ترجمات أجنبية

الواشنطن بوست : فوضى إيران قد تزداد سوءاً

الواشنطن بوست – كارل بيلدت* – 19/4/2018
يسير البيت الأبيض وأوروبا على مسار تصادمي بخصوص الاتفاق النووي مع إيران. ومع أن هذا في حد ذاته سيئ بما فيه الكفاية، فإن هناك علامات على أن الأمور قد تذهب إلى مزيد من السوء.
كان قد تم التفاوض على الاتفاق النووي الإيراني (المعروف أيضا باسم خطة العمل المشتركة الشاملة) بدقة بين اللاعبين الدوليين الرئيسيين، ثم أقره مجلس الأمن الدولي بالإجماع. ولا شك في أن الاتفاق يعمل بكل وضوح، وسيكون تمزيقه حماقة محضة.
لكن الأمور تزداد سوءا بالنسبة لاتفاق إيران النووي. فمع التعيينات الرئيسية الجديدة في البيت الأبيض، بالإضافة إلى بعض التشجيع من القادة الإسرائيليين والسعوديين، يُحتمل أن تكون الولايات المتحدة متجهة إلى اعتناق سياسة تغيير النظام في إيران.
لا شك في أن جون بولتون، مستشار الأمن القومي القادم، حاضر تماما في الدفاع عن هذا التوجه، ويعتقد بالتأكيد بأنه خيار سياسي واقعي. وليس من الواضح في الحقيقة ما الذي قد تبدو عليه سياسة تغيير النظام في إيران. فإذا كانت تتضمن تقديم دعم واضح لقوى المعارضة المختلفة داخل إيران، فإنها لن تفعل أكثر من تشويه سمعة هذه القوى في نظر الكثيرين في البلد. وإذا كان أصدقاء بولتون في ما يسمى “مجاهدي خلق” من بين هؤلاء، فسوف يجعل ذلك من هذا التشويه أكثر وضوحا –كانت هذه المجموعة حليفا عسكريا لصدام حسين في حربه التي دامت ثماني سنوات ضد إيران.
ليس تشجيع المجموعات العرقية المختلفة في البلاد على النهوض في ثورة ضد طهران شيئا جديدا. لكن ضخ الأموال إلى جماعات بلوشية أو كردية أو غيرها من الجماعات من غير المرجح أن يحقق أي شيء آخر غير التسبب بتزايد القمع في هذه المناطق. ومن المؤكد أن تبني سياسة تغيير النظام سيعمل على تقوية قوى القمع والمواجهة في إيران نفسها. وإذا كان من الممكن وصف كل مدافع عن الإصلاح والانفتاح بأنه عميل لوكالة المخابرات الأميركية أو الموساد، فإن فرص نجاح هؤلاء سوف تتلاشى. وقد يظن البعض أن ذلك سيزيد من احتمالات حدوث انفجار في البلاد على طول الطريق. ولكن قبل ذلك، نحن على يقين من أننا سنرى تصعيدا في المواجهة في جميع أنحاء المنطقة، وإمكانية اندلاع حرب مباشرة.
من المؤكد أن لدى إيران القدرة على زعزعة الاستقرار في العراق وأفغانستان والخليج بشكل يفوق ما رأيناه حتى الآن -ربما أكبر من القدرة المشتركة للولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل على فعل الشيء نفسه في إيران. وعلى أي حال، سوف يكون انطلاق سباق لزعزعة الاستقرار في أنحاء المنطقة مدمرا للغاية.
لا شك أن النظام في إيران يواجه تحديات كبيرة. فقد أصبح سجل البلد في توفير فرص العمل والآفاق لشبابه المتعلم والطموح بائسا. ووضعه المالي في هذه الفترة غير مستقر. وهو يواجه قضايا بيئية رئيسية تتطلب الاهتمام. كما أن سجل إيران في مجال حقوق الإنسان مروع. ولكن، على النقيض من البلدان الأخرى في المنطقة الأوسع، فإن لديها شكلاً من أشكال النظام السياسي الذي يمكن أن يفتح ويصلح نفسه، في ظل الظروف المناسبة.
لدى إيران مصالح أمنية أساسية في العراق وأفغانستان لا يمكن تجاهلها. ويجب تشجيع إيران على تعزيز سيادة ووحدة هذين البلدين بطريقة بنّاءة. وفي القتال ضد “داعش”، من الواضح أن الأجندات الغربية والإيرانية تتلاقى، وهناك القليل من إمكانية التشكيك في حقيقة أن إيران قدمت مساهمات كبيرة في هذا الإطار.
إن أوروبا حريصة على تعزيز تطور النظام في المنطقة بالتوازي مع التكامل الإقليمي، وهي تفضل إقامة حوار جسور حول نقاط الخلاف الواضحة. وتشكل خطة العمل المشتركة الشاملة مفتاح الأبواب إلى مشاركة أوسع. وهي لا تضمن بالتأكيد أي نجاح فوري، لكنها تنطوي على فرص أفضل لتحقيقه من أي خيار متاح آخر.
إن تطور النظام ليس أقل من ضرورة إقليمية -في طهران والرياض، وكذلك في القاهرة. ومن دون إجراء إصلاحات وتغييرات رئيسية في السنوات المقبلة، فإن إيران والمملكة العربية السعودية ومصر تسلك جميعا مسارات غير مستدامة. ويجب أن يكون الهدف من السياسات الغربية المعقولة هو تشجيع هذه الإصلاحات ومحاولة تسهيل تشكُّل بيئة إقليمية مواتية لها. ومن شأن احتمال حدوث زعزعة للاستقرار في المنطقة أن يقوّض إمكانية تطور النظام الضروري في هذه المناطق، بما ينطوي على قدر أكبر من عدم الاستقرار.
لا يقلل هذا بأي حال من الأحوال من ضرورة مواجهة طهران بشأن بعض أنشطتها اليوم. ومن المؤكد أن توريد صواريخ متوسطة المدى إلى الحوثيين في اليمن يجب أن يكون على رأس أي أجندة دبلوماسية أوروبية مع طهران. ولدى أوروبا مصلحة أساسية في منع نشوب حرب جديدة في لبنان وما حوله، والتي يمكن أن تنجم عن مواجهة بين إيران وإسرائيل في سورية.
ليس ثمة محيطات تفصل أوروبا عن الشرق الأوسط. وليس لدينا خيار بناء الجدران. إن الشرق الأوسط هو مسبقا جزء من مجتمعاتنا، وسوف تشكل أي صراعات واضطرابات إضافية في المنطقة تهديداً مباشراً لأمن أوروبا. ولن تفعل سياسة تغيير النظام في إيران شيئاً سوى إضافة الوقود إلى منطقة مشتعلة أصلا.
*رئيس وزراء سابق للسويد، وكاتب عمود مساهم في الواشنطن بوست.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى