أقلام وأراء

المحامي زياد أبو زياد يكتب – هذا هو البرنامج الإسرائيلي.. فما البرنامج الفلسطيني في المقابل؟

المحامي زياد أبو زياد – 8/7/2018

قرأت وسمعت الكثير من التحليلات السياسية التي تقول بأن هدم تجمع عرب الجهالين في منطقة الخان الأحمر انما يستهدف استكمال بناء المشروع الإستيطاني المعروف ب E1 لاستكمال بناء الحزام الإستيطاني حول القدس وعزلها بالكامل عن الضفة الغربية وفصل جنوب الضفة عن شمالها.
وأنا أتفق مع هذه التحليلات ولكنني أعتقد بأن المقصود ليس القدس فقط وأن هذه ليست الصورة بكاملها وإنما هي جزء من الصورة الكاملة التي تُشكل الأساس والملهم للتصرفات الإسرائيلية.

فالنظرة الشمولية لما يجري في الضفة الغربية بما في ذلك القدس ، تُظهر لنا بأن إسرائيل تسعى وضمن مخطط شامل لترحيل الفلسطينيين عن غور الأردن وتحويله الى منطقة يهودية بالكامل خالية من العرب ، وتوسيع المستوطنات في شتى أنحاء الضفة وإعطاء الصفة الشرعية الإسرائيلية للبؤر الإستيطانية الني أقيمت في مناطق حساسة في الضفة للإستيلاء على التلال ومفارق الطرق التي تُطل أو توصل البلدات العربية بعضها ببعض لتقطيع أوصالها وعزلها عن بعضها، والعمل بشكل منهجي على تشجيع الإسرائيليين للقدوم والإستيطان بالضفة لقاء حوافز من بينها إعطائهم قروضاً طويلة الأمد وبتسهيلات تحولها مع مرور الوقت الى منح وهبات مجانية ، ودمج البنية التحتية للمستوطنات بالبنية التحتية الإسرائيلية لتسهيل اندماج المستوطنات بإسرائيل وجعل فصلها عنها أمرا صعبا ً إن لم يكن مستحيلا. أي وباختصار شديد جدا ً ابتلاع الضفة الغربية والقدس وإقامة دولة إسرائيل الكبرى على كامل ما يسمونه ” أرض إسرائيل الغربية ” كما ورد في التوراة.

في هذا الإطار تندرج عملية إخلاء منطقة الخان الأحمر والتطهير العرقي لغور الأردن وتكثيف التواجد اليهودي في القدس العربية ومحيطها وشتى أنحاء الأراضي المحتلة ، والعمل بنفس الوقت وفي الإتجاه المعاكس تماما ً على تقليل عدد العرب وهدم بيوتهم والإستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم وتضييق سبل معيشتهم أملا ً في أن يضطروا مع الوقت الى الهجرة وترك البلاد لقمة سائغة للمستوطنين.

هذا المخطط الذي تتبناه إسرائيل الرسمية حكومة وكنيست وجهاز قضائي وجيش وأجهزة أمنية يجعلنا نتساءل: أين القيادة الرسمية الفلسطينية من كل هذا وما الذي أعدته أو تعده لمواجهة هذا الوضع.

نحن ما زلنا على الصعيد الرسمي نتعامل مع إسرائيل وكأن هناك “عملية سلام” ونحاول بشتى الطرق أن نثبت للعالم بأننا ملتزمون بالسلام واللاعنف والمفاوضات ونحاول جاهدين إطلاع العالم على حقيقة الممارسات الإسرائيلية متوقعين من العالم أن يتدخل لحمل إسرائيل على وقف هذه الممارسات والتصرفات والعودة الى المفاوضات وتحقيق الحل السياسي وهذا أمر غير ممكن لاعتبارات ومصالح لدول العالم لا تخفى على أي مراقب سياسي ، وبالتالي فإنه وبأبسط العبارات ركض وراء السراب الزائف ولهاث وراء الفتات ولا فتات!

لقد أصبحنا رهائن في يد الدول المانحة ، والابتزاز والتهديد بوقف المساعدات نتيجة التزامات السلطة تجاه شعبها وجهازها الإداري (الموظفين) وأفراد الأجهزة الأمنية على اختلاف مسمياتها ، والإمتيازات التي يتمتع بها بعض المسؤولين بحكم مواقعهم سواء كانت امتيازات مادية أو معنوية.

والذي يشعر به المرء هو أننا مقيدون محنطون ندور في حلقة مفرغة وكأننا “حصان ” المعصرة المعصوب العينين والطرف الآخر ماض في تنفيذ خطته واستراتيجيته التي لن تترك مكانا لا لدولة ولا لسلطة ولا لأي كيان وسيأتي يوم يفيق به القائمون على الأمر في يوم قريب قادم ليجدوا أن الحلم تبخر وأن ليس أمامهم إلا الرحيل الى حيث أتوا أو الى حيث يمكن أن يجدوا ملجأ أو مغارات يأوون إليها.

فالدور المناط بنا حاليا ً هو أن نقوم دون وعي منا بحراسة المشروع الإستيطاني الصهيوني وتمكينه من الإستمرار والإكتمال دون إزعاج . وهذا يُفسر مثلا ً لماذا قامت الإدارة الأمريكية بوقف أو تجميد المساعدات المالية للسلطة ، بحجة أنها تدفع رواتب الأسرى ، واستثناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية من هذا التجميد واستمرار صرف مئة مليون دولار لهذه الأجهزة لإعتقاد أمريكا بأن الدور الذي تقوم به هذه الأجهزة هو في المجال الذي ترضى عنه هي وإسرائيل!

ولا شك بأننا في سباق مع الزمن فإما أن تستكمل إسرائيل مخططها الإستيطاني ونحن نراوح مكاننا ونتفرج على ما يدور من حولنا وإما أن نقف في وجهه وتعطيله. والوقوف في وجه هذا المخطط لا يتم من خلال ترك الناس وحدهم يواجهون بصدورهم العارية قمع وبطش وعنف الإحتلال جيشا ً وشرطة ً وأجهزة ً أمنية ً ومستوطنين وإنما أيضا ، وبالإضافة إلى ذلك ، من خلال قرار مسؤول وعلى أعلى مستوى قيادي يقرر جدوى استمرار الإلتزام الفلسطيني بالإتفاقات الموقعة مع إسرائيل بما في ذلك الإلتزامات الأمنية التي من أجلها تدفع أمريكا مئة مليون دولار إذا لم تكن إسرائيل ملتزمة بهذه الإتفاقيات.

لقد سمعنا الكثير من الكلام في الآونة الأخيرة بأن القيادة الفلسطينية ستفعل ذلك استجابة لقرارات المجلس المركزي بهذا الصدد ولكننا لم نر أية نتيجة عملية على أرض الواقع.

لا يجوز أن نتحول الى حرس أو زوج محل للمشروع الإستيطاني الصهيوني على أرضنا لقاء منافع آنية ستتوقف حالما يكتمل هذا المشروع ولا تبقى له حاجة بنا ، ولا قيمة لأية إلتزامات إن لم تكن في الإتجاهين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى