شؤون اقليمية

المعلن وغير المعلن في زيارة أوغلو الفاشلة إلى طهران


مركز الناطور للدراسات والابحاث 

 

شهدت العاصمة الإيرانية مؤخراً زيارة وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، والذي وصلها أول أمس الأربعاء الموافق 4 كانون الثاني (يناير) 2012، وذلك لجهة التفاهم مع كبار المسؤولين الإيرانيين حول حملة من القضايا الثنائية والإقليمية والدولية: فما هي طبيعة دبلوماسية الوزير داوود أوغلو في طهران.. وإلى ماذا ترمي تحركات أنقرا الجارية على خط طهران.. وهل يا ترى تستطيع أنقرا إحداث الانقلاب المطلوب أمريكياً ـ إسرائيلياً في معطيات الموقف السياسي الخارجي الإيراني؟

* جدول أعمال وزير الخارجية التركي في طهران: توصيف المعلومات الجارية

تقول التقارير والتسريبات بأن زيارة وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو الأخيرة إلى العاصمة الإيرانية طهران قد جاءت ضمن لحظة تميزت فيها تطورات الأحداث والوقائع الجارية بالمزيد من المنعطفات الحرجة، وفي هذا الخصوص، تضمنت بنود جدول أعمال زيارة داوود أوغلو النقاط الآتية:

•    محور اللقاءات: تضمنت تفاهمات الوزير داوود أوغلو عقد لقاءات مع: وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي ـ نائب الرئيس محمد رضا رحيمي ـ كبير المفاوضين النوويين سعيد جلبلي ـ رئيس البرلمان الإيراني على لارجاني.

•    محور الملفات: تطرقت تفاهمات الزيارة إلى ملف الوضع السوري ـ ملف الوضع العراقي ـ ملف التصعيد الإيراني في الخليج ـ ملف العلاقات الاقتصادية الإيرانية ـ التركية.

هذا، وما كان لافتاً للنظر تمثل في أن جدول أعمال زيارة داوود أوغلو قد تضمن لقاءً خاصاً مع الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر، وإضافة لذلك نلاحظ أن بنود جدول أعمال الزيارة قد اتسمت بالشمول الواسع لجهة تغطية عدد أكبر من القضايا والملفات.

* نتائج الزيارة: تحليل المواقف والالتزامات المتبادلة

سعى الوزير التركي أحمد داوود أوغلو، لجهة التأكيد لكبار المسؤولين الإيرانيين بأن الموقف التركي الرسمي إزاء إيران سوف يتضمن تأكيد أنقرا القاطع على الآتي:

•    استمرار تركيا في شراء النفط الإيراني.

•    التزام تركيا باستمرار تدفقات صادرات النفط الإيراني عبر خط الأنابيب المار عبر الأراضي التركية.

•    التزام تركيا بالتعامل مع البنك المركزي الإيراني.

•    التزام أنقرا بجدول رفع معدلات التجارة وفقاً لما هو محدد، بحيث تبلغ هذا العام 15 مليار دولار ولاحقاً رفعها بما يصل إلى 30 مليار دولار.

وإضافة إلى ذلك، أكد الوزير داوود أوغلو لكبار المسؤولين الإيرانيين بأن أنقرا سوف لن تلتزم بإنفاذ مشروعات العقوبات الدولية المتعددة الأطراف المفروضة ضد إيران.

هذا، وتأسيساً على ذلك، فقد سعى الوزير أحمد داوود أوغلو إلى مطالبة طهران بضرورة دعم أهداف ووجهات نظر أنقرا، إزاء الآتي:

•    ملف سوريا: أن تقوم إيران بتقديم النصح لدمشق لجهة القيام بتغيير مسار توجهاتها بما يتضمن قيام دمشق بوقف العنف دون قيد أو شرط أو حتى طرح مطالب إضافية.

•    ملف العراق: أن تقوم إيران بالضغط على بغداد من أجل الإبقاء على نائب الرئيس طارق الهاشمي ـ نائب رئيس الوزراء صالح المطلك ـ وزير المالية رافع العيسوي ـ رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي إضافة إلى الدكتور إياد علاوي زعيم كتلة القائمة العراقية. وإضافة إلى ذلك قيام بغداد بوقف الإجراءات القضائية المتخذة ضد طارق الهاشمي وغيره، بما يؤمن عودة كل شركاء الائتلاف الحاكم، وصولاً إلى الحفاظ على فعاليات العملية السياسية العراقية ضمن نفس النسق الذي وضعته واشنطن قبل خروجها من العراق.

على خلفية المطالب التركية التي طرحها الوزير داوود أوغلو، إزاء ملف سوريا، وملف العراق، وبقية الملفات الأخرى، جاء الرد الإيراني بما يتضمن الآتي:

•    بالنسبة للملف السوري: أكدت طهران بأنها تقف وبحزم إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد، وبأنها تدعم إصلاحاته الساعية إلى تلبية مطالب السوريون المشروعة، وإضافة لذلك، انتقدت طهران موقف الوزير داوود أوغلو، بفعل تجاهله الوقوف إلى جانب طهران إزاء أزمة خطف الإيرانيين، وتحدث مسؤول إيراني منتقداً داوود أوغلو بأنه تحدث عن الإيرانيين المخطوفين وكأنه ناطق باسم المعارضة السورية، خاصة وأن داوود أوغلو قد تحدث نافياً تورط المعارضة السورية في خطف الإيرانيين، إضافة إلى نفيه بأن المعارضة تعرف مكان وجودهم.. وتحدثت طهران قائلة بوضوح أن على داوود أوغلو أن يتحدث كوزير خارجية تركي لجهة إدانة عملية الخطف.. وليس لجهة تبرئة حركات المعارضة السورية.

•    بالنسبة لملف التصعيد الإيراني في الخليج: أكدت طهران، بأنها لا تطلب من أمريكا سوى القيام بسحب قواتها ومغادرة الخليج العربي على غرار ما فعلت في العراق عندما قامت مؤخراً بسحب قواتها ومغادرة الأراضي العراقية.. وإضافة لذلك أكدت طهران بأن عودة السفن الحربية الأمريكية للخليج سوف تؤدي بالضرورة إلى نتائج غير مرضية يتوجب على واشنطن إدارك تبعاتها طالما أن أمريكا سوف تكون بالضرورة هي المسؤولة عن تصرفاتها وما يترتب عليها من تداعيات.

•    بالنسبة لملف البرنامج النووي الإيراني: أخطرت طهران الوزير داوود أوغلو، بأن إيران تمكنت من إنتاج حاجتها من اليورانيوم المخصب العالي النقاء، وبالتالي لم تعد ترغب في عروض التفاوض حول تبادل اليورانيوم المنخفض التخصيب باليورانيوم العالي التخصيب، وكل ما ترغب فيه حالياً هو التفاوض لجهة التأكيد على سلمية البرنامج النووي الإيراني، بما يؤدي إلى إعادة بناء الثقة بين إيران والبلدان الغربية، وتأسيساً على ذلك فإن طهران توافق حلياً لجهة العودة من حيث المبدأ إلى مفاوضات مجموعة الـ (5+1).

•    بالنسبة لملف العراق: أكدت طهران للوزير داوود أوغلو بأن طهران ترغب في أن يحقق العراق الاستقرار وتجاوز أزمة تداعيات الاحتلال الأمريكي، وفقط يتوقف على العراقيين تحقيق ذلك دون أي تدخل بواسطة أي طرف إقليمي أو دولي..

هذا، وتقول التسريبات بأن الوزير التركي أحمد داوود أوغلو قد تعرض لحملة انتقادات إسرائيلية عنيفة بسبب قيام تركيا بالموافقة على قيام واشنطن وحلف الناتو بنشر بطاريات شبكة الدرع الصاروخي في مناطق جنوب شرق تركيا المتاخمة لشمال سوريا وشمال العراق وغرب إيران..

* السياسة الخارجية التركية: نفق الأزمة إلى أين؟

على أساس اعتبارات حسابات الفرص والمخاطر، نلاحظ أن كثرة وتعدد الملفات التي تناولها جدول أعمال زيارة الوزير داوود أوغلو في إيران، هي كثرة تشير إلى الآتي:

•    تباين وجهات النظر التركية ـ الإيرانية حول جميع الملفات الرئيسية.

•    تزايد مخاوف حكومة حزب العدالة والتنمية من احتمالات أن تتخلى إيران عن التزاماتها التجارية والاقتصادية إزاء تركيا.. وبالتالي تقوم الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الاوروبي باغتنام الفرص والتخلي عن أنقرا خاصة وأن ساركوزي الفرنسي يبحث عن مثل هذه الفرصة.

•    تزايد مخاوف أنقرا إزاء قيام محور دمشق ـ طهران بدعم فعاليات حزب العمال الكردستاني على النحو الذي سوف يؤدي إلى زعزعة استقرار نظرية حزب العدالة والتنمية الأمنية.

جاءت زيارة الوزير داوود أوغلو، بعد أن أدركت أنقرا بأن توجهات السياسة الخارجية التركية الجارية حالياً أصبحت محفوفة بالمخاطر الداخلية والخارجية ـ الإقليمية والدولية. وبرغم هذه المخاوف فإن أنقرا ما زالت تبحث عن المزيد من الفرص لجهة استغلال تطورات الملف السوري وإعادة توجيه مفاعيل الحدث الاحتجاجي السوري بما يخدم بنود وأجندة شراكة خط واشنطن ـ أنقرا، والذي برغم المنعطفات الحرجة السابقة، مازال حيوياً وفاعلاً لجهة التمادي في توظيف واستغلال معطيات نظرية المؤامرة. وتقول التسريبات بأن داوود أوغلو سوف يقوم بعد زيارته لطهران بمقابلة كاترين أشتون مسؤولة الخارجية بالاتحاد الأوروبي من أجل إطلاعها على نتائج تفاهماته مع الإيرانيين حول القضايا والمسائل المختلفة وبالذات الملف السوري والملف العراقي وملف البرنامج النووي الإيراني.

 

نقلا عن: الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة  6/1/2012

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى