ترجمات عبرية

اليكس فيشمان يكتب / بضاعة مستعملة

يديعوت – بقلم  اليكس فيشمان  – 17/8/2018

هذه البضاعة المستعملة المسماة “تسوية” سبق أن حاولوا بيعها لنا عدة مرات في  الاشهر العشرة الاخيرة. في بداية 2018 كانوا يسمونها “خطة انسانية لاعمار القطاع”، وعشية اندلاع الاضطرابات على الجدار في شهر اذار وصفت بانها “جهد لكبح اندلاع العنف في القطاع”. كانت هذه هي السيدة اياها بتمشيطة مختلفة: خطة مصرية متعددة المراحل لاعادة السلطة الفلسطينية الى قطاع غزة. وفي الايام الاخيرة نشأ هنا وضع عبثي يستند الى حرب نفسية تخوضها حماس وحزب الله الى جانب استعراضات سياسية من اعضاء الكابينت الاسرائيلي وبموجبها فان “تسوية” جديدة، شاملة ودراماتيكية ستشرق علينا هذا الصباح. الامر الوحيد الجديد هنا هو بضعة اقوال عديمة الغطاء كذاك الذي يعد بتهدئة تستمر سنة. فأي آلية بالضبط ستراقب وتفرض مثل هذه التهدئة.

كل شيء بدأ قبل نحو عشرة اشهر، حين استأنفت مصر مبادرة للمصالحة بين السلطة وحماس. مبادرة تؤدي الى اعادة السلطة وفي مرحلة لاحقة الى خطة مصالحة اسرائيلية – فلسطينية. اسرائيل اعطت مصر ضوء أخضر، ولكن من خلف الكواليس شرحت لابو مازن بانه ليس مجديا له  الموافقة على خطة لا ينزع فيها سلاح حماس فورا. فاقتنع ابو مازن، ولمزيد من الامان خنق القطاع اقتصاديا ايضا.

في بداية كانون الاول فزعت اسرائيل من فعلة يدها، حين تدهور الوضع الانساني في غزة الى مصيبة. وعندها ولدت خطة اللواء يوآف فولي مردخاي التي جندت الامم المتحدة، الولايات المتحدة، دول من غربي اوروبا وقطر في مشاريع لاعمار البنى التحتية الانسانية في القطاع. وفي الخلفية كان كل الوقت موضوع الاسرى والمفقودين وبالتالي لم يجر الحديث ابدا عن اعمار  اقتصادي للقطاع على المدى البعيد. ومع حلول شهر اذار رأوا في اسرائيل بان المنطقة على شفا انفجار، ولهذا فقد دفعوا بكل القوة لبداية الاعمار، ولكن هذا كان متأخرا جدا حيث اندلعت موجة العنف في القطاع، وتجمد كل شيء.

منذئذ وحتى اليوم، كل ما تريده اسرائيل هو العودة الى اليوم ما قبل  اندلاع الاضطرابات. وبالمقابل فانها مستعدة لان تعطي بالضبط ما كانت مستعده لان تعطيه في حينه. وفي  حينه أيضا، مثلما هو الحال الان، طرح اقتراح بان يدفع القطريون الرواتب لموظفي حماس في مسار “يتجاوز السلطة”، وعندها أيضا حذرت المخابرات الاسرائيلية من أن مثل هذه الخطة ستمس بمكانة ابو مازن الذي تحتاجه اسرائيل كي يواصل التنسيق الامني.

كما أن قصة الميناء والمطار هي الاخرى بضاعة مستعملة. فقد سبق أن جرى الحديث عن ميناء اصطناعي طائف في العريش، بل وحتى قبرص لعبت ايضا في الماضي دور النجم مع فتوى سلاح البحرية عن الصعوبة في الرقابة الامنية في ميناء اجنبي.

والان يدور الحديث عن أن المبادرة المصرية الحالية للتسوية بدأت لان حماس قطعت مؤخرا علاقاتها مع داعش في سيناء. غير أن هذا سبق أن حصل قبل اكثر من سنة، مع انتخاب يحيى السنوار زعيما لحماس في القطاع.

اما استأنف المبادرة المصرية كان توجه من نتنياهو للرئيس المصري السيسي في  لقائهما السري في ايار من هذا العام. كان تخوف من أن تتدهور الاضطرابات في القطاع الى مواجهة شاملة، وفي اسرائيل اعتقدوا بانه من خلال المبادرة المصرية للتسوية بين حماس وابو مازن ستهدأ الخواطر على الارض.

وهكذا وصلنا حتى الموقف الحالي: اسرائيل مستعدة لان تعطي في أطار هذه “التسوية” بالضبط ذات البضاعة التي كانت مستعدة لان تعطيها قبل اشتعال المنطقة. اي، بنى تحتية انسانية، استمرار الحوار على اعادة الاسرى والمفقودين، واذا وصلنا الى رؤيا الآخرة – ربما يكون ايضا ميناء بحري. وكل هذا منوط بما سيحصل اليوم، غدا وبعد شهر على حدود القطاع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى