امنون لورد – وهم الجدار وغباء الانسحاب
اسرائيل اليوم – مقال – 20/12/2018
بقلم: امنون لورد
في الكراسة التي نشرها في نهاية الصيف الماضي الجنرال احتياط غرشون هكوهين حول موضوع الجدار الامني، نسب نظرية جدار الفصل لاهود باراك وحاييم رامون وتسيبي لفني. حسب رأيهم، الجدار يعتبر مصلحة الفصل التي تحولت في نظرهم الى “مصلحة وطنية عليا”.
حدثان يمنحان بعدا واقعيا بدرجة ما للجدار وكأنهما غابا عن وعينا: الاول هو سياسي – دعائي. منظمة “قادة من اجل أمن اسرائيل” وجدت أنه يجب عليها أن تبيع من جديد خطة التقارب التي تعني انسحاب احادي الجانب من يهودا والسامرة. من الصعب أن نضيع فرصة حملة اللافتات التي تخترق شوارع الدولة. الثاني هو حدث امني متواصل، يهز الاستقرار في الدولة منذ تسعة اشهر تقريبا، يمكن تسميته انتفاضة الجدار على حدود القطاع. معظم الفترة رافقها نظام اشعال الحرائق في ارجاء الجنوب. غدا سيعقد مركز بيرس – السادات للابحاث الاستراتيجية لقاء سيتم فيه بحث نظرية الجدار.
اذا كان هناك درس من انتفاضة الجدار وارهاب الحرائق فهو يتمثل في أنه لا يوجد لاسرائيل خيار تنفيذ انسحاب احادي الجانب آخر، أو أي انسحاب، في القطاع الحساس ليهودا والسامرة. هذه المرة ليس معقدا أن نشرح للمتعصبين الاكثر غباء بأن معنى انفصال آخر وانسحاب آخر هو اطلاق الصواريخ والقذائف على التجمعات السكنية الاكبر في الجبهة الداخلية – كفار سابا، نتانيا، هرتسليا، العفولة وتل ابيب. هذا اذا تحدثنا فقط عن اسماء عدد من المدن اليهودية القديمة. لقد كان امر اساسي، كثيرين في اليمين رغبوا في تجاهل التحدي الامني الاخطر لاحداث الجدار واطلاق الصواريخ في الجنوب، لأنهم شعروا بالنشوة ازاء اثبات احقيتهم الامنية والصهيونية، ومن بينهم الجنرال غرشون هكوهين.
في الكراسة يقتبس هكوهين أقوال أوري أور، في الوقت الذي شغل فيه الاخير منصب رئيس لجنة الخارجية والامن: “هذه الرؤية الامنية، التي تفضل التمترس خلف الخطوط، تخلق سلبية والدخول الى مواقع محمية، حتى لو لم نرغب في ذلك”، هكذا لخص أور الامر من تجربته العسكرية كقائد كبير.
التفكير الذي وقف من وراء جدار الامن في وسط البلاد لم يكن فقط أمنيا. محكمة العدل العليا منحته الدعم. لقد كان يمكنه أن يرسم حدود دولة اسرائيل، عندما بعد عدة سنوات من الانفصال ستتموضع اسرائيل خلف هذه الحدود. العملية بدأت في عهد شارون، وكان يتوقع أن تستمر في ولاية اولمرت الذي تحدث عن ذلك بشكل علني. إلا أنه في ذلك الحين حدث شيء ما محزن في الطريق الى الانسحاب أحادي الجانب. لقد نشبت حروب طويلة وشملت حرب لبنان الثانية – التي أنهت حلم اولمرت.
اذا كان هناك شيء يبرز الفروق الكبيرة بين سياسيي الجدار – بالاساس اولمرت وباراك – مقابل رئيس الحكومة الحالي نتنياهو فيمكن حقا أن نركزه في موضوع المعاني النفسية للجدار. نتنياهو معروف منذ فترة كأحد كبار الملاحين في تاريخ دورية الاركان، هكذا شهد له باراك نفسه. الملاحة تعني رؤية بعيدة المدى. أنت لا تسمح للوديان الجبلية والجروف الصخرية بأن تحرفك عن الهدف، بل أنت تهتم فقط بالعوائق التي تقع تحت اقدامك. في المقابل، وهم الجدار والانسحاب، القليل من السلام مقابل القليل من الانسحاب، تمنح المسؤول الشعور بأنه قام بحل ازمة معقدة بمرة واحدة لتحطيم عقدة غورديان. هذا التفكير لم يعتبر في أي يوم غباء، سوى من قبل مخربي حماس في الاشهر التسعة الاخيرة.