اللواء محمود الناطور “ابو الطيب” يكتب: الاخ والصديق صلاح السعدني وداعا
اللواء محمود الناطور “ابو الطيب” يكتب 20-4-2024: الاخ والصديق صلاح السعدني وداعا
لقد كان يوم الجمعة 19 نيسان / أبريل 2024م يوماً حزيناً جداً تلقيت فيه خبر وفاة الاخ والصديق العزيز صلاح السعدني الذي جمعتنا سويا صداقة قوية لسنوات طويلة تعرفت خلالها على العمق الفكري والسياسي لهذه الشخصية التي وضعت أثرا بارزا في الحياة الثقافية المصرية من خلال اعماله الفنية المتنوعة.
لقد كان تعارفنا بعد خروج الثورة الفلسطينية من بيروت وانتقالها الى تونس الخضراء، فقد كان من المبادرين، مع الكثير من المثقفين المصريين والعرب، الى زيارة المقر الجديد لطائر الفينيق الذي يرفض الموت، ويعود الى الحياة من جديد، والتقى مع القائد الرمز ياسر عرفات “ابو عمار”، واصر ان يزور المقاتلين في مواقعهم في خطوة جعلتني اقترب بصورة اكثر للتعرف على حقيقة البعد الوطني والايمان القومي العميق للمناضل صلاح السعدني، بقضايا الامة العربية، وقضيته المركزية .. فلسطين.
لقد كان الراحل صلاح السعدني فاعلًا مثل أبناء جيله الذين نشأوا في أجواء عاصفة، فكريا وسياسيا، كان لها تأثيرها الواضح والعميق في العملية الإبداعية الثقافية، وشخصية أبناء هذا الجيل، الذين ارتبطت ابداعاتهم بقضايا شعوبهم واوطانهم.
كان الفنان صلاح السعدني يعتبر صاحب الأعمال الدرامية التي تناقش المواضيع السياسية بشكل كبير، ولديه تاريخ مشرف من المواقف والأعمال التي تناصر القضية الفلسطينية، وكان يعتبر أنَّ دور الفنان تجاه القضايا القومية هو دور مهم نظرًا لقدرته على التعبير عن وجهة نظره من خلال أعماله الفنية ومواقفه السياسية ومساندة الأشقاء يجب أن تكون من الشعوب، والفنانون هم جزء من الشعوب. وكان يؤمن دائما أن إسرائيل تحاول تحقيق أهدافها التي تفشل فيها من خلال الحرب بتأييد أعمى من الولايات المتحدة الأمريكية وتخاذل المجتمع الدولي في نصرة القضية الفلسطينية.
ولقد كان واضحا تـأثر الراحل صلاح السعدني بشخصية شقيقه الكاتب الكبير والمناضل القومي محمود السعدني الذي كان علماً من اعلام الفكر والسياسة المصرية، بكتابته الساخرة وافكاره العميقه وشخصيته التي كانت تنتمي الى ذلك الجيل الاصيل من عظماء الفكر السياسي والقومي المصري، الذي استطاع ان يعبر بصورة أكثر عمقًا عن الشخصية المصرية، وأن يرسخ سمات أزمنة متباينة، تجمعها أفكار الحرية والوحدة العربية.
لقد كان الفنان الراحل صلاح السعدني واحداً من مجموعة من الاصدقاء المقربين الذين كان يشكلون ركنا من اركان الصالون السياسي الذي كان يجمعنا في القاهرة لسنوات طويلة والذي ضم نخبة من المثقفين والمفكرين المصريين والذين كنا نجتمع سويا لنتبادل الافكار والنقاشات في الكثير من القضايا الوطنية والهموم المشتركة في اوطاننا وبلادنا العربية.
وتعرفت خلال تلك الجلسات عن قرب على شخصية هذا الفنان القدير الذي مثلت اعماله الفنية عمق تجربته وافكاره السياسية، باختياراته الفلسفية لأدوار تتناول هموم المجتمع.
للذكريات ألف حكاية تُروى، ولكنه قدر الإنسان، فالموت يصيب النفس بجرحًا إضافيًا من جروح الحياة، ويعود ويذكرنا أن الحياة ليست أجمل بدون الاصدقاء، الذين الفناهم وعايشناهم وكانوا جزءا اصيلا من حياتنا وافكارنا.
منذ عدة سنوات جمعتني احدى المناسبات مع احد الاقارب ، ووجدته مهموما ، فسألته عن السبب..؟
فأجابني أن الحياة لم تعد جميلة بعد فقدان معظم اصدقائه، الذين توفاهم الله ..!
واستغربت هذه الكلمات ولم استوعب معناها العميق الا بعد سنوات طويلة، وخصوصا في السنوات الاخيرة التي شاءت الاقدار ان افقد خلالها الكثير الكثير من الاصدقاء تباعا واحدا تلو الاخر ..
لاعرف معنى تلك الكلمات البسيطة التي تلخص هذا الوجع ..
ان الحياة لم ولن تعود جميلة بدون الاصدقاء.
وداعا اخي وصديقي صلاح السعدني
لروحه الطاهرة الرحمة والمغفرة
ولعائلته واصدقائه الصبر والسلوان
اللواء محمود الناطور “ابو الطيب”