#أقلام وأراءغزة
اللواء محمود الناطور والدكتور يوسف يونس: الحرب على غزة: تقدير موقف (8)

إعداد اللواء محمود الناطور والدكتور يوسف يونس – مركز الناطور للدراسات والابحاث 4-2-2024: الحرب على غزة: تقدير موقف (8)
ميدانيا:
- في مؤشر على انتقال قوات الاحتلال الى المرحلة الثالثة من الحرب، قلصت قوات الاحتلال حجم قواتها، وخرجت أكثر من نصف القوات التي عملت في القطاع قبل شهر تقريباً، وأعادت التموضع وتنفيذ انسحابات في مناطق واسعة في المناطق التالية: شمال قطاع غزة (بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا ومخيم جباليا)، غرب مدينة غزة (الشيخ عجلين، تل الهوا، النصر، مخيم الشاطىء، الشيخ رضوان)، شمال غرب مدينة غزة (منطقة الكرامة، وأبراج المخابرات، والتوام)، وسط قطاع غزة (المغازي، البريج، الزوايدة، النصيرات)، بالإضافة لانسحابات مماثلة من شارع الرشيد غرب مدينة غزة، وأعادت تمركزها شمال غرب قطاع غزة، وفي المنطقة الممتدة على شمال وادي غزة تعمل قوات أخرى، إلى جانب فرقة غزة التي اصبحت تسيطر على قطاع بعرض كيلومتر على طول حدود قطاع غزة، في مؤشر على الانتقال التدريجي إلى المرحلة الثالثة، والتي تشمل تركيز القصف على خلايا المقاومة وتقليل استهداف المدنيين، ونقل مركز العمليات إلى خانيونس وتخفيف حجم القوات في شمال القطاع، وأصبح التمركز على مداخل المناطق المأهولة، والدخول إلى عمق المنطقة لإحباط محاولات لحماس إعادة السيطرة هناك.
- وتشهد حاليا مناطق غرب مدينة غزة اشتباكات متواصلة مع قوات الاحتلال في محيط مستشفى الشفاء، دوار ابو مازن، النصر، الصبرة، السرايا، ما يشير الى انتقال المقاومة الى حرب العصابات في مواجهات قوات الاحتلال، التي تقوم باتباع تكتيكات “العمليات الموضعية” (Intensive Operations)، واضطرت الى توسيع نطاق عملياتها في هذا المحور، وعادت الى اسلوب العمليات القتالية الموسعة واستدعت المزيد من الوحدات العسكرية الى هذا المحور، الذي يشهد حاليا معارك ضارية.
- واشارت المعلومات الى ان سلاح الهندسة في جيش الاحتلال طور أدوات ضخ المياه بوتيرة عالية إلى أنفاق حماس، كجزء من أدوات لتحييد الأنفاق، تتضمن نصب محركات وأنابيب، بالتوازي مع إنضاج قدرة في مستوى هندسي والعمل على العثور على الفوهات المناسبة للمهمة، تم تحليل مزايا الأرض ومنظومات المياه في المنطقة للتأكد من ألا تمس بالمياه الجوفية في المنطقة، هذه الأداة تشكل اختراقاً هندسياً وتكنولوجياً مهماً في التصدي للأنفاق، يعود الفضل في هذه الخطوة الى سلاح الهندسة الذي كان له الكثير من المهمات في هذه الحرب، سواء شق الطرق او اقامة الاستحكامات او تدمير الالغام، اضافة الى عمليات تفجير الأنفاق، والإخلاء وشق محاور جديدة وتدمير مربعات سكنية.
- وأشارت تحقيقات جيش الاحتلال في عملية المغازي، التي راح ضحيتها حوالي 21 من جنود الاحتلال، أن حماس استعدت لهذا النوع من القتال، وطورت نظرية “الحرب الدفاعية”، وبناء المنظومة الدفاعية المحصنة تحت الأرض، وتطوير التقنيات القتالية وقدرات الإنتاج الذاتي، ونجحت حماس في تحديد نقطة ضعف في تحركات الجيش وخصوصا الأماكن التي تتكرر فيها العمليات بانتظام، الروتين العملياتي، والذي يعتبر العدو الأكبر للهياكل القتالية في حرب العصابات، ما هدد اليقظة العملياتية.

معركة خانيونس:
- بينما يتواصل استهداف الأحياء السكنية، في خانيونس جنوب القطاع، يلاحظ أن تحركات القوات البرية كانت أبطأ مما ظهرت عليه في الشمال وفي غزة، ولهذا علاقة بطول فترة الحرب، والتقديرات باحتمالات وجود قادة حماس والمخطوفين في المنطقة، وهو ما يتطلب التقدم الحذر من قوات الاحتلال، اضافة الى ان لواء خانيونس في حماس كان يعتبر الافضل قتاليا وتجهيزا بين كافة ألوية الحركة في قطاع غزة.
- ولذلك تعد عملية خانيونس العملية الهجومية الأكثر أهمية، حيث تزيد كثافة القتال، وتتوسع العملية الهجومية إلى جنوب المدينة، وغربها، وهي المنطقة التي يوجد فيها مخيم اللاجئين، حيث يتم الآن بذل جهود متزايدة من أجل ضرب كتيبتين من كتائب لواء خان يونس، هذه الجهود ترافقها مقاومة أكثر شدة من حماس، حيث يشهد محور خان يونس، اشتباكات عنيفة، خاصة في محيط مستشفى ناصر، منطقة الصناعة، مخيم خانيونس، وحي الأمل، إضافة لمواجهات مسلحة وسط المحافظة، ومع استمرار تقدم الفرقة 98 في غرب خانيونس، والتي تضم أربعة ألوية، وخصوصا في المنطقة التي تعتبر من أصعب معاقل حماس، بالنظر إلى تعقيد القتال في المناطق الكثيفة السكان، في مخيم خانيونس، حيث لا يزال هناك عشرات الآلاف من المواطنين، وكذلك في مستشفى ناصر الذي يضم مجمع كبير من المباني، حيث المعضلة التي يواجها الجيش هي ما إذا كان ينبغي علاج قضية مستشفى ناصر بطريقة مماثلة لما حدث في مستشفى الشفاء، ومثل هذا الإجراء قد يتطلب من الجيش قضاء بضعة أسابيع، حيث تسعى حماس إلى فرض ثمن آخر على شرعية إسرائيل المتآكلة.
- وأدت زيادة حجم قوات جيش الاحتلال في خانيونس الى زيادة المواجهات مع عناصر حماس، التي امتنعت عن المواجهة المباشرة واعتمدت على خلايا صغيرة وفق تكتيك “حرب العصابات”، وهو ما ادى الى إبطاء تحركات ألوية الجيش، التي توزعت مهامها ما بين العثور على قيادة حماس والاسرى، وألوية أخرى تنشغل بالسيطرة على مناطق أخرى غرب المدينة. وأشارت التقديرات الاستخبارية ان حماس خاضت معركة انسحاب في الأنفاق، وكبار قادة حماس، لم يعودوا موجودين في المدينة، وكذلك الامر فيما يتعلق بالاسرى. على الرغم ان عملية مخيم خانيونس سبقها قصف من الجو، وخطة تضليل، حيث لم يتم تحذير السكان والطلب منهم الإخلاء قبل بدء العملية، ما ساعد الجيش على اختراق المناطق الأكثر أهمية، التي أصبح القتال أكثر ضراوة، حيث توجد قواعد القيادة والتحكم لحركة حماس.
- وواصلت قوات الاحتلال عمليات هدم مربعات سكنية كبيرة في مدينة خانيونس بهدف تدمير كافة الخطوط الدفاعية لحركة حماس في المنطقة، كما تواصل قصف وتدمير مناطق جنوب خانيونس في مناطق بطن السمين والحي النمساوي، وانتقلت في عملياتها العسكرية الى منطقة الفخاري شرق المستشفى الاوروبي والتي تعتبر مؤشرا على التقدم باتجاه شمال شرق رفح.
- وتتوقع التقديرات الاستخبارية أن ينتهي القتال في خان يونس خلال الأيام المقبلة، وستظل هناك قوات مقلصة على غرار ما يحدث في شمال ووسط القطاع، والتركيز على تنفيذ عمليات قصف ضد أهداف موضعية بصورة جراحية، بمساعدة الاستخبارات، واستمرار الضغط العسكري المركز.

عملية رفح:
- ارتفعت عمليات القصف التي تنفذها قوات الاحتلال في محافظة رفح مؤخرا، والتي تتركز على اهداف محددة في احياء الجنينة والبرازيل شرق مدينة رفح، والمنطقة الفاصلة بين رفح وخانيونس، والمعروفة بمنطقة “موراج”، التي تشهد قصف مناطق زراعية فارغة، بحجة وجود اهداف للمقاومة في تلك المنطقة.
- وتدفع جهات استخبارية اسرائيل الى ضرورة إعداد خطة عملياتية للسيطرة على رفح ومحور فيلادلفيا، حيث يدور الحديث عن نقل المدنيين من رفح إلى منطقة المواصي غرب رفح، وإعادة نازحين من رفح إلى الشمال والوسط، وزيادة المساعدات، وهو من شأنه أن يساهم في تخفيف المعارضة الدولية لعملية رفح، خاصة إذا عارضت حركة حماس صفقة تبادل الأسرى المطروحة حاليا، حينها قد تعطي الولايات المتحدة الضوء الأخضر لبدء العدوان على مدينة رفح.
- وهو الامر الذي سيتطلب من إسرائيل إزالة مجموعة من العوائق، ضرورة إعادة الفلسطينيين إلى الوسط والشمال، بهدف تقليص الكثافة السكانية العالية في رفح حاليا، وان تكون العمليات العسكرية في رفح مغايرة لتلك التي تم تنفيذها في مناطق اخرى في قطاع غزة، والاعتماد على الهجمات المركزة التي لا تستهدف المدنيين، واعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة مع مصر، التي لا تمكن إسرائيل من السيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي. والذي يعتبر السيطرة عليه، من اهداف إسرائيل في الحرب، بحجة كشف وتدمير انفاق التهريب، وإحباط محاولات هروب قادة حماس وتهريب الاسرى الى خارج قطاع غزة.
- ووفق التقديرات شكل امتناع جيش الاحتلال عن السيطرة على المحور في المراحل المبكرة من الحرب، بمثابة خطأ استراتيجي، ومحاولة اصلاحه، ستكون إشكالية جدا، تستوجب تنسيقا مع مصر، التي تعارض التواجد العسكري الإسرائيلي على المحور، باعتباره انتهاك لسيادتها، وتعارض كذلك مخططات الهجوم الاسرائيلي على رفح، باعتبار ان هذه الخطوة ستؤدي الى تدفق النازحين إلى أراضيها، ما قد يخلق واقعا جديدا في المنطقة، خاصة أن إسرائيل لم تخفي نواياها بطرد الفلسطينيين من قطاع غزة من بداية الحرب.
صفقة التبادل:
- اتفق مفاوضون من إسرائيل والولايات المتحدة ومصر وقطر في باريس على إطار عمل لإنجاز صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، الاتفاق يشمل وقفا تدريجيا لإطلاق النار في غزة وإيصال المساعدات لسكان القطاع وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين، المرحلة الأولى ستشمل إطلاق حماس سراح 35 – 40 رهينة إسرائيلي من النساء والأطفال والرجال المرضى ممن هم فوق 60 عاماً، مقابل افراج إسرائيل عن 200 – 300 أسير فلسطيني دون أن يشمل هذا الرقم الأسرى من ذوي الأحكام العالية، كما تسمح إسرائيل بتدفق المساعدات إلى قطاع غزة بواقع 200 – 300 شاحنة يومياً. ويتوقف القتال لمدة خمسة أسابيع. والمرحلة الثانية تشمل إطلاق سراح جنود وضباط أسرى لدى المقاومة مقابل إطلاق إسرائيل سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين يتم التفاوض حولهم في جولة مفاوضات غير مباشرة تجري ما بين 4 – 6 أسابيع من بدء تطبيق الاتفاق. أما المرحلة الثالثة فتشمل الإفراج عن جثث القتلى الأسرى من الجانبين والاتفاق حول المعابر وإعادة إعمار قطاع غزة، مصر وقطر ستتوليان متابعة تنفيذ الاتفاق بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
- حركة حماس أعلنت أن لديها ملاحظات جوهرية على ورقة مقترح صفقة التبادل، وتدرس الورقة مع مختلف الفصائل لبلورة رداً موحداً، ويجري البحث عن ضمانات لالتزام اسرائيل، وتطالب بمعادلة «الكل مقابل الكل»، ووقف تام للحرب وانسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة، وإطلاق سراح الاسرى الفلسطينيين مقابل المحتجزين الاسرائيليين. ولم تقدم الحركة حتى الان ردها بصورة رسمية على الصفقة المقترحة.
- وتستند حركة حماس في ترددها انها تمسك بزمام المبادرة الميداني في مواجهة جيش الاحتلال، اضافة الى ان ورقة الرهائن الاسرائيليين تشكل ضغطا قويا على حكومة نتنياهو من الاهالى الذين يصعدون ضغطوهم على الحكومة الاسرائيلية للمطالبة باتمام صفقة تبادل بـ “أي ثمن”، اضافة الى ان الضغوط الامريكية على حكومة نتنياهو لاتمام الصفقة وصولا الى وقف الحرب ما يخدم المصالح الامريكية وعدم توسع الصراع اقليميا، والتفات الحزب الديمقراطي الى الانتخابات الامريكية القادمة في نهاية العام الحالي.
- وتتخوف الحركة ان الصفقة قد تكون “كمين”، يساعد اسرائيل على استعادة محتجزيها، ثم تقوم باستئناف الحرب، دون السماح للغزيين من الشمال بالعودة ودون سحب قوات الاحتلال من القطاع وبلا تعهد بإنهاء الحرب أو اقامة المنطقة العازلة، حيث يدور الحديث أن تل أبيب تعد خطة لحكم إسرائيلي لغزة لمدة عام للقطاع، وبالتالي فإن الصفقة هي محطة عبور نحو استكمال مشروع إسرائيل بغزة.
- وفي المقابل تؤكد إسرائيل أنها لن توقف الحرب، إلا بعد تحقيق أهداف القضاء على حماس عسكريا وسياسيا، والبقاء في قطاع غزة عسكريا، وأنها ستوافق فقط على وقف مؤقت لإطلاق النار، مدته شهران، وتعتبر أن الضغط العسكري سيؤدي إلى تحسين شروط المفاوضات وبالتالي التعجيل بإطلاق سراح المختطفين.
- وتتوقع التقديرات أن تثير الصفقة خلافاً سياسياً في إسرائيل، فبينما تعتبر بعض الاطراف ان الصفقة ستكسر أكثر من شهرين من الطريق المسدود في المفاوضات، وترسم مخططاً لإعادة مخطوفين، ولا تمنع إسرائيل من العودة إلى الحرب مثلما فعلت في نهاية الصفقة السابقة التي في إطارها تحرر 85 رهينة، وفي المقابل تعتبر جهات اخرى ان الصفقة ستترك في ايدي حماس عدداً كبيراً من المخطوفين ستستخدمهم لتحقيق أهدافها، وستؤدي الصفقة الى تعزيز الخلاف السياسي في الحكومة الاسرائيلية، بين المعسكر الحمائمي بقيادة غانتس آيزنكوت وآريه درعي، الذي يطالب بإطلاق سراح المخطوفين حاليا، وتأجيل هدف القضاء على حماس لاحقا. في مقابل معسكر الصقور بقيادة بن غفير وسموتريتش، الذي يرى بضرورة مواصلة الحرب ضد حماس، حتى تقويضها، قبل قضية المخطوفين، في ظل التخوف أن تكسب حماس وقتا وتجمع قوة، وإسرائيل ستفقد طاقة وشرعية، دون أن تتمكن من تقويض حماس، ويحتمل أن تكون مطالبة بان تدفع في المستقبل أثمانا باهظة، ويعتقدان ان وقفا طويلا لإطلاق النار سيعتبر إنهاءً للحرب وسيبقي حماس في السلطة.
- ويرى نتنياهو أن إعادة بعض المخطوفين مقابل آلاف السجناء الفلسطينيين سيتم تفسيرها على أنها اعتراف بالفشل، وبالتالي فان هذه الصفقة سترفع مكانة “حماس” وستخلصها من الضغط العسكري، لذا فإن الطريقة الوحيدة للتقدم تتعلق باستمرار ضرب حماس، حتى تصل إلى “نقطة الانكسار” التي ربما ستؤدي إلى عقد صفقة بشروط أسهل، على الرغم من أن هذا الموقف يتعارض مع الوضع الميداني وانتقال حماس من نمط العمل العسكري المنظم نسبياً إلى نموذج حرب العصابات، اضافة الى ان هذه الصفقة ستعزز مكانة حماس في أوساط الجمهور الفلسطيني، وستصعب إبعادها عن مراكز القرار التي ترسم مستقبل قطاع غزة.
- ولذلك سيضطر نتنياهو للمناورة بين المعسكرين، وبين الالتزام الأساسي من جانب الدولة تجاه المخطوفين والتأييد الجماهيري الواسع للاتفاق، وبين إمكانية تصدع الائتلاف، وسيضع ألغاما لنسف مقترح باريس، حيث يراهن على رفض حركة حماس للصفقة بسبب عدم تلبية مطالبها الاساسية مثل انسحاب جيش الاحتلال من غزة أو عودة النازحين أو وقف الحرب أو رفض الافراج عن بعض الاسرى، هذه العقبات ستكون كفيلة بتعطيل أي صفقة وستعطي نتنياهو حبل نجاة الهروب من الصفقة واستمرار تماسك حكومته.
الموقف:
- تشير التقديرات أن الحرب في قطاع غزّة، قد تستمر لأشهر طويلة، خاصة وان جيش الاحتلال بعيد عن الوصول الى “نقطة الحسم” وتحقيق أهداف الحرب كاملة، وفي مقدمتها «سحق حركة حماس وتقويض حكمها وضمان ألّا تشكّل غزة تهديدا لإسرائيل، وإعادة المحتجزين، ولذلك فان نتنياهو وقيادة الجيش لا يؤيدون وقف الحرب، ويعتبرون أنّ انهاء الحرب قبل تحقيق تلك الاهداف هو هزيمة لاسرائيل، ولذلك فان تركيز نتنياهو ينصب على حسم المعركة وتحقيق «النصر»، لكسب ثقة الجمهور الإسرائيلي.
- على الرغم من وعود نتنياهو بالنصر، إلا أن أهداف الحرب لم يتم تحقيقها بعد، والشلل السياسي الذي يفرضه نتنياهو يمنع ترجمة ما تم إنجازه إلى إنجازات دبلوماسية، وفي ضوء غياب قرارات المستوى السياسي فإن هناك تخوفات من أن الإنجازات العسكرية ستتآكل، خصوصا في ظل استمرار رفض نتنياهو اتخاذ قرارات بالنسبة لليوم التالي للحرب، ما يدفع باتجاه المواجهة مع الإدارة الاميركية والدول العربية المعتدلة. اضافة الى ان رئيس الأركان هرتسي هليفي حذر المستوى السياسي بأن رفض بلورة استراتيجية لليوم التالي يمكن أن يؤدي إلى تكرار العملية العسكرية في المناطق التي أنهى القتال فيها، خصوصا بعد ان عادت حماس إلى إطلاق الصواريخ واستعراض حضورها في تلك المناطق، وخاصة في مناطق غرب غزة.
- رفض نتنياهو رؤية الإدارة الأميركية حول الدور المستقبلي للسلطة الفلسطينية المتجددة في إدارة قطاع غزة، ويصر على عدم إقامة الدولة الفلسطينية، ما يؤدي الى التوتر مع الإدارة الأميركية، التي تصر على ضرورة انهاء المرحلة المكثفة من المعركة والانتقال إلى مرحلة الهجمات المركزة، وهو الامر الذي ترفضه إسرائيل بدعوى أن هذه الاجراءات ستعزز حماس ولن تؤدي الى اطلاق سراح المخطوفين، وقد يسعى نتنياهو لاستغلال هذا الاحتكاك لإلقاء المسؤولية على الأميركيين عن عدم تحقيق أهداف الحرب.
- تتوقع التقديرات ان تحدد صفقة التبادل مستقبل العمليات العسكرية في جنوب قطاع غزة بصورة عامة، وفي رفح بصورة خاصة، حيث ستسعى اسرائيل الى تحميل حركة حماس المسؤولية عن عرقلة الصفقة، وبالتالي ستسارع الى تنفيذ عملياتها في رفح، والتي تستهدف تغيير الوضع في محور فيلادلفيا، وتهجير المواطنين الى سيناء، بما يتناسب مع المصالح الاسرائيلية. لذلك تدعم بعض الاطراف امكانية موافقة الحركة على الصفقة باعتبار انها ستكون خطوة من اجل تأجيل الازمة او حلحلتها، وهو تكتيك يعتمد على “ازاحة الازمة” Shifting The Crisis)) لفترة من الزمن، قد يحدث خلالها متغيرات قد تعزز موقف الحركة، وتخفف الضغط العسكري على مقاتليها، وكذلك الضغوط الشعبية المتزايدة نتيجة استمرار الحرب والازمات الانسانية المرافقة لها في صفوف المواطنين الذي يتكدسون في رفح ودير البلح في ظل اوضاع انسانية صعبة للغاية تشكل ضغوطا على المقاومة.