#أقلام وأراء

اللواء محمود الناطور “ابو الطيب” يكتب: ورحل طلال سلمان: الآن فقط أغلقت السفير أبوابها

اللواء محمود الناطور “ابو الطيب” يكتب 26-8-2023: ورحل طلال سلمان: الآن فقط أغلقت السفير أبوابها

اللواء محمود الناطور “ابو الطيب”

لقد تلقيت اليوم بكل الحزن والاسى نبأ وفاة الاخ والصديق طلال سلمان، صاحب القلم الجرىء، والكلمة الشجاعة، أبرز الصحافيين العرب، مؤسس صحيفة السفير، والتي شكلت تاريخ الصحافة في لبنان، وتاريخ لبنان الثقافي والسياسي، والتي كانت تعتبر من اهم وابرز التجارب الصحافية العربية في التاريخ المعاصر، وكانت بالفعل منبرًا حقيقيًا لقضايا العرب وقضية فلسطين، ولا سيما حين تمكّنت من جمع الكل العربي في منبر حرً للتعبير عن القضايا الوطنية والقومية والاجتماعية.

الحدث الأبرز في حياته كان لقاءه الرئيس جمال عبد الناصر في دمشق في أوائل سنة 1958 حين ذهب إلى العاصمة السورية برفقة سليم اللوزي وشفيق الحوت وأحمد شومان لاستقبال عبد الناصر، لتهنئته بالوحدة بين مصر وسورية في اطار “الجمهورية العربية المتحدة”، وظلت صورته إلى جانب الرئيس عبد الناصر تحتل مكانًا بارزًا في قاعة إبراهيم عامر في الطبقة الرابعة من مبنى صحيفة السفير. وحضر كذلك افتتاح الجمعية الوطنية التأسيسية الجزائرية في سبتمبر/ أيلول 1962. والتقى الرئيس أحمد بن بلة، بعد استقلال الجزائر وانتصار الثورة الجزائرية.

أسس صحيفة السفير بعد جهود كبيرة وصدر العدد الأول في 26 مارس/ آذار 1974، وكان يتضمن مقابلة مع ياسر عرفات، ويحمل شعار “جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان”، فضلًا عن شعار رديف “صوت الذين لا صوت لهم”. وفتحت صفحاتها أمام اتجاهات فكرية وسياسية متحالفة أو متخالفة كالناصرية والبعث والقوميين العرب والسوريين القوميين والعَلمانيين والشيوعيون بمختلف اتجاهاتهم السوفييتية والماوية والتروتسكية.

لقد كنت على اتصال دائم مع الاخ طلال سلمان لسنوات طويلة ، وعند اعداد المؤلفات عن تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة، كان مرجعا مهما على الكثر من الاحداث ، باعتباره مرجعا تاريخيا وسياسيا وتوثيقيا، ولم يتأخر ابدا في اي يوم من الايام عن تقديم المساعدة والعون انطلاقا من ايمانه العميق باهمية التوثيق والمعرفة للاجيال القادمة.

كانت فلسطين وقضايا الامة حاضرة في ذهن الراحل الكبير، ولقد كان ما وثقه في مقالته عن ما قدمه الفلسطينيون بعد هجرتهم في 1948 من بلادهم الى لبنان ، حيث ذكر بالحقائق والارقام والاسماء الفلسطينيون الذين ساهموا في نهضة لبنان، على عكس الادعاءات التي كانت تدعي ان الفلسطينيون كانوا السبب في الازمات التي يعيشها لبنان، ولقد كان من دواعي اعتزازنا ان ننشر هذه المقالة في كتابنا بعنوان حركة فتح بين المقاومة والاغتيالات.

لقد رحل طلال سلمان جسدا ولكن سيبقى افكارا وقيمة وتاريخا ناصعا على جبين الامة العربية واحرار العالم، وكما افتقدنا صحيفة السفير منذ اغلاقها في 2017 منبرا حرا وصادقا ، فاننا بالفعل سنفتقد هذه القامة الكبيرة ، صاحب الرأي والفكر والمواقف الجريئة.

وداعا اخي وصديقي طلال سلمان،   

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى