اللواء محمود الناطور يكتب: القائد المؤسس فاروق القدومي “ابو اللطف” في ذمة الله
اللواء محمود الناطور 22-8-2024م: القائد المؤسس فاروق القدومي “ابو اللطف” في ذمة الله
في يوم ليس عاديا، في تاريخ الشعب الفلسطيني، نودع قائدا أصيلا شجاعا، فلسطينيا، عربيا، القائد المؤسس فاروق القدومي “أبو اللطف”، الذي حفر اسمه في سجل الخالدين، مدافعا صلبا قويا عن حقوق شعبنا، استطاع ان ينقل القضية الفلسطينية بكل تفاصيلها الى كافة المحافل الدولية، من خلال قيادته الدبلوماسية الفلسطينية لعقود طويلة، استحق بجدارة لقب “ابو الدبلوماسية الفلسطينية”، في مسيرة طويلة من النضال كرسها من أجل فلسطين.
لقد كان ابو اللطف واحدا من القادة المؤسسين الذين آمنوا بحق شعبهم في الحرية، فانطلقوا لتأسيس الثورة الفلسطينية الحديثة، وصنعوا تاريخا، بدماء الشهداء، لتصدح افاق الكون، بأسم فلسطين، بجهد وتضحيات اولئك الابطال الذين لا يمكن ان ينساهم شعبنا وامتنا.
لقد كان ابو اللطف مدافعا عنيدا عن قضية شعبنا، محافظا على الثوابت، إيمانه بقضيته وعدالتها راسخاُ لم يتزعزع، قضى عمره في النضال لخدمة القضية الفلسطينية والدفاع عنها في المحافل الدولية ومناهضة الاحتلال لاستعادة الحقوق الفلسطينية، في مسيرة طويلة في العمل السياسي والدبلوماسي، تاركا إرثا نضاليا وسياسيا ستخلده الأجيال من بعده، وستذكر للراحل الكبير تضحياته وتشبثه بحقوق شعبنا، مقدما دروسا في النضال الدبلوماسي والسياسي والوطني.
لقد كان أبو اللطف مناضلا صادقا، صديقا واخا وقائدا لكل ابناء الثورة الفلسطينية، وكان مثالا للعطاء والتضحية، وعلما من أعلامها ومسيرتها الثورية، مدافعا صلبا عن القرار الوطني المستقل، متمسكا بتقاليد الثوار المناضلين في كل مراحل حياته، وستظل سيرته خالدة في ذاكرتنا الوطنية. وبرحيله نفقد أخاً وصديقاً ومحارباً وطنياً وقائدا ومفكرا، لم يتوقف يوماً عن العطاء، ليُشكل غيابه في هذا الوقت الحرج خسارة كبيرة للشعب الفلسطيني.
لقد شاءت الاقدار ان اكون على اتصال دائم مع الاخ ابو اللطف في السنوات الاخيرة، والتقينا عدة مرات وتبادلنا الكثير من البحث في اوضاعنا الفلسطينية، وهموم شعبنا، وكان حريصا على متابعة كافة تفاصيل ابناء الشعب الفلسطيني في كافة مناطق تواجده في الوطني وفي الشتات، وذلك على الرغم من مشاكله الصحية في الفترة الاخيرة.
فاروق رفيق الأسعد القدومي “أبو اللطف”؛ وُلد عام 1931 في جينصافوط قضاء قلقيلية.
درس المرحلة الأساسية في مدرستي جينصافوط والمنشية في مدينة يافا، والمرحلة الثانوية في مدرسة العامرية في مدينة يافا، ونال درجة البكالوريوس في الاقتصاد من الجامعة الأميركية في القاهرة عام 1958.
توجه إلى ليبيا للعمل في مجلس الاعمار الليبي لفترة قصيرة ومن ثم انتقل إلى السعودية للعمل في مديرية الزيت والمعادن قبل إنشاء وزارة النفط، ومن هناك انتقل للعمل في الكويت عام 1960
انخرط القدومي في العمل الوطني السياسي في فترة مبكرة من حياته؛ حيث انضم إلى حزب البعث العربي الاشتراكي منذ أربعينيات القرن الماضي.
تعرف إلى ياسر عرفات وصلاح خلف أثناء دراسته في مصر، وكان وقتها أمين فرع حزب البعث في مصر.
شارك في تأسيس حركة فتح إلى جانب الرئيس الراحل ياسر عرفات، والرئيس محمود عباس، والشهيدين خليل الوزير وصلاح خلف، وكان أحد كُتّاب مجلتها “فلسطيننا”، وعضو لجنتها المركزية منذ عام 1965، وممثلها في القاهرة، ومسؤول علاقاتها الخارجية، وشغل أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح.
في 1969 رشحته حركة فتح لعضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية فأصبح رئيسا لدائرة التنظيم الشعبي،
تولى مسؤولي الدائرة السياسية في منظمة التحرير عام 1973.
في المؤتمر الخامس لحركة فتح 1989 الذي عقد في تونس اصبح امين سر حركة فتح.
كان ضمن قيادات منظمة التحرير الفلسطينية التي غادرت بيروت إلى تونس في 1982 بعد الغزو الإسرائيلي للبنان.
عارض اتفاقات أوسلو ورفض العودة مع قيادات منظمة التحرير إلى الأراضي الفلسطينية وظل يقيم في تونس.
واليوم يودعنا فاروق القدومي “أبو اللطف” أحد القادة المؤسسين والتاريخيين الذين ساهموا في تأسيس وقيادة مسيرة النضال الوطني الفلسطيني، والحركة الوطنية المعاصرة دفاعاً عن القضية الوطنية الفلسطينية، والحقوق المشروعة، والعادلة للشعب الفلسطيني، تاركاً إرثا وطنيا ونضاليا زاخرا يشكل نبراسا للأجيال القادمة ولكافة أحرار العالم.
واليوم اذ ننعى أخا وصديقا وقائدا ورفيق درب النضال من أجل فلسطين، التي تفقد بغيابه واحدا من رجالاتها المخلصين المناضلين، قامة وطنية كبيرة، مناضلاً أمضى حياته مدافعاً عن شعبنا وقضيته الوطنية وحقوقه المشروعة في العودة وتقرير المصير والحرية والاستقلال.
لن ينسى شعبنا الفلسطيني هذه الثلّة من الأبطال التي قادته من مخيمات اللجوء إلى ساحات الكفاح، ورفعت فلسطين إلى مصاف الأيقونة العليا لكلّ أحرار العالم، حين ينتهى الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وبهذه المناسبة الحزينة اتقدم من الشعب الفلسطيني، وآل القدومي الكرام، وابناء الفقيد الراحل ابو اللطف، باحر التعازي، في وفاة الاخ والقائد ورفيق درب الراحل الكبير، فاروق القدومي “ابو اللطف، داعيا الله عز وجل ان يتغمد الفقيد بواسع رحمته، ويلهم اهله وذويه الصبر والسلوان.
انا لله وانا اليه راجعون
اللواء محمود الناطور “ابو الطيب”