اليكس فيشمان / تصعيد بلا كوابح
يديعوت – بقلم اليكس فيشمان – 30/5/2018
الان نحن في سقوط حر في غزة. بلا مظلات، بلا وسيط، بلا حوار، فقط نار. في الظروف التي نشأت في اليوم الاخير، لن تتوقف هذه النار الا عندما يرفع احد الطرفين الايدي. بكلمات اخرى: عندما يرضى الجهاد الاسلامي فيقرر وقف النار.
منذ ما بعد ظهر امس اعلن الناطق بلسان الجهاد في القطاع بان ليس لاسرائيل مصلحة في القتال. وتنقل قنوات التلفزيون الفلسطينية البث المباشر من اسرائيل والذي يظهر فيه مواطنون اسرائيليون فزعون يركضون بحثا عن مأوى. من ناحية رؤساء حماس والجهاد في غزة، هذا منذ الان انجاز يمكنه أن يبرر وقف النار. غير أنه ليس في اسرائيل اي نية للسماح لحماس باطلاق الرصاصة الاخيرة. ففي المداولات التي اجراها وزير الدفاع امس مع هيئة الاركان تلقى الجيش الاذن بالاستعداد لكل امكانية: من تشديد في قوة النار المستخدمة ضد قطاع غزة حتى الدخول البري. وتشديد قوة النار يمكن أن يجد تعبيره في هجوم جوي مكثف يستمر بضعة ايام ضد ما يسمى بنى تحتية لحماس بما في ذلك بنى تحتية تحت أرضية في عمق القطاع. معنى مثل هذا الهجوم هو نشاط جوي مسلح ضد احدى المناطق الاكثر كثافة في العالم، فيما أن ليس للسكان المحليين حقا الى أين يفرون. الضرر المحيطي والثمن بحياة الانسان سيكونان وفقا لذلك، ولكن الكلمة الاخيرة تقولها اسرائيل. هذا هو القرار في جهاز الامن بالتشاور مع رئيس الوزراء: لا تتركوا اي طعم نصر للطرف الاخر. هذه ايضا فرصة لصد موجة الارهاب الشعبية على الجدران، والذي اصبح في الاشهر الثلاثة الاخيرة نمط حياة خطير.
هكذا تندلع الحروب في الشرق الاوسط. في كانون الثاني هاجمت اسرائيل نفقا فقتلت 14 من الجهاد الاسلامي. في حينه طلبت حماس من الجهاد الاسلامي لجم رد فعل. اما اول امس، حين قتل الجيش الاسرائيلي ثلاثة من رجال الجهاد الاسلامي على الحدود، فقد صرنا في اوبيرا اخرى. فمنظومة التوازنات في مثلث اسرائيل – مصر – حماس قضت نحبها. والى داخل هذا الفرغ اجتذبت ايران، مع مصلحة واضحة في انعدام الاستقرار في قطاع غزة. فما بالك ان الجهاد الاسلامي، مثل حزب الله، هو أداة عمل ناجعة في ايدي ايران.
في اللحظة التي بدأت فيها “مظاهرات كسر الحصار” في القطاع، انهارت عمليا كل التفاهمات والتوافقات الشفوية التي ولدت بعد حملة الجرف الصامد. وصعدت اسرائيل وحماس الى طريق الحرب. في الاسابيع الاخيرة، منذ مسيرة “يوم النكبة” حين قتل 62 فلسطينيا على الجدار حاولت مصادر في اسرائيل خداع الجمهور بعناوين عن هدنة مقتربة، عن خطة اعمار دولية تقف اسرائيل في مركزها. ولكن كل شيء بقي على الورق. واستهدفت العناوين الرئيسة هدفا واحدا فقط: خدمة ما يسمى في اللغة الدبوماسية “لعبة الاتهامات” لبناء حجة غيبة للفشل. احد الادعاءات هو أن حماس غير مستعدة لقبول صفقة رزمة انسانية تتضمن الاسرى والمفقودين. وطالبت بصفقة منفصلة للجثث تتضمن تحرير سجناء بما في ذلك 50 من محرري صفقة شاليط ممن اعيدوا الى السجن. هنا الى هذا الحد او ذاك انتهت المفاوضات وبدأت الحرب. مثلما في الجرف الصامد ومثلما في حرب لبنان الثانية، فان المعركة الحالية في غزة هي حرب يجر الطرفان الى داخلها. اليوم الاول هو مثال واضح على هذا الانجرار. فقد بدأ الجهاد الاسلامي باطلاق 30 قذيفة هاون، باقرار حماس. وفي ظهر اليوم انضمت حماس الى اطلاق النار كي لا تبقي الحظوة على القتال للجهاد الاسلامي وحده. وفي سياق اليوم جاءت موجة نار الصواريخ وقذائف الهاون والتي تضمنت ضمن امور اخرى اطلاق نار باتجاه عسقلان واوفكيم. بدأ الجيش الاسرائيلي يعالج اهداف الجهاد الاسلامي وواصل الضرب من الجو في قلب البنى التحتية العسكرية لحماس – بما في ذلك نفق دمر، هو العاشر في عدده منذ بداية السنة.
معقول الافتراض باننا بسرعة شديدة سننتقل ايضا الى الاحباطات المركزة بقيادة حماس وبالمقابل، الى نار بعيدة المدى من غزة نحو الجبهة الداخلية لاسرائيل، بما في ذلك محاولات اقتحام الجدار وتنفيذ عمليات داخل الاراضي الاسرائيلية. وبالتوازي سيبذل جهد لفتح جبهة اخرى في الضفة. ان الصدمة التي تحاول اسرائيل الان القائها من الجو يفترض ان تحدث في حماس ذات الاثر الذي خلقته موجة القتلى على الجدار في يوم النكبة: ضربة شديدة بشكل خاص لقدراتها العسكرية، ولا سيما لبناها التحتية المركزية لانتاج السلاح، لدرجة التهديد بقبضتها على السلطة. ان القوة العسكرية لحماس هي احد المراسي التي تسمح لها بالسيطرة في القطاع والوقوف في وجه رام الله. في المرحلة التالية من الهجمات معقول الافتراض بان اسرائيل ستهاجم ايضا مؤسسات الحكم. اين ستكون نقطة التوقف فليس واضحا بعد. من الجولان السابقة تعلمنا أن لحماس يوجد طول نفس لا بأس به.