اليكس فيشمان يكتب – عن الردع والسياسة
يديعوت – مقال – 19/12/2018
بقلم: اليكس فيشمان
المخرب الذي اصاب بجراح خطيرة جنديا في موقع في بيت ايل، الاسبوع الماضي، سلم نفسه لجهاز المخابرات بضغط من عائلته خوفا من تصفيته، من المس برزقها ومن هدم منزلها. بتعابير الصراع بين دولة اسرائيل والارهاب الفلسطيني يسمى هذا الردع.
ولكن عندما تعرض على الجمهور الاسرائيلي والفلسطيني صور اغلاق غرفة او هدم نصف طابق في منزل سكن فيه مخرب قتل اسرائيليا – فهذا تبخيس في مفهوم الردع. وعندما يصف رئيس الوزراء هذا الفعل الجزئي، الذي ينفذ بحق غرفة المخرب، كتنفيذ لسياسة هدم منازل المخربين في غضون 48 ساعة – فقد بات هذا “انباء ملفقة”، وتضليلا للجمهور. فليس فقط لا يوجد هنا ردع بل هو أمر مضاد للردع. لقد جرى هنا استخدام تعيس لاداة أمنية لاغراض سياسية داخلية.
بالاصل، قبل عشرات السنين، لم يولد القرار بهدم منازل المخربين الذين نفذوا عمليات انتحارية أو عمليات قتل في اثنائها اسرائيليون من أجل ردع او معاقبة عائلته. بل كان يستهدف ردع المخرب الانتحاري التالي من الانطلاق الى الدرب خوفا من أن تعاني عائلته بسبب فعلته. وكانت النية هي المس، ماديا، بممتلكات عائلة المخرب الذي نفذ مأربه والتسبب لها بضرر حقيقي، منظور للعيان. هدم أو سد غرفة او طابق هو تشويه قانوني للنية الاصلية، ولا يوجد هنا ضرر حقيقي. فما بالك ان الترميم يكون سريعا، ولم يغير اي مخرب انتحاري رأيه بسبب الخوف على حيطان غرفته.
ان هدم منازل المخربين الذين قتلوا اسرائيليين منصوص عليه جيدا في أنظمة الطواريء. فهذه تسمح للقائد العسكري ليس فقط بهدم المنزل بل وكل الشارع. وبخلاف نفي عائلات المخربين، فان هدم المبنى لا يصطدم بالقانون الدولي. حتى منتصف سنوات الالفين، تعاطت محكمة العدل العليا مع هدم المنازل مثلما مع الاعتقالات الادارية. اي خطوة دفاعية تستهدف الردع وليس العقاب.
في الانتفاضة الثانية، ولا سيما بعد حملة “السور الواقي” التي توغل فيها الجيش الاسرائيلي الى المدن الفلسطينية، هدم اكثر من 500 منزل مخربين انتحاريين. رأى مسؤولون في جهاز المخابرات في هدم منازل المخربين الرافعة المركزية في خنق موجة ارهاب الانتحاريين. منازل متعددة الطوابق – حيث سكن المخربون الانتحاريون وعائلاتهم – هدمت، والقي بعائلات غير مشاركة الى الشارع، وفي المخابرات اشاروا الى ان الناس يرفضون اعطاء مأوى للمخربين، والعائلات تسلم ابناءها.
أما في الجيش، بالمقابل، فبدأت تنطلق في نهاية 2003 اصوات تتحفظ من هدم المنازل بدعوى انها تشكل حافزا لعمليات الثأر. في 2005 عرضت لجنة اللواء اودي شني على رئيس الاركان يعلون ووزير الدفاع موفاز ورقة عمل قضت بان هدم المنازل يشعل إوار الارهاب. عندما اصبح هدم المنازل ظاهرة جارفة – فقد أثره الردعي وأصبح عنصر استفزاز. فتوقف هدم المنازل ولاحقا قضت محكمة العدل العليا بانه اذا كان لا بد من الهدم – فبشكل متوازن.
نشب الخلاف مرة اخرى في 2014، بعد قتل الشرطي باروخ مزراحي، ولاحقا بعد قتل التلاميذ الثلاثة الذين اختطفوا في غوش عصيون. ومنذئذ يتجادلون على النجاعة، على الاخلاقية، على العقاب الجماعي ويتلعثمون في الميدان.
حتى 2018، 30 في المئة فقط من منازل المخربين المرشحة للهدم عولجت بالفعل. الجيش من جهته لا يجن جنونه على هدم المنازل في صيغته الحالية: من جهة هذا غير ناجع ومن جهة اخرى هذه حملة عسكرية بكل معنى الكلمة مع حشد الجهود وامكانية الاخطاء التي من شأنها أن تشعل نارا كبرى.
اما الكابنت فهذا لا يزعجه. فقد استخلصوا حتى الان من الغرفة المسدودة للمخرب ربحهم السياسي.
* * *