أقلام وأراء

اليوسفية والجرافة وقبور الشهداء والجريمة والعقاب !

نواف الزرو – 28/10/2021

ان ما تقترفه سلطات الاحتلال في مقبرة اليوسفية المقدسية منذ ايام هو جريمة بشعة تستحق العقاب ولكن مع الاسف ليس هناك من ينفذ العقاب-حاليا-….!

       فذلك المشهد الذي تابعناه على وسائل الاتصال الجماهيري مرعب ويفترض ان تهتز له كل الضمائر الحية….!

نصوروا…..!

       أم المرحوم علاء نبايته، تتشبث ببلاط قبر ابنها الذي تصر جرافات الاحتلال على اقتلاعها…………!، وهي تردد:”علاء يمّا مش رايح أقوم واتركك”…فهاجمها رجال الشرطة والمجندات وحرس الحدود، وجرافات الهدم والاقتلاع تحيط بها مستنفرة بانيابها الحادة لتقتنص فرصة الهدم والتجريف والتمهيد لبناء حدائق توراتية على حد زعمهم…..!

ان مشهد الجرافات الصهيونية وهي تغرس انيابها في تربة وقبور الشهداء في اليوسفية و تقتلع الجثث والعظام يلخّص حالة المشهد الفلسطيني تحت الاحتلال الصهيوني منذ النكبة قبل ثلاثة وسبعين عاما حتى اليوم. ويعيد مشهد تمثيل الجرافات الصهيونية بقبور وجثث الشهداء بمنتهى الاجرامية والاصرار إلى أذهان الفلسطينيين آلاف المشاهد التي اقترفتها قوات الاحتلال ببشاعة ليس لها نظير في وحشيتها والثقافة الاجرامية التي تقف وراءها، والتي كان من أبرزها على سبيل المثال إعدام المتضامنة الأمريكية راشيل كوري عند محاولتها التصدي لجرافة عسكرية صهيونية كانت تهدم بيوت الفلسطينيين في مدينة رفح في قطاع غزّة في آذار عام 2003.

    إن مظهر الجرافة الإسرائيلية وهي تنكل باليوسفية بما تحتويه من تاريخ وتراث ورموز وقبور للشهداء، هي رسالة للعالم بأنّ الاحتلال وصل لاستخدام أبشع الأساليب الوحشية الاستبدادية ضد الشعب العربي الفلسطيني، كما ان من يقفون وراء مخطط التهديم والاقتلاع  ليسوا اسخاصا عاديين بل هم مجرمون من عصابات القتل في وحدات هاشومير التي كانت تقتل الفلسطيني منذ عام 1909، وتذكرنا بجرائم الحرب وسياسات التطهير العرقي والإبادة ضد الشعب الفلسطيني، وتدل دلالة ساطعة إلى أين وصل القمع و البطش الإحتلالي  باستخدام اشد الوسائل وحشية ضد الشعب الفلسطيني.

أما عن الجرافة الصهيونية ودورها الاجرامي على مدى عمر الاحتلال، فمما هو جدير بالاستحضار هنا تلك الاقوال والاوصاف التي اطلقها عدد من نخبة الكتاب الاسرائيليين على دور الجرافة الصهيونية الاجرامي، فكان اوري افنيري احد اهم اقطاب “معسكر السلام” الاسرائيلي وابرز الخبراء في السياسات الصهيونية ورئيس تحرير مجلة هعولام هزه قد اكد لنا منذ سنوات على سبيل المثال قائلاً: “ان الحرب الحقيقية في الضفة انما تدور رحاها في انحاء الضفة الغربية والقدس، واسلحتها تتكون من: الخرائط والقرارات والأوامر العسكرية، وهي حرب مصيرية يتعلق بها مصير ملايين الفلسطينيين، فأما الحياة واما الموت”، وأدوات هذه الحرب الوجودية حسب افنيري وحسب التقارير الفلسطينية المختلفة هي الخرائط والقرارات والاوامر العسكرية الاسرائيلية التي اداتها الرئيسية هي الجرافة العملاقة، التي لم تتوقف عن غرز اسنانها في الجسم الفلسطيني..!

ويقول الكاتب الاسرائيلي “يهودا ليطاني” في الجرافة: “ان الجرافة صارت اداة حرب للجيش الاسرائيلي، الاداة التي تشبه الدبابة وترمي الى الدمار وليس الى البناء”. ويقول الكاتب الاسرائيلي “عوفر شيلح”:”تواصل صديقتنا الجرافة تصميم الواقع في الضفة الغربية”.

وكتبت الصحفية الاسرائيلية المناهصة لسياسات الاحتلال “عميره هس” مؤكدة: “التفاؤل بعملية السلام شيء، والجرافات شيء آخر، فاسرائيل تبني للفلسطينيين في الضفة الغربية محميات هندية مبعثرة هنا وهناك”.

وتؤكد معطيات تقارير “السلام الآن” وغيرها “ان الجرافة الاسرائيلية تواصل عملها على مدار الساعة بلا توقف، بينما هم يتحدثون عن السلام..!

   لا شك إن تعمد الاحتلال قتل وسحل وسحق الشاب الناعم والتنكيل بجثته تحت سمع وبصر العالم أجمع، جريمة بشعة تضاف إلى سجل جرائمه الأسود بحق شعبنا الفلسطيني على طول الوطن وعرضه، وبحق أهل غزة المحاصرين، يتحمل العدو الصهيوني تبعاته ونتائجه.

    وفق المادة 13 من قانون حماية السكان المدنيين الذي اقر عام 77 فان المدنيين يجب ان يتمتعوا بحماية عامة من الاخطار العسكرية، ويجب ان لا يكونوا هدفا لاي هجوم”، غير ان معطيات المشهد الفلسطيني تبين للعالم كله ان دولة الاحتلال تقترف جرائم الحرب على اوسع نطاق وعلى مختلف الجبهات وفي مختلف المجالات ضد الشعب الفلسطيني…1

    ان ما يجري في المقبرة اليوسفية المقدسية هو انتهاك صارخ متواصل لكافة المواثيق و القرارات الدولية…!.

وهو عدوان صارخ على الفلسطينيين والعرب بمسلميهم ومسيحييهم ..وهو عدوان شرس وبشع ويستحق وقفة حقيقية وجادة من قبل كافة القوى الحية….!

 فلماذا تتمادى وتعربد”اسرائيل” على هذا النحو مع فلسطين وشعبها ونسائها واطفالها وتاريخها وتراثها وحقوقها …؟!

– اين فلسطين من المواثيق والقوانين والاعراف والاخلاق الدولية والبشرية..؟

— اين المجتمع الدولي.. واين الأمم المتحدة.. واين مجلس الامن الدولي من المجازر الجماعية وجرائم الحرب الصهيونية المروعة المنفلتة بلا كوابح ضد نساء واطفال وشيوخ فلسطين..؟!

— اين المحكمة الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب وجنرالات الاجرام في الدولة الصهيونية..؟!

– ولماذا يتوقف المجتمع الدولي بمجلسه الامني وبكل منظماته الدولية مشلولا حينما تمس المسألة “اسرائيل” وجنرالات الاجرام فيها…؟!

-لماذا تتعطل المواثيق والقوانين الدولية امام “اسرائيل”…؟!

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى