اليكس فيشمان : خلاف غزة
يديعوت – بقلم اليكس فيشمان – 6/6/2018
كشف وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان أمس جملة من الخلافات المبدئية التي بينه وبين قيادة هيئة الاركان في كل ما يتعلق بالسياسة الاسرائيلية المرغوب فيها في قطاع غزة.
ففي خطاب القاه في اجتماع للمحاسبين في ايلات ادعى ليبرمان بان تحسين الوضع الانساني في قطاع غزة لن يؤدي الى تحسين الوضع الامني، اضعاف ارهاب الطائرات الورقية وايقاف الاضطرابات على الجدار. بل وصف ليبرمان اولئك الذين يدعون ذلك بانهم “هاذين، مروجي اوهام، مخطئين ومضللين”.
وان كانت أقوال وزير الدفاع موجهة ايضا للنواب والوزراء الذين يطالبون الحكومة بالعمل على اعمار القطاع من أجل تخفيض مستوى التوتر، ولكن اساس الانتقاد وجهه بالذات الى التصريحات التي انطلقت مؤخرا في قيادة هيئة الاركان بالنسبة للحاجة الى خطوة سياسية – اقتصادية تساعد في التغلب على الازمة الامنية.
ما أغضب ليبرمان على نحو خاص، كان تصريح مصدر عسكري رفيع المستوى قال لمراسلين عسكريين يوم الخميس الماضي بانه “يمكننا ان نسير في منزلق ونصل الى تصعد، ويمكننا أن نقرر اننا نسير نحو عملية ليست عسكرية تؤدي الى وضع مختلف في غزة… يمكن العمل في موضوع المعابر، الغذاء، المياه، المجاري، مشاريع الصناعة وما شابه. الفترة الحالية هي الاكثر مناسبة للتوصل الى تسوية مع حماس بهدف منع التصعيد المتواصل ومزيد من الجولات القتالية”.
يتبين أن اقوال ذاك المصدر العسكري رفيع المستوى لم تنسق مع مكتب وزير الدفاع، وأثارت هناك غضبا شديدا. في محيط ليبرمان، فسروا الاقوال كانتقاد على سياسة الحكومة والوزير وكدحرجة المسؤولية من القيادة العسكرية الى القيادة السياسية في كل أزمة مستقبلية في غزة. أي: نحن (الجيش) قمنا بعملنا، والان دوركم هو ايجاد حل سياسي – اقتصادي.
يختلف موقف وزير الدفاع في مسألة غزة تماما. فعلى حد قوله، مثلما قالوا في المؤتمر في ايلات، كل “خطوة انسانية من جانبنا في قطاع غزة ستتم انطلاقا من التزامنا كبشر وليس انطلاقا من الافتراض بان هذا سيمنع الارهاب”، و “دون حل لمسألة الاسرى والمفقودين لن يكون أي شيء”. وعلى حد قول ليبرمان لحماس لا مصلحة في تحسين الوضع الانساني في القطاع بل تفجير الحصار كي تتمكن من التسلح، تهريب التكنولوجيات والسلاح وجلب خبراء ايرانيين وبناء القوة. هذا أيضا نهجها بالنسبة لاتفاق الهدنة لعشر سنوات: اتفاق كهذا، كما يدعي ليبرمان، لن يخدم الا حماس التي ستستغله كي تجمع القوة.
من ناحية ليبرمان فان الحل للوضع في غزة هو سياسة ثابتة، دفاعية وهجومية، لمنع القدرة العسكرية لحماس وصد محاولات اقتحامها للجدار. الى جانب ذلك فانه يؤيد امكانية الاعمار للبنى التحتية الانسانية، اذا ما توفر الطريق لعمل ذلك من فوق رأس حماس ورأس ابو مازن، الذي يرى فيه وزير الدفاع العامل الاساس للازمة الانسانية في القطاع.
غير أن وزير الدفاع والجيش يتجادلان عمليا على جلد الدب الذي لم يصاد بعد. كل الاطراف ذات الصلة في النزاع وكذا الدول الاوروبية والعربية، على علم جيد بمخططات اعمار القطاع، ولكن المخططات لا تنطلق على الدرب منذ اربع سنوات للسبب البسيط في أن الحديث لا يدور عن حل للازمة الاقتصادية بل عن مشكلة سياسية – اقتصادية.
غزة هي ساحة جس نبض دولي وعربي. في حالة غزة فان للمال رائحة ولون. اسرائيل، مصر والسعودية لا تريد أن ترى مالا تركيا وايرانيا في غزة؛ دول الخليج لا تريد أن ترى هناك مالا قطريا؛ ابو مازن، غير مستعد لان يحول الاموال الى غزة من الدول المانحة عبر البنوك الفلسطينية في الضفة؛ والاوروبيون والامريكيون لا يمكنهم أن يحولوا المال مباشرة الى السلطات في غزة، إذ ان الحديث يدور عن حكم حماس التي تعتبر منظمة ارهابية.
حكومة اسرائيل هي الاخرى متنازعة في داخل نفسها بشأن الاجراءات الاقتصادية في القطاع. اذا كان وزير الدفاع يقرر ان يأخذ من السلطة الفلسطينية المال كي يعوض المزارعين على حرق الحقول في غلاف غزة، فان وزير المالية يعارض. هكذا بحيث أن اعمار اساس لقطاع غزة يبدو في هذه اللحظة في طريق مسدود.