المناظرة بين رومني وأوباما حول السياسة الخارجية
ترجمة: مركز الناطور للدراسات والابحاث 24/10/2012
نشرة مباط العدد 378
معهد أبحاث الأمن القومي في 23/10/2012.
الرئيس باراك أوباما والمرشح الجمهوري ميت رومني التقيا صبيحة يوم أمس في مناظرة تلفزيونية كانت السياسة الخارجية تتصدرها.
العنوان هو أيضا نتاج المواجهة الواضحة: الاستمرارية والاتفاق على المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية الأمريكية.
المتنافسان لم يرسما خطا جديدا لهذه السياسة كلاهما لم يعلنا أنهما سيهاجمان المراكز النووية الإيرانية أو يدفعان نحو حل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، كلاهما من ناحية أخرى وجها الرأي العام الأمريكي الذي أوجد حالة ردع من استخدام القوة والفكاك البطيء من الشرق الأوسط.
ومهما كانت نتائج الانتخابات في شهر يناير 2013 فسيكون لإسرائيل صديق في البيت الأبيض، شخص ما على استعداد لأن يقف إلى جانب الحليف الأكبر للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من ذلك وفي حالة ما إذا كانت هذه المناظرة قد عكست برامج المرشحين فإن الولايات المتحدة ستكون مختلفة عن فترة كل من كلينتون وبوش الابن.
ستكون الولايات المتحدة هي التي ستقدم الدعم الدبلوماسي القوي والدعم المالي وهي التي ستعزز التعاون العسكري والاستخباراتي، لكن بالنسبة للحرب والسلام فإنه ينبغي على إسرائيل أن تنقذ نفسها وتنجو بجلدها من أزماتها حيث أن الولايات المتحدة ستكون على الجانب فقط.
في الفترة التي كان فيها الرئيسان كلينتون وبوش في البيت الأبيض رأينا كيف أن الولايات المتحدة كانت مختلفة.
كانت هذه الولايات المتحدة سواء في الجانب الخير أو السيئ التي حاولت أن تحقق عملية السلام وكانت أقل تحفظا من استخدام القوة من أجل إعادة تشكيل الشرق الأوسط.
كانت أيضا الولايات المتحدة أكثر نشاطا في السنوات الأولى لولاية أوباما كرئيس ولم تخش من الدخول في مواجهة مع رئيس الحكومة نتنياهو حول عملية السلام.
الدين القومي تضخم، الإعياء لدى الجمهور الأمريكي من التدخل العسكري والربيع العربي فرضت مثل هذه التغييرات العميقة.
الولايات المتحدة استخدمت القوة العسكرية في ليبيا لكن في المواجهة الأخيرة فإن أحدا من المرشحين لم يوص باستخدام مثل هذه القوة في سوريا.
المرشحان اتفقا بأنه ينبغي سحب القوات الأمريكية من أفغانستان وأشارا فقط وبشكل عابر إلى الحرب في العراق ونتائجها.
المسألة الفلسطينية التي كانت في الماضي في صدارة الحوار الأمريكي في الشؤون الخارجية تم التطرق إليها لماما فقط هذه المرة من قبل رومني وحتى لم تذكر مرة واحدة من قبل أوباما.
كلاهما استخدم لغة حذرة في الموضوع الإيراني، كلاهما أيد العقوبات بينما رومني يدعي بأنه ينبغي تبني وبشكل مبكر وبشكل أقوى هذه النقطة الواضحة والبديهية ولكنها هامة.
هناك في الولايات المتحدة تأييد مكثف للعقوبات، صحيح أن أحدا من المرشحين لم يتخل عن الخيار العسكري لكنهما تطرقا إليه كخيار أخير.
كلاهما لم يبد أي حماس شديد لمضمون اقتراح المنشط بوب شيفر لإقامة حلف دفاعي مع إسرائيل (يتم بمقتضاه اعتبار أي هجوم على إسرائيل كهجوم على الولايات المتحدة) المرشحان كانا مختلفين في ردهما على هذا السؤال.
في أية مرحلة ينبغي وقف إيران؟ رومني عاد إلى مقولته بأنه محظور على إيران أن تطور قدرة نووية، ومرة أخرى عبر عن معارضته أن تصل إيران إلى حالة يمكنها فيها أن تندفع بسرعة نحو القنبلة النووية.
أوباما في مقابل ذلك قال أنه بالنسبة لصانعي القرارات في الولايات المتحدة ستتوافر معلومات دقيقة بأن إيران تسعى لإنجاز مثل هذه العملية للاختراق.
هذا هو إذن الفارق الهام والكبير لكنه دون توضيح لإيران ما هي الدلالات التي يمكن استخلاصها من هذه المفاهيم لأن مثل هذا التمييز يبقى عديم الأهمية العملية.
في هذا الموضوع ومثل مواضيع أخرى أوباما ورومني وجها كلامهما إلى الناخبين الحائرين في وسط الخارطة السياسية التي يعيشها السكان الأمريكيين الذين حاولوا خلال الحرب، التمايز فيما بينهما حول هذا المسائل مثل ظهورهم أكثر من محاولة الفرز بين الفوارق في آرائهم.
رومني هاجم بروز الضعف لدى أوباما وعاد ليتهم أوباما برحلة الاعتذار إلى الشرق الأوسط.
رومني دعا إلى زيادة الميزانية العسكرية وعلى الأخص للأسطول الأمريكي.
أوباما رفض الادعاء برحلة الاعتذار ووصفها بالكذب الأكثر فظاعة في الحملة الانتخابية.
لم يسخر من رومني لعدم معرفته الاحتياجات العسكرية الحقيقية بمقارنته بناء السفن الإضافية وإضافتها كإضافة الأحصنة والسيوف والتي أصبح لا لزوم لها كنتيجة للتقدم التكنولوجي.
رومني حاول أن يميز بين الضعف والقوة بينما أوباما حاول أن يميز بين الفكر المتعمق والفكر الارتجالي، الناخب هو الذي سيقرر.
يبدو من خلال هذه المناظرة أن الولايات المتحدة فقدت الاهتمام بالشرق الأوسط وكذلك فقدت الإبداع الإنتاجي للسياسة الخارجية .
الأفضل الذي عرضه رومني والذي نال الاتفاق من خلال كلمات أوباما هو مساعدة المجتمع العربي على تحقيق الديمقراطية (والسوق الحرة) عن طريق برامج مساعدات وسيادة القانون .
تطوير الديمقراطية كان منذ أيام الرئيس كنيدي العمود الفقري في السياسة الخارجية الأمريكية، مع إستراتيجية وضعت عمليا من قبل الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك أوروبا لم يشر إليها بكلمة واحدة أثناء المناظرة.
روسيا إفريقيا أمريكا اللاتينية حظيت بإشارات مختصرة فقط.
وفيما يتعلق بالزاوية الإسرائيلية –كما سبق وأن ذكرنا- الولايات المتحدة ستقف إلى جانبها، منظومة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية لم تمس بأي تغيير من قبل الرأي العام فيما يتعلق بتدخل الولايات المتحدة في الساحة الدولية.
المرشحان رفعا وباعتزاز ولاءهما لحليفهم الأكبر في المنطقة مبرهنين على موقفهما على منظومة العلاقات بين الدولتين.
من ناحية ثانية وخلال هذه المناظرة أوقدت شمعة تحذير إلى إسرائيل وصانعي سياستها، وستكون لنتائج الانتخابات للرئاسة في الولايات المتحدة والكنيست في إسرائيل أهمية كبيرة بالنسبة لمستقبل العلاقات بينهما.
الحكومة الإسرائيلية القريبة في آرائها من الإدارة الأمريكية قد تجد نفسها في وضع مريح لإدارة التعاون في مسائل مثل عملية السلام وإيران والتداعيات الإقليمية للربيع العربي، ومع ذلك لا يمكن استبعاد احتمال التنسيق والتعاون بين حكومة وسط يمين في إسرائيل وبين إدارة لولاية ثانية لأوباما.
مثل هذا التعاون سيحتم إعادة النظر في الأولويات السياسية والوسائل لتحقيق الأهداف السياسية.
علاوة على ذلك هناك حاجة لبناء الثقة والقدرة على أن يثق كل طرف في الآخر وعلى الخاصة المستويات العليا لصانعي السياسة.
ومهما كان الرئيس الذي سيفوز فإن الرأي العام الأمريكي يشكل عقبة أمام كل من سيحاول تبني سياسة فعالة واستعداد لتدخل أمريكي فعال سواء في سوريا أو إيران أو أية ساحة أخرى.
كل واحد من المرشحين إذا ما تم انتخابهما سيحسان بضغط حتى لا يستخدم القوة العسكرية الأمريكية.
الاعتقاد هو أن استخدام القوة سيكون متاحا فقط عندما تتأكد أهمية استخدام القوة.
الحكومة الإسرائيلية التي ستحاول تسويق الحاجة لاستخدام القوة الأمريكية يمكن أن تحقق استخدام القوة من جانب الولايات المتحدة بعد أن تتمكن من إقناع الرأي العام الأمريكي بذلك خلال السنوات القادمة، وسيكون هذا هو المفتاح لإدارة موفقة وناجحة للعلاقات الأمريكية الإسرائيلية.