ترجمات عبرية

اهم الاخبار والمقالات والتقارير من الصحافة الاسرائيلية ليوم16– 4 – 2017

يديعوت / في أيديهما – اضطراب عالمي جديد
يديعوت – بقلم تسيبي شميلوفيتس – 16/4/2017
الاستعراض العسكري الذي اجري في شوارع بيونغ يانغ بمناسبة “يوم الشمس”، الذي يحيي يوم الميلاد الـ 105 لـ “كين ايل سانغ، مؤسس الدولة وجد الدكتاتور الحالي كين يونغ أون، نال تغطية عالية في كل العالم. ويبدو ان هذا لم يكن مصادفا. فبمناسبة التوتر المتزايد في شبه الجزيرة الكورية، وجملة التهديدات المتبادلة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية يخيل أن استعراض القوة يأتي أساسا لان يكون رسالة للامريكيين.
“اذا نفذت الولايات المتحدة استفزازا، فان قوات الثورة لدينا سترد فورا بضربة إبادة، وسنرد على الحرب الشاملة بحرب شاملة مع السلاح النووي الذي لدينا”، قال تشو ريونغ ها، المسؤول الكبير في جيش كوريا الشمالية.
ومن أجل اسناد تهديداتهم، عرضوا في المسيرة بضعة أنواع من الصواريخ الباليستية التي بدا واحد منها على الاقل كصاروخ عابر للقارات وقادر على ضرب اهداف خلف البحر. وتدعي كوريا الشمالية منذ وقت طويل بان وسعها الوصول الى الشاطيء الغربي للولايات المتحدة مع رأس متفجر نووي، ولكنها لم تطلق ابدا بنجاح صاروخا قادرا على اجتياز المحيط الهاديء. ومع أنهم في البنتاغون قدروا بان ليس لدى النظام بعد مثل هذا الصاروخ – الا انهم يقدرون بانه قريب.
التوتر مع كوريا الشمالية، والذي نشب في أعقاب نية الطاغية كيم يونغ اون تنفيذ تجربة نووية اخرى، تصاعد في الاسبوعين الاخيرين: بعد أن اطلقت الولايات المتحدة ردا على ذلك حاملة طائرات الى المنطقة، والقت يوم الجمعة في افغانستان بالذات قنبلة تسمى “ام كل القنابل”. ومع ان الهدف كان داعش، الا ان الاستخدام غير المسبوق للقنبلة الاشد في الترسانة الامريكية قبل السلاح النووي، يعتبر اشارة واضحة الى بيونغ يانغ. وعلم أمس ان القنبلة قتلت ما لا يقل عن 94 من رجال داعش.
وفي توقيت غير مصادف، انكشفت أمس صور عن تجربة اجراها مؤخرا سلاح الجو الامريكي في نفادا، القت فيها طائرة اف 16 قنبلة يفترض أن تكون مشابهة لقنبلة نووية جديدة من نوع B61-12، التي تسمى “قنبلة غريفيشن”. وسجل يوم الجمعة ارتفاع جديد في الدرجة، بعد أن افادة شبكة “ان.بي.سي” بان الرئيس ترامب يفكر “بضربة مانعة” ضد كوريا الشمالية. ومع أنهم في البنتاغون سارعوا بعد بضع ساعات الى نفي النبأ ووصفوه بانه “خطير وغير مسؤول”، الا ان الضرر كان قد لحق. وغرد الرئيس يقول: “كوريا الشمالية تبحث عن المشاكل، واذا كان الصينيون يريدون المساعدة فهذا رائع، واذا لم يكونوا يريدنه، سنعالج هذا الامر بأنفسنا. يو.أس.ايه؟”. وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، في محاولة لبث ضبط للنفس والظهور بمظهر الراشد المسؤول: “هناك احساس بان مواجهة قد تنشب في كل لحظة”. واضاف: “انهم يتبادلون التهديدات ويشحذون السيوف وسحب العاصفة تتجمع. اذا نشبت حرب، فانهم سيدفعون الثمن”.
وقالت مصادر في الادارة الامريكية ان مستشاري ترامب فكروا بسلسلة من الخيارات، بما فيها العسكرية، بل ومحاولات اسقاط كين يونغ اون، ولكنهم في نهاية المطاف قرروا على ما يبدو استمرار سياسة اوباما: ممارسة الضغط على كوريا الشمالية بمساعدة الصين. وانطلق نائب الرئيس بينس الى سيئول لتهدئة الخواطر.
وعلى حد تعبير تل عنبر، رئيس معهد بحوث الفضاء في معهد “فيشر” والخبير في شؤون كوريا الشمالية، فان بعض الصواريخ التي عرضت في المسيرة – اذا ما وعندما تتحقق قدرة نووية – من شأنها ان تغير ميزان القوى وتوفر لبيونغ يانغ حصانة من هجوم امريكي”، الامر الذي من شأنه أن يثير اهتمام الايرانيين. “هذا الدرس – للحصانة من الهجوم بسبب خليط من السلاح النووي والصواريخ المتطورة بعيدة المدى – يفهمه جيدا الناطقون بالفارسية ايضا، ممن شاهدوا المسيرة”، قال: “المخططون العسكريون في ايران، يتابعون باهتمام شديد التطورات في بيونغ يانغ. ويجري بين الدولتين اتصال بعيد السنين في مواضيع تطوير الصواريخ. اذا حققت ايران قدرة صاروخية هجومية بعيدة المدى، يمكنها أن تهدد الولايات المتحدة، وربما في المستقبل تزويدها برؤوس متفجرة نووية – فسيجتاز الشرق الاوسط تغييرا حقيقيا”.
هآرتس / بين دولة التنويلند ودولة إسرائيل
هآرتس – بقلم ديمتري تشومسكي – 16/4/2017
يعتقد البروفيسور شلومو أفينري بأنه يتضح من “التنويلند” – الرواية الخيالية ذات الرسالة السياسية التي نشرها ثيودور هرتسل في العام 1902، ان بلاد اسرائيل التي تخيلها هرتسل ليست مجرد “محافظة اخرى في الامبراطورية العثمانية” (“هآرتس” 10/4). ولكن مراجعة دقيقة للكتاب الذي بسط فيه مؤسس الصهيونية السياسية رؤياه عن صورة بلاد اسرائيل بعد تحقيق تقرير المصير اليهودي فيها، تبين أن العكس هو الصحيح.
في ثلاثة مواقع على الاقل في الرواية، يتبين بشكل واضح جدا بان تعريف “التنويلند” كجزء من حكم ذاتي في الامبراطوية العثمانية، يتطابق بالتأكيد مع الفكر الهرتسلي بالنسبة للمستقبل السياسي لبلاد إسرائيل. في احد المواقع، الذي يروي فيه المؤسس و “المدير العام” لـ “التنويلند” يوسف (جو) ليفي، قصة إقامة وتثبيت الاستيطان الصهيوني واسع النطاق في البلاد يشير فيقول: “تلقينا الحق بادارة المناطق المخصصة للاستيطان، ولكن سيادة جلالة السلطان التركي باقي فيها”.
بعد أن يكون الامتياز للاستيطان قد اخذ من الامبراطورية العثمانية، وكانت الهجرة وبناء البلاد في ذروتهما، يروي جو ليفي اياه بانه استدعي الى القشطة كي “يستوضح على عجل موضوعا هاما مع الحكومة التركية”. يشير مثل هذا القول بوضوح الى أن تلك “السيادة لجلالة السلطان” على اراضي “التنويلند” التي ذكرت من قبل، ليست رسمية صرفة، بل حقيقية.
ولعل الدليل الاوضح على الوجود الملموس للدولة العثمانية في حياة قسم من سكان بلاد اسرائيل الخيالية توفره الشخصية العربية لدى هرتسل الا وهو البطل المسلم في الرواية، رشيد بيك. رشيد، مهندس عربي من مواليد الجليل، يتحدث التركية كلغته اليومية الاساسية، مثلما يمكن أن نتعرف على ذلك من دافيد ليتبك – صديقه اليهودي الصهيوني ومن المناسبات المركزية في حياة الجمهور في الكتاب – يتوجه اليه بالتركية عند ظهور رشيد الاول على صفحات الرواية.
مما يعني انه في نظر هرتسل، فان المستقبل الثقافي لابناء البلاد العرب – وبالتأكيد المثقفين منهم، مثل رشيد بيك – كان ينطوي على مسيرة أتركة. وهذا بالمناسب يشبه رؤيا المثقفين والموظفين الاكثر تنورا في تركيا العثمانية اللاحقة في عهد هرتسل، والتي مثلما تفيد آخر البحوث في هذا الموضوع، رأوا في الانخراط في الثقافة واللغة التركية السبيل الافضل بالنسبة للجماعات العرقية الاسلامية غير التركية في الشرق الاوسط العثماني.
ومع أن هرتسل لا يصف بالتفصيل صلة الدولة اليهودية الخيالية بتركيا العثمانية، ولكن من شبه المؤكد انه هكذا تصرف لان هذا كان من ناحيته أمرا مسلما به لدرجة انه غني عن البيان البحث فيه. فقد كان واثقا من أن تنفيذ تقرير المصير القومي لليهود سيتم في إطار سياسي أعلى لامبراطورية قائمة، هي الامبراطوية التركية.
في هذا الشأن، لم يكن هرتسل مختلفا عن كثير من زعماء الحركات القومية للشعوب غير اليهودية التي كانت تابعة للامبراطوريا الاكبر في نهاية القرن التاسع عشر. وبخاصة اولئك الشعوب التي في جوارهم الفوري وفي محيطهم السياسي القريب في وطنه النمساوي الهنغاري، بل مواقفه القومية الصهيونية. الشيكيون، الكروات، البولنديون، الاوكرانيون، الغليتشيون، الرومانيون، الالبان والسلاف – فهم ايضا تطلعوا، احيانا حتى المراحل المتأخرة من اندلاع الحرب العالمية الاولى، الى حكم ذاتي قومي اقليمي في داخل الكيان الامبراطوري النمساوي الهنغاري، الذي كانت اوطانهم القومية خاضعة لسيطرته.
هذه التطلعات المتواضعة لما يسمى في العلوم السياسية الراهنة “تقرير مصير دون دولة” لم تنبع من تخوف ما من اغضاب الامبراطورية والكشف عن الرغبة الحقيقية في دولة قومية منفصلة ومستقلة (فالامبراطوريات في ذاك الزمن على اي حال لم تنظر الى تلك التطلعات كالمتواضعة على الاطلاق). فهذه الشعوب قررت مسبقا تطلعات واهداف متواضعة، انطلاقا من القناعة بان الانحلال التام للامبراطورية القائمة لا يحسن بالضرورة للمصالح القومية الحيوية للجماعات القومية الصغيرة.
وفي نفس الوقت، فان فرضية هرتسل في “التنويلند” بان بلاد اسرائيل المستقبلية ستبقى تابعة للسيادة العثمانية لم تأتي لارضاء السلطان التركي. فمن الصعب ان نتخيل انه في روايته سعى الى تحقيق هذا الهدف وذلك لان وصف بلاد اسرائيل العثمانية في ذاك الزمن كان يمكنه أن يثير حفيظة السلطان فقط وليس العكس.
تفسير اكثر اقناعا يمكن اعطاؤه لاستمرار صلة “التنويلند” للامبراطورية العثمانية يكمن في حقيقة أساسية تتعلق بشخصية هرتسل التي تنشأ من يومياته أو من “دولة اليهود” و “التنويلند”: بينما كان ثوريا متطرفا في فهم التجربة الاجتماعية والسياسية المستقبلية للشعب اليهودي، بقي هرتسل – مثل كثيرين من بين زعماء الحركات القومية في عصره – محافظا جدا في كل ما يتعلق بالاطر والاشكال السياسية الامبريالية التي كانت قائمة في عهده.
“الجبناء والمترددون وحدهم يمكنهم ان يصدقوا الدمار التام للعالم”، يقول بصوت هرتسل، فريدرخ لفنبرغ، من أبطال “التنويلند” الاوائل في مناجاة انفعالية تشكل بمفاهيم عديدة احدى ذرى الرواية. وهو يضيف: “القديم غير ملزم بان يختفي دفعة واحدة كي يظهر الجديد”. وهذا المنطق للتداخل بين القديم والجديد كان ساري المفعول ايضا بالنسبة للوجود المتزامن – المرغوب فيه في نظر هرتسل – لـ “دولة” التنويلند والامبراطوية العثمانية. واضح أنه لا يمكن أن نستنتج من ذلك بان هرتسل كان سيحزن على انهيار الامبراطورية العثمانية، او ما كان ليسعد في ضوء تحقق تصريح بلفور واقامة دولة اسرائيل.
عشية الحرب العالمية الاولى، بل وفي قسم من أيام الحرب، كان دافيد بن غوريون من المؤيدين المتحمسين لرؤيا الحكم الذاتي اللوائي لبلاد اسرائيل في إطار “دولة القوميات” العثمانية المتساوية، التي لم تقم أبدا (زئيف جابوتنسكي ترك هذه الفكرة قبل بضع سنوات من ذلك). ولكن مع سقوط تركيا، غير بطبيعة الاحوال فكرته بالنسبة للشكل المرغوب فيه لتحقق تقرير المصير القومي اليهودي، وهكذا سيتم غير مرة في سياق حياته السياسية.
لم يطل عمل هرتسل كي يرى التحولات الكبرى التي وقعت في المجال الاوروبي – الاسيوي في اثناء القرن العشرين. ولهذا السبب من المفضل ان ندرس ونفهم الفكر دولة الدولة لهرتسل من خلال الربط التاريخي ابن الزمن. لا معنى لان يستخلص بشكل تعسفي فكرة الدولة القومية المتأخرة لعصرنا نحن حتى وان كان مثل هذا الاستنتاج يمكن أن يكون مريحا لنا اليوم لهذه الاسباب أو تلك.
يمكن أن نفهم من كل هذا أمرين هامين: اولا، كما يجدر بالظاهرة التاريخية السياسية الدينامية، لم تكن الصهيونية ابدا مستعبدة لفكرة واحدة ووحيدة من حيث شكل تقرير المصير القومي. فقد كيفت فكرها (في كل مرة من جديد) في هذا الشأن وفي مواضيع اخرى ايضا مع الخطاب والواقع السياسي – القومي في كل لحظة تاريخية معطاة. ومثلما قال بن غوريون في رده على ملاحظات مندوبي المؤتمر الصهيوني الـ 22 في كانون الاول 1946، “هكذا فقط” هو “فكر مناهض للصهيونية”.
ثانيا، واضح أن القيادات القومية المسيحانية لدولة اسرائيل اليوم، يركلون، لاول مرة في تاريخ الصهيونية، وبغرور اجرامي، ذاك المبدأ المتعلق بالصلة اليقظة والعميقة للواقع السياسي والدولي، والذي بفضل التمسك به حققت الصهيونية اهدافها السياسية. وبدلا من ذلك، فانهم يتمسكون بشكل دوغماتي ومتزمت بفكر جامد لتقرير المصير اليهودي، الذي يرفض الحقوق القومية للفلسطينيين ويتعارض جوهريا مع المبدأ الكوني لحق تقرير المصير القومي. وهكذا – وهنا محق البروفيسور أفينري – فانهم يعرضون للخطر بشكل جسيم الاساس الوجودي للمشروع الصهيوني.
المصدر / يندمجون في الميدان: حول وحدة المستعربين في الجيش الإسرائيلي
المصدر – عامر دكة – 17/4/2017
وحدة المستعربين تُنفذ عددًا لا يُحصى من العمليات الناجحة التي لا يمكن الحديث عنها، وكلّ ذلك دون إثارة شكوك: الخطف، الكشف عن المخرّبين والاغتيالات.
المستعربون هو وصف رجال قوات الأمن الإسرائيليين الذين يموّهون أنفسهم كأنّهم من العرب، من أجل الاندماج في المجتمع العربي النموذجي، ويكون ذلك عادة لأغراض أمنية معيّنة. هناك عدد من الوحدات من المستعربين في إسرائيل والتي تنتمي إلى أجهزة أمنية مختلفة. المعروفة من بينها هي وحدات المستعربين التي تنتمي إلى حرس الحدود وتلك المنتمية إلى وحدة “دوفدوفان” (الكرز – وحدة معيّنة خاصّة، للقتال في أراضي الضفة الغربية، سنتحدّث عنها في التقارير القادمة).
ومصدر اسم المستعربين هو كنية عن نشاط “الاستعراب” الذي يقومون به، وتشكّلت الكلمة من خلال الالتحام بين كلمة “الاعتداء” (بالعبرية: הסתערות) وكلمة “عرب” (بالعبرية: ערבים)، ويعبّر الاسم عن الاندماج في الأراضي وكأنهم عرب، حتى لحظة الهجوم. وقد التصق وصف المستعربين بجميع المقاتلين المندمجين في صفوف السكان في المناطق القريبة من العدوّ، حتى حين تكون مهمّتهم المعرّفة ليست هي الهجوم وإنّما جمع المعلومات الاستخباراتية فقط.
كلا وحدتي المستعربين التابعة للجيش الإسرائيلي، تلك المنتمية لوحدة “دوفدوفان” والأخرى المنتمية لحرس الحدود، تقومان بإجراء ترسانة من العمليات الهائلة والسرية والتي لديهما معجبين متحمّسين. عملية كلتاهما جعلتا من مهمّة الاستعراب ميزة في العمليات، وكلتاهما تعملان في الأراضي يوميًّا.
عرب حرس الحدود
جلب المعلومات الاستخباراتية، الخطف، الكشف عن المخرّبين، الاغتيالات، معالجة أعمال الشغب والاعتقالات؛ تلك هي المهامّ التي تقوم بها وحدة المستعربين التابعة لحرس الحدود، في منطقة معادية وفي ظروف صعبة، ولا تصبح أبسط عند تنفيذ العملية خلال الاندماج مع السكّان المحلّيين.
تعمل وحدة النخبة منذ سنوات التسعينات باستخدام أساليب التمويه، الاندماج في المنطقة والتنكّر، وكلّ ذلك من أجل الوصول بأقرب ما يكون إلى الأهداف دون إثارة الشكوك. وتتميّز عمليات مكافحة الإرهاب بفرق عمل صغيرة تقوم بالتلاعب بالأهداف، مع استخدام المعلومات الاستخباراتية والتعاون مع وحدات أخرى. وخلال تأهيلها، يتعلّم مقاتلو وحدات المستعربين عادات القرى المختلفة، طريقة الكلام، عن العشائر وموازين القوى بينها، ويستخدمون هذه المعلومات المهمّة للاستعراب.
مع اندلاع الانتفاضة الأولى (1987) فُرض على الجيش الإسرائيلي وحرس الحدود على حدِّ سواء بأنّ يخفّضا مستوى العنف في الأراضي المحتلة. وفي هذا الإطار تم تأسيس وحدة المستعربين التابعة لحرس الحدود، إلى جانب وحدة المستعربين التابعة لوحدة “دوفدوفان”.
لا تزال معظم المعلومات عن العمليات الاستطلاعية سرّية. وبفضل هؤلاء المقاتلين تم إجراء المئات من عمليات الاعتقال الناجحة للمخرّبين، وإجراء عمليات مكثّفة هناك. وقد حظيت وحدات الاستطلاع المختلفة على مرّ السنين بمجموعة متنوعة من الميداليات، على العمليات المميّزة في الحرب على الإرهاب وعلى إظهار الجرأة، الشجاعة، المثابرة في المهمّات والبرود.
وتتكوّن وحدة المستعربين التي تعمل في إطار حرس الحدود والشاباك من عدد من الوحدات الفرعية المنتشرة في البلاد وفقًا للمناطق والمقاطعات. تعمل وحدات المستعربين في منطقة الضفة الغربية تحت قيادة الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام، وهي متخصّصة في حرب في مناطق فيها أبنية سكنية، فقد عملت وحدة المستعربين سابقًا في قطاع غزة، ولكن بعد فكّ الارتباط انتقلت للعمل ضدّ المخرّبين الذين يحاولون الدخول إلى إسرائيل من غزة أو مصر، وتعمل وحدة مستعربين القدس في منطقة القدس وهي متخصّصة في العمل الاستعرابي في أوساط سكّان المنطقة الشرقية.
رجال “دوفدوفان”: مستعربون متخصّصون
تعتبر وحدة “دوفدوفان” وحدة مشاة نخبة تمّ تأسيسها عام 1986، وهي تعمل في أراضي الضفة الغربية من أجل منع الأعمال الإرهابية العدائية. وتنفّذ أنشطتها الرئيسية بطريقة استعرابية، حيث يقوم مقاتلوها بالتنكّر بزي العرب والاندماج وسط السكان المحلّيين. وتقوم الوحدة أحيانًا بتنفيذ مهامّها بطريقة علنية، وهي تتواجد في استدعاء دائم للعمليات على مدار أيام السنة، لأنّها تتعامل إمّا مع عمليات تم تحديدها مسبقًا أو وفقًا للحاجة بموجب تحذيرات من الشاباك. وتتفرّد الوحدة بتنفيذ العمليات الخطرة في قلب المدن الفلسطينية.
ويستغرق مسار خدمة المقاتل في الوحدة نحو عام وأربعة أشهر. في البداية يكون المسار مشابهًا جدًّا لمسار تدريب مقاتلي المشاة ويشمل تدريبات أساسية وتدريبات متقدّمة، ولكن في وقت لاحق تتوسّع المضامين أكثر وتشمل تدريبات قتالية خاصّة وتدريبات متخصّصة. بعد ذلك يمرّ المقاتلون بتدريب مكافحة الإرهاب، القتال الصغير (حرب العصابات)، الهبوط، القنص، تدريبات ملاحية على مستوى عالٍ (ملاحة المناطق المفتوحة والمبنية) والقتال القريب. أيضًا، يمرّ بعض المقاتلين بتدريبات في دراسة اللغة العربية الفصحى والمحكية والتمويه.
ومن المعتاد أن يقال إنّ وحدة “دوفدوفان” هي أحد الأسباب الرئيسية في أنّ معدّل النشاط الإرهابي في المدن الإسرائيلية انخفض إلى ما يقارب 0% وهذا على عكس ما كان يحصل في إسرائيل في منتصف التسعينات. ويقال أيضًا إنّ مقاتلي وحدة “دوفدوفان” هم نوع من الآلات الحربية والاستعراب، وأنّهم يدفعون ثمنًا شخصيّا ثقيلا لإدارة حياة مزدوجة.
اسرائيل اليوم / لن يكون أمل للمقاطعين
اسرائيل اليوم – بقلم أمنون روبنشتاين – 16/4/2017
قانون أقرته الكنيست مؤخرا بتسرع تميز به التشريع القومي الذي يزعم بانه يكافح ضد كارهي اسرائيل ويتمتع باسناد من اللجنة الوزارية لشؤون التشريع – يقضي بانه لن يسمح بالدخول الى اسرائيل لم يدعو الى فرض المقاطعة على دولة اسرائيل. ولو كان المقصود فقط اولئك الذين يدعون الى مقاطعة شاملة على اسرائيل – اي رجال البي.دي.اس لكان القانون مفهوما، مقبولا ويحظى باجماع عام. فجماعة البي.دي.اس لا تسعى الى السلام او الى حقوق الانسان، بل تسعى الى شطب حق اسرائيل في الوجود كدولة يهودية وديمقراطية. صديق لي يتعلم في جامعة كولومبيا في نيويورك، شارك في لقاء طلاب لهذه المنظمة وفوجيء للحماسة وللتحريض على قتل اليهود. واحتج امام رئيس الجامعة على هذا التحريض ولكن قيل له ان هذا جزء من حرية التعبير المنتهجة في الجامعات. ولهذا السبب، فان جماعية البي.دي.اس لا يستحقون زيارة البلاد لانهم يحرضون على قتل مواطنيها.
ليس لدي أي عطف على حرية التعبير التي تحرض على اي قتل. ولكن القانون على اي حال يبدو انه لا داع له. فجماعة البي.دي.اس لا ينوون زيارة اسرائيل او الاستقرار فيها. فهم معنيون بمقاطعة اسرائيل، مقاطعة شاملة وبالتأكيد حظر الزيارة لها. فاذا كانت نية الدعائيين الذين يسعون للوصول الى اسرائيل لاستخدام هذه الزيارة على سبيل الدعاية المناهضة لاسرائيل، فان لوزير الداخلية – حتى بدون القانون – الصلاحيات لمنع دخول هؤلاء الاشخاص، مثلما منع دخول رجل “حرس حقوق الانسان” الامريكي. حتى هذه الخطوة كانت زائدة وضارة، وفي النهاية استجاب وزير الداخلية لضغط الرأي العام الامريكي وسمح لمندوب المنظمة بالوصول الى هنا كسائح.
مبدئيا يطرح السؤال: لماذا يشرع قانونا موجودا أصلا في القضاء الاسرائيلي؟ هناك حق كبير في القول الامريكي الذائع: “اذا لم يكن هذا فاسدا، فلا تصلحه!” – قول لا يعرفه على ما يبدو النواب اعضاء الائتلاف في الكنيست الحالية – فجزء كبير من التشريعات الخاصة في هذه الكنيست زائد أو ضار (او حتى زائد وضار في نفس الوقت). المشكلة مختلفة: قانون يستهدف مكافحة البي.دي.اس يخدم عمليا هدف هذه المنظمة الحقيرة. لماذا؟ لان تعريف المقاطعة ضد اسرائيل يتضمن المستوطنات في الارض التي تحتفظ بها اسرائيل كمنطقة احتلت في حرب الايام الستة، قبل 50 سنة. هذه المنطقة توجد تحت سيطرة عسكرية اسرائيلية، ولكن القانون الاسرائيلي لا ينطبق عليها.
المشكلة في ذلك هي ان هذه المستوطنات تختلف عن الاستيطان اليهودي في اسرائيل نفسها. فالبلدات التي اقيمت في اسرائيل استهدفت تعزيز المشروع الصهيوني دون المس بالحقوق السياسية وغيرها لعرب البلاد. اما الاستيطان في المناطق فلا تقوم على مباديء المساواة التي ينص عليها اعلان الاستقلال والقانون الاساس: كرامة الانسان وحريته. فالنظام الاسرائيلي في المناطق يقوم على اساس التمييز بين اليهود، الذين يستحقون كل الحقوق – بما فيها السياسية – مثل كل مواطني اسرائيل، وبين الفلسطينيين الذين يخضعون للحكم العسكري.
ظل التفرقة
بتعبير آخر، هذا نظام فصل “سغريغيشن” وهي الكلمة المكروهة في قاموس كل الشعوب المتحضرة – وليس مجرد “سغريغيشن” (الفصل العنصري)، بل فصل يقوم على اساس الدين والقومية للانسان. هذا وضع لا يزعج بعض النواب في الكنيست، وذلك لان المصلحة القومية، كما يرونها، اكبر من النفور من السغريغيشن، بل ان احدهم اقترح مشروع قانون لتثبيت هذا الوضع حتى بعد ضم المناطق الى اسرائيل، أي انه سيكون في داخل اسرائيل نفسها تمييز ديني – قومي بين اليهود وغير اليهود.
بخلاف ذلك، فان الغالبية العظمى من اليهود في الشتات ينفرون من كل ظل السغريغيشن (الفصل العنصري)، وحتى مؤيدي اسرائيل الواضحين ورجال القانون المؤيدين لرئيس الوزراء لن يسلموا بدولة يهودية تقيم نظام من الفصل العنصري المنكر من هذا النوع. وبالتالي لا عجب في أن تكون الثورة ضد هذا النظام كونية، وعبثا ستبحثون له عن مؤيدين من خارج حدود اسرائيل.
حتى حكومة بنيامين نتنياهو اضطرت لان توافق على التفرقة الاوروبية بين إسرائيل والمناطق ووافقت على خطط – مثل خطة هورايزن للتعاون العلمي مع الاتحاد الاوروبي، والتي لا تنطبق خارج اسرائيل نفسها. هذا نوع من المقاطعة الاوروبية ضد مؤسسات التعليم العالي التي توجد في المناطق. فضلا عن ذلك، فقد قرر البرلمان الاوروبي، كما هو معروف، التأشير على هذه البضائع بهدف واضح – هو أن يقاطع المستهلكون الذين يعتقدون ذلك هذه البضائع.
أنا اعارض هذا القرار، لانه لا يساهم في شيء في المسيرة السلمية؛ فهو يشجع الرفض العربي ويشجع الدول العربية على عدم الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية، بخلاف قرار الامم المتحدة. فضلا عن ذلك، فان القرار احادي الجانب لانه لا يترافق وعقوبات ضد السلطة الفلسطينية التي لا تتخذ خطوات – على اقل تقدير – ضد التحريض اللاسامي منفلت العقال المتبع فيها وفي مدارسها. ولكن، هذا هو القرار، واولئك الذين صوتوا له يجب أن يعتبروا حسب القانون الجديد كمقاطعين لاسرائيل.
يوجد موضوع واحد آخر: المقاطعة على البضائع بحد ذاتها ليست عملا غير قانوني ولكنها أيضا لا تعتبر عملا عنيفا. ومع الف فارق، فقد أعلنت الصهيونية – وعن حق كبير – عن مقاطعة البضائع الالمانية بعد صعود النازيين الى الحكم في المانيا وقبل الغاء الابرتهايد اعلنت مقاطعة في دول عديدة ضد بضائع جنوب افريقيا، المقاطعة التي ساهمت في وضع حد للفصل العنصري بين البيض والسود الذي كان متبعا فيها.
من خلف هذه المبادرة، مثلما من خلف مبادرة القانون السابق، تقف الفكرة في أن المستوطنات ستعتبر في نظر الاخرين كجزء من اسرائيل. اذا كنت تقاطعها، فانك تقاطع اسرائيل. ولكن المبادرين الى القانون لم يفكروا بانه تحتمل ايضا نتيجة معاكسة: ستلون اسرائيل بالوان المستوطنات، بالفصل العنصري القائم فيها. هذه حقا هدية من السماء لكارهي اسرائيل الذين يبادرون الى أسابيع الابرتهايد المغرضة ضد اسرائيل.
ان القانون الذي يلزم وزير داخليتنا على عدم السماح بدخول اعضاء البرلمان الاوروبي الى اسرائيل – وهذا هو معنى القانون – هو قانون لن يضر جماعية البي.دي.اس بل سيحقق أثرا معاكسا، سيعززهم فقط في دعايتهم ضد اسرائيل. ان الاغلبية الائتلافية ارادت مكافحة البي.دي.اس وخرجت وهي تساعدها وتساعد هذه الجماعة، وذلك بقانون لا توجد له اي حاجة.
معاريف / رئيس الشاباك “الأفغاني” يتحدث بالتفصيل: الإرهاب اليهودي الحلقة الرابعة والاخيرة
معاريف- بقلم يشاي هولاند – 17/4/2017
إنها المرة الأولى على الإطلاق التي يجلس فيها رئيس “الشاباك” السابق يورام كوهين ليجري لقاءً صحفيًا شاملًا، بعد ان أمضى معظم سنين حياته الراشدة في عالم من الظلال، في الأسبوع الماضي التقينا عدة مرات، ومن لقاء إلى آخر كان يختفي، التردد الأولي في الاحتكاك مع وسائل الإعلام، عدوة السرية، أخذت بالتلاشي.
أنت مرتدي الطاقية الأول الذي ترأس واحدًا من الأجهزة الأمنية هنا، هل فكرت ذات مرة بأنك اخترقت السقف الزجاجي؟
“فكرت بذلك، كما فكرت أنني قدمت من جنوب تل أبيب وأنني اسباني أيضًا بالصدفة، وها أنا ذا وصلت منصب رئيس الشاباك، هذا الجهاز الغاية في الجدية، العظيم. أعتقد أنني كنت أحظى بعناية الله الذي أعانني لأصل إلى هذه المهمة، وأن أقوم بها بوقار وخشوع لصالح شعب إسرائيل، وفي كل ما يتعلق بمهمتي وفي اتخاذ القرارات، ولا سيما المسؤولية، ولكنني لا أعتقد بأنني ذات مرة، وبشكل شخصي، نظرت إلى الأمر على أنه تشريف ذو معنى لحقيقة كوني متدينًا في عملي التنفيذي في بناء القوة واستخدام القوة واتخاذ القرارات.
على مدار فترة شغلي منصبي رئيسًا للشاباك، امتنعت عن لقاء رؤساء مجلس المستوطنات مثلًا، ربما كان في الماضي رؤساء للشاباك ممّن التقوهم في ظروف خاصة، أما أنا فلم أرى داعيًا للقيام بذلك، كما أنني لم أر أن هناك حاجة للقاء أكابر الطائفة الدرزية في الجلي أو رؤساء مجلس النقب، ومن أجل المفارقة لم ألتقِ أيضًا أعضاء لجنة المتابعة العربية وممثلي البدو، لم أكن أريد أن يكون هناك خلط بين الجانب المهني والجانب السياسي”.
على خلاف المسؤولين المتدينين في الجيش الإسرائيلي لم يرمِ كوهين بالكثير من نيران الصحفيين العلمانيين، ولكنه على أية حال تعرض للقليل منها. أمير أرون كتب في “هآرتس” في شتاء 2014 مقالًا تحت عنوان “الشاباك الخطير”، وفيه استياء من كون التنظيم تحول إلى “جهاز لمرتدي الطواقي”، وأشار إلى أن ثلاثة من ذوي الوظائف القيادية الأربع في “الشاباك” أصحاب خلفية دينية أكثر بكثير من نسبة مرتدي الطواقي من بين السكان.
انتفض كوهين عندما ذكرنا أمامه هذا المقال وقال “بعض الصحفيين من مواقع من منطقة معينة نظروا بسلبية إلى حقيقة أنني عينت في المنصب، وكأنني أتيت من حزب سياسي ما أو أنني كنت مساعدًا لوزير ما، خدمت في هذا التنظيم بضع وثلاثون عامًا كنت نائبًا لثلاث سنوات شغلت مناصب غاية في الأهمية وغاية في العملانية، وحققت ما يكفي من الإنجازات وكأي نائب كنت مرشحًا، نشروا عني جميع أنواع الأكاذيب، على سبيل المثال أنني التقيت حاخامات واستخدمت العلاقات الشخصية وتحدثت إلى زوجة رئيس الحكومة. ليس لي علاقات مع أي حاخام، ولم ألتقِ أقارب رئيس الحكومة على الإطلاق، ولم أعرف بالطبع أفراد أسرته، رئيس الحكومة أدار عملية اختيار رئيس الشاباك بطريقة مثيرة، عقدت عدة لقاءات مع جميع المرشحين، وفي نهاية المطاف اتخذ رئيس الحكومة القرار”.
بالنسبة له، فالعاصفة الأخيرة التي أثارتها قضية ضم النساء أو استبعادهن من المنظومة العسكرية التي تشغل الآن إلى حد كبير الصهيونية الدينية لا تمس الشاباك “ليس هناك أي مشكلة في ضم النساء إلى التنظيم، ولم تكن هناك مشكلة في أي يوم” يؤكد صارمًا، “هناك أعمال أقل مواءمة للنساء، وفي هذا المجال وفي جغرافيا معينة أو في جانب تنفيذي معين هنّ أقل تعبيرًا، ولكن ليس هناك أي مانع من ان تترأس امرأة الشاباك غدًا أو بعد عشرين عام”.
ماذا تقول فيما يحدث في الأشهر الأخيرة بين الصهيونية الدينية والأجهزة الأمنية؟
“ضم أشخاص من الصهيونية الدينية إلى الأجهزة المركزية في دولة إسرائيل هو أمر نباركه، الناس يريدون الوصول إلى مركز النفوذ، وهذا الطموح كان أمرًا طبيعيًا، حتى الشخص الذي يذهب ليعمل في البنك أو في الشرطة أو في وزارة التربية والتعليم ينبغي ان يتقدم بالتدريج، وأن يصل إلى المقام الذي يؤثر فيه على المزيد من الأشخاص ويحدد طريقه. رغم ذلك يجب ان نكون حذرين للغاية من خلق تهديد على إخواننا المختلفين عنا بعض الشيء”.
يهودا لحياني
من ناحيته، فعاصفة ضم النساء أو استبعادهن في المنظومة العسكرية الأخيرة لا تتعلق بخدمة الأمن العام، مقاتلات يهود لحياني.

“يجب أن نكون حذرين في حوارنا، وسيما أن نتصرف بتواضع، وألا نبدي أي غطرسة في أي شأن كان، فالغطرسة لا تأتي إلا برد فعل عكسي، إنها تصحب الخوف من السيطرة لدى الأشخاص الذين يرون ظل الجبال جبالًا. عندما تشرع بدفع جميع أنواع الضباط وتقول (سيكون هو القائد القادم) سيعتبرونه مباشرة وكأنه مبعوث سياسي لمجموعة ما. هؤلاء الضباط رفيعي المستوى ضحوا كثيرًا على المستوى الشخصي، ووصلوا إلى مقاماتهم بفضل ما عملوه في الجيش الإسرائيلي كمقاتلين وقادة وليس لأنهم متدينون أو لأنهم تعلموا لدى حاخامات بعينهم. لا ينبغي إطلاقًا الاشارة إلى ضابط رفيع والقول (إنه من جماعتنا)، إذ أنكم حقًا لا تعرفون هذا الضابط، وليس لديكم أدنى فكرة كيف يفكر من الناحية السياسية”.
الحديث مع كوهين تحول ليرتبط بالخطاب الرباني في فترة أوسلو، كوهين يعيش حاملًا صدمة مقتل رابين “ربما كان الفشل الأكبر للشاباك من الناحية المهنية والاستخبارية والتأمينية”، لقد ظن ان تلفظات الحاخامات في قضية “مطلوب لعدالة الدين” التي أثرت على ايغال عمير. “كان يجب أن نحاسب الحاخامات، حتى وإن لم يعترف ايغال عمير انه فعل ما فعل بسبب حاخام ما، أنا على قناعة بأنه تأثر بحاخامات بعينهم ممّن قرروا علانية ان على رئيس الحكومة رابين يسري عليه مفهوم (مطلوب لعدالة الدين)، كنت لأحقق معهم واتهمهم بالتحريض، وأوقف عنهم جميع أشكال التمويل والراتب الحكومي”.
“الحاخامات الذين ينادون بمثل هذه الأمور محرضون، في أيامنا هذه أيضًا هناك حاخامات يستخدمون جميع أصناف الأحداث الواردة في التوراة مثل حالة أبناء يعقوب ويلمحون إلى انه في بعض الأحيان يجوز لشخص واحد أن يعمل بشكل مستقل وأن ينتقم من الأعداء. لا يجب أن نصل إلى مثل ما حدث في الدوما، وإنما يجب ان نعمل مسبقًا لكي لا تحدث مثل هذه الأمور، وكما قيل في فصول افوت (أيها الحكماء، احذروا ما تقولون)”.
الإرهاب هو الإرهاب
قضية دوما العاصفة حدثت أثناء مناوبته، بعد اعتقال المشتبهين بالفعلة تعرض “الشاباك” للانتقادات بسبب تصرفه معهم في غرف التحقيق، وفي معرض رده نشر “الشاباك” بيانًا استثنائيًا اعترف فيه عمليًا باستخدام أساليب تحقيق قاسية، غير أن لها أصولًا قانونية رفيعة، واليوم يصرح رئيس الشاباك بالقول “اتخذت وصادقت على جميع القرارات الصعبة في هذه القصة من الإرهاب اليهودي”.
بعض تصرفات التحقيق – والتي كانت شاذة للغاية – استلزمت استخدام وسائل خاصة وبإبلاغ المستوى القضائي الرفيع في دولة إسرائيل بأننا نعمل بهذه الطريقة أو غيرها، حتى وإن استخدمنا وسائل غير مسبوقة بهذا الخصوص، أعتقد انه في الظروف التي وجهناها حينها فالحاجة إلى منع وقوع إرهاب مستقبلي كان يقودنا بكل تأكيد إلى سفك الدماء بشكل موسع بحق اليهود في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)؛ هذه الخطوات انقذت حياة الناس.
الإرهاب الفلسطيني لا يقارن بالإرهاب اليهودي، “تدفيع الثمن” هو تنظيم صغير، غالبية الأعمال لم تتم باستخدام السلاح الناري، وفي معظمها إشعال حرائق، إشعال البيت في دوما على ساكنيه ومقتل أبو خضير هي أعمال عدوانية وفظيعة، إن من نفذها لم يكن يريد قتل الفلسطينيين الأبرياء فحسب؛ رغم أننا دفعنا لقاء ذلك أثمانًا باهظة مثل موجة التصعيد التي بدأت بالعملية التي قتل فيها الزوجان هينكين في عيد عرش رأس السنة، لقد أرادوا أن يحدثوا الفوضى، لقد أرادوا إثارة الصراع بين اليهودية والاسلام وبين اليهودية والنصرانية فأحرقوا الكنائس والمساجد.
“كان الهدف إشعال حرب دينية، أرادوا أن يقتلوا دروزًا ومسلمين، ومن خلال الفوضى أرادوا إقامة مملكة يهودا الجديدة. صحيحٌ أنهم نواة متطرفة صغيرة، وبالمناسبة ليس لهم أي تأييد مباشر من حاخام معين، لكنهم ألحقوا ضررًا دراماتيكيًا بإسرائيل على الساحة الدولية أيضًا. رغم أننا في فترة التحقيق والاعتقالات أحبطنا عشرات العمليات الانتحارية والاختطاف الفلسطينية؛ ما يزالون خارج البلاد يذكرون الإرهاب اليهودي عشرات أضعاف الإرهاب الفلسطيني”.
كوهين مقتنع بأن الخطوات التي اتخذت بحق اليمين المتطرف في أعقاب قضية دوما كانت صعبة للغاية، دافعنا أول ما دافعنا عن الاستيطان في يهودا والسامرة (الضفة الغربية). “عشرة أيام بعد عملية دوما أحرقت خيمة للبدو أسفل قرية ملاك شمالي (نجم الفجر) من قبل شباب التلال، وحالت معجزة دون حرق الناس في الخيمة، بعد ذلك ألقيت قنابل الغاز على الفلسطينيين في منطقة نحالي ايل؛ مثل هذه العمليات قد تولد موجة إرهاب فلسطينية واسعة، لم يكن ينقصنا أن يطلب أبو مازن الذي يخوض ضدنا حربًا سياسية وضع قوات دولية في المنطقة بحجة ان الجيش الإسرائيلي لا يدافع عنه من هجمات المستوطنين، وماذا كان ليحدث؟ كانت ستهبط هنا قوة دولية بقرار من مجلس الأمن.
“هل يخدم هذا الاستيطان؟ لكن بعد هذا كله يأتي هؤلاء الشباب وعائلاتهم ويكذبون بالقول إنهم حقق معهم وأغمي عليهم أو إنهم في غيبوبة، ويتسببون بتجمع المئات من المتظاهرين بالقرب من بيتي. كان غريبًا بالنسبة إليّ أن أرى قادة من مجلس المستوطنات يظهرون على التلفاز ويهاجمون الشاباك أو التنظيم الذي دافع عنهم في وجه هذه المجموعة الخطيرة. سعدت بفضل هذا العمل الصارم الذي قمنا به، شاهدنا انخفاضًا دراماتيكيًا على جميع أعمال (تدفيع الثمن)، وأشعر بالسعادة بأن الشاب الذين كانوا متورطين في الأمر كفوا عن أعمالهم من أجلهم ومن أجل مستقبلهم ومن أجل عائلاتهم”.
فكرة “مجموعة التمرد” غير قائمة؟
“في الأشهر العشرة الأخيرة لم أطّلع على التفاصيل، لكنني على قناعة بأن الأمر قيد المراقبة والعلاج، يحتمل ان مثل هذه الأفكار تنمو مجددًا من قبل أفراد يعيشون مهمشين”.
لوائح الاتهام في قضية دوما قدمت قبل أكثر من عام في مطلع يناير 2016، ومن حينها بدى وكأنه ليس هناك أي تقدم. “ليس بيدنا سيطرة على ذلك الأمر، لا بشأن دوما ولا أي حالة أخرى، يجب أن تسألوا النيابة. أنا أيضًا لا أعلم لماذا لا يحاكم عربي ما متهم بالقتل إلا بعد مرور حوالي عامين”.
هل سربتم إلى وسائل الإعلام شريط الزواج الشهير خاصة شباب التلال؟
“علمنا بشأن الشريط قبل نشره، لكن الشاباك لا علاقة له بالنشر، لا بشكل مباشر ولا ملتوٍ. بالطبع فالشريط يعلمنا الكثير، ليس فقط عن مجموعة شباب التلال؛ وإنما عن أولئك الذين كانوا في حفل الزفاف وشاهدوا الحدث، ولم يقم أحد ليحتج”.
هل تشخص تغيرًا على تعاطي المجتمع الديني القومي مع “الشاباك”؟
“آمل ذلك، ولكن ليس بيدي حيلة بهذا الخصوص، كان هناك عنوان في صحيفة ما محتواه من المفترض أنني تسببت بدخول المزيد من المتدينين إلى الشاباك، هذا ليس صحيحًا، هذا مثل قولك ان رئيس الأركان يقرر من يدخل في مركز الاستقراء، هناك صحيفة بعينها تعتقد ما تعتقد ومريح لها ان يهاجم الناس لكونهم متدينين بغض النظر عمّا يقومون به حقًا وبغض النظر عن إنجازاتهم. نحن لا نختار الناس وفق التيار الذي ينحدرون منه، وإنما وفق أهليتهم، في الشاباك لا يوجد على الإطلاق خطاب سياسي، لا في الغرف المغلقة ولا على المستوى الرفيع طبعًا، لا يبدون لدينا موقفًا مع أو ضد شخصيات سياسية من أي نوع، الشاباك يعرف كيف وأين يتوقف وألا يتحدث في مثل هذه الأمور، نحن متحيدون تمامًا عن الخطاب بشأن الأشخاص الذين نؤمنهم.
“بالمناسبة، من السهل التضامن مع هيئة مثل الشاباك في وضع ليس فيه أزمة أو معضلة، على سبيل المثال تقدير عمل الشاباك في حربه الفاعلة ضد الإرهاب الفلسطيني، ولكن عندما يطلب من الجيش أو الشرطة أو الشاباك بتنفيذ قرار المستوى السياسي بإخلاء مستوطنة أو موقع فجأة يتحولون إلى أعداء. الجهات الأمنية الرسمية تعمل في إطار مسؤوليتها حسب توجيهات المستوى السياسي، لا أحد في الجيش يقرر أن يهدم أو يبني مستوطنة، لا أعلم هل يوجد الكثير من الإعجاب او القليل في أوساط الجمهور الصهيوني المتدين، لا نتفحص الأمر ولا نتحدث عنه، ولا نعقد نقاشات ولا بحوث ولا تشريحات عن مستوى الإعجاب الذي يحظى به الشاباك في أوساط المستوطنين أو البدو أو في أوساط عرب إسرائيل”.
كفى ذعرًا
في فترته كنائب لرئيس الشاباك قاد كوهين – بصفته مدير مشروع خاص – بناء نظرية إدارة التنظيم في العقد لغاية 2020، سيضع النظرية ويطورها خلال خدمته رئيسًا للخدمة ومعه نائبيه (روني الشيخ الذي عُين فيما بعد مفوضًا عامًا، ونداف أرغمان الذي خلفه في المنصب)، ثلاثتهم ومعهم قيادة “الشاباك” أسسوا فكرًا استراتيجيًا، وأجروا تغييرات بنيوية في التنظيم، مع تأكيد الحرص على المجال التقني والتنفيذي والانترنت طبعًا.
إذا بلغ عدد رجال التقنية الفائقة في المنظمة نسبة 7% فإن الرقم اليوم بلغ ربع العاملين في “الشاباك”. مجال آخر توسع في فترته هو مجال المخابرات البشرية الذي يقوم على أساس استخدام العملاء، “نحن وكالة مخابرات بشرية كبرى في مجتمع المخابرات الإسرائيلي في مجال العمليات الخاصة أيضًا، وفي مجال العملاء كذلك؛ في داخل المجتمع المخابراتي، ومع منظمات أخرى في أنحاء العالم”.
بخلاف الميزانية الأمنية التي تحتل العناوين الرئيسية، فإن ميزانية “الشاباك” تدور بعيدًا عن الخطاب الشعبي، “جميع حديثنا يدور أمام الجانب المهني في المالية دون تدخل المستوى السياسي أو نقاشات الكابينت إطلاقًا. مع المبلغ الذي نحصل عليه لأربع سنوات لدينا القدرة على الدخول في مشاريع متعددة السنوات والسيطرة على القوى البشرية والمال”.
أحد التغيرات البنيوية التي جرت في “الشاباك” في حقبة كوهين هي إقامة كتيبة واسعة جديدة في النقب مسؤولة عن منطقة الجنوب، وكذلك عن مناطق سيناء والبدو. المواجهة الأخرى هي مع عناصر الجهاد الذين يخرجون من إسرائيل ومن السلطة للقتال في سوريا أو ينضمون إلى صفوف “الدولة الاسلامية”. “داعش” يعتريها فشل من ناحية إمكانياته في السلطة الفلسطينية وعرب إسرائيل أيضًا، كيف نقيس ذلك؟ حسب عدد الأشخاص الذين يخرجون للحرب وينضمون للقتال في سوريا، حيث الحرب الدينية وليست الحرب الأهلية كما يسمونها خطئًا. “المئات من الناس لا يعرفون ولو كلمة واحدة بالعربية ممّن خرجوا من دول شمال أوروبا مثل السويد أو من القارات البعيدة مثل أستراليا من أجل القتال في سوريا في إسرائيل يوجد ملايين الأشخاص على مرمى حجر من المعارك هناك حركة إسلامية كبيرة، ورغم ذلك فعدد الأشخاص الذين خرجوا للقتال في سوريا لا يزيد عن الخمسين، وحسب رأيي في العامين الأخيرين قارب هذا العدد الصفر. مقارنة مع السويديين والفرنسيين والبلجيكيين فنحن في وضع جيد”.
وممّ تأتى ذلك؟
“من مجموعة أمور كثيرة، مخابراتنا وأهلية الردع، وقدرتنا على الحديث مع الآباء، والقول لهم (إن ابنك يجهز للخروج إلى سوريا)، ومن أن كل من خرج إلى هناك وعاد أدخلناه إلى السجن فورًا.
بعض الدول الغربية مرتبكة في قدرتها على مواجهة هذه الظاهرة من الناحية القانونية، شخص عاد من الحرب في سوريا، وزعم (ما المشكلة؟ لم أحارب الدولة ولم أقتل أي أحد من بلدي، خرجت لأقاتل هناك، البعض يقاتل الثيران وآخرون ينقذون الأسود، وسافرت أنا لأنقذ الأشخاص الذين أؤمن بهم، لم أضر أحدا من بلدي ولم أخالف أي قانون، أرني أي قانون خالفت)، في المقابل إسرائيل عرضت أسلوبًا قضائيًا يمكن اعتماده لمواجهة مثل هذا التوجه.
عدا عن ذلك، الفلسطينيون أيضًا يرون في (داعش) تهديدًا، لذلك فهم يعملون على تقليص الظاهرة وعدم منحها الشرعية، إنه تحدٍ معقد، إذ ان التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي – على سبيل المثال – يخلق ديناميكا، بحيث لو أن شابًا مسلمًا سنيًا لا يتضامن مع الأعمال فإنه يتضامن مع النجاح، وبعض الشباب المسلمين السنيين ممّن لديهم أزمة هوية في شتى أنحاء العالم ومن غير المستوعبين في المجتمع يسعون ليكونوا جزءًا من صورة النجاح. وخلاصة القول (داعش) ليس تهديدًا كبيرًا، يجب ان يعالج باستباقية وفاعلية، يمكن القضاء عليه وآمل ان يحدث ذلك”.
عملت مع رئيس حكومة واحد، بنيامين نتنياهو الذي عينك، أنهيت حقبة خمس سنوات معه؛ كيف تقيمه؟
“في المجال المهني، وبشكل عام، كان لي تعاون جيد معه، في جميع الأزمات التي عملنا فيها سوية، سواء التي كان عليّ أن أتبناها أو العمليات الخاصة التي يجب أن يصدقها أو التعيينات؛ أظن أننا عملنا بشكل جيد جدًا، رغم أنني لم أوافق دائمًا على جميع قراراته، لكن هذه هي طريق العالم”.
بلطف، حقًا بلطف، يلمح إلى أنه ليس شريكًا في أسلوب التحذيرات العلنية من الخطر المنعكس عن إيران أو التحذيرات المتطرفة من المخاطر الأمنية الأخرى، “من الناحية الأمنية نحن في مقام جيد في المجمل، ولا ينعكس علينا خطر هجوم عسكري تقليدي؛ لذلك علينا ألا نفزع الشعب من أي موضوع، لا في مجال الأنفاق ولا الصواريخ ولا حزب الله، ولا بسبب سلاح من أي نوع كان يحاول العدو شراءه”.
“إذا لم يكن الشعب يعرف كيف يتصرف مع التحذيرات، فإنه سيدخل في الخوف المبالغ فيه؛ هذا أمر يضر بالصمود القومي ويمس برغبة جهات دولية بالاستثمار في إسرائيل أو رغبة السياح بالمجيء إلى إسرائيل. أعتقد أن أعداءنا يجب أن يخافوا منا لا أن نخاف نحن منهم، إنهم يعيشون في وضع أصعب كثيرًا من وضعنا من جميع النواحي، بما في ذلك الإيرانيون ولا أريد التوسع في الحديث، إنهم يعرفون ما هي قدرات إسرائيل ونحن نعرف قدراتهم”.
وختامًا، هل نحن في أيدٍ أمينة؟ هل تنام جيدًا في الليل؟
“أعتقد ان إسرائيل أقوى بكثير من جميع أعدائها وخصومها، بل ربما من جميعهم إذا اجتمعوا، سواء في القدرة المخابراتية أو التنفيذية وقوة وعنفوان الجيش الإسرائيلي وجميع الأدوات التي تمتلكها دولة إسرائيل، وكذلك الأمر أيضًا بالنسبة للصلابة الاقتصادية والمجالات الأخرى المتعلقة بالمجتمع ومنظومات العلاقات والمنظومة القضائية والإعلام الحر وحقوق الانسان وحقوق النساء والقدرة على الانطلاق نحو البناء والتقدم ومجال الطب والتقنية فائقة الجودة والعلم والانترنت.
ليس هناك أي مجال لا تقوم إسرائيل فيه مقامًا جيدًا؛ لذلك فأنا أعتقد بأنه وإن كان لدينا تهديدات ما بين الفينة والأخرى فإننا نقوم في مقام جيد كدولة، وبشكل عام باستعدادنا وجهوزيتنا، وإن وجدت في بعض الأحيان أخطاء في استخدام القوة أو في بنائها. التهديد المركزي المنعكس على إسرائيل ينعكس من الداخل بالتحديد إثر تعميق الفجوات، أقصد خصائص التطرف والقبلية الحكم وفق شروط غطرسة مجموعات بعينها في تعاملها مع الآخرين، التحدي هو ان نزيد من وحدتنا وتضمننا المتبادل وقدرتنا على تشخيص نقاط القوة الخاصة بكل قطاع لصالح مجمل المجتمع والدولة”.
هآرتس / نكبتنا
هآرتس – بقلم جدعون ليفي – 16/4/2017
هذا هو عام اليوبيل. 50 سنة على الكارثة اليهودية الاكبر منذ الكارثة. 50 سنة على الكارثة الفلسطينية الاكبر منذ النكبة. هذا عام اليوبيل للنكبة الثانية لهم والنكبة الاولى لنا. قبل بدء الاحتفالات بمرور خمسين سنة على “تحرير” المناطق، يجب علينا تذكر أن الحديث يدور عن كارثة. كارثة كبيرة للفلسطينيين بالطبع، لكن ايضا كارثة مصيرية لليهود هنا. لذلك يجب أن تكون سنة 2017 هي سنة حساب النفس في اسرائيل، سنة حزينة لا مثيل لها. ومن الواضح أن هذا لن يكون، حيث تسعى الحكومة الى تحويل هذه السنة الى سنة الاحتفالات. فقد تم تخصيص 10 ملايين شيكل. 10 ملايين شيكل من اجل الاحتفالات بمرور خمسين سنة على الدوس على شعب آخر والفساد الداخلي والعفن.
إن الدولة التي تحتفل بيوبيل الاحتلال هي دولة فقدت الشعور بالواقع، وتشوش التمييز بين الجيد والسيء. يمكن الاحتفال بالانتصار في الحرب، لكن الاحتفال بمرور عشرات السنين على الاحتلال العسكري الفظ؟ ما الذي يجب الاحتفال به؟ خمسون سنة من سفك الدماء والاعتداء والسادية؟ فقط المجتمعات التي لا ضمير لها تحتفل بيوبيل كهذا، ليس فقط بسبب المعاناة التي نتسبب بها للفلسطينيين، محظور علينا الاحتفال باليوبيل، بل بسبب الخجل مما حدث منذ العام 1967 وهو الصيف الذي انتصرت فيه اسرائيل في الحرب وخسرت تقريبا كل شيء. كارثة كبيرة اصابتها، مثل الكيبوتس الذي دمرت مساحته الكبيرة طبيعته، مثل جسم سليم أصبح يعاني من الاورام الكثيرة، هكذا نمت اسرائيل في صيف 1967 وأصبح الـ دي.ان.ايه الخاص بها مريض. يكفي النظر الى القدس مثلا: تحولت من مدينة جامعية ساحرة الى وحش حرس الحدود.
لقد بدأ هذا في الاحتفال القومي الديني المتطرف الذي جر الجميع، باستثناء عدد صغير من الأنبياء، واستمر الأمر الى الآن، من خلال غسل الادمغة. وفي حالة اسرائيل الحجم هو الذي يقرر: هذا حولها الى دولة شيطانية، عنيفة، قومية ومتطرفة، دينية وعنصرية. وهي لم تكن مثالية قبل ذلك، لكن في 1967 زرعت فيها بذور الشيطانية. محظور علينا تحميل الاحتلال المسؤولية عن كل مشكلات الدولة – ليس كل من يحمل سكين في النادي هو خريج كتيبة “كفير” – ولا يجب أن نعتقد أن كل شيء أسود كي نعرف حجم الكارثة. لقد تحولت من دولة قامت من اجل الانقاذ، متواضعة، بدون أمن، مترددة، تسجل انجازات، تحولت الى دولة منبوذة ومتعجرفة، تفخر بها الدول التي تشبهها فقط.
لقد بدأ كل ذلك في 1967. وهذا لا يعني أن 1948 كانت طاهرة، لكن 1967 سرعت التدهور ومأسسة هذا التدهور. وأوجدت ادارة الظهر للعالم واستعراض القوة. في العام 1967 بدأ الاحتلال وأرسل اذرعه الى الداخل، من الحواجز في الضفة وحتى مناطق الترفيه في تل ابيب، من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وحتى الشوارع في البلاد والطوابير أمام الحوانيت. لغة اسرائيل تحولت الى لغة القوة في كل مكان، النجاح في “الايام الستة” كان أكبر من حجمها – توجد نجاحات كهذه – وبعد ذلك نعتقد أنه مسموح لنا فعل كل ما نشاء. بدأ ذلك بالألبومات والاغاني “ناصر ينتظر رابين” و”عدنا اليك ثانية يا شرم الشيخ”. وبعد ذلك ظهرت العلامات الخبيثة: المتدينون تحولوا فجأة الى مسيحانيين، والمعتدلون تحولوا الى قوميين متطرفين. ومن هنا أصبحت المسافة قصيرة. لم يوقف أي شيء تحول اسرائيل الى ما أصبحت عليه، لا في الداخل ولا في الخارج. لقد خلدت الاحتلال رغم أنها لم ترغب به من الوهلة الاولى كما يبدو، انشأت نظام فصل عنصري في المناطق لأنه ليس هناك نظام احتلال آخر.
الآن هي هنا، قوية ومسلحة وأكثر ثراء من العام 1967. فاسدة ومتعفنة مثلما هي دولة الاحتلال، وهذا ما يجب أن نحتفل به. وهذا ما يجب أن نبكي بسببه.
هآرتس / خلال عام سُجن 400 فلسطيني – للاشتباه بنية تنفيذ عمليات
هآرتس – بقلم عاموس هرئيل – 16/4/2017
جميل التميمي، المخرب الفلسطيني الذي قتل طعنا بالسكين الطالبة البريطانية حنا بلدون في القطار الخفيف في القدس أول أمس، هو استثنائي حتى في مصطلح “انتفاضة الافراد” التي تجري بشكل متقطع في السنة والنصف الاخيرين. عدد كبير من منفذي عمليات الطعن والدهس كانوا اشخاص منبوذين وموجودين في هامش المجتمع الفلسطيني. وقد رأوا بالشهادة من خلال تنفيذ العمليات المخرج المناسب من الازمة الشخصية والاقتصادية. ولكن حسب اقوال الشباك فان التميمي الذي يبلغ 57 سنة، والذي قامت الشرطة باعتقاله بعد عملية الطعن، كانت له خلفية استثنائية، ليس فقط بسبب سنه. فقد عانى التميمي من مشكلات نفسية وحكم عليه في السابق بسبب التحرش الجنسي بقريبة له ومحاولته الانتحار في هذه السنة، وقد تم علاجه في مستشفى في اسرائيل.
إن القاسم المشترك بين المخرب من شرقي القدس وبين معظم الفلسطينيين الذين نفذوا العمليات في موجة الارهاب الحالية، التي اعتبر الجيش الاسرائيلي أن بدايتها كانت في 1 تشرين الاول 2015، عند قتل الزوجين هنكين قرب نابلس، هو عدم الانتماء الى أي تنظيم تقريبا. الاغلبية عملوا على مسؤوليتهم مثل التميمي، وفي العادة لم يعتمدوا على أي مساعدة من أحد.
لقد اتخذ هؤلاء الاشخاص قرار تنفيذ العمليات على خلفية تغطية العمليات السابقة وقتل الفلسطينيين على أيدي قوات الامن الاسرائيلية. أو في أعقاب احداث تمت في محيطهم الاجتماعي أو الجغرافي.
لقد كانت الذروة في تنفيذ العمليات في شتاء العام 2016، حيث كانت محاولات تنفيذ العمليات يومية تقريبا، واحيانا كانت عدة عمليات في نفس اليوم، وبشكل متوازي. ومنذ الصيف الماضي تحدث عملية شديدة واحدة كل بضعة اسابيع. بالمقارنة مع الاشهر الاولى توجد الآن محاولة لتشكيل خلايا ارهابية محلية، لكنها هي ايضا ليس لها انتماء تنظيمي واضح. اعضاء الخلايا والمخربين الافراد احيانا، يبذلون جهود أكبر من اجل الحصول على السلاح لزيادة حجم الضرر. والسلاح الاكثر شهرة هو الكارلو المحلي، الذي ارتفع سعره في السوق السوداء في المناطق بأضعاف المرات، وهذا بسبب جهود اسرائيل للوصول الى مخارط هذا السلاح وتدميرها واعتقال تجار السلاح.
عندما يتم الطلب من قادة الاجهزة الامنية في اسرائيل تفسير سبب انخفاض عدد العمليات والمصابين في السنة الاخيرة، يتحدثون عن عدة اسباب منها تحسين جاهزية الجيش الاسرائيلي وعملياته في الضفة الغربية، والشرطة في القدس وزيادة شعور الجمهور الفلسطيني بأن العمليات لم تحقق أي شيء على الصعيد السياسي، وقرار السلطة الفلسطينية الذي جاء متأخرا بضعة اشهر وهو استخدام الاجهزة الامنية من اجل تحذير واعتقال الشباب من الضفة الذين كانوا ينوون تنفيذ العمليات، وتغيير طريقة المخابرات الاسرائيلية تجاه ما يحدث في الشبكات الاجتماعية والانترنت في الجانب الفلسطيني، بشكل يُمكن من الوصول الى المخربين قبل تنفيذ العمليات.
السببان الاخيران مرتبطان ببعضهما. وقد ألمح رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الى ذلك في عدة فرص عندما ذكر استخدام المعطيات التي يتم جمعها من مصادر مختلفة في الشبكات الاجتماعية، وكيف أن هذا الامر يساعد في احباط العمليات. الشباك وقسم الاستخبارات في هيئة الاركان والقيادة الوسطى قاموا بتجارب أولية لتحسين استخلاص الدروس من النشاطات في الشبكة منذ 2013 – 2014 عندما ارتفع عدد عمليات الافراد. ولكن احباط العمليات حقق تقدما كبيرا في نهاية العام 2015 فصاعدا، عندما تبين أن هناك زيادة في عدد العمليات وأن هذه الظاهرة تغذي نفسها: كل المخربين خرج في اعقابهم اقرباءهم واصدقاءهم على هذه الطريق. وهم يتأثرون من طريقة تغطية هذه العمليات في وسائل الاعلام الفلسطينية ومن ردود الافعال في الشبكات الاجتماعية.
لقد عمل اغلبية المخربين بصورة منفردة، ورغم ذلك تبين بعد تنفيذ العمليات أن معظمهم تركوا علامات تدل على نواياهم. وهذا الامر تطلب النبش أكثر في حياة عشرات آلاف الفلسطينيين الخاصة. وفي الأصل اسرائيل تتدخل في جوانب كثيرة في حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية. وقد تم طرح موضوع التنصت على مكالماتهم الخاصة في رسالة رافضي خدمة الاحتياط في الوحدة 8200، لكن يبدو أن تحليل توجهات الارهاب لم يبق أي خيار آخر.
إن تنوع العلامات الأولية قبل تنفيذ العملية كبير، والصعوبة الاساسية التي واجهتها الاستخبارات هي التمييز بين التضامن والفرح مع العمليات في الانترنت، مثلما يفعل كثير من الشباب والشابات الفلسطينيين وبين علامات النوايا الحقيقية. خلال اشهر قام الشباك والاستخبارات العسكرية بتطوير طريقة عمل مشتركة كانت لها نتائج كبيرة.
على مدى أكثر من عام تم الكشف عن 2200 فلسطيني بهذه الطريقة، ممن كانوا في مراحل مختلفة من النوايا والاعداد لتنفيذ العمليات، ومعظمها من خلال الطعن أو الدهس، أكثر من 400 شخص منهم تم اعتقالهم من قبل الجيش الاسرائيلي والشباك. وبعضهم تمت محاكمتهم والبعض الآخر اعتقلوا اداريا دون توضيح الشبهات ودون عرض الامر أمام جهة قضائية. وتم اعطاء اسماء 400 شخص آخر للسلطة الفلسطينية، حيث تم اعتقالهم من قبل الاجهزة الامنية الفلسطينية في الضفة الغربية وتم تحذيرهم من تنفيذ العمليات ضد اسرائيليين. أما الباقين فقد كان يتم التحدث مع آبائهم وتحذيرهم من قبل الشباك والجيش. وهذا الاجراء حقق نجاحا كبيرا. ويبدو أن شعور الشباب في الضفة بأن الأخ الاسرائيلي الكبير عيونه مفتوحة، والخوف من عقاب اسرائيل للعائلات عند تنفيذ العملية ساهما بدرجة كبيرة في انخفاض عدد العمليات.
انخفاض عدد العمليات هو تطور مشروط: ازمة سياسية جديدة، أو صراع داخلي في السلطة حول وراثة الرئيس محمود عباس أو حادثة على خلفية دينية، وكل ذلك من شأنه أن يؤدي الى اندلاع العنف من جديد بقوة. وعلى الرغم من ذلك فان كبح الارهاب الذي سيطر قبل سنة على النقاش الداخلي في اسرائيل، والذي نبعت منه قضية اليئور ازاريا، يمكن اعتباره انجازا هاما في السنة الاولى لنداف ارغمان، الرئيس الجديد للشباك.
أرغمان الذي تولى منصبه في أيار السنة الماضية، بادر مؤخرا الى اصلاح داخلي واسع في الجهاز. فقد تم توحيد عدة اقسام من اجل تحسين عملها، وتم الغاء منصبين مشابهين لمنصب الجنرال في الجيش. وقد كان التغيير الأبرز هو توحيد قسم الاستخبارات للعلامات والسايبر والتكنولوجيا في قسم واحد، مع قوة بشرية كبيرة ومصادر كثيرة. جهاز السايبر تم تشكيله في العام 2011، وتوصل الشباك مؤخرا الى استنتاج أنه لا يناسب بشكله الحالي تحديات المرحلة الحالية. الاصلاحات التنظيمية من شأنها أن تعزز القسم الموحد، لا سيما على خلفية ازدياد ارهاب السايبر، وعلى خلفية استخدام الاجهزة الامنية المتزايد للتكنولوجيا في مكافحة الارهاب.
لقد تم توحيد عمليات الارشاد وجمع المعلومات في قسم واحد، وأصبح التجسس المضاد يخضع لقسم اسرائيل والاجانب، حيث تم تقسيم المسؤوليات حتى الآونة الاخيرة الى قسمين مختلفين وحسب طبيعة التهديد (التجسس العربي والايراني في مقابل تجسس دول اخرى). في نهاية 2017 ستنتهي مدة الخطة متعددة السنوات للشباك، والآن يتم العمل على بلورة الخطة الجديدة للسنوات الاربعة القادمة. وأحد الاسئلة التي يجب على الخطة الاجابة عليها تتعلق بمسؤولية قسم الحماية. يبدو أن حجم تهديد الارهاب ومدى خطورته على الشخصيات الاسرائيلية والوفود والممثليات في الخارج وشركات الطيران بحاجة الى اعادة التفكير في طبيعة الاستعداد وتقسيم العمل بين الشباك وبين جهات حماية رسمية اخرى.
لقد وقع الشباك مؤخرا مع قسم الاستخبارات في الجيش على اتفاق جديد للتعاون، شيء يشبه التفاهمات يُقسم العمل بينهما. في السابق تم ترتيب تقسيم المسؤوليات بين اجهزة الاستخبارات الثلاثة الكبيرة – الاستخبارات العسكرية، الموساد والشباك – في وثيقة باسم “الوثيقة العظمى”، لكن هذه الوثيقة لم تعد صالحة على خلفية تغير التهديدات الارهابية التي تواجهها اسرائيل.
التقسيم الجغرافي الذي كان سائدا في السابق بين الاجهزة الاسرائيلية لم يعد مناسبا لأن الشبكات الاجتماعية أصبحت عابرة للدول وتدمج بين اعمال المنظمات المنفصلة في مناطق مختلفة (المساعدة الايرانية في تهريب السلاح للمنظمات الارهابية في قطاع غزة، الغرب ايضا يتدخل في دول مثل ليبيا واليمين والسودان). وقالت مصادر أمنية للصحيفة إنه توجد الآن حاجة الى مستوى أعلى من التنسيق بين اجهزة الاستخبارات المختلفة في عدد من المجالات. وقد ازداد التنسيق في السنوات الاخيرة بين الشباك وبين الاجهزة الاستخبارية الامريكية والاوروبية بسبب الاخطار المشتركة، هذا اضافة الى عمل الموساد والملحقات الاستخبارية للجيش الاسرائيلي.
هآرتس / ما قلناه في العام 1967
هآرتس – بقلم نير حسون – 16/4/2017
في 27 حزيران 1967، قبل ثلاثة اسابيع من انتهاء حرب الايام الستة، صادقت الكنيست على ثلاثة قوانين: تعديل أمر انظمة السلطة والقانون، تعديل أمر البلديات وقانون حماية الاماكن المقدسة. ورغم الاسم البيروقراطي التقني، شق التعديلان الاخيران الطريق لضم شرقي القدس الى اسرائيل. جاء في التعديل الاول أن “القانون، الحكم والادارة في الدولة تسري على كل ارض اسرائيل التي حددتها الحكومة في الامر”. والتعديل الثاني يسمح لوزير الداخلية توسيع مجال سيطرة البلدية حسب تقديره.
لقد كانوا في وزارة الخارجية قلقين من رد المجتمع الدولي على هذه الخطوة. وقبل يوم من النقاش في الكنيست تم اعطاء ممثليات اسرائيل في العالم توجيهات لمواجهة هذا الامر: “على خلفية الوضع في الجمعية العمومية للامم المتحدة يجب علينا أن نظهر في الدعاية الخارجية لنا قانون الاماكن المقدسة وأن نقلل من شأن أ و ب”. هذا ما تمت كتابته للسفراء، لكن من كتب البرقية لم يكن متفائلا. “ليس واضحا الى أي درجة سننجح في ذلك”، كتب وأوصى بأن يتم عرض اجراء الضم كـ “ضرورة نابعة من الرغبة في ادارة كل المدينة بشكل سليم. ولا يجب وصف الامر على أنه ضم بل صهر يُمكن من تقديم الخدمات مثل المياه والكهرباء والعلاج والتعليم. واذا سُئلتم قولوا إن العملة في القدس الموحدة ستكون اسرائيلية”.
في ذلك اليوم ارسل موظف وزارة الخارجية اوري غوردون رسالة الى عادي يافه، رئيس مكتب رئيس الحكومة ليفي اشكول جاء فيها: “لقد اقترحت على د. هرتسوغ (حاييم، الحاكم العسكري في شرقي القدس والضفة الغربية) أنه وعلى الفور بعد سن قانون توحيد مناطق البلدية أن يتم ضم عدة قرى في نابلس أو بيت لحم وغيرها من اجل النجاعة الادارية. وهذا لتمويه النية الاساسية. وقد عبر د. هرتسوغ عن اهتمامه بهذه الفكرة وطلب مني أن اعرضها عليه”.
هذه الرسالة، اضافة الى وثائق اخرى كثيرة، تم الكشف عنها مؤخرا من قبل معهد “آثار”، الذي أراد استخدام المواد الأثرية من اجل حقوق الانسان. ولم تكن هذه الحالة الوحيدة التي حاولت فيها اسرائيل تمويه افعالها في شرقي القدس، خشية من رد المجتمع الدولي الشديد. “السابقة التي كانت أمام ناظريهم هي الانسحاب من سيناء في 1957″، كما قال المؤرخ د. امنون رامون من معهد القدس لبحث السياسات. “في حينه، ورغم تصريحات بن غوريون عن مملكة اسرائيل الثالثة، اضطرت اسرائيل الى الانسحاب بسبب انذار القوتين العظميين”.
في العام 1967، في المقابل، امتنعت الولايات المتحدة عن الطلب من اسرائيل الانسحاب الفوري، لكنها أوضحت لها بأنها لن توافق على خطوات احادية الجانب في القدس. ومن هنا جاءت الحاجة الى كبح وتعويق واخفاء الاجراءات في المدينة، الامر الذي يجد تعبيره في محاضر جلسات الحكومة وتبادل الرسائل في تلك الفترة. هنا لعبت وزارة الخارجية دور رئيسي برئاسة آبا ايبان. رامون قال إن قائد المنطقة الوسطى عوزي نركيس اضطر الى وقف عملية هدم المنازل في الحي اليهودي بعد الشكوى التي قدمها صاحب مصنع ارمني تضرر من الامر. “قوموا بوقف الهدم”، قال اشكول لنركيس، “صحيح أن آبا ايبان يوجد في نيويورك، لكنه يجلس على كتفي ولا يتركني أرتاح. هذا يكفي في هذه المرة”.
بعد ذلك بثلاثة اشهر، في أيلول 1967، قررت الحكومة ترميم الحي اليهودي. ووزير المالية بنحاس سبير أعلن عن مصادرة اراضي الحي. وقد عاش في ذلك الحي في حينه 3.500 شخص عربي بقوا من الفترة الاردنية، معظمهم من لاجئي القرى التي تحيط بالقدس من العام 1948. وفي هذه المرة قدمت وزارة الخارجية ايضا الدواء للداء: “يمكن أن يفسر المجتمع الدولي هذا القرار على أنه مصادرة للاراضي واخلاء اصحاب الاملاك في الحي اليهودي، وخاصة على خلفية النقاشات في الامم المتحدة”، كما جاء في البرقية للممثليات في العالم. “وهذا الامر يحتاج الى رد دعائي في حال نشرت لديكم أخبار سلبية”.
في السياق فسرت البرقية كيف يمكن تفسير المصادرة. اولا، تم الطلب من ممثلي اسرائيل ابراز البُعد الصحي – هناك حاجة الى علاج مشكلات المجاري والمياه بشكل سريع. والبند الثاني سعى الى التمييز “بين السيطرة – التي تعني التجميد المؤقت لحقوق الاملاك الى أن يتم الاتفاق مع اصحابها، وبين المصادرة”. وسعت وزارة الخارجية الى التوضيح بأن قانون واحد يسري على اصحاب الاملاك اليهود والعرب. وتمت الاشارة في البرقية ايضا الى أن المسجدين في الحي اليهودي تم استثناءهما من المصادرة. واختتمت البرقية بأنه اذا طرح مستقبلا موضوع اخلاء المنطقة – سيتم اعطاء كل من يتم اخلاءه شقة بديلة.
وقد تم ارفاق ملخص لتقرير اردني مع البرقية، حول وضع الحي والصور التي تؤكد الحاجة الملحة. وقد استمر اخلاء الحي اليهودي مدة عامين. والحكومة اقترحت على المخلين مكانا آخر للسكن في العيزرية، لكن عدد قليل منهم حصل على الشقق، ومعظمهم توزعوا في أحياء شرقي المدينة. بعد ذلك بثلاثة اشهر، في كانون الاول 1967، تدخلت وزارة الخارجية مرة اخرى من اجل القدس. وهنا كان مطروحا على الجدول نقل هيئة القيادة الوسطى الى المدرسة المهنية في بيت حنينا. وقد حذر عاموس غانور، ممثل وزارة الخارجية في الحكم العسكري من أن “ردود الفعل لن تقتصر على القدس والضفة الغربية فقط. فهذا موضوع سيجذب انتباه وسائل الاعلام الدولية”. ويبدو أن الحل في هذه المرة كان العمل اثناء انشغال العالم في شؤون اخرى. وأضاف شخص ما لرسالة غانور بخط اليد كلمات “ليس قبل عيد الميلاد”.
اسرائيل اليوم / استعراضات للتسخين فقط
اسرائيل اليوم – بقلم بوعز بسموت – 16/4/2017
في 12 شباط من هذا العام أطلقت كوريا الشمالية قرب الحدود مع الصين الصاروخ البالستي الاول في ولاية ترامب. التوقيت لم يكن صدفيا: اثناء الاطلاق كان رئيس حكومة اليابان ضيفا في واشنطن. ايضا زيارة الرئيس الصيني في فلوريدا في 6 نيسان تم استغلالها من بيونغ يانغ من اجل تنفيذ تجربة بالستية، أي عشية اللقاء مع ترامب. قبل ذلك بأسبوع ونصف أعلنت بيونغ يانغ عن تجربة على محرك صواريخ ذات قوة كبيرة، الذي من المفروض أن يساعدها في الصواريخ عابرة القارات.
كما فهمتم، التجارب واطلاق الصواريخ البالستية هي من الطرق المحببة على رئيس كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، في ارسال التحية لجيرانه وتذكيرهم بأنه موجود في المكان الاخير في عالمنا الذي لم تنته فيه بعد الحرب الباردة.
إن مغامرات كوريا الشمالية تشير الى عصبية النظام الديكتاتوري من تغيير الادارة في الولايات المتحدة. بيونغ يانغ لا تعرف كيف “ستهضم” ترامب الذي اثناء حملته الانتخابية فكر في أكل الهامبورغر مع كيم. ومنذ ذلك الحين يبدو أن التعطش للقاء قد تلاشى.
في الوقت الذي عمل فيه البيت الابيض ضد النظام في سوريا (استهداف المطار العسكري السوري قرب حمص)، فان العملية في كوريا الشمالية ستكون أكثر تعقيدا: حالة السبات بخصوص المشروع النووي لكوريا الشمالية والاتفاقات السيئة التي تم التوقيع عليها معها، حولت الى قوة عظمى نووية (وللأسف أن الدرس لم يستخلص مع ايران)، وهي تهدد باجراء تجربة نووية سادسة منذ العام 2006.
في العام 1994، عندما كنا قريبين جدا من الحرب، فضل الرئيس كلينتون عدم المغامرة والدخول الى مواجهة، كان يمكن أن تودي بحياة مئات الآلاف من الضحايا. سيئول التي تبعد 50 كم عن الحدود هي أسيرة لسلالة كيم. ويبدو الآن واضحا لماذا لن تتنازل كوريا الشمالية أبدا (خلافا للقذافي) عن مشروعها النووي، المنقوش في الدستور منذ العام 2012. السلاح النووي بالنسبة للنظام هو وصفة للبقاء.
الصراع كان مريحا
حتى الآونة الاخيرة كان الصراع مناسبا لجميع الاطراف: منح الولايات المتحدة مبرر تواجدها في اماكن تأثير الصين، وكان للصين شخص منصاع، كوريا الجنوبية لم تكن تهتم بالاتحاد مع الشمال لأن هذا يلحق الضرر بالنمو، أما طوكيو فلم ترغب في وجود وحش كوري في الجانب الآخر من بحر اليابان. ولكن يبدو أن الامور لم تعد كذلك.
في اعقاب الهجمة الامريكية في سوريا وارسال حاملة الطائرات “كارل ونسون” الى المنطقة والتي ترافقها الكاسحات، فان تجربة القنبلة الاكبر في العالم في يوم الخميس في افغانستان، وتغريدات ترامب التهديدية، والردود التي لا تقل تهديدا من بيونغ يانغ بالتوازي مع مناورة عسكرية كبيرة للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية التي انتهت في نهاية الشهر، ارتفع مستوى توقعات الرد الامريكي على تجربة كوريا الشمالية. “اكتفت” بيونغ يانغ بعرض الصواريخ البالستية التي يتم اطلاقها من الغواصات ومن انواع جديدة للصواريخ البالستية عابرة القارات. قلنا “في الوقت الحالي” لأن صور القمر الصناعي التي نشرت تظهر أن موقع التجارب النووية جاهز لتجربة نووية، الامر الذي يشير الى أننا لم نتجاوز بعد اختبار كوريا الشمالية، ويمكن لأن كوريا الشمالية ليست سوريا. بعد عشرة ايام ستحتفل كوريا الشمالية بيوم الجيش، وهو موعد آخر سيقطع فيه العالم أنفاسه.
معاريف / في بيتهم في الصحراء
معاريف – بقلم أودي سيغل – 16/4/2017
إن الحكومة التي لا تشجع حركة الشباب نحو العربة تقرر عمليا تجفيف الاستيطان هناك، والحديث في النزول المعتدل نسبيا من جبل رامون، أحد الجبال العليا في النقب، في الطريق الى موقع رقابة على اسم ايلان رامون واصدقاءه علماء الفضاء الذين قتلوا بعد تحطم المركبة الفضائية “كولومبيا”، بدأت الرياح فجأة. السماء تكدرت وبدت العواصف الرملية من بعيد.
العاصفة بدأت، لكنها لم تندلع مرة واحدة. غطاء رمادي بشر ببداية يوم هستيري. رياح وامطار وفيضانات ستسحب النقب. المياه لن تتسرب الى داخل الارض بل ستستمر وستجر كل ما في طريقها. في نهر براك توجد جذوع اشجار كبيرة سحبت ذات مرة كشهادة على قوة الطبيعة. الجذوع التي سحبتها المياه ملقاة كدليل على أنها مجرد لعبة في يد قوة الصحراء التي لا تظهر للعين حاليا. لقد اقتلعت من اماكنها.
إن التمسك بالعربة صعب، لا يأتي بسهولة، وهو يحتاج الى الصمود والتصميم. علامات الطبيعة جيدة ايضا لرجال الصحراء، رجال النقب والعربة – سكان اسرائيل الذين قرروا العيش في الصحراء. مثل اسم كتاب مئير شيلو “في بيته في الصحراء” الذي ينجح كالعادة في ارسال جذور الحقيقة المؤلمة وربطها الانساني بين الاستيطان، الصحراء، الطلائعية الاسرائيلية وبين المواجهة الشخصية المعقدة في البلاد المليئة بالرياح والدماء. هم ايضا ستحملهم الرياح، وهم ايضا ستغرقهم الفيضانات، والشمس الحارقة ستجف أمام التصميم والبقاء والازدهار.
لقد نمنا في الليل في خان التمور في مستوطنة تسوكيم. وقد أجرينا هناك طقوس عيد الفصح. طاولة العيد التي تشير الى الخروج من مصر، ارتباط بسيط واساسي بقصة التحرير وتحرر شعب اسرائيل من العبودية. مرت الطريق من الصحراء. لماذا ساروا كل هذا الوقت في الصحراء؟ سألنا الصغار. “كي يموت كبار السن”.
الشباب ولدوا في الصحراء. ولدوا للحرية، وبعد ذلك من اجل احتلال البلاد واعمارها. كل من يعيش في المستوطنة أو الكيبوتس يعرف أن المستوطنة تبدأ بالموت عندما تكف حركة الشباب نحوها. بدون عائلات مع اولاد، بدون رياض اطفال ومشاهدة عربات الاطفال في الشوارع، يبدأ الحزن والتراجع والشيخوخة للمستوطنة.
في تسوكيم يوجد بناء ومناطق سياحية صحراوية ومناظر طبيعية وجداول وخمسين نوع من الحرارة. في المركز يوجد معرض للفنانين ومشاريع سياحية ناجحة. الناس يأتون من اجل الهدوء. يشاهدون المناظر الطبيعية الجميلة والهادئة. يبتعدون من خلال الربط بين الجنوب والوسط. بين ايلات وبئر السبع. مثلث صحراوي للعربة ورمات هنيغف وجبال ايلات، خط 40، شارع 10 وشارع العربة. المثلث يصبح ضيقا كلما اتجهنا جنوبا، شرقي حدود الاردن، وغربي حدود مصر.
الامر الصحيح
غيوم العاصفة التي قد تندلع من هناك تحلق في سماء الشرق الاوسط، السلام مستقر، لكن الانظمة أقل استقرارا. التهديد الاسلامي جعل السلطات الامنية تغلق حدود سيناء في عيد الفصح. الاسرائيليون يريدون الذهاب الى هناك، لكن داعش حول النشيد الاسرائيلي “تلة حلفون لا ترد” الى استعراض الفظاعة والبربرية وهو يسيطر على اجزاء من سيناء كجزء من الصراع الاقليمي.
في الاردن يوجد أكثر من مليون لاجيء سوري، يوجد هدوء في الوقت الحالي. في حينه أقامت الحكومة برئاسة نتنياهو جدار في الجنوب. هذا رائع، لكنه مجرد وسيلة. الحكومة تقيم ايضا جدار مخيف في الشرق ايضا من اجل وقف المهاجرين وكبح جزء من الارهاب. ولكن هذا ليس وسيلة ضد الانفصال. انفصال اجزاء اسرائيل المختلفة يحدث عندما نكف عن معرفة أن الاستيطان ليس فقط عقارات، بل قيمة تحافظ على روح اسرائيل ايضا.
على مدخل جزء من المناطق توجد لافتات مكتوب فيها “بدون زراعة لا يوجد استيطان”، هذه شهادة على الصراع الفاشل لسكان العربة من اجل الحصول على الاهتمام من الحكومة. الحكومة التي لا تشجع حركة الشباب نحو الجنوب، النقب والعربة، تقرر عمليا تجفيف المنطقة وفرض الانفصال على اسرائيل. إلا أن هذا الموضوع ليس صاخبا بما فيه الكفاية كي تبدأ به النشرات الاخبارية.
الحديث يدور عن عدد قليل من الاشخاص، الأنيقين والمتسفعين والذين تلمع عيونهم، لا يظهرون كمساكين لأنهم ليسوا كذلك. هم ملح الارض. ولكن اذا لم يتمكنوا من ابقاء جزء من اولادهم في العربة أو اذا دفعتهم قوة السوق الاقتصادية نحو الشمال، فان ما سيبقى هو فقط شارع فارغ محاط بالجدران. يجب على الدولة المساعدة، ليس من اجل عمل معروف لهم، بل للحفاظ على طابع الدولة وعدم دفع الطلائعيين الى المحميات الطبيعية ومن اجل الاستعداد للعاصفة الشرق اوسطية التي قد تمر عليها في رياح العيد أو تندلع مثل العاصفة الجوية دون مراعاة الرزنامة أو التخطيط الخاص بنا.
لقد قال لنا بعض الاشخاص في العربة عن امور صغيرة تزعجهم. مثلا، كيف أن سلطة اراضي اسرائيل قامت بتعذيبهم في دورة عدم فلاحة الارض من اجل السياحة، وأخذت منهم المال الكثير. وكيف أن قروض الدولة السخية نسبيا، 150 ألف شيكل، تم تقليصها وحولت من قبل وزارة الاسكان الى اغراض اخرى في ولاية الوزير اوري اريئيل. هم لم يقولوا، لكن كان يمكن ملاحظة أنهم يشعرون بأن لا أحد في القدس يهتم بهم.
الطريقة البسيطة هي ملاحقة المال. ورؤية أين تذهب المساعدات. الطريقة الساذجة والمعقدة هي الطلب من متخذي القرارات بالاستيقاظ. لا يوجد أي ممثل في الحكومة للعربة، لا يوجد للكيبوتسات أو المستوطنات، باستثناء اسرائيل كاتس، يجب أن يكون هناك أحد ما يفعل ذلك. الحديث ليس فقط عن اقتصاد السوق بل عن القيم ايضا، الحديث ليس فقط عن استثمار واعد، بل ايضا عن صراع على طابع الدولة، ليس فقط للحصول على اصوات اخرى في مركز الحزب، بل من اجل فعل الامر الصحيح. في الصحراء تشكلت صورة شعب اسرائيل في الطريق من مصر، وصورة المجتمع تتشكل في اسرائيل، قال دافيد بن غوريون ذلك منذ زمن. هذا هو اختبار بسيط للقيادة، في بيته في الصحراء.
يديعوت / ترامب وسوريا: التغريدات في جهة والافعال في جهة اخرى
يديعوت – بقلم تسيبي شميلوفيتس – 16/4/2017
دونالد ترامب هو الرئيس الاول الذي دخل البيت الابيض بينما يجر وراءه سبيل من التغريدات على التويتر: فقد اطلق ترامب حتى الان اكثر من 34 الف تغريدة عن كل شيء. معقول الافتراض بانه عندما فعل ذلك لم يفكر بانه سيكون رئيسا. ولكن التغريدات السابقة تعود الان لتطارد ترامب. فالانترنت تتذكر كل شيء. ولا سيما اذا كان هو يفعل بالضبط العكس كما أشارت وسائل الاعلام الامريكية.
خذوا سوريا مثلا: في 2013، عندما جرى نقاش جماهيري في الولايات المتحدة اذا كان ينبغي قصف الاسد بعد أن اكتشف بانه استخدم السلاح الكيميائي، اطلق ترامب اكثر من عشر تغريدات ناشد فيها اوباما “لا تهاجم سوريا!”، وكتب: “اوباما ملزم بان يحصل على إذن من الكونغرس قبل الهجوم”. اما في الاسبوع الماضي فقد هاجم هو نفسه سوريا دون أن يأخذ اي اذن من الكونغرس.
ولكن ليس في موضوع سوريا فقط أجرى ترامب التفافة حذوة حصان: فمع أنه وعد مصوتيه بان “بخلاف اوباما، لن يكون عندي الوقت لان العب الغولف”، ففي غضون ثلاثة اشهر من رئاسته – لم تمر عطلة نهاية اسبوع واحدة دون أن يلعب الغولف مرتين على الاقل اكثر من اي رئيس قبله. وبالنسبة للشفافية ايضا نسي ما غرد به: فبينما اتهم اوباما بانه يخفي معلومات عن ماضيه، فان ترامب هو الذي بقي الرئيس الاول في التاريخ الذي لم ينشر تقاريره الضريبية. بل وأعلن أول أمس بانه يلغي عادة نشر قائمة الزوار الى البيت الابيض.
في اثناء التحقيق في رسائل هيلاري كلينتون الالكترونية – والتي استخدمها في صالحه في الانتخابات – خرج ترامب ضد تلقي الحصانة لموظفي الخارجية ممن حقق معهم في القضية. اما الان، وفيما أن مستشاره السابق للامن القومي مايكل فلين يحاول تحقيق صفقة قضائية مع السلطات، يحافظ ترامب على حق الصمت.
ولمن نسي، ففي العام 2013 كان ترامب هو الذي حذر من حرب عالمية ثالثة. يمكن لنا أن نأمل الان في ضوء رياح الحرب التي تهب في شبه الجزيرة الكورية، أن يتذكر جيدا ما غرد به.
هآرتس / دفن مدني عمليا
هآرتس – بقلم أسرة التحرير – 16/4/2017
يحمل اتفاق وقع مؤخرا بين مؤسسة التأمين الوطني ووزارة المالية في طياته على بشرى مناسبة: فالدولة ستمول كلفة نقل الموتى ممن طلبوا أن يدفنوا في المقابر المدنية. ومن المتوقع للخطوة ان تحصر قوة شركات سيارات النقل الخاصة، التي تستغل احيانا عائلات الموتى في لحظاتها القاسية، وتخفيض كلفة النقل. ولكنه يشهد ايضا على المكانة الهامشية للدفن المدني. فالتمويل الذي أخذته الدولة على عاتقها الان هو حل لا ينبغي الاكتفاء به. واصلاح الوضع سيتحقق من خلال اقامة سلسلة من المدافن المدنية.
بعد 21 سنة من اقرار الكنيست لقانون يضمن امكانية الدفن المدني لكل من يرغب في ذلك، فان هذا الحق الاساس لا يزال بعيدا عن التطبيق. وفي وزارة الخدمات الدينية يتباهون بان نحو 20 مقبرة في ارجاء البلاد مرخصة للدفن المدني، ولكن لا يستحق ان يدفن في معظمها سوى سكان السلطات التي تخدمها المقابر. في بعض منها لم تعد هناك قطع دفن شاغرة، اخرى تجبي عشرات الاف الشواكل ممن ليسوا من المقيمين المحليين. وعمليا، ثلاثة مقابر مدنية فقط مفتوحة للجميع.
في محاولة للتغلب على هذه الضائقة، اضطر الراغبون في الدفن المتحرر من سيطرة المؤسسة الارثوذكسية الى التمويل من جيوبهم نقل الموتى الى الاماكن القليلة التي تسمح بالدفن المدني، وغير مرة بعيدا عن مكان سكن الميت أو عائلته. اما اولئك الذين يفضلون الدفن التقليدي فلا يكونون مطالبين بالدفع، بفضل العدد الكبير للمقابر اليهودية العاملة في ارجاء البلاد.
يشترط تمويل الدولة بان تكون المقبرة خارج نطاق الحكم للسلطة المحلية التي كان الميت يسكن فيها، والا يجبى دفع لقاء الدفن نفسه. وتعد هذه خطوة واحدة في طريق طويل نحو تشبيه الظروف التي تؤثر بقدر كبير على طابع الدفن المدني وحجمه، بمحافل الدفن الارثوذكسية التي تتمتع بموازنة سخية.
ان الادعاء الارثوذكسي الذي يقول انه لا يوجد طلب على الدفن المدني، يستند الى تجويع منهاجي، مالي وفكري لكل امكانية اخرى. وفي مجال الدفن المدني ايضا واضحة مظاهر ذلك: ميزانية صغيرة وتسويغ لسنين في تخصيص الارض اللازمة.
ان قانون الدفن المدني من العام 1996 ينص على حق كل مواطن أن يدفن وفقا لفكره في مقبرة على مسافة معقولة من مكان سكنه. وتمويل نقل الموتى كفيل بان يسهل أو يخفف من الضائقة القائمة، ولكنه لا يحلها وعلى الحكومة أن تترجم القانون الى واقع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى