الولايات المتحدة حذرة وتحذر دول غربية من تزويد ليبيا بأسلحة متطورة
مركز الناطور للدراسات والابحاث
العناصر:
- وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والتحذير من تسليح الجيش الليبي.
- تقديرات أمريكية باحتمال انتقال الأسلحة المتطورة في حالة إمداد الجيش الليبي بها إلى جهات متطرفة.
- الاعتبارات الأمريكية من وراء التحذير من تسليح الجيش الليبي بأسلحة هجومية.
- رأي القيادة لعسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) حول تسليح الجيش الليبي
- ماذا لو فاز ميت رومني في الانتخابات الرئاسية؟
الولايات المتحدة حذرة وتحذر دول غربية من تزويد ليبيا بأسلحة متطورة
رغم الوجود الأمريكي المكثف في ليبيا بما في ذلك الوجود الاستخباراتي المنتشر ليس فقط في مدنيتي بنغازي وطرابلس وإنما في المدن الليبية حتى الحدود المصرية، فقد أصدرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تقريرا في منتصف شهر أكتوبر الماضي يشتمل على تحذير من إمداد الجيش الليبي الذي يجري تشكيله بأسلحة أمريكية متطورة وطائرات وحوامات ودروع ومنظومات دفاع جوي.
العميد المهندس المتقاعد المقيم في الولايات المتحدة وعلى ضوء ما حصل عليه من أجزاء من هذا التقرير المقدم إلى البيت الأبيض وإلى وزارة الدفاع ومجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية يحذر من أن انتقال مثل هذه الأسلحة المتطورة قد يشكل مصدر تهديد للولايات المتحدة ولحلفائها هذا على ضوء المعطيات التالية:
- أن هناك عدة حركات سلفية متطرفة تدين بالولاء لتنظيم القاعدة في ليبيا والتي نفذت الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي وأسفر عن مصرع السفير كريس ستيفنس في 11 سبتمبر الماضي مثل أنصار الشريعة والتي تشكل امتدادا لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الموجود في الصحراء.
- أن ليبيا تحولت في الأشهر الأخيرة إلى مصدر للسلاح المستخدم في العمليات الإرهابية وكذلك تصدير المقاتلين إلى عدة دول في منطقة الشرق الأوسط ومنها: سيناء في مصر وسوريا ولبنان والعراق، بحيث أصبحت ليبيا تحتل المرتبة الأولى بعد اليمن وأفغانستان والصومال.
- أن هذه الأسلحة قد تسقط في يد عناصر إرهابية لتجد طريقها بعد ذلك إلى عدة مناطق يتواجد فيها الإرهاب في الصحراء منطقة الساحل وإلى مصر وإلى دول أخرى.
- أن الأسلحة الليبية التي كانت بحوزة القوات التابعة لنظام القذافي انتشرت على مساحات واسعة شملت تشاد والسودان ومصر والجزائر وتونس والنيجر ومالي ومنطقة الساحل والصحراء.
- أن الجيش الليبي الجديد والذي يجري تشكيله من كافة الصنوف البرية والجوية والبحرية لا يحتاج إلى أسلحة هجومية وإنما ينبغي أن يقتصر هذا التسليح على أسلحة دفاعية لحماية الأمن الداخلي والهجرة غير المشروعة والعمليات الإرهابية حتى لا يتكرر نفس السياق في عهد القذافي حيث استخدمت الأسلحة المتطورة التي حصل عليها من الاتحاد السوفيتي وروسيا ضد دول الجوار تشاد ومصر.
التقرير يطلب من وزارة الخارجية الأمريكية أن تتولى تحذير الدول الصديقة المنتجة للسلاح في الغرب وخاصة فرنسا بريطانيا وإيطاليا من مغبة عقد أية صفقات مع ليبيا خاصة إذا كانت تشمل منظومات أسلحة متطورة.
ويشير المصدر إلى أن هذا التقرير أعد على خلفية طلبات ليبية قدمت إلى الدول الغربية للحصول على أسلحة على منظومات أسلحة بينها الطائرات والدروع والحوامات والقطع البحرية.
التقرير أكد على ضرورة التعاطي مع ليبيا بنفس المعايير التي استخدمت في التعاطي مع العراق فيما يتعلق بتسليح الجيش العراقي، حيث أن الولايات المتحدة تلقت طلبات بالحصول على أسلحة من العراق منذ عدة سنوات، أي يجب أن يدرس كل طلب على حدا دراسة دقيقة قائمة بحيث تراعي الهدف من هذا التسليح واحتمال حدوث متغيرات على الوضع السياسي بحيث تصبح هذه الأسلحة في نهاية المطاف أداة لتقويض المصالح الأمريكية.
وفي ختام تقرير المصدر الذي يستقرئ بعض الفقرات مما ورد في تقرير وكالة المخابرات المركزية يشير إلى أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لاحظت أن ليبيا لا يمكنها أن تحصل على أسلحة متطورة من مصادر أخرى غير الغربية وخاصة من روسيا والصين، لأن هناك أزمة في العلاقات بعد أن عطل النظام الليبي الجديد الذي جاء على أنقاض القذافي المصالح الروسية والصينية وأنهاها بشكل تام، وهو ما يغلق الباب أمام أية محاولة من جانب ليبيا للحصول على أسلحة من الصين وروسيا، هذا ناهيك عن أن روسيا تعتبر ليبيا قاعدة أساسية للإرهاب والجماعات الإرهابية، وأنها تدعم الحركة الشيشانية المعارضة.
رأي القيادة لعسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) حول تسليح الجيش الليبي
التقرير الذي أعدته الاستخبارات المركزية الأمريكية استند إلى رؤى عدة جهات أمريكية والتي أجمعت كلها تقريبا على التحذير من تسليح الجيش الليبي بأسلحة أمريكية أو غربية متطورة، ومنها:
- القيادة العسكرية الأمريكية الخاصة بإفريقيا “أفريكوم” التي كان يقودها الجنرال كارتر هام، والذي عوض مؤخرا بالجنرال رودريجيز.
- مندوبين وممثلين عن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في ليبيا وخاصة في طرابلس وفي عاصمة الشرق بنغازي.
- مجلس الأمن القومي الأمريكي.
وكالة الاستخبارات المركزية اعتمدت إلى حد كبير على مذكرة قدمتها قيادة أفريكوم والتي اعتد بها لعدة اعتبارات هامة:
أولا: أن قيادة أفريكوم هي المسؤولة عمليا وعملياتيا وميدانيا عن الساحة الإفريقية وعلى الأخص المناطق الحساسة والمشبعة بالتهديدات والتحديات مثل منطقة الساحل والصحراء وعلى الأخص ليبيا بعد التغيير الذي حصل فيها وواكبته عملية انتشار الفوضى في الداخل وانتشار فوضى السلاح وعدم استقرار الوضع السياسي رغم إجراء انتخابات لاختيار أول برلمان ليبيا.
ثانيا: القيادة وعلى ضوء رصدها لتطورات الأحداث في داخل ليبيا نصحت بأن الوقت ليس مناسبا الآن ولا في المدى المنظور لإمداد ليبيا بالأسلحة الغربية المتطورة وعلى الأخص الأمريكية والانتقال من السلاح الروسي إلى السلاح الغربي مع ما يتطلبه ذلك من انتقال أيضا إلى العقيدة العسكرية الغربية.
ثالثا: من مصلحة الولايات المتحدة أن لا تكون هناك جيوش نظامية كبيرة مسلحة تسليحا متطورا إلا في بعض الحالات مثل الحالة المغربية، فالمغرب شريك إستراتيجي للولايات المتحدة وكذلك الجزائر نظرا لأن الجزائر تقف في الخط الأول في المواجهة ضد الإرهاب الذي يقوده تنظيم القاعدة تحت مسمى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
القيادة العسكرية الأمريكية “أفريكوم” عملت برأي قيادة المنطقة الوسطى CentCom نظرا لما لديها من خبرة وتجربة في هذا المجال اكتسبتها من تعاطيها مع الساحة العراقية، فالعراق وبعد أكثر من تسع سنوات من احتلاله من قبل القوات الأمريكية الخاصة للقيادة الوسطى لم يزود بالسلاح الأمريكي أو الغربي ليس فقط لوجود معارضة داخل الكونغرس ومجلس الشيوخ وإنما أيضا لتحذيرات من المنظومات الاستخباراتية الأمريكية الحريصة على الأمن القومي الأمريكي والمصالح القومية الأمريكية من أن مثل هذه الخطوة قد تكون نتائجها عكسية.
رأي القيادتين كان حاسما في بلورة تقرير وكالة الاستخبارات المركزية من حيث ترجيح الخيار الداعي إلى أن يكون الجيش الليبي قوة أمنية في مواجهة الإرهاب والهجرة غير المشروعة دون امتلاك قدرة هجومية عملياتية تمارس خارج حدود ليبيا كما حدث في الماضي وكذلك كما حدث بالنسبة للجيش العراقي الذي كان يعتبر أكبر الجيوش في المنطقة وأكثرها تسليحا.
ماذا لو فاز ميت رومني في الانتخابات الرئاسية؟
في هذا السياق تحدث عدد كبير من مسؤولين أمنيين أمريكيين سابقين وبينهم مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق أنتوني ليك عن أن ميت رومني إذا ما فاز في الرئاسة فسيكون أكثر حزما في ضبط عملية تسليح الجيش الليبي وقصر هذا التسلح على الوسائل المستخدمة في مكافحة الإرهاب وتوفير الأمن ليس فقط داخل ليبيا وإنما الالتزامات التي أخذتها ليبيا على عاتقها في نطاق مبادرة 5+5 وكذلك في نطاق الشراكة الأورومتوسطية واتفاقيات أخرى للتعاون الأمني في مواجهة الإرهاب وفي مواجهة الهجرة غير المشروعة.
رومني وخاصة إذا ما أسند منصب مستشار الأمن القومي إلى جون بولتون وعين بول ريان نائبا له سيصعد من وتيرة العلاقات الأمريكية مع الدول الإفريقية التي تتعرض للإرهاب وخاصة في غرب إفريقيا مثل نيجيريا والنيجر وتشاد والمغرب وتونس وموريتانيا. واستبعاد ليبيا بعد أن تحولت فعلا ليس فقط إلى بؤرة إرهابية بل إلى دولة مصدرة للإرهاب حتى أن دولة مثل مصر لم تكن بنجوة من هذا الإرهاب فهناك بضع عشرات من الليبيين في شمال سيناء.
المـركز العـربي للدراسات والتـوثيق المعلـوماتي