يهديء النفوس تحت عنوان “يجب عدم الخوف من حق العودة”. وحسب معرفتي بالاحداث التي حدثت في السبعين سنة الاخيرة في اليسار الاسرائيلي، يمكن الافتراض أن هذا سيأتي. ليس فقط التسليم بحق العودة، بل التسليم بالغاء تعريف اسرائيل كدولة يهودية. دائما يتم ايجاد شيء يمكن أن يعلق عليه غياب السلام واتهام اليهود بذلك.
في الاسبوع الماضي تذكرت اقوال حنين الزعبي، أن ما دفع للنهضة القومية لعرب اسرائيل كان اتفاق اوسلو، والتفكير بأن حل الدولة الفلسطينية أبقاهم فعليا أسرى داخل الدولة اليهودية. اضافة الى ذلك، قواعد العقيدة القديمة لـ “الارض مقابل السلام” وسعي اليهود الدائم لأي تسوية “بأي ثمن”، بينت للعرب ضعفنا، واختفاء خطاب حقنا في هذه البلاد، سوية مع زيادة الاتهام الذاتي بـ “جرائم الصهيونية”، وأدت بهم الى الطلب الاساسي وهو الاعتراف بهم كأقلية قومية لها حق الحكم الذاتي، والذي يعمل على تحويل اسرائيل الى اطار سياسي فارغ. هذا سبب آخر لمعارضتنا بكل قوة اقامة دولة فلسطينية بين البحر والنهر.
نتان الترمان شخص عمليا تآكل الوعي بعد حرب الايام الستة: “منذ اللحظة التي سنعترف فيها بقيام الوهم القومي الفلسطيني، ستصبح كل الصهيونية موضوع سلب وطن من شعب قائم. وعندما نقوم الآن بالمساعدة على تجذر هذا الوعي في العالم وفي وعينا الداخلي، فاننا نضعضع الاساس التاريخي والانساني للصهيونية، ونضعها على حرابنا فقط”.
إن هذه النظرية التي حذر منها الترمان قادتنا الى شفا الهاوية، ويجب علينا الحذر منها ومن المتحدثين باسمها. هذا هو الشرط لنهوض تفكير جديد.
اسرائيل اليوم / عمل غير مفضل
اسرائيل اليوم – بقلم ماتي توخفيلد – 20/10/2017
للمرة الاولى منذ انتخاب نتنياهو لرئاسة الحكومة في 2009، يبدو أنه في معسكر اليسار بدأ العد التنازلي. فبعد ثماني سنوات من محاولة تسويق الاختيار بين “يأس نتنياهو” و”أملهم”، وسحروا بنظرية أكل لحوم البشر التي تقول إن على الحزب الكبير في الكتلة أن يكون هكذا بكل ثمن، ايضا على حساب شركاء محتملين من نفس المعسكر، جاء هذا الاسبوع آفي غياب وعمل المطلوب: ترك المنافسة التي لا أمل منها داخل اليسار وخرج للبحث عن اهداف جديدة من اجل أن يحتلها.
هذا الامر ليس سهلا. في السنوات الاخيرة سيطرت على الجناح اليساري تيارات راديكالية لا تمكن مرشح المعسكر، الاحرى من يترأسه، من الانحراف يمينا أو يسارا عن الطريق التآمري المشبع بالكراهية المفروضة عليه من الأعلى.
إن كل من يحاول الانحراف عن الطريق، فقط لاعتبارات تكتيكية وانتخابية، سيجد نفسه بسرعة وقد اجتث من اعمدة التحليل في “هآرتس” ومن الشبكات الاجتماعية الممولة من صناديق تؤيد العرب ومن قبل صحافيين كبار عزيز على قلوبهم مصير هذا المعسكر بشكل خاص.
من طريق ايديولوجي منظم ارتكز في الاساس على الاحلام، التي لها علاقة ما بواقع سياسي وأمني، تحول معسكر اليسار مع مرور الوقت الى جسم يشبه الطائفة.
ليس فقط بسبب فقدان العلاقة مع العالم الحقيقي، عندما يتمسك المتشددون بنهجهم من خلال رؤيا ايمانية، تقريبا دينية، والتي تتحطم المرة تلو الاخرى على ارض الواقع، ولكن في الاساس سبب النظام التراتبي الذي تملك المعسكر، مثل الترتيب العسكري لمليشيا عنيفة وفاسدة تفضل بين الفينة والاخرى تصفية خصومها، وتوجيه السلاح الى داخل البيت وتصفية رؤسائها.
إن تصحيح الخط يجب أن يكون كاملا. في المعسكر الليبرالي لا يوجد مكان لاستقلال التفكير، وإلا سيتم التشهير بك ويتم طردك من المعسكر. اسألوا يئير لبيد. لاعتبارات سياسية صحيحة اختار لبيد التصرف الرسمي، الذي أدى الى وصول نتنياهو الى الحكم: مهاجمة الحكومة فقط عند الحاجة، ادانتها عندما يكون ذلك مطلوبا، ترك الخطاب المليء بالكراهية، احتقار التقاليد اليهودية والقيم المحافظة.
هذا كان كافيا لهم من اجل تحويل لبيد الى شخصية للاستهزاء وتصويره كشخص ليس له رأي. هكذا ايضا عملوا ببوجي هرتسوغ الذي تجرأ على اجراء المفاوضات مع نتنياهو حول الانضمام الى الحكومة. وقبله مع شيلي يحيموفيتش التي اخفت موقفها اليساري بعد انتخابها لرئاسة حزب العمل.
الآن جاء دور آفي غباي. بعد أن تم حمله على الاكتاف كمخص المعسكر، وبعد أن فرضت عليه من قبل رؤساء المليشيا الليبرالية المشاركة في المظاهرة امام منزل المستشار القانوني للحكومة، تقريبا خلافا لارادته، قرر غباي في هذا الاسبوع شق طريق مستقل، أن يغمر لليمين وأن يمجد المستوطنات. وهذا لم يعجبهم.
الامر يتعلق بعمل لا يتم عمله حتى في خيالهم، حيث أن طريقة ابتلاع كل اليسار من قبل حزب واحد، فشلت ثلاث مرات – هذا لا يعنيهم. إن كراهيتهم لنتنياهو هي فقط تقويه وتعزز صورة المضطهد – هذا لا يجعلهم يغيرون القرص. هذا هو الاسلوب ولا يوجد غيره. والويل لمن لا يخضع.
إن تغيير الخط الذي اختاره غباي لا يضمن النجاح، ويبدو أن امكانية نجاح حزب العمل في الانتخابات ما زالت بعيدة. حيث أنهم في الليكود سيعملون كل ما في استطاعتهم لعرض غباي كيساري يلبس قناع مثل لبيد. لأنه خلافا لما يعتقدونه حقا في اليسار، فان الجمهور لا يصوت لنتنياهو فقط بسبب نتنياهو، بل لأنه يعتقد أن طريقهم خطيرة ومليئة بالكوارث.
غباي فهم في هذا الاسبوع ما ترفض الاغلبية في معسكره أن تفهمه، أنه في نظر جمهور واسع جدا، السيجار والهدايا ومنافع اخرى، لا تساوي شيئا مقارنة بالانسحابات والصواريخ التي سيسببها الطرف الثاني. ولكن غباي على الاقل تخلى عن الطريق التي فشلت.
لقد مرت ثماني سنوات منذ النصيحة التي قدمها حاييم رامون لتسيبي لفني، وهي عدم الانضمام لحكومة نتنياهو. لأنه “خلال نصف سنة سيسقط”. في هذا الاسبوع جاء رامون مرة اخرى وعبر موجات الاثير مع تسيبي لفني لتفسير لماذا غباي مخطيء.
تركت البوتيك
في حزب مثل ميرتس، لا يوجد الكثير من الاحتمالات لاحتلال العناوين وخلق الاهتمام بالاجندة اليومية للجمهور. لهذا كان مطلوبا من رئيسة الحزب، زهافا غلئون، القيام بخطوة دراماتيكية مثل الاستقالة من الكنيست.
غلئون تعتقد أنه في هذا الوقت، وصل حزب ميرتس الى نقطة الحسم، أن يكون أو لا يكون. أي “أكل لحوم البشر” لليسار هو الذي يمنع نمو ميرتس، حيث أنه مرة تلو اخرى ينجح الحزب الكبير في الكتلة في أخذ مقاعد على حساب ميرتس. لهذا فان غلئون لا تستوعب أنه ما زال في حزبها من يمنعون اجراء الانتخابات التمهيدية. استقالتها من الكنيست كانت الخطوة الاولى فقط، في الطريق الى اعتزالها من السياسة بشكل كامل.
القدس لن تقسم أبداً
قرر الكابنت في هذا الاسبوع عدم اجراء المفاوضات السياسية مع نظام يضم منظمة ارهابية، وذلك في اعقاب اتفاق المصالحة بين فتح وحماس. ولكن الآن بالتحديد، هناك في الليكود من يعملون على ضم قرى عربية في حدود العاصمة ونقلها الى سيطرة عربية مدنية. وحسب اقوال المبادرة لهذه الخطوة، د. عنات باركو، فان الخطة التي نشرتها تحظى بتأييد الليكود. ولكن في هذه المرحلة يخشى اصدقاءها من الحديث بشكل صريح عن تأييدهم للخطة التي تضم بنود لتقسيم القدس.
“كثيرون في الليكود يعتقدون أن قرى مثل جبل المكبر وصور باهر وشعفاط وقرى اخرى محيطة بالقدس، مع سكانها، لم تكن في أي يوم قبلة لصلاة اليهود نحو القدس”، قالت باركو.
حسب اقوال باركو “لا يوجد يهودي له عقل، لا يقوم بانتقاد الحياة اليومية في هذه القرى. هذه المناطق كانت جزء من ارض اسرائيل التوراتية، لكنها لم تكن في أي يوم جزء من القدس. “ضفتين لنهر الاردن، ضفة لنا والاخرى لنا”، هذه مقولة أبدية، لكن الواضع يصفعنا على وجوهنا، لهذا يجب العمل من اجل أمن الدولة، ووفقا للحاجة”.
إن المطلع على الحقائق يدرك أن القرى المحيطة بالقدس تشكل عبئا امنيا وسياسيا واقتصاديا وديمغرافيا. إن مساعدة سكان هذه القرى للارهاب واضحة. والكثيرون منهم يتهربون من دفع الضرائب ويقومون بالبناء بلا ترخيص. من الجهة اخرى، تكلفة الحفاظ عليهم من حيث ما يدفع لهم من التأمين الوطني والتأمين الصحي والبنى التحتية ومصروفات اخرى، هي عبء كبير على الاقتصاد.
وحسب اقوال باركو “القدس لن تقسم أبدا، ليس البلدة القديمة وليس الحوض المقدس. الاحياء اليهودية المحيطة بها ستستمر في كونها جزء من القدس، الممر الى معاليه ادوميم “إي 1″ سيقام، وكل هذه ستبقى تحت سيادة اسرائيل كجزء من عاصمتها الموحدة. التخلي عن القرى المحيطة ليست تنازلا للعرب، بل عقابا بالنسبة لهم. سيضطرون لتحمل مسؤولية توفير مصدر الرزق وادارة شؤونهم”.
المصدر / الإسرائيليون والعرب يتنازعون .. والعالم يتفرج
المصدر – 20/10/2017
من انتصر خلال اجتماع الاتحاد البرلماني الدولي؟ رئيس مجلس الأمة الكويتي أم عضوة الكنيست الإسرائيلية؟ كل جانب يقول إن ظهوره كان الأقوى .
في الأيام الأخيرة، لقي خطاب الممثل الكويتي، مرزوق الغانم، في الاتحاد البرلماني الدولي (IPU)، الذي كان لاذعا ضد الوفد الإسرائيلي، وطلب في نهايته من أعضاء الوفد مغادرة القاعة واصفهم بـ “قتلة الأطفال”، رواجا كبيرا على موقعي التواصل تويتر وفيس بوك.
وقد رحبت الشبكات العربية بمقطع الفيديو الذي نشره مجلس الأمة الكويتي، وأشاد كثيرون بالممثل الكويتي، وكتبوا إنه مثالا على “المقاومة” الدبلوماسية.
بموازاة ذلك، نشرت عضوة الكنيست الإسرائيلية، شيران هسكل، مقطع فيديو من اللقاء تظهر فيه وهي تلقي خطابا قويا أيضا (“لن ينجح أحد في إسكاتي”)، تهاجم فيه الدول العربيّة لأنها توعظ لإسرائيل حول الديمقراطية وحقوق الإنسان، بدلا من أن تركّز على وضعها الداخلي.
وقد حظي مقطع الفيديو أيضا بانتشار واسع في الشبكات الإسرائيلية. بالمناسبة، يدعي أعضاء الكنيست الإسرائيليين الذين شاركوا في اللقاء أن مقطع الفيديو الكويتي تمّ تحريره ومعالجته عمدا وأن أعضاء الوفد الإسرائيلي قد خرجوا من القاعة في وقت لاحق، بعد أن أغلق المنظمون مكبّر الصوت الذي استخدمته هسكل.
أيا كان، من الواضح أن الإسرائيليين والعرب على حد سواء لا يحاولون إقناع الآخرين، بل هم يستغلون المنصة الدولية فقط لإقناع جمهورهم الداخلي أنهم يناضلون بقوة ضد الجانب الآخر، في حين يهتم القلائل جدا في الشرق الأوسط بمجريات الحدث.
هآرتس / مطاردة الرسول
هآرتس – بقلم أسرة التحرير – 20/10/2017
في الاسبوع القادم سيوضع على طاولة الكنيست مشروعان هدفهما اسكات معارضي الاحتلال. الاول: تشكيل لجنة تحقيق برلمانية لفحص التمويل الذي تحوله دول اجنبية الى جمعيات تعمل “ضد جنود الجيش الاسرائيلي”. والثاني: الاضافة الى قانون الجمعيات الجديد الذي يعمل الائتلاف عليه مادة تقضي بان الدولة مخولة باغلاق جمعيات تعمل – على حد قول الوزير يريف لفين – “على تقديم جنود الجيش الاسرائيلي الى المحكمة الدولية”.
هذان المشروعان، الموجهان ضد منظمات اليسار بشكل عام وضد “نحطم الصمت” تحديدا، هما محطة اخرى لحملة التحريض التي يخوضها بنيامين نتنياهو وحكومته، في محاولة لتصوير اليسار كعدو داخلي خطير. لم يخجل نتنياهو من تبرير تشكيل اللجنة البرلمانية بواسطة مقارنة حقيرة بلجنة الكونغرس الامريكي التي تحقق بتدخل روسيا بالانتخابات للرئاسة.
وقضى المستشار القانوني للكنيست، المحامي ايال يانون بان “ليس للكنيست صلاحية لتشكيل لجنة تحقيق في الموضوع المطروح، او اي لجنة تحقيق موضوعها تحقيق ايديولوجي لهيئات المجتمع المدني في اسرائيل من اليمين أو من اليسار”. ولكن الائتلاف التعسفي يبحث عن تلاعبات قانونية تسمح بتغليف المبادرات بغطاء مبدئي سيقف امام الاختبار في محكمة العدل العليا وبالتوازي لا يمس الا بمنظمات اليسار. اما المنفذ لهذه المطاردة السياسية فهو لفين، الذي حدد مبدأ يقول ان “مَن مِن شأن نشاطه ان يؤدي الى تقديم جنود الجيش الاسرائيلي الى المحاكمة الدولية أو الى افعال مشابهة، فان نشاطه سيكون محظورا”. وكم هي مفارقة أن من تستوفي هذا المعيار ليست سوى دولة اسرائيل التي باصرارها على مواصلة الاحتلال من شأنها ان تؤدي الى تقديم الجنود الى المحكمة الدولية.
هذه محاولة مكشوفة وعديمة الجدوى “لقتل الرسول”: بدلا من التصدي لخروقات حقوق الانسان وقوانين الحرب في المناطق، تبحث الكنيست في منظمات اليسار وفي مسألة اذا كان من الشرعي ان تعمل في خارج البلاد ايضا؛ بدلا من الانشغال بمظالم الاحتلال، تنشغل الكنيست في مسألة تمويل الدول الاجنبية. وهكذا تضيف الكنيست والحكومة خطيئة الى الجريمة، وتسجلان فصلا معيبا آخر في تاريخ الدولة وفي سجل قوانينها.